منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الياس خوري مقالات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 1:23 pm

الياس خوري    مقالات 101-17-730x438


المبضع والمنشار والمرهم


لم أشعر يوماً بوطأة الرقابة مثلما شعرت بها أمام قمع «فيسبوك»، الذي قامت إدارته بمحو نصين نشرتهما على 

صفحتي. الأول للأسير زكريا الزبيدي، وهو كناية عن مقال نشرته «مجلة الدراسات الفلسطينية» للأسير الزبيدي 

بُعيد عملية نفق الحرية في سجن جلبوع، والثاني هو مقالي «أين فتح»؟ الذي نشر في زاويتي الأسبوعية في «

القدس العربي»، الثلاثاء الماضي.
شعرت بالإهانة، إذ يقوم جهاز باستغلال سيطرته على الفضاء الافتراضي لفرض رقابة عشوائية هدفها تشكيل جدار 

لحماية إسرائيل من النقد. وقد تفاقم هذا الشعور مع قيام أحد المواقع الإلكترونية الفرنسية، وهو موقع تقدمي، 

برفض نشر ترجمة لمقالي «الحوار المستحيل بين الذئب والحمل» (القدس العربي 10 كانون الثاني-يناير 2022)، 

بحجة واهية، وهي أنه لا يريد أن يكون طرفاً في النقاش بين رئيس معهد العالم العربي السيد جاك لانغ، والمثقفين 

العرب، حول معرض «يهود الشرق» وملامحه التطبيعية.
كما ترون، فإن المنع والرقابة في الغرب يمسان أساساً كل ما يتعلق بإسرائيل. فمنع الفلسطينيين والمدافعين عن 

الحق الفلسطيني من التعبير يهدف إلى حماية سمعة إسرائيل، وحجب الحضيض العنصري الذي وصل إليه اليمين 

الإسرائيلي الحاكم.
والطريف أن المنع والحجب لا يجرؤان على الاقتراب من الأصوات الإسرائيلية القليلة التي توجه نقداً لإسرائيل. فلم 

تمنع إدارة «فيسبوك» نصاً مأخوذاً عن الفيلم الوثائقي الإسرائيلي حول معركة قلعة الشقيف البطولية سنة 1982، 

ولم يجرؤ أحد على المس بإعادة نشر مقال آدم راز «هآرتس» 21-1-2022، حول فيلم المخرج الإسرائيلي آدم 

شوارز «الطنطورة»، الذي يلقي ضوءاً جديداً على أحد أكبر مجازر حرب النكبة عام 1948، ويكسر جدار الصمت 

الذي هشّم بحث تيدي كاتس الأكاديمي حول المجزرة، وقاد إلى استقالة المؤرخ الإسرائيلي الكبير ايلان بابيه من 

جامعة حيفا، ومغادرته البلاد إلى جامعة إكستر في بريطانيا.
المسألة شديدة الالتباس، فأمام العجز عن حجب الحقائق التي صارت مفضوحة، تتم اليوم محاولة إخراس 

الفلسطينيين. فالاعتراف الخجول بالتطهير العرقي المستمر يصاحبه منع الضحية من التعبير. على الشاهد أن يختفي 

من مسرح الجريمة، وبذا تجري حماية المجرم من تبعات أفعاله.
إنه قمع بمبضع جراحيّ، فالقامع يتستر بالقيم ويوزعها كيفما يشاء. لا أحد يشجب عنصرية جاك لانغ حين يقول إن 

المثقفين العرب كالأغنام، وفي المقابل فإن الإشارة إلى المقاومة، وهي حق شرعي للشعوب التي تعيش في ظل 

احتلال خارجي، يصير فعلاً إرهابياً!
قلت إنني أحسست بالإهانة، وهذا آت من تجربتي الكتابية والصحافية في بيروت. هناك لم تتعرض الكتابة للرقابة 

والمنع إلا في حالات استثنائية، (كمنع بعض الكتب والأفلام والعروض الفنية بإيعاز مباشر من المؤسسة الدينية)، 

ولم يكن القمع يطال حبرنا، لأنه اختصر الطريق وذهب إلى دمنا بشكل مباشر. فاغتيال الصحافيين وإعدامهم من 

نسيب المتني، إلى كامل مروة، إلى سليم اللوزي، وصولاً إلى سمير قصير، وظاهرة قتل المثقفين كحسين مروة 

ومهدي عامل ولقمان سليم، كانت تعني أن علينا أن نقايض حبرنا بدمنا، وهذا ما لم نفعله، لذا بقينا، رغم الخطر، في 

دائرة الحرية.
لكن الدائرة ضاقت بنا. انهارت بيروت ولم يعد المثقفون العرب قادرين على اللجوء إليها لمتابعة عملهم الثقافي، 

وصار عليهم الاختيار بين المنفى والسجن. والسجون في المشرق العربي هي أحد أشكال المقابر. اسألوا علاء عبد 

الفتاح في مصر، أو اقرأوا شهادات السجناء السوريين، أو تأملوا في مصائر المنفى الثقافي العراقي، وإلى آخره…
لم تعد الخيارات متاحة في زمن الهمجية الاستبدادية العربية. كأن فلسطين بنكبتها صارت ملخصاً لنكبات العرب 

بالمستبدين. وكأن نكبات العرب فتحت الباب واسعاً أمام المستبدين للقيام برقصة «اتفاقيات أبراهام»، التي هي 

محاولة لتحويل النكبة إلى حقيقة العرب اليوم.
النظام العربي الذي لا يحسن استخدام مبضع الجراح، على الطريقة الإفرنجية، في قمعه، فيلجأ إلى المنشار 

والساطور، هذا النظام اكتشف المرهم الكفيل بإخراس الأصوات، وإفراغها من المعنى.
بدل المبضع اخترعوا مرهماً مصنوعاً من المشتقات النفطية. ولعل البترو- دولار هو أهم هذه المشتقات على 

الإطلاق.
استخدم هذا المرهم في جبهتي الاستبداد، الاستبداد الذي يطلق عليه اسم «الأنظمة المعتدلة»، واستبداد «

الممانعة». وما نشهده اليوم من تفوق كمي للاستبداد «المعتدل» ليس سوى نتيجة للحصار الاقتصادي الذي 

تتعرض له إيران.
جبهتا المرهم تعملان بلا كلل، إنه المرهم الذي يغطي الجرائم في سوريا ولبنان واليمن وإلى آخره… مرهم «

ثقافي» يغطي الجروح العميقة بإعلام مزيف وثقافة استعراضية ولغو شامل.
من التلفزيونات إلى المنصات الرقمية، يجد المشاهد أو القارئ نفسه أمام احتفاء الدجل بنفسه.
ميزة هذا المرهم الجديد هو قلة الحياء، والكذب الذي يروج لنفسه بصفته كذباً.
هذا المرهم هو الوجه الآخر للقمع الدموي. وهو لا يهدف إلى إقناعنا بقدر ما يهدف إلى دفعنا نحو اليأس، فالكلام 

صابون الكلام. تنزلق الكلمات فوق الكلمات فتمحوها فيصير «كله عند العرب صابون»، كما يقول المثل الدارج.
بين مبضع الجراح ومنشار القاتل ورصاصه ومرهم الكلام، تجري محاولة سحق الثقافة العربية وإخراجها من 

المشهد.
مبضع الجرّاح الغربي يريد طردنا من العالم، ومنشار القاتل الإسرائيلي والعربي يسعى إلى إخافتنا وترهيبنا، ومرهم 

المشتقات النفطية يحاول تحويل المثقفات والمثقفين إلى مهرجين.
لكن ما فات آلات القمع كلها، أن الحق هو الوجه الآخر لحقيقة حياتنا العربية. لقد فات من يسعى إلى حجب الحقيقة 

أن حقنا في الحياة يستطيع أن يقاوم في أحلك الأزمنة وأكثرها صعوبة. فمن يسعى إلى إخراس صوت الحق سوف 

يجد أن الصوت لا ينطفئ، لأنه جزء من مقاومة الموت والدفاع عن الحياة.
لا المبضع ولا المنشار ولا المرهم كفيلة بإخراج العنصريين والمستبدين من حفرة الانحطاط.
كلمة يقولها أسير فلسطيني، ونص يكتبه سجين عربي، وصرخة جائع في بيروت ودمشق، وتنهيدة العربي في 

اليمن، كفيلة بجعل هذا الجدار يتداعى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 1:26 pm

الياس خوري    مقالات 0-6-730x438



أين «فتح»؟


منذ أسبوعين مرت ذكرى انطلاقة فتح بحزن لا يليق سوى بالنهايات. في الأول من كانون الثاني- يناير 1965، أطلقت قوات العاصفة رصاصتها الأولى، مؤسسة لمشهد البداية الجديدة التي صارت بعد هزيمة الخامس من حزيران -يونيو وعداً فلسطينياً وموعداً عربياً.
أما في الأول من كانون الثاني-يناير 2022، أي بعد سبعة وخمسين عاماً، فقد احتلت كآبة النهاية المشهد بأسره. صارت فتح سلطة تحت الاحتلال، وخرجت من المشهد الذي أسسته منذ ستة عقود، ولم يبق من القديم سوى الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومجموعات من الفدائيين يحاولون استئناف نضالات «كتائب شهداء الأقصى»، فيلاحقهم الاحتلال بالتنسيق مع أجهزة السلطة.
غير أن المصير الذي آلت إليه حركة فتح لا يعني أن ذكرى الانطلاقة هي دعوة للنوستالجيا وفاتحة للرثاء.
حكاية فتح تستحق أن تقرأ وتُستخلص منها الدروس، لكنها يجب أن تُقرأ أولاً بصفتها حكاية كبرى صنعها ألوف الشهداء، وحولتها إرادة الحرية إلى مشروع وطني فلسطيني كبير، وإلى نقطة جذب لأعداد لا تحصى من المناضلات والمناضلين العرب.
لا يمكن اختصار فتح بالسلطة الفلسطينية وبالخط السياسي المستسلم الذي ساد بعد اغتيال ياسر عرفات. فتح حكاية أخرى لا علاقة لها بطفيليات الاستسلام التي تتحكم اليوم في فلسطين.
لكن من حقنا جميعاً أن نسأل، ماذا جرى، ولماذا وكيف؟
هل يمكن اختصار المسألة بهيمنة الكهولة ورتابتها وعجزها عن قيادة تنظيم أسسه شباب حالمون، فانتهى بهم النضال إلى السقوط شهداء، ولم يبق من القيادة التاريخية سوى من لم يقد في زمن الاشتباك.
أم أن المسألة أكثر تعقيداً، وتتعلق بالوهم الذي قاد إلى الوهن، أي بمشروع تسوية لم تكن سوى سراب نتج عن نصف انتصار- نصف هزيمة حرب تشرين-أكتوبر 1973.
تعالوا نقرأ بعض مؤشرات المسار الفتحاوي، ففتح لم تكن حزباً سياسياً، بل كانت حركة. أي كانت مشروعاً نضالياً مرتبطاً بشعار مركزي: «كل البنادق نحو العدو». هذه هي عبقرية طرح الثنائي خليل الوزير وياسر عرفات، ومعهما صلاح خلف وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار وفاروق القدومي وأبو علي إياد.
فلقد تشرذمت فلسطين وتقطعت أوصالها بعد حرب نكبة 1948، وحاول شبابها اللجوء إلى الأيديولوجيات القومية والإسلامية التي كانت سائدة. فالأيديولوجية لم تكن بالنسبة لهم سوى أداة لاستعادة الهوية وتحرير الوطن المحتل. لذلك، كان من السهل بعد هزيمة مصر الناصرية في حرب الأيام الستة المخزية، تبديل الأيديولوجية. فحل الفكر اليساري المتمركس في منظمات قومية كحركة القوميين العرب التي انقسمت إلى جبهتين تتنافسان على تبني الماركسية، وصارت الماركسية اسماً مستعاراً للقومية.
فتح التي بدأت مع خليل الوزير في حضن الإخوان المسلمين في غزة، فهمت أن الأيديولوجية ليست سوى أداة، وأن الأدوات السياسية كالتيارات القومية والإسلامية لم تكن يومها في وارد القتال ضد الاحتلال، فتشكلت الحركة كمشروع أيديولوجيته الوحيدة هي الوطنية الفلسطينية. لذلك اجتمعت فيها كل التيارات من اليمين إلى اليسار، وكان شرط هذا الاجتماع هو القتال: «الوحدة في أرض المعركة».
فكرة حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد، جعلت من فتح ما كانت عليه، تنظيماً ديناميكياً وبراغماتياً وقادراً على التأقلم مع مختلف الظروف، يساوم على كل شيء ما عدا على فكرة حق الفلسطينيين في القتال.
بعد حرب تشرين-أكتوبر، اكتشفت فتح أن الدول العربية الساعية إلى إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل وضعتها في المأزق، فبدأ العد التنازلي الذي وصل إلى ذروته في اتفاق أوسلو.
المناورة السياسية ممكنة، وهي في بعض الأحيان ضرورية، لكن بنية فتح لم تكن مؤهلة لهذا النوع من المناورات من جهة، كما أن إسرائيل كانت واضحة منذ اتفاق كامب دايفد المصري-الإسرائيلي بأنها لا تريد تسوية تاريخية مع الفلسطينيين، بل أقصى تنازلاتها هو السماح لهم بإقامة حكم ذاتي تحت الاحتلال، من جهة ثانية.
بدأ الأفول لحظة التخلي عن الكفاح المسلح، وهو تخل كان بالغ التعقيد، من بحر الدم في الغزو الإسرائيلي للبنان 1982، إلى انتفاضة الحجارة، لكن الأمور صارت مستحيلة بعد «عاصفة الصحراء»، والعزلة الفلسطينية الخانقة التي قادت إلى الهرب إلى الأمام، والارتماء في جحيم المفاوضات التي قادت إلى أوسلو.
وبعد أوسلو صارت فتح في مكان آخر، وهم السلام قادها إلى التحول إلى ما يشبه حزب السلطة، وهي ليست حزباً ولم تتشكل كحزب، ولم تكن قادرة على التحول إلى حزب. والسلام كشف كل ثغرات أوسلو واستحالته، ولم يستطع عرفات وهو يرى سفينته تغرق، إنقاذها، فقاد انتفاضة الأقصى التي حوصرت دولياً بعد الحادي عشر من أيلول-سبتمبر، وسحقت عسكرياً رغم استفاقة البطولة، وخصوصاً في مخيم جنين ومدينة نابلس، وانتهت بمقتل عرفات شهيداً.
بعد مقتل عرفات بالسم الإسرائيلي لم يعد إنقاذ فتح ممكناً، وصار قائد الانتفاضة الميداني مروان البرغوثي أسيراً ومناضلو «كتائب شهداء الأقصى» ملاحقين من إسرائيل والسلطة، والحركة أصيبت بالعجز بعد تحولها إلى حزب السلطة.
تأسست فتح من أجل إخراج فلسطين من التشرذم والضياع، ومع نهاية الحركة وحلول حزب حاكم أو حزب الحاكم في مكانها، عادت فلسطين إلى التشرذم، وجاءت الأيديولوجية الإسلامية لتحل محل الأيديولوجية القومية التي كانت سائدة في الستينيات، وصارت القضية مطية لمحاور إقليمية.
فتح كحركة مقاومة كانت ضرورية في الستينيات، وفتح كحزب سلطة صارت نقيض فكرتها المؤسسة، بل صارت عبئاً على فلسطين.
أين فتح، نسأل؟ لا يليق بفتح أن تكون اسماً لفعل ماضٍ ناقص، فنقول «كانت فتح». فالفعل لم يكن ناقصاً، لكن هناك من أنقصه وحوّله من فعل إلى مفعول به.
النهر لم يجف، كي نستعيض عن الفعل بالنقصان، فالحاجة إلى حركة تحرر وطنية فلسطينية لا تزال قائمة.
من يقاوم الاستيطان المتوحش ومحاولات الاجتثاث سوى إرادة البقاء والصمود.
المقاومة في فلسطين هي الخيار الوحيد، والمقاومة قادرة على أن تشق مجرى جديداً لنهر الحياة.
في ذكرى الانطلاقة تتراءى لنا احتمالات جديدة، تعيد فلسطين إلى معناها بصفتها مشروع حرية وتحرر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 1:28 pm

الحوار المستحيل بين الذئب والحمل
في رده (خلال مقابلة إذاعية مع راديو جي) على العريضة التي وقعها 250 مثقفاً عربياً ضد المنحى التطبيعي الذي اتخذه معرض «يهود الشرق» في معهد العالم العربي، ذكرني السيد جاك لانغ بحكاية الذئب والحمل التي كتبها لافونتين في القرن السابع عشر.
كنت مع زميلاتي وزملائي من موقّعي العريضة، نأمل أن نفتح نقاشاً جدياً ومسؤولاً ومثمراً، حول منزلق التطبيع مع إسرائيل التي قررت أن تكون دولة أبارتهايد، وما هو واجب المثقفين المؤمنين بالعدالة والحرية، في مواجهة دولة تقوم بتدمير شعب كامل وقع تحت احتلال جيشها.
غير أن رئيس معهد العالم العربي آثر في تصريحه عدم النقاش، مدعياً أن عريضتنا غير ملائمة البتة وحجبت الموضوع، متناسياً أن من حجب الوضوع وساهم في إلقاء ظلال من الشك حوله هو تصريحه الترحيبي بالتطبيع بين المغرب وإسرائيل، ومقابلة دنيس شاربيت الذي اعتبر فيها أن المعرض جاء كثمرة «لاتفاقات أبراهام»، التي قامت بتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولة الإمارات التي سرعان ما التحقت بها البحرين والمغرب وسودان الطغمة العسكرية الحاكمة. السيد شاربيت اعتذر عن تصريحه لاحقاً، لكن السيد لانغ لم يُعد النظر لحظة واحدة بترحيبه بالتطبيع.
ما فات السيد لانغ هو أن المثقفين العرب الذين شبههم بالغنم، يخوضون في بلادهم معركة مقاومة أنظمة استبدادية متوحشة أوصلت العالم العربي إلى الخراب. كما يواجهون تجبّر دول النفط، حيث لا مكان للحرية وحقوق الإنسان، وهي تحاول الاستيلاء على الثقافة العربية، وإفراغها من مضمونها الإبداعي والأخلاقي، عبر تحويلها إلى ثقافة ترفيه واستعراض.
من الطبيعي أن يعتبر هؤلاء المثقفات والمثقفون أن مقاومة نظام الاحتلال الكولونيالي الإسرائيلي يقع في صلب همومهم. إسرائيل تصادر الأراضي الفلسطينية من أجل زرع الضفة الغربية بالمستعمرات، حيث يقوم المستوطنون المتعصبون والأصوليون بالاعتداء اليومي على الفلسطينيين، ويقتلعون أشجار الزيتون، ويدمرون حقول القمح بحماية الجيش الإسرائيلي ومشاركته.
إسرائيل هذه لا تزال تقدم نفسها إلى العالم بصفتها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!
وليس غريباً أن تجد إسرائيل في المستبدين العرب حلفاء وأتباعاً، تعدهم بالحماية وتطبيع استبدادهم لدى شعوبهم ولدى دول العالم، مقابل تبعيتهم لها.
معركتنا يا سيد لانغ ليست معك ولا مع معهد العالم العربي، وكنا نأمل أن يقوم المعهد بتصويب الخطأ الذي وقع فيه، غير أن تصريحك الأخير جاء برهاناً إضافياً على أن هناك مشكلة يجب حلها.
طريقة الحل في نظرنا هي الحوار، لكن السيد لانغ قطع أي إمكانية للحوار حين وصف العريضة بالسخيفة والمحزنة، معتبراً أن الاحتجاج على جلب قطع فنية من متحفين إسرائيليين غير متوازن، لأن المعرض لم يستخدم سوى ثلاث أو أربع قطع إسرائيلية فقط.
هنا أريد أن أسأل ما هو الموقف من نظام الأبارتهايد الإسرائيلي؟
موقفنا اليوم يشبه موقفنا بالأمس من نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، إنه المقاطعة.
هذا هو الموضوع الذي أراد السيد لانغ تجنبه، مشيراً إلى دوره ودور معهد العالم العربي في الإضاءة على الثقافة الفلسطينية.
هذا الدور افتقدناه في معرض «يهود الشرق»، كما افتقدنا النتاج الفكري والفني لليهود العرب، الذين جردتهم إسرائيل من هويتهم في عملية تذكرنا بالرسالة التمدينية التي ادعتها الدول الاستعمارية، حين نهبت وحطمت ثقافات المستعمرات التي احتلتها. الفلسطينيات والفلسطينيون لم يغادروا عام 1948، بل طردوا من بلادهم بالعنف والمجازر والجرائم التي يصنفها القانون الدولي جرائم ضد الإنسانية.
كما أن الفلسطينيات والفلسطينيين اليوم يتعرضون للعسف ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثالثة. لا يملك الفلسطينيون أدنى الحقوق، وفي مقدمتها حقوقهم في حرث حقولهم التي يصادرها الاستيطان، وحقوقهم في التجول بحرية في بلادهم التي تمزقها المستعمرات وحواجز جيش الاحتلال، وحقوقهم في البقاء في منازلهم التي تهدمها جرافات الجيش الإسرائيلي.
لا أدري لماذا وقع السيد لانغ في فخ الاستعلاء الذي يذكّرنا بالزمن الكولونيالي. كنت أعتقد أن لغة ذلك الزمن انتهت، وأن الثقافات تستطيع أن تتحاور انطلاقاً من رفض فكرة التفوق التي بررت في الماضي جرائم الاستعمار.
لكن يبدو أن السيد لانغ قرر أن لا يحاور، وأنجع طريقة لشطب إمكانية الحوار هي إهانة الآخر وإلصاق صفات مشينة به.
قال السيد لانغ: «لقد أحزنني أن أجد أشخاصاً بعضهم يمتلك صفات مميزة من الكتاب والفلاسفة ينجرفون كالأغنام وراء نص لم يتحققوا حتى من صحته».
قام لانغ بتصنيفنا، واعتبر بعضنا مميزاً، شكراً يا سيدي، لكنني لا أعتقد أنك مؤهل للقيام بتقويم المثقفين العرب وتصنيفهم. ثم وصل به الأمر إلى اعتبارنا أغبياء لم نتحقق من صحة بيان وقعناه، وفي النهاية نشكر وصفه لنا بالأغنام، فأن تكون حملاً أفضل من أن تكون ذئباً.
غير أن هذه الصفة التي ألصقها بنا تقود إلى استحالة الحوار، وقديماً روى لافونتين قصة الحوار بين الحمل والذئب، مستنتجاً بأن الحوار بينهما مستحيل.
سؤالي الأخير هو: إذا كنا نحن أغناماً، فكيف تصنف نفسك يا سيد لانغ في مملكة خرافات لافونتين؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 1:29 pm

الجيوش والعروش
في البدء كان الصراع بين الجيوش والعروش.
في البدء، أي منذ أن افتتح الانقلاب العسكري المرحلة القومية التي جاءت كرد على هزائم حرب نكبة 1948، عاش المشرق العربي على إيقاع الصراع بين المشروع الناصري وأنظمة الهزيمة، وكان حصاد تلك المرحلة التي كانت أيضاً جزءاً من الحرب الباردة، هو سقوط العرش الهاشمي في العراق، وسقوط عرش الإمامة في اليمن، والوحدة السورية – المصرية التي لم تعمر سوى ثلاثة أعوام.
التناقضات في معسكر الجيوش كانت مدمرة، فدخلنا في صراعات ناصر والشيوعيين، وناصر والبعث، وانتهينا إلى أنظمة الكابوس الانقلابي في سوريا والعراق وليبيا والسودان.
ومع هزيمة حزيران-يونيو 1967 ونهاية الحقبة الناصرية، دخلنا في كوابيس ديكتاتورية معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية.
الظاهرة الوحيدة التي تمردت على مناخ الهزيمة والأفول، أي المقاومة الفلسطينية، دخلت في كوابيس حربين أهليتين في الأردن ولبنان، ثم ترنحت مع اتفاقات أوسلو، لتدخل في شتاء الهزيمة الطويل بعد هزيمة الانتفاضة الثانية، واغتيال ياسر عرفات.
لا أسعى إلى تأريخ مرحلة غنية بالتناقضات، كشفت حدود المرحلة الانقلابية وسقوطها المبكر أسيرة الاستبداد الذي أفقد الانقلاب الصلة بجذوره الشعبوية، فهذا التأريخ هو سجل لفشل النهضة الثانية، ولقصور فكري وسياسي يحتاج إلى دراسة خاصة به.
لكن مشهد انبطاح الجيوش الحاكمة أمام سطوة العروش التي ثارت عليها، يستحق أن يُسجل بصفته تعبيراً عن الانزلاق الأخير في حفرة الخراب التي دفعنا إليها النظام العربي حين نجح في وأد الربيع العربي، محولاً حواضرنا إلى خراب.
زيارة الشيخ عبد الله بن زايد إلى دمشق تقع في هذا السياق، بتعقيداته الجديدة التي أدخلت ايران طرفاً في المعادلة، بحيث صار المشرق العربي ملعباً لصراع قوتين: السعودية وإيران.
لا تقول الزيارة جديداً إلا لأنها نجحت في قول كل شيء دفعة واحدة.
وسط ضجيج «اتفاقات إبراهيم» التتبيعية، وصمت الممانعة المريب أمام الهندسات الروسية للقصف الإسرائيلي المتواصل على المواقع الإيرانية في سوريا، جاءت زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق الشام لتفضح كل المسكوت عنه.
لقد انتصرت الثورة المضادة ونجح الاستبداد في سحق انتفاضات الربيع العربي تحت جنازير الدبابات، ورماها في أتون حروب طحنت المشرق، لعب فيها الأصوليون التكفيرون دور الوجه الآخر للاستبداد.
هناك حلف معلن وسري بين الجيوش والعروش، تتفتق في داخله صراعات طائفية وحشية، من اليمن إلى لبنان وصولاً إلى ليبيا. لكن هذه الصراعات لم تستطع أن تحجب حقيقة أن الاستبداد بأشكاله المختلفة، هو حليف وتابع للاحتلال الإسرائيلي. أما صغار اللاعبين، كما في الحالة اللبنانية، فهم مجرد أدوات موضعية لا علاقة لها بالموضوع.
الجيوش العربية التي قامت بانقلاباتها بحجة مواجهة النكبة والهزيمة، تحولت إلى عنوان الهزيمة. جيوش عاجزة ومتبطلة ولا تجرؤ على مواجهة العدو القومي، تحولت إلى أدوات في أيدي طغم عسكرية ومالية لقمع الشعوب ونهبها وسحقها، وتدمير الأوطان.
انظروا إلى الخريطة، من السودان الذي يحاول البرهان وطغمته استباحته بسلاح تحالفه الوثيق مع الإمارات وإسرائيل، إلى لبنان الذي ينهار تحت وطأة ثلاثة حصارات: حصار الطغمة الأوليغارشية التي دمرت الاقتصاد ونهبت كل شيء، والحصار الإيراني الذي رهن البلاد للتسوية المأمولة بين إيران والولايات المتحدة، والحصار السعودي المستجد، وصولاً إلى ليبيا حيث وجد الجنرال حفتر، الحالم بأن يصير ديكتاتوراً، أن الطريق إلى السلطة تمر عبر إرسال ابنه إلى إسرائيل كي يحفر قبراً لبلاده المنكوبة.
كل تصرف يأتي بحجته، لكن كل الحجج فارغة من المعاني. فمع انهيار توازنها الداخلي بسبب رعبها من السقوط في عالم متغير، فقدت الأنظمة العربية لغتها. كانت اللغة القديمة لغواً كاذباً، كما يعرف الجميع، لكنها كانت تخفي فراغها بابتذال المعاني. من شعارات العروبة والتقدمية إلى شعارات الأصالة والتمسك بالموروث الديني.
الجديد هو أن النظام العربي بجيوشه وعروشه، بممانعته اللفظية وانبطاحه، يبحث عن لغة كاريكاتورية لا تستقيم فيها المعاني. فالمعاني اليوم هي مِزق من أوهام الفرجة.
شعوب تتحول إلى مجموعات من اللاجئين والمتسولين، تتفرج على شيوخ النفط وجنرالات العسكر المهزوم وهم يسجدون أمام المستوطنين في فلسطين المحتلة. عالم من الغرائب، يصل إلى ذروته العبثية في لبنان الذي يُحتضر كل شيء فيه، على إيقاع كلامولوجيا تريد إعادته إلى صفر الحرب الأهلية.
إننا نعيش انقلاباً جذرياً في فلسفة الاستبداد العربي، ولعل المختبر السوداني هو النموذج الأفضل الذي يبرهن ما لم يعد هناك من حاجة للبرهنة عليه. فإسرائيل هي حامية الاستبداد بكل أشكاله.
كانت المعادلة قائمة على استخدام لغة العداء لإسرائيل كأداة لفرض القمع وتأبيد الاستبداد، أما في الزمن المعولم الجديد، فقد صار استمرار الاستبداد مرهوناً بارتماء المستبدين في الحضن الإسرائيلي.
عبد الفتاح البرهان وحلفاؤه الجنجويد يمثلون اليوم وجه هذا النظام المهيمن وصورته الواضحة. انقلابيون ينكرون صفتهم، يقومون بسرقة ثورة شعب انتفض ضد دكتاتورية عمر البشير، ليعيدوا إلى الواجهة كل رموز الدكتاتور المخلوع، بعدما انتهت صلاحية الرجل.
زمن يسعى إلى تحويل حلم الحرية إلى كابوس استبدادي، ويستبدل الثقافة بالتفاهة، والرؤية المستقبلية بالفرجة على إنجازات تلفزيونية وإعلامية تشترى بأموال حرام سرقت من الثروات الطبيعية، وصارت على أيدي الجيوش والعروش بدداً.
هذه الصفحة الجديدة من تاريخ العرب لا تـــستطيع أن تستمر، لأن الذين يقومون بتزوير واقعنا هم عـــصابات من اللـــصوص، وستـــقودهم تناقضاتهم المـــصلحية إلى الخراب. لكن يجب أن نعترف لهم بإنجازهم الكبير، فقد قاموا بتخريب حاضرنا بطريقة وحشية ومبتكرة، وعلينا أن نعيد التقاط حبات الضوء من ثقوب العتمة، كي نستعيد حــقنا في الحياة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 2:31 pm

يهود الشرق واليهود العرب
الياس خوري    مقالات 20096429_3_IMG_FIX_700x700-300x201




فيلم «زيارة» لسيمون بيتون، كان علامة مضيئة في تظاهرة «يهود الشرق»، التي ينظمها معهد العالم العربي، في باريس.
تأتي هذا التظاهرة وسط احتفالية كبرى بعنوان «ارابوفوليز»، التي تجمع فرقاً موسيقية شبابية، ومجموعة ندوات بعنوان «أيام التاريخ»، تناقش مواضيع شتى.
يبدو المشهد غرائبياً، لماذا مثلاً تم ضم مغنية إسرائيلية- مغربية، إلى البرنامج الموسيقي، هل لأنها تغني بلغتها الأم وتشعر بالغربة في إسرائيل؟ ولماذا لم يجر إيضاح هذه المسألة، ألا تستحق نيتا القايم عرضاً خاصاً بها، بدلاً من أن يقوم منظمو الاحتفالية بتهريبها وسط ضجيج الفرق الموسيقية الشبابية العربية.
لكن المسألة ليست هنا.
السؤال هو حول يهود الشرق، وخصوصاً اليهود العرب، وحول تاريخهم ومآسي تهجيرهم وطردهم من بلادهم، إلى درجة دفعت الروائي الراحل شمعون بلاص إلى التصريح في ندوة عقدها في جامعة نيويورك عام 2004 بأنه كاتب عراقي يشعر بأنه منفي في إسرائيل وفي اللغة العبرية التي ليست لغته الأم.
إن قراءة برنامج هذه الاحتفالية يثير العجب، أين اليهود العرب؟ وما هي حكايتهم؟
من المستغرب أن يقام هذا المعرض في غياب الأكاديمية والكاتبة العراقية- الإسرائيلية ايلّا شوحط، التي كانت أول من طرح هذا النوع من الأسئلة.
صحيح أن أسئلتها كلفتها مغادرة إسرائيل والإقامة في نيويورك حيث تدرّس في الجامعة، لكنها أكسبتها في المقابل شرف الثقافة التي لا تخدم سوى الحقيقة والضمير. وأين الأكاديمي والكاتب والمترجم يهودا شنهاف، الذي كتب كتاباً متميزاً عن اليهود العرب؟
هل جرى إغفال هذين الاسمين لأنهما معاديان للصهيونية، ومؤيدان قضية الحق في فلسطين؟
الأسئلة تتوالى، هل يمكن أن يقام معرض تكريمي لليهود العرب من دون الإشارة إلى أعمال بلاص، وسمير النقاش، وادمون عمران المالح، وإبراهيم السرفاتي؟
لماذا نُسي أميل الكلاي، وتم تجاهل نعيم قطان وسليم نصيب وسامي شطريت، وحتى سامي ميخائيل؟ من هي النخبة الثقافية لليهود العرب إذا لم تتصدرها هذه الأسماء؟
لا يتسع المجال للكلام عن هؤلاء واحداً واحداً، فأنا مدين لهم، لشفافيتهم وثقافتهم وذوقهم بالكثير، إنهم يشكلون في آلامهم مرآة للألم الفلسطيني.
ما يجب التوكيد عليه هو أن مأساة اليهود العرب هي الوجه الآخر للنكبة الفلسطينية، فمثلما طُرد الفلسطينيون من أرضهم في عملية تطهير عرقي وحشية عام 1948، طُرد اليهود العرب في عملية هي مزيج من الإرهاب والبيع والشراء، بحيث وجدوا أنفسهم أمام خيار من لا خيار له.
الأنظمة العربية باعتهم بالمال للصهيونية، وإسرائيل اشترتهم كي تملأ بهم أرض فلسطين بعد نضوب الهجرة اليهودية بعيد تأسيس الدولة. أقاموا في «المعبروت»، التي تشبه مخيمات اللاجئين، وتم توزيعهم في الأماكن النائية ومدن «التطوير». المؤرخ الإسرائيلي توم سيغيف، روى في كتابه «الإسرائيليون الأوائل» عن يهود اليمن الذين أرسلوا لتجفيف بحيرة الحولة، ومات الكثيرون منهم بالملاريا، وسُرق منهم أطفالهم الرُضع كي يباعوا لليهود الأشكيناز.
الحكاية يجب أن تُروى، إسرائيل تسعى لمحو ذاكرة اليهود العرب، مثلما سعت لمحو ذاكرة الفلسطينيين. فالدولة الصهيونية هي ممحاة كبرى للحقيقة، ومهمة الثقافة هي إزالة طبقات التزوير من أجل أن لا يضيع الألم الإنساني وسط الاحتفال الإسرائيلي المستمر منذ سبعة عقود بالعنصرية والكذب.
هذه الحقائق غابت في المعرض الذي ضم مئتين وثمانين عملاً، جُلبت من العالم بأسره. لكن ما نفع ذاكرة الأشياء إذا غابت عنها ذاكرة البشر؟
وكي أكون منصفاً، فإن فيلم المخرج العراقي سمير: «انسَ بغداد» يستحق أن يشاهد، لأنه نجح في جمع أسماء أدبية يهودية عراقية لامعة، ومن بينها سمير النقاش الذي ولد في العراق عام 1938 ومات في بتاح تكفا عام 2004، والذي أصرّ حتى وفاته على الكتابة بعربية مدهشة أدخل إليها لهجة يهود بغداد.
كان من الممكن ابتلاع كل هذه الغيابات، ففي النهاية نحن في فرنسا عام 2021، ولسنا في فرنسا التي تعلمنا منها قيم الثورة الفرنسية وتتلمذنا على كبار مفكريها من سارتر إلى فوكو إلى ألتوسير إلى بارت إلى بورديو.
قلت إنه كان في الإمكان ابتلاع كل هذه الغيابات، والقول إن مهمة إحياء الثقافة العربية اليهودية هي مهمة المثقفين العرب، ونكتفي بإبداء ملاحظات جانبية، غير أن تصريحين لفتا الانتباه، الأول لرئيس معهد العالم العربي جاك لانغ، أعلن فيه ترحيبه بالاتفاق الأمني المغربي- الإسرائيلي ودعانا إلى التطبيع، والثاني هو للسيد دنيس شاربيت المؤرخ الفرنسي- الإسرائيلي وعضو اللجنة العلمية المنظمة لتظاهرة «يهود الشرق»، الذي أعلن فيه أن المعهد استعار قطعاً فنية من متحف إسرائيل ومعهد بن تسفي في القدس، لكنه كشف المستور حين قال «هذا المعرض هو الثمرة الأولى لاتفاقية أبراهام. وهذا يبدأ من خلال التطبيع، نحن لم نعد نخاف من إقامة معرض عن يهود الشرق. ولن تنطبق السماء على الأرض إذا أقمنا تعاوناً مع إسرائيل».
هذان التصريحان يدقان ناقوس الخطر، فعلى معهد العالم العربي أن يعرف أن الثقافة العربية ليست رهن إشارة أنظمة استبدادية، وأن المال الخليجي المخصص لتبييض صفحة إسرائيل، لن يستطيع تحويل الثقافة إلى سلعة في سوق التبعية والتطبيع.
قالت سيمون بيتون، في فيلمها، إن المغاربة المسلمين هم اليوم حراس الذاكرة اليهودية في المغرب، واليوم يجد المثقفون العرب أنفسهم في موقع البسطاء المغاربة الذين روى الفيلم حكاياتهم، بصفتهم حراس الذاكرتين اليهودية العربية والفلسطينية، أي حراس الحقيقة والحق.






الياس خوري    مقالات Arton45381-732x675
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 2:32 pm

الفيلم الوثائقي «راشيل» لسيمون بيتون: حكاية المناضلة الأمريكية ضد الصهيونية

منذ أيام مرّت ذكرى وفاة الناشطة الأمريكية راشيل كوري (10 نيسان/أبريل 1979 ــ 16 اذار/مارس 2003) التي قُتلت من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عند محاولتها إيقاف جرافة عسكرية تابعة للقوات الإسرائيلية كانت تقوم بهدم مباني للفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزّة. ففي كانون الثاني/يناير عام 2003 وصلت راشيل إلى قطاع غزة، وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، جاءت من مدينة أولمبيا في ولاية واشنطن، لتنضم إلى ناشطين من أعضاء «حركة التضامن الدولية» وهي منظمة تأسست لدعم المقاومة الفلسطينية السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ورغم إثبات الواقعة، فقد برأت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة حيفا الجيش الإسرائيلي من المسؤولية عن قتلها. رغم ذلك تحولت كوري إلى أيقونة ورمزاً نضالياً استوحى منه الكثيرون هذه الروح الإنسانية، حتى أن ذكرى وفاتها أصبحت مناسبة للتنديد بسياسات الكيان الصهيوني والمجازر التي يرتكبها ضد شعب أعزل. كذلك كان حادث كوري سبباً في أعمال فنية متنوعة من تشكيل ومسرح وأفلام سينمائية. وربما من أهم هذه الأفلام هو الوثائقي «راشيل» الذي أخرجته الفرنسية مغربية الأصل سيمون بيتون، التي ولدت في المغرب لأسرة يهودية عام 1995 ثم هاجرت عام 1966 مع أسرتها إلى إسرائيل، قبل أن تغادر إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي، وقد شاركت من قبل فعلياً كجندية في الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 ثم تحوّلت إلى نصيرة للسلام، وقامت بإخراج مجموعة من الأفلام الوثائقية، التي تدعو إلى التعايش السلمي في هذه المنطقة المتوترة من العالم، منها «الجدار» و»بن بركة» و»محمود درويش» و»المواطن بشارة» و»الاعتداء بالقنابل».

التحقيق الدرامي

تنفي سيمون بيتون بداية أن يكون فيلمها حكاية تفصيلية عن راشيل، ولكنه تحقيقاً سينمائياً لطبيعة الحياة فوق هذه الأرض التي زارتها راشيل، ودفعت حياتها ثمناً لهذه الزيارة. فالأكثر من عملية القتل البشعة لراشيل، هو سياسة الهدم المنهجية التي تمارسها العسكرية الإسرائيلية ليل نهار في قطاع غزة، وإطلاق النار والقتل المجاني الذي يتداوله الجنود بين المواطنين الفلسطينيين، مما يوضح سبب الاهتمام الكبير الذي يقابل به المتضامنين الأجانب، الذين يتواجدون في المنازل الفلسطينية، على أمل أن يشكل ذلك سبباً للجيش الإسرائيلي لعدم إطلاق الرصاص والقذائف على هذه المنازل. وبسؤال سيمون عن شخصية بطلة فيلمها، أشارت أنها أعدت للفيلم خلال ثلاث سنوات، كان دافعها بالطبع هو حادثة موت راشيل، ولكن ما تريده أكثر من مجرد حادثة موت هذه الفتاة الغريبة عن هذه الأرض، ولطرح أفكارها كان لابد من وجود شخصية كراشيل أصبحت درامية بالمصادفة السيئة، كما كان اختيارها كشخصية محورية هو الالتفاف على شركات الإنتاج التي ما كانت لتقبل بتمويل الفيلم، إذا دار حول شخص فلسطيني أو فلسطينية من أبناء غزة.
تسرد بيتون فيلمها عن طريق ما يسمى بالتحقيق الدرامي، واستعراض وجهتي النظر المتناقضة تماماً من خلال شهادات حية لكل من أصدقاء راشيل من المتضامنين والناشطين السياسيين الأجانب الذين كانوا معها في رفح ولفلسطينيين استضافوها في بيوتهم، بالإضافة إلى شهادات عدد من جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي. وهو أسلوب سردي معهود في مثل هذا الشكل من أشكال السرد السينمائي. ومن خلال هذه الطريقة في المعالجة الدرامية يصبح المشاهد وكأنه يرى تحقيقاً جنائياً حياً حول واقعة موت راشيل، وما يحيطها من ظروف وملابسات وواقع مؤلم.
فبينما تنفي تماماً السلطة الإسرائيلية جريمة القتل العمد التي قام بها سائقا الجرّافة، وقد نفيا تماماً رؤية راشيل وهي قريبة من الجرافة، لصعوبة الرؤية وتشوشها. كما أسفر التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي عن أن ما جرى كان مجرد حادث. يؤكد أهل المكان من الفلسطينيين، وكذلك أصدقاؤها ممن كانوا معها أن عملية القتل كانت عن عمد، لأنها تقدمت من الجرافة أكثر من الجميع، بهدف منعها هدم أحد المنازل. كما تم سرد بعض التفاصيل من خلال حكايات الشخصيات التي ظهرت في الفيلم كصديقة راشيل التي رافقتها إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح التي تقول إن «كل الإعلام كان مهتماً بما جرى مع صديقتنا راشيل، كان يريد أن يعرف كل شيء عنها، بينما لم يهتم الإعلام بفلسطيني في الوقت نفسه قتل برصاص قناص إسرائيلي، فقط لأنه كان يريد أن يدخن سيجارة على شباك منزله.» وفي لقاء مع طبيب التشريح في تل أبيب يقول «بالرغم من طلب والدي راشيل عدم إجراء تشريح للجثة لمعرفة أسباب الوفاة إلا بحضور ممثل من السفارة الأمريكية، إلا أن السفارة أبلغتنا أنها غير معنية بإرسال ممثل عنها لحضور عملية التشريح».

التسلية بالقتل

في حوار مع أحد جنود الاحتلال كان يتواجد سابقاً في المنطقة التي وقع فيها الحادث. ربما يبدو اللقاء للوهلة الأولى خارج سياق الفيلم، إلا أنه يؤكد على رؤية مخرجته ووجهة نظرها، التي انبنت على الشهادات والرؤى المتناقضة، فالجندي الذي يضع وجهه أمام الحائط أثناء حواره، كان شكلاً رمزياً للعار الذي يلاحقه، أكثر من خشيته ظهور وجهه على الشاشة. فقد قامت المخرجة بتوجيه بعض الأسئلة القاسية، ليرد الجندي بإجابات أشد قسوة: «كنا نطلق النار لنتسلى على النوافذ والواجهات، كنا نطلق النار على خزانات المياه لنستمع إلى صوت الماء المتدفق منها.» وفي رده على إن كان قد قتل فلسطينيين، قال «نعم قتلت أناساً كثيرين، لا شك كان بينهم أطفال ونساء». الأمر يبدو بالنسبة لجنود الاحتلال بديلاً عن ألعاب الفيديو جيم الشهيرة، فقط لتمضية الوقت، وكسر حالة الملل، فقط أصبح الموت لعبة حقيقية يمارسها الجنود، دون أي هدف سوى التسلية بأرواح الفلسطينيين.

المنسيون

بعبارات صديقة راشيل حول تحرك الإعلام لموت صديقتها، وتجاهله الأمر إذا كان الضحية من أصحاب الأرض، تحاول بيتون على حد قولها أن تتخذ من حالة راشيل رمزاً قائلة «إن موت راشيل الأمريكية رمز في حد ذاته، لأن موتها يجعلنا نفكر في مصير الضحايا المنسيين، ولسان الحال يقول: إذا كان الإسرائيليون يستهينون بحياة الإنسان الأمريكي إلى هذا الحد، وإذا كانت فتاة أمريكية شقراء مثل راشيل، لا يحاكم قاتلها أو ينال جزاءه، وإذا كان الإسرائيليون يزيفون الحقائق حتى مع أصدقائهم الأمريكيين، فماذا يمكن أن نقول إذا كان الضحية فلسطينيا؟».

الفيلم الوثائقي «راشيل» لسيمون بيتون: حكاية المناضلة الأمريكية ضد الصهيونية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الياس خوري    مقالات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الياس خوري مقالات   الياس خوري    مقالات Emptyالثلاثاء 25 يناير 2022, 2:32 pm

الفيلم الوثائقي «راشيل» لسيمون بيتون: حكاية المناضلة الأمريكية ضد الصهيونية

منذ أيام مرّت ذكرى وفاة الناشطة الأمريكية راشيل كوري (10 نيسان/أبريل 1979 ــ 16 اذار/مارس 2003) التي قُتلت من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عند محاولتها إيقاف جرافة عسكرية تابعة للقوات الإسرائيلية كانت تقوم بهدم مباني للفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزّة. ففي كانون الثاني/يناير عام 2003 وصلت راشيل إلى قطاع غزة، وهي في الثالثة والعشرين من عمرها، جاءت من مدينة أولمبيا في ولاية واشنطن، لتنضم إلى ناشطين من أعضاء «حركة التضامن الدولية» وهي منظمة تأسست لدعم المقاومة الفلسطينية السلمية ضد الاحتلال الإسرائيلي. ورغم إثبات الواقعة، فقد برأت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة حيفا الجيش الإسرائيلي من المسؤولية عن قتلها. رغم ذلك تحولت كوري إلى أيقونة ورمزاً نضالياً استوحى منه الكثيرون هذه الروح الإنسانية، حتى أن ذكرى وفاتها أصبحت مناسبة للتنديد بسياسات الكيان الصهيوني والمجازر التي يرتكبها ضد شعب أعزل. كذلك كان حادث كوري سبباً في أعمال فنية متنوعة من تشكيل ومسرح وأفلام سينمائية. وربما من أهم هذه الأفلام هو الوثائقي «راشيل» الذي أخرجته الفرنسية مغربية الأصل سيمون بيتون، التي ولدت في المغرب لأسرة يهودية عام 1995 ثم هاجرت عام 1966 مع أسرتها إلى إسرائيل، قبل أن تغادر إلى فرنسا لدراسة الإخراج السينمائي، وقد شاركت من قبل فعلياً كجندية في الجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 ثم تحوّلت إلى نصيرة للسلام، وقامت بإخراج مجموعة من الأفلام الوثائقية، التي تدعو إلى التعايش السلمي في هذه المنطقة المتوترة من العالم، منها «الجدار» و»بن بركة» و»محمود درويش» و»المواطن بشارة» و»الاعتداء بالقنابل».

التحقيق الدرامي

تنفي سيمون بيتون بداية أن يكون فيلمها حكاية تفصيلية عن راشيل، ولكنه تحقيقاً سينمائياً لطبيعة الحياة فوق هذه الأرض التي زارتها راشيل، ودفعت حياتها ثمناً لهذه الزيارة. فالأكثر من عملية القتل البشعة لراشيل، هو سياسة الهدم المنهجية التي تمارسها العسكرية الإسرائيلية ليل نهار في قطاع غزة، وإطلاق النار والقتل المجاني الذي يتداوله الجنود بين المواطنين الفلسطينيين، مما يوضح سبب الاهتمام الكبير الذي يقابل به المتضامنين الأجانب، الذين يتواجدون في المنازل الفلسطينية، على أمل أن يشكل ذلك سبباً للجيش الإسرائيلي لعدم إطلاق الرصاص والقذائف على هذه المنازل. وبسؤال سيمون عن شخصية بطلة فيلمها، أشارت أنها أعدت للفيلم خلال ثلاث سنوات، كان دافعها بالطبع هو حادثة موت راشيل، ولكن ما تريده أكثر من مجرد حادثة موت هذه الفتاة الغريبة عن هذه الأرض، ولطرح أفكارها كان لابد من وجود شخصية كراشيل أصبحت درامية بالمصادفة السيئة، كما كان اختيارها كشخصية محورية هو الالتفاف على شركات الإنتاج التي ما كانت لتقبل بتمويل الفيلم، إذا دار حول شخص فلسطيني أو فلسطينية من أبناء غزة.
تسرد بيتون فيلمها عن طريق ما يسمى بالتحقيق الدرامي، واستعراض وجهتي النظر المتناقضة تماماً من خلال شهادات حية لكل من أصدقاء راشيل من المتضامنين والناشطين السياسيين الأجانب الذين كانوا معها في رفح ولفلسطينيين استضافوها في بيوتهم، بالإضافة إلى شهادات عدد من جنود وضباط في الجيش الإسرائيلي. وهو أسلوب سردي معهود في مثل هذا الشكل من أشكال السرد السينمائي. ومن خلال هذه الطريقة في المعالجة الدرامية يصبح المشاهد وكأنه يرى تحقيقاً جنائياً حياً حول واقعة موت راشيل، وما يحيطها من ظروف وملابسات وواقع مؤلم.
فبينما تنفي تماماً السلطة الإسرائيلية جريمة القتل العمد التي قام بها سائقا الجرّافة، وقد نفيا تماماً رؤية راشيل وهي قريبة من الجرافة، لصعوبة الرؤية وتشوشها. كما أسفر التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي عن أن ما جرى كان مجرد حادث. يؤكد أهل المكان من الفلسطينيين، وكذلك أصدقاؤها ممن كانوا معها أن عملية القتل كانت عن عمد، لأنها تقدمت من الجرافة أكثر من الجميع، بهدف منعها هدم أحد المنازل. كما تم سرد بعض التفاصيل من خلال حكايات الشخصيات التي ظهرت في الفيلم كصديقة راشيل التي رافقتها إلى مستشفى أبو يوسف النجار في رفح التي تقول إن «كل الإعلام كان مهتماً بما جرى مع صديقتنا راشيل، كان يريد أن يعرف كل شيء عنها، بينما لم يهتم الإعلام بفلسطيني في الوقت نفسه قتل برصاص قناص إسرائيلي، فقط لأنه كان يريد أن يدخن سيجارة على شباك منزله.» وفي لقاء مع طبيب التشريح في تل أبيب يقول «بالرغم من طلب والدي راشيل عدم إجراء تشريح للجثة لمعرفة أسباب الوفاة إلا بحضور ممثل من السفارة الأمريكية، إلا أن السفارة أبلغتنا أنها غير معنية بإرسال ممثل عنها لحضور عملية التشريح».

التسلية بالقتل

في حوار مع أحد جنود الاحتلال كان يتواجد سابقاً في المنطقة التي وقع فيها الحادث. ربما يبدو اللقاء للوهلة الأولى خارج سياق الفيلم، إلا أنه يؤكد على رؤية مخرجته ووجهة نظرها، التي انبنت على الشهادات والرؤى المتناقضة، فالجندي الذي يضع وجهه أمام الحائط أثناء حواره، كان شكلاً رمزياً للعار الذي يلاحقه، أكثر من خشيته ظهور وجهه على الشاشة. فقد قامت المخرجة بتوجيه بعض الأسئلة القاسية، ليرد الجندي بإجابات أشد قسوة: «كنا نطلق النار لنتسلى على النوافذ والواجهات، كنا نطلق النار على خزانات المياه لنستمع إلى صوت الماء المتدفق منها.» وفي رده على إن كان قد قتل فلسطينيين، قال «نعم قتلت أناساً كثيرين، لا شك كان بينهم أطفال ونساء». الأمر يبدو بالنسبة لجنود الاحتلال بديلاً عن ألعاب الفيديو جيم الشهيرة، فقط لتمضية الوقت، وكسر حالة الملل، فقط أصبح الموت لعبة حقيقية يمارسها الجنود، دون أي هدف سوى التسلية بأرواح الفلسطينيين.

المنسيون

بعبارات صديقة راشيل حول تحرك الإعلام لموت صديقتها، وتجاهله الأمر إذا كان الضحية من أصحاب الأرض، تحاول بيتون على حد قولها أن تتخذ من حالة راشيل رمزاً قائلة «إن موت راشيل الأمريكية رمز في حد ذاته، لأن موتها يجعلنا نفكر في مصير الضحايا المنسيين، ولسان الحال يقول: إذا كان الإسرائيليون يستهينون بحياة الإنسان الأمريكي إلى هذا الحد، وإذا كانت فتاة أمريكية شقراء مثل راشيل، لا يحاكم قاتلها أو ينال جزاءه، وإذا كان الإسرائيليون يزيفون الحقائق حتى مع أصدقائهم الأمريكيين، فماذا يمكن أن نقول إذا كان الضحية فلسطينيا؟».

الفيلم الوثائقي «راشيل» لسيمون بيتون: حكاية المناضلة الأمريكية ضد الصهيونية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الياس خوري مقالات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مقالات محيره
» الياس فرحات - باحث عسكري واستراتيجي
» مقالات لاذعه -
» طارق خوري : عزوف الاردنيين من اصل فلسطيني هل هو عنوان فج ؟
» مقالات عن غزه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: