حُروب العالم الجديدة وتأُثيراتها
عالم الأمس ليس كما اليوم، حُروبه لا تشُبه بتاتا الحاضر، ففي الماضي عانينا من حربيين عالميتين مُدمرتين، تسببتا في كوارث عظيمة على كل المُستويات، اليوم بعد مُرور أكثر من سنوات هاهي الدُول تُشاكس بعضها البعض وتدخل في صراعات ومشاكل للزعامة وتسيد العالم كما تفعل أمريكا وحُلفائها، في حين فضلت أُخرى العُزلة والصمت والعمل بعيدا عن الضوضاء للوُصول للهدف المنشود، كدول آسيا والصين مثال حي على ذلك، أما الدُول الضعيفة والفقيرة فكالعادة تُحاول إيجاد مركز لها في كل هذه التجاذبات، بنت وتبني تحالفتها على أساس القوة السياسية والإٌقتصادية للبُلدان القوية، وهذا للأسف ما جعلها دائما تابعة لا متبوعة، والحلقة الأَضعف في الخريطة العالمية رغم ما تمتلكه من موارد وثروات طبيعية كانت ستكون السلاح الفتاك لتصدر العالم في كل المجالات، لكن ولأن العالم تغير والحُروب التقليدية ولت وإندثرت وحلت محلها الحديثة الأكثر دمارا وفتكا بالبشرية، فاليوم السلاح لم يعد الرقم واحد في الصراعات، لسلبياته المُتعددة وخسائره الفادحة ماليا وبشريا وحتى بيئيا، حلت محله طُرق أخرى للتركيع والإستبداد، طبعا أولها هي ما شهدناه ونشهده الآن من فيروسات قاتلة ومُدمرة، ففيروس كُورنا واحد من الأساليب الجديدة للضغط والعبودية، منذ ظهوره لليوم لم يعرف العالم إستقرارا إقتصاديا و لا ماليا، فكل أموال الدُول الفقيرة إستنزفت لشراء اللقاحات من الدُول المُصنعة لها.
فالحرب البيولوجية أصبحت الوسيلة الوحيدة لبعض الدُول لإنعاش إقتصادها وتسيد العالم، هي حرب مُتعبة نفسيا وجسديا، صُنفت ضمن أسلحة الدمار الشامل، تم إستعمالها في الماضي، فقد أُتهمت ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى بنشر ميكروبات زراعية أفسدت المحاصيل الزراعية في فنلندا الرُوسية وتسببت في تسميم كل الخُيُول الرُوسية والمملكة المُتحدة حسب ما جاء في بعض الكتب التاريخية، ما بين سنتي 1763 1766 وزعت على قبائل أمريكية طُرودا للمعونات إحتوت على جرثومة الجدري مما تسبب في إبادة فضيحة راح ضحيتها حوالي نصف مليون أمريكي، سُميت ب إبادة بونتياك، هذه الإتهامات دفعت بعض الدول كفرنسا وألمانيا والوم أ بعد نهاية الحرب العالمية الأولى إلى تطوير مشاريع البحث المُتعلقة بالأسلحة البيُولوجية، وتطوير خطط الكشف عن أي بكتيريات، وبالفعل بعد الحرب العالمية الثانية أصبحنا نسمع ب الكلور والفوسجين، الجمرة الخبيثة وقنابل الوفاء، حتى أن بعضها وُظف في الحرب الفيتنامية، ورغم حظرها مُرتين بعد الحرب العالمية الأولى ما بين سنتي 1972 1993 إلا أنه لا حياة لمن تُنادي، مع التطور العلمي والتغيرات الأمنية عادت هذه الأسلحة البيولوجية الفتاكة للواجهة خاصة أنها غير مُكلفة وتحتاج فقط لمخابر وفئران تجارب لإظهار نجاعتها على البشرية، حرب تسببت في إتهامات خطيرة بين الدُول الكُبرى.
فأمريكا في عهد “ترامب” إتهمت الصين بتسببها في ظهور الكُورنا، و قيل ما قيل حول هذا الموضوع الذي أُغلق بسرعة البرق وخرجت الصين منه سالمة غانمة بعدما عانت الويلات في بدايته، وإيران تتهم الوأم بنشر الوباء عندها وفي الصين، لأنها ليست فيروسات طبيعية ولا بشرية بل مُختبرية كانت مُنتشرة في الحيوانات الوحشية، فحسب الإتهامات الإيرانية أمريكا “ترامب “هددت بضرب مناطق ثقافية في هتين الدولتين، وبما أن أوهان وقُم مدينتين ثقافيتين فإيران تتمسك بإتهامها الذي تُؤكده رفض الوأم التوقيع على الحد من الأسلحة الجرثومية سنة 2001، وتقول أن أمريكا تملك 25 مُختبرا حول الصين وإيران، إتهام فندته أمريكا التي إن فعلت ذلك فهي تهدف إلى قتل مُواطنيها وشل إقتصادها المُنهار أصلا ، الإضرار بحُلفائها ( إيطاليا ، كوريا ، اليابان)، وفي ظل كل هذه الإتهامات يأتي العُلماء ليدلو بدلوهم فمنهم من قال أن فيروس كُوفيد19 جاء نتيجة تلاعب بشري ودليله :
1 لا يُوجد أي دليل قاطع على أن الفيروس في وُهان إنتقل من الخفافيش إلى الإنسان، فالخفافيش في هذه المدينة غير موجودة ونجدها على بُعد ميل، والفيروسات الموجودة في الخفافيش تختلف عن الفيروس المُسبب لكوفيد 19.
2 العُلماء لحد الآن مازالوا يبحثون عن الحيوان الوسيط الذي نقل الفيروس من الخفاش إليه ثم الإنسان وطبعا لن يجدوه لأنه غير موجود.
3 لا تُوجدأدلة علمية ثابثة تدل على أن الفيروس كنتيجة بشرية طبيعية من الخُفاش الى الإنسان.
إذن كخُلاصة لكل ما سبق ذكره فهذا الفيروس مُنتج فيروسي ملعوب فيه، بمعنى أنه ليس طبيعي، والتهويل الإعلامي للفيروس أعطاه بُعدا ثالثا فبعد الطبي والسياسي والتجاري، ظهر الإعلامي، فهذا الفيروس حسب بعض العُلماء 50 بالمائة من مُصابيه دون أعراض، و30 بالمائة يُصابون بصعوبات تنفسية تزول بالعلاج، وتبقى 20 بالمائة من الذين ماتوا بسبب عدم توفر الظروف الصحية وطريقة العلاج الجيدة. فجسم الفايروس سارس أُضيفت عليه بروتينات دخيلة، والدليل أنه يُصيب ثمانية أجزاء في جسم الإنسان، وأن كل الفيروسات لها أجسام مُضادة، AGG AGM، ف أي جي أم من المفروض تبقى من عشرة أيام إلى أُسبوعين إلا فيروس كورونا لخمسة أسابيع وهذا ما حير العُلماء وجعلهم يشكون أن الفيروس مُحور. فالحرب البيولوجية والجرثومية ستكون إحدى الأسلحة الفتاكة في عصرنا هذا رغم إختلاف الأراء والعُلماء.
أما الحرب الأخرى والتي لا تقل شراسة عن الأولى فهي السيبرانية المُهددة للأمن القومي والوطني للدُول، فهي كل الأفعال الصادرة عن أجهزة الحاسوب والشبكات العنكبوتية التابعة لدولة ما على أجهزة حاسوب وشبكة معلوماتية لدولة أُخرى بغرض التوجيه والتجسس، التخريب، جُنودها الأساسيون قراصنة رقميون يتم إستخدامهم بشكل فرق مُتخصصة وإعطائهم إمكانيات لوجيستية على شبكة المعلومات للتجسس وتوجيه الرأي العام في الدُول المُعادية، طبعا من ميزاتها أنها أقل كُلفة من الحُرُوب التقليدية ويُمكنها أن تُسبب خسائر مالية ضخمة وفي بعض الأحيان تُؤدي إلى قتل أٍرواح إذا ما مست قطاعات حساسة كأنظمة المستشفيات وأنظمة التبريد في المُفاعلات النووية، وأنظمة تبريد تُولد كهرباء، تحدث في أي وقت ومكان وبتأثير كبير جدا، صُعوبة وكُلفة تحديد مصدرها وهذا ما يدفع الدول سواء المُنفذة أو المُستهدفة إلى عدم الإعلان عنها، فتبقى مجهولة المصدر لفترات طويلة جدا لأن هذا يستلزم فريق مُتخصص للكشف عنها، فتسريبات ويكليكس 2014 من خلال جُندي موجود في قاعدة من القواعد الموجودة في الشرق الأوسط، إكتشفها البنتاغون بعد 14 شهر، فكما هو معلوم أن الهاركر يستطيع إٍرسال روابط عن طريق برامج التراسل لعدة مستخدمين وتُفرز هذه الرسائل خاصية التحكم في حساب كل من يفتحها للوُصُول لبيانات المُستخدم كشخص أو حساب مصرفي وهيئات حُكُومية، كذلك يُمكن لهذا الجُندي المُقرصن إنشاء مواقع وأسماء تكون قريبة جدا من بعض المواقع الموثوقة كقوقل مثلا ، فيُرسل رسالة لإيمايل الشخص أو المُؤسسة يطلب من خلالها فحص كلمة السر وتغييرها، فيظن المُرسل إليه أنها نفس الشركة العالمية وبمُجرد وضعه لكلمة السر يتحكم الهاركر ببياناته الخاصة كفرد وكمُؤسسات وهذا طبعا سيُؤثر لا محالة على الدُول الغير مُتحكمة في التكنولوجيا، فالأمن السيبراني شئنا أم أبينا أصبح من أولويات كل الدُول مع هذا التطور التكنولوجي الرهيب، فأن تُصبح من بين الدُول المُتقدمة في عالم الرقمنة يتطلب منك حذرا وعملا كبيرين من كل النواحي وأٌقصد هنا التطبيقات والبرمجيات، المعلومات التي يجب أن تتوفر فيها السرية والسلامة والوفرة، آمن التسجيل والتعافي بعد الكوارث ومعناه هنا أن كل دولة أو فرد يجب أن يعرف كيف يتعافى سريعا بعد الهجمة ويسترجع نظامه، مع إستمرارية العمل في ظل وُجود الهجمة مثلا، آمن التشغيل بمعنى تتأكد من أمن تشغيل أجهزتك بشكل عادي، نشر الوعي الآمني ، آمن الشبكات بالإضافة إلى ضرورة وُجود هيئات وطنية خاصة بكل دولة لحمايتها من الهجمات الخارجية ولتنظيم سُوق المعلومات الوطنية، لذا المُهمة لن تكون سهلة، فجميع الدول مُطالبة بأخذ الحيطة والحذر، فالآمن السيبراني لن يتحقق إلا إذا كان هناك توافق سياسي بين الدول وأمن إقتصادي لشراء الأجهزة والدفع ، وبما أننا نعيش في أزمات إقتصادية خانقة وصراعات سياسية فيجب على كل دولة مُتخلفة تطوير أمنها السيبراني وحماية معلوماتها الكنز الثمين في زماننا هذا.
أما حرب المياه فتُعتبر من بين حُروب الحاضر والمُستقبل بين الدُول وخاصة العربية بسبب نُقص تساقط الأمطار الذي أدى إلى جفاف السُدود والأنهار، حرب عالمية نشبت بين كثير من الدُول عبر التاريخ، ففي سنة 1948 حدثت حرب بين باكستان والهند بسببب نهر السند أو إٌقليم الري المُتنازع عنه في إقليم كاشيمير، وبعد مُفاوضات 12 سنة تم فصل النزاع بينهما بتدخل البنك الدُولي، ما بين أبريل وأُغسطس من سنة 1975 تصاعدت نار التوترات بين العراق وسُوريا بسبب تراجع منسوب نهر الفُرات إلى مُستوى غير مقبول من الجانب العراقي على خلفية ملأ السُدود في أعالي النهر، طبعا سُوريا وقتها لجأت للجامعة العربية وقدمت شكوى مفادها أنها تتلقى داخل حُدودها أقل من نصف التدفق المُعتاد، وتطورت الأُمور بينهما بعد فشل مساعي الجامعة العربية، وقررت سُوريا إغلاق مجالها الطيراني، حتى تدخلت السُعودية، سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسُودان بسبب تعنت الجانب الإُثيوبي، حرب للأسف رغم الإتفاقات الدُولية وترسيم الحُدود المائية بين الدُول إلا أنها لم تنجح في الحد منها، فحرب المياه في المُستقبل ستُؤدي لا محالة لعدم إستقرار سياسي ومُعوقات إقتصادية خاصة في مناطق جنوب أسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فأغلب الأٍراضي العربية تقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة التي يقل فيها مُعدل الأمطار عن 300 ملم سنويا، لذا فإمكانية إستعمالها كسلاح وهجمات إٍرهابية بين الدُول المُشتركة في نفس الأحواض أمر وارد جدا، لأن الماء يُعتبر أهم الموارد الطبيعية وهو جُزء من حياتنا، دونه لن يُكون هناك إختلاف كبير بين الأٍرض والكواكب الأخرى، لذا فالسلم أعظم من الحرب إذا ما أردنا العيش بسلام وطُمأنية، وكُلنا معنيون بذلك أفرادا وجماعات، دول مُتخلفة ومُتقدمة، وذلك بالحفاظ على بيئتنا وتجنب كل ما يُساهم في دمارها وتلوث مُناخها، فكوننا جُزء من هذا العالم الذي أًصبح قرية صغيرة بسبب العولمة، يعني تعاوننا جميعا للخُرُوج بأقل الأضرار من الكوارث التي نُعاني منها، فالكُورنا أتعبتنا وأٍرهقتنا ماديا ومعنويا، فقدنا بسببها كثيرا من مُحبينا، وتعطلت مصالحنا كدول وأفراد، فتأثيرات هذا الشيطان المُلقب بالكورنا جعلت حياتنا كوابيس وخوف، هدمت أحلامنا وتوقعاتنا، أما الحرب السيبرانية فتأثيراتها الإقتصادية وخاصة على الدُول المُتقدمة في المجال الرقمي ستكون وخيمة، وحتى الأفراد سيتأثرون لا محالة إذا ما حدث هُجوم على المواقع والبنوك ، المدارس والجامعات، ستُشل الحياة وتتوقف لبُرهة من الزمن، أما مُشكلة المياه بين الدُول فستُؤدي إلى المجاعة ونُقص التغذية، إلى الأمراض الناتجة عن الأوساخ، وحتى حُروب بين الدُول من أجل قطرة ماء.