أكثر من 4 آلاف حالة طلاق في غزة في 2021 ومطلقون: “ظلمنا من المجتمع والقانون”- (تغريدات) أفصح المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة، الأربعاء، عن أحدث الإحصاءات المتعلقة بمعدلات الزواج والطلاق في القطاع.وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، حسن الجوجو، إن مجموع معاملات الزواج التي وصلت للمحاكم الشرعية الابتدائية بلغ 20 ألفاً و786 معاملة، فيما بلغت معدلات الطلاق 4319.
وأشار، في مؤتمر صحافي عقده المكتب الإعلامي الحكومي، إلى أن أعلى حالات زواج كانت في محافظة غزة، إذ بلغت 7 آلاف و459 حالة، وأقلها كانت في محافظة رفح ( جنوب) بألفين و402 حالة، بينما جاءت أعلى نسبة طلاق إجمالية في محافظة رفح حيث بلغت 21.1%، وأقل نسبة في محافظة غزة حيث بلغت 18.3%، وفق الجوجو.
وكانت أعلى نسبة طلاق بدون زواج عام 2021 في محافظة شمال غزة حيث بلغت 6%، وأقل نسبة في محافظة غزة حيث بلغت 5%.
وبيّن الجوجو أن هناك انخفاضا في حالات الزواج بـ (133) حالة خلال عام 2021 عن عام 2020 بنسبة (0.64%)، مع ارتفاع حالات الطلاق بـ (826) معاملة خلال عام 2021 عن عام 2020 بنسبة (23.6%).
أما أعلى نسبة في أنواع الطلاق، بحسب الجوجو، فكان بند الطلاق قبل الدخول حيث بلغت نسبته من إجمالي عدد الطلاق (40.9%) وأقل نسبة طالت طلاق البينونة الكبرى حيث بلغت نسبته (1.9%).
وتسليطاً للضوء على الجدل الذي أحدثه التقرير الصادر عن القضاء الشرعي، قابلت “القدس العربي” عددا من الأشخاص الذين تعرضوا للطلاق داخل المجتمع الغزي.
وأكد هؤلاء في أحاديث منفصلة أن السبب الرئيسي لوصولهم إلى الطلاق كان التدخلات من قبل بعض الأقارب، فيما رأى آخرون أن تدهور الحالة الاقتصادية في القطاع، وعدم وضوح القوانين المتعلقة بالزواج والطلاق، فضلاً عن الإجراءات المتبعة في المحاكم جميعها تشكل عوامل دفع باتجاه ارتفاع معدلات الطلاق.
وقال محمد ياسين “اسم مستعار” في حديث لـ”القدس العربي”: إن تجربة زواجه التي امتدت أربع سنوات شابها الكثير من العوامل التي أدت إلى الطلاق ووجود طفلين يبلغ عمر أكبرهما 6 سنوات، والأصغر 4 سنوات.
وأشار ياسين، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب اجتماعيه، إلى أنه تزوج عندما كان في عمر 19 عاماً من ابنة عمته، موضحاً أن الزواج منها تم بدون موافقة صريحة من أهله، لكن ضغوطات ذات شأن بصلة القرابة التي تربطهما هي من دفعته لإتمام الزواج، الذي دخل فى منعطف خطير بسبب تدخلات الأهل، وهو ما دفعه لمغادرة قطاع غزة بحثاً عن فرصة حياة أفضل، غير انه اصطدم بمنع عائلة زوجته لها من مرافقته.
وأضاف: “بدأ الكل يتدخل في حياتي، كنت أحاول إدارة دفة الحياة، لكن الأمر خرج عن السيطرة، بذلت كل المحاولات للبقاء لأكثر من عامين حتى بعد مغادرتي للقطاع لكن للأسف، المحصلة كانت أنني لا أعرف ما إذا كانت لا تزال في عصمتي أما أنها مطلقة”، موضحاً أنها توجهت للمحاكم طلباً للحصول على الطلاق، ولكنني غير متأكد أنها حصلت عليه”.
وبيّن أنه وبعد عامين من إقامته في اسطنبول تمكن من الزواج بأخرى، وبدء حياة جديدة، مؤكداً أنه وزوجته الأولى ظُلما بسبب عادات وتقاليد المجتمع وتدخلاته اللامتناهية.
من جانبها، قالت هبة شحادة (اسم مستعار) (28 عاماً)، إن زواجها استمر لمدة أسبوع واحد فقط، قبل أن تكتشف علاقة زوجها بزوجة ابن عمه غير الشرعية.
وفي حديث صادم مع الـ”القدس العربي” قالت إنها تزوجت قبل عام تقريباً، ومنذ تلك اللحظة لم تكن العلاقة بينهما كما يجب أن تكون بين أي زوجين، حتى أنه ولمدة أسبوع كامل هي عمر زواجها لم يقترب منها زوجها لإقامة علاقة شرعية باستثناء مرة واحدة وصفتها بأنها كانت بمثابة “اغتصاب”.
وأوضحت هبة أنها كانت تشك في سلوك زوجها، وتعتبر أن شيئاً غير منطقي حدث، حتى قررت يوماً أن تراقب تصرفاته، وفي لحظة صادمة عند الساعة الثالثة فجراً، اكتشفت وجود محادثات قالت إنها “مخلة بالأدب” بين زوجها وعشيقته، تتضمن صوراً وتفاصيل مفجعة، وهو ما أدى لاتخاذها قرارا بالفرار لبيت عائلتها حاملة معها دليل إدانة زوجها، وهو ما مكّنها لاحقاً من الحصول على الطلاق.
وقالت هبة “للأسف تزوجت وانفصلت في أسبوع واحد فقط، كان مليئا بالشك والألم، والمحصلة أنني كُتبت في سجلات المحاكم مُطلقة.. أي عدل هذا؟!”.
محمد ديب كذلك، كان واحداً من هؤلاء الذين مروا بتجربة مريرة مع الزواج، تحدث مع مراسلة “القدس العربي” وطلب الكشف عن اسمه، عاداّ أن لا عار يمكن أن يلحق به في حال كشف عن اسمه الحقيقي، مؤكداً أنهم لم يرتكب ذنباً يجب أن يعاقب عليه مجتمعياً لمجرد أنه خاض تجربة زواج صنفت على أنها فاشلة.
وفي التفاصيل، قال إنه تزوج عام 2020، وبعد أقل من شهر من الزواج، بدأت الخلافات بين أمه وزوجته تظهر، بشكل دفع الأخيرة للتطاول لفظياً على “حماتها” على حد وصفه، مشيراً إلى أن السبب الرئيس للوصول إلى الطلاق كان محاولات ذويها فرض آرائهم في شكل العلاقة القائمة بينهما، وتحديد مسارات العلاقة بين ابنتهم وأمه.
وأكد أن الأمر كان مرفوضاً شكلاً وتفصيلاً، إذ تعيش والدته بمفردها بعد وفاة والده، وهو ما يتطلب منه إيلاءها اهتماماً أكبر، موضحاً أن زوجته وأهلها اتخذوا قراراً بالانفصال رغم حملها في الشهر الأول، وبعد ثلاثة أيام من مغادرة منزل الزوجية ذهبت إلى المحكمة ورفعت قضية نفقة.
وقال: “صعقت عندما وصلني إخطار المحكمة بعد ثلاثة أيام من مغادرتها المنزل، كانت حامل في شهرها الأول، ورغم كل التدخلات التي حاولت إعادة المياه إلى مجاريها، إلا أن الإصرار على الطلاق كان سيد الموقف”، مؤكداً أنه علم بولادة طفلته بعد نحو أسبوع من تاريخ ميلادها، وأنها تبلغ من العمر الآن عامين دون أن يراها مطلقاً.
وعما إذا كان يعتقد أن عوامل أخرى قد تتسبب في ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع الغزي قال: “انتشرت في الآونة الأخيرة منظمات حقوقية نسائية، تساعد النساء على رفع قضايا مجانية في المحاكم، وهو ما يشجعهن أكثر على المضي في إجراءات التقاضي وصولاً للطلاق”.
وتابع: “من المفترض أن تمارس هذه المؤسسات دورها في حماية النسيج المجتمعي، لكن الاتفاقيات الدولية الداعمة للمرأة أعطتها مساحة تبدو غير مقبولة في واقع ومجتمع كالمجتمع الفلسطيني المحكوم بالعادات والتقاليد والموروثات الثقافية”.
وشكلت الأرقام الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء الشرعي حالة من الجدل في الشارع الغزي، إذ اعتبر البعض أنها تعبر بشكل حقيقي عن الواقع المأساوي في القطاع، فيما يعتقد آخرون أنها بعيدة إلى حد كبير عن حقيقة أن آلاف العوائل في القطاع تعاني مشكلات اجتماعية جمّة قد تؤدي إلى انهيار عائلات بأكلمها، لكنها غير مُدرجة في سجلات المحاكم
ولفت بعض المغردين والنشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى أن عددا كبيراً من حالات الطلاق المسجلة في المحاكم هي بالأساس لم تتم كعمليات زواج حقيقي، منوهين بما وصفوه “إصرار الأهل على عقد القران في المحاكم الشرعية فيما يعرف بفترة الخطوبة”، متسائلين عن جدوى إصدار الأرقام المتعلقة بقضايا الطلاق بشكل دوري، ما دامت لا تبحث عن حلول عملية للحد من تنامي الظاهرة.
وبحسب القانون الفلسطيني، فإن كل الفتيات اللواتي قررن الانفصال في فترة الخطوبة التي تُعد من الناحية الشرعية زواجاً، سجلن في ملفات المحاكم مطلقات، وهو ما زاد من الأرقام المُعلنة حول معدلات الطلاق في القطاع.
بدوره، قال المختص في الشؤون القانونية عبد الله شرشرة لـ”القدس العربي”: إنه بالنظر إلى الأرقام التي استعرضها رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي بغزة عن حالات الطلاق للعام 2021، فإن النسبة ارتفعت لتصل إلى 23.6 بالمئة، مقارنة مع العام 2020 والذي بلغت فيه 15.6 بالمئة.
وبيّن أن نصف هذه الحالات البالغ عددها 4319 طلاق في العام الماضي، هي في الحقيقة تصنف كحالات طلاق “قبل الدخول” كما هي مقررة شرعاً ومجتمعياً.
وقال: “إذا فهمت الجهات المختصة أن عليها تغيير طريقتها في التعاطي مع هذه المسألة فإن حالات الطلاق ستزول، لأنه باختصار لن تصنف الخطوبة على أنها طلاق”، متسائلاً: “كيف تعتبر الفتاة مطلقة فيما هي لم تتزوج عملياً. هذا ظلم”.