منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:33 am

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)


الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات . وبعد؛ فقد اخترت الكتابة في موضوع " الصهيونية"، وذلك لما لهذا الموضوع من أهميةٍ في واقعنا المعاصر ولما له من خطورةٍ أصابت آثارها ولا زالت تصيب عالمنا الإسلامي من أوله الى آخره ؛ حكاماً ومحكومين، أفراداً وجماعات ، كباراً وصغاراً ...
كيف لا وقد وصلت الصهيونية بنفوذها إلى حدّ تعيين كثيرٍ من الزعماء والملوك والوزراء والمساهمة في منع آخرين من الوصول الى هذه المناصب ؟؟ كيف لا وقد أمرت أمراء عالمنا الثالث بتغيير مناهج المدارس وسياسات الجامعات ، وكرّست من خلالهم انقسامات الشعوب والدول ؟؟ كيف لا وقد صودرت الحريات وكمّمت الأفواه وغدا الكلام مباحاً طالما دار على الألسن الخرساء ؟؟
لقد دار العُرف وجرت العادة على أن يخطّ الباحثون في مقدّمات أبحاثهم مشكلات البحث وأسباب اختيارهم للكتابة فيه ، وأراني اليوم أخطّ مقدّمةً وأكتب في مشكلة تصلح لأن يشترك فيها كلّ مسلم وعربي وصاحب ضمير حيّ ؛ فهذه المشكلة ، التي فيها أكتب ، إنما هي قاسم مشترك لهمومنا جميعها ؛ خصوصاً وأننا نعيش في الشرق الأوسط ونحن من سكان ( الأردن ) التي أشارت اليها الأحاديث بوصفها أرض الحشد والرباط . نعم فجارنا الغربي هذا أقبح جار ، لا عهد له ولا ميثاق . هو الجار الذي لم يسلم أحدٌ من بوائقه وهو عينه الجار الذي كان السبب المباشر في كل الحروب التي خاضها العرب والمسلمون منذ ما يزيد على ثمانية وخمسين عاماً ، وكانت بصماته واضحة تمام الوضوح في معظم المشكلات التي تعاني منها المجتمعات المعاصرة ، سواءٌ بتدخّل مباشر منه أو بإيحاء وتخطيط فير مباشرين قام بالتنفيذ نيابةً عنه الوكلاء والعملاء والمندوبون والأجراء أصحاب الوجوه الصفراء ، أصحاب الكروش القابضون على القروش من العروش لقتل كل من عمل أو فكّر في العمل على إحياء تحكيم شريعة الله تعالى ، فصدق فيهم قول الشاعر :
الـقـاتـل وجـهٌ أســودُ يخفـي مئـات الأوجـه الصفـراء
كلهم مشتركون تقبلـك إنمـا نابـت يـد الجاني عـن الشركـاء


المبحث الأول
في التعريف بالصهيونية
كلمة الصهيونية: مشتقةٌ من لفظة (صهيون). وصهيون اسم رابيةٍ في أورشليم كان قد أقام عليها اليبوسيون أبناء عمومة الكنعانيين العرب حصناً قبل ظهور بني اسرائيل (قوم موسى) بحوالي ألفي عام. ولذا تكون اللفظة كنعانية (عربية) وليست عبرية ( يهودية )، شأنها شأن أسماء مدن وقرى فلسطين القديمة والتي كانت وما زالت تحمل أسماءها الكنعانية الأصلية حتى يومنا هذا ، وقد أطلقت تسمية الصهيونية على منظمة ارهابية أسّسها يهود روسيا بعد منتصف القرن الماضي فَسُمِّيَ أعضاؤها ( عشاق صهيون ) و ( أحباء صهيون )([1]).
وهي حركة سياسية عنصرية متطرفة ، ترمي الى اقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كله ، واشتقت الصهيونية من اسم ( جبل صهيون ) في القدس ، حيث تطمع الصهيونية أن تشيّد فيها هيكل سليمان ، وتقيم مملكة لها تكون القدس عاصمتها ، ارتبطت الحركة الصهيونية بشخصية اليهودي النمساوي " هرتزل " الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم([2]).
وقال عبد الوهاب المسيري في تعريفها([3]): " الصهيونية " اشتقها الكاتب اليهودي النمساوي " ناتان بن يناوم " من كلمة صهيون ، ليصف بها هذا الاتجاه السياسيّ الجديد بين صفوف اليهود وغيرهم ، وهو جديد في أنه حوّل النزاعات " الماسيحانية " اليهودية الى حركة سياسية .
وعرّفها آخرون بأنها الحركة التي قامت على نقل كل اليهود أو بعضهم الى كل فلسطين أو جزء منها لتأسيس دولة هناك([4]).
المبحث الثانـــي
هرتزل وتحقيق الحلم وتحصيل الدعم
من هو " ثيودور هرتزل " ؟
ينحدر " ثيودور هرتزل " من أسرةٍ مجريةٍ ثريةٍ، ولدُ في بودابست عام 1860، ودرس في جامعة فينا ، وعمل مراسلاً للجريدة النمساوية ( الليبرالية الجديدة )في باريس مدة خمسة أعوام 1890 – 1895. وفي 14 / شباط من عام 1896 وضع كتاب "الدولة اليهودية"، والصهيونية كما حددها " هرتزل " وجماعته حركة سياسية أهدافها هي :
خلاص الشعب اليهودي من الاضطهاد وأعداء السامية .
جمع الشعب اليهودي المشتت وتوحيده .
إقامة دولة يهودية في أرض الميعاد ( فلسطين ) .
استخدام جميع الوسائل لإنشاء الوطن القومي اليهودي .
تنظيم الهجرة الى فلسطين وبناء الدولة اليهودية .
الحفاظ على الخصائص القومية للشعب اليهودي([5]).
تلك هي الخطوط الرئيسية للحركة الصهيونية التي وضع قواعدها " هرتزل " وجماعته كتاب اليهود. والصهيونية هي امتداد للحركة اليهودية العالمية التي ظهرت في القرن الثامن عشر في أوروبا الشرقية ، وامتدّ نشاطها الى أوروبا الغربية والشرق الأوسط ، حيث كوّنت مراكز وخلايا سرية ، وقد اتسع نشاطها في القرن التاسع عشر الذي يميز بتحولات سياسية في أوروبا استغلتها الحركة اليهودية لتنفيذ مخطط الهجرة الى فلسطين وبناء الركائز الأولى للدولة العبرية .
والذي أبرز حركة " هرتزل " على المسرح السياسيِّ النشاطُ الصحفيُ الإعلامي الذي قام به " هرتزل " نفسه بالاشتراك مع جماعة من كتاب اليهود، وكان وراء الحركة الإعلامية التنظيم السياسي السري للحركة اليهودية الذي أنشئ عام 1731 في مدينة سالزبورع النمساوية ونقل المركز الى فينا عام 1764 وزار " هرتزل " روسيا وألمانيا وبريطانيا للحصول على دعمها للهجرة اليهودية الى فلسطين ، وزار اسطنبول عام 1901 وقابل السلطان عبد الحميد ، ولم يحصل على نتيجة ايجابية ، ومات " هرتزل " عام 1904([6]) .
حلم " هرتزل":
رأى " هرتزل " في منامه الحلم التالي : " ظهر لي المسيح الملك على صورة رجل في عظمته وجلاله فطوقني بذراعيه، وحملني بعيداً على أجنحة الريح والتقينا على إحدى النجوم القزحية بصورة موسى ... فالتفت الى موسى مخاطباً إياه: " من أجل هذا الصبيّ كنت أصلّي " الى أن قال لي: " اذهب واعلن لليهود أني سوف آتي عما قريب لاجتراح المعجزات الكبيرة وأبدي الأعمال العظيمة لشعبي وللعالم بأسره ".
ومما يدعو الى السخرية أن " هرتزل " هذا نبي الصهيونية المنتظر كان قبل سنتين من تأليف كتابه " الدولة الصهيونية " سنة 1896 من دعاة اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها ، وقد كان يكتب عن نجاح هذا الاندماج ولكنه لأسباب استعمارية أصبح من دعاة الصهيونية وأقام مجتمع خاص لليهود في فلسطين بدلاً من اندماجها في المجتمعات التي يقيمون فيها المجتمعات وليس بسبب حادثة " درايفوس " كما يدعون .
لذلك نعتبر الحركة الصهيونية مهما أضفي عليها من نعوت دينية ومهما حاولوا تأصيل جذورها الى الديانة اليهودية تعتبر حركة سياسية تهدف الى تحقيق مخططات استعمارية سيكون أول ضحاياها اليهود أنفسهم([7]).
لم يكد يمضي شهرٌ على صدور كراس " هرتزل " ( الدولة اليهودية ) ( محاولة إيجاد حل عصري للمسألـة اليهوديـة) في 14 شباط / فبراير / 1896م ، حتى كان القس التابع للسفارة البريطانية في فينا " وليام هشلر " يقرع بابه ليعرب له عن سروره بالحل الهرتزلي ، ويؤكد له أنه توقع حدوثه منذ عامين ، فقد سبق له أن أجرى حسابات خاصة وفقاً للنبوة التي أرجع المبشرون تاريخها الى العام 637 / 638م من خلافة عمر بن الخطاب ، وانتهى به القول الى اعلان الموعد المنتظر لتحقيق النبوة وعودة اليهود الى فلسطين بعد مضي ( 42 شهراً ) مما أطلقوا عليه تسمية ( الأشهر النبوية ) أي بعد 1260 عاماً من خلافة عمر ، لذلك تكون السنة العجائبية المتوقعة إما عام 1897 أو عام 1798 وقد سارع القس " هشلر " لدى فروغه من قراءة الكراس الهرتزلي الى مقابلة السفير البريطاني وتبشيره بالنبأ السار ( لقد ظهرت البشارة المنتظرة)([8]) .
ومن الواضح أن هذا القسَّ هو أحد ضبّاط الاستخبارات المكلفين بمواكبة " هرتزل " في مسيرته لتحقيق المخطط الاستعماري الغربي لاقامة دولة يهودية في فلسطين ، كما لا يخفى على أحد كيف ركبت الحسابات بحيث يكون لها أساس تاريخي وهو خلافة عمر (رضي الله عنه) ولو لم تتطابق الحسابات مع خلافة عمر لطابقوها بأي حدث تاريخي آخر من التاريخ الاسلامي أو المسيحي أو اليهودي.
اذا كنا نؤكد([9]) أن الهدف من تأسيس الحركة الصهيونية وتهويد فلسطين ليس هدفاً دينياً وإنما استغل الدين لتحقيق الأهداف السياسية ، فليس أصدق من " ناحوم غولدمان " رئيس المؤتمر اليهودي العالمي الذي بيَّن بوضوح الهدف الحقيقي لاختيار فلسطين هدفاً للصهيونية وقاعدة للاستعمار ، فقد قال في محاضرة له في مونتريال في كندا عام 1947 نشرتها جريدة الاتحاد الوطني الناطقة بالفرنسية عدد 12 عام 1953م :
" لم يختر اليهود فلسطين لمعناها التوراتي والديني بالنسبة اليهم ، ولا لأن مياه البحر الميت تعطي بالفعل التبخر ما قيمته ثلاثة آلاف مليون دولار من المعادن وأشباه المعادن ، وليس أيضاً لأن مخزون أرض فلسطين من البترول يعادل عشرين مرة مخزون الأمريكتين مجتمعتين ، بل لأن فلسطين هي ملتقى طرق أوروبا وآسيا وافريقيا ، ولأن فلسطين تشكل بالواقع نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم ولأنها المركز الاستراتيجي للسيطرة على العالم " [10].
لقد اتبع اليهود الصهاينة جميع الوسائل لتحقيق أهدافهم وأحلامهم ، وقاموا باتصالات مع جميع الدول الاستعمارية من أجل ذلك ، كما مر معنا ، ولكن يجب أن لا ننسى في هذا المقام تلك الاتصالات التي تمت بينهم وبين السلطان عبد الحميد بصفته السلطان الذي كانت فلسطين ضمن ممتلكات دولته .
شعارهم الأفعى الرمزية
لقد شبّه اليهود حكومتهم المستورة بالأفعى التي بدأ زحف رأسها المميت من فلسطين سنة 70م لتخريب العالم وذنبها باقٍ في فلسطين ولا يعود الرأس للالتقاء بالذنب إلا بعد تدمير العالم والتربع على أنقاضه تحت حكم ملك يهودي يحكم العالم من القدس .
ويحلّل الدكتور علي عبد الحليم محمود مكيدة اليهود التي قالوا بأنهم سينفّذونها سلمياً بما يلي : وكانت هذه المكيدة تُنَفَّذ خلال تطورات التاريخ بالتفصيل وتكمل على أيدي رجال دُرِّبوا على هذه المسألة ، هؤلاء الرجال العلماء صمموا على فتح العالم بوسائل سلمية مع دهاء الأفعى الرمزية التي كان رأسها يرمز الى المتفقهين في خطط الإدارة اليهودية وكان جسم الأفعى يرمز الى الشعب اليهودي ، وكانت الإدارة مصونة سرّاً عن الناس جميعاً حتى الأمة اليهودية نفسها ، وحالما نفذت هذه الأفعى في قلوب الأمم التي اتصلت بها تسرّبت من تحتها ، والتهمت كل قوة غير يهودية في هذه الدول([11]).
وقد سبق القول بأن الأفعى لا بد أن عملها متّصل ، وأنها معتصمة اعتصاماً صارماً بالخطة الموسوية حتى يغلق الطريق الذي تسعى فيه بعودة رأسها الى صهيون ، وحتى تكون هذه الأفعى بهذه الطريقة قد أكملت التفافها حول أوروبا وتطويقها إياها ، وتكون لشدة تكبيلها بأوروبا قد طوّقت العالم أجمع، وهذا ما يُتَمّ انجازه باستعمال كا محاولة لإخضاع البلاد الأخرى بالفتوحات الاقتصادية .
إن عودة رأس الأفعى الى صهيون لا يمكن أن تتم إلا بعد أن تنحط قوى كل ملوك أوروبا ، أي حينما تكون الأزمات الاقتصادية ودمار تجارة الجملة قد أثر في كل مكان ، هناك ستمهد السبيل لإفساد الحماسة والنخوة ، وللإنحلال الخلقي ، وخاصة بمساعدة النساء اليهوديات المتنكرات في صور الفرنسيات والإيطاليات ومن إليهن ، إن هؤلاء النساء أضمن ناشرات للخلاعة والتهتك في حيوات المتزعمين على رؤوس الأمم([12]).
ولكن من أين جاء الدعم المالي لفكرة " هرتزل " وأصحابه ؟ ومن هي المؤسسات الدّاعمة؟
والمعروف أن الحركة اليهودية اعتمدت على التنظيم السياسي السري والمال لتنفيذ مخططاتها .. مع العلم أن الصندوق القومي للهجرة والاستيطان في فلسطين أنشئ بأموال التبرعات التي جمعت من المؤسسات والأثرياء اليهود في أوروبا وأمريكا ، ومن بين الأسر الثرية التي اعتمدت عليها في تموين الصندوق القومي للاستيطان في المرحلة الأولى 1850 – 1890 أسرة " روتشيلد " وأسرة " فاربورع " وأسرة " هيرش " وأسرة " اوسكشين " وأسرة " هوفمان " وأسرة " دوفيك " وأسرة " مانوهيـم " وأسـرة " كالوسكي " وأسرة " دوش " وأسرة " لازار " ... الخ.
ووفقاً للمخطط الذي وضعته اللجنة السياسية وأقره مجلس الصندوق القومي للاستيطان برئاسة " ادموند روتشيلد " شكلت لجنة لشراء الأراضي وانشاء المستعمرات والمدارس الزراعية والمهنية والجمعيات في فلسطين ، وخلال 1868 – 1887 تم انشاء عدة مستعمرات الأولى اسمها " مكفا اسرائيل " قرب مدينة يافا ، تشغل مساحة 3 ملايين متر مربع ( 3000 دونم ) ، والمستعمرة الثانية " بتاح تكفا " والثالثة " ريشون لزبون " قرب يافا ، والرابعة " زكرون يعقوب ( جاكوب ) " جنوب شرقي حيفا، والخامسة " روشينا " بين طبريا وصفد ، والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة في المنطقة الساحلية يافا – قيسارية – حيفا ، وفي عام 1889 – 1890 تم انشاء المستعمرة الكبيرة اسمها " رحبوت " قرب يافا ، تشغل مساحة 5700 دونم([13]).
وهكذا توالى انشاء المستعمرات الزراعية في فلسطين ، حيث ارتفع عددها الى 26 مستعمرة عام 1905 ثم قفز العدد الى 46 مستعمرة عام 1913 نصفها في السهل الساحلي والنصف الآخر في الجليل ومرج بني عامر ومنطقة القدس والكرمل ، وكان لكل مستعمرة ادارتها وحراسها من اليهود ، وتتمتع بامتيازات خاصة حصل عليها الصندوق القومي من حكومة الاتحاد والترقي العثمانية التي سمحت بشراء الأراضي لحساب الصندوق اليهودي وانشاء المستعمرات .
والنقطة التي توجب الايضاح أن الأراضي التي اشتراها الصندوق القومي اليهودي بواسطة السماسرة واستخدام الرشوة كان ثلثها أملاك أميرية والثلثين أملاك خاصة أصحابها عرب بعضهم يقيم خارج فلسطين وبعضهم في القدس ويافا وحيفا وقيسارية والرملة . وتشير الوثائق الى الأراضي الخصبة التي اشتراها الصندوق اليهودي في السهل الساحلي ومنطقة القدس والناصرة ومرج بني عامر من أسر عربية معروفة عام 1905 – 1913 منها 29 ألف دونم باعها ملاك كبير وابن عمه من أسر ثرية تعيش في بيروت و 4 آلاف دونم باعها ملاك من أسرة كبيرة تقيم في القدس و 5 آلاف باعها ملاك يقيم في يافا ، و3 آلاف دونم باعها ملاك يقيم في الرملة ... الخ .
مؤسَّسات الاستيطان لبناء الدولة اليهودية
وقد استغلت الحركة اليهودية ( الصهيونية ) ضعف الدولة العثمانية وتعاطف حكامها من جمعية الاتحاد والترقي مع اليهود لتوسيع عمليات الاستيطان الذي تدعمه دول أوروبا الكبرى والصغرى .. ولكسب الوقت والسير في عملية تنفيذ المخطط السياسي الذي عليه يتوقف بناء الدولة العبرية فقد تشكلت ثلاث لجان عليا :
الجنة السياسية للاتصالات بالحكومات وعقد الاتفاقات السرية معها .
لجنة الوكالة اليهودية مهمتها الإشراف على شؤون اليهود والهجرة والمستعمرات.
لجنة الصندوق القومي ومؤسساته المالية ( ثلاث مصارف – بنوك مقرها الرئيسي لندن زوريخ فرنكفورت)، والشركات التابعة للصندوق هي شركة المشاريع والتجارة مركزها الرئيسي يافا، ولها عدة فروع في القدس وحيفا وصفد والخليل وبيروت ودمشق، والشركة الزراعية لإصلاح الأراضي وزيادة الانتاج وشركة التصنيع والتسويق.
كما تأسست جمعيات يهودية عديدة في بعض المدن الفلسطينية وبيروت، وهي فروع تابعة للجمعيات اليهودية الكبرى في أوروبا: الا ليانس مركزها الرئيسي باريس، والجمعية التعاونية مركزها الرئيسي لندن ، وجمعية الإرشاد مركزها الرئيسي فينا، والجمعية الإصلاحية الريفية مركزها الرئيسي لندن ، والجمعية الاتحادية مركزها الرئيسي زوريخ ، والجمعية الإسرائيلية مركزها الرئيسي فرنكفورت ، وجمعية الرابطة اليهودية مركزها الرئيسي فينا ، والجمعية التوفيقية مركزها بازل ، وجمعية موشافيم ( العمالية التعاونية ) .... الخ([14]).
لم يتوقف الدعم هنا بل تأسست الدولة الاستعمارية بدعمهم
المبحث الثالث
نماذج من دعم الدول الاستعمارية للصهيونية
ألمانيا تدعم الصهيونية :
في عام 1898 قام " غليوم الثاني " برحلة الى الشرق وزار خلالها تركيا وسوريا وفلسطين واستقبل في القدس وفداً صهيونياً على رأسه " تيودور هرتزل " ، وقد أكد " غليوم " لهذا الوفد بأن المساعي الصهيونية في فلسطين التي تحترم حليفتها تركيا تستطيع أن تعتمد على رعايته الكاملة .
وقد أوعزت حكومة ألمانيا لمصارفها ورجال المال فيها بفتح اعتمادات ضخمة لحساب المكاتب الصهيونية التي أصبحت برلين عاصمة سياسية ومالية لها ، وقد قام مصرف " روتشيلد " بتمويل عمليات الاستيطان الأولى في فلسطين واستمر بعد ذلك في مدهم بالمعونات اللازمة .
وأما الصهيونية التي صنعها " غليوم الثاني " فقد أخذت تبرز في وضح النهار وأصبح أركان حرب الامبراطور " غليوم " يظهرون أنفسهم محررين ليهود بولندا ولم تكن ألمانيا تألو جهداً في محاباة المجتمعات اليهودية ذات الارتباط الشديد بالصهيونية وهم يهود أوروبا الشرقية .
وفي عام 1899 نجد " هرتزل " يسعى لمقابلة قيصر ألمانيا حيث عرض عليه انشاء شركة مرخصة تستعمر فلسطين باشراف وحماية ألمانيا . " كتب " هرتزل " شارحاً المشروع بالنسبة للمصالح الألمانية ومطمئناً أن التحالف سيبقى هنا سراً وسينجم عن ذلك آلياً علاقة حماية سياسية من قبل الامبراطورية ، ولن يكون هناك حاجة لأي تصريح علني من قبل حكومة الامبراطور لتلك الخطوة حتى يتمكن التنصل من المسؤولية بلا أية ضجة على أساس أننا نعمل لحسابنا تماماً كما كانت الحكومة الانجليزية قادرة أن تفعل " .
وقد تفاقم خطر قيام حركة صهيونية معادية للحلفاء عام 1917م وأصبحت ألمانيا تحظى برضاء المجتمعات اليهودية في أوروبا وخارجها وفي هذا العام نفسه كان " غليوم الثاني " يتهيأ لإصدار بيان يعلن فيه اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وما أن تنبه البريطانيون لنوايا " غليوم الثاني " حيال فلسطين حتى أسرعوا بإصدار وعد بلفور 1917م([15]).
بريطانيا الاستعمارية تستغل الصهيونية :
كانت بريطانيا أقوى الدول الاستعمارية في القرن الماضي وبداية القرن الحالي حتى أصبحت تسمى بريطانيا العظمى والدولة التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها ، ولذلك فقد عملت بريطانيا أكثر من غيرها على استغلال اليهود وتبني الدعوة الصهيونية لتكون عوناً لها في تنفيذ مخططاتها الاستعمارية لإقامة كيان غريب في المنطقة العربية يكون حامياً لقناة السويس الشريان الرئيسي للطرق التي تربط بريطانيا بمستعمراتها المنتشرة في أقصى القارة الهندية .
بدأ نشاط بريطانيا لدفع اليهود لإقامة دولة لهم في فلسطين عام 1840م ، وبرز هذا النشاط عام 1842م بشكل رسمي عندما طرح أحد الساسة الانكليز ( ايرل اف شافتري ) فكرة منح وطن لليهود في فلسطين وتقدم بمشروع محدد الى وزير الخارجية في ذلك الوقت المستر ( بالمرستون ) يقوم على أساس محاربة أية سياسة يمكن أن تقوم بالمنطقة على نمط قوة محمد علي والتي يمكن أن يقوم بها أحد خلفائه من بعده لذلك فقد رأى أن عودة اليهود الى فلسطين هي الوسيلة التي يمكن بها أن يحقق سياسته تلك . فقد أوضح هذا في قوله سنة 1840م : " إن الشعب اليهودي في حالة عودته سيكون بمثابة رقيب على أي خطط شريرة لمحمد علي " .
وبعد أن اختلت بريطانيا مصر سنة 1882م وسيطرت على قناة السويس أصبحت فكرة انشاء دولة يهودية في فلسطين أمراً ملحاً لتكون قاعدة استعمارية لها لتحقق بواسطتها أغراضها لحماية طرقها التجارية وضرب حركات التحرير التي يمكن أن تقوم ضدها ولتكون مانعاً لاحتمال أي وحدة عربية تكون قادرة على الوقوف ضد المطامع الاستعمارية في الوطن العربي .
أما " ونستون تشرشل " فقد جاء في مذكراته قوله : " إذا أتيح لنا في حياتنا – وهو ما سيقع حتماً – أن نشهد دولة يهودية لا في فلسطين وحدها بل على ضفتي نهر الأردن معاً تقوم على حماية التاج البريطاني وتضم نحو ثلاثة أو أربعة ملايين من اليهود فإننا سنشهد وقوع حادث يتفق تمام الاتفاق مع المصالح الحيوية للامبراطورية البريطانية "([16]).
ولهذا وقع اختيار راسمي الاستراتيجية العسكرية البريطانية على اليهود ليقيموا هذه الدولة وهذا ما ذكره أيضاً تقرير " كامبل بترمان " الموضوع عام 1907م ، وما أكده أيضاً التقرير الذي وضعته الهيئة التنفيذية للمنظمة الصهيونية لعام 1931م والذي جاء فيه : " إن القيمة الاستراتيجية لفلسطين في نظر الامبراطورية البريطانية هو الذي كان له الوزن الراجح عند إصدار وعد بلفور " ، الذي يعتبر أول وثيقة رسمية دولية تصدر عن دولة كبرى لتسهيل إقامة دولة أجنبية في قلب العالم الاسلامي والعالم العربي .
الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الصهيونية
لقد كانت أمريكا عبر الدول الأوروبية الاستعمارية تتطلع الى دعم الفكرة الصهيونية ، وكانت بريطانيا على اتصال مستمر مع الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق على أفضل الصيغ لوعد بلفور ، ولقد كان " وليم وايزمان " مدير المخابرات البريطانية صلة الوصل بين بلفور والرئيس الأمريكي " ولسون " وهو الذي أبرق لحكومته يخطرها بموافقة الرئيس المذكور على الصياغة المقترحة على ألا يدرج في التصريح الذي تصدره الحكومة البريطانية ما يشير الى موافقة الرئيس الأمريكي عليه لأنه يرغب أن يذيع هذه الموافقة بنفسه على يهود أمريكا.
وأرسل الرئيس " ولسون " بعد نشر التصريح، رسالة في آخر اغسطس ( آب ) سنة 1918 الى حاخام اليهود " ستيفن وايز " يرحب فيه بالتقدم الذي أحرزته الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة وفي البلدان الحليفة منذ تصريح وعد بلفور بشأن موافقة حكومة بريطانيا العظمى على انشاء وطن قومي لليهود.
وبتاريخ 21/9/1922 صادقت الحكومة الأمريكية بصورة نهائية ورسمية على مشروع الوطن القومي اليهودي عندما اقترن قرار الكونغرس الأمريكي بتوقيع رئيس الجمهورية ، ولم يكن هذا هو الجهد الوحيد الذي بذلته الحكومة الأمريكية وإنما عمدت بالتفاهم والسعي المشترك مع بريطانيا قبل ذلك الى خلق حركات دينية تبشيرية تقوم أثناء تبشيرها بالتركيز على العهد القديم من الكتاب المقدس وهو الجزء الخاص باليهود وذلك من أجل تهيئة العقول لقبول فكرة إقامة دولة يهودية في فلسطين ، وأبرز هذه الحركات : المورمون ، والسبتيون ، وشهود يهوا .
ولعل في تصريحات القادة الاسرائيليين أنفسهم ما يوضح العلاقة الوثيقة بين أمريكا الدولة الامبريالية واسرائيل القاعدة التي تخدم المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط .
ولذلك فليس من الغريب أن نسمع كيسنجر وزير خارجية أمريكا السابق يقول : " إن ما هو جيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو جيد لاسرائيل ومصالح اسرائيل والولايات المتحدة تتناسب مع بعضها البعض لان وجود اسرائيل قوية هو لصالح المصالح الأمريكية " .
ويقول أبا ايبان وزير خارجية اسرائيل السابق : " لن تتخلى الولايات المتحدة عن اسرائيل لأنها توصلت الى استنتاج وهو تدعيم اسرائيل ليس بمجرد العطف عليها بل لأن ذلك ضروري للمصالح الأمريكية وستعمل أمريكا على مساعدة اسرائيل بناء على اعتبارات مصالحها " .
أما مناحيم بيغن – رئيس وزراء اسرائيل الحالي – يقول : " أن المصالح بين اسرائيل وأمريكا مشتركة وقد قامت اسرائيل بتقديم أعظم الخدمات للمصالح الأمريكية"([17]).
المبحث الرابع
ما الذي يشتمل عليه كتاب ( الدولة اليهودية ) لهرتزل ؟ وما آثار نشر هذا الكتاب ؟
قد كان لتأليفه كتاب ( الدولة اليهودية ) عام 1892 باللغة الألمانية أثره في بلورة الفكر الصهيوني وتثبيت أصوله وأركانه ، وقد عرض هرتزل أفكاره حول المسألة اليهودية ، وشرح حلوله لها في كتابه ذاك . والواقع أن آراءه في جذور المسألة اليهودية وحلوله المقترحة جاءت في كتابي موزس هس وليون مبكر ، ولو شئنا عرض الأفكار الرئيسية في الكتاب لأمكن ذكرها على الوجه الآتي :
المسألة اليهودية ليست مسألة اجتماعية أو دينية وإن كانت تتخذ هذه الأشكال وغيرها في بعض الأحيان بل هي مسألة قومية .
وكمسألة قومية لا يمكن حلها إلا عن طريق جعلها قضية سياسية على صعيد العالم تتداول شأنها الدول المتمدنة في العالم وتعقد المجالس لحلها ، وقد عبر هرتزل عن هذا الرأي في تمهيد الكتاب بقوله : " الدولة اليهودية ضرورة لا بد منها للعالم لذلك سوف يتم خلقها " .
الوحدة التاريخية للشعب اليهودي حقيقة لا سبيل الى إنكارها .
كل شيء يعتمد على قوتنا الواقعة أو المحركة ، وما هي تلك القوة ، إنها البؤس الذي يعانيه اليهود .
يجب أن ينظر الى ظاهرة العداء للسامية من زاوية يهودية محضة إذ يعدها هرتزل من القوى العاملة لمصلحة الدعوة الصهيونية ، ويؤكد أنها توفر التربة الخصبة لنشاط الصهيونية .
العداء للسامية هو الذي جعل منا يهوداً ، والصهيونية تستمد مقومات وجودها من هذا العداء ، ويذهب الى حد تقسيم الناس أجمعين الى فريقين :
أ . فريق يعادي السامية في الظاهر .
ب. فريق يكن لها العداء في الباطن .
حتى جعل العالم كله في طرف واليهود في طرف آخر ، ولا نغالي إذا قلنا إن النظرة الهرتزلية تتمنى استمرار العداء للسامية ، ولا تتوانى عن استنباطه أو توهمه فيما لو كان صائراً الى الزوال والاضمحلال ، وقد قال عنها هرتزل في يومياته ما يأتي :
( فالعداء للسامية الذي يؤلف قوة كبيرة ، ودعاية بين الجماهير لن يلحق الأذى باليهود وأنا أعده حركة نافعة للخلق اليهودي اذ تعمل هذه الحركة لتثقيف جماعة ما عن طريق الجماهير ، وربما أدى ذلك على الذوبان والاندماج ) .
يدرك هرتزل أهمية فكرة الدولة وفعاليتها في نفوس اليهود ، فهي المحك الذي يشخذ هممهم ويمدهم بالقوة لتحقيق ما يصبون إليه اذ لا يوجد إنسان يملك من الثروة والسلطان ما يكفي لاقتلاع أمة ونقلها من بيئة طبيعية الى بيئة أخرى ، الفكرة وحدها تستطيع أن إنجاز ذلك وفكرة الدولة هذه تملك القوة اللازمة .
يمكن تحويل الحلم الى واقع حي ، وليس خروج اليهود من أوطانهم على فلسطين كناية عن انتقال من معاقل المدينة ولن ينحدر اليهود الى الدرك الأسفل بل سيرتفعون نحو الأعلى والأسمى، أي أن الخروج سيكون بمثابة صعود طبقي، ولكي يحقق اليهود هدفهم اقترح هرتزل انشاء جمعية يهودية تقوم بتنظيم اليهود وتعبئتهم ( حركة يهودية ) على غرار الشركات الاستعمارية الكبرى في المستعمرات الأوروبية في آسيا وأفريقيا تقوم بتوطين المستعمرين ، واستغلال موارد البلاد ، والسيطرة عليها([18]).
آثار نشر كتاب هرتزل
في عام 1896 نشر هرتزل كتابه ، ومن البديهي أن يثير مناقشات حادة ، ويلقى معارضة على ما يظهر أكثر مما وجد تأييداً لأن فيه إثارة لغير اليهود في أوروبا على اليهود باعتبارهم ينزعون نزعة يهودية محضة لأنفسهم دون العالم ، ولخير اليهود دون العالم ويرفضون الاندماج والتعاون مع الأقوام الأخرى في تلك الدول .
لقد وجد الاندماجيون اليهود في أوروبا وأمريكا في صهيونية هرتزل مصدراً للتشكيك في ولائهم للمجتمعات والدول التي يعيشون فيها ، كما رأى مجموعة من رجال الدين اليهودي في أفكاره خروجاً على تعاليم اليهودية ورسالتها في العالم ، في حين عارض التقدميون الاشتراكيون فكرة الدولة اليهودية على أساس أنها رجعية الى الوراء الى فكرة الثيوقراطية ( الدينية ) المبنية على أساس عنصري لا يستند على دليل علمي الى جانب أنها هروب من محاربة الاضطهاد والظلم في المجتمعات التي يعيش فيها اليهود.
لقد ساعدت أحوال اليهود من اضطهاد في روسيا وغيرها بسبب أعمالهم الإجرامية خاصة في شؤون الاقتصاد ، والأنظمة الربوية والتعاون مع حكام الغرب في إرهاب الشعوب واضطهادهم على إيجاد جو ملائم في أوساط اليهود يجعلهم يؤمنون بأن الهجرة الى فلسطين هي السبيل الوحيد الذي يؤمن لهم حياتهم ويحفظ أموالهم وغير من وجهة نظرهم السابقة التي كانت لا تكترث لقضية الهجرة هذه ، وقد كانت قضية الضابط الفرنسي اليهودي الذي اتهم بالخيانة ( 1894 ) وانتشار الاضطهاد والمذابح ضد اليهود الروس واللاسامية ذات منحنى خطير في حياة هرتزل جعلته يؤمن بأن خلاص اليهود لا يتم إلا عن طريق انشاء (دولة وطن قومي) لليهود، فأصدر في عام 1896 كتابه المذكور ، وقد أجرى اتصالات عديدة مع أثرياء اليهود عارضاً عليهم أفكاره وخططه الرامية الى انشاء ( وطن قومي ) يهودي إلا أنها لم تلق القبول من آل روتشيلد وغيرهم من الأثرياء وأولي الأمر([19]).
المبحث الخامس
نماذج من المؤتمرات الصهيونية (أهدافها، وآثارها)
دعا هرتزل لعقد مؤتمر صهيوني عالمي في مدينة ميونخ بألمانيا ، ويبدو أنه لم يستطع أن يحقق هدفه في ذلك ، ولكن لم يفتر عزمه ولم يلبث أن هيّـأ للمؤتمر في بلد آخر في سويسرا في مدينة بال عام 1897 ، وقد حضره ( 204 ) من المندوبين من مختلف الهيئات والمنظمات والجمعيات الصهيونية في العالم وقد تم انتخاب " هرتزل " ( رئيساً للمؤتمر وانشاء الهيكل والتنظيم له ) ويعتبر هذا المؤتمر في رأيي هو السبيل الأمثل لإذابة التنظيمات اليهودية المتعددة في بوتقة ومصلحة اليهود وإقامة الدولة الاسرائيلية في فلسطين ، وما نشهده اليوم في العالم الاسلامي من كثرة التنظيمات المتعددة والأحزاب الاسلامية المختلفة هو حالة من التخلف الحضاري والتمزق الاسلامي والبعد عن تحقيق أهداف المسلمين في تحرير فلسطين من التسلط اليهودي وإقامة دولة القرآن ، وما لم يعمل المسلمون وفق خطة مخلصة لتحقيق الوجود الاسلامي ، فإن عملهم يصبح عبثاً وتظل اليهودية والصليبية هي التي تحرك العالم في السياسية والاقتصاد وكل شؤون الحياة .
وقد كان أهم إنجازين للمؤتمر الصهيوني الأول :
‌أ - إقرار برنامج الحركة الصهيونية العالمية الذي كان يعرف فيما بعد ببرنامج بازل الصهيوني .
‌ب - تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ هذا البرنامج ، وقد تم تحديد هدف الصهيونية الذي تسعى لتحقيقه ، حيث جاء على النحو التالي : ( أن هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين تضمنه القانون العام ) .
وقد أقر المؤتمر الصهيوني البنود التالية لإنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين[20]:
تشجيع استيطان العمال الزراعيين والصناعيين اليهود في فلسطين وفقاً لخطوط مناسبة .
تنظيم اليهود وربطهم عبر مؤسسات مناسبة ، على الصعيدين المحلي والعالمي ، كل منها حسب قوانين البلد المعني .
تقوية الحس والوعي القومي اليهودي وتعزيزهما .
اتّخاذ خطوات تمهيدية للحصول على موافقة الدول حيث يكون ذلك ضرورياً لتحقيق هدف الصهيونية كما اتخذت الخطوات لبناء المنظمة الصهيونية العالمية .
وهكذا سعى "هرتزل" لتحقيق ذلك الى تحقيق ثلاثة أركان:
الوحدة اليهودية السرية العالمية.
القوة المالية والاقتصادية اليهودية وغير اليهودية لخدمة القضية.
القوة السياسية العالمية لتحقيق أهداف الصهيونية.
وبخصوص الفقرة الثانية (2) حيث أعلن المؤتمر الصهيوني الثاني عام 1898 ضرورة لإنشاء صندوق للإئتمان اليهودي للاستثمار ، وتم انشاؤه بالفعل خلال انعقاد المؤتمر الصهيوني الثالث عام 1899 وكان الهدف من إنشائه:
أولاً : إنشاء حركة تصنيع وإقامة شركات نقل وملاحة وتأمين الاعتماد على الأيدي اليهودية .
ثانيــاً : دعم المستوطنات الصهيونية في فلسطين عن طريق القروض والأموال .
ثالثــاً : دعم الأنشطة التجارية في فلسطين وسوريا .
رابعــاً : شقّ الطرق وإنشاء سكك الحديد .
خامساً : إقامة البنوك والمصاريف في أنحاء فلسطين .
وقد باشر المصرف عمله عام 1901 عند انعقاد المؤتمر الصهيوني الخامس وقام " هرتزل " بمحاولات أخرى مع كل من ألمانيا وروسيا وبريطانيا والدولة العثمانية ، وقد رفض السلطان عبد الحميد المقترحات التي قدمها " هرتزل " للحصول على موافقة الدولة العثمانية بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، وكذلك فشلت المحاولات والوساطات التي قام بها " هرتزل " في هذا الشأن[21].
ويلاحظ أن " هرتزل " استطاع أن يجعل من المسألة اليهودية ( مسألة عالمية ) أصبحت تنال اهتمام كثير من الحكومات والدول ، ويلاحظ أن العديد من الأماكن البديلة التي عرضت على " هرتزل " بعد رفض السلطان عبد الحميد قبول أية مساومة بشأن فلسطين ومن الأماكن التي عرضت من قبل بريطانيا على " هرتزل " ما يلي : ( مدين في الجزيرة العربية ) ، وقبرص وأوغندا ، وليبيا والخليج العربي ، إلا أن الصهيونيين الروس ، والذين يطلق عليهم ( الصهيونيين العمليين ) رفضوا أي مشروع استيطاني غير فلسطين وأنذروا " هرتزل " بالكف عن محاولاته كي لا تنقسم الحركة الصهيونية على نفسها وطالبوه بالتخلي عن جميع المشاريع الاستيطانية الأخرى في أوغندا أو غيرها .
المبحث السادس
وقفة عند مواقف الحركات والجماعات اليهودية المتديّنة والإصلاحيّة من الصهيونية حين الإعلان عنها
ممّا يتفاجأ المرء بمعرفته عن موقف هذه الجماعات أنها كانت معارضة للصهيونية معارضة شديدة فإن الحركة الصهيونية ما إن بدأت بتدشين برنامجها السياسي حتى أثارت عاصفة هوجاء من المعارضة في صفوف اليهود الأرثذوكسي ، فكان ثمة من يعتقد بأن برنامج الحركة الصهيونية يخالف الإرادة السماوية ويتعارض معهما ، وتخوف آخرون من الميول العلمانية الواضحة لزعماء الصهيونية ومن نتائجها السلبية الهادمة على مجمل الحياة الدينية والتقاليد الموروثة لليهود ، في حين انضم جمع ثالث منهم ، ومن بينهم عدد من أكابر الحاخامات أمثال " صموئيل موهيليفر S. Mohilever " ( 1824 – 1898 ) ومن المؤيدين لموقف كاليشر الى الحركة منذ انطلاقتها الأولى ، وشكلوا لأنفسهم بزعامة الراباي " اسحق يعقوب راينز J. Reins " ( 1834 – 1915 ) تياراً ضمن الحركة الصهيونية صار يعرف " بالمزراحي Mezrachi" واتخذوا لأنفسهم شعار " أرض اسرائيل لشعب اسرائيل تبعاً للشريعة الاسرائيلية " .
أمّا أتباع الحركة الإصلاحية ، فقد اتخذوا موقفاً معارضاً ومتشدداً من الصهيونية لأنهم رأوا في برنامجها السياسي ما سيهدد سلامة دعوتهم في نظر العالم غير اليهودي والتي مفادها أن اليهود ليسوا إلا طائفة دينية من غير هوية قومية مستقلة تميزهم عن غيرهم، كذلك وجد في صفوف الاصلاحيين والأرثذوكس معاً من اعتقد بإخلاص لا يشوبه ريب بأن الصهيونية كحركة سياسية تتعارض أصالة مع ولاء اليهودي لوطنه الذي نشأ فيه في الشتات ، واقترن وجوده به .
وكان من بين الربانيين من أصحاب السلطة والتأثير الذين حملوا اليهود الأرثذوكس على انتصار لبرنامج الحركة الصهيونية وخططها الرامية الى الاستعمار الاستيطاني في فلسطين الحاخام الأكبر في الأراضي المقدّسة " أبراهام اسحق كوك " ( 1868 – 1935 ) الذي عد أكبر قوة موجهة ومؤثرة في الحياة العامة لليهود في عصره ، فقد آمن إيماناً راسخاً بأن الحركة القومية ، على الرغم من اتجاهاتها العلمانية البادية على أتباعها ، فإنها في التحليل النهائي والأخير لبنيتها ، ليست إلا حركة دينية في جوهرها وحقيقتها ، وأنها تصدر أصلاً عن نزعة دينية هي الصفة الراسخة لليهود التي اختصوا بها من بين الأمم الأخرى ، ومع كل الجهد الاستثنائي الذي بذله الراباي كوك ، ما كان يتمتع به من نفوذ واسع في صفوف اليهود الأرثذوكس ، فإنه لم يستطع إقناع اليهود جميعاً بالوقوف الى جانب الحركة الصهيونية ، فقد عارضت مجموعة أرثذوكسية متنفذة الحركة بشدة وضراوة بدعوى أن الصهيونية تحسب اليهود شعباً علمانياً ولا تعتبرهم أمة مختارة حملت مسؤولية الوعد الإلهي المنتظر بالخلاص الأبدي للبشرية .
وهكذا اجتمع عدد من الحاخامات والزعماء الدينيون والقادة الزمنيون في " كاتوفينز " بزعامة ( جاكوب روزنهايم J . Rosenheim ) ( 1871م ) وأسسوا حركة مضادة للصهيونية " Agudas Israel " استهدفت جمع اليهود على أساس من التوراة وتعاليمها ، ومن ثم العمل على حل ما يواجه اليهود من مشاكل وصعوبات سواء في أرض اسرائيل الموعودة أو في عالم الشتات في ضوء التوراة وتعاليمها([22]).
كذلك ضمت المعارضة التي تحدت الصهيونية شخصية أخرى أقامت فلسفتها جملة وتفصيلاً : " على أسس من القومية اليهودية " ، وهو " أشر كنزبرغ Aginzbreg ) ( 1886 – 1927م ) الذي عرف باسمه المنتحل ( أحدها عام Ahad – Ha - am ) مؤسس الحركة الصهيونية الثقافية ، فقد بدا له أن المشكلة اليهودية في جوهرها ليست مسألة اقتصادية أو سياسية ، بقدر ما هي أزمة ثقافية روحية ، تتمثل في تحلل مستمر لأواصر الحياة الروحية واندثار الحس الأخلاقي نتيجة الضغط المتراكم المستمر للبيئات الثقافية والاجتماعية الغربية عليهم ، ولأن الأكثرية اليهودية في الشتات سوف تستمر في الحياة في عالم غير يهودي فإن إقامة قومية لهم في فلسطين سوف لن تحل مشاكلهم وتبقى هذه المشاكل من غير حل حاسم ونهائي ، وهكذا وبدلاً من فكرة " هرتزل " في إقامة كيان سياسي مستقل لليهود في فلسطين ، ونقل اليهود المنحدرين من أصول ثقافية مختلفة ومتباينة إليها ، ذهب " كنزبرغ " الى ضرورة جماعة يهودية مستقلة ثقافياً ومتجانسةً روحياً ، تبنى وتؤسس تدريجياً بمساهمة صفوة المثقفين اليهود ، ممن تربوا على أصول الثقافة الروحية المتوارثة . وبهذا الاعتبار ستتمكن هذه العصبة.
ولعلّ الأستاذ صابر طعيمة يوافق الرأي السابق الذي ذهب اليه الدكتور عرفان عبد الحميد في أن الفرق المتدينة كانت معارضةً للصهيونية عند بداية نشأتها، حيث يقول([23]): " إنّ الصهيونية في الزمن القديم لم تكن عقيدة دينية ، بل كانت نزعة سياسية ، ثم ذهب الأمل في نجاحها السياسي ، فانقطعت العلاقة بينها وبين معناها الجغرافي ، وأطلقت في بعض التغييرات على معنى آخر بعيد كل البعد عن المعاني الجغرافية ، وذاك حيث يقول صاحب الرسالة الى العبرانيين من الإنجيل " إنكم لم تأتوا الى جبل ملموس مضطرم بالنار ... بل أتيتم الى جبل صهيون ، والى مدينة الله الحي أورشليم السماوية ... وكنيسة أبكار مكتوبين في السماوات والى الله ديان الجميع ".
وواضح من تعبير هذه الرسالة أن الصهيونية قد تحولت الى فكرة لا تتعلق بمكان معين ، ولا تتطلب العودة الى فلسطين، ولذلك ناهضها المتدينون من اليهود عند ظهور الدعوة اليها ، واعتبروا هذه الدعوة تجديفاً وإنكاراً للمسيح المنتظر في عالم الروح، فتلاقت عقيدة المسيحيين المؤمنين بالمسيح – عليه السلام – وعقيدة اليهود الذين ينتظرونه في آخر الزمان فاتفقتا على شيء واحد ، وهو الفصل بين الصهيونية السياسية والفكرة الدينية.
والواقع أن الصهيونية الحديثة كأختها القديمة : " كلتاهما وليدة السياسة والسياسيين ، أياً كان السبب الذي تستند إليه".
ويدعم هذا الرأي كذلك ما ذكره الأستاذ "هنري كتن"([24]) حين تحدّث عن هذا الموضوع فقال : " لقد أدرك كثير من المثقفين والواعين من اليهود في مختلف البلاد حقيقة الصهيونية وما تحمله معها من مصائب وكوارث ليهود العالم ، منها إحياء اللاسامية وازدواجية الولاء كونها وجدت لخدمة أغراض استعمارية بحتة، وقد ربطت مصيرها بعجلة الاستعمار الانكلو – أميركي . لذلك برز عدد غير قليل من المفكرين اليهود الكبار معلنين معارضتهم الدعوة الصهيونية للقومية اليهودية ، ففي عام 1878 وقع عدد من الحاخامين على وثيقة نشرت في إحدى الصحف البريطانية قالوا فيها : " لم نعد نمثّل هيأة سياسية منذ فتح الرومان فلسطين ، بل بتنا مواطنين في البلاد التي نقيم فيها ، فنحن إما من الانجليز أو الفرنسيين أو من الألمان ومكان إقامتنا هو الذي يقرر قوميتنا " . وصدر أيضاً عن المؤتمر الذي عقده الحاخامون في أمريكا في مدينة بيتربورج في عام 1885 قراراً يقول : " لم نعد نعتبر أنفسنا أمة ، وإنما نحن طائفة دينية ، ولذا فنحن لا نتوقع أية عودة الى فلسطين " ، وكتب الحاخام سيجال في عام 1902 بنفس المعنى ، قال : " لم يكن هناك قط وجود لما يسمى بالشعب اليهودي ، إذ أن اليهود لم يهتموا في أي يوم من الأيام بالتسلسل الحياتي والعضوي ، ولا بالأرض أو اللغة أو التاريخ ، ولا بالتنظيم السياسي أو غير ذلك من المقومات المعترف بها للقومية " . ومما قاله س . ج مونتيقيوري الذي كان واحداً من الزعماء اليهود الذين أخذ رأيهم في شأن تصريح بلفور قبل إعلانه : " عندما كان تصريح بلفور بشأن فلسطين موضع بحث لدى الحكومة ، عرضت نصوصه صفة شخصية على حفنة من اليهود ، كان أربعة منهم صهاينة غلاة أو أشباه صهاينة ، وكان اثنان – أنا أحدهما – يعارضان الصهيونية . وقد بدأ لنا نحن الاثنان أن نومئ الى أن من شأن عبارة " الوطن القومي للشعب اليهودي " أن السبب على الأرجح اضطراباً ، ولقد كنا ، في ما يلوح ، غير بعيدين عن الصواب .. وقد اعترضنا على هذه العبارة لأننا أنكرنا أن يكون اليهود اليوم شعباً مرة أخرى ، ولقد طالبنا وتمنّينا ، وما زلت أطالب وأتمنى أنا وأصدقائي ، أن يكون اليهود مواطنين أحراراً متساوين في جميع البلدان التي يعيشون فيها ، ولقد خشينا أن ينشأ عن الوطن القومي المقترح شعور معاد للسامية أبعد بكثير مما يمكن علاجه ، غير أن آراءنا واعتراضاتنا لم تصادف اذناً صاغية ، في ما خلا أن حرف التعريف المحدد ( ال ) ، كما جاء في المشروع المقترح قد رفع فصار النص الآن بغير تعريف أي ( وطن قومي للشعب اليهودي )([25]).



.....   يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:38 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)

المبحث السابع
مقدّمة للحديث عن البروتوكولات
"برتوكولات حكماء صهيون " هو الكتاب اللغز في مجال البحث التاريخي وفي مجال النشر والمصادرة ، فقلما ظهر في لغة من اللغات حتى يعجل اليه النفاذ بعد أسابيع أو أيام من ظهوره .
ويشيع اليهود أن كل من يجرؤ على ترجمته أو إذاعته سيكون مصيره الاغتيال أو الإيذاء الشديد مما أفزع الكثيرين فأحجموا عن ترجمته .
وسبب وضع البروتوكولات أن زعماء الصهيونيين عقدوا ثلاثة وعشرين مؤتمراً منذ سنة 1897م ، وكان آخرها المؤتمر الذي انعقد في القدس لأول مرة سنة 1951م ، وظاهره البحث في مسألة الهجرة الى اسرائيل ومسألة حدودها ، وباطن هذه المؤتمرات جميعاً دراسة الخطط التي تؤدي الى تأسيس مملكة صهيون العالمية ، وكان أول مؤتمراتهم في مدينة بال بسويسرة سنة 1897 برئاسة زعيمهم " هرتزل " واجتمع فيه نحو ثلاثمائة من أغنى حكماء صهيون كانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية ... وقرروا فيه خطتهم السرية لاستبعاد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود([26]).
بين يدي بروتوكولات حكماء صهيون([27])
لا يزال واضعو هذه البروتوكولات ووقت وضعها من الأسرار التي لم تكشف حتى الآن بوجه الدقة ، وتدل الظواهر على وجود علاقة زمنية بين هذه البروتوكولات وبين نهاية القرن التاسع عشر ، وعلى وجود ارتباط بين هذه البروتوكولات وبين مؤتمر " بال " الذي عقد سنة 1897 .
ومرجع هذا الفهم أن هذه البروتوكولات عبارة عن مؤامرة شريرة ضد البشرية ، ويبدو أنها كانت رد فعل لما عاناه اليهود خلال القرن التاسع عشر من اضطهاد في أوروبا ، وما نزل بهم من جور وتعسف ، فتدارسوا في هذا المؤتمر – ضمن ما تدارسوه – وسائل الانتقام من البشرية جميعاً التي اعتقد اليهود أنها اشتركت كلها بطريق أو بآخر في إذلالهم والنيل منهم .
وبروتوكولات معناها محاضر جلسات ، ويسميها بعض الباحثين " قرارات " وتلتقي التسميتان إذا لاحظنا نصوص البروتوكولات ، وأنها عبارة عن تقرير وضعه بعض الباحثين ، وأن هذا التقرير عرض على المؤتمر في " بال " بسويسرا ، وأن المؤتمرين أقروه ، فالبروتوكولات تقرير بالنسبة لواضعيها ، ومحاضر بالنسبة لعرضها على المؤتمرين في جلساتهم وقرارات بالنسبة لقبولها وتأييدها .
وكانت هذه البروتوكولات مودعة في مخابئ سرية ، ولا يعرف محتوياتها إلا الخاصة من اليهود الذين يعملون على تنفيذ ما جاء بها بهدوء وحسب تخطيط منظم ، ثم حدث اجتماع بين سيدة فرنسية مسيحية وبين زعيم صهيوني كبير ، وتم هذا الاجتماع في وكر الماسونية في باريس ، ورأت هذه السيدة بطريق الصدفة بعض هذه القرارات فذعرت من محتوياتها واستطاعت ان تختلس منها بعضها وتخرج بها من هذا الوكر ، وكان ذلك سنة 1901 ، ويبدو أن السيدة الفرنسية خافت أن تتهم بسرقة هذه الوثائق ، فعملت على أن تذاع هذه الوثائق من مكان قصيّ هو روسيا القيصرية ، وقد وصلت هذه الوثائق الى رجل يهمه أمرها هو أليكس نيقولا نيفتش كبير أعيان روسيا القيصرية، فسلمها الى صديقه الأستاذ سرجي نيلوس الذي نشرها في العام التالي ( أي سنة 1902) باللغة الروسية ، وعقب اكتشاف سرقة هذه الوثائق أعلن تيودور هرتزل الذي دعا الى مؤتمر " بال " أنه قد سرق من " قدس الأقداس " بعض الوثائق السرية التي قصد إخفاؤها من غير أصحابها ، وأن ذيوعها قبل الأوان يعرّض اليهود في العالم للخطر ، فلما ظهرت هذه الوثائق مطبوعة عقب ذلك هبّ اليهود في كل مكان يعلنون أنها مختلفة عليهم وينكرون صلتهم بها ، ولكن هذا الإنكار لم يكن ذا قيمة على الإطلاق لأن الأحداث العالمية التي وقعت آنذاك كانت مطابقة لما ورد في البروتوكولات ، ومتمشية مع مصلحة اليهود ، وكان واضحاً أن ذلك ليس مجرد مصادفة .
وننقل فيما يلي([28]) ما كتبه الأستاذ محمد خليفة التونسي في مقدمته لترجمة هذه البروتوكولات عن تطور طبع هذه الوثائق ونشرها : أعاد نيلوس نشر هذا الكتاب مع مقدمة وتعقيب بقلمه سنة 1905، ونفذت هذه الطبعة بسرعة غريبة بوسائل خفيّة ، وتبيّن أن اليهود جمعوا نسخها من الأسواق بكل الوسائل وأحرقوها ، ثم طبعت سنة 1911 فنفذت على هذا النحو ، ولما طبعت سنة 1917 صادرها الشيوعيون الذين كانوا يومئذ قد استطاعوا تدمير القيصرية وقبضوا على أزمة الحكم في روسيا ، وكان معظمهم من اليهود الصرحاء أو المستورين أو من صنائعهم ، ثم اختفت البروتوكولات من روسيا حتى الآن .
وكانت قد وصلت نسخة من الطبعة الروسية سنة 1905 الى المتحف البريطاني في لندن وختمت بخاتمه ، وسجل عليها تاريخ تسلّمها ( 10 أغسطس سنة 1906 ) وبقيت مهملة حتى سنة 1917 ، وحينئذ وقعت هذه النسخة في يد الأستاذ فيكتور مارسدن مراسل جريدة المورننج بوست اللندنية ، فقرأ النسخة ، وقدّر خطورتها ورأى نبوءة ناشرها نيلوس بالانقلاب الروسي قبل وقوعه باثني عشر عاماً ، فعكف في المتحف على ترجمتها ، ثم طبعها قبل أن يسافر الى روسيا لموافاة جريدته بأخبار الانقلاب الشيوعي الذي تمّ حينذاك ، وأعيد بعد ذلك طبعها عدة مرات كانت آخرها وخامستها سنة 1922 ، ومنها النسخة التي ترجمها الأستاذ خليفة للعربية ، كما نشرت كذلك بالفرنسية والألمانية والإيطالية وغيرها من اللغات ، وكانت تنفد نسخها في كل طبعة بطرق غريبة مريبة ، وأحجمت دور النشر بعد ذلك عن إعادة طبعها بسبب نفوذ اليهود وسلطانهم على هذه الدور .
يبلغ عدد البروتوكولات أربعة وعشرين ، ولكنها غير دقيقة التأليف ، وبها كثير من التكرار ، وقد حاولتُ([29]) أن أقترح عنواناً محدداً لكل منها فلم يتيسر ذلك ، اذ لم يخصص موضوع لكل منها ، ولعل ذلك هو طبيعة النقاش في الجلسات الذي يستطرد أحياناً ، حتى ليخيل لي أن الوثائق التي بين أيدينا خلاصة محاضر الجلسات ، وليست نص تقرير قدم لهذه الجلسات ، ولا نص محاضر الجلسات ، وربما كان ما استطاعت السيدة الفرنسية الفرار به جزءاً من هذه المحاضر ، أو حتى جزءاً غير متسلسل منها ، وهدف هذه البروتوكولات إقامة وحدة عالمية تخضع لسلطان اليهود وتديرها حكومة يهودية ، ومن أجل ذلك يمكن أن نقسم البرتوكولات قسمين كبيرين ، يبحث القسم الأول في موقف اليهود من العالم قبل تحقيق هدفهم ، ويبحث القسم الثاني في موقف اليهود من العالم بعد أن يصبحوا أصحاب السلطان عليه ، والبرتوكولات العشر الأولى تتبع القسم الأول تقريباً، أما باقي البرتوكولات فتتبع القسم الثاني.
أهداف الصهيونية قبل تكوين الحكومة اليهودية العالمية([30])
من أهم ما يعنى به اليهود قبل تكوين هذه الحكومة إعداد الشعب اليهودي للسلطان ، وتثبيت الاعتقاد بأن اليهود هم شعب الله المختار ، فالناس عند اليهود قسمان : يهود وجوييم أو أمميون أي كفرة وثنيون ، واليهود شعب الله المختار ، وهم أبناء الله وأحباؤه لا يتقبل العبادة إلا منهم ، ونفوسهم مخلوقة من نفس الله وعنصرهم من عنصره ، فهم وحدهم أبناؤه الأطهار ، وقد منحهم الله الصورة البشرية تكريماً لهم ، أما الجوييم فخلقوا من طينة شيطانية ، والهدف من خلقهم خدمة اليهود ، ولم يمنحوا الصورة البشرية إلا بالتبعية لليهود ليسهل التعامل بين الطائفتين إكراماً لليهود ، فاليهود أصلاء في الإنسانية ، والجوييم أتباع فيها ، وعلى هذا فمن حق اليهود معاملة الأمميين كالبهائم ، والآداب التي يتمسك بها اليهود لا يمكن أن يعاملوا الأمميين بها ، فلهم أن يسرقوهم ويغشوهم ويكذبوا عليهم ويخدعوهم ويغتصبوا أموالهم ويقتلوهم ويهتكوا أعراضهم ، ويرتكبوا معهم كل الموبقات ما أمنوا استتار جرائمهم ( وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله على لسانهم " ليس علينا في الأميين سبيل ")([31]).
وبناء على هذه العقيدة يرى اليهود أن العالم لم يُخلق إلا لهم ومن حقهم وحدهم استعباده وتسخيره ، وليس لغيرهم إلا السمع والطاعة والرضا والقناعة بما يجود به اليهود عليهم .
ويرى اليهود في هذه المرحلة ضرورة تمزيق الأوطان ، والقضاء على القوميات والأديان ، وإفساد نظم الحكم في كل الأقطار بإغراء الملوك وسائر الحكام باضطهاد الشعوب ، وإغراء الشعوب بالتمرد على سلطة الحكام ونصوص القانون .
وترسم البروتوكولات لليهود أن يهتموا في هذه المرحلة بنشر المذاهب المختلفة ، وأن يختلف اتجاههم في مكان عن اتجاههم في مكان آخر ، وكذلك فيما يتعلق بالزمان ، فهم يعملون على نشر الشيوعية أحياناً والرأسمالية أحياناً ، ويلبسون مسوح الاشتراكيين في بعض الأحيان ، ويوقفون بذلك الكتل العالمية متصارعة ، وهم يقولون أحياناً بالحرية والمساواة فيثيرون المظلومين في وجه الظالمين، ولكنهم سرعان ما يحاربون الحرية والمساواة، ويعلنون أن الطاعة العمياء والتفاوت بين الناس هما أساس القيم البشرية ، ويحاربون الحرية مؤكّدين أنها تحوّل الغوغاء الى حيوانات ضارية ، وأن من الضروري أن تسحق هذه الكلمة ويزول مدلولها تماماً .
وهم في هذه المرحلة ينشرون الإباحية والفوضوية ، ويعملون على تقويض الأسر وصلات الود ، ويدفعون الناس للشهوات والانحلال ، والبعد عن كل القيم الانسانية .
وترسم البروتوكولات لليهود أن يستعملوا ما في النفس الإنسانية من ضعف ، فالمال والنهم والنساء وسائل يمكن استعمالها مع الجوييم ليكونوا أداة في يد اليهود ينفذون بسببها ما يطلب منهم ، كما توصي البروتوكولات أن يضع اليهود في المراكز الكبيرة شخصيات مرموقة لها أخطاء لا يعرفها إلا اليهود ، وفي ظل الخوف من إشاعة هذه الأخطاء ينفذ هؤلاء الأشخاص لليهود ما يشيرون به .
وتهتم البروتوكولات بأن يسيطر اليهود في هذه المرحلة على الصحافة ودور النشر وجميع وسائل الإعلام ، حتى لا يتسرب للرأي العام العالمي إلا ما يريده اليهود .
ويستعمل اليهود المال وسيلة من أكبر وسائلهم ، ليس للرشوة فحسب كما سبق القول ، بل لإثارة الثورات الداخلية عن طريقه ، فهم يغرون الحاكم بجمع الأموال لنفسه ، والظهور بمظهر البذخ والأبهة التي تناسب جلال الملوك وأمجادهم ، ثم يدفعون الفقير ليثور ضد الحاكم الذي استحوذ على ثروة البلاد وغلبته الأنانية القاسية .
ويدفع اليهود بالدول للاستعمار ن ويجر الاستعمار الى التنافس بين هذه الدول ، والتنافس وسيلة هامة من وسائل الحروب بين الدول المستعمرة ، فاذا شبت الحروب بين الدول المستعمرة قدّم اليهود لهؤلاء ولأولئك القروض والسلاح بشروط سهلة حيناً ومعقّدة حيناً ، وريح اليهود في هذه الصفقات مزدوج ؛ فهم أولاً يستنزفون ثروات الدول ويجمعونها لأنفسهم ، وهم ثانياً يسخرون بعض الجوييم لقتل البعض الآخر .
وفي المؤسسات والمصانع يعمل اليهود على إفسادها بإشاعة الخلل في إدارتها والتخريب في أجهزتها كلما أمكنهم ذلك.
ويتشتت اليهود في كل أقطار العالم خلال هذه المرحلة ليختفوا عن المسرح العالمي حتى لا يتتبع الناس نشاطهم الهدام ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتصل اليهود بأقطار مختلفة ويعملون متعاونين بالمال والعلم والنساء ليصلوا الى القصور ، وليكونوا لهم في إدارة البلاد شأن ونفوذ ، فاليهود في فرقتهم متحدون، وفي تشتتهم مجتمعون .
أهداف الصهيونية بعد تكوين الحكومة اليهودية العالمية([32])
إذا تحقق انتصار اليهود فإن اليهود يقيمون مملكة استبدادية تحكم العالم كله ويكون مقرها أورشليم ، وحكمها للعالم يكون بطريق مباشر لو تم سقوط كل حكومات العالم ، كما يكون بطريق غير مباشر أي من وراء الحكومات التي لم تسقط بعد ، فإذا اكتمل النصر وسقطت كل الحكومات انتقلت العاصمة الى روما ، حيث تستقر الى الأبد ، ويتعاقب على العرش حكام من ذرية داود ، " فالسياسة صناعة سرية سامية لا يحسنها إلا نخبة من اليهود دُرِّبوا عليها تدريباً تقليدياً ؛ وكشفت لهم أسرارها التي استنبطها حكماء صهيون من تجارب التاريخ وغيره خلال قرون طويلة ، وهم يتناقلونها في الخلفاء ، وعليها يربّون ملوكهم ومن يحيط بهم من المستشارين"([33]).
ويسوس اليهود الناس بالرشوة حيناً وبالعنف والإرهاب حيناً ، فمن خضع لمال والنساء والمناصب وأسلس القياد بذلك، قدّم له هذا الدواء أو الداء ، ومن لم يخضع لذلك استعمل معه العنف ؛ فالجوييم كقطعان البهائم أو الوحوش يُخضعهم الإرهاب والإذلال فيصبحون كقطع الشطرنج تتصرف فيها أصابع اليهود حسبما تشاء هذه الأصابع([34]).

وسائل الصهيونية في تنفيذ مخططاتها
تبيّنها هذه النماذج المختارة بنصوصها من بروتوكولات حكماء صهيون([35])
من البروتوكول الأول : يجب أن يلاحظ ان ذوي الطبائع الفاسدة من الناس أكثر عدداً من ذوي الطبائع النبيلة ، وإذن فخير النتائج في حكم العالم ما ينتزع بالعنف والإرهاب ، لا بالمناقشات الأكاديمية ، كل انسان يسعى الى القوة ، وكل واحد يريد أن يصير ديكتاتورياً على أن يكون ذلك في استطاعته ، وما أندر من لا ينزعون الى إهدار مصالح غيرهم توصلاً الى أغراضهم الشخصية .
إن الحرية السياسية ليست حقيقة بل فكرة ويجب أن يعرف الإنسان كيف يسخر هذه الفكرة عندما تكون ضرورية ، فيتخذها طمعاً لجذب العامة الى صفه اذا كان قد قرر أن ينتزع سلطة منافس له .
من البروتوكول الثاني : وسنختار من بين العامة رؤساء إداريين ممن لهم ميول العبيد ، ولن يكونوا مدربين على فن الحكم ، ولذلك سيكون من اليسير أن يمسخوا قطع شطرنج ضمن لعبتنا في أيدي مستشارينا العلماء الحكماء الذين دُرِّبوا خصيصاً على حكم العالم منذ الطفولة الباكرة ، وهؤلاء الرجال كما علمتهم من قبل قد درسوا على الحكم من خططنا السياسية ، ومن تجربة التاريخ ، ومن ملاحظة الأحداث الجارية ، والأممييون ( غير اليهود ) لا ينتفعون بالملاحظات التاريخية المستمرة بل يتبعون نسقاً نظرياً من غير تفكير فيما يمكن أن تكون نتائجه ، ومن أجل ذلك لسنا في حاجة الى أن نقيم للأمميين وزناً .
لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء ، ولا حظوا هنا أن نجاح دارون ، وماركس ، ونيتشة ، قد رتبناه من قبل ، والأثر الأخلاقي لاتجاهات هذه العوم في الفكر الأممي ( غير اليهودي ) سيكون واضحاً لنا على التأكيد .
إن الصحافة التي في أيدي الحكومة القائمة هي القوة العظيمة التي بها نحصل على توجيه الناس .
من البروتوكول الثالث : إن كلمة الحرية ترج بالمجتمع في نزاع مع كل القوى حتى قوة الطبيعة وقوة الله ، وذلك السبب في أنه يجب علينا – حين نستحوذ على السلطة – أن نمحق كلمة الحرية من معجم الإنسانية باعتبار أنها رمز القوة الوحشية الذي يسمخ الشعب حيوانات متعطّشة الى الدماء ، ولكن يجب أن نركز في عقولنا أن هذه الحيوانات تستغرق في النوم حينما تشبع من الدم ، وفي تلك اللحظة يكون يسيراً علينا أن نسخرها وأن نستعبدها ، وهذه الحيوانات إذا لم تعط من الدم فلن تنام ، بل سيقاتل بعضها بعضاً .
من البرتوكول الرابع : إن الصراع من أجل التفوق ، والمضاربة في عالم الأعمال ستخلقان مجتمعاً أنانياً غليظ القلب منحلّ الأخلاق، هذا المجتمع سيصير منحلاًّ كل الانحلال ومبغضاً أيضاً من الدين والسياسة ، وستكون شهوة الذهب رائده الوحيد ، وسيكافح هذا المجتمع من أجل الذهب متخذاً اللذات المادية التي يستطيع أن يمده بها الذهب مذهباً أصيلاً ، وحينئذ ستنضم إلينا الطبقات الوضعية ضد منافسيها الذين هم الممتازون من الأمميين دون احجاج بدافع نبيل ، ولا رغبة في الثورات أيضاً بل تنفسياً عن كراهيتهم المحضة للطبقات العليا .
من البروتوكول الخامس : لقد بذرنا الخلاف بين كل واحد وغيره في جميع أغراض الأمميين الشخصية والقومية ، بنشر التعصبات الدينية ، والقبلية خلال عشرين قرناً ، ومن هذا كله تتقرر حقيقة : هي أن أي حكومة منفردة لن تجد لها سنداً من جاراتها حين تدعو الى مساعدتها ضدنا ، لأن كل واحدة منها ستظن أن أي عمل ضدنا هو نكبة على كيانها الذاتي .
إننا نقرر في شريعة الأنبياء أننا مختارون من الله لنحكم الأرض ، وقد منحنا الله العبقرية كي نكون قادرين على القيام بهذا العمل .
وعلم الاقتصاد السياسي الذي محّصه علماؤنا الفطاحل قد برهن على أن قوة رأس مال أعظم من مكانة التاج . وتجريد الشعب من السلاح في هذه الأيام أعظم أهمية من دفعه الى الحرب والأهم استعمال العواصف المتأججة في أغراضنا بدلاً من إخمادها وتشجيع أفكار الآخرين في أغراضنا .
من البرتوكول السابع : إن ضخامة الجيش ، وزيادة القوة البوليسية ضروريتان لإتمام الخطط السابقة الذكر ، وإنه لضروري لنا ، كي نبلغ ذلك ، أن لا يكون الى جوانبنا في كل الأقطار شيء بعد إلا طبقة صعاليك ضخمة ، وكذلك جيش كثير وبوليس مخلص لأغراضنا .
ولكي نصل الى هذه الغايات يجب علينا أن ننطوي على كثير من الدهاء والخبث خلال المفاوضات والاتفاقات ، ولكننا فيما يسمى ( اللغة الرسمية ) سوف نتظاهر بحركات عكس ذلك ، كي نظهر بمظهر الأمين المتحمّل للمسؤولية ، وبهذا ستنظر الينا دائما حكومات الأمميين – التي علمناها أن نقتصر في النظر على جانب الأمور الظاهري وحده – كأننا متفضلون ومنقذون للإنسانية .
ويجب علينا أن نكون مستعدين لمقابلة كل معارضة بإعلان الحرب على جانب ما يجاورنا من بلاد تلك الدولة التي تجرؤ على الوقوف في طريقنا ، ولكن اذا غدر هؤلاء الجيران فقرروا الاتحاد ضدنا ؛ فالواجب علينا أن نجيب على ذلك بخلق حرب عالمية.
وبإيجاز ، من أجل أن نظهر استعبادنا لجميع الحكومات الأممية في أوروبة ، سوف نبين قوتنا لواحدة منها متوسّلين بجرائم العنف وذلك هو ما يقال له حكم الإرهاب . وإذا اتفقوا جميعاً ضدنا فعندئذ سنجيبهم بالمدافع الأمريكية أو الصينية أو اليابانية .
من البروتوكول التاسع : إن الكلمات التحررية لشعارنا الماسوني هي الحرية ، والمساواة ، والإخاء وسوف نبذل كلمات شعارنا ، بل نصوغها معبّرة ببساطة عن فكرة ، وسوف نقول : " حق الحرية ، وواجب المساواة ، وفكرة الإخاء " ، وبها سنمسك الثور من قرنيه، وحينئذ نكون قد دمرنا في حقيقة الأمر كل القوى الحاكمة إلا قوتنا .
وإنني أستطيع في ثقة أن أصرح اليوم بأننا أصحاب التشريع ، وأننا المتسلطون في الحكم والمقررون للعقوبات ، وأننا نقضي بإعدام من نشاء ، ونعفو عمن نشاء ، نحن – كما هو واقع – أولو الأمر الأعلون في كل الجيوش ، الراكبون رؤوسها ، ونحن نحكم بالقوة القاهرة ، لأنه لا تزال في أيدينا الفلول التي كانت الحزب القوي من قبل ، وهي الآن خاضعة لسلطاننا ، إن لنا طموحاً لا يحد ، وشرهاً لا يشبع ، ونقمةً لا ترحم ، وبغضاء لا تحس ، إننا مصدر إرهاب بعيد المدى ، وإننا نسخر في خدمتنا أناساً من جميع المذاهب والأحزاب من رجال يرغبون في إعادة الملكيات .
ولقد خدعنا الجيل الناشئ من الأمميين ، وجعلناه فاسداً متعفناً بما علّمناه من مبادئ ونظريات معروف لدينا زيفها التام ، ولكننا نحن أنفسنا الملقّنون لها .
من البروتوكول الرابع عشر : حينما نمكن أنفسنا فنكون سادة الأرض ، لن نبيح قيام أي دين غير ديننا ، أي الدين المعترف بوحدانية الله الذي ارتبط حظنا باختياره إيّانا كما ارتبط به مصير العالم .
ولهذا السبب يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان ، وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار ملحدين فلن يدخل هذا في موضوعنا ، ولكنه سيضرب مثلاً للأجيال القادمة التي ستصغي إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وكّل إلينا – بعقيدته الصارمة – واجب إخضاع كل الأمم تحت أقدامنا .
من البروتوكول السادس عشر : رغبة في تدمير أي نوع من المشروعات الجمعية سنبدأ العمل الجمعي في مرحلته التمهيدية أي إننا سنغير الجامعات ، ونعيد إنشاءها حسب خططنا الخاصة .
وسيكون رؤساء الجامعات وأساتذتها معدين إعداداً خاصاً وسيلته برنامج عمل سري متقن سيُهذبون ويُشكلون بحسبه ، ولن يستطيعوا الانحراف عنه بغير عقاب ، وسيرشحون بعناية بالغة ويكونون معتمدين كل الاعتماد على الحكومة ، وسنحذف من فهرسنا كل تعاليم القانون المدني مثله في ذلك مثل أي موضوع سياسي آخر ، ولن يختار لتعلم هذه العلوم إلا رجال قليل من بين المدربين ، لمواهبهم الممتازة ، وأن يسمح للجامعات أن تخرج للعالم فتياناً خضر الشباب ذوي أفكار عن الاصلاحات الدستورية الجديدة ، كأنما هذه الاصلاحات مهازل أو مآس ، ولن يسمح للجامعات أيضاً أن تخرج فتياناً ذوي اهتمام من أنفسهم بالمسائل السياسية التي لا يستطيع ولو آبائهم أن يفهومها .
من البروتوكول السابع عشر : وقد عنينا عناية عظيمة بالحطّ من كرامة رجال الدين من الأمميين ( غير اليهود ) في أعين الناس ، وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كثوداً في طريقنا . وأن نفوذ رجال الدين على الناس ليتضاءل يوماً بعد يوم . سنقصر رجال الدين وتعاليمهم له على جانب صغير جداً من الحياة ، وسيكون تأثيرهم وبيلاً سيئاً على الناس ، حتى أن تعاليهم سيكون لها أثر مناقض للأثر الذي جرت العادة بأن يكون لها .
من البروتوكول العشرين : إن الأزمات الاقتصادية التي دبّرناها بنجاح باهر في البلاد الأممية – قد أنجزت عن طريق سحب العملة من التداول ، فتراكمت ثروات ضخمة ، وسحب المال من الحكومة التي اضطرت بدورها الى الاستنجاد بملاك هذه الثروات لإصدار قروض ، ولقد وضعت هذه القروض على الحكومات أعباء ثقيلة اضطرتها الى دفع فوائد المال المقترض مكبلة بذلك أيديها .
من البروتوكول الرابع والعشرين : والآن سأعالج الأسلوب الذي تقوم به دولة الملك داود حتى تستمر الى اليوم الآخر .
إن أسلوبنا لصياغة الدولة سيشتمل على المبادئ ذاتها التي سلمت حكماءنا مقاليد العالم ، أي توجيه الجنس البشري كله وتعليمه ، وإن أعضاء كثيرين من نسل داود سيعدون ويربون الملوك وخلفائهم الذين لن ينتخبوا بحق الوراثة بل بمواهبهم الخاصة ، وهؤلاء الخلفاء سيفقهون فيما لنا من مقومات سياسية سرية ، وخطط للحكم ، آخذين أشد الحذر من أن يصل اليها أي إنسان آخر، وستكون هذه الاجراءات ضرورية كي يعرف الجميع أن من يستطيع أن يحكموا إنما هم الذين فقهوا تفقيهاً في أسرار الفن السياسي وحدهم ، وهؤلاء الرجال وحدهم سيعلمون كيف يطبقون خططنا تطبيقاً عملياً مستغلين تجاربنا خلال قرون كثيرة .



.....   يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:43 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)

المبحث الثامن
وقفة عند الاتصالات السرية بين زعماء اليهود والحكومات
ويستدل من الوثائق الألمانية والروسية القيصرية والعثمانية التركية أن نشاط الحركة اليهودية بزعامة لجنة مؤلفة من حاخامات وأثرياء وكتاب كان طابعه يمثل الهدف الذي يتوخاه اليهود وهو وضع حد لشتاتهم والاستيطان في فلسطين .. واعتبروا الهجرة والاستيطان الحل للمشكلة اليهودية التي أبرزوها بصورة مأساة لكسب دعم وعطف دول وشعوب أوروبا وأمريكا.
وإن جميع الاتصالات والمباحثات التي أجراها زعماء اليهود مع قياصرة وملوك ورؤساء الحكومات في أوروبا والأستانة (اسطنبول ) كانت كما هي مدونة في الوثائق السرية ضمن إطار المشكلة اليهودية التي طرحها مؤتمر فينا عام 1863 وحدد علاجها في المشروع الذي وضعته اللجنة السياسية للهجرة اليهودية للاستيطان في فلسطين التي أطلقوا عليها ( أرض الميعاد ) ، وخلال المرحلة الممتدة من عام 1863 حتى عام 1913 لم يطرح زعماء اليهود المشكلة اليهودية باسم الحركة الصهيونية التي ظهرت اعلامياً بعد مؤتمر " بازل " الذي عقد برئاسة " هرتزل " عام 1897 وهو يعتبر مؤسس الحركة الصهيونية التي تحولت الى حزب سياسي قومي يستمد منهجه من التوراة وفيها اسطورة أرض الميعاد التي أعطاها إله الشعب المختار ميراثاً لشعبه ، إنها أسطورة خرافية أدخلت في العقيدة الدينية وآمن بها اليهود([36]).
وتورد الوثائق السياسية السرية أسماء الزعماء اليهود الذين أجروا الاتصالات مع ملوك أوروبا والشخصيات السياسية البريطانية والفرنسية والوزراء العثمانيين لكسب التعاطف والدعم لحركة الاستيطان اليهودي في فلسطين حيث نفذ المشروع الأول – بناء المستعمرات عام 1868 – 1887 والمشروع الثاني عام 1889 – 1890 والمشروع الثالث عام 1905 – 1913 وتأسست المستعمرات الزراعية وازداد عدد اليهود زيادة كبيرة([37]).
أسماء الزعماء اليهود الواردة في الوثائق :
فاربورغ الثري الكبير ودوفيك وهرش – الاتصالات مع المسؤولين الألمان .
جاكول لازار وبرنارد لازار ومايير وشنيدر – الاتصالات مع الفرنسيين .
روتشيلد وبيفس وسبنسر – الاتصالات مع البريطانيين .
نحمين سركين وميخا بانيس – الاتصالات مع البولنديين .
موشيه ليفي وكرتسمير – الاتصالات مع النمساويين .
روزونسكي وفيسوتسكي وبرودوسكي – الاتصالات مع الروس .
لنحتهايم وجاكبوسين وساسون – الاتصالات مع الحكام العثمانيين ووجهاء العرب .
فهؤلاء وغيرهم من أعضاء الحركة اليهودية التي أسسها قديماً الحاخامات والكتاب واتخذوا فيينا مقراً لهم هم الذين حصلوا على الدعم من الدول الأوروبية والتسهيلات من الحكام العثمانيين لتنفيذ مخطط الهجرة والاستيطان في فلسطين ، حيث نفذ على مراحل باستخدام المال والرشوة والألاعيب السياسية . وفي أواخر القرن التاسع عشر تم بناء القواعد الأولى الرئيسية للوجود اليهودي في فلسطين التي غمرت سواحلها بموجات من الهجرة اليهودية وزرعت فيها المستوطنات الزراعية وفقاً للمخطط الذي رسم في فيينا العاصمة النمساوية عام 1868([38]).



....  يتبع 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:46 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)


المبحث التاسع
موقف الصهيونية من الإسلام
أعرض تحت هذا العنوان نماذج حية من الاساءات المتكررة التي قام ويقوم بها الصهاينة ضد المسلمين لتكون شاهداً على ما يضمرونه من عداوة وبغضاء ، قال تعالى : " قد بدت البغضاء من أفواههم ، وما تخفي صدورهم أكبر"([39]).
1. حرق المسجد الأقصى :
في الساعة السابعة صباح يوم 21/8/1969م شبّ حريق كبير مدبر في المسجد الأقصى
أ . منعوا الجموع الثائرة من الوصول الى مكان الحريق .
ب. منعوا اطفائية القدس من التقدم الى مكان الحريق وقاموا بتأخيرها عمداً .
ج. خربوا مضخات الماء حتى لا يستعملها الجمهور في اطفاء الحريق .
د . منعوا اطفائيات الحريق التي حضرت من الخليل وبيت لحم ونابلس وطولكرم ورام الله والبيرة من الدخول الى الحرم، ثم اندفعت الجماهير التي بلغت أكثر من ثلاثين ألف وأجبرت دايان على فتح الطريق أمام المطافئ([40]).
2. في بروكسل العاصمة البلجيكية قام تاجر يهودي بطبع أول سورة مريم ، وأول سورة البقرة على ورق التغليف التي يستعملها في محلاته العديدة ، ولم تلبث أن انتشرت هذه الأوراق في كندا ، وليس صعباً أن نكتشف مقدار الإساءة التي تلحق بكتاب المسلمين المقدس حينما تلقى تلك الأوراق التي تحمل بعض أياته الكريمة في أكياس القمامة(*).
3. وفي لندن أنتجت محلات ماركس اندسبنسر التي يمتلكها يهوي ملابس داخلية طبعت عبارة ( لا إله إلا الله ) ، وتعمد مصممها أن يكون موقع لفظ الجلالة ملاصقاً لموقع العورة .
4. وفي لندن نشرت إحدى مجلات الجنس الداعرة صوراً لفتيات عارياً من كل شيء في أوضاع مخزية تحيط بهن قطع قماش كبيرة تحمل بعض آيات القرآن الكريم ، وقد نشرت صحفنا المحلية في 6/6/1979 جزءاً يسيراً من إحدى الصور بعد أن قامت بتغطية الجزء الأكبر منها حياءً .
5. وفي جلاسكو ، المدينة البريطانية ، يطلق اسم " مكة " على أكبر ملهى داعر في المدينة ، ولا تكاد تخلو مدينة أوروبية من ملهى أو أكثر يحمل اسم " مكة " فإذا علمنا أن اليهود يسيطرون على صناعة اللهو الداعرة في العالم كله ، أدركنا أن إطلاق اسم مكة على مواخير الخنا والدعارة لا يقصد به سوى السخرية من الإسلام .
6. في مدينة بازل السويسرية ، بُني مأوى الخنازير في حديقة حيوانات المدينة على هيئة مسجد اسلامي .
7. وفي قبرص وضع يهودي اسم الجلالة " الله " على نعال الأحذية الرياضية التي تنتجها مصانعه بدلاً من الأصابع المألوفة.
8. وفي الولايات المتحدة الأمريكية طبعت صور ترمز الى علماء المسلمين على ورق التواليت .
9. وامتدت أذرع الأخطبوط الصهيوني الى العرافين العالميين لتستغلهم في نفث أحقادها ضد العرب والمسلمين عبر أجهزة الإعلام الغربية التي تعطي اهتماماً كبيراً لتنبؤات هؤلاء العرافين ، وكمثال على ذلك أبرزت وسائل الإعلام الواقعة تحت السيطرة الصهيونية باهتمام كبير تنبؤات العراف الفرنسي الشهير نوستراد موس التي يزعم فيها أن الحضارة الغربية ستتعرض خلال الفترة الواقعة بين 1982 – 1988 لغزو عربي اسلامي ينطلق من ليبيا نحو اليونان ويتحول عبر البلقان الى ايطاليا ثم تحدث المعركة الفاصلة بين العرب المسلمين وجيوش الطليان والفرنسيين والانجليز في وادي البو ، وتستمر الحرب ثلاث سنوات وسبعة أشهر تنتهي بانتصار العرب المسلمين واكتساحهم لأوروبا الغربية .
ولا يخفى أن اليهود يقصدون من وراء نشر هذه المزاعم الى استثارة الأحقاد الغربية ضد العرب والمسلمين ، والى إقناع الرأي العام الغربي بمساندة دولة الكيان الصهيوني باعتبارها خط الدفاع الأمامي عن الحضارة الغربية ضد الهمجية العربية الإسلامية.
ولعل في هذه الحادثة أبلغ دليل على عدم تورع اليهود عن استغلال أي سبيل لنفث حقدهم ضد العرب والمسلمين ، ففي عام 1966 عقدت الأكاديمية الأمريكية الطبية بولاية أوهايو مؤتمرها السنوي ، وشاركت في المؤتمر مؤسسة مكافحة مرض الصرع الأمريكية التي عرضت ضمن نشاطها في المؤتمر صورة كبيرة زعمت أنها صورة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، باعتباره أحد أشهر المصابين بمرض الصرع ، ألا ساء ما يصنعون ، وحين سارع لفيف من الطلاب المسلمين في ولاية أوهايو لاستنكار هذا التحدي الوقح لمشاعرهم ، هالهم أن يعلموا أن وراء هذه الصورة يد يهودية خبيثة!!.
(تفصيل القول في حكاية الصهاينة مع السلطان عبد الحميد ـ يرحمه الله ـ)([41])
مواقف مشرّفة ومشرقة لمسلم يرفض التصهين ، وحارب الصهيونية مدركاً خطورتها على بلاد المسلمين في وقت مبكر
في أواخر عهد الدولة العثمانية كان قد تأسّس محفل ماسوني باسم " محفل الشرق العثماني " وأستاذه الأعظم وزير الداخلية " طلعت" وأركانه هم أعضاء الاتحاد والترقّي وكبار أغنياء اليهود ، وكانت مدينة " سالونيك " مركزاً للمحفل ومركزاً للسلطة الحقيقية في الدولة ، ولم تكن الأستانة عاصمة الدولة إلا مركزاً للتنفيذ ، لأن الماسونية نمت وترعرعت في أحضان يهود "الدونمة" في "سالونيك" وكان مصطفى كمال من أركان جمعية الاتحاد والترقي ، وهذه الجمعية هي التي حملت فيما بعد رسالة العلمانية ، وإدخال المذاهب الإلحادية التي وضعها اليهود الى الدولة ، واستطاع الزعماء الماسون خلال فترات متعددة – لا سيما يهود الدونمة الذين تظاهروا بالاسلام مكراً وخداعاً حقبة من الزمن ثم ارتدّوا عنه – أن يتسنّموا مراكز خطيرة في الدولة العثمانية، ليوجّهوها نحو أهدافهم التي تخدم اليهودية العالمية تحت ستار الحركات التحررية في تركيا .
لقد كان كل هذا في الوقت ذاته الذي كان ينادي فيه السلطان عبد الحميد بالجامعة الاسلامية ، وفي غمرة الأوضاع القلقة التي رتّبها اليهود بمساعدة الماسونيين في دولة الخلافة العثمانية التركية وأنصارهم ومؤازريهم قرّر اليهود أن يرسلوا الى السلطان عبد الحميد من يفاوضه ، ويقدّم له الرشوة المغرية ، حتى يسمح لليهود ببعض الامتيازات في فلسطين ، فأوفدوا اليه اليهودي الماسوني والثري الكبير " قره صو " فطلب مقابلة السلطان بوساطة أحد رجال البلاط " كمال بك " .
ولدى المقابلة قال " قره صو " للسلطان : " إنني قادم مندوباً عن الجمعية الماسونية لتكليف جلالتكم بأن تقبلوا خمسة ملايين ليرة ذهبية هدية لخزينتكم الخاصة ، ومئة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة لمدة مئة سنة على أن تسمحوا لنا ببعض الامتيازات في فلسطين " .
فما أن أتمّ " قره صو " كلامه حتى نظر السلطان عبد الحميد الى مرافقه بغضب وقال له : " هل كنت تعلم ماذا يريد هذا الخنزير ؟ " فارتمى المرافق على قدمي السلطان مقسماً بعدم علمه ، فالتفت السلطان الى " قره صو " وقال له : " اخرج من وجهي با سافل " فخرج رأساً الى الباخرة فإلى إيطاليا ، ومنها أرسل الى السلطان البرقية التالية : " أنت رفضت عرضنا وسيكلّفك هذا الرفض أنت شخصياً ويكلف مملكتك كثيراً " .
ولم ييأس اليهود من هذه المواجهة التي واجههم بها السلطان عبد الحميد ، ولكنّهم قرروا في المرة الثانية أن يوفدوا لمقابلته والتفاوض معه " هرتزل " زعيم الحركة الصهيونية الحديثة نفسه ، فقدم الرجل الى مركز الخلافة العثمانية ، يرافقه الحاخام " موسى ليفي " وكان ذلك في سنة " 1897 " وقابلا السلطان في قصر يلدز ، وبعد أن شكرا الدولة العثمانية على ما بذلته من الرعاية للأقليّة من اليهود ، طلباً من السلطان منح اليهود حق سكنى فلسطين واستثمارها ، وعرضا على السلطان مقابل ذلك أن يقدّم اليهود إليه ما يلي :
1. إنشاء أسطول بحري عثماني .
2. دعم سياسة العثمانيين في العالم الخارجي .
3. مساعدة السلطان في تحسين أوضاع مملكته المالية ، وكانت الأوضاع المالية حرجة .
4. إنشاء جامعة عثمانية في القدس ، تغني عن إيفاد الطلاب المسلمين الى أوروبا .
فلمّا سمع السلطان عبد الحميد منهما عروضهما قطّب حاجبيه وقال : " أظن أن إخوانكم اليهود يعيشون في رفاهية ، بسبب الرعاية التي قدمتها لكم أمتي وأجدادي السلاطين ، فما هي ظلامتكم التي غابت عنّا ؟ " ، فأجاب الحاخام " موسى ليفي " : " أستغفر الله يا مولانا ، ليس لنا أي شكوى ، وإنما أن نجمع اليهود المشتتين في العالم ، ونجعل لهم وطناً يدعون فيه لسيدنا حتى الأبد " ، فأجابه السلطان : " إنكم تستفيدون من ثروات البلاد أكثر من باقي المواطنين ، أليس كذلك يا حاخام ؟ " .
ثم سادّ الجو الصمتُ ووجومٌ، فبادر " هرتزل " الى قطعه فقال : " مثلاً لو رضي مولانا وباع لنا الأراضي التي ليس لها مالكون في فلسطين بالثمن الذي يقدّره " ، فغضب السلطان وصرخ في وجهه : " إن أراضي الوطن لا تباع ، إن البلاد التي امتلكت بالدماء لا تباع إلا بالثمن نفسه " .
ويشهد لهذه الحقيقة ما جاء في مذكّرات " هرتزل " بمناسبة حديثه عن مقابلته للسلطان عبد الحميد هذه قوله : " ونصحني السلطان عبد الحميد بأن لا أتّخذ أية خطوة أخرى في هذا السبيل ، لأنه لا يستطيع أن يتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين ، إذ هي ليست ملكاً له ، بل هي لأمته الإسلامية التي قاتلت من أجلها ، وروت التربة بدماء أبنائها ، كما نصحني بأن يحتفظ اليهود بملايينهم وقال : إذا تجزّأت امبراطوريتي يوماً ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن ، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من امبراطوريتي وهذا أمر لا يكون " .
ولما لم يستطع اليهود أن يأخذوا فلسطين عن طريق المكر ، واستعمال وسيلة الرشوة للخلافة الاسلامية بدأوا بتنفيذ مخططاتهم السرية ، دون أن يقفوا عن الإلحاح على السلطان عبد الحميد بتحقيق مطالبهم ، ومقرراتهم السرية التي ظلت مكتومة حتى تسرّبت الى جريدة التايمز فنشرتها في عام 1920 هي كما يلي :
أولاً : العمل بكافة الوسائل واستغلال جميع الدول والشخصيات لتكون فلسطين هي مكان التجمع اليهودي لإقامة دولة صهيون.
ثانياً : ربط الجمعيات والجماعات اليهودية مع كافة المنظمات الدولية والسياسية لاستغلالها في سبيل إقامة دولة صهيون .
ثالثاً : الظهور في المجتمعات التي تحتقر اليهودية بالشخصية المسيحية مع الإيمان السري بأن المسيحية هي عدوّة اليهودية .
رابعاً : تدعيم النظام السري اليهودي في كل بلد من العالم حتى يأتي يوم تسيطر فيه الدولة اليهودية على الدول الأخرى .
خامساً : السعي الحثيث لإضعاف الدول السياسية القائمة بنقل أسرارها الى أعدائها ، وببذر بذور التفريق والشقاق بين حكّامها بوساطة الجمعيات السرية ، ونقل أنظمتها الى الإباحية والفوضى .
سادساً : على اليهودية أن تعتبر الجماعات الأخرى قطعاناً حقيرة من الماشية ، ويجب أن يكونوا لعباً في أيدي حكام صهيون .
سابعاً : اللجوء الى التملق والتهديد والمال في إفساد الحكّام والسيطرة عليهم .
ثامناً : يجب أن يكون ذهب الأرض في أيدي اليهود حتى يمكن السيطرة على الصحافة والمسرح والمضاربة والعلم والتشريع، لإثارة الرأي العام ، وإفساد الأخلاق ، والتهييج للرذيلة ، ولمحق كل ميل الى التهذيب ولتشييد عبادة المال والشهوة.
ثم صدر بعد ذلك مقرر تاسع ، وهو كما يلي :
تاسعاً : ليس من بأي بأن نضحّي بالفتيات في سبيل الوطن القومي ، وأن تكون هذه التضحية قاسية ومستنكرة ، لأنها في الوقت نفسه كفيلة بأن توصل الى أحسن النتائج ، وماذا عسى أن نفعل مع شعب يؤثر البنات ويتهافت عليهنّ وينقاد لهنّ .
ومع تنفيذ اليهود لمخطط هذه المقرّرات السرية كانوا يرفعون العرائض للسلطان عبد الحميد يطالبون فيها بفلسطين وما حولها حتى النهرين في العراق وحتى مصر ، وذلك لذرّ الرماد في العيون ، ولتغطية أعمالهم التي كانوا يباشرون تنفيذها بأسماء مستعارة ، وكان السلطان يقابل كل ذلك بإصدار القرارات التي تمنع استيطان أي يهودي جديد في فلسطين ، وتمنع الهجرة اليهودية اليها .
وفي سنة 1901 تلقّى السلطان عبد الحميد تقريراً من اليهود يقترحون فيه ضمّ جزء من الأراضي اللبنانية الى فلسطين حتى سهول البقاع ، لجعل مدينة بعلبك العاصمة الاسرائيلية الثانية بعد القدس ، وقد أرسل هذا التقرير حاخام القدس .
وفي سنة 1903 تلقّى أيضاً من حاخام آخر تقريراً يتضمن خارطتين : الأولى لفلسطين ، والثانية لمنطقة ما بين النهرين في العراق ، وقد جاء في التقرير ما يلي : " فلسطين لا تستوعب أكثر من ربع الشعب اليهودي حتى ولو نزح عنها العرب بكاملهم ، وعلى هذا فإننا نلتمس الرعاية لتوطين اليهود في مستعمرات تصل حتى النهرين في العراق " .
ثمّ تلقّى تقريراً ثالثاً من حاخام ثالث وفيه ما يلي: " لقد تواصى اليهود في الأجيال الغابرة على أن بلادهم تمتد من مصر الى كليكيا".
ومن الخرائط التي أرسلوها إليه خريطة تشمل فلسطين وسورية ولبنان والعراق ، وقسماً من مصر والحجاز حتى المدينة المنورة . وتابعت المنظمات اليهودية السرية نشاطها متسترة وراء الجمعية الماسونية ومحافلها تدبر مؤامراتها لتقويض الخلافة الاسلامية، وتجزئة الدولة العثمانية ، وأغرت بذلك الدول الاستعمارية ، ومهّدت لها السبيل كي تبسط نفوذها على الأشلاء المفرقة من الدولة بعد انحسار الخلافة الاسلامية عنها ، مقابل تحقيق مكافآت سياسية واقتصادية لليهود في العالم، وفي المناطق الاسلامية ، والبلاد العربية بخاصة .
وقد اشترى اليهود كثيراً من الضمائر ضدّ الخلافة ، بعد أن وصلت الى وضع صاروا يشبّهونها فيه بالرجل المريض ، وحرّكوا الماسونية واتّخذوا من مدينة " سلانيك " الوكر الرئيسي لدسائسهم ومؤامراتهم ، لأنها تضم أوفر عدد من اليهود في تركيا ، ولأنه مركز " الدونمة " وهم – كما سلف – يهود تظاهروا بالاسلام نفاقاً ، ليعملوا على تقويض الخلافة الاسلامية وهم ضمن صفوفها ، وعلى هدم الاسلام وهم داخل حصونه ، وما زالوا يتغلغلون حتى استطاعوا أن ينفذوا الى كثير من مراكز السلطة دون أن يشعر بهم المسلمون .
وكان من الأشخاص اليهودية المنافقة الذين احتلّوا مراكز هامة في الدولة " جاويداي دافيد " وهو من " الدونمة " وأحد أقطاب الماسونية ، وأحد أقطاب جمعية الاتحاد والترقي التي باشرت بإلغاء الخلافة مستعينة بمن فسد من العسكريين ، وقد بلغ من أمره أنه صار وزيراً للمالية .
وكان منهم أيضاً المنافق الآخر " حسين جاهد يالشين " وقد استطاع هذا اليهودي أن يكون عضواً في لجنة التوفيق الثلاثية المؤلفة من ثلاثة أعضاء : أمريكي ، وفرنسي ، وتركي ، والتي كانت مهمتها التوفيق بين العرب واليهود ، ومن الأمور العجيبة أن يكون الممثل عن المسلمين في هذه اللجنة يهودياً .
إلا أن النفاق من جهة والغفلة من جهة المسلمين هما اللذان مهدا له السبيل حتى يكيد مكيدته .
وفي سبيل تقويض الخلافة الاسلامية فقد دفع اليهود الأموال التي رفضها عبد الحميد للمتآمرين والخائنين ، وقامت جمعية الاتحاد والترقي مع الماسونيين واليهود بمؤامراتها التي انتهت بخلع السلطان ، ثم بإلغاء الخلافة ، وقد سلّم اليهودي " قره صو " الذي كان أحد النواب السلطان عبد الحميد قرار خلعه ، وكان الأتراك " الدونمة " الذين ارتدّوا الى اليهودية لما انتهى دور مكيدتهم من أخطر المساهمين في نجاح المؤامرة على الإسلام ، وتمّ بعد إلغاء الخلافة إعلان العلمانية التي خطط لها اليهود، وكان دور الماسونيين في كل ذلك دوراً خطيراً جداً . حتى أن بعض الذين ساهموا في المؤامرة قد اكتشفوا فيما بعد أنهم كانوا ضحايا الخديعة الماسونية اليهودية .
فهذا " أنور باشا " الرجل الذي قام بالدور الرئيسي في الانقلاب على الخلافة سنة 1908 والذي تسبب في تدهور الدولة العثمانية ، يقول في حديث له " مع جمال باشا " إذ كانا يحللان أسباب الانحدار الذي أصاب الدولة التركية : " أتعرف يا جمال ما هو ذنبنا ؟ " وبعد تحسّر عميق ، قال : " نحن لم نعرف السلطان عبد الحميد فأصبحنا آلة بيد الصهيونية ، واستثمرتنا الماسونية العالمية ، نحن بذلنا جهودنا للصهيونية ، فهذا ذنبنا الحقيقي " .
وثيقة بخط السلطان عبد الحميد بسبب خلعه([42])
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيدنا محمد رسول رب العالمين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين الى يوم الدين.
أرفع عريضتي هذه الى شيخ الطريقة العلية الشاذلية ، الى مفيض الروح والحياة ، الى شيح أهل عصره الشيخ محمود أفندي أبي الشامات ، وأقبّل يديه المباركتين راجياً دعواته الصالحة .
بعد تقديم احترامي أعرض أنني تلقّيت كتابكم المؤرّخ في 22 مايس من السنة الحالية ، وحمدت المولى وشكرته أنكم بصحة وسلامة دائمتين .
سيدي :
إنني بتوفيق الله تعالى مداوم على قراءة الأوراد الشاذلية ليلاً ونهاراً . وأعرض أنني ما زلت محتاجاً لدعواتكم القلبية بصورة دائمة .
وبعد هذه المقدّمة أعرض لرشادتكم والى أمثالكم أصحاب السماحة والعقول السليمة المسألة المهمة الآتية كأمانة في ذمة التاريخ :
إنني لم أتخلّ عن الخلافة الاسلامية لسبب ما ، سوى أنني – بسبب المضايقة من رؤساء جمعية الاتحاد المعروفة باسم " جون تورك " وتهديدهم – اضطررت وأجبرت على ترك الخلافة .
إن هؤلاء الاتحاديين قد أصرّوا عليّ بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدّسة " فلسطين " ورغم اصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف ، وأخيراً وعدوا " 150 " مئة وخمسين مليون ليرة إنكليزية ذهباً ، فرفضت هذا التكليف بصورة قطعية أيضاً ، وأجبتهم بهذا الجواب القطعي الآتي : " إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً – فضلاً عن ( 150 ) مئة وخمسين مليون ليرة إنكليزية ذهباً – فلن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي ، لقد خدمت الملّة الاسلامية والأمة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة فلم أسوّد صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين ؛ لهذا لن أقبل تكليفكم بوجه قطعي أيضاً " .
وبعد جوابي القطعي اتفقوا على خلعي ، وألغوني أنهم سيبعدونني الى ( سلانيك ) فقبلت بهذا التكليف الأخير .
هذا وحمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الاسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدّسة : فلسطين .. وقد كان بعد ذلك ما كان ، ولذا فإني أكرر الحمد والثناء على الله المتعال ، وأعتقد أنّ ما عرضته كافٍ في هذا الموضوع الهام ، وبه أختم رسالتي هذه .
ألثم يديكم المباركتين ، وأرجو وأسترحم أن تتفضلوا بقبول احترامي بسلامي الى جميع الاخوان والأصدقاء .
يا أستاذي المعظم :
لقد أطلت عليكم التحية ولكن دفعني لهذه الإطالة أن تحيط سماحتكم علماً ، وتحيط جماعتكم بذلك علماً أيضاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
في 22 أيلول 1329 هـ
خـادم المسلمين
عبد الحميد بن عبد المجيد



...  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:49 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)



نماذج من الموسوعات العلميّة والمراجع والكتب المتصهينة
فطن اليهود مبكرين الى أهمية الموسوعات العلمية والثقافية ، باعتبارها مرجعاً موثوقاً تُستقى منه المعلومات ، فغزوها من خلال العشرات من اليهود ومناصريهم ، لدرجة يندر معها أن تجد موسوعة علمية لا تفوح منها روائح الصهيونية .
ولا عجب أن نجد هذه الموسوعات تلتزم المنهج العلمي الموضوعي في جميع محتوياتها ما عدا تلك التي تتعلق بالعرب أو بالاسلام والمسلمين ، فحينذاك تطلق الصهيونية العنان لأحقادها تنفث عبرها الافتراءات الظالمة ضد العرب والمسلمين، وفي هذا الصدد يقول الدكتور كامل العسلي في مقابلة أجرتها معه صحيفة الدستور الأردنية في 15/5/1982م ما يلي([43]):
" إن قراءة سريعة للموسوعة البريطانية انسايكلوبيديا بريتانيكا ، والموسوعة الأمريكية " ماير " والموسوعة الألمانية، والموسوعة الفرنسية " لاروس " ، تؤكد أن هذه الموسوعات تتبنى بجلاء وجهة النظر الصهيونية وتدافع عنها ، وتصر جميعها على اطلاق اسم " أرض اسرائيل " على فلسطين ، وتزعم أنه لم يكن هنالك في التاريخ ولا في القانون الدولي بلد يدعى فلسطين ، وهذه الموسوعات تبدأ تاريخ القدس بمملكة دواد وسليمان، متجاهلة أن القدس الكنعانية قامت قبل داود وسليمان بألفي سنة على الأقل "
ويشير الدكتور العسلي بأسى ومرارة الى أن الموسوعة الاسلامية قد عهدت الى يهودي صهيوني ليكتب لها الفصل الخاص بالقدس .
وتعتبر الموسوعة المسماة " انسيكلوبيديا نيوكاكستون " التي تصدر في بريطانيا من أشد الموسوعات تهجماً على العرب والمسلمين وقد منع تداولها في معظم البلاد العربية ، كما تعتبر دائرة المعارف البريطانية " بريتانيكا انسيكلوبيديا " من أشهر الموسوعات الوثائقية وأكثرها انتشاراً ، ويستطيع المرء أن يكشف السموم الصهيونية في ثنايا صفحات هذه الموسوعة بكل وضوح .
فهذه الموسوعة حين تتحدث عن القرآن الكريم تزعم أنه يتألف أساساً من كلمات محمد الموثوق به ...! وفي هذه المغالطة الخبيثة إيحاء بأن القرآن الكريم ليس منزلاً من عند الله عز وجل .
وعندما تتحدث عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، تزعم أنه كان يعيش طبقاً للمعتقدات الدينية التقليدية ، وفي هذا الزعم الباطل إيحاء بأنه rكان يشارك المشركين في عبادة الأوثان والأصنام .
وحين تتحدث عن الهجرة النبوية من مكة الى المدينة تصر الموسوعة البريطانية على استعمال كلمتي هرب ، وفرّ .
وتذكر الموسوعة البريطانية أن محمداً " زعم " أنه نبي مرسل من الله وأنه أعظم الأنبياء وخاتمهم ، وأن المسلمين يعبدون محمداً ، ويعتقدون أن الكون خلق من نور محمد ( عليه صلوات الله وسلامه ) .
وحين تتحدث عن اسراء الرسول r ومعراجه الى السماء تصر الموسوعة البريطانية على أنه صعد الى السماء من فوق صخرة في " معبد سليمان " في أورشليم " بيت المقدس " ، مع أن الحقيقة التاريخية تؤكد أنه لم يكن لمعبد سليمان في ذلك الوقت أي أثر ، وشبهت الموسوعة البريطانية الرسول الكريم r بزرادشت .
والمؤسف أن مثل هذا الهراء الذي يجافي المنطق العلمي ويتجاهل مقتضيات الأمانة العلمية ، لم يقتصر على الموسوعة البريطانية ، بل تسرب الى معظم الموسوعات المعروفة ، ويصف العالم الفرنسي " ديدرو " المحرر في الموسوعة الفرنسية الرسول الكريم r بأنه " قاتل رجال ، وخاطف نساء ، وأكبر عدو للعقل الحرّ " .
ويشتد الأسى ويتعاظم حتى ترى السموم الصهيونية قد امتدت الى موسوعة تصدرها منظمة " اليونسكو " الدولية ، التي يشكل المال العربي الإسلامي عصب ميزانيتها ، ففي المجلد الثالث من موسوعة " تاريخ الجنس البشري وتقدمه الثقافي والعلمي " وتحت عنوان الحضارات الكبرى في العصر الوسيط ، يطالعنا التعريف الوقح التالي للإسلام : " إن الإسلام هو تركيب " ملفق " من المذاهب اليهودية والنصرانية بالإضافة إلى التقاليد الوثنية العربية التي أبقى عليها الإسلام كطقوس قبلية تجعلها أكثر رسوخاً في العقيدة " .
وتجرأت دائرة المعارف السوفييتية فاستعملت أسلوب الهجوم السافر الوقح في تهجمها على الإسلام ، ففي المجلد الثامن عشر تزعم الموسوعة أن الإسلام نشأ نتيجة وجود مجتمع طبقي بين العرب وكنتيجة لانتصار الاشتراكية ، وفي المجلد الثامن والعشرين تزعم الموسوعة أن محمداً r كان مبشّراً دينياً ويعتبر مؤسساً للإسلام ، وتدعي الموسوعة أن سيرة رسول الله r مجهولة ، وأن كل ما كتب عن سيرته لم يتعد كتاباً ألفه رجل وصفته الموسوعة بأنه " جامع للأساطير " اسمه " ابن اسحق " ، وأن هذا الكتاب ألف بناء على أمر من الخليفة في بغداد .
وتعترف الموسوعة السوفياتية في مجلدها الثاني عشر القرآن الكريم كما يلي : " القرآن هو الكتاب المقدّس الأساسي ، وهو مجموعة من المواد الدينية المذهبية والأسطورية والقانونية ، ويعتبر محمد r هو مشرع القرآن ، كما يعتبر مؤسس الإسلام".
وتزعم الموسوعة أنه وفقاً للتحليل الموضوعي للقرآن ، وجد أن جزءاً معيناً منه فقط ينتمي لزمن محمد r ، أما الأجزاء الأخرى تنتمي الى عصور متقدمة عليه أو متأخرة عنه " .
وامتدت أذرع السيطرة اليهودية للمعاجم العالمية، ففي قاموس التاريخ العالمي البريطاني فرية حاقدة تزعم أن عصابة "المافيا" العالمية الاجرامية تمتد في جذورها الى أصول عربية ، ويؤكد القاموس أن طبيعة العرب الاجرامية التي تعف عن السطو والقتل تؤكد هذه المقولة .
وفي قاموس وبستر الأمريكي يُعرّف العربي بأنه رجل حيواني ، شهواني ، قاتل ، سفاك للدماء ، زير للنساء ، متشرد ، متسكع ، متسول ، غبي ، فوضوي ، ويشرف على نشر قاموس وبستر الذي يكاد يكون أقرب الى الموسوعة الناشر الامريكي الضالع في خدمة الصهيونية وليم ليوليان .
وامتدت أذرع الأخطبوط الصهيوني الى قناة اعلامية لا تقل خطورة وأهمية عن الموسوعات العلمية ، فقد سيطر اليهود سيطرة خانقة على مؤسسات الاستشراق التي تخصصت في الاهتمام بدراسة كل ما يتعلق بالشرق باعتباره مركزاً للاسلام ، وقلّما تجد دراسة استشراقية تخلو من الطعن ، والتشهير ، والتشكيك بالاسلام ونبي الاسلام وكتاب الاسلام القرآن الكريم .
ولعلي لا أكون مجانباً للحقيقة اذا قلت أن تطور علم الاستشراق في صورته الحالية على يد المستشرق اليهودي أغناس جولد تسهير ، وليس الا محاولة يهودية لإحياء دور " الاسرائيليات " التي تولى كبرها اليهود الأسبقون ، والتي تخصصت في دس الكثير من الافتراءات والمغالطات في أحاديث رسول الله r ، ويجدر بنا أن نذكر أن جولد تسهير قد أوصى بمكتبته الضخمة الى الجامعة العبرية في القدس .
ولقد ألّف جولد تسهير وهو هنغاري الجنسية ( 1850 – 1921 ) كتاباً بعنوان " العقيدة والشريعة في الاسلام " طعن فيه بالقرآن الكريم وزعم أن آياته متناقضة ، وزعم أن التشريع الاسلامي مدين للقانون الروماني الذي استمد منه أكثر مواده .
ومن المستشرقين الذين انساقوا في مخططات الصهيونية للإساءة للاسلام ، يبرز اسم المستشرق الاسكتلندي السير ويليام موير الذي سمي معهد دراسات اللغات الشرقية وآدابها في جامعة أدنبرة باسمه تقديراً لما قدّمه من خدمات في الاساءة للاسلام والمسلمين .
وقد ألف موير كتاباً بعنوان " الخلافة " نشأتها وانحطاطها وسقوطها ، زعم فيه ، وبئس ما زعم ، أن محمداً r كان آلة بيد الشيطان ، وألف موير كتاباً في عام 1876م بعنوان " حياة محمد " زعم فيه أن تعاليم الإسلام مأخوذة من الأديان السابقة ولكن محمداً وضعها في ثوب جديد ، ويعبر موير عن حقده الأسود ضد الإسلام بقوله : إن سيف محمد والقرآن هما ألد أعداء الحضارة والحقيقة والحرية .
ومن المستشرقين الحاقدين الذي انساقوا في خدمة المخططات الصهيونية نذكر المستشرق الفرنسي كيمون الذي يقول:
" أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة ، وتدمير الكعبة ، ووضع قبر محمد وجثّته في متحف اللوفر " .
وتفوح روائح الحقد ضد الاسلام من خلال كتابات المستشرق لورنس براون الذي يقول : " الخطر الحقيقي كامن في نظام الاسلام وفي قدرته على الاقناع والإخضاع ، وفي حيويته المتجددة على مر الزمان ، فهو الصخرة الصلدة في وجه الاستعمار الاوروبي ، واذا اتحد المسلمون أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم كله ، أما اذا بقوا متفرقين كانوا بلا قوة ولا تأثير".
وهل هنالك من أحد لم يسمع بالمستشرق كارل بروكلمان ؟ الذي تركزت دراسته الاستشراقية حول تكذيب نبوة محمد r ، وهو صاحب الجملة الشهيرة " أعلن محمد ما ظن أنه قد سمعه كوحي من الله " ، إن الكثيرين يجهلون أن بروكلمان يهودي ابن يهودي.
ومن المستشرقين اليهود يبرز اسم صموئيل مرجليوث الذي ألف في عام 1925 كتاباً افترى فيه على القرآن الكريم ، وزعم أن القرآن الكريم مدين ببلاغته ومجازه للشعر الجاهلي ، ثم جاء من بعده تلميذه المرحوم طه حسين غفر الله له ، فنقل هذه الآراء الكافرة في كتابه " في الشعر الجاهلي " ويزعم مرجيلوث أن محمداً r عاش بعد " فراره " من مكة على النهب والسلب والتلصص ... !
وكان من أحدث ما تقيّأه المستشرقون اليهود كتاباً ألفه اليهودي مكسيم رودنسون بعنوان " محمد " ، امتلأ بالطعن والتشكيك بالإسلام وبالقرآن الكريم وبالرسول r الذي نعته هذا اليهودي الخبيث " بأنه " زير النساء " ... ألا كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولـون إلا كذباً . وكان مكسيم رودنسون قد ألف عدة كتب عن الإسـلام " سحـر الاسـلام " ( 1981 ) و " الاسلام والرأسمالية " ( 1966 ) و " الماركسية والعالم الاسلامي " ( 1972 ) و " العرب " ( 1979 ) .
وينبغي أن نشد الانتباه الى أن لمكسيم رودنسون مواقف مناهضة للصهيونية ولاسرائيل ، ولكن ذلك يجب أن لا يعمي عيوننا عن السم الكثير الذي يدسه في مؤلفاته وكتبه عن الاسلام ونبي الاسلام صلوات الله وسلامه عليه ، بل لعل من الكياسة أن ننظر بريبة الى مواقفه المناهضة للصهيونية ، فلعلها تكون عن سابق تخطيط ليسهل عليه إيجاد مدخل الى العقول العربية من هذا الباب، حتى اذا دخله ، أطلق العنان لأحقاده الصهيونية ضد الاسلام والسلمين كما نجد في معظم مؤلفاته .
وتبرز عدائية مكسيم رودنسون اليهودي الفرنسي للاسلام من خلال اصراره في سياق مقابلة أجرتها معه مجلة الوطن العربي في عددها 324 الصادر في 29 نيسان 1983 ( ص96 ) ، على نعت الفتح الاسلامي لبلاد الشام بأنه كان عملية غزو مدمرة ضد الحضارة النصرانية في بلاد الشام ومصر ، واصراره على اطلاق نعت " الغزاة " على جيوش الفتح الاسلامي ، ثم ينطلق من هذا المفهوم الذي يتبناه الى تبرير العداء الأوروبي للاسلام والمسلمين بأنه كان ردة فعل منطقية من قبل الرأي العام النصراني ضد ذلك الغزو الاسلامي لمراكز الحضارة النصرانية في بلاد الشام ومصر ، ثم يزعم أيضاً أن الغربيين محقين في موقفهم العدائي من العرب والمسلمين لأن العرب هم الذين بدأوا العدوان ضد الغرب ، بل إنه يؤكد أن أول شيء قام به العرب بعد اسلامهم هو الهجوم على الأوروبيين .
ومن المستشرقين اليهود يبرر سم بول كراوس الذي كان يتظاهر بحب العرب والعروبة ليتخذ من ذلك الحب المزعوم مبرراً لنفث أحقادهم ضد الاسلام ، وقد انتحر كراوس في عام 1944 بعد أن اتهم بسرقة أموال كانت جامعة القاهرة قد سلمتها له ليشتري بها كتباً للجامعة من فلسطين .
ووقع المستشرق الفرنسي كليمانت هويار ( 1854 – 1927 ) بين أذرع الأخطبوط الصهيوني فشكك في القرآن الكريم وزعم أنه وجد تشابهاً بين النص القرآني وبين شعر أمية بن أبي الصلت .
ومن المستشرقين الذين تفوح من ثنايا دراساتهم روائح الخبث الصهيوني المستشرق اليهودي الانجليزي الجنسية ، الأمريكي الإقامة حالياً ، برنارد لويس الذي كان مدرّساً في معهد الدراسات الشرقية في لندن عام 1946م ، وقد نشر كتاباً زعم فيه أن الاسلام يشجع أتباعه على استرقاق الناس واتخاذهم كعبيد ، وقد ترجم الكتاب الى الفرنسية ونشرت صحيفة الفيغارو تقريظاً للترجمة الفرنسية في عددها الصادر في 5/10/1982 ( ص27 ) .



....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:52 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)


المبحث العاشر
في التأكيد على وثاقة العلاقة بين الصهيونية والبروتستانتية المحافظة ( الاتجاه اليميني المسيحي المحافظ )
قديماً وحديثاً وخطورة ذلك
لقد أحببنا في كتابة هذا المبحث أن نستشهد بأقوال النصارى الشرقيين والغربيين الذين تحدّثوا في هذا الموضوع ، وذلك لا لخطورته على بلاد العرب والمسلمين وإنما لخطورته عليهم كنصارى كاثوليك أو أرثوذكس ، رفضوا أن يجعلوا لأنفسهم مطيّة وحميراً للراكب الصهيوني يسوسهم كيف يشاء ، وقد تعرّض كثير من هؤلاء لمضايقات من حكومات بلادهم ومن الحكومة الاسرائيلية الصهيونية على حد سواء ، وبالذات كل من الصحافية الأمريكية الشهيرة صاحبة كتابي ( النبوءة ، السياسة ) وكتاب ( أسرار جديدة حول علاقة اسرائيل بالصدام العراقي – الأمريكي ) والأستاذ الفرنسي الشهير ( روبيرفوريسون ) صاحب كتاب ( الأكذوبة التاريخية ) الذي يدحض مبالغات اليهود في قتل " هتلر " لستة ملايين منهم فكانت نتيجته أن دفع الثمن وطُرِد من جامعة (السوربون) التي كان يعمل مدرّساً فيها كما مُنِع من العمل في كل الجامعات التابعة لدول الاتحاد الاوروبي([44])، وسأعرض هذا الموضوع على شكل شواهد متتالية :
الشاهد الأول: عرض مختصر لما ذكرته "غريس هاليسل" في الموضوع([45])
من مطالعاتنا في كتب ودراسات عن الصهيونية يتبين أن ( ثيودور هرتزل ) الذي يعرف بأنه أب السياسة الصهيونية لم يختلق حركة تشجيع لليهود للانتقال الى فلسطين ، لقد فعل ذلك المسيحيون البروتستانت الإنجيليون قبل ثلاثة قرون من المؤتمر اليهودي الصهيوني الأول قبل الحركة الاصلاحية وكان جميع المسيحيين الغربيين كاثوليك ، وكانوا يتقبلون بصورة عامة وجهة نظر القديس أوغسطين وغيره والتي تقول : إن مقاطع معينة من الإنجيل يجب أن تفهم معنوياً وليس لفظياً ، وكمثال على ذلك فإن القديس وصهيون مفتوحان لنا جميعاً في السماء وليسا مكاناً محدداً هنا على الأرض حتى يسكنه اليهود بصورة مطلقة .
مع القرنين 16 و 17 بدأ المسيحيون الأوائل شراء الأناجيل وتفسير نصوصها بأنفسهم ومن خلال ذبك بدأوا تعظيم مفهوم اسرائيل واليهود على أنهم المفتاح الأساسي للرؤى الإنجيلية .
قليل من العلماء بحثوا في أسباب التحول المفاجئ في دعم المسيحيين للفكرة التي تقول : بأنه على جميع اليهود أن يتوجهوا الى فلسطين – وهذه فكرة لم ترد في النظريات المسيحية الأرثوذكسية .
كذلك فإن قليلاً من العلماء اهتموا بمعرفة الأسباب التي حملت البروتستانت على كتابة المؤلفات المطولة على الرؤى التوراتية التي تعطي اليهود ، ( والذين ينظر إليهم على أنهم أعداء تقليديون للكنيسة ) ، موقعاً متميزاً في الفكر المسيحي فبعد الاصلاح أصبح المسيحيون الأوروبيون أكثر اهتماماً باليهود ، وغيّروا اتجاههم نحوهم .
يخبرنا بعض العلماء أن ذلك كان نتيجة التطورات في القانون الدولي الأوروبي التي قادت الى مزيد من الليونة ، علماء آخرون يشيرون الى اتساع الدور الاقتصادي لليهود في التجارة العالمية ، بعضهم يرى أن اهتمام حركة النهضة بالدراسات العبرية ، وأن نظريات الاصلاح بتأكيدها على العهد القديم ركّزت الاهتمام على اليهود بدرجة كبيرة حتى إن الطوائف اليهودية ذات النفوذ اليهودي القوي برزت من خلال الكنائس البروتستنتية الانكليزية .
بعض العلماء صنفوا الاصلاح على أنه إحياء لليهودية أو العبرانية ، بحيث تقبل البروتستانتيون الأوائل مظاهر من التقاليد مثل توقع عودة المسيح ، والألفية في حكم السلام لمدة ألف سنة على الأرض ، وذلك أنه خلال الحركة الاصلاحية تقبل المسيحيون البروتستانت الكتاب المقدس على أساس أنه يشكل السلطة العليا للاعتقاد والسلوك .
فبدلاً من كنيسة معصومة كالتي يمثلها البابا في روما وافق البروتستانت على كتاب مقدس معصوم وهو الذي ترجم الآن الى لغات الناس العاديين . مع ترجمة النصوص توجه البروتستانتيون الأوائل الى العهد الذي يعرف على أنه إنجيل اليهود أو الإنجيل العبراني ، وذلك ليتعرفوا على تاريخ وقصص وتقاليد وقوانين العبرانيين وأرض فلسطين . لقد حفظوا على ظهر قلب قصص العهد القديم وبدأ الكثيرون من البروتستانت يفكرون في أن فلسطين أرض يهودية .
توجّه البروتستانت الى العهد القديم ليس فقط على أنه أكثر الكتب شهرة ولكن على أنه المرجع الوحيد لمعرفة التاريخ العام، وبذلك قلّصوا تاريخ فلسطين ما قبل المسيحية الى تلك المراحل التي تتضمن فقط الوجود العبراني ، إن أعداداً ضخمة من المسيحيين وضعوا في إطار الاعتقاد أنه لم يحدث شيء في فلسطين القديمة باستثناء تلك الخرافات غير الموثقة من الروايات التاريخية المسجلة في العهد القديم .
إن محبي الكتاب المقدس من المسيحيين بدأوا ينظرون الى العهد القديم على أنه التاريخ الوحيد الجديد في الشرق الأوسط، وفي منتصف سنة 1600 يدأ البروتستانت كتابة معاهدات تعلن بأن على جميع اليهود مغادرة أوروبا الى فلسطين ، أعلن أوليفر كرمويل بصفته راعي الكومنولث البريطاني الذي أنشئ حديثاً أن الوجود اليهودي في فلسطين هو الذي يمهد للمجئ الثاني للمسيح.
لمدة عاماً كان المسيحيون ( في الدرجة الأولى في بريطانيا وكذلك في مناطق أخرى من أوروبة ، وبعد ذلك وبدرجة كبيرة في أمريكا ) المدافعين الوحيدين عن الصهيونية ، البروتستانتيون عملوا منفردين في اصرارهم على أن فلسطين تخص اليهود ، وعلى حث كل اليهود للتوجه هناك والعيش منفصلين عن العامة ( جنتيل ) ، ولمدة قرن ونصف القرن ، فإن المسيحيين ( قادة الحركة الاستعمارية الغربية ) لم يحصلوا على دعم من اليهود في حركتهم الصهيونية غير اليهودية .
إن المسيحيين الذين كانوا يتصدرون هذه الحركة ، كانوا بدون استثناء ، من البروتستانت المداومين على زيارة الكنائس ، إن عبارة المسيحيين الصهاينة أو الجنتيل الصهاينة يمكن أن يساء تفسيرها ، أو انها قد تعني صهيونية ذات دوافع توراتية أو لاهوتية ، تقول رجينا شريف في كتابها " الصهيونية غير اليهودية " " بالاضافة الى عامل النفوس فإن للمسيحيين الصهاينة أسباباً سياسية " ، وتذكر أن هذه الأسباب كانت منذ البداية أكثر أهمية من الاعتقادات الدينية .
بصرف النظر عن أسباب تأييد الحركة الاصلاحية البروتستانتية ، فكرة انكلترا وأوروبة متحررة من كل اليهود ، فإن العديد من اليهود الصهيونيين اليوم يقولون : إنهم مسرورون لتصرف المسيحيين بهذه الحرارة ، أنهم ينسبون الفضل الى المسيحية الصهيونية في مساعدة الصهيونية اليهودية الحديثة لتحقيق هذفها : خلق دولة يهودية حيث لا يرحب بغير اليهودي مواطناً فيها " .
في السادس من فبراير 1985 ، ألقى سفير اسرئيل لدى الأمم المتحدة بنجامين ناتنياهو خطاباً أمام المسحيين الصهاينة قال فيه : " ... لقد كان هناك شوق قديم في تقاليدنا اليهودية للعودة الى أرض اسرائيل ، وهذا الحلم الذي يراودنا منذ 2000 سنة ، تفجر من خلال المسيحيين الصهيونيين " .
إن كتّاب ورجال دين وصحفيين وفانين ورجال سياسة انكليز وأمريكان ، أصبحوا محركين لعملية تسهيل عودة اليهود الى وطنهم المهجور .
وأضاف السفير ناتنياهو : " إن المسيحية الصهيونية لم تكن مجرد تيار من الأفكار ، إن مخططات عملية وضعت فعلاً من أجل عودة اليهود ، ففي عام 1848 ساعد وردر كريسون القنصل الأمريكي في القدس على إقامة مستوطنة يهودية في " وادي رفيم " بدعم من جمعية مسيحية – يهودية مشتركة في انكلترا ، وتولى كلود كوتدور ، مساعد اللورد كيتشنر ، إجراء مسح شامل عن فلسطين مؤكّداً " أن باستطاعة اليهود إعادة إصلاحها لتسترجع مجدها الغابر " .
وقال ناتنياهو أيضاً : " لقد قدم المسيحيون دعماً طويلاً متواصلاً وناجحاً للصهيونية ، وهو دعم أعرب عن نفسه في الأدب الإنكليزي مثل رواية جورج أيليوت عن الصهيونية والتي تدعى " دانيال ديروندا " ، والتي تنبأت بأن يقيم اليهود كياناً يهودياً جديداً ، يكون كياناً عظيماً ، بسيطاً ، كالكيان القديم ... لأنه ستكون هناك بلاد في الشرق تحمل ثقافة وعطف كل الأمم العظيمة ، في قلبها ".
وقال ناتنياهو كذلك : " المسيحيون ساعدوا على تحول الاسطورة الجميلة الى دولة يهودية " . وأضاف مثالاً على ذلك، القنصل الأمريكي في القدس ادوين شارمن والس الذي كتب في عام 1898 : " إن الأرض بالانتظار ، والشعب على استعداد للمجيء ، سيأتي فور أن تتأمن الحماية للحياة وللممتلكات ... يجب أن نقبل بذلك ، وإلا فإن الرؤى العديدة التي تأكدت بإيجابية يجب أن تعتبر عديمة الجدوى ... ( ومع ذلك ) فإن الحركات الحالية بين اليهود في مناطق متعددة من العالم ، تشير الى ايمانهم بما تؤكده هذه الرؤى ، إن عيونهم تتجه نحو الأرض التي كانت لهم ، وإن قلوبهم تهفو الى اليوم الذي سيستطيعون أن يعيشوا في هذه الأرض كشعب بسلام " .
وقال ناتنياهو : " إن كتابات المسيحيين الصهيونيين من الإنكليز والأمريكان ، أثرت بصورة مباشرة على تفكير قادة تاريخيين مثل لويد جورد أو ارثر بلفور ، وودرو ويلسون ، في مطلع هذا القرن ، إن الكتاب المقدس ذكر هؤلاء الرجال ، إن حلم اللقاء العظيم أضاء شعلة خيال هؤلاء الرجال ، الذين لعبوا دوراً رئيسياً في إرساء القواعد السياسية والدولية لإحياء الدولة اليهودية" .
وهكذا فإن تأثير المسيحيين الصهاينة على الساسة الغربيين هو الذي ساعد اليهودية الصهيونية الحديثة على تحقيق هدفها في إعادة ولادة اسرائيل . كما حث المسيحيون الصهيونيون الأوائل يهود أوروبة على التوجه الى فلسطين لمصادرة كل ما يستطيعون مصادرته ، من الأرض ، كذلك فإن المسيحيين الصهيونيين أمثال جبري فولويل ، يحثون اليهود اليوم على أن يذهبوا الى ما يتعدى فلسطين ن وأن يطالبوا بكل الأراضي العربية التي تمتد من نهر الفرات في الشرق حتى النيل في الغرب .
الشاهد الثاني([46]):
تحت عنوان " للحقيقة والتاريخ " كتب الكاتب أميل الغوري وهو فلسطيني نصارني له باعٌ في الحركة الوطنية مقالاً في صحيفة الرأي الأردنية قال فيه حرفياً : " في شهر شباط 1945 وقع خمسة آلاف قس بروتستاني أمريكي عريضة رفعوها الى الكونغرس الأمريكي والحكومة الأمريكية يطالبون فيها بفتح أبواب فلسطين على مصاريعها للهجرة اليهودية ، وكانت ستة آلاف كنيسة أمريكية قد استجابت في عام 1943 لنداء اللجنة العاملة لإنقاذ يهود أوروبا ، وهي منظمة صهيونية ، فخصصت أسبوعاً خاصاً للصلاة والتماس الرحمة من أجل اليهود .
وقبل اندلاع حرب 1967م بقليل صدرت عن الفاتيكان وثيقة تعلن براءة اليهود من دم السيد المسيح عليه السلام ، وكان للكاردينال " بيا " الذي ينحدر من أسرة يهودية دور كبير في إصدار الوثيقة .
الشاهد الثالث([47]):
في الأول من تشرين الثاني من عام 1977 نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية بياناً غطى صفحة كاملة تحت عنوان "اهتمام الطائفة الانجليكانية المسيحية باسرائيل " ، ووقع البيان خمسة عشر شخصية انجليكانية بارزة تضم رجال دين وأساتذة جامعات . وهذه مقتطفات حرفية من البيان :
" نحن المسيحيين الانجليكان نؤكد إيماننا بحق اسرائيل في إقامة كيان لها مستقل، وبالعيش في حرية تامة ضمن حدود كيانها الطبيعي ".
" إننا كمسيحيين انجليكان نؤكد إيماننا البالغ بأن أرض الميعاد هي للشعب اليهودي منذ أول عهد أعطي لابراهيم كما جاء في الكتاب المقدس (الإنجيل)، وبذلك العهد الذي لن ينكث ، ولذلك فإننا نؤمن ونعترف بإعادة ميلاد دولة اسرئيل ، ونؤمن بعودة أهلها الى أرض الميعاد ".
"لا بد من التذكير بأنه منذ عهد النبي يوشع فإن هذه الأرض جميعها كانت وعلى مر الأزمان وطناً للأمة اليهودية ، وأن القدس لم تكن عاصمة لأي شعب آخر غير الشعب اليهودي منذ زمن النبي داود " .
واختتم البيان بتوجيه النداء التالي :
" أيها المسيحيون الانكليكان ، أرسلوا وسائل الى قادة الحكومة في المناطق التي تقطنونها ، وانشروا هذا البيان في الصحف المحلية في مدنكم معلنين تأييدكم وتضامنكم مع اسرائيل ".
الشاهد الرابع([48]):
تستغل الصهيونية اعتقاد العديد من أتباع الكنائس المسيحية الانجليكانية المعمدانية في أمريكا بصحة نبوءة قيام دولة اسرائيل قبل ظهور المسيح ، لتستدرجهم الى مساعدتها في تحقيق أهدافها في بناء الهيكل المزعوم فوق أنقاض المسجد الأقصى المبارك ، وقد نشرت صحيفة الرأي الأردنية في 15 نيسان 1983م تصريحاً لزعيم حركة كاخ اليهودية المتطرفة الحاخام مائير كاهانا أعلن فيه عن قيامه بجولة في الولايات المتحدة تلبية لدعوة بعض أصدقاء اسرائيل من الطوائف المسيحية التي ستضع تحت تصرفه محطة التلفزيون الخاصة بها ليشنّ حملة جديدة تهدف الى جمع التبرعات لتمويل عملية طرد العرب من " أرض اسرائيل " بحدودها التي وردت في التوراة ، ليتسنى لحركته هدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان فوق أنقاضه.
الشاهد الخامس([49]):
وفيه محطّتان:
أولاً: رؤيا صهيون / الأسطورة الأمريكية " للمدينة على الجبل "
بالقصص الديني يشغل هذا الراحل نفسه في رحلته الشاقة ، بينما يبتسم له الوحي ، لا فرق عنده إن سجد في البساتين الجميلة أم مشى دون هدى في السهول الخضراء فقلبه خافق دوماً لكل نسمة تحل شذى من هواء أدوميا .
( من قصيدة " ألحان من فلسطين "
1816 بقلم جون بيربونت )
شاعر أمريكي مغمور يكتب عام 1816 قصيدة طويلة عنوانها " ألحان من فلسطين " ( Airs of Palestine ) ، هذا الشاعر هو جون بيربونت (Pierpont John ) ، ومع أنه لم يكن قد زار الأراضي المقدّسة فهو يسرد قصّة ملحمية لرحلة خيالية مقلداً بها أسلوب الملاحم الكلاسيكية ، لكنه خلافاً للملاحم التقليدية لا يستقي الوحي من جبل " برناسوس " أو " أوليمبس " بل يلجأ الى آلهة الشعر الأخرى فيقول :
لا ، لا ، سأسلك طريقاً أجمل
سأترك اليونان وسحرها ، وأقصد فلسطين
أعشق السير على ضفاف الأردن ،
أتوق لغرس قدميّ في تربة الحرمون ،
أعشق آلهة الوحي التي ألهمت إشعياء
وفي مغارات الكرمل المقدّس آوي الى السكينة
وأزين مجالس الأصدقاء بوردة شارون الأبدية .
في هذه الفترة المبكرة من التاريخ الأمريكي يذهب شاعر أمريكي في رحلة خيالية الى الأراضي المقدّسة حيث يسرد القصص الدينية للأماكن بتفاصيلها وتداعياتها الثقافية، وبصورة خاصّة تلك المتصلة بما يسميه " آلام صهيون " ( The Woes of Zion ).
هذه القصيدة هي مثال واحد فقط من محاولات أمريكية مبكّرة للتعبير عن ما يمكن اعتباره أولى الأساطير الأساسية في الثقافة الأمريكية وأكثرها رسوخاً واستمراراً – تلك هي أسطورة " المدينة على الجبل " ، وتعبير " المدينة على الجبل " هو تعبير من النصوص المقدّسة يقصد منه مدينة القدس ، وعلى الأخصّ القدس الجديدة على تلة صهيون التي سوف يحكم منها المسيح مملكته الألفية الأرضية . وهي المدينة التي سينتشر منها نور الهداية الذي سيعم البشرية كلها . هذه المدينة أيضاً كانت تسمى في العديد من الكتابات الأمريكية – والغربية بصورة عامة – " بمدينة الملك العظيم " أي مدينة النبي داود ، ومما يبين هذه المزج المبكر بين الفكر المسيحي واليهودي في الثقافة الأمريكية .
ثانياً: المستوطنون الأمريكيون في الأراضي المقدّسة([50])
ولم يكن المبشّرون وحدهم يعملون من أجل صهيون ، فقد حفزت حركات الحماس الديني في أمريكا معظم اليمينيين وحتى المعتدلين للإعداد لنزول مملكة الله في الأراضي المقدّسة ، غادرت جماعات أمريكية في القرن التاسع عشر الى الأراضي المقدّسة لإنشاء مستوطنات هناك انتظاراً للحدث الكبير ، وانطلقت أنشطة كثيرة مبنية على القراءة الحرفية للكتاب المقدّس ولنبوءاته ، وهنالك العديد من الاشارات في كتابات الرحالة الى مستوطنات أمريكية في الأراضي المقدّسة تنتظر مجيء المسيح.
إحدى هذه الاشارات ترد في كتاب الرحالة روبرت بار ( Robert Barr , 1900 ) الذي التقى في القدس بمجموعة من المستوطنين الأمريكيين بقيادة رولر فلويد ، ويعلق بار بسخرية على " عبقرية الأمة الأمريكية التي تخترع أموراً جديدة باستمرار"، فبعد أن فرغت من جميع الاختراعات العلمية ، كما يقول بار ، التفتت الى اختراع جميع الأديان الموجودة في العالم ، فبينما يكتفي الشرق بدين واحد أو دينين ، يوجد في الغرب الأمريكي المئات ، فهنالك مذهب المورون ، والمذهب الروحي ، ومذهب الهزازين ، وعشرات غيرها .
ثم يسرد بار قصة هذه المستوطنة الأمريكية فيقول : " بعد أن تأكدت مجموعة من هؤلاء الأمريكيين أن مجيء المسيح أصبح وشيكاً وسيكون في الأراضي المقدّسة قرروا أن عليهم أن يكونوا في استقباله لكي ينضموا الى مملكته . وهكذا اجتمع عدد من هؤلاء وجمعوا من الأموال ما يكفي لتجهيز سفينة ، وساعدهم في الاجراءات القنصل الأمريكي في فلسطين ، وهو كما يقول بار ، شخص يهودي ، أخذ منهم أموالاً مقابل خدماته .
كما تذكر الرحالة الأمريكية الشابة آني شو ( Annie Shaw 1898 ) زيارة للأراضي المقدسة مع عمها وأختها ، حيث زاروا " المستوطنة الأمريكية التي كان أعضاؤها ينتظرون مجيء المسيح وتحقيق نبوءة إعادة بناء القدس " .
كان الرحالة والدبلوماسيون والمبشرون يعبرون عن إعجابهم بالايمان العميق والالتزام الذين كان المستوطنون يتحلون بهما ، يذكر الدكتور جون باركلي ، مؤلف كتاب " مدينة الملك العظيم " بأن تكريس الستوطنين ونكران الذات في تصرفاتهم هما أمر لاحظه في لقاءاته في عدة مستوطنات أمريكية وأوروبية في الأراضي المقدّسة ، وهو يقول إن سلوك المستوطنين في المستوطنة التي " أنشأتها المرحومة السيدة ماينر يتصف بحماس وتواضع شديدين " . ويضيف باركلي بأن هذه المستوطنة ليست أمراً نادراً في الأراضي المقدّسة .
ولعل تجربة سيدة أمريكية أخرى اسمها ليديا ماريا شولر هي نموذج لهذا السلوك كتبت شولر سلسلة من الرسائل الى أقاربها وأصدقائها ، نشر بعضها في دوريات أمريكية ، خاصة المجلة الدينية ( زائر الكتاب المقدّس ) ( Gospel Visitor ) ، تحدثت فيها عن تجربتها الاستيطانية في القدس ، وشرحت بلغة بسيطة ، لكنها مؤثرة وصادقة ، العناصر الهامة في معتقداتها التي دعتها الى الهجرة من أمريكا والاستيطان في فلسطين ، كما يجد المرء في هذه الرسائل تعبيراً عن المذاهب التي كانت قد ظهرت في أمريكا في تلك الفترة مثل المجيئيين والألفيين وأتباع ميلر ( الميلريين ) وغيرهم ، وخاصة فيما يتعلق بانتظار عودة المسيح الى جبل صهيون المطل على القدس .
لقد استجاب كثير من الرحالة الأمريكيين في الشرق العربي لدعوة دينية لا تقوم لتقفي أثر الاسرائيليين في رحلتهم الى أرض الميعاد . قارن هؤلاء الرحالة ، كما فعل أسلافهم المستوطنون الطهوريون ، تجربتهم الأمريكية التاريخية بتجربة العبرانيين عندما عبروا سيناء والبحرالأحمر الى أرض كنعان . كما قرؤوها في أسفار الكتاب المقدّس . والواقع أن هذه الطريق الى أرض كنعان كانت أكثر مراحل رحلة الحج الأمريكية الى الأراضي المقدّسة أهمية . وكانت هذه الطريق معبراً أخذه الرحالة الغربيون على ظهور الجمال والدواب على ما وصفوه بآثار رحلة الاسرائيليين . وكانت هذه الرحلة – التي تشكل عبئاً حتى على وسائل النقل الحديثة – شاقة جداً ومحفوفة بالأخطار في القرن التاسع عشر . ومع ذلك فقد اعتبرها الكثير من الرحالة الأمريكيين جزءاً أساسياً من رحلتهم وأصروا على القيام بها. ففي شهر شباط عام 1842 كتب تشارلز أدوين بورغ من القدس الى أمه يصف شعوره حيال هذه الرحلة، فعلى الرغم من الأخطار المحيطة بالرحلة من القاهرة الى العقبة قال بورغ إنه ورفقاءه كانوا متشوقين لأن يكونوا الرواد الأمريكيين الذين يعبرون صحراء سيناء وأراضي إدوميا بعد أن انقطع الرحالة عن استعمال تلك الطريق لمدة سنتين . " كنت أدرك أن أحداً لم يسلك هذه الطريق منذ سنتين بسبب الأوضاع السائدة ، لكني قررت أنني قطعت مسافة طويلة جداً للوصول الى هذا الموقع ولم أرد أن أصاب بخيبة الأمل ، ورغم التقارير المخيفة التي جاءتنا قررنا أن الأمريكيين يجب أن يكونوا رواداً مرة ثانية في تتبع خطى بني اسرائيل عبر أراضي إدوميا " .
الشاهد السادس:
مقتطفات من محاضرة للكاتبة والصحفية الأمريكية (غريس هالسل) بعنوان "ما لا يعرفه مسيحيو الولايات المتحدة عن إسرائيل"([51]) .
في سنة 67 / 1968 ، كتبت وكالة الاستخبارات المركزية CIA تقريراً سرياً يفيد بأن الدولة العبرية تمتلك " القنبلة " ، ومن دواعي السخرية ، أنه بعد عشرة أعوام ، عندما قام التقني الاسرائيلي ( موردخاي فانونو ) في مركز ديمونا النووي ، بتأكيد ما تضمنه تقرير CIA ، عمل الاسرائيليون على وضعه في سجن انفرادي متهمة إياه بالخيانة .
كم تمتلك اسرائيل من الأسلحة النووية ؟
مركز المعلومات الدفاعية في ( واشنطن ) يقدّر بأن اسرائيل تمتلك أكثر من 100 رأس نووي ، آخرون يقدّرون بأنها تمتلك حوالي 400 رأس حربي نووي .
اسرائيل ، على عكس ايران ، لم توقع على معاهدة حظر الأسلحة النووية ، وهي تساعد الهند ببرنامجها النووي منذ حوالي 20 سنة ، حسب المقال الذي نشر في ( تايمز ) لندن في 4 حزيران 1998 .
الآن ، الحالة الرابعة والنهائية التي لا يعرفها مسيحيو الولايات المتحدة عن اسرائيل ، فهم لا يعرفون الفرق بين من هو يهودي ؟ ومن هو الصهيوني ؟
إذا عيّن الرئيس كلينتون يهودياً على رأس وزارة ما ، فإن معظم مسيحيي الولايات المتحدة يعتقدون بأن لا ضرر في ذلك، فهم لا يريدون أن يكونوا متكبرين تجاه أي دين .
وإذا عيّن يهودياً ليكون رئيس ( البنتاغون ) وزارة الدفاع ، سيعتقدون مرة ثانية ، بأنه لا يجب أن يكون هناك تمييز بسبب دين الشخص .
وإذا كان لدى الرئيس 7 من 11 من كبار موظفيه في مجلس الأمن القومي ، ومن ضمنهم رئيس المجلس ، لا ينتقدونه لذلك ، وكونهم غير يهود ، فإن مسيحيي الولايات المتحدة يريدون أن يكونوا ذوي عقول منفتحة .
وعندما يعيّن الرئيس يهودياً فقط ، لترؤس فريق التفاوض في النزاع العربي – الاسرائيلي ، لا يعلق مسيحيو الولايات المتحدة على الأمر ، وذلك عائد ، وبشكل واسع ، لعدم علمهم أن الفريق يتألف فقط من اليهود ، بدون أي تمثيل للعرب .
الذي لا يلحظه المسيحيون أن هؤلاء المعيّنين ليسوا يهوداً فقط ، إنهم ، وبحسب كلام الصحافي الاسرائيلي (باريوسف)، " يهود مؤيدون " – يعني أنهم مخلصون – لاسرائيل .
في مقال بعنوان " اليهود الذين يديرون حكم كلينتون " ، ومطبوع في صحيفة اسرائيلية ، ( باريوسف ) يكتب بأنه مع وجود هذا العدد من اليهود في مراكز عالية ، فإن عاصمة الولايات المتحدة أصبحت " مركز الثقافة والسياسة اليهودية " ، ويستشهد بقول حاخام في واشنطن بأنه ، وللمرة الأولى في التاريخ الأمريكي ، فإن يهود أمريكا يقولون : " لم نعد نشعر بأننا نعيش في ( دياسبورا ) كشتات ، الولايات المتحدة لم يعد لديها حكومة من دون اليهود ، ولكن إدارة اليهود هم شركاء كاملون في صنع القرار على كل المستويات " .
( رحيم ايمانويل ) هو مثال ، يكتب ( باريوسف ) ، عن اليهودي المؤيد . المراسل الاسرائيلي زار كبير مستشاري كلينتون في مكاتبه المجاورة لمكتب الرئيس البيضاوي . لقد وجد ( ايمانويل ) – المستشار – من الداعمين الكبار لاسرائيل . والد ( ايمانويل ) كان عضواً في منظمة ( كلاندستاين ) الارهابية ، بأمرة ( ببغن ) ، ومن ثم انتقل الى أمريكا ، حيث لود ( ايمانويل ) . رغم سكنه في أمريكا ، فإن الوالد علّم الابن أن يمضي كل صيف في اسرائيل . عندما اندلعت حرب الخليج ، تطوع هذا المواطن الأمريكي وبسرعة للخدمة لمدة شهر في الجيش الاسرائيلي ، من خلال وحدة المتطوعين عين الخارجية ( ما وراء البحار ) ( كما ذُكر سابقاً ، فإن الولايات المتحدة تسمح للمواطنين الأمريكيين بالخدمة في الجيش الاسرائيلي ) .
بالكتابة عن مفاوض السلام في الشرق الأوسط ( دنيس روس ) يقول ( باريوسف ) عنه بأنه " يهودي محبّ " آخر ، بالاضافة الى ذلك فإن الاسرائيليين يقدّرون "روس" لانه صديق لهم ، "روس" تربّى في بيئة يهودية ، ودخل الى مدرسة يهودية ، ولكن، يقول "باريوسف": " هذه كانت خبرة اجتماعية أكثر منها يهودية " ، ويضيف: "اسرائيل هي التي جعلت منه يهودياً مؤيداً".
عندما بدأ " روس " زيارته لاسرائيل ، درس العبرية وأصبحت جذوره اليهودية أكثر أهمية ، ومهمة لدرجة ( هذا ما قاله لـ " باريوسف " ) أن كونه يهودياً – يهوديته – تؤثر على مواقفه في كل الأمور .
الكاتب الاسرائيلي ينهي مقاله بالقول إنه بينما كان التأثير السياسي اليهودي ظاهراً وواضحاً في أمريكا في عقود سابقة ، اليوم ، وتحت الادارة الحالية الأمريكية و " النفوذ اليهودي يمكن أن يوصف بالقوي " .
نتذكر كلنا القصف على قاعدة " الأمم المتحدة " في ( قانا ) عام 1996 عندما قتل الاسرائيليون أكثر من 100 مدني ، احتموا هناك. صحافي اسرائيلي " آرييه شافيت " يشرح لماذا شعر الاسرائيليون بأنهم يستطيعون قتل المدنيين من دون عقاب : " نحن نؤمن وبكل ثقة بأنه في الوقت الحالي ، وفيما البيت الأبيض في قبضتنا ، والنواب في قبضتنا ، ونيويورك تايمز في قبضتنا ، فإن حياة الآخرين ليست مهمة كحياتنا " .
الإسرائيليون ، اليوم ، كما يشرح اليهودي ( شاحاك ) المعادي للصهيونية : " لا يؤسسون دينهم على أنه دين العدالة ، لا يتقبلون الوصايا القديمة كما هي مكتوبة . في الواقع ، إن اليهود المتدينين يتحولون إلى ( التلمود ) ، بالنسبة لهم ، قوانين اليهودية التلمودية أصبحت " التوراة " ، وتعاليم " التلمود " تسمح لليهودي بقتل غير اليهودي من دون عقاب .
الخطر ، بالطبع ، بالنسبة الى مسيحيي أمريكا ، هو أنهم جعلوا من اسرائيل أيقونة . نحن نقع في فخ الصفح عما تفعله اسرائيل – حتى الجرائم الوحشية – إنهم يبررون ما يفعلون بقولهم إنها إرادة الرب .
أين نجد الجواب ؟؟
في الولايات المتحدة الأمريكية : الذين يعرفون ماذا يجري في الشرق الأوسط هم أقلية . آخرون لا يعرفون لأن الصهاينة اليهود والمسيحيين ... يوجهونهم سياسياً عبر الاعلام ووسائل أخرى ليروا الاسرائيليين على أنهم الأخيار والعرب عامة ، والمسلمون خاصة ، على أنهم الأشرار .
رغم أن مسيحيي أمريكا الذين يعرفون الوجه الحقيقي للصراع العربي – الاسرائيلي هم أقلية في بلادنا ، لدينا نموذج لنتبعه، هذه رسالة المسيح أن نكون شهوداً ونتحمل هذه الرسالة .
لقد استمرينا في الحياة رغم الصعاب الكثيرة لأننا وبكوننا أولاد الله الواحد لدينا الايمان . ( في النهاية ستسود العدالة).
في هذه الأثناء ، من واجبنا أن نتكلم بالنيابة عن أولئك المقهورين ، المعذبين ، المسجونين ، فقط لأنهم فلسطينيون ، لا أن نتكلم بلطف وبكياسة ، وبتقرب خجول ... ولكن لنتكلم بصراحة ، وبجرأة – لا أن نخشى أن ننقد اليهود والدولة اليهودية للرعب ومجازر ( الهولوكوست ) الحديثة التي يقومون بها : لتكن شاهداً على المرء أن ينتقد أمريكا لدورها أو معيارها الثنائي، لأنها تسمح لصهيون بالسيطرة على اعلامنا ، وعلى كنائسنا .
ويجب علينا أن نوبّخ وزراء أمريكا لأنهم غالباً ما يجعلون من أرض اسرائيل أرضاً للعبادة بدل أن يدافعوا عن الناس المعذبين، ومن السهل على أي واحد منا ، أن ينحاز الى القوة ، لكن علينا ، كوننا أطفال الرب الواحد العادل الرحيم ، أن نجنّد أصواتنا ، وشجاعتنا ، لقول الحقيقة ...





.....   يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية     الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية  Emptyالجمعة 18 فبراير 2022, 8:53 am

....  تابع

بحث موسع للدكتور راجح السباتين عن الحركة الصهيونية

الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية المحافظة في الولايات المتحدة)



المبحث الحادي عشر
لماذا نجح المشروع الصهيوني حتى الآن ؟ وما هي الأسباب الحقيقية لتفوّقه على العرب والمسلمين؟([52])
ليس الصهاينة متفوقين عرقياً أو عقلياً على العرب لينتصروا عليهم ، فأسباب انتصارهم هي التالية :
ارتبطت الحركة الصهيونية منذ البدء بالاستعمار ، بل هي حركة استعمارية أصلاً ، أنشأها الاستعمار وتحركت مع حركته في عصر التوسع الاستعماري ، فهي بذلك كانت تعمل مع حركة التاريخ على المدى القصير وليس بعكسها ، ومما لا شك فيه أن هذا الأمر يسهل تحقيق الانجازات على حساب الشعوب الضعيفة ، وإن كان ذلك ممكناً لفترة محدودة فقط .
لجأت الحركة الصهيونية ، قبل إقامة الدولة وبعدها ، الى تبني تنظيم اجتماعي متفوق يقوم على الديمقراطية ( لليهود فقط ) وعلى الكفاءة ، وعلى التخصص ، وعلى الاستفادة القصوى من كل إنسان مهما كانت خبراته ، كما تبنت التخطيط ، وبنت الصناعة والزراعة وفقاً لخطط مدروسة ، وأقامت صلات متينة مع العديد من أصحاب النفوذ في العالم مستغلّة وجود الصهاينة و / أو اليهود في مختلف دول العالم لتأمين مصالحها ، وبذلك حققت مقولة أن الانتصار لا يصنعه كثرة العدد وإنما التنظيم الاجتماعي الأكثر كفاءة .
في الجانب الآخر ، لم يعِ بعض الزعماء العرب في الغالب الى طبيعة الخطر الصهيوني ، أو لم يفهموه إلا بعد فوات الأوان . فكان تعاملهم معه ومواجهتهم إباه عملاً ارتجالياً فوضوياً ، لا يقوم على خطّة أو علم ، وإنما على حماس عاطفي أو فزعة . وبالطبع ، فأي تحرك كهذا يفتقد مقومات الانتصار .
كان المجتمع العربي ولا يزال مجتمعاً ضعيف البنية ، يعاني من غياب شبه شامل للديمقراطية ، وبالتالي من غياب تام لرأي الشعب ودوره ز كما إن الانتاج الصناعي والزراعي متخلف جداً ، إضافة إلا أن الانتاج الفكري متدنٍ ، فبأي سلاح سنواجه الصهيونية ؟ ليس هذا ذنب الشعب العربي ، فقد ورث هذه البنية منذ قرون طويلة من الاستعباد ، وقد أسهم الاستعمار في المحافظة عليها ، ومنع تطورها ، كي يبقى الوطن العربي سوقاً تابعاً . نعم ، لا نلام لكون مجتمعنا ضعيف البنية، لكننا نلام فعلاً اذا لم نقم بدورنا في سبيل تحديث هذا المجتمع وتطوير بنيته .
لم تعتمد الحكومات العربية على قدراتها الذاتية والتفتت دوماً الى قوى خارجية لمساعدتها ، فمنها من التجأ الى الاتحاد السوفييتي ، ومنها من التجأ الى أمريكا ، لكن لم يستطع أي منها بناء قدرات ذاتية يعتد بها . ويشار الى أن غياب الوحدة والتنسيق العربيين كان ولا يزال عاملاً مؤثراً جداً في إضعاف القوة العربية وتشتيتها وتبديدها .
قائمة المصادر والمراجع
إبراهيم الشريقي / أورشليم وأرض كنعان / (النسخة العربية، مؤسسة الدراسات الدولية/ لندن) 1985.
أحمد شلبي / اليهودية / مكتبة النهضة المصرية / ط12 / 1997، بتصرّف.
حسن رمضان فحلة / الخطر الداهم على العرب والمسلمين / دار الهدى / الجزائر / بلا تاريخ .
رفيق شاكر النتشة / الإسلام وفلسطين / مطابع الكرمل الحديثة / بيروت / ط3، ط1، 1981.
روبير فوريسون وماري بول ميمي / الأكذوبة التاريخية (هل فعلاً قتل ستة ملايين يهودي) / ترجمة ماجد حلاوي / ط1 سنة 1988 / دار ومكتبة التراث الأدبي.
زياد أبو غنيمة / السيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام العالمية / دار عمار / ط1 ـ 1984.
صابر طعيمة / التاريخ اليهودي العام / دار الجيل ـ بيروت ط3 / 1991.
عبد الرحمن حسن الميداني / مكايد يهودية عبر التاريخ / دار القلم ط6 ـ 1992م.
عبد القهار العاني / الصهيونية / دار الفرقان / الأردن / ط1 ـ 2005 .
عبد الوهاب المسيري / الآيديولوجية الصهيونية / ط2 / 1995.
عرفات عبد الحميد / اليهودية غرض تاريخي والحركات الحديثة في اليهودية / دار عمار ط1 ـ 2002، بتصرّف.
غريس هاليسل ـ عثمان بك كبريزلي زاده / المال والإعلام في الفكر اليهودي والممارسة الصهيونية / دار النفائس / ط1 – 1990، بتصرّف.
غريس هاليسل / النبوءة والسياسة ـ الانجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية / (النسخة العربية، ترجمة محمد السمّاك) / دار الناشر للطباعة والنشر ط3 / 1990.
فؤاد شعبان / من أجل صهيون (التراث اليهودي المسيحي في الثقافة الأمريكية) / دار الفكر ط1 / 2003.
ليلى حسن سعد الدين / مثل الذين حمّلوا التوراة / دار الفكر ـ عمان ط1 / 1984.
الندوة العالمية للشباب الإسلامي (الرياض) / الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ط2.
نصري خضر الطرزي / الصهيونية بالرسم والكلمة / طبعة جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية / عمّان (لجنة الدراسات) ط1 / 1995.

([1]) الاستاذ عجاج نويهض / بروتوكولات حكماء صهيون / ج1 ص6 .
([2]) من منشورات الندوة العالمية للشباب الاسلامي ( الرياض ) / الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة ط2 / 331 .
([3]) د. عبد الوهاب المسيري / الآيديولوجية الصهيونية / ط2 / ص 95 .
([4]) المرجع السابق نفسه .
([5]) د. أ. إبراهيم الشريقي / أورشليم وأرض كنعان حوار مع أنبياء وملوك إسرائيل / ط لندن 1985 / ص 215.
([6]) المرجع السابق نفسه ص 215.
([7]) رفيق شاكر النتشة / الإسلام وفلسطين / ط3، ص 53.
([8]) المرجع السابق نفسه.
([9]) الكلام للأستاذ رفيق شاكر النتشة.
([10]) المرجع السابق نفسه ص 55.
([11]) حسن رمضان فحلة / الخطر الداهم على العرب والمسلمين / ط دار الهدى (بلا تاريخ) ص 202 – 203، بتصرف.
([12]) المرجع السابق نفسه.
([13])الشريقي ، [م. س]، ص 217.
([14]) المرجع السابق نفسه.
([15]) النتشة، [م. س]، ص 45.
([16]) المرجع السابق نفسه.
([17]) المرجع السابق نفسه.
([18]) د. عبد القهار العاني / الصهيونية / ط1 / ص 50، 51، بتصرّف.
([19]) المرجع السابق نفسه، ص 53، 54، بتصرّف.
([20]) المرجع السابق نفسه.
([21]) المرجع السابق نفسه.
([22]) د. عرفان عبد الحميد / اليهود عرض تاريخي، والحركات الحديثة في اليهودية / ط1 ص 291 ـ 293، بتصرّف.
([23]) د. صابر طعيمة (التاريخ اليهودي العام) / ط3 / ص 187.
([24]) هنري كتن / فلسطين في ضوء الحق والعدل / ص 11، 12، بتصرّف.
([25]) المرجع السابق نفسه.
([26]) د. ليلى حسن سعد الدين / مثل الذين حمّلوا التوراة / ط1 / ص 301، 302، بتصرّف.
([27]) د. أحمد الشلبي / اليهودية، ص 276، ط12، 1997، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة.
([28]) المرجع السابق نفسه ص 277.
([29]) المرجع السابق نفسه ص 278.
([30]) المرجع السابق نفسه ص 279.
([31]) سورة آل عمران / الآية 75.
([32]) الشلبي ، [م. س]، ص 280، 281.
([33]) الشلبي ، [م. س]، ص 281، 282.
([34]) المرجع السابق نفسه.
([35]) لقد اخترنا هذه النصوص من كتاب الأستاذ حسن رمضان فحلة (الخطر الداهم على العرب والمسلمين) وهي تكاد تتطابق في مضمونها مع النصوص التي ذكرها الأستاذ عجاج نويهض، والدكتور أحمد شلبي، والدكتورة ليلي حسن سعد الدين.
([36]) الشريقي ، [م. س]، ص 217.
([37]) المرجع السابق نفسه ص 217.
([38]) المرجع السابق نفسه / ص 218.
([39]) سورة آل عمران / الآية 118.
([40]) النتشة، [م. س]، ص 73، 74، بتصرّف.
(*) النقاط (2 – 10) مأخوذة من كتاب الأستاذ زياد أبو غنيمة (السيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام العالمية) ط1، ص 127 – 129، بتصرف.
([41]) د. عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني / مكايد يهوديّة عبر التاريخ / ص 260 – 271، بتصرف واختصار، ط6، 1992، دار القلم، دمشق.
([42]) المرجع السابق نفسه، ص 270، 271.
([43])أبو غنيمة [م. س]، ص 115 ـ 120، بتصرف واختصار.
([44]) للتوسع في هذا الموضوع راجع كتاب (الأكذوبة التاريخية) لروبيرفوريسون وماري بول ميمي، ترجمة ماجد حلاوي، نشر دار التراث الأدبي ط1 / 1988.
([45]) غريس هاليسل / النبوءة والسياسية الانجيليون العسكريون في الطريق إلى الحرب النووية / ترجمة محمد السماك / ط3 (ص 118 – 124)، بتصرف واختصار.
([46]) أبو غنيمة، [م. س]، ص 87.
([47]) المرجع السابق نفسه، ص 88.
([48]) المرجع السابق نفسه ص 97.
([49]) الأستاذ فؤاد شعبان / من أجل صهيون (التراث اليهودي المسيحي في الثقافة الأمريكية) ط1 / ص 80، 81.
([50]) المرجع السابق نفسه ص 107 – 109 بتصرف واختصار.
([51]) قامت بترجمة هذه المحاضرة عن اللغة الإنجليزية (مي بنداق) وضمنها الدكتور أسعد السحمراني في كتابه (المال والإعلام في الفكر اليهودي والممارسة الصهيونية)، ونشرته دار النفائس لأول مرة ط1، عام 1999.
([52]) من منشورات لجنة الدراسات في جمعية مناهضة الصهيونية / عمّان / الصهيونية بالرسم والكلمة / ط1/ 1995، بتصرّف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الصهيونية (نشأتها، مشروعها، بروتوكولاتها، علاقتها بالبروتستانتية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اعرف عدوك - أصول اليهود العرقية-
انتقل الى: