الكشف عن تفاصيل اقتراح “الكونفدرالية” لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. خلافات كبيرة وملفات مُعقدة ومقترحات غامضة توضع على الطاولة ومشهد سياسي ضبابي وقاتم
يقترح باحثون ومفاوضون سابقون، فلسطينيون وإسرائيليون، “الكونفدرالية” كإطار لتطبيق “حل الدولتين”، القاضي بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.
ويقولون في آخر مقترح للسلام حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه إن “الحل الأفضل لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، هو إقامة دولتين غربي نهر الأردن، بحدود واضحة ومتفق عليها”.
وأضافوا: “الإطار الكونفدرالي، قد يمكّن كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين من كسر الجمود الحالي في عملية السلام”.
وقاد وزير العدل والمفاوض الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين الفريق الإسرائيلي، فيما قاضت المحامية والعضو السابق بالفريق الفلسطيني المفاوض هبة الحسيني الفريق الفلسطيني.
ومن المقرر أن يَعرض الفريق، هذا الأسبوع، اقتراحه على مسؤولين أمريكيين في واشنطن، وأُمميين في نيويورك.
ولم تتضح على الفور مواقف القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية، من هذا الاقتراح.
ولا يوجد أفق لاستئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، المتوقفة منذ سنوات طويلة.
وأدت هيمنة قوى اليمين في إسرائيل، والتي ترفض “حل الدولتين”، على البرلمان منذ نحو عقدين، إلى توقف عملية التسوية، وانسداد الأفق السياسي.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، عام 1967.
ويعيش حوالي 650 ألف إسرائيلي حاليا في أكثر من 130 مستوطنة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
**كونفدرالية الأراضي المقدسة
وتقول الخطة التي تحمل اسم “كونفدرالية الأراضي المقدسة”، وحصلت وكالة الأناضول على نسخة منها، إنها تسعى إلى “تسهيل (تحقيق خيار) حل الدولتين، وتوفير إطار جديد للتفاوض على حل دائم بين الدولتين ذواتي السيادة، إسرائيل وفلسطين، وليس بديلاً عنه”.
وينص الاقتراح على إقامة دولتين مستقلتين على أراضي فلسطين الانتدابية (التاريخية)، إسرائيل وفلسطين، وتتكون الأخيرة من الضفة الغربية، بما في ذلك أجزاء من القدس الشرقية، وقطاع غزة، وستكون عاصمتا الدولتين في القدس (الغربية والشرقية، على التوالي): أورشليم (إسرائيل)، والقدس (فلسطين)”.
وتوضح الخطة أنه بعد إنشاء الدولة الفلسطينية فسيتم تشكيل الكونفدرالية، إن أرادت الدولتان ذلك.
وبحسب الخطة فإن الكونفدرالية المقترحة “تسمح بمزيد من التعاون بين الدولتين، وتسهّل التنقل بينهما، وتجعل القدس مدينة مفتوحة جزئياً، ليتم توسيعها لاحقاً”.
وقالت: “من السمات المهمة للاقتراح، هي تلك الفكرة المتبادلة التي مفادها السماح لعدد متفق عليه من المواطنين من كلتا الدولتين بالعيش في الدولة الأخرى كمقيمين دائمين، شريطة التزامهم باحترام قوانين البلدان المضيفة لهم، وهذا من شأنه أن يزيل عقبة رئيسية أمام التوصل إلى اتفاق سلام، وهي الحاجة إلى إخلاء عشرات الآلاف من الإسرائيليين بالقوة”.
وأضافت: “في المقابل، سيتم منح عدد مماثل من المواطنين الفلسطينيين مكانة الإقامة الدائمة في إسرائيل، وستكون هذه فرصة لزيادة عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل، بالإضافة إلى الحصة المخصصة للفلسطينيين الذين سيصبحون مواطنين في إسرائيل”.
واستنادا إلى الاقتراح “ستوقّع القيادة الرسمية لفلسطين وإسرائيل، اتفاقية سلام، تحل جميع قضايا الوضع النهائي، ويتم إنشاء الدولة الفلسطينية على الفور في المنطقتين (أ) و(ب)، وإنشاء كونفدرالية الأراضي المقدسة في نهاية فترة تنفيذ مدتها 30 شهراً، وستشمل الدولة الفلسطينية بعد ذلك 22.5% من مساحة فلسطين التاريخية (6,205 كم مربع أو 2,395.764 ميل مربع)، وتتفق الدولتان على حل النزاعات المستقبلية المحتملة من خلال المفاوضات الثنائية أو وساطة أو تحكيم طرف ثالث”.
والمنطقة (أ) بالضفة الغربية هي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية الكاملة وتشمل المدن، في حين أن المنطقة (ب) هي قرى الضفة الغربية الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية وكلاهما تشكلان نحو 40% من مساحة الضفة الغربية.
وقال الاقتراح: “ستتضمن اتفاقية السلام جدولاً زمنياً واضحاً يشير إلى الخطوات الإضافية التي تهدف إلى مزيد من الانفتاح على الكونفدرالية، ويشمل ذلك تحويل القدس (العاصمتين القدس، وأورشليم) إلى مدينة مفتوحة بالكامل، أي ما وراء البلدة القديمة، للسماح بحرية تنقل الأشخاص والبضائع ورؤوس الأموال، ولكل من الطرفين الحق في إرجاء هذه الخطوات لأسباب تتعلق بمصلحتهما الوطنية”.
وأضاف: “ستحتفظ الدولتان بمؤسساتهما الحكومية وأنظمتهما القضائية المستقلة، (بمرور الوقت، قد تقرران تشكيل مؤسسات مشتركة)، وسيتطلب أي نقل لسلطة حكومية إلى الدولة الأخرى ضمن ترتيب كونفدرالي، تشريعات دستورية”.
وتابع: “عند تشكيل الكونفدرالية، ستقتصر المنطقة المفتوحة في فضاء العاصمتين، القدس وأورشليم، على البلدة القديمة، وسيحدد الجدول الزمني لاتفاقية السلام موعد فتح منطقة العاصمتين بالكامل”.
وبشأن الاقتصاد يقترح أن “تحل الدولتان النظام الاقتصادي القائم على بروتوكول باريس الاقتصادي باتفاقية اقتصادية جديدة، بما في ذلك التحول التدريجي نحو اتفاقية التجارة الحرة، وستتعامل لجنة الكونفدرالية الاقتصادية والاجتماعية المقترحة مع مجموعة من القضايا الاقتصادية كالطاقة، والبنية التحتية، والزراعة، وحماية المستهلك…وغيرها”.
**خطوات تأسيس الكونفدرالية
ونظرا إلى جو “عدم الثقة الحالي”، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يقول الاقتراح إن الخطوة الأولى ستكون “التفاوض على اتفاقية دائمة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، بدون مظلة كونفدرالية، تتبعها فترة تنفيذ تصل إلى 30 شهراً، تعيش فلسطين وإسرائيل خلالها جنباً إلى جنب كدولتين ذواتي سيادة”.
ويضيف: “في نهاية فترة التنفيذ فقط، ستنشأ كونفدرالية الأراضي المقدسة إذا أرادت الدولتان ذلك”.
وقال الاقتراح: “عند توقيع الاتفاق الدائم، ستعترف إسرائيل رسمياً بالدولة الفلسطينية، وستصبح حكومة الدولة الجديدة شريكاً لإسرائيل في جميع الترتيبات نحو التنفيذ الكامل للاتفاقية”.
ويضيف: “إذا كان هناك قرار خلال فترة التنفيذ من إحدى الدولتين أو كلتيهما بالتخلي عن فكرة الاتحاد الكونفدرالي، فإن الدولتين (تعيدان) التفاوض على أجزاء من الاتفاقية، التي تنبع من فكرة الاتحاد الكونفدرالي”.
**الحدود وتبادل الأراضي
بشأن “الحدود بين الدولتين المكونة للكونفدرالية، أي الحدود الدائمة بين إسرائيل وفلسطين”، فتستند –حسب الاقتراح-إلى الخط الأخضر (خطوط 1967) مع تبادل للأراضي على أساس 1:1 من الخط الأول للمستوطنات الإسرائيلية فقط (أي المستوطنات التي لا يوجد تجمعات فلسطينية أو بنية تحتية حيوية بينها وبين حدود الخط الأخضر الفاصلة بين الضفة وإسرائيل).
أما بقية المستوطنات الإسرائيلية المتبقية، فستكون تحت السيادة الفلسطينية.
وأضاف: “ستضم إسرائيل 21 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية، يسكنها 247,044 إسرائيلياً، و8 أحياء يهودية في القدس الشرقية، يسكنها 200,979 إسرائيلي”.
أما بقية المستوطنات في الضفة، وعددها 105، ويبلغ عدد سكانها 193,565 إسرائيلياً، فستبقى تحت السيادة الفلسطينية، “وسيكون للمستوطنين الإسرائيليين خيار البقاء في منازلهم كمقيمين دائمين في الدولة الفلسطينية أو الانتقال إلى إسرائيل”.
وتقترح الخطة، تبادل أراضٍ بين الدولتين، حيث تقول إنه مقابل ضم اسرائيل 21 مستوطنة بالضفة الغربية، يتم تعويض الفلسطينيين بأراضٍ بذات المساحة.
كما تذكر أنه سيتم إقامة ممر تحت الإدارة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة لتمكين التواصل الجغرافي الفلسطيني.
**الأمن والمعابر
وحول الملف الأمني، يقول الاقتراح إنه “لن يكون للكونفدرالية قوتها العسكرية الخاصة، وستحتفظ كل من إسرائيل وفلسطين بقواتهما الأمنية على غرار الوضع الحالي في الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف: ” ستكون حدود فلسطين تحت السيطرة الفلسطينية، ومع ذلك، فإن الإطار الكونفدرالي يمنح قوات الأمن في كلا البلدين سهولة أكبر للعمل المشترك”.
وتابع: “ستدار المعابر الحدودية بين فلسطين والأردن ومصر من قبل فلسطين، ومراقبتها لأغراض أمنية، من قبل الوجود الدولي وإسرائيل، وستتم المراقبة الإسرائيلية عن بُعد دون تواجد أفراد أمن إسرائيليين في المعابر”.
وأشار الى السماح “للقوات الإسرائيلية بالحفاظ على وجود محدود بالتعاون مع قوة الحدود الفلسطينية على حدود فلسطين مع الأردن، وكذلك مع مصر بمجرد تطبيق الاتفاق في قطاع غزة”.
وقال: “إن المطلب الإسرائيلي بمواصلة تشغيل مرافق الإنذار المبكر في الأراضي الفلسطينية التي تستهدف التهديدات الخارجية قد يجد حلاً أسهل في إطار عمل الكونفدرالية، الذي يؤدي إلى تعاون أكبر بين الطرفين، وسيتم إشراك الجانب الفلسطيني بالمعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال هذه المرافق، دون الكشف عن المصادر”.
وأضاف: ” سيتحمل سلاح الجو الإسرائيلي مسؤولية حماية الكونفدرالية من التهديدات الجوية، وسيُسمح له باستخدام كل المجال الجوي للكونفدرالية لاعتراض المنصات الجوية المعادية، وسيكون لفلسطين سلطة استخدام مجالها الجوي لجميع الاستخدامات المدنية، بما في ذلك تشغيل المطارات بالتنسيق المتبادل الضروري لإجراءات السلامة الجوية، وفقاً للمعايير الدولية”.
وأشار الاقتراح الى أنه “يمكن لقوة دولية على نطاق كبير، متمركزة في غور الأردن أن تساعد الفلسطينيين في الدفاع عن الحدود والمعابر الحدودية مع الأردن بالتنسيق مع إسرائيل”.
**ملف اللاجئين
وبشأن اللاجئين الفلسطينيين، فتقترح الخطة أنه يحق لكل لاجئ اختيار مكان الإقامة الدائم من بين عدة أماكن، بما في ذلك خيار محدود لإعادة التوطين في إسرائيل، يتناسب مع متوسط عدد اللاجئين الذين تستوعبهم دول أخرى.
وتشمل الخيارات الإضافية لممارسة اختيار اللاجئين مكان الإقامة الدائم: الدولة الفلسطينية، والمناطق في إسرائيل المنقولة إلى الدولة الفلسطينية في عملية تبادل الأراضي، والدول المضيفة الحالية للاجئين، وسيتم تعويض الدول المضيفة مقابل استضافتها للاجئين منذ عام 1948.
وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن عدد الفلسطينيين حول العالم، يبلغ نحو 13 مليون نسمة، منهم حوالي 6 ملايين لاجئ.