عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية الجمعة 07 يناير 2022, 4:54 am
الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية ج(1)
أسهل من الصعب وأقرب إلى الإمكان من خيال العرب الذي يراه مستحيلًا
لمعرفة كيف تنهض الأمم، علينا أن نقرأ التأريخ، القديم منه والحديث. ففي التاريخ الغابر هناك أمم مثل الإغريق، الفرس، الرومان، وهناك الأوربييون في عصور الظلام. وفي التاريخ الحديث لديك اليابان، الصين، جنوب كوريا، والدول الآسيوية الأخرى. الخيط المشترك الذي يربط هذه الأمم قديمًا وحديثا (عدا عوامل أخرى خارج هذا المشترك) في ارتقائها في سلّم الحضارة، هو الترجمة ونقل العلوم والمعارف وإتاحتها لأبناء الأمة، والتداول بها إلى أن تصطبغ بصبغة الأمة، بلسانها وهويتها، وكأنها هي التي أنتجت هذه العلوم والمعارف منذ الأساس. فالإغريق نقلوا من البابليين والمصريين. والفرس نقلوا من الميديين. والرومان من الإغريق والقرطاجيين وأمم أخرى. والأوروبييون نقلوا من المسلمين في العصور الوسطى. أما أمم آسيا، فنقلوا سريعًا من أمم الغرب؛ ما أهّل بعضها اليوم أن ينافس الغرب على كل المستويات. ونهوض أمم آسيا، أخذ من الوقت زهاء قرن ونصف لبعضها، مثل اليابان والصين، وأقل من قرن للبعض الآخر مثل جنوب كوريا.
غريب أمر العرب ولا أغرب من العرب في هذا العالم غير العرب أنفسهم!
العرب يعيشون وسط العالم. ويملكون الثروات الطبيعية والمال والثروة البشرية. وأرض العرب تتسم بأنواع التضاريس، وأجواء قد تكون الأكثر امتيازًا في العالم، لكن العرب يصدّرون إلى العالم المحيط بهم، والمعادي لهم، أثمن موجودات حياتهم: البشر ومن ثم الثروات الطبيعية والمال. وفي المقابل يستوردون أسوأ بضاعة في العالم إلى داخل بلدانهم، وهو الأسلحة البالية التي تخلت عنها الأمم المتقدمة التي صنعتها من أجل ما هو أجدد، وهي لا تستعملها إلا ضد أعدائها الخارجيين الغرباء، بينما العرب يستعملون هذه الأسلحة البالية ضد بعضهم البعض، وضد شعوبهم، وهي لا تنفعهم في مقارعة أعدائهم الخارجيين المعادين لهم، وهم الذين يعطون العرب السلاح ويأخذون ثروتهم وأموالهم! فهل هناك أعجب وأغرب من هذا الواقع في هذا العالم؟!
مشاريع لإقليم كُردستان العراق
منذ عام 2006 وإلى اليوم، قدمت ستة مشاريع إلى إقليم كُردستان العراق بغية إقامة نهضة شاملة تنطلق من تلك البقعة، وقد نشرت الصحافة المحلية أحد هذه المشاريع، ولكن كل هذه المشاريع ذهبت هباءا منثورا، بل لم تلق حتى كلمة عرفان أو شكر شفهي! فأرباب هذه الحكومة كانوا قد غرقوا في مجاري الانشغال بالمتع واللهو، وغلبتهم الغفلة في مجاهيلها التي تركتهم عرايا أمام العالم: شعبٌ عاش تحت حكمهم لأكثر من ربع قرن، تجري الحياة فوقه كجري السكين على نحر الذبيحة. وتحت هذا الشعب أرضٌ أهلكتها الكوارث من صنع أيادي هؤلاء الذين يسمون بالحكام، وهم أقل من عبيد أذلاء أمام الأجنبي الغاشم الذي يفرغ على الدوام خزانات البلد من قوت الناس، ويتركهم فرائس مجانية أمام الجوع وتحت النيران التي يهبها للجلادين الصغار داخل شعوبنا، وهم أسخياء في إنزالها فوق رؤوسنا؛ لأنهم على يقين أن الغرب لن يعترض، إلا حين تستدعي المصلحة، ومادام جلادونا (الحكام الأقزام) يحولون أموالنا إلى بنوك الغرب فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون!
مشاريع لقطر وتركيا
بدت تركيا، وكأنها على سكة الصواب، ومعها قطر أو هي مع قطر (لا فرق)، فتوسمنا الخير، وروينا نبتة الحلم في خيالنا بالرجاء، أن دولة تحتضن نهضة الأمة قد ترسخت في الأرض، وأركانها توطدت لنرى طلوعها في أفق بهيج. هل هذا صحيح؟ ربما قلّ العزاء بيننا منذ العمق الغائر في الجرح السوري المثخن كل يوم، وما عادت تركيا بالنسبة للكثيرين ذلك الحلم الذي بدأ جميلًا، ثم أدركته عواصف وتقلبات خيّبت الكثير أو القليل من الرجاء لفئات الناس من أمتنا حسب مشاربهم وألوانهم. فهل هذا يشمل دولة قطر؟ قد يحتار الجواب بين تأكيد أو نفي، لكن الأمر منوط بالعاقبة وعلينا الانتظار!
المشاريع المقترحة للنهضة
في شهر شعبان المبارك في العام الماضي، انتهيت من كتابة مشروع سهرت عليه وعملت له لسنين طويلة، وأفرغته على مراحل في غضون عامين أو أكثر حتى تكونت عندي النسخة النهائية. في العام الماضي بعثت بنسخة منه عن طريق سفارة قطر، إلى أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وبعثت نسخة عبر البريد الإلكتروني إلى شخصيات وجهات إعلامية وأكاديمية عربية. في مطلع هذا العام، زرت قطر وسلمت ثلاث نسخ إلى أمين عام الاتحاد الإسلامي الدكتور علي القرة داغي، نسخة لاتحاد علماء المسلمين، ونسخة لأمير قطر، وأخرى لمركز دراسات وأبحاث في الدوحة. على أنني سلمت في أواخر العام الماضي أربعة مشاريع إلى الحكومة التركية، إلى مكتب الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزب العدالة والتنمية (ياسين أقطاي)، وكذلك رئيس الحكومة السابق أحمد داود أوغلو. كتبت خلاصة مستوفية عن هذه المشاريع، وكتبت بالتفصيل عن أحدها، وهو واحد من أهم مشروعين ضمن هذه المشاريع. وبيّنت في الخلاصة التي قدمتها حول هذه المشاريع أنني أقدم ضمانات كاملة لنجاح هذه المشاريع، واحدٌ منها يحتاج إلى أقل من عشر سنوات، وآخر من عشر سنوات إلى عشرين سنة. في ما يتعلق بالمشروع الأول وهو نهضة الأمة (وهو المشروع الذي قدمته بالتفصيل)، فقد اقترحت شيئين أساسيين: الأول: البدء في بناء مؤسسة ضخمة للترجمة تحتضن أكبر قدر ممكن من المترجمين العرب الحرفيين في العالم، للشروع في ترجمة العلوم والمعارف من الغرب إلى اللغة العربية بشكل منتظم ومستمر، على أن تتشكل فرق ترجمة مختلفة تتوزع حسب الإختصاص والميول لترجمة فروع العلم والمعرفة. وليس شرطًا أن يجتمع هذا العدد الضخم من المترجمين في قطر، أو في مكان جغرافي معين، بل يقدرون العمل في أماكن معيشتهم. من الجدير بالذكر أن الكتب التي تترجم إلى العربية سنويًا، لا يتجاوز عددها أكثر من ثلاثمائة كتاب، بينما تترجم ألمانيا لوحدها حوالي عشرة آلاف كتاب في كل عام إلى لغتها، وهو ما تفعله اليابان أيضًا للغتها اليابانية. نسخة المشروع موجودة لدى إدارة ساسة بوست وهي تقدر أن تضعها بين يدي القراء إن شاءت. الثاني: إنشاء مدرسة للترجمة تخرّج المترجمين الحرفيين العرب، لسد حاجة مؤسسة الترجمة للمترجمين. على أن يتخصص كل مترجم، عبر سنين دراسته، في لغة من اللغات الثلاث الإنجليزية أو الألمانية أو الفرنسية، باعتبار أن هذه اللغات هي التي دوّن بها أغلب العلوم والمعارف في الغرب. يحتاج هذا المشروع إلى أقل من مليار دولار للشروع فيه. وهذا المبلغ ليس كثيرًا بالنسبة لدول الخليج. ففي أقل من 12 شهرًا، دفعت دول الخليج مئات المليارات من الدولارات إلى أمريكا وأوروبا، مقابل الحصول على السلاح! بعض هذه الأموال دُفع كجزية مفروضة على دول الخليج لا أكثر. البحرين وحدها دفعت قبل أربعة أشهر 9 مليارات دولار لأمريكا، مقابل الحصول على الأسلحة! المشروع الثاني يتعلق بحل الصراع الذي نشأ لأكثر من قرن ونصف في عالمنا الإسلامي والعربي، بين الحركة التي سميت بالعلمانية وبين مكونات أخرى تململت ونمت تحت عنوان الإسلام، فأحدث خرابًا ودمارًا هائلين، مازلنا نعاني نتائجه وآثاره وتراكماته الخطيرة التي أعاقت وتعيق تطورنا واستقرارنا وطرق حياتنا. هذا المشروع قد يكون أهم من المشروع الأول على أصعدة شتى، لكنه أقل كلفة وأقصر وقت لإنجازه. فكل ما نحتاجه هو عمل دؤوب، لمدة تتراوح بين خمسة إلى عشرة أعوام. وكلفة هذا المشروع لا تتجاوز بضع مئات من الملايين من الدولارات. لنرى ما هو هذا المشروع؟
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية الجمعة 07 يناير 2022, 4:59 am
الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية (ج 2)
المشروع الثاني المقدم إلى دولة قطر.
مشروع حل الصراع العلماني الإسلامي لبناء أرضية النهضة
هذا المشروع وهو الثاني ضمن ثلاثة مشاريع، وجدت من الضروري تسليط الضوء على محتواه الذي يشكل الأرضية التي أنتجت فكرة المشروع. تفاصيل المشروع وخطته جاهزة لدي، إذا ما رغبت دولة قطر البت فيه وفي المشروعين الآخرين، وهن مجتمعة يعدن بالنفع العظيم على قطر وشعبها أولًا، ثم الشعوب العربية والإسلامية.
يتبادر إلى الذهن السؤال: لماذا حل هذا الصراع العلماني الإسلامي؟
الجواب ببساطة، لأنه بدون حل هذا الصراع، لن تقوم لهذه الأمة قائمة ولا نهضة، على مستوى الأمة كلها، وعلى مستوى كل شعب أو قومية من شعوب المسلمين وأقوامهم. لأن العلمانية هي الورم القاتل الذي ما زال يفتك بالأمة، فتك الورم الخبيث بجسد الإنسان. فهذه النبتة الزقوم، بذرت في أرضنا منذ حوالي الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي في الدولة العثمانية. وبدأت هذه النبتة بالطلوع والانتشار، في وهدة انحدار الأمة نحو الانهيار والهزيمة. فخرج من بين ظهراني المسلمين (وخصوصًا في مصر وتركيا)، من يروج للغرب وبضاعته (كل بضاعته!)، دون إدراك وتمحيص وعلم. ومن أمثال هؤلاء رفاعة رافع الطهطاوي، جمال الدين الأفغاني (شيعي ماسوني) وطلابه مثل محمد عبده وغيره. وفي تركيا، كان هناك إبراهيم شناسي ونامق كمال، وبعدهم إبراهيم ساتروفا وعبد الله جودت وبهاء الدين شاكر (الآباء الفكريون للأتاتوركية). هؤلاء الأزلام من أنصاف المثقفين، الذين تغذوا على مخلفات الغرب وهوامشه، وزاروا بلدانه، هم الذين بدأوا حملة الابتعاد عن الإسلام وتراث الأمة، وبدأوا بالدعوة إلى تأسيس روابط المجتمع والسلطة، على أساس أوروبي وقيم أوروبية. هؤلاء هم الذين أعطوا الولادة لسكير معربد مثل أتاتورك، ورضا شاه، والخديوي إسماعيل… والضباط الذين قاموا بالانقلابات في بلداننا، وخرج من بينهم زعماء سياسيون خلقوا كوارث قل مثيلها. وسال الخراب والدمار العظيم بين أيادي هؤلاء وأقدامهم، الذين ماتوا وهم مفتونون بالغرب، وخلفوا وراءهم جيلًا ساقطًا من السياسيين لا يأبهون حتى بسمعتهم قيد شعرة، وهم يسوقون بلداننا وشعوبها نحو الهاوية بكل صلافة وقلّة حياء، مثل السيسي، بشار الأسد، علي عبد الله صالح ومن سبقهم من أمثالهم… إلخ. باختصار، منذ أكثر من قرن ونحن نعاني أشد الانهيارات والانكسارات والخسائر البشرية والمادية، بسبب هذا التيار العلماني الذي ما زال يدب فينا كريح عاصف. هناك مشكلة جوهرية في العالم الإسلامي، تعاني منها الأمة قاطبة، بإسلامييها وعلمانييها وشرائحها الأخرى، وهي مشكلة عقيمة تكمن في جهل عجيب بالعلمانية ونشوئها في الغرب. ولكي لا أطيل هنا في الحديث عن نشوء العلمانية، فقد تحدثت عن ذلك في فصل كتاب (حوار الإسلام والعلمانية في كُردستان من إعداد د. عثمان علي). الفصل هو بعنوان (العلمانيون بين الإسلام والحوار مع الإسلاميين في كُردستان) ص 347 وما بعد. للأسف الشديد، يظن معظم النخب والأوساط الفكرية والعلمية في عالمنا الإسلامي والعربي، أن العلمانية نشأت كتمرد على الكنيسة، وليس انبثاقًا مبنيًا على تراث وهوية الغرب الممتدة أعماقها في التأريخ! على أي حال، شرحت هذا الموضوع لما فيه كفاية الطالب، للإحاطة بالسياق الذي أود الحديث فيه على طريق نهضة أمتنا. الرجاء ملاحظة الفصل المذكور لمن يشاء في المرفق.
كيف تُهزم العلمانية؟
العلمانية في العالم الإسلامي لا تُهزم بالقوة العسكرية بتاتًا. فقد ترسخت كعقيدة يخضع لها الملايين من البشر من المسلمين. بل والأنكى، هناك إسلاميون رضوا بها، بعد أن قاموا بإيجاد ما هو مشترك بينها وبين الإسلام»، في محاولة توفيقية كارثية دفعوا أثمانها، وسيدفعونها أكثر وأكثر! مع العلم، أنني لا أرى في الإسلاميين إلا الوجه الآخر للعلمانيين، ولا يفرقهم سوى بعض المظاهر، لكن كليهما من صنيعة الحداثة الغربية ولا يمتّان في مضامينهم وهياكلهم وبناهم إلى تراثنا بشيء. اليوم هناك مثلث رهيب يريد تدمير العالم الإسلامي. هذا المثلث يتكون من: أولًا: الغرب ومن ضمنه إسرائيل. ثانيًا: الشيعة بقيادة إيران. ثالثًا: العائلة السعودية المالكة ومعها عوائل حاكمة خليجية وعربية. هذا الضلع الثالث يتكون من ثلاث قوى، تشكل هي الأخرى مثلثًا خطيرًا وكارثيًا. هذه القوى الثلاث، يدعمها الغرب ويديرها ويرعاها، ويهيئ لها الأسباب والتمكين. القوة الأولى، هي العوائل المالكة التي نصبها الإنكليز في العالم العربي وخصوصًا في الخليج، وتحميها أمريكا وأوروبا. القوة الثانية هي نخب الأقليات الدينية (كالمسيحيين الموالين للغرب تحديدًا، والنخب الشيعية التي تختفي وراء أقنعة علمانية وديمقراطية ويسارية… إلخ!)، والتي تسيطر على المحطات الإعلامية والتجارية العائدة للعوائل الحاكمة في العالم العربي. القوة الثالثة هي قوة الوهابية (وأذرعها الحزبية في العالم)، التي نشأت في الجزيرة، تحت إشراف الإنكليز، حيث فتكت بالعثمانيين، ومن ثم بشرائح المجتمعات المسلمة في الجزيرة، وتحالفت مع عائلة آل سعود التي بدورها دعمت الفصائل التي خرجت من بين ظهراني الوهابيين، باسم الجهاد، في أفغانستان ومن ثم البلدان الأخرى وتسببت في تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وتخريب لبلدان الإسلام في أصقاع المعمورة. لقد شرحت هذا الموضوع بالتفصيل في عدة مقالات، أضع رابط بعضها هنا حتى يكون كلامي واضحًا من غير تفسيرات مجحفة لما أذهب إليه:
ما هي خطورة الوضع الراهن على المسلمين ومستقبلهم؟
موضوع العلاقات الدولية يعود إلى جذور فلسفية تبدأ بعمانوئيل كانط وهيجل وماركس، وفلاسفة آخرين، تحدثوا عن شكل أو حتمية مسار التأريخ في النظام الدولي وعلاقات المجتمعات البشرية. بالرغم من أن كانط أسس لنظرية نهاية التأريخ، والتي طورها هيجل وماركس وأخيرًا وليس آخرًا فوكوياما، مرورًا بعشرات الفلاسفة الغربيين؛ لكنه يقول إن الدولة القومية حتمية ضرورية للحفاظ على التوازن والسلم العالميين، لأن هيمنة الدولة الواحدة في العالم ستخلق الظلم وتقضي على الحرية. لكن اتجاهات الفلسفة الغربية بعد ذلك، اتجهت بمسارات متشعبة ومتناسقة في آن، نحو تثبيت فكرة الدولة العالمية الواحدة أو الحكومة العالمية، للحفاظ على السلم والتطور والحرية الإنسانية، باعتبار أن الدول الإقليمية القومية عاجزة عن تحقيق السلام العالمي، وتحمّل المسؤوليات الأكبر من حدود الدولة القومية. هذا الاتجاه له جذور عميقة في التأريخ الغربي، بشقيه الكاثوليكي-البروتستانتي والأرثوذوكسي (لاحقًا الرأسمالي والاشتراكي)، بدءًا بشارلمان و«إمبراطوريته المقدسة» وإلى الاتحاد الأوروبي الراهن، مرورًا بنابليون وهتلر اللذين كانا يحلمان بعودة أمجاد الإمبراطورية الرومانية الغابرة، ومن ثم الدولة الشيوعية السوفيتية التي تأسست على نظرية كارل ماركس الممتدة من كانط وهيجل. اليوم، يعمل الغرب جاهدًا من أجل هذه النهاية التي تسود فيها حكومة عالمية واحدة، وبقيم مشتركة ليس فيها مكان لقيم «الإرهاب» و«التخلف» و«العنف» و«اضطهاد المرأة»… إلخ من النعوت التي تحمل في مضامينها تفسيرًا واحدًا وهو: الإسلام! لماذا الإسلام؟ لأن الغرب عبر سلوكه وإعلامه ونظرته العامة والأكاديمية، وبتناسق رسمي وشعبي، أعطى هذه الأمور المنبوذة عنوان الإسلام منذ عقود طويلة. هذا العنوان يشكل اليوم ظاهرة عالمية، والمسلمون يقفون إزاءها وقوف العاجز المصدوم.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية الجمعة 07 يناير 2022, 4:59 am
الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية (ج 2)
المشروع الثاني المقدم إلى دولة قطر.
مشروع حل الصراع العلماني الإسلامي لبناء أرضية النهضة
هذا المشروع وهو الثاني ضمن ثلاثة مشاريع، وجدت من الضروري تسليط الضوء على محتواه الذي يشكل الأرضية التي أنتجت فكرة المشروع. تفاصيل المشروع وخطته جاهزة لدي، إذا ما رغبت دولة قطر البت فيه وفي المشروعين الآخرين، وهن مجتمعة يعدن بالنفع العظيم على قطر وشعبها أولًا، ثم الشعوب العربية والإسلامية.
يتبادر إلى الذهن السؤال: لماذا حل هذا الصراع العلماني الإسلامي؟
الجواب ببساطة، لأنه بدون حل هذا الصراع، لن تقوم لهذه الأمة قائمة ولا نهضة، على مستوى الأمة كلها، وعلى مستوى كل شعب أو قومية من شعوب المسلمين وأقوامهم. لأن العلمانية هي الورم القاتل الذي ما زال يفتك بالأمة، فتك الورم الخبيث بجسد الإنسان. فهذه النبتة الزقوم، بذرت في أرضنا منذ حوالي الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي في الدولة العثمانية. وبدأت هذه النبتة بالطلوع والانتشار، في وهدة انحدار الأمة نحو الانهيار والهزيمة. فخرج من بين ظهراني المسلمين (وخصوصًا في مصر وتركيا)، من يروج للغرب وبضاعته (كل بضاعته!)، دون إدراك وتمحيص وعلم. ومن أمثال هؤلاء رفاعة رافع الطهطاوي، جمال الدين الأفغاني (شيعي ماسوني) وطلابه مثل محمد عبده وغيره. وفي تركيا، كان هناك إبراهيم شناسي ونامق كمال، وبعدهم إبراهيم ساتروفا وعبد الله جودت وبهاء الدين شاكر (الآباء الفكريون للأتاتوركية). هؤلاء الأزلام من أنصاف المثقفين، الذين تغذوا على مخلفات الغرب وهوامشه، وزاروا بلدانه، هم الذين بدأوا حملة الابتعاد عن الإسلام وتراث الأمة، وبدأوا بالدعوة إلى تأسيس روابط المجتمع والسلطة، على أساس أوروبي وقيم أوروبية. هؤلاء هم الذين أعطوا الولادة لسكير معربد مثل أتاتورك، ورضا شاه، والخديوي إسماعيل… والضباط الذين قاموا بالانقلابات في بلداننا، وخرج من بينهم زعماء سياسيون خلقوا كوارث قل مثيلها. وسال الخراب والدمار العظيم بين أيادي هؤلاء وأقدامهم، الذين ماتوا وهم مفتونون بالغرب، وخلفوا وراءهم جيلًا ساقطًا من السياسيين لا يأبهون حتى بسمعتهم قيد شعرة، وهم يسوقون بلداننا وشعوبها نحو الهاوية بكل صلافة وقلّة حياء، مثل السيسي، بشار الأسد، علي عبد الله صالح ومن سبقهم من أمثالهم… إلخ. باختصار، منذ أكثر من قرن ونحن نعاني أشد الانهيارات والانكسارات والخسائر البشرية والمادية، بسبب هذا التيار العلماني الذي ما زال يدب فينا كريح عاصف. هناك مشكلة جوهرية في العالم الإسلامي، تعاني منها الأمة قاطبة، بإسلامييها وعلمانييها وشرائحها الأخرى، وهي مشكلة عقيمة تكمن في جهل عجيب بالعلمانية ونشوئها في الغرب. ولكي لا أطيل هنا في الحديث عن نشوء العلمانية، فقد تحدثت عن ذلك في فصل كتاب (حوار الإسلام والعلمانية في كُردستان من إعداد د. عثمان علي). الفصل هو بعنوان (العلمانيون بين الإسلام والحوار مع الإسلاميين في كُردستان) ص 347 وما بعد. للأسف الشديد، يظن معظم النخب والأوساط الفكرية والعلمية في عالمنا الإسلامي والعربي، أن العلمانية نشأت كتمرد على الكنيسة، وليس انبثاقًا مبنيًا على تراث وهوية الغرب الممتدة أعماقها في التأريخ! على أي حال، شرحت هذا الموضوع لما فيه كفاية الطالب، للإحاطة بالسياق الذي أود الحديث فيه على طريق نهضة أمتنا. الرجاء ملاحظة الفصل المذكور لمن يشاء في المرفق.
كيف تُهزم العلمانية؟
العلمانية في العالم الإسلامي لا تُهزم بالقوة العسكرية بتاتًا. فقد ترسخت كعقيدة يخضع لها الملايين من البشر من المسلمين. بل والأنكى، هناك إسلاميون رضوا بها، بعد أن قاموا بإيجاد ما هو مشترك بينها وبين الإسلام»، في محاولة توفيقية كارثية دفعوا أثمانها، وسيدفعونها أكثر وأكثر! مع العلم، أنني لا أرى في الإسلاميين إلا الوجه الآخر للعلمانيين، ولا يفرقهم سوى بعض المظاهر، لكن كليهما من صنيعة الحداثة الغربية ولا يمتّان في مضامينهم وهياكلهم وبناهم إلى تراثنا بشيء. اليوم هناك مثلث رهيب يريد تدمير العالم الإسلامي. هذا المثلث يتكون من: أولًا: الغرب ومن ضمنه إسرائيل. ثانيًا: الشيعة بقيادة إيران. ثالثًا: العائلة السعودية المالكة ومعها عوائل حاكمة خليجية وعربية. هذا الضلع الثالث يتكون من ثلاث قوى، تشكل هي الأخرى مثلثًا خطيرًا وكارثيًا. هذه القوى الثلاث، يدعمها الغرب ويديرها ويرعاها، ويهيئ لها الأسباب والتمكين. القوة الأولى، هي العوائل المالكة التي نصبها الإنكليز في العالم العربي وخصوصًا في الخليج، وتحميها أمريكا وأوروبا. القوة الثانية هي نخب الأقليات الدينية (كالمسيحيين الموالين للغرب تحديدًا، والنخب الشيعية التي تختفي وراء أقنعة علمانية وديمقراطية ويسارية… إلخ!)، والتي تسيطر على المحطات الإعلامية والتجارية العائدة للعوائل الحاكمة في العالم العربي. القوة الثالثة هي قوة الوهابية (وأذرعها الحزبية في العالم)، التي نشأت في الجزيرة، تحت إشراف الإنكليز، حيث فتكت بالعثمانيين، ومن ثم بشرائح المجتمعات المسلمة في الجزيرة، وتحالفت مع عائلة آل سعود التي بدورها دعمت الفصائل التي خرجت من بين ظهراني الوهابيين، باسم الجهاد، في أفغانستان ومن ثم البلدان الأخرى وتسببت في تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وتخريب لبلدان الإسلام في أصقاع المعمورة. لقد شرحت هذا الموضوع بالتفصيل في عدة مقالات، أضع رابط بعضها هنا حتى يكون كلامي واضحًا من غير تفسيرات مجحفة لما أذهب إليه:
ما هي خطورة الوضع الراهن على المسلمين ومستقبلهم؟
موضوع العلاقات الدولية يعود إلى جذور فلسفية تبدأ بعمانوئيل كانط وهيجل وماركس، وفلاسفة آخرين، تحدثوا عن شكل أو حتمية مسار التأريخ في النظام الدولي وعلاقات المجتمعات البشرية. بالرغم من أن كانط أسس لنظرية نهاية التأريخ، والتي طورها هيجل وماركس وأخيرًا وليس آخرًا فوكوياما، مرورًا بعشرات الفلاسفة الغربيين؛ لكنه يقول إن الدولة القومية حتمية ضرورية للحفاظ على التوازن والسلم العالميين، لأن هيمنة الدولة الواحدة في العالم ستخلق الظلم وتقضي على الحرية. لكن اتجاهات الفلسفة الغربية بعد ذلك، اتجهت بمسارات متشعبة ومتناسقة في آن، نحو تثبيت فكرة الدولة العالمية الواحدة أو الحكومة العالمية، للحفاظ على السلم والتطور والحرية الإنسانية، باعتبار أن الدول الإقليمية القومية عاجزة عن تحقيق السلام العالمي، وتحمّل المسؤوليات الأكبر من حدود الدولة القومية. هذا الاتجاه له جذور عميقة في التأريخ الغربي، بشقيه الكاثوليكي-البروتستانتي والأرثوذوكسي (لاحقًا الرأسمالي والاشتراكي)، بدءًا بشارلمان و«إمبراطوريته المقدسة» وإلى الاتحاد الأوروبي الراهن، مرورًا بنابليون وهتلر اللذين كانا يحلمان بعودة أمجاد الإمبراطورية الرومانية الغابرة، ومن ثم الدولة الشيوعية السوفيتية التي تأسست على نظرية كارل ماركس الممتدة من كانط وهيجل. اليوم، يعمل الغرب جاهدًا من أجل هذه النهاية التي تسود فيها حكومة عالمية واحدة، وبقيم مشتركة ليس فيها مكان لقيم «الإرهاب» و«التخلف» و«العنف» و«اضطهاد المرأة»… إلخ من النعوت التي تحمل في مضامينها تفسيرًا واحدًا وهو: الإسلام! لماذا الإسلام؟ لأن الغرب عبر سلوكه وإعلامه ونظرته العامة والأكاديمية، وبتناسق رسمي وشعبي، أعطى هذه الأمور المنبوذة عنوان الإسلام منذ عقود طويلة. هذا العنوان يشكل اليوم ظاهرة عالمية، والمسلمون يقفون إزاءها وقوف العاجز المصدوم.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75517 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية الجمعة 07 يناير 2022, 5:05 am
الطريق نحو نهضة الأمة العربية والإسلامية ج(3)
الجحيم الشامل الذي ينتظر المسلمين والعرب!
ما هي خطورة الدولة العالمية أو الحكومة العالمية؟
الاتجاهات السائدة في الغرب اليوم، على صعيد السياسة والأكاديميا والأوساط المتنفذة، هي اتجاهات غربية بحتة، منضوية تحت مظلة الإلحاد والمفاهيم والقيم التي توصف لدى أوساط معينة بالماسونية. هذه المفاهيم والقيم التي يريد الغرب تثبيتها اليوم وبقوة، وينظر لها علميًا وأكاديميًا، باعتبارها طبيعية وجميلة وضرورية، تتكون من المواضيع المنبوذة دينيًا وتقليديًا واجتماعيًا. أذكر على سبيل المثال زواج المثليين، واعتبار العلاقات الجنسية بين الرجل والرجل أو المرأة والمرأة علاقات من صميم الطبيعة (هناك اتجاهات سيكولوجية سائدة وأخرى فلسفية وعلمية تنظّر لما هو أبعد من هذا بكثير!). وهناك اليوم نشاطات لدعم هذه القيم بين الأطفال في المدارس، عبر ترويج مشبوه خلف شعارات برّاقة مثل يوم الانسجام (هارموني دَاي) ونشاطات أخرى لا تبوح بنفسها بالمقاصد التي تنطلق منها. والترويج لروبوتات الجنس والأشكال الأخرى من العلاقات الشاذة، تخدم هذه الاستراتيجيات الغربية التي تهدف مثلًا إلى تقليص عدد سكان الأرض ولكن من الأجناس الأجنبية (الأجنبية: كل ما سوى الغربيين). وهناك اليوم قوانين تحرّم الإساءة لهذه المفاهيم، في أطر مخادعة ومبهمة! وأذكر أيضًا من الأمثلة، الاتجاه نحو الإلحاد بلباس علمي (الرسائل والبحوث التي تتحدث عن التصميم الذكي تلاقي الرفض، وأصحابها من الأكاديميين يواجهون الطرد من أعمالهم. الرجاء مشاهدة هذه الروابط:
ومن الأمثلة، أرى ضروريًا الإشارة إلى «القتل الرحيم» للمرضى أو المصابين الذين يختارون الموت للتخلص من آلامهم. مرمى هذا الاتجاه خطير، وسيتبلور مستقبلًا ليشمل الفقراء والمحتاجين، والذين يُتهمون بالإرهاب الذين «يشكلون خطرًا على السلم العالمي»! أي أن قتل الإنسان البائس المعدم، أو الإرهابي، يعتبر رحمة به وبالبشرية كي لا تتحمل البشرية عبئهما! قبل أيام، شرّع برلمان ولاية فكتوريا بأستراليا القتل الرحيم! هناك منظمات كبيرة وهائلة تعمل على هذه المواضيع بشكل مكثف وخطير. من هذه المنظمات التي تحدثت عنها سابقًا هي منظمة داربا (DARPA) الأمريكية. هناك جحيم حقيقي، مليء بالاضطهاد والعذاب ينتظر أطفالنا والأجيال القادمة! أما عن المخاطر المستقبلية التي تواجه المسلمين، فقد تحدثت عن هذا في مقالات عدة هذا هو رابط بعضها:
لماذا يشكل ما ذكرته سابقًا خطورة كبيرة على المسلمين؟
يسيطر الغرب في الوقت الحاضر على بلدان المسلمين، ويعيث فيها خرابًا وفسادًا ودمارًا. وتقوم دول المنطقة، تحت إشراف المثلث الرهيب الذي ذكرته سابقًا، بتطبيق الخطة المنهجية لتخريب وهدم العالم الإسلامي. وللأسف، تقوم الجماعات والحركات الإسلامية المسلحة، جهلًا وظلمًا، بتسهيل مهمة هؤلاء المتآمرين على الأمة وتستكمل فصول الخراب! باختصار، الحركات والجماعات الإسلامية ليست سوى مطايا غير معلنة لأعداء الأمة، لذلك فإن حلها وتفكيكها من أشد الضروريات لهذه الأمة المنكوبة والتائهة!
في هذه الحال، والغرب اليوم يشهد ويعيش استقرارًا ونموًا وتطورًا مستمرًا، يقصده الملايين من المسلمين المنكوبين الهاربين من جحيم بلدانهم، ويعيش العالم الإسلامي الخراب والتخلف والتشرذم، فإن هذا الواقع يخلق لا محال عدة أمور:
أولًا: قناعة عالمية، أن الإسلام لا ينتج إلا الخراب والدمار، والمسلمون ليسوا إلا عالة على البشرية بل وخطورة مستمرة للعالم. الإعلام العالمي يعمل على هذه الفكرة يوميًا ويغذي لاوعي الناس بها. وهذا يهيئ لخلق قناعة كاملة لدى عامة الناس في العالم، بضرورة التخلص من المسلمين. ومن هنا فإن المجازر الجماعية ضدهم مستقبلًا، ستلاقي ترحيبًا عالميًا، نظرًا لتهيئة الرأي العالم العالمي منذ آماد طويلة نعيش راهنها! ويعمل الإعلام الغربي باستمرار من أجل هذا الهدف! (الرجاء العودة إلى مقال: هل هناك مجازر جماعية تنتظر المسلمين:
ثانيًا: إن الغرب وقيمه هي التي تنفع البشرية، وليست القيم الإسلامية التي توصف بالإرهابية والمعادية للمرأة والحرية والسلم… إلخ.
ثالثًا: دفع الناس والأجيال القادمة نحو الخضوع للمسار الذي يتجه نحو الحكومة العالمية، ذات القيم والمعايير «العالمية» والموحدة للبشرية التي ستكون القيم الإسلامية فيها، بل الإسلام كله، ممنوعًا ومحرمًا! هذا المسار في العلاقات الدولية بدأ في التطبيق، في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور النظام العالمي الجديد، أو القطب الواحد بقيادة أمريكا في عام 1990. ما هو متفق عليه بين المتخصصين الكبار في العلاقات الدولية وراسمي السياسات الغربية، أن الحكومة العالمية الواحدة ضرورة حتمية لا مفر منها، لاستتباب السلام العالمي!
وسيربي أو يرغم الغرب الأجيال القادمة، حتى من المسلمين، القبول بهذا الواقع الخطير حقًا (هناك أفلام هوليوودية تتحدث عن هذه الفكرة. مثال واحد من بين العشرات هو فيلم وول-إي Wall-E). وما يعطي المصداقية والقوة لهذا المسار هو واقع المسلمين المتخلف والمليء بالكوارث والحروب.
إذا لم يتدارك العلماء، والأمراء والحكام، وأهل العلوم والاختصاصات، هذه المحنة الأخطر منذ فجر الإسلام، فإن الخراب الشامل قادم لا محال. وما يعطي الزخم الأكثر لهذا المسار الخطير، هو تفريغ خزانات دول المسلمين من الأموال، وتدفق الأسلحة البالية إلى بلدانهم بحجة الدفاع عن النفس! قبل أشهر، اشترت البحرين أسلحة قديمة من أمريكا بقيمة 9 مليارات دولار كما أشرنا سابقًا! والأمر سيان بالنسبة للدول الخليجية الأخرى. أليس حريًا بنا أن نسأل، ماذا تفعل دول الخليج الصغيرة بكل هذه الكميات من الأسلحة، في حين لا تملك حتى عددًا بشريًا مدربًا من مواطنيها يقدرون على استعمال هذه الأسلحة؟! إذا كانت الحكومة العراقية العميلة لم تقدر على نيل الموافقة، لاستعمال طائرات إف 16 من الإدارة الأمريكية ضد إقليم كُردستان، إبان السيطرة على كركوك في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، فماذا تفعل دول الخليج بكل هذه الأسلحة الهائلة؟! أليس حريًا بنا أن نفكر، كيف أن سياسة النظام السعودي والإماراتي، جعلت قطر مرغمة على الوقوع تحت النفوذ الإيراني، مع العلم أنهما يدعيان أنهما ضد إيران؟! إذن يجب أن نعلم، أن النظام السعودي وسيفه الوهابي، ما هما إلا الضلع المكمل للمثلث الشيطاني الذي يشكل الغرب قاعدته، والتيار الشيعي ضلعه الآخر بقيادة إيران. والمثال نفسه ينطبق على الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا والبلدان الأخرى. فهذه الجماعات الإسلامية لم تخدم حتى الآن سوى المشاريع المعادية لأمتنا!
وفي ظل هذا الواقع، تنمو وتنتشر وتتقدم الاتجاهات العلمانية في بلادنا وتروج لهذه القيم الغربية، وتزرع بذور الكراهية والنفور في قلوب وأذهان الأجيال الناشئة من المسلمين، ضد الإسلام والتراث والقيم التي نشأ منها وفوقها وجودنا. وهذه العلمانية هي التي يدعمها الغرب، ويريد لها الانتشار. فكيف يمكن دحر العلمانية في بلادنا وهزيمتها؟
مشروعي الثاني الذي قدمته إلى دولة قطر، في الخلاصة المرفقة بمشروع نهضة الأمة، يحتوي على خطة عملية وواقعية للقضاء على العلمانية قضاءً تامًا إن شاء الله تعالى. إذا قامت قطر بهذا المشروع الذي تؤتى ثماره في أقل من 10 أعوام، فستسود دولة قطر العالم العربي والإسلامي على مستوى الأكاديميا والعلم والنهضة، وستتحول إلى المرجع الأساس والأعلى للعرب والمسلمين. لدي استعداد كامل لتقديم تفاصيل المشروع وخطته وتنفيذه، والعمل فيه تحت إشراف فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي (الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين)، ولجنة من العلماء والخبراء والمختصين.