بدأت السينما الافريقية في تنويع في مواضيع أفلامها، وتصوير الأشرطة التي تتناول الصراعات الاجتماعية والسياسية الجارية في القارة، ونقلها على الشاشة. ومن القضايا المهمة التي تناولتها السينما الافريقية، قضية المرأة. فهي ما زالت تكافح في معارك متعددة الاتجاهات في كل مكان من هذا العالم، لتنال الاعتراف بوجودها الإنساني. في افريقيا ربما تكون معارك النساء أكثر حدة، لأنها تكافح من أجل الحياة الطبيعية فقط، أي تكافح من أجل الهروب من بؤس العيش بشكل عام، الذي يسببه الفقر والصراعات المسلّحة، وتدني مستوى البنية التحتية، وأيضاً تدني الخدمات الصحية والتعليمية.
استطاعت السينما الأفريقية أن تكشف للعالم عن حياة الافريقيات اللاتي يرزحن في حياة هي الأصعب حول العالم، فنكتشف أن هناك علامات سينمائية مضيئة تقودها سينمائيات نساء، تُسهم بشكل فعّال في رفع أصوات الافريقيات، وتفصح عن أنماط الحياة التي يعشنها ويتطلعن إلى تغييرها.
فيلم « بينتي» 2021 واحد من هذه الأفلام، عرض لأول مرة في 8 مارس/آذار في العام الماضي كرمز لجميع النساء في جميع أنحاء العالم. «بينتي» وتعني باللغة السواحيلية «الشابة» قامت الكاتبة والمخرجة سيكو شامتي بإخراج الفيلم من نص شاركت في كتابته مع أنجيلا روهيندا، استناداً إلى قصة «ماريا شو» ومن إنتاج شركة (استوديوهات بلاك يونيكورن) وهي شركة إنتاج تمتلكها أنجيلا مع اختها أليندا روهيندا. يتابع فيلم «بينتي» كفاح أربع نساء بالكاد يوجد اتصال بينهن. يأخذك الفيلم خلال رحلة أربع نساء تنزانيات، وما يتعين عليهن القيام به للحفاظ على توازن حياتهن، مدينة دار السلام في تنزانيا هي مسكن هؤلاء النساء الأربع، اللواتي يثابرنّ طوال حياتهنّ لتحقيق أحلامهن ودفع صعوبات الحياة. باستخدام الكاميرا المحمولة التي تراقب حركاتهن وتركز عدستها على سير حياتهن.
يبدأ الفيلم بالحكاية الأولى وهي قصة الشابة «توميني» التي أدت دورها الممثلة بيرثا روبيرت، التي تدير سوبر ماركت صغيرا وتصنع «شاباتي» للبيع، بالإضافة إلى ركوب دراجة لتوزيع البيض. توفي والد «توميني» تاركا وراءه ديونا ضخمة صارت حملا ثقيلا على الفتاة الشابة. استمر الدائنون في التهديد أو المساومة من أجل سداد الدين وتحصيل الأموال. تقنع «توميني» والدتها بضرورة بيع خاتم الزواج لتسديد الديون، وفي النهاية تتخلى عن المتجر أيضا. قبل أن تتمكن من اتخاذ قرارها وهو طلب المساعدة من صديقتها من أيام الدراسة أنجيلا، تلتقي توميني بمصممة فساتين الزفاف «أنجيلا» التي كان لديها متجر إلى جوار محل توميني، لكنها انتقلت إلى مكان آخر. من هنا تبدأ حكاية المرأة الثانية «أنجيلا» نتعرف أكثر على هذه المرأة، التي يقلب زوجها الجديد حياتها رأسا على عقب منذ يوم زواجهما. كانت والدة أنجيلا قد حذرتها مسبقا من أن الأمر لن ينتهي بشكل جيد وتذكرها: «كاد أن يكسر ذراعك في المرة الأخيرة. سيأخذ حياتك بعد ذلك، لقد عشنا دون رجال طوال هذه السنوات».
مع استمرار نوبات غضب الزوج والاعتداء عليها بالضرب وغيرته القاتلة، ففي إحدى المرات انتابته فورة غضب فقام بإحراق متجر أنجيلا الخاص بها، وبهذا قتل سعادتها وبهجتها في العمل الذي كان يمنحها القوة والاستقلال، وأيضا كان الزوج السبب في إجهاض الجنين، لذا تركته وتركت بيته الجميل وعادت إلى بيت أمها الفلاحة البسيطة التي ترفض عبودية وسطوة زوج ابنتها، الذي يحاول أن يشوه سمعتها على وسائل التواصل الاجتماعي، تتعامل أنجيلا مع هذا الأمر بأسلوب راقٍ بعد أن حاول تشويه سمعتها على الإنستغرام، مشيراً إلى أنها قتلت طفلها الذي لم يولد بعد.
انتقلت أنجيلا مباشرة إلى السوشيال ميديا في فضح الزوج، وكل ما فعله بها، يضاف إلى أن أنجيلا وجدت أخيرا القوة للخروج وإعادة بناء المتجر، تقترب ستيلا من أنجيلا وتقدم لها الدعم، ومن هنا تبدأ قصة المرأة الثالثة، ستيلا، أدت دورها الممثلة هيلين هارتمان، «ستيلا» تريد أن تنشئ عائلة وحريصة على أن تكون أماً، وبعد خيبة أمل لأنها وزوجها غير قادرين على إنجاب طفل، لكن بعد تجربة وعدة محاولات لعلاج أطفال الأنابيب، تنجح تجربة ستيلا بالحمل بشكل طبيعي، عند تغيير نظامهم الغذائي وممارسة التمارين الرياضية الكافية، تحصل ستيلا على نتيجة إيجابية ويشعران بسعادة بهذا الحمل، لكن تلك السعادة لا تدوم حين تتعرض ستيلا للإجهاض وتصاب بالخيبة والجنون ويتصدع البيت الزوجي وتمر بفترة عصيبة، حين تتقين أنها لا تستطيع الإنجاب وسوف لا تتمتع بنعمة الأمومة وتتحطم ثقتها بنفسها، في النهاية تصل ستيلا إلى قناعة تدفعها إلى أن تقرر أخيرا أن إنجاب طفل ليس ما تريده هي وزوجها الآن، وتختار أن تكون سعيدة مع زوجها، بدلاً من ذلك، وعند خروجها لتناول المشروبات في كوخ جميل على الشاطئ مع زوجها، تصادف أن تكون روز في الكوخ نفسه وتخرج لتحية ستيلا، وهنا تنتقل المخرجة لسرد حكاية المرأة الرابعة، روز امرأة ناجحة ولديها طفلان. لكن لديها مشكلة الصبي (كريس) وهو طفل يعاني من إعاقة معرفية، ويجب أن تتحلى روز بالصبر معه.
- اقتباس :
- هذا الفيلم الدرامي هو قصيدة للمنظور النسوي، ومن خلال أربع قصص مترابطة بشكل بسيط عن النساء ونضالاتهن، يلتقط «بينتي» الذي تدور أحداثه في دار السلام، العديد من تحديات الأنوثة، الرسالة المهمة في الفيلم هي رسالة المساواة.
من خلال سرد هذه القصص، نلمس أن دور المرأة في المجتمع يتم التقليل من شأنه إلى حد بعيد. يروج صناع فيلم «بينتي» لمفهوم أن الأنثى يجب أن تنتصر، رغم أن الفيلم يظُهر المرأة دائمًا بمفردها وبالكاد تمنح الاحترام أو الحب الذي تسعى إليه في لحظات اليأس أو الصدمة، سواء كانت صدمة للأم بسبب هجرها لطفلها، أو امرأة تعاني من سوء المعاملة، فهناك العديد من الحواجز التي يضعها المجتمع الأبوي في حياتها اليومية. توضح المخرجة سيكو شامتي بشكل مباشر مدى الوحدة التي تشعر بها هذه الرحلة. مع تقدم الفيلم، نرتبط بقصص هذه الشخصيات، لأنها تناسب النوع الذي قد نراه من حولنا كل يوم، نسافر معهم لنختبر مشاعر عميقة وتحولات في حياتهم تشكل هموم ومعاناة هؤلاء النسوة لكنها تساعدهنّ أيضا في تحقيق حياة أفضل. فيلم نسوي بامتياز، يطرح أسئلة صعبة عن حياة أربع نساء ويسلط الضوء على المجتمع المتحيز.
هذا الفيلم الدرامي هو قصيدة للمنظور النسوي، ومن خلال أربع قصص مترابطة بشكل بسيط عن النساء ونضالاتهن، يلتقط «بينتي» الذي تدور أحداثه في دار السلام، العديد من تحديات الأنوثة، الرسالة المهمة في الفيلم هي رسالة المساواة. إن العبء الهائل للضغط المجتمعي الملقى على البطلات الأربع في كل قصة يعكس مجتمعا متحيزًا جنسانيا بشكل عام، «بينتي» هو رحلة قصيرة عبر حياة توميني (بيرثا روبرت) وأنجيلا (ماجدالينا مونيسي) وستيلا (هيلين هارتمان) وروز (جودليفر جورديان). نشهد في فيلم شامت محاولة من جانب النساء لتجاوز العديد من الحواجز في طريقهن، التي وضع الرجال معظمها في حياتهم. يعكس الفيلم صورة غير مريحة لأعمق عيوب المجتمع وتحيزاته.
الموضوع الرئيسي الآخر هو عبء المسؤولية التي تقع على كاهل المرأة، لا يهم ما إذا كانت تتمتع بامتياز أم لا. في مشهد وفي قصة المرأة الرابعة، في قصة روز دقة التمييز على أساس الجنس. إنهم على الطاولة لمناقشة التبعات المالية لإرسال ابنهم إلى مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، تذكر روز أن أحدهم يجب أن يترك العمل لإدارة الأشياء في المنزل. يرفض زوجها رفضا قاطعا أن يكون ذلك الشخص، على الرغم من حقيقة أن راتبها يغطي معظم فواتيرهم. من خلال أربع حكايات مترابطة بشكل فضفاض عن النساء، تنسج شامتي قصة بسيطة ومهمة عن الحب والخسارة والأمومة والألم. يطرح الفيلم عدة أسئلة غير مريحة على المشاهد، ما يجعل المرء يتأمل نفسه بعد فترة طويلة من انتهاء المشهد الأخير. تكمن خصوصية بينتي في الإلمام بقصص النساء. بحيث تبدو كل امرأة في الفيلم هي امرأة تعرفها أو سمعت عنها. بين متلازمة الأب الغائب، والعنف الأسري، وصراعات العقم، وأحزان الأمومة، هم جميعا النساء أنفسهن، يتعرضن للضرب والعنف والتحرش، لكنهنً تمكنً من إيجاد طريقة للعيش. ثلاث نساء وراء إنجاز فيلم «بينتي» وهما الشقيقتان أيليندا روهيندا وأنجيلا روهيندا والمخرجة سيكو شامتي. عملت كل من أليندا وأنجيلا كمنتجتين تنفيذيتين في فيلم «بينتي» جنبا إلى جنب مع مخرجة الفيلم سيكو شامتي. تقول أليندا: «أجرينا مسابقة لكتابة السيناريو في أواخر عام 2018 بعنوان» صنع في افريقيا» حيث طلبنا من الكتاب التنزانيين تقديم قصص أصلية مع موضوع تمكين المرأة». في عام 2019، اختاروا السيناريو الفائز، الذي كان بعنوان «الشابة» لماريا شو. ولا بد من الإشارة إلى أن الفيلم عُرض لأول مرة في الثامن من مارس عام 2021 في مهرجان عموم افريقيا للسينما بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
مشاهده
تحميل
Binti.2021._.WEB-DL.EgyDead.CoM.mp4