هل النظام السعودي والنظام الإيراني عدوّان أم لاعبان للأدوار في خطط الغرب وفي ملعب الشرق
علي سيريني
ملاحظة: طلب مني موقع "ساسة بوست" أن أشارك بمقال في موقعهم، فكتبت إليهم هذا المقال لكنهم لم ينشروه، والسبب على الأغلب هو نقد النظام السعودي، لأنه يبدو أن توجيه النقد إلى آل سعود والبحث في جوهر وكيفية النظام السعودي ممنوع من النشر لدى الموقع المذكور!
نص المقال:
الدراسات والأبحاث والكتابات التي تكون فيها إيران والسعودية مادة البحث، نجد أنها تستند إلى مفهوم شائع لدى عامة الناس هو: "أن هاتان الدولتان عدوتان لبعضهما"، وعليه فإن الأحداث الجارية بينهما تترجم على أنها صراع بينهما على النفوذ والمراكز في منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط.
قد لا يخلو هذا المفهوم من حقيقة نسبية، و دلائل واقعية، إلا أنه يفتقر إلى العمق، الذي ما إن وصل إليه الباحث حتى تبدو الأمور مختلفة عما يبدو ظاهرا من خلال المفهوم الآنف الذكر. إن الواقع الصادم للباحثين في علاقة البلدين معاكس تماما لهذا المفهوم، إلى درجة تكون معها إثارة السؤال عن مدى هذه العداوة بينهما أمراً يعرّض السائل إلى الكثير من المشقة، و ربما السخرية من الذات في آن.
هذا المقال محاولة للوصول إلى ما هو أعمق في قراءة الواقع، الذي تلعب فيه السعودية وإيران لعبة لم تعد على شعوب المنطقة إلا بالخسران المبين!
يحكم السعودية نظام عائلي مدعوم بشرعية عقائدية توفرها لهم جماعة من كبار أنصار المعتقد الوهابي، هذا النظام مرتبط بالغرب منذ نشأته و إلى اليوم، بل و لا يتصرف إلا بأمر الغرب المباشر، سابقا بريطانيا وحدها و اليوم الثنائي الأمريكي البريطاني.
على الطرف الآخر، يحكم في إيران نظام عقائدي شيعي، نسيجه مكون من سدى الملالي و لُحمته من أمشاج القومية الفارسية، و له أذرع شتى في المنطقة، تتوزع على مساحة وجود جاليات شيعية، حيث الموالون متكاتفون في صفوف حربية، تؤجج مشاعرهم المعادية لمحيطهم السـّـني أدبيات شيعية متجذرة في التاريخ.
يتغذى العداء الشيعي لأهل السـّـنة دوما على تلك الروايات الأسطورية التي يتربى عليها الإنسان الشيعي منذ نعومة أظافره، روايات تصف أهل السـّـنة بأشنع الأوصاف، و تنسب إليهم كل بلايا العالم و كل رزية وقعت في الدنيا، وتعتبرهم منبوذين بصيرورة إلهية فوق إختيارهم ومشيئتهم.
هذا النظام يتظاهر منذ وجوده بمعاداة الغرب لسببين: الأول لأنه فعلا ليس معاديا للغرب، و إلا لم يستمر إلى يومنا هذا.
وثانيا لتغطية هاجسه التاريخي العدواني الموجه نحو أمة الإسلام (أهل السـّـنة)، و لطرد هذه الكثافة العدوانية التاريخية الواضحة التي ترسم معالم الشيعة، و تلقي بظلالها على الواقع، و من شأنها تعرية النظام الإيراني من دعاواى معاداة الغرب.
هنا يشتق أمر آخر أيضا، وهو التغطية على التعاون السري والعلني بين النظام الإيراني و دول الغرب. من هذا الباب يعرف الغرب والنظام الإيراني هوية بعضهما البعض بشكل جيد ومدروس، إذ يستند كلاهما على أحقاد تاريخية راسخة ومشتركة ضد الدول الإسلامية، و كلاهما يعلم ماذا له و ماذا للآخر و كيف يفيدان بعضهما البعض، على حساب الأكثرية السـّـنية في العالم الإسلامي.
لذلك يسمح الطرفان بنفخ بالون العداوة بينهما، و إبرازه في كل مناسبة، أو حتى دون مناسبة، هذه اللعبة التي ظاهرها عداوة صاخبة عبر شعارات حادة، و باطنها إتفاق و تعاون و تحالف، لم تعد اليوم خافية على أحد، فلقد أسقطت إدارة أوباما لصراعات السـّـنة و الشيعة تلك الأقنعة، و تلاشى ذاك الخجل من التلاقي و التعاون بين ملالي "نصرة المستضعفين" و دول الشيطان الأكبر.
لقد ظهر في تصريحات قادة الغرب و قادة قم وطهران، ذلك الحبل السري والمشترك الذي غذى علاقاتهما الحيوية، حبل أحقاد و ثارات تضرب جذورها في التاريخ ضد العالم الإسلامي كله، أحقاد بدأت من صدر الإسلام و لم تنته بسقوط خلافة آل عثمان بيد التحالف الغربي الشيعي، هذا هو الأساس و الباقي تفرعات و تشعبات تشير دوما إلى هذه الجذور الواضحة.