منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Empty
مُساهمةموضوع: مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة    مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Emptyالسبت 14 سبتمبر 2013, 12:01 pm


 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة
اقتباس :
هذا المقال نشر في منبر الإسلام 
العدد (3) السنة (40) ربيع الأول 1402هـ ـ يناير 1982م

مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم)
من دلائل النبوة
ـ
إن من المعلوم لدينا أن من دلائل النبوة ما يجريه الله على يد النبي من المعجزات الحسية، والمعنوية. 
وهذا الذي نعلمه نضيف إليه في هذه السطور مقومات شخصية النبي، باعتبار أن هذه المقومات جزء لا يتجزأ من دلائل الإعجاز. 
ولسنا بحاجة هنا إلى القول بأن بعض المارقين من المشعوذين والسحرة حين يظهرون للعامة بعض ما يخيل إليهم أنه من خوارق العادات يظهرهم الله تعالى بشخصيتهم المهتزة التي لا تخفى على العامة فضلا عن الخاصة وهذا هو مصداق قوله تعالى: " هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ". 
أما النبي فله شخصية متميزة لا تخرجه عن كونه بشرا، ولكنه يرقى في البشرية بحيث لا يدانيه أحد من البشر.
وهذا الرقى يخص به الله أنبياءه لأنهم سوف يكونون وسيلة الاتصال بينه وبين الخلائق. والموكلون بالهداية لابد وأن يكونوا على درجة خاصة في الاستيعاب وتحصيل المعارف وهم يكونون على درجة خاصة في الظهور أمام الخلائق بمظهر القدوة لأن المصلحين الاجتماعيين والدينيين لابد أن يكونوا على درجة عالية في الانصياع إلى المنهج والخضوع إلى المبادئ والالتزام بالمبادئ ويرقون في المثالية الإنسانية. والرسل والأنبياء ليسوا مصلحين اجتماعيين فحسب، وليسوا مجتهدين في اكتشاف المنهج والبحث عن الكمال الإنساني ولكنهم فوق ذلك رجال هم صفوة الرجال وأناس هم أكمل ما خلق الله من البشر أعدوا ليتحملوا رسالة السماء ويبلغوها إلى الخلائق ثم يكونوا هم أول الملتزمين بها. 
والذي سيتحمل هذه المسئولية الضخمة لابد أن يكون قد أعد إعدادا خاصا تحت رعاية وعناية من المرسل نفسه " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس" الحج:75.
"وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني" ط: 39 " ثم جئت على قدر يا موسى واصطنعتك لنفسي" طه : 40 ، 41 " ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى". الضحى : 6 ـ 8.
وهذا البشر الذي صنع على عين الله واصطفاه الله لرسالته واصطنعه لنفسه وتعهده بالرعاية والتربية وحفظه من الانحراف والزيغ لابد أن تكون شخصيته متميزة عما عداه من البشر والناس.
وتميز شخصية النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ لابد أن يكون ظاهرا في جانبين:
أولا : تميز النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في وسائل الإدراك :
ثانيا : في إخلاصه للمبادئ وتمسكه بالأخلاق إلى درجة الإعجاز التي يعجز البشر عن أن يدانوها، وتقعد بهم الهمة عن محاكاتها فتظل بالنسبة إليهم أملا مرتقبا وهدفا منشودا.
تميز النبي في وسائل الإدراك :
ومن الخصائص الهامة التي تختص النبوة بها أن النبي يستطيع أن يدرك أشياء لا يتأتى للإنسان غير النبي أن يدركها وأن يحصل على معارف وعلوم جملة البشر محجوبون عن أن يدركوها أو يحصلوها. 
وهذه الخاصية لا تعجز العقول أن تدركها وان كان أصحاب العقول من غير الأنبياء لا يتصفون بها، غير أننا إذا تأملنا أطوار حياتنا لوجدنا أنها خاصية معقولة وميزة مقبولة تلك التي تمتاز بها النبوة ويختص بها الأنبياء.
فجوهر الإنسان في أصل الفطرة خلق خاليا ساذجا لا خير معه من عوالم الله تعالى، والعوالم كثيرة لا يحصيها إلا الله تعالى كما قال "وما يعلم جنود ربك إلا هو".
وإنما خبره في العالم بواسطة الإدراك وكل إدراك من الإدراكات خلق ليضطلع الإنسان به على عالم من الموجودات ونعني بالعوالم أجناس الموجودات فأول ما يخلق في الإنسان حاسة اللمس فيدرك بها أجناسا من الموجودات: كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة واللين والخشونة وغيرها واللمس قاصر عن الألوان والأصوات قطعا بل هي كالمعدوم في حق اللمس.
ثم تخلق له حاسة البصر فيدرك بها الألوان والأشكال وهو أوسع عوالم المحسات، ثم ينفخ فيه السمع فيسمع الأصوات والنغمات. ثم يخلق له الذوق.
وكذلك إلى أن يجاوز عالم المحسات فيخلق فيه التمييز وهو قريب من سبع سنين وهو طور آخر من أطوار وجوده فيدرك فيه أمورا زائدة على المحسات لا يوجد منها شئ في عالم الحس ثم يرتقي إلى طور آخر فيخلق له العقل. فيدرك الواجبات والجائزات والمستحيلات وأمورا لا توجد في الأطوار التي قبله.
ووراء العقل طور آخر تنفتح فيه عين أخرى يبصر بها الغيب وما سيكون في المستقبل، وأمور أخرى العقل معزول عنها كعزل قوة التمييز عن إدراك المعقولات وكعزل قوة الحس عن مدركات التمييز.
وكما أن المميز: لو عرضت عليه مدركات العقل لأباها واستبعدها فكذلك بعض العقلاء أبوا مدركات النبوة واستبعدوها وذلك عين الجهل.
فالنبي ـ إذا ـ يتميز بميزة راقية من وسائل الإدراك فهو يستطيع أن يدرك أمورا لا يتأتى للعقل أن يدركها وينكشف له من المسائل ما لا ينكشف لغيره ممن هم دون مرتبة النبوة. 
وأراد الله أن يقرب هذه المرتبة لخلقه حتى يعقلوها ويتصوروها، فجعل من أسرار هذا الكون الذي نعيش فيه ومن الأشياء التي تشاطرنا الوجود ما لا يمكن للإنسان أن يدركه إما لقصر وسائل الإدراك فيه أو لقصر المدة التي يحياها بالنسبة لهذه الأشياء الموجودة فيمنعه قصر عمره من الإحاطة بأسرار بعض الأشياء المعمرة، فالكهرباء عنصر حيوي وضروري يدخل في معظم وسائل حياتنا وأساليب معايشنا وقصارى ما يمكن للإنسان أن يدركه عن هذا العنصر هو أنه موجود لأننا نشعر بآثاره أما حقيقته وماهيته فكلها مسائل فوق طاقة العقل وإمكانياته.
وما يقال في الكهرباء يقال كذلك في الروح الإنسانية والحيوانية التي هي مسئولة عن حياة الإنسان والحيوان وعن الإحساس والحركة فيهما.
ومثل الروح والكهرباء بعض العوالم التي خلقها الله في هذا الكون كالملائكة والجن وغيرهما مما نعلمه ولا نكاد ندركه مما خلق الله ومنحه الوجود.
وبعض الكواكب في هذا العالم لا يتأتى له أن يكمل دورته إلا في سنوات طوال تستغرق عمر جيل أو أجيال ومثل هذه الكواكب لا يمكن للإنسان الفرد أن يجمع كل ما يحيط بها من معلومات بإمكانياته هو وحده.
على أننا لا نجد سببا معقولا للإطالة في شرح هذه الجزئية ذلك أن العاقل يدرك أن في العالم أشياء لا يتأتى إدراكها بالعقل بل العقل يقف أمامها عاجزا ويقف الفكر مكتوف الأيدي لا يستطيع حراكا إلا أن يرجع بها كلها إلى القدرة الإلهية التي خلقت هذه الأشياء وخلقت العقل وجعلت العقل محجوبا عن إدراكها.
ولقد قرب الله سبحانه وتعالى خاصية النبوة المتميزة إلى عباده بمثال حيث أعطاهم أنموذجا من خاصية النبوة، وهو النوم، إذ النائم يدرك ما سيكون من الغيب، إما صريحا وإما في صورة مثال يكشف عنه التعبير، وهذا لو لم يجربه الإنسان من نفسه ـ وقيل له: أن من الناس من يسقط مغشيا عليه كالميت ويزول عنه إحساسه، وسمعه، وبصره، فيدرك الغيب لأنكره وأقام البرهان على استحالته، وقال: القوى الحساسة أسباب الإدراك فمن لا يدرك الأشياء مع وجودها وحضورها، فبان لا يدركها مع ركودها أولى وأحق. 
وهذا نوع قياس يكذبه الوجود والمشاهدة فكما أن العقل طور من أطوار الآدمي يحصل فيه عين يبصر بها أنواعا من المعقولات، والحواس معزولة عنها فالنبوة أيضا عبارة عن طور يحصل فيه عين لها نور، يظهر في نورها الغيب، وأمور لا يدركها العقل.
وفي ضوء هذه الخاصية للنبوة يستطيع النبي أن يدرك أمورا بالوحى عن الله سبحانه وتعالى ويبلغها إلى عباده من غير احتياج إلى دعوى تغير كيميائي في جسمه أو استعداد ذاتي ساعة الوحى، فالنبي قد خلق وهو مزود بخاصية له يتميز بها في عالم المعرفة عن غيره من بني نوعه وهو يرقى بها رقيا متميزا في نوع البشرية المندرج في الكمال " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد" الكهف ـ 110.
تميز النبي في الإخلاص للمبادئ : 
أن المذاهب الكبار أو الديانات العظمى التي تتصل بالإنسان بقصد تغيير سلوكه ووضعه على الطريق نحو الهدف الأسمى تحتاج في سبيل تحقيق هدفها إلى أن تأخذ في الاعتبار طبيعة المجموعة البشرية التي تريد حملها على مبادئها واتجاهاتها والطبيعة الإنسانية لا تقوم في الغالب على مجرد الاقتناع العقلي فحسب وإنما هي تحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى نصب الأمثلة والنماذج التي يتطلع الكافة إليها بقصد محاكاتها وانتهاج مناهجها.
إن الإنسان مفكر بطبيعته ناطق بفطرته ولكن النطق وحده والتعقل بمفرده قد يصلح للاقتناع مبدئيا بصة مذهب من المذاهب أو رأى من الآراء غير أن هذا الاقتناع وحده ربما لا يكون كافيا لكي يحمل صاحبه على استمرار الخضوع لهذه المبادئ المعينة أو تلك، وإنما هو يحتاج من أجل الاستمرارية أن يكون هناك عامل آخر يشعل حرارة التذكير في وجدانه ويغريه بممارسة الاتباع بغير انقطاع. 
ولعل أنجح الوسائل التي تغري الإنسان بالاتباع وتربطه بالولاء لمذهب معين أو دين من الأديان هو أن يكون صاحب المذهب أو الدين قد رفض أن يتميز على أتباعه بالتحلل من المسئولية أو التبعية لهذه المبادئ التي ينادي بها فكلما كان صاحب المذهب أشد قسوة على نفسه في تطبيق مبادئ المذهب عليه كان ذلك أدعى لاتساع خريطة الاتباع وكثرة المريدين لهذا المذهب تقليدا لإمامه ومحاكاة له بعد الاقتناع بمبادئ المذهب والهضم لتعاليمه الخاصة به. 
وهذه المحاكاة لها أصل في طبيعة الإنسان نفسه فإننا لا نبالغ حين نقول: إن المحاكاة غريزة من غرائز النوع الإنساني وحب التقليد والتطلع إلى ما هو أسمى وأعلى في المركز الاجتماعي والمبادئ السامية فطرة ملازمة لبني الإنسان على اختلاف أعمارهم وتولي مرور الزمن عليهم .
ولو أنك حاولت تتبع المدارس والمذاهب لوجدت أن أصحابها يركزون في معظم الأحيان على عنصر القدوة ويوقظون غرائز التقليد والمحاكاة في الشعوب التي يتوجهون إليها بدعوتهم وتعاليمهم.
وقد تغالى بعض المدارس في هذه المحاكاة والاعتماد عليها إلى الحد الذي لا يعتمدون معه على عنصر سوى هذه المحاكاة وسرد قصص الأبطال في تنفيذ التعاليم والمبادئ والاستجابة لها ولو إنك تأملت في اليونان "المدرسة الكلبية" وما يشابهها، وتأملت الصوفية على اختلاف درجاتهم ومبادئهم لتبين لك صدق ما نقول.
والدين الإسلامي سواء في تأسيسه النظري أو واقعه العملي لا تغيب عنه هذه الحقيقة بل إنه لينزلها منزلها من الاحترام والرعاية فهو حين يناقش الجماهير ويعرض عليهم مبادئه لم يقتصر على مناقشة العقل والوجدان فحسب ولكنه نصب لهم نموذجا حيا يتحمل من تبعات الدين ما لا يتحملون ويطيق من لوازم المسئولية ما لا يطيقون، ويكره الميزة الاجتماعية والتحلل من المسئولية بالقدر الذي يجعله يكره من يعرض عليه الإعفاء من تحمل التبعة مهما كان فيها من يسر الأداء أو قلة المشقة في العمل. 
وينصب هذا النموذج أولا في شخص أمام الدعوة نفسه ومؤسس الدين عليه الصلاة والسلام فيكلف بأن يحول هذه المبادئ إلى واقع عملي ملموس إلى الحد الذي تحدثت فيه السيدة عائشة عنه حين سئلت عن أخلاقه فقالت: " كان خلقه القرآن" (1)
فالقرآن تحول إذا على يديه إلى واقع ملموس متحرك فكان النبي في واقعه العملي قرآنا يمشي على الأرض وكان تحمل الأداء حين يصل الأداء إلى درجة الكمال يوشك أن يكون مسئولية شخصية للنبي نفسه بمقدار ما يطيق أو يتحمل " يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " المزمل 1: 5.
وحين تقع معارك الحروب بين أنصار الدعوة وأعدائها، وتقع التي لم يحسب لها الحساب في إحكام الخطط وتهيئة النفوس تنصرف الجيوش في شبه انهزامية تحت تأثير الصدمة والمفاجأة وهنا يتحمل صاحب الدعوة في غزوة حنين من المسئولية الشخصية ما لم يتحمله سائر الجنود. وقف في الميدان ليعلن عن صدق دعوته تحت نبال القوم وسهامهم دون خوف أو خور، الأمر الذي أخجل سائر الجنود وأشعل فيهم الحماس للم الشمل وجمع الشعث.
وما كان لنا أن نستقصي جميع الأمثلة ومختلف المواقف في عجالة كهذه العجالة. وما كان لنا في نفس الوقت أن ندعي أن هذه القدوة وهذا النموذج الفريد قد أتى عارضا بغير تخطيط أو عناية أو أنه لا صلة له بأساس الدعوة الإسلامية ككل.
إن هذا المثال الفريد وضع في الدعوة بعناية ووجد في تاريخ الإسلام كهدف ولذا فإن المسلمين حين يغفلون هذه الحقيقة ويتجنبون الاقتداء بالنبي يتعرضون إلى اللوم القاسي من الله سبحانه وتعالى ففي سورة الأحزاب نستطيع أن نقرأ هذه الآية الكريمة " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ".
والنتيجة الهامة أن القدوة الحسنة أساس هام لا يقل أهمية في نشر المذاهب عن مواءمة مبادئها للعقل ومجاراتها للمنطق والفكر السليم الرشيد وليس الإسلام بدعا من الأديان في هذا المجال، ولئن كان معقد القدوة في الإسلام قد قدم مثلا حيا فاق كل مثال فإن ما تلاه من الرجال أمثلة حية كذلك جعلوا نبيهم هدفا، يترسمون خطاه إلى الحد الذي يؤلم أبا بكر أن يحيد عنه " إنما أنا متبع ولست بمبتدع " . 
وأن أبا بكر حين يتصرف هذا التصرف وحين يعلن هذا المبدأ الذي حكمه في فترة رياسته كلها ليدل دلالة قاطعة على إيمانه العميق بهذا النموذج الحي، واعتقاده بأنه مثل بل هو المثل الأول الذي أعدته العناية الإلهية لا لينشر مبادئ نظرية فحسب، وإنما ليتحمل من التطبيق العملي ما يعبر عن الصورة المثالية لهذا التطبيق.
وإذا تأملنا مع أبي بكر الصديق هذه النظرة محتكمين إلى روايات القرآن وأقرب المقربين إلى النبي، وإلى التاريخ الثبت والروايات الصحيحة لتبين لنا صدق هذه الدعوة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة    مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Emptyالسبت 14 سبتمبر 2013, 12:02 pm


الابتلاء
حقيقته وحكمته
ـ
"ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون". 
القرآن الكريم منهاج أمة وأسلوب حياة :
القرآن يعالج نفوس هؤلاء البشر حين تكون النفوس قابلة للعلاج، ولكن بعض البشر حين يكونون وسائل للتدمير وللتخريب، وأسباب وأساليب للبلبة والاضطراب، فإنه لا يتأتى منهم الإصلاح ولا يؤثر فيهم العلاج.
وهذا واقع مشاهد ملموس في أمتي الدعوة والإجابة جميعا.
ففي أمة الإجابة نجد نفوسا مؤهلة للإصلاح والصلاح يتعاملون مع القرآن ويتعامل القرآن معهم في تفاعل مستمر غير منقطع.
أما أمة الدعوة فالكثرة الغالبة منهم قد ران على قلوبهم وفي آذانهم وقر، وفي عيونهم عمى، لا ينتفعون بالقرآن، ولا يتفاعلون معه، وصدق الله حيث يقول: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا".
والأمم قبل الإسلام كانوا على نفس النمط فريق يتفاعل مع الرسالة والرسل، وآخر يجافي الرسل والرسالات.
وفيما قبل أمة الإسلام كانت العناية الإلهية تتعامل مع الفريقين على ما يناسب كلا منهما.
ابتلاء الله للمؤمنين رحمة بهم :
فالمؤمنين يبتليهم الله عز وجل بالخير والشر، وبالشدة والرخاء، وبالهدوء والاضطراب حتى يميز الخبيث من الطيب، ويبقى للمؤمن صفاؤه ونقاؤه، ويظهر على جبين التاريخ جوهره الصافي بغير شوائب.
ولله المثل الأعلى فكما يفعل الصائغ بالجواهر النفيسة يعرضها على النار يخلصها من شوائبها كذلك المؤمن يعرضه الله عز وجل للمغريات من الحياة تارة وللشدائد من الموقف أخرى ثم يطالبه في كلتا الحالتين بأن ينتهج له خطا ثابتا لا يجذبه الهوى، ولا تضعفه الشدة وهذا هو ما يعرف في اصطلاح الشرع وأسلوب الرسالات باسم الابتلاء.
غير أن الابتلاء لا يصل في أي مرحلة من مراحله إلى حد التدمير الشامل الذي يستغرق أمة بأكملها، أو يستأصل مجتمعا بأسره، ذلك أن الابتلاء أسلوب علاج بالدرجة الأولى، أنه علاج للفرد من أمراض النفس والهوى ومخاطر الضلال والإضلال، وهو علاج للمجتمع حين يميز الضعفاء من أبنائه الذين يعبدون الله على حرف، فإن أصابهم خير اطمأنوا به، وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على أعقابهم، وهؤلاء قد خسروا الدنيا والآخرة وذلك هو الضلال البعيد، أنهم أولئك النفعيون الذين جردتهم النفعية من الولاء الديني 
* * *



ميزان الاعتدال في الأسرة المسلمة
ـ
إن أي ظاهرة اجتماعية لابد لها من قانون ينظمها أو نظام مقنن يضبطها حتى لا تتيه في بيداء الانحرافات أو تزل في مجالات الغواية والضلال.
والأسرة نظام اجتماعي بجميع المقاييس بل إنها نواة المجتمع يصلح المجتمع بصلاحها ويفسد حين تفسد، فهي لبنته الأولى ونظامه الأولي الذي يتركب نظام المجتمع الكلي في غاية تعقيدي.
والإسلام بنظر إلى الأسرة أولاً باعتبارها نظام لابد من الحفاظ عليه مستقيما بغير اعوجاج ولا ينظر إليه بادئ ذي بدء باعتباره كلاً في بناء، ذلك أن النظرة المثلى إنما تتوجه أولاً لمواد البناء الأولى فتفحص كل مادة على حدة وتعيد النظر في مواصفاتها ومدى انطباق هذه المواصفات على القانون العام الذي تقاس إليه الأمور حين يقدر لها أن تتحقق في الواقع المحسوس.
من هنا كانت نظرة الإسلام للأسرة كنظام باعتبارها وحدة منفردة يجب توجيه الاهتمام إليها بشكل يتراءى للناظر بادي الرأى وكأن الأسرة هي محور اهتمام الإسلام دون سواها من سائر الأنظمة أو غيرها من الظواهر التي تستوجب الاهتمام بها .
تلك خاصية الإسلام وعظمته قد لا تتوفر في غيره من الأنظمة الوضعية حين تريد أن تدرس اهتمامه بظاهرة معينة وأنت تظن أنه من فرط اهتمامه بها كأنه قد وجه جُل اهتمامه إليها وصرف النظر عما سواها.
والأسرة في تركيبها الاجتماعي زوج وزوجة، وأولاد، ويتعلق بالأسرة عدة مباحث نبدأها بهذا المبحث الذي يمكن أن نسميه بـ "ميزان الاعتدال في الأسرة".غاضين الطرف مؤقتا عما سواه من المباحث.
فالسلامة غاية السلامة لكل باحث أن يحصر حديثه في نقطة بعينها حتى يستوفيها بحثاً.
وميزان الاعتدال في الأسرة المسلمة حين يتضح تُحل على أساسه كثير من المباحث التي تتصل بالنصوص والتي ساء الكثيرون بحثها في معظم الأحيان.
ولكي نفهم ميزان الاعتدال في الأسرة لابد أن نتخيله خطاً وهمياً بارزاً كما نتخيل خطوط الطول والعرض خطوطاً بارزة نحدد على أساسها الأماكن والأنحاء.
فلنفترض هذا الخط ـ خط الاعتدال ـ في الأسرة خطاً وهمياً نبرزه لكي نحدد عليه مدى الإصابة وحجم الشطط والانحراف وحد الاعتدال الذي نتصوره خطاً وهميا يمكن أن يتجاوزه الزوج وتستطيع الزوجة كذلك أن تتجاوزه ـ كما أن الأبناء في الأسرة يستطيعون كذلك أن يتجاوزوه.
وهذه التجاوزات على تعددها واختلافها قد حدد الإسلام موقفه من كل منها على حدة وأعطاها من الاهتمام قدراً كافيا لو لم نتمثل خط الاعتدال أمامنا ونحن نقرأ توجيهات الإسلام لفهمنا النصوص الشرعية على غير ما يريد الله عز وجل. 
فالزوج بما له من استعداد خاص وقدرة معينة وهبها الله له لكي تناسب مكانته ووظيفته في الأسرة وما له من خبرة وبصر بالأمور وبماله من ميزة اجتماعية ليست للنساء أسند الله إليه قيادة الأسرة وتوجيهها مثلها مثل أي نظام يحتاج إلى قيادة وإلى توجيه.
هذا الرجل وهذه صفته وقد يتأتى من هذا الرجل اعتداء وتجاوزات تخرج به من خط الاعتدال المرسوم في الأسرة ولا يجد الرجل له رادعاً يردعه أو كابحاً يكبح جماحه حينئذ يجد أن في مكنته أن يحجب عن الأسرة نفقتها أو يمسك عنها عواطفه أو يتصرف فيها بصنوف الإيذاء وألوان الجرح وأضرب الإهانات وكل هذه الأشياء يستطيع الرجل أن يفعلها فهو يستطيع أن يحجب النفقة، وهو يستطيع أن يحجب عواطفه، وهو يستطيع أن ينال الأسرة بالأذى. 
وكان لابد من تدخل تشريعي يرسم أمام الرجل المثل الأعلى في الأسرة ثم يوقفه عند الحد الأدنى من التصرفات ويلزمه بها إذ لا شئ بعده إلا التعدي والخروج عن حد الاعتدال.
فهو يرسم له المثل الأعلى في نحو قول الحق "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" الروم : 
وهناك آيات كثيرة وأحاديث ترسم المثل العليا لما يجب أن يكون عليه الزوج مع زوجه وهذه الآيات والأحاديث على يد النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقع عملي ملموس وتحولها على يد النبي واقعا عمليا ملموساً في أعلى صور المثالية لضرورة تشريعية يحتاجها التشريع ولا يستطيع الاستغناء عنها. إذ لو بقيت النصوص توجيهات نظرية ولم تتحول على يد النبي صل الله عليه وسلم إلى واقع عملي محسوس لكان المبدأ النظري قابلاً لطعن الطاعنين ولجاجة المجادلين. 
فتحول المبادئ إلى واقع تاريخي على يد النبي ضرورة تشريعية لا يستغني عنها التشريع حين يستطيع أن يتخفف من أشياء كثيرة غيرها. 
غير أن الرجال ليسوا على درجة واحدة في العطاء وليسوا على درجة واحدة في الالتزام بالمبادئ وليسوا على درجة واحدة في مراعاة الشعور والأخلاق.
ومن أجل هذا وجدنا الإسلام يرسم الحد الأدنى للعلاقة الزوجية التي يجب على الرجال أن يراعوها ويشدد النكير على من يتجاوز هذا الحد الأدنى ويسير في طريق الاعتداء إلى غايته أو حتى يقف على بدايات هذا الطريق.
والذي يتجاوز حدوده يجد له في القرآن والسنة تشريعاً رادعاً يلزم القاضي بتنفيذه ويلزم من تقع منه التجاوزات بالوقوف عند حدوده.
ويتضح من هذا أن الشريعة الإسلامية تتحدث عن معاملة الرجل في بيته حديثين يتكاملان فيما بينهما فيصوران الإنسان في أكمل صورة يرضاها المشرع منه أحدهما: يصور الحد الأدنى الذي يتدخل القاضي الشرعي لتنفيذه وحمل الزوج عليه وهذا لا يكون إلا في ظروف طارئة يحتاج البيت فيها إلى تدخل الغير للحفاظ على المعاملة فيه من الانهيار. 
وثانيهما: يصور كمال المعاملة قدر استطاعة الإنسان البشري وحسبما يطيقه وسعه وهذا جانب أخلاقي متسامي يستطيع الإنسان أن يرقى فيه وكلما ترقى وجد له فيه مجالاً للترقي، فطريق السمو لا نهاية له وللإنسان أن يضع نفسه على درجة الكمال على المكانة التي يختارها لنفسه. 
وسوف نختار من الشريعة أمثلة للنصوص التي تصور لنا كلاً من النوعين وسيتضح من لفظها أن النوع الثاني هو الذي يحكم الحياة الزوجية في ظروفها المعتادة.
والقمة السامقة في هذا السلم يصورها هذا الحديث الذي تعددت رواياته عن رسول الله صل الله عليه وسلم أخرج ابن ماجه عن ابن عمرو مرفوعا، وكذا للترمذي عن عائشة مرفوعاً وكذا ابن ماجه عن ابن عباس رضى الله عنهما: " خيارُ خيارُكم لنسائهم".
وأخرجه الطبراني عن معاوية بلفظ "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". وزاد ابن عساكر في رواية هذا الحديث عن معاوية على ما تقدم: "ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئم". 
وفي رواية البيهقي تعميم وهي إلى أبي هريرة: "خيركم خيركم لنسائه وبناته".
وتعدد روايات الحديث على هذا النحو تؤكد إهتمام الشارع بنوع هذه العلاقة ومستواها فهو يضع الرجل رب البيت أمام مسؤلياته الأخلاقية ويرسم له القدوة والمثال الذي يحتاجه كل بناء أخلاقي فلا تستقيم الأخلاق بالنظريات وحدها وإننا نحتاج النظريات بأن تتحول إلى واقع تاريخي يظهر أمامنا في كسوة مثال، وفي نموذج كامل يترائى للعيان قمة سامقة يحاكيها كل من يريد المحاكاة ويتأملها كل من كانت له بصيرة وقدره على التأمل "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". 
وهذا النموذج الأخلاقي الكامل يمكن أن نفهم في إطاره كل نص من نصوص الشريعة يتحدث عن جانب خاص من الجوانب التفصيلية التي تندرج تحت هذا النموذج العام.
ففي مجال الشعور لا يجوز للرجل أن يعتدي على مشاعر المرأة ولا يجوز له أن ينتقص منها وتلك نظرة حكيمة في الإسلام، إذ إن الاعتداء على المشاعر أو الإنتقاص منها يترتب عليه إنفعال عند المرأة يزيد أو ينقص بحسب درجة الإهانة الموجهة إليها وقد تضطر إلى كبت مشاعرها لاعتبارات كثيرة في معظم الأحيان فإذا كرر الرجل امتهانه من المرأة أو النيل من شعورها تكرر الإنفعال وبتكرار الإنفعال يستقر في وجدان المرأة عاطفة الكراهية للرجل ولا تستطيع أن تقوم بمهمتها الأساسية تجاهه التي هي السكن والمودة والرحمة. 
ومن هنا يحمل الإسلام الرجل بواجب الأخلاق أن يترفع فوق جرح المشاعر وامتهان الشعور والإسلام في هذا المجال لا يكلف الرجل أكثر من طاقته فقضية احترام المشاعر كما يفهمها العقلاء لا تتعلق بالماديات إلا تعلقاً ضعيفاً هو تعلق السلوك نفسه مع المادة مهما كان خطر المادة أو تأثيرها الفعلي.
فيكفي الرجل على سبيل المثال أن يطعم زوجته إذا طعم ولا يرفع نفسه عليها متميزاً مهما كان نوع الطعام وكمه.
ويكفي الرجل أيضاً أن يقدر من المرأة سلوكها كما يكفيه أن يستحسن منها ما يرى كلما رآها أو رأى سلوكا منها تبتغي من ورائه رضاه.
أخرج النسائي وابن ماجه وأبو داود واللفظ له عبد الحكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: " قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت".
وعن سعيد بن حكيم عن أبيه عن جده القشيري قال: أتيت رسول الله صل الله عليه وسلم قال: فقال : ما تقول في نسائنا ؟ قال: أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكتسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن " . 
وقد يتوهم واهم أن الواجب على الرجل وجوباً أخلاقياً أو اجتماعياً لا يكون له فيه أجر عند ا لله في الدنيا ولا في الآخرة وقد يدفع هذا الوهم بأصحابه أن يقصروا فيما يجب عليهم طمعاً فيما عند ا لله عز وجل وتعلقاً بثواب يدخلوهم في الدار الآخرة. 
ويدفع الشرع هذا الوهم ليؤكد أن أداء هذا الواجب لا يقل في ثوابه عن صدقه يتصدق بها الرجل يبتغي وجه الله. 
فوردت الأحاديث الصحيحة تؤكد أن ما يقوم الرجل به من احترام مشاعر زوجته والقيام على رعايتها لا يفوت له أجراً عند ربه وزيادة في إقناع الرجال عبرت الأحاديث بلفظ الصدقة ليطمئنوا على ثوابهم لا ليقول: إن المرأة عند زوجها موضع ا لصدقات وإنما ليؤكد أن ثواب احترام المشاعر في العلاقات الزوجية لا يقل عما يطمعون من الثواب المترتب على الصدقات.
أخرج البخاري من حديث طويل إلى سعد بن أبي وقاص في مرض ظن أنه مرض موته: " .... وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ... " . البخاري في كتاب الوصايا باب أن يترك ورثته أغنياء ، خير من أن يتركهم عالة على الناس 5/363 سلفية. 
تلك نماذج مما يستعصي حصره اجتزأناها لنصور المستوى الرفيع الذي ينبغي أن تكون عليه العلاقات الزوجية حتى تؤدي وظيفتها المنوطة بها وجميع هذه النصوص تصور بعض ما يتـ به الشارع إلى الرجل ليحافظ على خط الاعتدال بل يسمو فوقه بأخلاقه إلى الحد الذي يبعده عنه كنيـ فلا يحتاج إلى التحذير من تجاوزه.
غير أن بعض الرجال قد لا يلتزم بهذا المستوى الأخلاقي بل يختار لنفسه درجة من درجاته تبعد قليلا أو كثيراً عن ذروة سنامه، والقضاء الشرعي لا علاقة له به ما دام لم يتجاوز حد الاعتدال ولكن القضاء يتدخل إذا حاول الرجل بتصرفه أن يتجاوز حد الاعتدال المرسوم للحافظ على توازن الأسرة.
ولنضرب لذلك مثالاً أو أمثلة تغنينا بوضوحها عن استقصاء كل مثال في الشريعة.
إن الرجل قد يصل باعتدائه أحياناً إلى الحد الذي يدفعه إلى الإيلاء من زوجته ويصمم على هجران بيته وفراشه وهذا التصرف منه عدوان وظلم ومن حق المرأة بما لها من شخصية حقوقية مستقلة أقرت لها الشريعة بها أن ترفع إلى القضاء أمره ويتدخل القاضي لحسم الموقف في إطار نص لا يقبل منه اجتهاداً وهذا النص يبقى على كرامة الرجل نوعاً من الإبقاء ويرد للمرأة حقها بحسم لا تردد فيه فهو يحفظ على كيانه أملاً من ت حقق الحياة الزوجية فلا يسلبه إرادته كل السلب ولا يطلقها لتعمل في السوء كل الإطلاق إنما يوازن بين الأمور ليرد الحق إلى مستحقه ويكبح ظلم الظالم وهو مفتوح العينين والقلب أملاً في استغلال الحياة الزوجية إذ كان هناك طريق للاستمرار "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فآءوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " . ( البقرة : 226 ، 227).
وكما يتدخل القضاء هنا يتدخل القضاء كذلك حين يمتنع الرجل عن الإنفاق وحين يمتنع عن الإسكان وحين يمتنع عن الكسوة ... الخ.
فكل هذه أمور يكون الرجل معتديا بها. ..... أما التعديات الأخلاقية التي لا يستطيع القضاء إثباتها فإن الله عز وجل يحاسب عليها، , والنقطة الهامة التي نريد أن نلحظها هنا في هذا المجال هي أن النبي صلى الله عليه وسلم يلفت نظر الرجال باعتبار أنهم المسؤلون عن قيادة الأسرة إلى المعيار الهام الذي يقيسوم إليه إنهم يتعاملون مع بشر يخطئ ويصيب ولا يتعاملون مع ملائكة كرام فطرهم الله على الخير و فعلى الرجل أن يتوقع منها الخطأ كما يتوقع منها الصواب وأن يقيم سلوكها على هذا الأساس . أخرج البخاري بالسند إلى أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء ، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا" . وهذا الحديث في مواضع كثيرة من جامع البخاري. 
وأخرجه مسلم من أكثر من طريق إلى أبي هريرة وفي بعضها قال أبو هريرة قال رسول الله صل الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا أشهد امرأ فليتكلم بخير أو ليسكت واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج استوصوا بالنساء خيرا ".
ويوضح المعيار وجليه أكثر من هذا ما أخرجه الإمام مسلم مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالسند إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضى منها آخر أو قال غيره " .
وهذا الحديث والذي قبله أخرجهما مسلم في كتاب الرضاع باب الوصية بالنساء من الجزء العاشر.
وهكذا تتضح توجيهات الإسلام للرجل وإيضاح دوره في الأسرة وما ينبغي عليه يقوم به من غير أن يكون له أدنى حق في الاعتداء على خط الاعتدال والذي لا يتجاوزه إلا معتدٍ للعقوبة التي تتناسب مع حجم الاعتداء. 
أما دور المرأة في الأسرة فهو دور هام وحساس لا يقل حساسية وأهمية عن دور الرجل فيها.
وكثير ما تحدث من بعض المتحدثين عن الإسلام وهو يحدد دور المرأة فتمخض عن قصد أو غير قصد عن اتهام صارخ للإسلام باعتبار أنه سلب المرأة شخصصيتها ومسخ معالم هذه الشخصية وحملها على القيام بدور العبودية أو الخادمة التي تؤدي ما عليها من واجبات وليس لها في مقابل ذلك أي حق يذكر.
ولسنا نريد أن ندخل في باب اللجاجة والمراء وإنما نريد أن نوضح هنا أن الإسلام قد أعطى المرأة شخصيتها التي لم تحصل عليها في أي نظام سبق الإسلام أو جاء بعده إلا أن شخصية المرأة كشخصية الرجل لا يدخل في مقوامتها حق الاعتداء على خط الاعتداء أو تجاوز هذا الحد وإن أي نظام كائناً ما كان يعطي أحد الأفراد الذين ينطبق عليهم النظام امتياز الخروج عليه يكون نظاماً فاشلاً لا يسع واضعيه إلا تعديله أو تغيره واستبداله بنظام آخر يكون أكثر جدية وصرامة.
والإسلام حين يحدد دور المرأة في الأسرة يعطيها أولاً شخصيتها الكاملة ويحدد لها ذاتيتها المستقلة فهي كالرجل لها شخصية حقوقية إذ إن لها حق التقاضي وحق الإدلاء بالشهادات في إطار ما يليق بها وفي الميادين التي تناسبها حسب نظام تشريعي موضوع.
والمرأة كالرجل لها شخصيتها المالية ولها ذمة تسع إبرام العقود وتتحمل ما يتعلق بها من حقوق مالية في الأخذ والعطاء والبيع والشراء ... الخ.
والمرأة لها شخصيتها السلوكية ومسؤليتها التي تتعلق بهذا السلوك والجزاء الذي يترتب على هذه المسئولية أداءً ووفاءً أو تخاذلاً وتقصيراً.
المرأة إذن لها شخصيتها الكاملة كما للرجل شخصيته الكاملة، إذ أنه مما لا يقبل النزاع أن المرأة في النهاية لا تقل عن الرجل فيما وهب الله لكل منهما من طاقات وإمكانات إذا نظرنا إلى الأمور باعتبار نهاياتها وأحصينا لكل واحد منهما ما يمكن أن تقوم به وما لا يستطيع القيام به وإن كانت الإمكانات والطاقات تختلف في التفاصيل من المرأة إلى الرجل.
كل هذا حق لا ريب فيه.
ولكن الذي لا ريب فيه كذلك أن البناء الاجتماعي يحدد من إطلاق الحريات من غير حدود فكما أن الرجل في الأسرة لا يملك الحرية المطلقة في استعمال إمكاناته وإطلاق طاقاته فكذلك لا تملك المرأة الحرية المطلقة في استعمال الإمكانات والطاقات وبين الاثنين خط الاعتدال الذي لا يجوز الخروج عليه وإن كان من المحبب شرعاً أن يتجاوز الرجل والمرأة الزوج والزوجة خط الاعتدال في الجانب المقابل جانب الرقى بغير ما حدود لهذا الترقي وذلك الخروج.
وإذا كان من الجائز عقلاً أن يخرج الرجل على حد الاعتدال بالاعتداء فإنه من الجائز عقلاً في معظم الأحيان أن تخرج المرأة على حد الاعتدال بالنشوز ونشوز المرأة تقابله الشريعة بمجموعة من النصوص كما أنها في الوقت نفسه تنصب لها المثل الأعلى الذي تترقى إلى أن تصل إليه.
هما إذن طريقان في التشريع الإسلامي يكمل بعضهما بعضاً أحدهما يمثل الحد الأدنى في المعاملة والآخر يمثل الحد الأعلى في الرقى الأخلاقي والكمال الإنساني في السلوك.
ويتحدث النبي عن الحد الأعلى في معاملة المرأة لزوجها فيبين أنه يكمن في الطاعة الكاملة بغير حدود طاعة تنفي عن المرأة شبهة الخروج عن حد الاعتدال بالنشوز والإعراض طاعة تجعل المرأة تمنح المرأة باختيارها الأخلاقي فرصة قيادة الأسرة وتوجيهها الوجهة الحسنة في إطار شرع الله ونظام الإسلام العام.
ويحدد النبي المثل الأعلى في الأخلاق في هذا المجال حين يقول فيما أخرجه الترمذي من باب الرضاع بالسند إلى أبي هريرة مرفوعاً إلى النبي صل الله عليه وسلم قال: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " قال الترمذي حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث محمد بن عمرو عن سلمه عن أبي هريرة إلا أنه أتى بطرق عديدة غير هذا الوجه عن طريق معاذ بن جبل وسراقة ابن مالك بن جعشم وعائشة وابن عباس وعبد الله بن أبي أوفى وطلق بن علي وأم سلمه وأنس وابن عمر. اهـ(1)
وهذا المثل الأعلى يشير إلى أمرين في غاية الأهمية لا يجوز لنا أن نغفلها لما يتعلق بهما البعض حين يريدون الشغب على الإسلام.
وأحد هذين الأمرين هو أن الأمر بالطاعة هنا إنما هو من الله ا لمشرع الحكيم والذي تجب إطاعته عندما يأمر.
ونحن حين نطيع أمر الآمر الذي هو المشرع إنما نكون قد عبدناه بهذه الطاعة لأوامره فالمرأة حين تطيع زوجها تنفيذاً لأمر ربها تكون عابدة لله عز وجل الذي أمرها فأطاعت.
أما ثاني الأمرين هو أن الطاعة هذه متعلقة بالزوج فالمرأة تتوجه بطاعتها لزوجها وهذا الزوج في هذه الصورة إنما هو متعلق الأمر الإلهي وحين نتوجه بالأمر إلى متعلقه لا نكون عابدين لهذا المتعلق وإنما نحن نتوجه إليه حين ننفذ أمر الله لحكمة بالغة يريدها الله من تشريعه ولعل الحكمة هنا هي في تكريم الزوج والحفاظ على بعض الهيبة له بالقدر الذي يمكنه من إصدار القرار في الوقت المناسب وتوجيه الأسرة والقيام بمسئولياته.
وبعد توضيح هاتين النقطتين يتضح لنا أن المثل الأعلى الذي رسمه النبي يحتوي قضية مزدوجة فيها عبادة الله بإطاعة أمره وفيها الحفاظ على هيبة الرجل بالتوجه إليه بالطاعة على أنه متعلق الأمر الإلهي.
وهذا الازدواج في المثل الأعلى المرسوم هنا يفهم في مواطن كثيرة بنفس الصورة من تشريعات الله عز وجل فالله عز وجل يوجهنا إلى الكعبة وكذا في الحج والعمرة والطواف بغير حج أو عمرة فالكعبة متعلق الأمر الإلهي يكون في التوجه لها تكريماً لها لحكمة يريدها الله من ذلك التكريم وفي إطاعة أمر الله بالصلاة والتوجه للكعبة عبادة لله عز وجل ونحن نستطيع أن نفهم ذلك أيضاً في أمر الله الملائكة بالسجود إلى آدم إلى غير ذلك من المواقف المتعددة والمتنوعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة    مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Emptyالسبت 14 سبتمبر 2013, 12:03 pm

ونحن نشرح المثل الأعلى هنا ونطيل في شرحه لنأخذ خط الرجعة على كل شاغب يريد المراء بالحق أو بالباطل. 
وهذا المثل العالي في معاملة المرأة لزوجها يحملها الله عز وجل عليه بالترغيب مرة وبالرهيب أخرى فلا يجوز للمرأة أن تخرج عن هذا المثل الأعلى إلى الحد الذي ينزل بها عن حق الاعتدال المسموح به فإن هي ترقت بذاتها وتصرفاتها في المثل الأعلى إلى غايته كان جزائها عند ربها حيث عبدته بطاعتها لزوجها.
أخرج الترمذي بالسند إلى أم سلمة قالت قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة " (1)
وفي مسند الإمام أحمد بالسند إلى عبد الله بن عوف قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " (2)
وكلما نزلت المرأة عن المثل الأعلى المضروب لها أحدثت بمقدار نزولها خللاً يقل أو يكثر في مستوى العلاقة الزوجية.
على سبيل المثال فإن المرأة يجب عليها كما وجب على زوجها أن تحترم مشاعره ومن احترام مشاعر الزوج أن تحافظ على بيته فلا تدخل فيه إلا ما يحب ولا تربي أولاده إلا على نشأة شرعية سليمة ولا تتصرف في أمواله تصرف السفهاء منتهزة أنفة الزوج وكبريائه اللذان لا يناسبهما أن تقابل المرأة زوجها حين يعاتبها على تصرف مالي لا يرضاه بأنه رجل غير قادر على الإنفاق على أهله وعياله أو أنه لا تطاوعه نفسه لذلك.
والمرأة مؤتمنةٌ كذل على مشاعر الرجل في كل قضية تمس إبرام عقد الزوجية أو تنال من جزئية مما يستلزمه هذا العقد.
والنصوص الشرعية هنا تخاطب المرأة باعتبارها مسؤلة والمسؤلية تكليف والتكليف لا يكون إلا على أساس من استقلال الشخصية، هذا الاستقلال الذي يجعل الفرد مسؤلاً عن عمله مستحقا للجزاء المترتب على السلوك.
وفي هذا المجال يتحدث النبي صل الله عليه وسلم بطريقة لا تحتمل تأويلاً أو جدالاً .
أخرج البخاري في جامعه الصحيح بالسند إلى أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال" لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي إليه شطرُهُ " (1)
وأخرج البخاري أيضاً بالسند إلى ابن عمر رضى الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته والأمير راع والرجل على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته " (2)
وكأني بالشرع الإسلامي الحكيم يشرك الجماعة الإسلامية كلها في المحافظة على مشاعر الزوج في كل قضية تدخل ضمن نطاق العقد الذي تأسس بيت الزوجية على قاعدته كما لا يجوز للزوج أن يضطر المرأة أن تستعين بغيره على حاجتها وهو قادر على ذلك.
ففي البخاري بالسند إلى ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزو كذا وكذا قال: ارجع فحج مع امرأتك " (3)
وفي البخاري كذلك إلى عقبة بن عامر أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: الحمو الموت " (4)
ومما يجرح مشاعر الرجل وكبريائه من جهة زوجته أن تتدخل المرأة من غير إذن منها ولا بأمر من الشارع في تضييق الانتفاع بعقد الزوجية ولو مؤقتاً. 
فعقد الزوجية كأي عقد يترتب عليه منفعة معينة لكل من المتعاقدين وتضيق هذه المنفعة لحين قل هذا الحين أو كثر أن يتم برضا المتعاقدين أو بأمر من الشارع إن رأى فيه مصلحة أو أراد أن يكلف به.
فإذا قام أحد الطرفين بتضييق حق المنفعة من غير الرجوع إلى الطرق الآخر كان هذا التصرف المتعسف حاملاً لإهدار كرامة الطرف الآخر والتلويح بالحط من شأنه.
ولما كانت منفعة هذا العقد تتعلق بأمور لا تجوز مناقشتها في الغالب فإن من وقعت عليه هذه الإهانة وهذا الإهدار لإرادته لا يملك في الغالب إلا أن يكبت مشاعره وقد سبق أن نوهنا إلى أن إهدار الإرادة وجرح المشاعر يحدث انفعالاً قوياً في النفس قد يورث من أول مرة لما فيه من قوة ـ عاطفة الكراهية التي لها أبلغ الأثر على مستقبل الأسرة وقوة تماسك بنائها أو على الأقل يحدث ذلك على المدى الطويل إن تكرر حدوثه ووقوعه.
وإذا كان كل نظام يحتاج إلى إمارة وإذا كانت الأسرة بحكم أنها نظام قد احتاجت إلى موجه عينه الشرع وحدده بالزوج باعتبار ما لديه من مؤهلات منحها الشرع له أو تكليفات كلفه الشارع بها، إذا كان الأمر كذلك كان على الأسرة جميعاً أن تحافظ على هيبة الرجل ، ومثل هذه التصرفات التي نوهنا إليها والتي تتضمن تقيد الانتفاع بالعقد ولو بلحظة من جهة واحدة تقلل من هيبة الرجل في عين زوجته على الأقل أو تشعره بالإحباط في حق نفسه ولذا فإن الشرع منع الزوجة من القيام بعبادة من شأنها أن تضيق الانتفاع بالعقد خاصة إذا كانت هذه العبادة تطوعية إلا إذا تمت الموافقة على ذلك من الطرف الأخرى في العقد وهو الزوج. 
أخرج البخاري بالسند إلى أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه " (1)
وهذا القول ينضم إليه قيد آخر مضافاً إلى قيد شهود الزوج وحضوره وهو أن لا يكون ذلك الصيام قد فرضه الشرع في وقت معين.
أخرج الترمذي بالسند إلى أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوماً من غير شهر رمضان إلا بإذنه " .قال الترمذي تعليقاً على هذا الحديث (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) ثم ذكر له الترمذي طرقاً أخرى عن أبي هريرة أيضاً.(1)
وإمعاناً من الشرع في مراعاة شعور الزوج باعتباره طرفاً في العقد منع الشارع الزوجة من انتهاج أي سلوك من شأنه أن يعرض بالزوج أو يقلل من هيبته التي تنال من موقعه كزوج وكمسول عن توجيه جماعة هي الأسرة التي حدد الله مسؤليته عنها ورتب على ذلك ثواباً له إن أصاب وعقاباً عليه إن أخطأ.
والمتأمل في هذه التوجيهات للزوجة يجد أنها جميعاً تحفى الزوجة على المحافظة على خط الاعتدال والارتقاء فوقه بحيث تتجنب ما يتأتى منها وما يتوقع من سلوكها وهو النشوز أو الإعراض.
أما إذا وقع من الزوجة إعتداء وهو لا يقع إلا في حدود ضيقة فإن اللهجة التشريعية تتغير معها بحيث تشبه اللهجة التي كان يوجهها الشرع إلى الزوج الذي يتوقع منه الاعتداء ويتبين ذلك بمثال فقهي تملك المرأة فيه بحكم الشرع أن تفارق زوجها وترد عليه ما أنفق عليها أو قدراً من المال يتفقان عليه في مقابلة أن تقتدي المرأة نفسها منه به بمقتضى قول الله عز وجل " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون " البقرة : 229.
أخرج ابن ماجة بالسند إلى عمرو بن شعيب عـــن أبيه عن جده قال: كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس وكان رجلاً دميماً فقالت: يا رسول الله والله لولا مخافة الله إذا دخل علىّ لبصقت في وجهه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتردين عليه حديقته ؟ " قالت : نعم . قال: فردت ع ليه حديقته قال: ففرق بينهما رسول الله صل الله عليه وسلم . وهو وإن كان صاحب مجمع الزوائد قد أعله بتدليس حجاج بن أرطأة، إلا أن الحكم الفقهي باق معتمد عند الفقهاء بأدلته الثابتة.
وخلاصة هذا الحكم أن المرأة قد لا يعجبها الشئ من الرجل فيعطيها الشرع حق الافتداء منه.
غير أن هذا الحق المعطى للمرأة يحول وضعها بالنسبة لخط الاعتدال المرسوم فبإمكانها بواسطة هذا الحق وما يشبهه أن تكون معتدية على الرجل أشد الاعتداء.
فهي في مثالنا هذا تستطيع أن تجرح الرجل اجتماعياً وتنزل عليه من الآلام النفسية ما لا يستطيع الرجل أن يتحمله وقد تكون كاذبة فيما تدعيه لهوى في نفسها تصطنع له كل حيلة ليحرز لها موقفاً قضائياً. وفي فعل هذه الحال نجد الشرع يشدد عليها النكير تماماً كما يفعل بالرجل حين يتجاوز خط الاعتدال بالاعتداء.
فأخرج الترمذي بسنده عن ثوبان رضى الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: " المختلعات هن المنافقات " أخرجه في كتاب الطلاق باب ما جاء في المختلعات ج3 / ص 483 ط مصطفى الحلبي وقال أبو عيسى : ـ هذا حديث غريب من هذا الوجه وليس اسناده بالقوي " إلا أن هذا الحديث له روايتان من طريق أبي هريرة في سنن الترمذي ومسند أحمد بزيادة لفظة "المنتزعات". 
وأخرج الترمذي بسنده إلى ثوبان أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن. وقد أخرجه في كتاب الطلاق باب ما جاء في المختلعات 3/483 ـ ط/ مصطفى الحلبي.
وللحديث روايتان إحداهما في الترمذي أيضاً وثانيتهما : في ابن ماجه بنحو تلك الرواية .
ومما سبق ذكره يتضح صدق خط الاعتدال بعد امتحانه ويتبين مدى فاعليته في الأسرة، وعلى أساس من خط الاعتدال هذا تسقط الدعاوي بتقابل النصوص في الإسلام وتسقط معها دعوى أيهما أفضل الرجل أو المرأة حيث إن كليهما صنعة الله وخلقه ويبقى ظاهراً للعيان حكمة الله في خلقه وكيفية بنائه للعلاقة الأسرية بين الزوج وزوجته وتزاد إيماناً بقول الله تعالى : " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " سورة الأنعام (93).
القوامة ـ معناها والغرض منها
وبعد الحديث عن ميزان الاعتدال في الأسرة واتضاح حقيقته ومعناه ووظيفته التي لا تنكر يجدر بنا أن نتحدث عن القوامة، نتحدث عنها في حقيقتها ومعناها ونتحدث عنها في ضرورتها الوظيفية للأسرة ولإستقامتها في أحوالها المعتادة وغير المعتادة على السواء.
والحديث عن موضوع القوامة يتعرض إلى كثير من اللجاجة ، ويتعرض إلى كثير من المراء والجدل ، فمن الناس من يأخذه ـ أي موضوع القوامة ـ بتفهم وانشراح صدر، ومنهم من يقبله على مضض محتجاً بأنه لا يجوز للمرأة التي تخضع لنظام الإسلام أن تقبل بقوامة الرجل إلا على هُون أو ضعف يبرز في شخصيتها ولا يكاد يخفى. 
ومن الناس من يأخذ بكفرة القوامة ولكنه لا يدري لها حقيقة ولا يعرف لها وظيفة، فهو يمرها على ذهنه مروراً عابراً من غير تريث أو تأمل.
موضوع القوامة إذن يطرح نفسه على الساحة الفكرية وما كان له أن يُطرح لأن الذي شرعه هو الحكيم الخبير. ولا بأس عندنا أن يطرح مثل هذا الموضوع، ولا ضرر على قضايا التشريع من أن تناقشها العقول لكن يشترط لكل عقل مناقش أن يكون مفكرا بالفعل قادرا على الموازنة والتقدير.
وسنحاول هنا أن نعرض مسألة القوامة وما يترتب عليها بموضوعية كما عرضتها نصوص الشريعة ، من غير احتياج إلى أن نستنطق النص بأمر لم يحتويه أو نستدل به على قضية لم يرد النص نفسه لكي يدل عليها.
والشئ الذي يلفت النظر لأول وهلة أن النص القرآني أو التشريعي على العموم لم يقل إني منحت الرجل السلطة على المرأة ولم يقل إني أطلقت يد الرجل إطلاقاً في البيت من غير حدود ولا قيود. لم يستعمل القرآن أو النص التشريعي وهو يشرع لهذه المسألة لفظة السلطان أو القهر ولم ينوه بالقدرة أو الاقتدار وإنما استعمل لفظ ـ قوامون ـ .
وليست المسألة كلها منحصرة في استبدال لفظ بلفظ أو كلمة بأخرى تساويها في المعنى وتخالفها في المبنى من باب التلاعب بالألفاظ أو ستر ما يعاب المنهج بإبرازه. كلا... وإنما هو استعمال لفظ لكي يدل على معنى مراد للمشرع على أكمل ما تكون الإرادة وأفضل ما يكون التقدير.
إن لفظة ـ قوامون ـ جمع مفردة قوام. صيغة مبالغة من قائم (وهو الناظر على الشئ الحافظ له ) .
فالمسألة هنا ليست مسألة سلطان وقهر وإنما هي مسألة تعهد ورعاية وحفظ وإصلاح وتقويم.
وهذه الوظيفة بهذا المعنى لا تعني أنها ميزة للرجل بقدر ما هي مسئولية على عاتقه. إنه مسئول ومبررات المسئولية أمران : ـ
أحدهما : يتصل بقضية التكوين التي لا دخل له فيها والتي يرمز إليها الشارع بقوله : " بما فضل الله بعضهم على بعض " .
وثانيهما : يتعلق بأمر تكليفي لا يملك له رداً ما دام قد اختار بإرادته أن يقدم على الزواج وهو قول الحق : " وبما أنفقوا من أموالهم " .
إنهما أمران يتكاتفان معاً وبهذا التكامل الواضح يبرران مسئولية الرجل عن استقامة الأسرة وصلاح حالها.
وأقرب مثل للرجل في أسرته هو الحاكم في ولايته أو القاضي في دائرة اختصاصه.
إن أحداً لا يستطيع أن يماري في مسئولية الوالي والتبعة الملقاه على عاتقه تجاه إصلاح الرعية.
إننا في نظامنا الاجتماعي مختارون غاية الاختيار حين نريد أن نعطي البيعة للوالي أو القائد المسئول عن الجماعة ونحن حين نعطي هذه البيعة باختيارنا أصبح في أعناقنا التزام كامل لا نملك الفكاك فيه بإطاعة هذا الوالي الذي نصبناه باختيارنا. ما دام يلتزم الميثاق والشرع الذي نصبناه على أساس منه.
ولا يستطيع أحد بحال من الأحوال أن يعطي لأفراد الرعية حق الخروج على الراعي في كل مسألة دقت أو عظمت حين يريد الراعي أن ينفذ الشرع على أفراد رعيته بقصد إصلاحهم والمحافظة على البناء الاجتماعي فيما بينهم.
لا يستطيع أحد أن يقول ذلك أو يسلم به لأن القول والتسليم بمثل هذا تحت أي تعلة من التعلات يحدث في المجتمع نوعاً من الفوضى ويجعل الأمة بغير قيادة حقيقية إذ لا يستطيع الوالي أو الحاكم أن يحمل الأفراد على ما يرقى بالأمة أو الجماعة في ظل دستورها وفي ظل شريعتها التي ترقى بالأمة والجماعة.
وما يقال هنا في الوالي العام أو في القاضي في دائرة اختصاصه يقال بالنسبة لقائد الأسرة والقائم عليها.
وبغير أن نكون قاصدين إلى المقارنة أو المعارضة نقول إن الأسرة في ظل الحكم الروماني كان لها قائم أو معتمد هذا القائم أو هذا المعتمد يضم تحت رياسته وتوجيهه أسرة يتسع نطاقها أو يضيق ولكنه في جميع الحالات مسئول مسؤلية مباشرة عن الولاية الخاصة للأسرة فهو يحاسب أفرادها حين يعوج بعض الأفراد وهو يحمل أفراد الأسرة على الآداب والأخلاق وهو يأخذ يحجزهم عن التردي في مهاوي الرذيلة وهو يحملهم على التعليم والتربية وهو يفصل بين الأفراد حين يقع التنازع أو الخصام. إنه يفعل هذا كله من غير أن يكون هناك تدخل من الدولة أو تدخل من السلطان. 
والقوامة في الإسلام لم تطلق يد القائم على الأسرة هذا الإطلاق وإنما نصبته في منصبه في ظل قانون عام يحد من سلطانه إن أراد أن يكون له سلطان جائر ويوقفه عند حدود الشريعة إن جمح به هواه.
بل ما هو أغرب من ذلك إن هناك مجموعة من الفقهاء وقفوا أمام النص "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" النساء:34، وتساءلوا عن حقيقة القوامة ومبرراتها واتفقوا على أن حيثيات القوامة أمران .
1ـ الاستعداد الخِلْقيّ أو التكويني من جهة.
2ـ ومسؤلية الإنفاق أو رعاية الأسرة ماليا من جهة أخرى.
وبعد الاتفاق على حيثيات القوامة تساءلوا فيما بينهم في حال غياب هذه الحيثيات أو بعضها هل تسقط قوامة الرجل وينفسخ عقد النكاح أم لا ؟ 
ويصور الشيخ الألوسي شهاب الدين هذا الموقف بعبارة جلية ننقلها بنصها هنا : [ " واستدل بها أيضاً من أجاز فسخ النكاح عند الإعسار عن النفقة والكسوة وهو مذهب مالك والشافعي لأنه إذا خرج عن كونه قواماً عليها فقد خرج عن الغرض ا لمقصود بالنكاح وعندنا (1) لا فسخ لقوله تعالى : " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ...] (2)
ولسنا هنا في مجال تقييم هذا الاستنتاج والموازنة بين المذاهب ولكنا فقط أردنا أن نلفت النظر إلى أهمية الحيثيات في استمرار القوامة وما يتعلق منها بالجانب المالي بالذات لا يسقطه الإعسار وإنما قصارى ما قيل فيه ـ " فنظرة إلى ميسرة " ـ . هكذا يتضح لنا معنى القوامة وحقيقتها .
وفيما يتعلق بأهميتها لا نجد منازعاً ينازع في هذه الأهمية إلا إذا كان متبعاً لهواه أو مجافياً للمنطق.
فالأسرة كما قلنا نظام بل هي أهم الأنظمة في البناء الاجتماعي على الإطلاق لأنها النواة أو الأساس الذي يرتكز عليه المجتمع بتمامه.
وكل نظام لابد له من قائم بالمعنى الذي بينا والقائم على الأسرة هنا إما أن يكون الزوج أو الرجل على العموم وإما أن يكون القاضي الذي تقع الأسرة في دائرة اختصاصه أو الوالي العام أو تبقى الأسرة بغير قائم على الاطلاق، أو تنتقل بالقوامة للمرأة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة    مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Emptyالسبت 14 سبتمبر 2013, 12:04 pm

هذه بدائل يمكن أن يتصورها العقل ويمكن أن يبحثها بحيدة وموضوعية وليس بجائز أن يكون قاضي الاختصاص أو الوالي العام كلاهما أو أحدهما مسئولا مباشرة عن القوامة في الأسرة بحيث يتدخل في كل خلاف دق أو عظم سواء كان هذا الخلاف فكرياً يتعلق بوجهات النظر المتعارضة أو كان سلوكياً يتعلق بالإجراء على أرض الواقع والممارسة في عالم الحياة وظني أنه ليس هناك عقل إنسان يتسع للقول بنقل قوامة الأسرة إلى القاضي أو الوالي العام إلا أن يكون هذا الرجل من الشآنئين على المجتمع الذين لا يريدون استقراراً ولا يحتفظون لنظامه بود .
وليس بجائز كذلك أن تبقى الأسرة بغير قائم أو قوام يقول كلمة الفصل حين يختلف أفراد الأسرة في الرأى ويصور القرار المناسب حين تحتاج الأسرة إلى قرار مناسب ويحمل بعض الأفراد على حد الاعتدال حين يشذ البعض أو ينشز أو حين يجور أو يظلم، ولم نسمع في طول التاريخ وعرضه أن إنساناً اتسع عقله فقبل جماعة بغير نظام، أو قبل أسرة بغير قائم . لم يبق إذن أمامنا إلا أن تكون المرأة هي القائم بدلاً من الرجل.
والمرأة لم تعط بحال من الأحوال مبررات القوامة ولا حيثياتها ونحن حين نسند أمراً إلى إنسان ما من غير أن يكون هناك حيثيات لهذا الإسناد نكون بذلك قد ظلمنا التشريع الذي نستظل بمظلته ونكون كذلك قد ظلمنا فاقد الحيثية حين أسندنا إليه أمراً لا يتمكن من القيام به على وجهه الصحيح. إذ أبسط ما يقال والحالة هذه أننا قد كلفناه بما لا يطيق وأسندنا إليه أمراً لم تعده العناية الإلهية له. تماماً كما لو أسندنا إلى الرجل رعاية الأطفال والقيام بوظائف الأمومة إذ لا فرق بين أن نسند إلى الرجل مهام ووظائف الأمومة وبين أن نسند إلى المرأة مهام ووظائف القوامة. ومن ينكر هذا يستطيع أن ينكر ذاك ومن يتسع عقله لقبول هذا يتسع عقله كذلك لقبول ذاك إذ لا فرق بين هذا وذاك إلا في عقل المكابر الذي يميل إلى المماراة أو اللجاجة.
ويتصل بمعنى القوامة ووظيفتها تساؤل مهم مؤداه هل يعني ذلك أن المرأة تكون غير مسؤلة من ناحية عن فعالها وملغية الشخصية من ناحية أخرى بحيث يذوب كيانها في كيان ا لرجل ومسئولياتها في مسؤلياته ؟
وهذا نوع من التساؤل وجيه يحتاج إلى وقفة متأنية لبسط القول نوعا من البسط في كل جزئية من هاتين الجزئيتين.
مسؤلية المرأة :
وفي يتعلق بمسؤلية المرأة فإننا نرى الإسلام قد وضع لها من التشريع ما يناسبها إنه لا يعترف بضياع مسؤلية المرأة في مسؤلية الرجل وذوبانها فيها ولكنه يفرق بين المسؤليتين ، إن مسؤلية الرجل في الإغلب مسؤلية القوامة والتوجيه مسؤلية الحرص على الترقي في الخلق والفكر مسؤلية العين الساهرة على فعاله وفعال غيره مسؤلية الراعي في رعيته والحاكم في ولايته والقاضي في دائرة اختصاصه فهي مسؤلية ذاتية من ناحية بحيث يسأل الرجل عن فعله الشخصي ومسؤلية متعدية من ناحية أخرى بحيث يسأل الرجل عن من هم في دائرة اختصاصه، والمرأة كذلك مسؤلة لكنها في دائرة الأسرة مسؤليتها في الأغلب مسؤلية حفظ وائتمان، إنها مؤتمنة على قرار زوجها وتوجيهاته، تقبل على تنفيذها بحب ورضا ما دامت توجيهات الزوج في إطار العقل والتشريع، وهي مؤتمنة بمسؤلية متجردة شخصية على بيت الزوج وما فيه من أولاد وهي مؤتمنة على مال الزوج وما يمتلك وهي مؤتمنة على أسرار زوجها ومقتضيات عقد الزوجية.
أخرج البخاري في صحيحه عن سالم عن ابن عمر يقول: ( سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته . الإمام راع ومسؤل عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤلة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤل عن رعيته ـ قال : وحببت أن قد قال : والرجل راع في مال أبيه ومسؤل عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤل عن رعيته" (1)
وأخرجه مسلم [ عن نافع عن ابن عمر عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: " ألا كلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤل عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤل عنهم والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤلة عنهم والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤل عن رعيته " ] (2) . ورواية أحمد لهذا الحديث قريبة من رواية مسلم في موضعين ومن طريقين أحدهما : " عن نافع(3) عن ابن عمر والثاني عن ... عن ابن دينار عن ابن عمر(4)
والمتأمل في الحديث برواياته المتعددة يستشعر تحديد المسؤلية لكل من الرجل والمرأة ويتضح له حقيقة المسؤلية بالنسبة للرجل ووظيفتها وحقيقة المسؤلية بالنسبة للمرأة كذلك .
وهكذا يبدو الإسلام حريصاً في جوانبه التشريعية على أن لا يخلي المرأة والرجل جميعاً من المسؤلية الاجتماعية في نطاق الأسرة فكلاهما يلتقي عند هذه المسؤلية ويشترك فيها مع الآخر بقدر ما تمكنه طبيعته من التحمل وقدرته من الأداء.
وفيما عدا ذلك نجد مسؤليات لكل من الرجل والمرأة ينفرد كل واحد عن الآخر بقسط الخاص به ونريد أن نضرب أمثلة من واقع التشريع تتصل بمسؤلية المرأة على الخصوص فيما يتعلق بجانبها الشخصي الذي لا يؤثر على مقتضيات عقد الزوجية أو البناء الاجتماعي للأسرة ومن هذه الأمثلة التي نريد أن نتناولها هنا خاصة بالمرأة شخصية المرأة الحقوقية.
إن المرأة لها شخصيتها الحقوقية التي أعطاها لها الإسلام أو أعادها إليها بعد ما سلبت منها ردحاً طويلاً من الزمن .
ففي شريعة الإسلام نجد أن للمرأة ذمة مالية ولها حق التملك والبيع والشراء ومباشرة العقود ولها الحق أيضاً في التقاضي ورفع أمرها للقضاء لدفع الظلم عنها واسترداد حق يكون لها . كل هذه الحقوق وما يشابهها للمرأة بحكم التشريع الإسلامي ولم يبق لمشاغب أن يشاغب على الإسلام في هذا المجال إلا بما قاله الإسلام في الشهادة بالنسبة للمرأة، إن المرأة حين تدعي إلى الشهادة تكون على النصف من الرجل بمقتضى قول الحق جل وعز " ... واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ... " (1)
والمعروف أن الشهادة تكون في ساحة القضاء الرسمي أو العرفي لإحقاق حق ورد مظالم ويترتب علي هذا عقوبات تنزل بالجاني ويسبقه رؤية تورث العلم اليقيني كما يرى الإنسان الشمس ساطعة في كبد السماء. إن هذه العملية عملية معقدة لأنها تصطدم مع العاطفة من ناحية وتتطلب خبرة واعية من ناحية أخرى وخلاصة القول أن المحور الذي تدور فيه الشهادة الصحيحة لابد له من صيانة الخبرة وحرم العقل والمنطق وهما أمران يصعب تحققهما في المرأة . 
أما الخبرة فإنها تحتاج إلى مخالطة وممارسة خارج البيت وتكرار مباشرة العقود وإبرامها ومعرفة ما يترتب على كل عقد من أثر وخبرة النساء بذلك قليلة جداً وتحتاج أيضاً المسألة إلى خبرة اجتماعية في مجال العلاقات الخاصة بالأسر والأفراد ومعرفة طبائع الرجال وكيفية تصرفاتهم أمام المواقف المختلفة والمرأة عن هذا المجال أشد بعداً.
ثم المرأة من ناحية ثانية قد منحها الله من رجاحة العاطفة وكمالها ما يناسب وظيفتها في البيت وتعاملها مع الأطفال وامتصاصها لسرعة غضب الزوج المدفوع بهموم الحياة ولأوائها ميزها الله عز وجل برجاحة العاطفة لكي تعبر بها آلام الحمل والوضع وتعبر بها آلام الأ المتكرر في كل شهر مرة . هذه العاطفة الكاملة لو لم تكن بذلك الكمال عند المرأة لتكدرت عليها حياتها ومرت بأزمات نفسية لا يعلم إلا الله وحده مداها ولكنها تستطيع بكمال العاطفة عندها أن تعبر كل مجال صعب وأن تتخطى كل موقف يعز على أكبر الرجال أن يتخطوه أو يتناسوه، للمرأة عقل إذن وعاطفة ولكنها تمتاز عن الرجال بكمال العاطفة وسرعة الاستجاشة في الوجدان وتنفعها هذه العاطفة في ظروفها ووظيفتها واستكمال شخصيتها ولكنها أي العاطفة عند المرأة تؤثر عليها في الحكم على الأشياء حكماً موضوعياً وكلما كان الموضوع الذي تريد الحكم عليه أشد قسوة كان حكمها عليه بعيداً كل البعد عن الصواب، ولنضرب مثلاً يوضح هذه المسألة ويجليها: هب أن امرأة تمر في الطريق العام وإذ بها ترى رجلاً يذبح الآخر كما تذبح الشاه حين ترى المرأة هذا المشهد ستأخذها الدهشة إلى أعلى حد ممكن وتمنعها هذه الدهشة المستغرقة من عمل العقل وحكم المنطق إنني أتصورها في هذا المنظر مفتوحة العينين صفراء الوجه فاغرة الفاه منهارة الأعصاب، وقد تمر الأيام وتزول عنها الدهشة التي منعتها من تصور الموقف تصورا كاملاً بحيث لا يمكن القول بأن مثل هذه المرأة في حالتها تلك قد تحملت الشهادة تحملاً كاملاً كما يرى المرء الشمس ساطعة، تمر الأيام ويأتي دور أداء الشهادة في ساحة القضاء ويقال للمرأة التي انتدبت للشهادة إن الذي مات قد مات وإن شهادتك ستوصل هذا الحي إلى المئصلة فيموت شنقاً أو إلى ساحة القصاص فيموت ضرباً بالسيف أو رمياً بالرصاص وإن له أطفالاً تعلقت أعينهم به وزوجه توشك أن ترمل وأن يقطر قلبها دماً لفراق وليدها إلى غير ذلك مما يقال ولا تحتاج المرأة إلى الكثير منه لكي تعدل عن أداء الشهادة التي منعتها الدهشة من تحملها تحملاً كاملاً .
ويكفي هذا المثل لبيان تأثير هذه العاطفة على الموقف في التحمل والأداء.
وأقل من هذا يقال في الخبرة.
فكان الشرع الحكيم يقبل من المرأة الشهادة في كل موقف يمكن للعدالة أن تتحقق فيه ويقصرها على جنس النساء في كل موقف لا يعرفه فيه غيرهن ويمنعهن من الشهادة في كل موقف تمنعهن العاطفة أو الخبرة من تحقيق العدالة فيه ولا سبيل إلى جبر النقص أو الانتقاص من قيمة العدالة.
وفي إطار هذا التحليل العام نسوق هذه العبارة المجتزأة على لسان بعض المفسرين يحكي فيها آراء الفقهاء المختلفة في كل مجال يجوز للمرأة أن تشهد فيه أو يحجر عليها أن تدخل ساحة القضاء شاهدةً فيه.
(وكفاية الرجل والمرأتين في الشهادة فيما عدا الحدود والقصاص عندنا (أي الحنفية) وعند الشافعي في الأموال خاصة لا في غيرها كعقد النكاح، وقال مالك: لا تجوز شهادة أولئك في الحدود، ولا في القصاص ولا الولاء ولا الإحضات وتجوز في الوكالة والوصية إذا لم يكن فيها عتق، وأما قبول شهادة النساء مفردات فقد قالوا به في الولادة والبكارة والاستهلال وما يجري مجرى ذلك مما بين في الكتب الفقهية )(1)
وحين نتأمل هذا النص وغيره من النصوص نجد أن الفقهاء أداروا المسألة كلها على أمرين هما: الخبرة وإنضباط العاطفة أو الخبرة وتحكيم العقل وكلما كان للمرأة نصيب من هذين الشرطين في تحقيق العدالة كانت شهادتها مقبولة على أنه ينبغي أن يكون واضحاً أننا لا نلجأ إلى شهادة المرأة مضطرين حتى يقول قائل ما إن شخصية المرأة القضائية في الإسلام ناقصة وإنما أننا نلجأ إليها مع توفر عنصر الرجال أحيانا مختارين واللجؤ إلى المرأة بالاختيار في الشهادة يقول إن لها من استقلال الذات والقدرة على ممارسة حقها القضاء على ما هو هنا بحرية كاملة لنا ولها ما دام قد توفر لها من الحيثيات ما يمكنها من أداء الشهادة .
ويعتبر بعض المفسرين قضية اللجوؤ إلى المرأة لأخذ شهادتها بالاختيار ويؤكدونه على أنه مفهوم من النص ولا يقول بغير ذلك ـ أي لا يقول بأننا نلجأ إلى المرأة في الشهادة مضطرين ـ إلا كل إنسان أبعد النجعة وجافى الحقيقة وحمل النص ما لم يحتمل.
يقول الشيخ الألوسي [ فإن لم يكونا رجلين أي لم يُقْصَد إشهادهما ولو كانا موجودين والحكم من قبيل نفي العموم لا عموم النفي وإلا لم يصح قوله تعالى " فرجل وامرأتان" أي فإن لم يكونا رجلين مجتمعين فليشهد رجل وامرأتان أو فرجل وامرأتان يشهدون أو يكفون أو فالشاهد رجل وامرأتان أو فليستشهد رجل وامرأتان أو فليكن رجل وامرأتان شهوداً وإن جعلت ـ يكن ـ تامه : استغنى عن تقدير شهود ] الآلوسي ج3 ص 58.
ويتبين من هذا التفضيل أن المرأة قد أعطيت كمال حقوقها على النحو الذي لا يضيرها ولا يظلم المجتمع بها.
وحتى في المجال الذي أخذت فيه كمال الحق رأى الشرع أن يعضدها بأخرى من جنسها وعلل ذلك التعضيد بكمال العاطفة عندها التي تطغى على العقل أو بنقص الخبرة كما توهنا.
وإذا كان كمال العاطفة ميزة لها فهو في القضاء يضر بأصحاب الحقوق إذا استقلت المرأة بالشهادة مع تناسي انحسار العقل عندها أمام العاطفة في مسائل الحكم والتقييم " أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى" وفي الحديث إشارة إلى نقصان العقل وكمال العاطفة عند المرأة والمرأة كما سنرى في الحديث نستطيع أن تفعل بشخصيتها التي كملت بالعاطفة ما لا يستطيع أن يفعله أعاظم العقلاء من الرجال ـ وكل ميسر لما خلق له ـ أخرج مسلم في صحيحه [ عن أبي هريرة عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال "يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقالت امرأة منهن جزلة وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: " تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن" قالت يا رسول الله ما نقصان العقل والدين: قال " أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين". 
وإن تعجب فعجب ما يفعله البعض حين يريد أن يفهم هذا الحديث بهوان ويستنبط منه أموراً ليست فيه.
وأحسب أن الذين يريدون أن يسلكوا هذا المسلك فريقان : ـ
أحدهما: أولئك النفر من الشآنئين على الإسلام الذين يترضدون مواقف أملة فيستنبطون منها ما يعيبون به الإسلام أو يحملون بعض نصوصه أموراً لم تحتملها النصوص وينعون بصنيعهم على التشريع الإسلامي مستغلين غفلة المسلمين.
ثانيهما : أولئك الذين يريدون بسط سلطانهم في الأسرة واستقلالهم بميزة فوق ما منحهم الشرع إياه فيستدلون بمثل هذا الحديث على ما يريدون.
والجميع من الطائفتين يقول أن الإسلام قد قرر أن المرأة ناقصة العقل فيحتج الفريق الأول فيقول هكذا الإسلام قد ظلم المرأة ولما لا ونحن نراها تحصل ما ت حصل الرجال في حقول التعليم والدراسة ولبعضهن فالبعض الرجال من روائع العلم والأدب إلى غير ذلك كيف نقول والحالة هذه أن المرأة ناقصة العقل إلا إذا كنا نريد أن نظلمها أو نحط من كرامتها.
ونحن نريد أن نقلل من حماس هؤلاء ذلك الحماس الذي افتعلوه لأمر زيفوه فالحديث هنا لم يقل أن المرأة ناقصة العقل في جانب التحصيل ولم يقل أن المرأة ن اقصة العقل في جانب الابتكار والإبداع لم يتعرض الحديث لهذا وإنما سكت عنه ونحن نستطيع أن يكون لنا فيه موقف ليس هذا مجاله وإنما الذي تعرض إليه الحديث هو العقل بمعنى الحكم بموضوعية والقدرة على تحمل الشهادة والمقدرة على أدائها بغير نقصان وقد تبين لنا أن المرأة في هذا المجال ناقصة العقل ونقصان عقلها من غلبه عاطفتها وقلة خبرتها وقد ذكرنا مراراً أن كمال العاطفة عند المرأة استكمال لجوانب شخصيتها كما أن نقصان العاطفة عند الرجل وغلبه الموضوعية كمال في شخصيته. 
ونتأمل الحديث حين سألت المرأة رسول الله صل الله عليه وسلم متعجبة وما نقصان العقل ومصدر العجب عندها أنها فهمت كما فهم البعض أن النبي يسم النساء بنقصان العقل على الجملة فحسم النبي ذلك الموقف ووضح المراد من قوله حين أجابها بقوله: " أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل. 
ويحمل الحديث قضية أخرى يقرنها بقضية نقصان العقل وهي قضية نقصان الدين تشير إليها هنا استكمالاً للصورة.
ويقال في هذه القضية عند الشانئين أو الراغبين في السيطرة ما يقال في سابقتها مع اختلاف المشرب لدى كل من الفريقين.
والحديث يوضح حقيقة نقصان الدين عند المرأة.
إن الدين الوارد في الحديث هنا ليس المقصود منه تلك الصفة التي يمدح المرء بكمالا فيه ويذم بمقدار انتقاص تلك الصفة عنده، ليس هذا هو المراد بالقطع إذ أن هذه الصفة يعاب بنقصانها الرجل كما يعاب بنقصانها النساء . وتمدح المرأة حين تستكمل شخصيتها الدينية كما يمدح الرجال.
يبقى هنا أن نعرف حقيقة الدين الوارد لفظه في الحديث هنا هل بقى هذا اللفظ على عمومه بحيث يشمل العقائد والتشريع؟ أم أن هذا اللفظ قد أطلق وأريد منه شئ خاص؟ أو كما يقول العلماء، هو لفظ عام أريد به الخاص مما يطلق عليه هذا اللفظ .
ويجيب النبي صل الله عليه وسلم على هذا التساؤل حين أجاب على تساؤل مشابه في الحديث نفسه حين سألته امرأة قالت : " يا رسول الله ما نقصان العقل والدين؟" فأجاب عن الفقرة الثانية من السؤال بقوله : " .... وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان ا لدين" . 
ونحن حين نتأمل هذا النص الوارد في الحديث نعلم أن المراد بالدين أمر لا تعاب به النساء وإنما هو يشير إلى بعض التشريع الذي أعفيت منه المرأة لظرف من ظروفها التكوينية وعارض من عوارض جبلتها وطبيعتها يعرض المرأة للضعف ويقعد بها عن مثل فريضة الصوم والصلاة ، فحط عنها الشرع من فريضة الصلاة حين يعرض لها هذا العارض وأخر لها من فريضة الصيام ريثما تتمكن من الأداء بعد زوال العارض.
وهذا الملحظ يلحظه ابن حجر وإن كان يخالفنا في بعض ما استنتجناه من هذا الحديث قال: [ وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومهن على ذلك لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيراً من الافتتان بهن ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيرة لا على النقص وليس نقص الدين منحصراً فيما يحصل به الإثم بل في أعم من ذلك قاله النووي ] راجع فتح الباري ج1 ص 405 كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم. ط السلفية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة    مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة Emptyالسبت 14 سبتمبر 2013, 12:04 pm

ومما يؤكد ما ذكرناه من أن المرأة لا تعاب بنقصان الدين الوارد في الحديث وهو لا يحتاج إلى تأكيد ما ذكره العلماء من مسألة مؤداها. هل تُثاب المرأة حين تستجيب إلى أمر الله عز وجل وتتوقف عن الصلاة والصوم حين يعرض لها من طبعها ما يعرض؟
ويذهب بعض العلماء خاصة ابن حجر إلى أنها تثاب ولها أجر ما تركت من الصلاة وإن لم تجب عليها قضائها أولاً، لأن الاستجابة لأمر الله في الترك كالاستجابة إلى أمرة في الفعل من حيث الالتزام وتحقيق أمر العبودية والخضوع لله بالطاعة.
وثانياً : في الصلاة خاصة كانت للمرأة عادة تصلي فروضها الخمسة التي افترضها الله عليها فحين منعت واستجابت للمنع يعطيها الله أجر هذه الصلاة التي اعتادتها فضلاً منه وتكرماً قياساً على المريض الذي اعتاد نقلاً يصليه قبل مرضه فحين يعجزه المرض والضعف عن أداء النفل يعطيه الله أجر هذه النافلة التي اعتادها فضلاً منه وكرماً.
بل إني أرى أن المسألة في باب المرأة أقوى لأن المرأة قد منعت بتشريع فانصاعت إلى هذا التشريع والمريض قد أعجزه الوهن.
يتبين من هذا كله وكثير غيره أنه لا مجال لمسألة التفضيل هنا بين الرجل والمرأة في ا لعقل والدين لأن المرأة إن غلبت عاطفتها على عقلها فإن هذه الغلبة من حيث هي كانت مقصود العناية الإلهية لتتناسب وظيفة المرأة المناطة بها تماماً كما أن غلبة العقل والحزم في الرجل مقصود من مقاصد العناية الإلهية لتلائم طبيعة الرجل ووظيفته التي تناط به .
ويتضح من هذا كما نص عليه ابن حجر أن المرأة تعاب حين تعاب بمالها من سلوك والرجل يعاب حين يعاب بماله من سلوك يجافي به المنهج الإلهي أو يوافقه لا فرق بين رجل وامرأة.
وعلى سبيل لمثال فإن الوارد في الحديث بأن ا لمرأة تعاب بكثرة اللعن وكفران العشير وفتنة الرجال وهذه أمور قد رجحتها المرأة على بدائلها فهي تعاب بترجيح الإرادة ومباشرة السلوك.
قواعد الإرث ونصيب المرأة فيه :
وفي ظل القوامة وشخصية المرأة بالنسبة للرجل يشاغب بعض الناس بموقف المرأة في الميراث ظانين أنهم سيبرزون خطاً في النظام أو خللاً في قواعد الفرائض التي شرعها الإسلام.
والشئ العجيب أن آيات الميراث حين نزلت في عصر المبعث أثار موقف الإسلام في المرأة في المجتمع الجاهلي شغباً عظيماً دفع إليه صدمة قوية لما تعارف عليه المجتمع يومها من مبادئ وما ألفه من عادات في توزيع ثروة الهالكين وأموال الراحلين على الأحياء ممن يعقبونهم أو يخلفونهم في هذه الحياة.
وهذه النصوص نفسها تثير اليوم شغباً ولكن على الطرف المقابل.
فبينما كانت الجاهلية تشمئز من إعطاء المرأة نصف التركة أحياناً يشمئز المعاصرون اليوم من أن المرأة تكون على النصف من الرجل في الميراث.
وقد يبدوا للعيان أن المشاغبين في مجتمع الجاهلية الأولى يخالفون المشاغبين في هذا المجتمع الذي نعيش فيه.
وهذا صحيح إذا نظرنا إلى التفاصيل والجزئيات إلا أنه مما لا شك فيه أن المغرضين اليوم والذين اعترضوا في عصر المبعث يلتقون عند قاعدة عامة وهي أن الجميع يناقش في مثال جزئي ضمن إطار عام، والمنطق الصحيح يؤكد حتمية مناقشة المسائل من أصولها ولا يجوز أن يتعلق الإنسان بفرع من الفروع من غير أن يعرف الأصل الذي ينتهي إليه هذا الفرع إذ أن مناقشة الفروع مبتورة عن أصولها قد تظهر المسألة برمتها على أنها درب من النشاذ الذي ينبغي أن نعيد النظر فيه.
ومما يجعل الإنسان يأسف غاية الأسف أن الجاهلية الأولى حين ناقشت نصوص التشريع الإسلامي استحضرت في مناقشتها الأصول العامة التي يتأسس عليها توزيع التركة عندهم ولم يفعل المعترضون في هذا الزمان ما فعله الجاهليون في العصر الماضي.
والإسلام حين تصدى لتوزيع التركة كان يأخذ في اعتباره المجتمع المعاصر وأعني بالمجتمع المعاصر صورة المجتمع الإنساني وهو على أعلى درجات التحضر.
والمجتمع الإنساني في أعلى درجات تحضره يؤسس علاقاته الأولى على روابط الدم والقرابة بالمصاهرة.
وهو من ناحية أخرى ينظم علاقاته الاجتماعية على أساس توزيع الأعباء وارتباطها بالقدرات الذاتية لأفراد المجتمع.
والإسلام حين أراد أن يوزع أو يتصدى إلى توزيع الميراث بنى هذا التوزيع على هاتين القاعدتين قاعدة الروابط الاجتماعية في أساسها الأول وهي تقوم كما قلنا على روابط الدم المصاهرة وقاعدة النظام الاجتماعي وهي تقوم على أساس من توزيع الأعباء.
ومن المعروف أن الروابط بعلاقات الدم والمصاهرة من منطلق أنها روابط متينة تعتريها بعض الحساسيات التي تهيج العواطف لأتفه الأسباب ذلك أن صغائر الأمور في العلاقات الأسرية والعرقية قد يضخمها الوهم إذ أن الإساءة بين أفراد الأسرة إساءات جاءت من موضع الإحسان والإساءة من موضع الإحسان مضاعفة يعب فيها الوهم لعبته الكبرى وتحت تأثير هذا الوهم الذي يضخم الأحداث قد يعصف المورث بقواعد نظام الإرث كله فحمى الله النظام بأن اختصه بنفسه ولم يتركه لهوى الناس فبين في صدر آية الميراث أنه وصية من الله لا اختيار لنا فيه ( يوصيكم الله في أولادكم). 
وهذه الآية نفسها تحمي قواعد الميراث من الهوى الأرعن الذي يسيطر على بعض أفئدة الناس فيوهمهم أن توريث البنات يذهب ببعض المال إلى أسر أخرى لا ينتمي إليها المورث ولا أبناؤه الذكور وليس لهم بهذه الأسر صلة إلا أن تكون بناتهم قد تزوجن فيها .
وتتصدى الآية الكريمة لكل هذا وتعتبر الميراث وصية من الله لا دخل لأحد فيه.
وفي قضية الأعباء وتوزيعها نجد الإسلام يحمل الرجل بما لا يمل النساء ويرفع عن كاهل المرأة الأعباء ويضعها على كاهل الرجال فهي في أسوأ الظروف لا تتحمل إلا نفقة نفسها وهي في معظم الأحوال نفقتها على الرجل قبل الزواج ونفقتها عليه بعده.
ولكن يبقى للمرأة احتمال ألا تجد العائل الذي يتحمل عنها نفقتها وتبقى لها ذمتها المالية التي يرى الإسلام أنه لا يجوز أن تظل شعاراً نظرياً لا يتعلق به شيئ ففرض لها من الميراث على النصف من الرجل أو على نحو ما فرض لها في مواقعها المختلفة من الأسرة والقرابة واعتراض الجاهلين في الماضي في عصر المبعث كان على أساس أن قاعدة الم يراث عندهم هي القدرة على القنص والحرب والقتال فمن يستطيع الحرب والقتال وممن يملك القدرة على الإغارة وسلب الأموال ومن له سلطان من القوة يستطيع به أن يقهر الرجال ويسفك الدماء من تكون له هذه الصفات هو الذي يستحق أن تؤول إليه الأموال.
وهذا مبدأ يناسب المجتمع البدوي ولا يناسب غيره من المجتمعات.
والإسلام بالطبع ليس شريعة غابة ولا شريعة مجتمع بدوي إنما هو شريعة مجتمع متحضر أساس العلاقات فيه ما ذكرناه قبل وهو أساس تعلق ببعضه أمثال "دوركايم" في العصر الحديث فصفق له قومه وهلل له أقرانه دون أن يدري أحد سبب التصفيق أو الدافع إلى التهليل وفي العصر الحديث شنع المشنعون بنقصان حق المرأة في الميراث ولم يذكروا قاعدة ولم يشيروا إلى مبدأ عام ونحن نعفي أنفسنا من التعلق بالفرعيات ونطالبهم بالبديل المعتبر في هذا الزمان ونحن نعلم أنهم يريدون أن يأخذوه من الشرق أو من الغرب.
والغرب يحكمه النظام الرأسمالي وقاعدة الميراث فيه معروفة والاهتمام بالفرد وتكدس رأس المال في يد بعض الأفراد شئ لا يغيب عن وعى إنسان مثقف. إن الميراث ينتقل كله إلى الابن الأكبر ولم يبك أحد على هذا النظام ولم يصرخ في وجهه.
وقاعدة النظام في الشرق رجوع بالمال كله إلى الدولة في إطار نظام السماح بالملكية المحدودة ولسنا في حاجة إلى التذكير أن الشيوعية في أصلها الأصيل لا تحتاج إلى الحديث عن الميراث، فليس لأحد من أفراد المجتمع حق أن يملك وليس عنده شيئ يورثه سوى الفقر والعوز والألم وفقدان الروابط الاجتماعية.
نحن نريد أن نقول أن المرأة المسلمة قد أعطاها الله من الحقوق ما يرفع قيمتها ويناسب آدميتها ومنح المجتمع في ظل المرأة والرجل جميعاً ما يضمن له القرار والاستقرار.
وللجميع أن يفقه هذه الآية : " .... ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم " [ البقرة : 228 ] .
وفي دقة الأداء القرآني في هذا النص ما يحملنا على القول بأن الدرجة الممنوحة للرجال إنما هي لاستعداد فيهم وتكليف كلفوا به حيث لم يقل القرآن ـ و للذكور على النساء درجة ـ فوصف الذكورة وحده لا يرفع أحد الجنسين على شقيقه درجة وإنما يرتفع الذكر بوصف يضاف إليه وهو وصف الرجولة وهو لا يتحقق إلا بأوصاف تكميلية تتعلق بالمهام والوظائف بحيث يرتكز الشرع عليها فتوجه للرجال بالخطاب ورفعهم على النساء درجة ما دامت الأوصاف متحققة فيهم وإذا لم تتحقق فلا تفصيل لهم ولا رفعة "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" الملك : 14.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مقومات شخصية النبي (صل الله عليه وسلم) من دلائل النبوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: