إدانات حقوقية لـ”اختطاف” البحيري.. وداخلية تونس تعلّق
استنكرت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب بتونس، ممارسات التعتيم والتعطيل التي تعرضت لها من قبل السلطات، في أعقاب مطالبتها بتحديد أمكنة احتجاز مواطنين اثنين وضعها تحت قيد الإقامة الجبرية، من ضمنهما النائب نور الدين البحيري.
وأكدت الهيئة أنها بادرت بالاتصال هاتفيا بوزير الداخلية ورئيس ديوانه للاستفسار حول الوضعيتين فور إشعارها باحتجاز مواطنين اثنين من طرف جهة أمنية غير معلومة، غير أنها لم تحظ بأي رد ، بحسب بيان رسمي.
وفي مراسلة رسمية لوزارة الداخلية، طلبت الهيئة “مدها بنسخ من قرارات الوضع تحت الإقامة الجبرية في صورة ثبوت ذلك”.
كما ذكرّت الهيئة بأنّ “تونس دولة طرف في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، حيث صادقت على هذه الاتفاقيّة بموجب الأمر عدد 550 لسنة 2011 المؤرّخ في 14 ماي 2011.
وقد ورد في المادة 2 من هذه الاتفاقية أنه “يقصد بالاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أيّ شكل من أشكال الحرمان من الحرية يمّ على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، ممّا يحرمه من حماية القانون”، بحسب الهيئة.
والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب هي هيئة عمومية تونسية مستقلة أحدث قانونها في 21 تشرين أول/ أكتوبر 2013، فيما انتخب البرلمان أعضاء الهيئة في 30 آذار/ مارس 2016.
وتتمتع هيئة الوقاية من التعذيب بصلاحيات رقابية على أماكن الاحتجاز والإيواء، للتأكد من خلوها من ممارسة التعذيب بكل أشكاله وحماية الموجودين بها، كما تتولى مراقبة مدى تلائم ظروف الاحتجاز وتنفيذ العقوبات مع معايير حقوق الإنسان، وهي كذلك هيئة استشارية.
نقابة المحامين
من جهتها، أدانت نقابة المحامين بتونس، الجمعة، طريقة إيقاف القيادي بحركة “النهضة” نور الدين البحيري، مطالبة السلطات بالكشف عن مكان إقامته الجبرية.
جاء ذلك في تصريح رئيس فرع هيئة المحامين محمد الهادف، لإذاعة “موزاييك” الخاصة، عقب ساعات على إعلان اختطاف البحيري واقتياده إلى جهة غير معلومة.
وقال الهادف: “وزيرة العدل ليلى جفال أكدت وضع القيادي بحركة النهضة نور الدّين البحيري قيد الإقامة الجبرية بمكان حددته وزارة للداخلية “.
وطالب “وزير الداخلية بأن يكون قرار وضع نور الدين البحيري قيد الإقامة الجبرية مكتوبا لا شفهيا، والكشف عن مكانه وتمكين طبيبه وعائلته من لقائه”.
وتابع: “اتخاذ وزير الدّاخلية قرار وضع البحيري قيد الإقامة الجبرية بجرة قلم لا يجب أن يقترن بالتعتيم، والاعتداء عليه بالعنف أثناء توقيفه أمرا خطيرا”.
وكشف الهادف عن دخول زوجة القيادي التونسي المحتجز سعيدة العكرمي وعدد من المحامين في اعتصام بمكتب رئيس فرع نقابة المحامين بتونس العاصمة، لحين تحقيق تلك المطالب”، حسب المصدر ذاته.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلنت حركة “النهضة”، في بيان، اختطاف نائب رئيسها والبرلماني نور الدين البحيري، من طرف رجال أمن بالزي المدني، واقتياده إلى جهة غير معلومة.
وحملت النهضة، رئيس البلاد قيس سعيّد، “المسؤولية المباشرة في عملية اختطاف القيادي نور الدين البحيري”.
والبحيري (63 عاما)، محام وسياسي، وشغل منصب وزير العدل بين عامي 2011 و2013، ثم أصبح وزيرا معتمدا لدى رئيس الحكومة بين 2013 و2014. كما ترأس البحيري كتلة النهضة البرلمانية خلال الدورة التشريعية 2014-2019، قبل أن يصبح نائبا لرئيس “النهضة” راشد الغنوشي.
وفي وقت سابق من الجمعة، أعلنت وزارة الداخلية التونسية وضع شخصين تحت الإقامة الجبرية “في إطار حماية الأمن العام”، دون تحديد هويتهما.
وقالت الوزارة في بيان إنه “تم اتخاذ قرارين بالإقامة الجبرية، وهو إجراء ذو صبغة تحفظية اقتضته الضرورة في إطار حماية الأمن العام، وينتهي بانتهاء موجبه”.
كما أكدت “حرصها على التقيد بالضمانات المكفولة بمقتضى الدستور والتشريع النافذ، خاصة من حيث توفير ظروف الإقامة الملائمة والإحاطة الصحية اللازمة للمعنيين بهذا القرار”.
من جهتها، أدانت رئاسة البرلمان في بيان لها، اختطاف عضو مجلس نواب الشعب ورئيس كتلة حركة النهضة سابقا ، نورالدين البحيرى، والتي صاحبها عملية تعنيف لزوجته وحجز هاتفها الخاص.
وذكر البيان أن رئاسة المجلس “تدين بشدة هذه الممارسة التي تعيدنا إلى سلوك دولة الاستبداد” كما “تؤكد أن محاكمة النواب والسياسيين ومحاصرتهم والتضييق عليهم لن يغطي على الفشل الذريع فى معالجة المشكلات والتحديات التي تواجهها البلاد”.
وأكد البرلمان التونسي ، أن محاكمة النواب والسياسيين ومحاصرتهم والتضييق عليهم ممارسات لن تغطي على الفشل الذريع في معالجة المشكلات والتحديات التي تواجهها البلاد.
من جهتها، حملت سعيدة العكرمي زوجة البحيري الرئيس سعيّد سلامة زوجها، منوهة إلى أنه مهدد بالاغتيال.
وقالت المحامية سعيدة العكرمي، إنه تم تقديم شكاية من أجل الاختطاف والاحتجاز على خلفية ما اعتبرته عملية اختطاف لزوجها نور الدين البحيري من أمام منزله صباح اليوم واقتياده إلى وجهة غير معلومة.
واعتبرت بأن زوجها “مختطف ومحتجز من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد”، موضحة أن كلا من وزيرة العدل ووكيل الجمهورية والوكيل العام بمحكمة الإستئناف ومدير عام القضاء العسكري نفوا علمهم بعملية الإيقاف.
من جانبه، أكد القيادي السابق في حركة النهضة، سمير ديلو إحالة البحيري على الإقامة الجبرية بقرار من وزير الداخلية فيما أوضحت وزيرة العدل ليلى جفال وضع المحامي والقيادي بحركة النهضة بالإقامة الجبرية بمكان حدّدته وزارة للداخلية.
وقال ديلو في منشور على “فيسبوك” إن “قرار من المحامي توفيق شرف الدّين (وزير الدّاخليّة) بوضع زميله نورالدّين البحيري.. تحت الإقامة الجبريّة”.
وتابع: “قرار سياسي من وزير الداخلية طبقا لأمر 78 اللادستوري بوضعه تحت الإقامة الجبرية”
وأوضح ديلو أن كل الجهات القضائية المدنية والعسكرية أنكرت إصدار أي إذن بالإيقاف ضد البحيري، بحسب تعبيره.
وأضاف أن عملية الإيقاف لم تعد بصفة عادية عبر فتح بحث وتوجيه استدعاء وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة.. بل إنها عملية “اختطاف باستعمال العنف”.
وتشهد البلاد أزمة سياسية، حيث بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد سلسلة من التدابير الاستثنائية منذ 25 تموز/ يوليو الماضي، حيث أعلن تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وعزل الحكومة وتعويضها بأخرى غير مصادق عليها من قبل البرلمان.
وفي 22 أيلول/ سبتمبر، قرر سعيّد تعليق العمل بأغلب فصول الدستور، فضلا عن مواصلة تعليق أعمال البرلمان وإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضائه، وتعطيل عمل بعض الهيئات الدستورية.
وتعمقت الأزمة السياسية بتونس بعد إعلان الرئيس، في 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في تموز/ يوليو القادم.