خبير إستراتيجي هزيمة المشروع الأمريكي بأفغانستان ستطيح بها من زعامة العالم
قال الخبير الإستراتيجي والعسكري الدكتور قاصد محمود في تصريحاته لـ “البوصلة” إن الهزيمة التي مني بها المشروع الأمريكي في أفغانستان سيكون لها ما بعدها من إزاحة أمريكا عن التفرد بقيادة العالم كقوة أولى ووحيدة؛ مؤكدًا في الوقت ذاته أن حلفاء أمريكا في المنطقة والعالم سيبدأون بإعادة النظر في علاقاتهم معها.
ويرى محمود أن حركة طالبان أثبتت للعالم كله أنها ليست مجرد حركة قتال بل هي حركة سياسية عميقة اشتغلت بكل دهاء وذكاء واستطاعت أن تجهض الخطة الأمريكية التي بني عليها الانسحاب.
وأكد أن “أمريكا خسرت في أفغانستان كما خسر الاتحاد السوفييتي، واقتنعوا أنهم إذا استمروا بهذه الطريقة فستكون النتيجة هزيمة وتفكيك وخروج من الخريطة العالمية كقوة عظمى”، منوهًا إلى أن أمريكا اختارت أن تنسحب بهدوء وأن تخلق بيئة أفغانية وإقليمية تتحول إلى حالة من الصراعات المحلية والبينية سواء داخل أفغانستان أو إلى باكستان أو بين أفغانستان وإيران، مستغلين التنوع العرقي والطائفي والخلافات.
وأشار إلى أن طالبان أفشلت مساعي أمريكا تلك من خلال الحوارات والتفاهمات التي قادتها الدوحة واستطاعت التواصل مع الأقطاب الاجتماعية والأمنية في الداخل وعلى الحدود والإقليم، وأثبتت أنها استطاعت أن تطور سيناريو راقي جدا أبعد أفغانستان عن الحروب وإراقة الدماء لا سيما وأن معظم المدن التي سيطرت عليها باتفاقيات ثنائية وتفاهمات من خلال وسطاء.
ويرى الخبير العسكري أن خروج الرئيس الأفغاني كان أيَضا من خلال التفاهمات مع طالبان، مشيدًا بقدرة الحركة على تجنّب إراقة الدماء، مؤكدًا أنها “نجحت في ذلك نجاحًا باهرًا أكد الهزيمة الحقيقية لأمريكا من حيث وجهة النظر الإستراتيجية”.
وتابع قاصد محمود حديثه بالقول: “من جانب آخر تجنبت طالبان أي احتكاك مع الجارة باكستان وجنبتها أي أخطار أو ارتدادات لما يحدث في الداخل الأفغاني وكذلك مع إيران وبالعكس هناك بعض التفاهمات على الحدود”.
هزيمة إستراتيجية للمشروع الأمريكي
وشدد محمود على أن الهزيمة الأمريكية في أفغانستان تعبر عن هزيمة للمشروع الأمريكي برمّته هزيمة استراتيجية حقيقية، وقد تؤدي إلى إزاحة الأمريكان عن قيادة العالم، قائلاً: “وهذا أراه قريبًا جدًا بعد هذا النجاح لطالبان”.
وعبر عن أمله في أن القادم لأفغانستان سيكون بالتأكيد أفضل، مستدركًا بالقول: “ولكن امام طالب امتحان عسير جدًا لا سيما وأن وضع الأفغان الداخلي صعب جدًا والاقتصاد منهار والبنية التحتية مدمرة”.
لكن محمود يرى أن طالبان بهذا الذكاء السياسي ستنجح بجذب جميع الأطراف الأفغانية إلى جانبها، فمن الواضح أن الأفغان تعلموا كثيرًا، ويبدوا أنهم بدؤوا يطوروا لأنفسهم سيناريو أفغاني خاص بهم.
ويعيد الخبير العسكري التأكيد بالقول: مرة أخرى أنا أعتقد أنه بعد أفغانستان وبعد الهزيمة للمشروع الأمريكي في أفغانستان وما بنته حركة طالبان بعد الانسحاب، وما فتحوه من مساحات واسعة جدًا للتحالف الصيني الإيراني الباكستاني وحتى الروس الذين يلعبون دورًا مهما اليوم، فهذا التحالف الذي أرادت أمريكا إغراقه في حروب داخلية وبينية استطاعت طالبان أن تحيد أمريكا عبر المحيط وتبقيها بمفردها، مؤكدًا في الوقت ذاته أن باقي حلفائها في مناطق العالم الأخرى بما فيها منطقتنا سيبدأون بإعادة النظر بعلاقتهم مع أمريكا.
ويختم الخبير العسكري حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “أنا أعتبر أن هذه بداية نهاية أمريكا كقوة عظمى أولى في العالم”