منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ  Empty
مُساهمةموضوع: الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ     الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ  Emptyالأحد 27 فبراير 2022, 9:31 am

 الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ  2020-12-12_18-41-38_921966-460x320



 عائلة فلسطينية مثقفة الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ 


تعتبر عائلة الكرمي من طول كرم  إحدى الأسر الفلسطينية التي اشتهرت بعدد كبير من أبنائها المثقفين والذين لمعت أسماؤهم في العالم العربي منذ نهايات القرن التاسع عشر، ويُعتبر الشيخ سعيد الكرمي الأب الأعلى لهذه العائلة التي عُرف منا الشاعر أبو سلمى “عبد الكريم الكرمي” والعلامة اللغوي “حسن الكرمي” صاحب البرنامج الإذاعي الشهير “قول على قول”، وغيرهما كثير، فقد تزوج الشيخ سعيد الكرمي أربع نساء؛ أنجب منهن ستة وعشرين ولداً ذكراً، وثلاث بنات، ومن أبنائه: يوسف و(أحمد شاكر) ومحمود ومحمد وحسن وحسين وعبد الغني وعبد الكريم وعبد الله ونبهان ونبيه وخليل، ومن البنات: صفاء وسعاد وزبيدة، ومن أسرة الكرمي الأستاذ زهير محمود الكرمي، ومن أبناء الأستاذ حسن الكرمي السيدة سهام الكرمي، وابنتها رزان، وهي كاتبة مسرحيات، وحفيده عمر ابن ابنه زياد، وهو صحفي ومهتم بالأدب. وقد كتب الشيخ سعيد الكرمي على جدار ديوانه (بيت ضيافته) بيت الشعر التالي:
نِعَمُ الإله على العباد كثيرةٌ     وأجلهن نجابة الأولادِ
وسنبدأ بالحديث عن الجد الشاعر والقاضي الشيخ سعيد الكرمي على أن نتحدث عن بعض أبنائه الآخرين لاحقاً:
  مشوار الحياة: النشأة والتعليم والعمل…
أخذ الشيخ  علي منصور العلمَ الشرعي عن شيوخه في دمشق، وبعد عودته منها إلى بلدته طولكرم  في فلسطين أصبح مرجعاً للحنابلة، وتولى القضاء فيها مراراً، ثم أرسل ابنه (سعيداً) إلى الأزهر الشريف في مصر طالباً للعلم، وهناك التقى سعيدُ الكرمي بجمال الدين الأفغاني وتلميذه محمد عبده، وقد دارت مراسلات بينهم، وهناك عاصر حوادث الثلث الأخير من القرن التاسع عشر في مصر، وشاهد أحداث الثورة العرابية حوالي عام 1881، وشيئاً من عهد الخديوي إسماعيل الذي حكم بين سنتي 1863و1879م ومن بعده ابنه الأكبر محمد توفيق باشا الذي حكم مصر سبعة عشر عاما. أنهى الشيخ سعيد تعليمه الأزهري حاصلاً على شهادة العالِمية ، وهي أعلى الدرجات العلمية التي كان يمنحها الأزهر، تخرج سعيد الكرمي في الأزهر عالِماً باللغة العربية والشريعة الإسلامية، ثم عاد إلى ولاية فلسطين العثمانية، فعُين مفتشاً للمعارف في قضاء بني صعب (طولكرم) ثم مفتياً للقضاء نفسه، فغدا أحد الوجوه البارزة في منطقته، وكانت له بين الناس حظوة مثلما كانت له مكانة رفيعة عند ذوي الشأن، ومع نشوء الحركة العربية التي قاومت الدولة العثمانية لأسباب متعددة منها رغبة هذه الحركة في الانفصال عن الدولة العثمانية وتكوين دولة عربية، وذلك مع ظهور حزب الاتحاد والترقي التركي ذي النزعة التتريكية، انضم سعيد إلى الفرع الفلسطيني لحزب اللامركزية، وعند نشوب الحرب العالمية الأولى وُزِّعَتْ في دمشق منشورات تدعو إلى الثورة على الأتراك موقعة باسم “حزب الثورة العربية” فتم اعتقاله مع  العديد من العاملين في هذا المجال، فَحُكِمَ عليه بالإعدام في آب 1915م مع ستة آخرين من فلسطين، وقد ورد في قرار اتهامه أنه كان معتمداً لجمعية “حزب اللامركزية” في بني صعب، ثم جرى تخفيف الحكم عليه إلى المؤبد، وقيل أن سبب العفو تقدمه في العمر؛ هو وزميله الآخر الشيخ حافظ السعيد، فالشيخ الكرمي كان في الرابعة والستين من عمره، وكان الشيخ حافظ في التسعين من عمره، وقيل بأن العفو عنه (لصفته الدينية) كما قال في ذلك زميله في السجن  محمد الشريقي وأورده ابنه الشاعر عبد الكريم الكرمي ـ أبو سلمى ـ في كتابه عن أبيه، ثم جرى العفو عنه وإخراجه من السجن، ويذكر الأستاذ والمربي الفلسطيني خليل السكاكيني في مذكراته أن الشيخ عبد القادر المظفر، وقد كان صديقاً لبعض قادة حزب الاتحاد والترقي؛ قد سعى لدى الوالي العثماني جمال باشا الصغير( وهو غير جمال باشا الكبير الشهير بالسفاح، وقد خَلَفَ الصغيرُ الكبيرَ في الولاية) فعفا عن الكرمي، وخرج من السجن في شباط 1918م، بعد أن قضى فيه سنتين وسبعة أشهر، وقيل بأن سبب الإخراج اشتداد الثورة العربية الكبرى؛ إذ رأت الحكومة التركية التخفيف في معاملة العرب؛ فصدرت الأوامر من الأستانة بإعادة المنفيين إلى ديارهم وإطلاق سراح المحكومين السياسيين، وقيل بأن الحكومة التركية اتفقت في هذا الشأن مع بعض زعماء العرب الموالين للدولة العثمانية، ومن شعر سعيد الكرمي في جمال باشا (الكبير) قصيدة بعنوان:” إلى جمال السفاح” يقول فيها:
إلى متى يا جمـــــــالُ          يدوم منك الضــلالْ
قتل ونفي ونــــــــهبٌ          لا يعتريك مـــــلالْ
حتى على العُجْمِ حلَّتْ          من جورك الأهوالْ
 وقد كتب هذه القصيدة يوم 27/9/1916م. وقد لمس إساءة الأتراك للعرب (التي تبدت جلياً مع ظهور حزب الاتحاد والترقي أواخر القرن التاسع عشر ووصوله إلى السلطة عام 1909م إثر الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني وعزله) وقيام هذا الحزب بمحاولة تتريك العرب والقوميات غير التركية، خاصة في مجال فرض اللغة التركية كلغة تعليم.
  سنة 1918م عاد الشيخ سعيد من دمشق إلى طولكرم بعد الإفراج عنه من سجن القلعة، ولمّا أُلِّفت الحكومة العربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين في دمشق في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام؛ دعاه إلى دمشق صديقه الحاكم العسكري لسوريا “على رضا الركابي” في حدود عام 1920 (إذ كان الركابي أول رئيس وزراء لسوريا إثر تشكيل الحكم الفيصلي فيها) فعُين سعيد الكرمي في شعبة الترجمة والتأليف؛ ومكث في وظيفته هذه نحو ستة أشهر عام1920.
   حضر الشيخ سعيد المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس (27/1 ــ 4/2/1919م) الذي تمخض عنه الإعلان عن توحيد الجمعيات والتنظيمات الإسلامية ـ المسيحية في فلسطين تحت اسم (الجمعية العربية الفلسطينية) ومن الأمور الملفتة للنظر أن المؤتمر اتخذ قراراً يتبنى اقتراحاً يدعو إلى تسمية فلسطين بسوريا الجنوبية، وكان الشيخ سعيد واحداً من مؤسسي “الجمعية الفلسطينية” التي غلب على بعض مؤسسيها تعاطفهم مع طروحات حزب الاستقلال الذي تشكل في دمشق في العهد الفيصلي.
  ثم حضر الشيخ سعيد افتتاح المؤتمر السوري في النادي العربي في دمشق في 2/7/1919م وقد حضر المؤتمر مندوبون من جميع بلاد الشام ووقعوا اللائحة المشهورة المطالبة بوحدة سورية، وقد ترأس الأميرُ فيصل بن الحسين ذلك المؤتمر، وقرر المؤتمرون  اللائحة التي وضعتها اللجنة التحضيرية والتي جاء في مطلعها طلب الاستقلال التام لسوريا بحدودها الطبيعية، ورفض كل حماية ووصاية، ومنع الهجرة الصهيونية، وعدم تجزئة سوريا، وتأليف حكومة سورية ديمقراطية حرة برئاسة الأمير فيصل، وتنظيم قانون أساسي تراعى فيه حقوق الأقليات، والاحتجاج على المادة 22 من عهد جمعية الأمم (عصبة الأمم) القائلة بإدارة الولايات المتحررة [من الدولة العثمانية] بالانتداب،   ويُلاحظ  في أنه تم في هذا المؤتمر التنازل عن أجزاء كبيرة مما كانت تطالب به الثورة العربية الكبرى وحدودها الواسعة.
  وكان من الهيئة العامة المنتخبة عن الاجتماع العام الأول لحزب الدفاع العربي/ الفلسطيني؛ الذي تأسس في 2/12/1934 وكان الهدف من تأسيس هذا الحزب هو الوقوف في وجه الخصوم السياسيين من آل الحسيني المعروفين بالمجلسيين: نسبة للمجلس الإسلامي الأعلى، الذي كان برئاسة المفتي الشيخ محمد أمين الحسيني، فيما عُرفت جماعة النشاشيبي بالمعارضين. ثم شارك الشيخ سعيد في بعض أنشطة الحركة الوطنية في تلك الفترة.
  في 20/ 7/1920تغلبت قوة المستعمرين الفرنسيين على الحكومة الفيصلية في دمشق وأنهت وجودها، عاد الكرمي إلى فلسطين، ليعمل في القضاء والإفتاء قبل أن تنتدبه حكومة فلسطين التي شكلها المندوب السامي البريطاني ليصبح عضواً في أكثر من حكومة في إمارة شرقي الأردن، فبعد تشكل حكومة شرقي الأردن بنحو عام؛ عُين قاضياً للقضاة في مجلس المستشارين (مجلس الوزراء) ورئيساً لمجلس المعارف في وزارة صديقه علي رضا الركابي، وكان الركابي آنذاك قد اختار الكرمي لعضوية المجمع العلمي العربي،  وفي عمان اشترك الكرمي في وزارة مظهر أرسلان التي تشكلت في عمان في 10/3/1923م، وفي نيسان من ذلك العام تقرر تأليف مجلس للشورى برئاسة الشيخ سعيد الكرمي؛ وقد كان من ضمن مهام هذا المجلس إصدار القرارات لمحاكمة الموظفين، وسن قوانين المجالس الإدارية، وسن صيغ القوانين والأنظمة وتفسيرها، ثم اشترك في حكومة حسن خالد أبو الهدى الصيادي المشكّلة في 5/ 9 / 1923، ثمَّ في حكومة علي رضا الركابي المشكّلة في 3/5/1924، وظل يشغل منصب قاضي القضاة حتى 15/12/1925م؛ إذ تم فصله فجأة من عمله، وقيل بأن سبب فصله يعود لخلافه مع الحكومة حول “وقف أبي عبيدة “الواقع في منطقة الغور، فقد أصرت حكومة الانتداب  البريطاني اعتبار أراضي هذا الوقف أراضٍ أميرية تابعة للخزينة، في حين أصر الكرمي على اعتبار هذه الأراضي أراضٍ موقوفة على مقام الصحابي أبي عبيدة عامر بن الجراح، وسانده في موقفه هذا رئيسُ الوزراء علي رضا الركابي، ولما لم يجد تأييداً من الأمير عبد الله استقال (أو أُقيل) من منصبه وعاد إلى بلدته طولكرم، ليعمل إماماً في مسجد المدينة، ولا تكاد المصادر تذكر شيئاً عن هذه القضية؛ وتكاد جميعها تذكر أن الشيخ قد خرج من الوزارة إثر تعديل وزاري جرى على وزارة الركابي الثانية، وبعضها يذكر أنه استقال قبل ذلك التعديل، وقد عُين الشيخ حسام الدين جار الله في منصب قاضي القضاة، وبذلك يكون الشيخ الكرمي قد اشترك في أربع وزارات بمنصب قاضٍ للقضاة.
مَجْمَعُ اللغةِ العربية
   أثناء الحكم الفيصلي عُين الشيخ سعيد الكرمي في شعبة الترجمة والتأليف؛ وقد تطورت هذه الشعبة إلى “ديوان المعارف” ومن ثم إلى “المجْمع العلمي العربي”  وكان موكولاً لشعبة الترجمة هذه قبل أن تتطور إلى مجمع علمي للغة العربية النظر في أمور المعارف والتأليف وتأسيس دارٍ للآثار؛ والعناية بالمكتبات لا سيما دار الكتب الظاهرية، ثم انقلب هذا الديوان بأعضائه الثمانية ورئيسه إلى مَجْمَع علمي في 8/6/1919م وأخذ المَجْمَعُ على نفسه النظر في إصلاح اللغة العربية ووضع ألفاظ مرادفة للمستحدثات العصرية وتنقيح الكتب وإحياء المهم مما خلفه الأسلاف من كتب التراث، والعمل على تنشيط التأليف والتعريب، وعُين الشيخ سعيد عضواً فيه، ثم نائباً لرئيس المجمع السيد محمد كرد علي، وأدار الشيخ الكرمي أعمال المجمع وداريْ الآثار والكتب الظاهرية في دمشق، وكان يلقي أبحاثه العلمية واللغوية في المجمع، ومن ذلك محاضرته التي عنوانها” اللغة والدخيل فيها” وسلسلة محاضرات حول  “الإعلام بمعاني الأعلام” ملخَصاً عن كتاب الاشتقاق لابن دريد، ونَشر في مجلة المجمع مقالات متفرقة أكثرها في اللغة والاجتماع والتعريف بالتراث والصحابة، وقد ناب عن رئيس المجمع مدة من الزمان، استطاع هذا المجمع وبعد خمس وخمسين جلسة تعريبَ الدولة التي كانت خاضعة للغة التركية، وكانت للمجمع مكتبة ضخمة ضمت نفائس المطبوعات والمخطوطات. بعد قدوم الكرمي إلى عمَّان جرى الحديث عن إنشاء مجمع للغة العربية في شرق الأردن، وصدر أمر الأمير عبد الله بذلك في 17/7/1923م، وعُين الكرمي رئيساً لهذا المجمع، وقد وَضَع هذا المجمع أهدافاً في خدمة اللغة العربية منها أنه سيعنى بإحياء اللغة العربية ونشر المدارس والمؤلفات وإلقاء المحاضرات وإنشاء دار كتب وإصدار مجلة شهرية، وضمَّ المجمعُ الفيلسوف التركي رضا توفيق  والعلامة الشيخ مصطفى الغلاييني والأستاذ رشيد بقدونس والأستاذ محمد الشريقي ، وانتخب الأعضاء العاملون في المجمع عدداً من الشخصيات العربية أعضاء شرف في المجمع هم الدكتور أحمد زكي باشا والشيخ أحمد عبَّاس والأستاذ محمد كرد علي والأب أنستاس الكرملي والأديب اسعاف النشاشيبي، وترادف قرار تأسيس المجمع مع قرار آخر بإصدار مجلة للمجمع تحمل اسم “مجلة المجمع العربي في الشرق”. ولكن مشروع المجمع تعثر، وتم حله بعد عقد عدة اجتماعات، ومن أسباب التعثر عدم انتظام أعضائه في حضور جلساته، ومن أسباب حل المجمع إلغاء جهاز المطبعة والجريدة الرسمية واللوازم عام 1929م، وقد أُقِرَّت من خلال هذا المَجْمَع بعض المصطلحات الرسمية المعمول بها حتى اليوم في دواوين الحكومة الأردنية وقد أعيد إحياء الفكرة ثانية وتم إنشاء مجمع اللغة العربية الأردني عام 1976م.
الموقف من الخلافة الإسلامية ودولتها العثمانية
  في أواخر القرن التاسع عشر وحتى سقوط الدولة العثمانية في 3/3/1924م، وعندما اعتور الدولة العثمانية الضعف؛ انقسم السياسيون والمثقفون وحتى العلماء منها إلى قسمين، قسم حرص على الوقوف إلى جانب الدولة مع الدعوة لإصلاحها، ومن هؤلاء في فلسطين الشيوخ: أسعد الشقيري وعبد القادر المظفر ويوسف النبْهاني وغيرهم، ورأى القسم الآخر أن الإصلاح يجب أن يكون عن طريق إزالة الدولة نهائياً وإحلال كيانات سياسية أخرى على أنقاضها، ومن هؤلاء تيار الثورة العربية الكبرى الذي رأى الانفصال عن الدولة العثمانية وتكوين دولة عربية تمتد من الحدود التركية الشامية، وتضم العراق وبلاد الخليج واليمن وعموم الجزيرة العربية، وكان الشيخ سعيد الكرمي من هذه الفئة.
ترجم مشاعره وأفكاره تجاه الدولة العثمانية شعراً؛ فنقرأ في قصيدة” دفاعاً عن بني الزهراء”:
يا أمة أودى بها مرض الجـــــــهلِ          وذلت فصارت عرضة النهب والقتلِ
تحكم فيكم نسل جنكـــيز فاتـــــــكاً          بسيف عتوٍ ليــــــــــس يعروه من فل
رأوا في بقاء العرب ضيماً عليـهم           فقاموا عليهم بالأذى قومــــــة الصل
ثم كتب وهو في سجن القلعة في دمشق عام 1335هـ 1915م قصيدة يشمت بها بانهزام “دولة الترك” على أيدي أعدائها (وذلك قبل نشوب الثورة العربية الكبرى) وعنوان القصيدة” دولة الترك”؛ وفيها يقول:
قضى الله أن يقضي على دولة التركِ          لِمَا أسرفتْ في الناس من جورها المنكي
بقـــــــتل وتغريـــب ونــهب كــرائم           وتعريضـــها عِـــرض الحــــرائر للهتك
   بعد الإفراج عنه عام 1918م اشتغل مع أبناء الحسين بن علي في سوريا والأردن، ولما أسقَط مصطفى كمال دولة الخلافة العثمانية نهائياً يوم3/3/1924م، وخلا منصب الخلافة من الخليفة، سارع الحسين بن علي بأخذ البيعة في عمان في 13/3/1924م، أي بعد عشرة أيام من سقوط الخلافة، فقال في قصيدة بعنوان” بشرى الخلافة” جاء فيها:
بشرى بعود منصب الخلافـه      لأهلها الغر ذوي الشـــرافه
من بعد ما تسربت لمـــــورد       أجاجُه مذاقه قــــــــد عافه
وبالحسين بن علــــي رفعتْ       أعلامها وأغمــــــت خلافه
ولكن هذه البيعة لم يلتفت إليها أحد، وبعد ستة أيام من مبايعة حسين بن علي بالخلافة؛ اجتمع عدد من علماء الجامع الأزهر وطلبَتِه وألفوا لجنة دَعتْ كبارَ العلماء والأمراء وغيرهم من قادة الرأي للبحث في أمر الخلافة، وأُسندت رئاسة اللجنة للشيخ يوسف نصر الدجوي من هيئة كبار العلماء في الأزهر، وهنا بدأت التحركات للبحث في أمر الخلافة الضائعة، وبرزت أطماع عدد من الحكام آنذاك فيها مثل الملك فؤاد ملك مصر، وملك الأفغان،  وهنا أرسل الشيخ سعيد الكرمي  وبصفته قاضياً للقضاة في حكومة الشرق العربي في الأردن رسالة إلى شيخ الأزهر(أبي الفضل الجيزاوي) يستغرب فيها تجاهل بيعة الشريف حسين بالخلافة، وجاء في رسالة الكرمي أنه سُرَّ بعدم الاعتراف ببيعة عبد المجيد الثاني خليفة على المسلمين وقال الكرمي بأن السلطان محمد السادس؛ سلف الخليفة عبد المجيد، لم تكن بيعته شرعية أيضاً ” لعدم وجود شروط الإمامة فيه”[ وهو يقصد أن الخليفة العثماني ليس عربياً ولا قرشياً] ويَعجب الكرمي  من عقد مؤتمر يبحث في أمر الخلافة؟  ويبدو أن سبب غضب الشيخ الكرمي على الأزهر ومؤتمر الخلافة وقوله بأنه لا داع للبحث في أمر الخلافة هو انتصاره للشريف حسين ومساندته له، ويظهر هذا الغضب في قوله في رسالته تلك لشيخ الأزهر بأنه قد “رجع الحق المغصوب إلى أهله” ويقصد تلك البيعة التي جرت للشريف حسين في عمان، والشيخُ الكرمي يرى أحقية حسين بن علي بالخلافة لأنه قرشي وعربي اللسان، فهو يقول:” إن مَنْ بويع بالإمامة أقل ما فيه بَعْدَ القرشية والاستقلال؛ أنه يفهم كلام الله تعالى، ويعرف سنة رسوله ويقيم الحدود الشرعية في بلاده” وبالتالي فهو أحق ممن” لا يُحسن أن يَقرأ آية من القرآن قراءة صحيحة؛ فضلاً عن فهم معناها” ويَعجب  الشيخ الكرمي من ترك المسلمين سَنَةً دون خليفة وقد “أجمعت الأمة على عدم جوازه، وما حال صلاة الجمعة كل هذه المدة عندما يشرط لها إذن الإمام”، وكان من الطبيعي أن يُسأل الشيخ الكرمي: أين كان صوته من هذه القضايا عندما تم خلع السلاطين الذين أشار هو إليهم ابتداءً من السلطان عبد العزيز وحتى السلطان وحيد الدين، وقد كان الشيخ كما رأينا من أصحاب الفتوى، فعند عُزل السلطان عبد الحميد عام 1909م كان عُمْرُ الكرمي ثمانية وخمسين عاماً ؟ وأين موقفه مما فعله مصطفى كمال وإلغاء الخلافة؟ وأين صوته حول مسألة الخلافة بعد أن ضاعت من الشريف حسين نفسه؟ ونسأله أيضاً كيف يقبل بتجزئة بلاد المسلمين عندما قبل ما طرحته الثورة العربية من قيام دولة عربية مع وجود الدولة الإسلامية الكبرى التي كانت تلقي عليها ظلالها الدولة العثمانية؟
  عام 1924 سافر الشيخ سعيد الكرمي للحجاز لتأدية فريضة الحج، وهناك منحه الشريف الحسين بن علي وسام الاستقلال من الدرجة الأولى، وذلك تقديراً لمواقفه في خدمة الشريف وأولاده، ولموقفه المؤيد في مسألة الخلافة الضائعة التي لم يعترف بها أحد.
   في أواخر حكم الدولة العثمانية جرى الحديث عن قضايا وأفكار مختلفة تعني عامة المسلمين؛ ومنها قضايا: الوطنية، القومية، الخلافة، الجامعة الإسلامية، العلمانية، ماذا نأخذ من الغرب؟ وماذا ندع؟ وغير ذلك الكثير، وبطبيعة الحال لم يصلنا عن مواقف الشيخ سعيد الكرمي الفكرية حول هذه المفاهيم والمواقف سوى النزر اليسير، ومن ذلك أن الشيخين سعيد الكرمي وأسعد الشقيري كانا من الذين تأثروا بأفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وأعلن الشيخان الكرمي والشقيري قبولهما بمنجزات العِلم الغربي من جهة، وحاربا الأفكار المادية من جهة أخرى، ودعيا إلى الإصلاح الديني.
من آرائه ومواقفه السياسية
  ناصَرَ سعيد الكرمي الثورة العربية الكبرى التي قادها الحسين بن علي ضد الدولة العثمانية عام 1916م، وكان قد انضم إلى “حزب اللامركزية” الذي تأسس في القاهرة عام 1912م على يد مجموعة من العرب السوريين وكان الحزب سرياً، وعندما بلغت أخبارهم جمال باشا أصدر في حق بعضهم أحكام إعدام، واختفى الحزب. كانت أهدافه ذات شقين، الأول: أن يبين للحكام في تركيا مدى الحاجة إلى اللامركزية الإدارية في الدولة، والثاني: أن يعبئ الرأي العام لتأييد اللامركزية، ورأينا أن الشيخ الكرمي قد اعتقل وحُكم عليه بالإعدام؛ وأُفرج عنه لتدخل أصدقاء جمال باشا كل من الشيخين أسعد الشقيري وعبد القادر المظفر، وبعد أن تمكنت قوات الحلفاء ممثلة في بريطانيا من القضاء على الدولة العثمانية وتفتيت البلاد الإسلامية، لم تُحقق بريطانيا وعودها الكاذبة لقادة تلك الثورة، وبالتالي لم تحقق تلك الثورة أهدافها في إنشاء دولة عربية.
  كان وقوف الشيخ سعيد إلى جانب الثورة العربية الكبرى نابعاً  في الدرجة الأولى من الشعور بالظلم والاضطهاد الذي ألحقه الأتراك بالعرب أواخر عهد الأتراك ممثلاً بحكم “حزب جمعية تركيا الفتاة” الذي كان يعمل على (تتريك) الدولة العثمانية ورعاياها، ولاعتقاد الشيخ سعيد أن ثورة الشريف حسين ستحرر العرب، أضف إلى ذلك سوء قراءة السياسة البريطانية والواقع السياسي والعسكري العالمي وطبيعة التحالفات الدولية القائمة آنذاك؛ كل ذلك جعل الكثيرين من أمثال الشيخ سعيد يقعون فريسةً للمكر الإنجليزي والغربي بشكل عام؛ إذ كان الغربيون يبيتون الغدر لمن ساعدهم في سبيل القضاء على خصم عنيد وعقبة كأداء كالدولة العثمانية، ولتحقيق مصالحهم الرأسمالية، ولكن أنى ينفع الندم.
الجامع الحسيني في عمان:
عام 1922 تأسست في عمان لجنة برئاسة قاضي القضاة الشيخ سعيد الكرمي لبناء جامع مركزي في عمان ليحل محل الجامع الصغير القديم، وقد تم هدم البناء القديم وبناء مسجد جديد باسم (الجامع الحسيني الكبير). تم بناء المسجد عام 1924 في الوقت الذي كان الشريف حسين بن علي يزور عمان حيث بويع له بالخلافة، ولم يكتم الشيخ سعيد فرحه بذلك وهو المعروف عنه الولاء للأسرة الهاشمية؛ فالداخل إلى صحن المسجد الحسيني يجد على بلاطة من الرخام موضوعة فوق الباب الرئيسي للمسجد أبياتاً من الشعر؛ نُقشت بخط الثلث، نظمها الشيخ سعيد يقول فيها:
حسين بن عون مَنْ بنى مجد عدنانِ          فصار أمير المؤمنين بلا ثانـــــي
أعـــاد لـــه حـــق الخلافة بـــــعدما          ثوتْ زمناً بالغصب في آل عثمان
لقد شاد في عمان للخيــــــر جامعـاً          بهمة عبد الله مرتفــــــــع الشـــان
فجاء بحمد الله صــــــــــرح ديانــة          تأسس بالتقوى فأزرى بغُمــــــدان
يُعبِّر عن عليا الحســــــــــين وآلـه           وفوق المباني تنجلي همة البـــاني
لذاك سعيد الجد قال مؤرخــــــــــاَ           بفضل حسين جل مسجد عمــــــان
آثـــــــــــــــاره
  قام ابنه الشاعر عبد الكريم الكرمي بجمع أعماله ونشرها في كتاب بعنوان” سعيد الكرمي: سيرته العلمية والسياسية، منتخبات من آثاره” وقد صدر في دمشق عام 1964م، وفي هذا الكتاب سبع وعشرون قصيدة لا تمثل كل شعر الشيخ سعيد، إذ وصفت بأنها مختارات من شعره. وظهر عام 1973 كتاب بعنوان “الشيخ سعيد الكرمي ـ سيرته العلمية والسياسية ـ وهو لابنه الشاعر عبد الكريم الكرمي؛ أبي سلمى، وربما كان هذا الكتاب طبعة ثانية للكتاب الأول.
توفى الشيخ سعيد الكرمي في بلدته طولكرم في الرابع من ذي الحجة 1353هـ الموافق للعاشر من آذار 1935م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الشيخ سعيد بن علي بن منصور الكرمي (1267 ـ 1353هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: شخصيات من فلسطين-
انتقل الى: