السلطان عبد الحميد الثاني.. (أيها السلطان العظيم، لقد افترينا عليك دون حياء. )
معلومات شخصية
الميلاد/21 سبتمبر 1842
إسطنبول، الدولة العثمانية..
الوفاة/10 فبراير 1918 (75 سنة)
إسطنبول الدولة العثمانية..
مكان الدفن/تربة السلطان محمود الثاني..
الزوجة/
نازك إدا قادن أفندي..
بيدار قادين ..
مشفقة قادن أفندي..
أبناء/
علوية سلطان، ومحمد سليم أفندي، وزكية سلطان، والسلطانة نعيمة، ونائلة سلطان بنت عبد الحميد، ومحمد برهان الدين أفندي، والسلطانة شادية، وحميدة عائشة سلطان، ورفية سلطان، وعبد الرحيم خيري أفندي، ومحمد عابد أفندي، وخديجة سلطان، ومحمد عبد القادر أفندي..
الأب/عبد المجيد الأول..
الأم/تيرمُجگان سلطان..
أخوة وأخوات/
مراد الخامس، ومحمد الخامس العثماني، ومحمد برهان الدين أفندي، ومحمد السادس العثماني، وأحمد كمال الدين..
حياته وتوليه الحكم:
ولد عبد الحميد الثاني يوم الأربعاء في شعبان 1258 هـ/21 سبتمبر 1842 في "قصر جراغان" في إسطنبول ابناً للسلطان عبد المجيد الأول والسلطانة "تيرمُجگان" الشركسية الأصل التي ماتت وهو في العاشرة من عمره، فاحتضنته (كبيرة المحظيات) "برستو هانم" وتعهدت بتربيته، فصارت أمه معنوياً وتقلدت مقام السلطانة الأم لمدة ثمان وعشرين سنة عند حكمه.
درس الموسيقى في شبابه ودرس الخط وتعلم اللغتين العربية والفارسيةبالإضافة إلى الفرنسية والأدب العثماني والعلوم الإسلامية وتعمق في التصوف، ونظم بعض الأشعار باللغة التركية العثمانية ودرس على يد علماء عصره بدءًا من عام 1266 هـ/1850 م، وأتم دراسة صحيح البخاري في علم الحديث، وتعلم السياسة والاقتصاد على يد وزير المعارف.
وذهب عبد الحميد في فترة تولي السلطان عبد العزيز الأول العرش مع وفد عثماني في زيارة إلى مصر ثم إلى أوروبا استغرقت رحلة أوروبا من 21 يونيو إلى 7 أغسطس عام 1867 زار فيها فرنسا وإنكلترا وبلجيكا والإمبراطورية النمساوية المجرية وألمانيا.
امتهن عبد الحميد النجارة وقد بدأ شغفه بها على أيام والده السلطان عبد المجيد الأول الذي كان أيضاً محبا لها أيضاً وكان إلى جانب والده رجل اسمه خليل أفندي تعلم على يده. ومحباً للرياضة والفروسية. عرف السلطان بتدينه وتقول ابنته عائشة بخصوص هذا الموضوع « كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويقرأ القرآن الكريم، وفي شبابه سلك مسلك الشاذلية، وكان كثير الارتياد للجوامع لا سيما في شهر رمضان.»
انتسب إلى جمعية العثمانيين الجدد في بداية تأسيسها لكنه تركها بعد أن أكتشف نواياهم المضرة بالدولة.
وبعد مذابح الأرمن في عهده أطلق عليه معادوه لقب "السلطان الأحمر" و"قاتل الأرمن"
تولى عبد الحميد الحكم في 11 شعبان 1293 هـ/31 أغسطس 1876م خلفاً لأخيه السلطان مراد الخامس،.
وتوجه في الموكب الملكي إلى ضريح أبو أيوب الأنصاري، وهناك تقلد السيف السلطاني وفق العادة المتوارثة مذ أن فتح العثمانيون القسطنطينية، ومنه سار لزيارة قبر والده السلطان عبد المجيد الأول، ثم ضريح محمد الثاني فاتح إسطنبول، ثم قبر جده محمود الثاني مبيد الانكشارية، ثم قبر عمه عبد العزيز الأول.
الإصلاحات:
بلغت الدولة العثمانية الذروة في عهد أفولها خلال عهد السلطان عبد الحميد الثاني في مجال الإصلاحات الداخلية، تشمل النهوض بالزراعة، وتحديث الصناعة ونتشيط التجارة، وإصلاح القضاء، والتعليم المدني والعسكري والفني، والاهتمام بالسلك الصحي، والمواصلات الحديدية والبحرية والبرقية والبريدية.
عندما تولى عبد الحميد الخلافة كانت الديون العثمانية قد بلغت 2,528,010,885 ليرة عثمانية فاستطاع تخفيضها إلى 106,437,234 ليرة عثمانية وذلك باستقدام خبراء ماليين أوربيين.
من أهم إصلاحات عبد الحميد هي الإصلاحات العسكرية وذلك عندما بدأ التقارب العثماني-الألماني، فاستقدم جنرالات ألمان لتدريب الجيش العثماني منهم: فون دركولج، وفون هوفز، وكامب هوفز. وأرسلت بعثات عسكرية، واستقدمت الأسلحة من هناك.
وبنى من ماله الخاص مستشفى الأطفال في حي شيشلي في مدينة إسطنبول وداراً للعجزه. وافتتح مركز البريد العام ودار النفوس العامة، والغرف التجارية والزراعية والصناعية، وافتتاح معمل للخرف، وجرى توسيع معمل الطرابيش، وقام بمد أنابيب المياه «مياه الحميدية» التي لا تزال موجودة وأصبحت تابعة لأمانة مدينة إسطنبول.
بدأت مرحلة الإصلاحات القضائية في عهد عبد الحميد الثاني بافتتاح "مدرسة الحقوق السُلطانية" في 1295 هـ/1878م، وكان المتخرجون يتم تعيينهم في المحاكم النظامية، وأعاد تنظيم وزارة العدل، فأصبحت تشرف على القضائين المدني والجنائي، وظلت المحاكم الشرعية تابعة لشيخ الإسلام. ووضع برنامجاً للإصلاح القضائي، وطلب السُلطان من وزارة العدل اتخاذ الإجراءات لوضع قوانين تشمل عمل المحاكم المدنية وتحديد اختصاصاتها، وإعداد لوائح لتنفيذ الأحكام القضائية، وتعيين مفتشين قضائيين لكل ولاية، ومدعين عامين في محاكم الاستئناف في الولايات والفصل بينها وبين المحاكم الابتدائية. وأنشأت محكمة التمييز، والمحاكم النظامية والتجارية خاصة في الولايات ذات النشاط التجاري الكثيف، وأُصدرت قوانين تنفيذية تتعلق بالقضاء.
المواصلات:
لم يكن للدولة العثمانية شبكة من الخطوط الحديدية تناسب مركزها كدولة كبرى، وكانت قد بدأت بإدخالها في (1268 هـ/1852م) بمد 452 كيلو متر في عهد السلطان عبد المجيد الأول كلها في قارة أوروبا. وفي (1278 هـ/1861م) وُقع عقد مع شركة فرنسية-بلجيكية لمد خطوط في أراضي الدولة إلا أنها توقفت بعد خسارة فرنسا أمام ألمانيا في عامي 1870م - 1871م.
وفي عهد السلطان عبد الحميد وصل أول قطار يربط المدن الأوروبية ببعضها وانطلق من مدينة فيينا إلى مدينة إسطنبول العاصمة وهو "قطار الشرق السريع" في 1305 هـ/1888م. أبدى السلطان اهتماماً بالغاً بتوسيع إنشاء شبكة من الخطوط الحديدية بهدف ربط أجزاء الدولة المترامية الأطراف، واستخدامها عسكرياً، حتى أن طول الخطوط الحديدية في عهده بلغ 5883 كيلو متر بين (1325 هـ - 1326 هـ/1907م - 1908م)، وكان أهم إنجاز في عهده هو سكة حديد الحجاز الذي بدأ إنشائه في عام 1900م ويصل بين مدينة دمشق في الشام حتى المدينة المنورة في الحجاز، وكان لهذا المشروع عدة أهداف أولها خدمة الحجاج المسلمين، والأهداف الأخرى تتنوع بين عسكرية وسياسية، ونشر السلطان بين المسلمين في أرجاء الأرض بياناً يناشدهم فيه بالمساهمة وبالتبرع حتى أصبحت هذه التبرعات التي جُمعت هي ثلث نفقات وتكاليف المشروع. وتم الانتهاء منه في أغسطس 1908م وكان هذا الشهر الذي وصل فيه أول قطار إلى المدينة المنورة. وكان من المقرر أن تصل الخطوط حتى مدينة مكة المكرمة إلا أنها توقفت بسبب أن شريف مكة حسين بن علي الهاشمي قام بعرقلة المشروع خوفاً على سلطانه. وعند قيام الثورة العربية الكبرى قام الثوار بتخريب السكة بقيادة ابنه فيصل بن الحسين بن علي وبمعاونة الاستخبارات البريطانية، ولا زالت السكة معطلة.
يُذكر أن من المشاريع الكبيرة التي لم تكتمل هو مشروع مد خط سكة حديد في اليمن إلا أن السلطان قد خلع قبل تنفيذ المشروع.
التعليم:
إن عبد الحميد الثاني أبرز السلاطين الذين تطور التعليم في عهدهم، أنشأ المدارس المتوسطة والعليا والمعاهد الفنية لتخريج الشباب العثماني. واهتم اهتمامًا بالغًا بالمدرسة التي أنشأت عام 1859م على عهد السلطان عبد المجيد الأول، فأعاد تنظيمها وفق خطة علمية، وتحديثها بمناهج دراسية جديدة، وفتح أبوابها للطلاب القائمين في العاصمة، والوافدين من مختلف الأقاليم العثمانية. وأنشأ السلطان بدءًا من عام 1878م، المدرسة السلطانية للشؤون المالية، ومدرسة الحقوق التي تخرج القضاة وتخرج الطلاب للوظائف الإدارية، ومدرسة الفنون الجميلة، ومدرسة التجارة، ومدرسة الهندسة المدنية، ومدرسة الطب البيطري، ومدرسة الشرطة، ومدرسة الجمارك، كما أنشأ مدرسة طب جديدة في عام 1898م،
ومدرسة الزراعة، ومدرسة التجارة البحرية، ومدرسة اللغات، ومدرسة الأحراج والمعادن، ومدرسة المعوقين، ودار المعلمات ومدرسة الفنون النسوية. وافتتح متحفي الآثار القديمة والمتحف العسكري، ومكتبتي يلدز وبايزيد، وثانوية حيدر باشا.
وقام السلطان عبد الحميد الثاني بتطوير "مدرسة إسطنبول الكبرى"، التي أنشئت في عهد السلطان محمد الفاتح، وأصبحت جامعة إسطنبول، وضمّت، في أول أمرها، أربع كليّات هي: العلوم الدينية، والعلوم الرياضية، والعلوم الطبيعية، والعلوم الأدبية، وعُدّت مدرستا الحقوق والطب كليتين ملحقتين بالجامعة. وتطلبت المدارس الملكية، أو المدنية، بدورها إنشاء عدد من دور المعلمين لتخريج معلمين أكفاء يتولون التدريس فيها، وكانت أول دار للمعلمين في الدولة أنشئت، في عام 1848م، على عهد السلطان عبد المجيد الأول، وأضحى عددها في عام 1908م، ثمان وثلاثين دارًا منتشرة في العاصمة وحواضر الولايات والسنجقيات، وأنشأ السلطان عددًا كبيرًا من المدارس الرشدية التي كانت بمثابة مدارس متوسطة.
قالوا عنه:
آرنولد توينبي:
( إن السلطان عبد الحميد كان يهدف من سياسته الإسلامية، تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة، وهذا لا يعني إلا هجمة مضادة، يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين ).
الكاتب التركي آت صز:
( عبد الحميد الثاني، واحد من أعظم الشخصيات المفترى عليها في التاريخ ).
الأستاذ الجامعي والكاتب سعيد الأفغاني:
( رحم الله عبد الحميد. لم يكن في مستواه وزراء، ولا أعوان ولا شعب. لقد سبق زمنه. وكان في كفايته ودرايته وسياسته وبعد نظره، بحيث استطاع وحده بدهائه وتصرفه مع الدول، تأجيل انقراض الدولة ثلث قرن من الزمان . و لو وجد الأعوان الأكفياء والأمة التي تفهم عنه لترك للدولة بناء من الطراز الأول ).
الدكتور رضا توفيق:
( أيها السلطان العظيم، لقد افترينا عليك دون حياء ).