منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Empty
مُساهمةموضوع: أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة    أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Emptyالإثنين 09 مايو 2022, 3:03 pm

أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة

 د. طارق ليساوي
أشرت في مقال ” تعطيل فريضة الزكاة أو عدم تطبيقها وفق المنهج الرباني السليم،  أحد أهم أسباب اتساع دائرة الفقر و العوز و انتشار ظاهرة التسول في بلداننا العربية و الإسلامية..” إلى  الدور الإيجابي للزكاة في حل مشاكل الفقر والبطالة والاكتناز، وغيرها من المشاكل التي تزيد من معاناة الفرد، و تعمق التخلف الاقتصادي للأمة، وذلك عن طريق المردود الإيجابي  الذي تحدثه الزكاة، و الدورة الحميدة التي تخلقها الزكاة  وبخاصة عند استثمارها في مشاريع اقتصادية استثمارية، وليس في إنفاقها على الفقراء مباشرة وحسب… فالإسلام دين شامل جاء لينظم علاقة الإنسان بربه عن طريق العبادات، ونظم علاقته بالآخرين عن طريق المعاملات ومن ضمنها النظام الاقتصادي.. وتعد  فريضة الزكاة أحد أهم لبنات النظام الاقتصادي الإسلامي. ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الزكاة، فهي فضلا عن أهميتها كشعيرة دينية، تعدُّ أداة اقتصادية، وركيزة من ركائز النظام الاقتصادي الإسلامي، لأنها تحرك الأموال وتحول دون اكتنازها، وتدفع بها إلى مجالات التنمية والاستثمار.
و سأحاول من خلال هذا المقال  توضيح  أوجه الإتفاق وأوجه  الإختلاف بين الزكاة والضريبة، وتميز الزكاة عن الضريبة في كثير من المجالات…خاصة و أن تعليقات بعض القراء على المقال السابق أشارت إلى هذه الجزئية، فهناك خلط لدى البعض بين الزكاة و الضرائب، وبعضهم يرى  أن أداء الضرائب يغني و يجزي عن دفع الزكاة..
فمن المؤكد، أن هناك تشابها بين الضرائب و الزكاة ،لكن هناك إختلافات جوهرية بينهما، و لإزالة اللبس سوف نحاول توضيح الأمر و تبسيطه قدر الإمكان، مع العلم بأننا نجد صعوبة في إيصال الفكرة و توضيححها من خلال مقال واحد، لأن هذه المواضيع مركبة و تحتاج لكثير من الشرح و التحليل و التدقيق، و لحل هذا الإشكال نحاول تجزئة المواضيع الأساسية إلى أكثر من مقال، و لفهم الموضوع بشكل جيد لا بد من متابعة المقالات السابقة و اللاحقة…و سنحاول تعريف كلا منهما على حدة، لنوضح فيما بعض الفروق بينهما…كما سنحاول في مقال موالي توضيح  موقف الإسلام من فرض الضرائب بجانب الزكاة: لأن موقف أهل العلم من مسألة فرض ضرائب في الدول الإسلامية إختلف على قولين:
القول الأول: التحريم المطلق للضريبة: وذلك لأن الله سبحانه وتعالى حرم مال المسلم فلم يوجب عليه إلاّ الزكاة تأخذ من ماله، وهي لم تكن موجودة في عصر محمد صل الله عليه وسلم، ولا في عصر الخلفاء الراشدين، وعليه فلا يجوز أن تأخذ منه غير الزكاة إلاّ ما تجود به نفسه…
القول الثاني: فيقول  بجواز الضريبة بشروط: وذلك بحجة أن مال الزكاة يجوز صرفه في المصالح العامة التي إتسعت في الوقت الحاضر، وهي تجوز على الموسرين القادرين بشروط حتى لا يكون أكلاً لأموال الناس بالباطل، لذلك فإننا نرى بأن  الدول الإسلامية عليها بداية الأخذ بالزكاة و تطبيقها تطبيقا صحيحا وفق ما جاء في الشريعة الإسلامية و على ضوء إجتهادات الفقهاء و العلماء المسلمين في الماضي و الحاضر، فالزكاة حق الله الذي يعلو فوق كل الحقوق، ثم بعد ذلك تنظر إلى مدى أهمية فرض الضريبة، وأن تقوم بتنظيم العلاقة بين الزكاة وبين الضرائب حتى يمنع الإزدواجية والفوضى….
أولا – تعريف الزكاة
الزكاة في اللغة: مشتقة من الزكاء وهو النماء والزيادة. وسمي ما يخرج من المال للمساكين -بإيجاب الشرع- زكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه وتوفره وتقيه الآفات.. والزكاة في الشرع عرفت بتعريفات منها: أنها حق يجب في المال، ومنها: أنها اسم لأخذ شيء مخصوص من مال مخصوص على أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة. والزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. وتختص الزكاة من بين الجبايات والضرائب المالية الأخرى بسمات من أبرزها وأعمها: ما يقترن بهذه الفريضة من روح الإيمان والاحتساب والقيام بالواجب، وهي الروح التي تتجرد منها الضرائب الرسمية.
وتختص بأنها تؤخذ من الأغنياء الذين يستوفون شروط وجوبها ويملكون نصابها وتصرف في مصارفها المحددة من الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من أصناف مستحقي الزكاة، وهذا بالعكس في الجبايات والضرائب والرسوم التي تفرض من الحكومات، فهي تؤخذ من الفقراء وأوساط الناس وترد على أغنيائهم وأقويائهم، إذ أنها – في أغلبها – تصرف في إدارة شؤون الحكم و مستلزماته من نفقات إدارة و تسيير لمختلف أجهزة الدولة و القائمين بشؤونها ، فهؤلاء يحصلون على القسط الأوفر من أموال الدولة في شكل رواتب و إمتيازات مختلفة ..أما الزكاة فهي كما قال رسولنا صل الله عليه وسلم “تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم” ، فهي فريضة فرضها الله عبادة للموسرين، ولطفاً ورحمة بالفقراء والمحتاجين..
ثانيا – تعريف الضرائب
الضريبة فهي عرف قديم استخدم منذ قديم الزمن، فقد استعملها قدماء اليونان حيث فرضت حكومة الجمهورية في أثينا ما نسبته 2% تسمى ضريبة البضائع والمحاصيل الأجنبية، وكذلك شيد الفراعنة في مصر، نظام ضرائب خاصًا بهم، كما فعل ذلك الفرس والرومان، وقسمت الضرائب إلى مباشرة وغير مباشرة تشتمل ضرائب الجمرك، نفس الأمر تم تبنيه في مختلف الحضارات السابقة و اللاحقة..
و الضريبة في اللغة “مشتقة من الفعل ضرب، وهي ما يفرض على المِلك والعَمَل، والدخل للدولة، وتختلف باختلاف القوانين والأحوال”. أما في الاصطلاح فلابد أن نميز بين تعريف الوضعي و التعريف الشرعي، و سنكتفي بالتعريف الوضعي ..لقد اختلف علماء الاقتصاد في الفكر الوضعي في تعريف الضريبة كل حسب نظرته، وتلك هي طبيعة البشر فكل ينظر حسب وجهة نظرة وحسب مصلحته التي قد تصل بالبعض الى تفسيرات على هوى الحكام وذلك كما يفعل البعض في تفسير سلطة الحاكم ،وبخصوص الضريبة نجد ان البعض ينظر الى الضريبة باعتبارها إيرادًا للدولة تقوم فرضيتها على أساس النظرية التعاقدية. و يرى البعض الآخر بأن فرضيتها تقوم على أساس سيادة الدولة.
وبناء على ذلك فقد عرفها البعض بأنها: “فريضة نقدية تقتطعها الدولة، أو من ينوب عنها من الأشخاص العامة، أو الأفراد، قسرًا، وبصفة نهائية، دون أن يقابلها نفع معين، تفرض طبقًا للقدرة التكليفية للممول، وتستخدم في تغطية النفقات العامة، والوفاء بمقتضيات السياسة المالية العامة للدولة…”كما عرفها البعض الأخر ” بكونها فريضة مالية يدفعها الفرد جبرا الى الدولة مساهمة منه في التكاليف والاعباء العامة بصفة نهائية دون ان يعود عليه نفع خاص مقابل الضريبة.
كما ذهب أخرون إلى تعريف الضريبة على أساس التضامن الاجتماعي أو القومي، و تبعا لذلك، تم تعريف الضريبة بأنها: “ما تفرضه الدولة لمقابلة الكوارث العامة كالفيضانات والزلازل، والمجاعات، تستوفيها من الأغنياء حسب مقدرتهم المالية ..”.
وعموما فإن الضريبة هي “إحدى أدوات السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الدول والحكومات، وهي عبارة عن مقدار من المال يُحدد وفق أسسٍ معينة ومعايير محددة، وتُدفع من قبل الأفراد أو الشركات كحق مكتسب للدولة”، والضرائب تمكن الدولة من القيام بواجباتها اتجاه المجتمع، وتمكن الدولة من الإنفاق على البنى التحتية والمرافق العامة، وبخاصة إذا كانت الدولة فقيرة لا تملك من الموارد الكثير…
ثالثا-أوجه الاتفاق بین الزكاة والضريبة
1 –  التكلیف والإجبار: تعد الزكاة ركن من أركان الإسلام، لذلك يجبر من يرفض، وھذا العنصر موجود أیضاً في الضریبة.
2- مسئولية السلطة: تتفق الضریبة مع الزكاة في أن كلاً منھما یدفعا إلى الدولة، لأنھا مسئولة عن تحصیلھما وتوزیعھما. فقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم یرسل من یجمع الزكاة ثم یقوم بنفسه بتوزیعھا على مستحقیھا.
3- من حيث الأھداف: للضریبة – وفقا للتصور الحديث- أھداف اجتماعیة واقتصادية وسیاسیة محددة، وللزكاة أیضاً ھذه الأھداف و لكن بشكل أعم وأعمق.
4- انعدام المقابل: یدفع المسلم زكاته طلباً للأجر ولطھارة ماله ونماءه، و ینوي بھا رضاء ربه ثم إدخال السرور على مستحقیھا، وكذلك تتفق الضریبة مع الزكاة في كونھا بدون مقابل، و ینوي بھا المكلف المساھمة في مساعدة إخوانه في الوطن.
5-الوعاء: ھو المادة الخاضعة للزكاة أو الضریبة، والشريعة الإسلامية لم تأخذ بنظام الضریبة الموحدة، بل أخذت بنظام الأوعیة المتعددة، و یتضح ھذا في تقسیمات الضرائب من حیث وعائھا، فتنقسم إلى: الضرائب على رأس المال، الضرائب على الدخل، والضرائب على الأشخاص، والضرائب على الاستھلاك. وقد عرف الإسلام الزكاة على رأس المال كما في السائمة من بھیمة الأنعام، والزكاة على الدخل كما في الخارج من الأرض، والزكاة على الرؤوس كما في زكاة الفطر.
رابعا – الفرق بين الزكاة والضريبة:
ويمكن إجمال الفروق بين الزكاة والضريبة فيما يلي:
1-إختلاف في التسمية: فالمدلول اللغوي للزكاة یختلف عنه في الضریبة، حیث أن الزكاة في اللغة تدل على النماء والزیادة ، بینما الضریبة لفظ مشتق من ضرب علیه الغرامة أو الخراج أو الجزیة أو نحوھا ، أي ألزمه بھا ، وكلفه تحمل عبئھا . فالزكاة مغنماً وتنمیة للمال حساً ومعنى ، حیث أن المال الذی ینقص في الظاھر یزكو وینمو.
2-  أن الزكاة هي فريضةٌ شرعية وركنٌ من أركان الإسلام، وحقٌ معلوم فرضه الله في أموال الأغنياء القادرين للفقراء والمحتاجين، وبالتالي يُكفر جاحدها ومنكرها، أما الضريبة فهي بلا شك ليست كذلك فهي أداةٌ اختيارية من الأدوات الاقتصادية التي تلجأ إليها الدولة من أجل تأمين عائد مالي لها من أموال مواطنيها. فالضریبة في حقیقتھا التزام مدني خالٍ من معاني العبودیة والقربة وهي  تجب على المسلم وغیر المسلم بخلاف الزكاة التي لا تجب إلا على المسلم..
3- أن الزكاة مصدرها التشريع الرباني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه، وبالتالي لا نقاش في وجوبها أو صلاحيتها في كافة الأزمان، فالله خالق البشر وهو أعلم بما يصلح حالهم، بينما الضريبة مصدرها القانون الوضعي، وتخضع لمعايير النقد والتقييم، فقد تكون جائزة حينما تكون خزائن الدولة خاوية، وقد تكون غير جائزة حينما تكون الدولة غنية تفرض هذه الضريبة على أموال الناس من دون حق.
4- أن الزكاة لها مصارفها المحدّدة شرعًا وهي ثمانية مصارف وضّحھا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه في قوله تعالى: ” إنما الصدقات للفقراء والمساكین والعاملین علیھا والمؤلفة قلوبھم وفي الرقاب والغارمین وفي سبیل الله وابن السبیل فریضة منا لله والله علیم حكیم”، وبیّنھا الرسول صلى لله علیه وسلم بقوله وفعله .. بينما الضريبة تحدّد مصارفها السلطة التنفيذية في البلد أو مشرع قانون الضريبة.
5-الأنصبة والمقادیر: كون الزكاة فریضة إلھیة جعلھا مقدرة بتقدیره واجبة على سبیل التأكید والفور، فالقرآن والسنة ھما اللذان حدّدا الأنصبة لكل مال، وعفیا عمّا دونھا ، وحدّدا المقادیر الواجبة من الخمس إلى العشر ، إلى نصف العشر ، إلى ربع العشر ، فلا تقبل التغییر أو التعدیل . أما الضریبة فھي تخضع في وعائھا وأنصبتھا وسعرھا ومقادیرھا لاجتهاد السلطة وتقدیر أولي الأمر، فھي قابلة للتغییر أو التعدیل أو الإلغاء حسب تقدیر السلطة.
6- الثبات والاستمرار: الزكاة فریضة ثابتة حیث أنھا ركن من أركان الإسلام، یطالب بھا كل مسلم قادر على أدائھا في كل مكان وزمان، بینما الضریبة لیس لھا صفات الثبات والدوام، فھي تفرض حسب الحاجة وتزول بزوالھا..
7- أن الزكاة عبادة يؤجر عليها الإنسان كما يؤجر على الصلاة والصيام وسائر العبادات، بينما الضريبة ليست بالعبادة، وإن انطبق عليها في بعض الحالات مفهوم عمل الخير وإعانة الناس عندما يدفع الإنسان جزءًا من ماله للدّولة لبناء المستشفيات وتعبيد الطّرقات…وسنحاول تفصيل هذه المواضيع في مقال موالي إن شاء الله … والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة    أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Emptyالإثنين 09 مايو 2022, 3:05 pm

الزكاة أحد أهم الأدوات المالية لتنفيذ وتنزيل أهداف ومقاصد النظام السوسيو-إقتصادي في الإسلام

د. طارق ليساوي
تناولت في مقال ” أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة..” أوجه الاختلاف و التباين بين الزكاة والضريبة، فهناك خلط لدى البعض بين الزكاة والضرائب، والبعض يرى أن أداء الضرائب يغني و يجزي عن دفع الزكاة.. فالضريبة هي “إحدى أدوات السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الدول والحكومات، وهي عبارة عن مقدار من المال يُحدد وفق أسسٍ معينة ومعايير محددة، وتُدفع من قبل الأفراد أو الشركات كحق مكتسب للدولة،  وتمكن الدولة من الإنفاق على البنى التحتية والمرافق العامة… أما الزكاة فهي  ركن من أركان الإسلام الخمسة الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.. وتختص الزكاة من بين الجبايات والضرائب المالية الأخرى بسمات من أبرزها وأعمها: ما يقترن بهذه الفريضة من روح الإيمان والاحتساب والقيام بالواجب، وهي الروح التي تتجرد منها الضرائب الرسمية…وتختص الزكاة بأنها تؤخذ من الأغنياء الذين يستوفون شروط وجوبها ويملكون نصابها وتصرف في مصارفها المحددة شرعا، وهذا بعكس الجبايات والضرائب والرسوم التي تفرض من الحكومات، فهي تؤخذ من الفقراء وأوساط الناس وترد على أغنيائهم وأقويائهم…
 و قد تابعت تعليقات القراء الكرام بجريدة رأي اليوم وعلى صفحتي الرسمية أو على برنامج “إقتصاد ×سياسة”، وهذا التفاعل الإيجابي مؤشر على أهمية الموضوع و حاجة الجمهور إلى من يشرح و يوضح هذه الفريضة الغائبة… فشكرا لكل القراء على تفاعلهم الإيجابي و ملاحظاتهم القيمة و كلماتهم الطيبة في حق الكاتب، و بدوري أحاول قدر الإمكان التفاعل مع هذه التعليقات و الملاحظات و الاستفسارات.. ومن ذلك، تعليق قيم للأستاذ “انيس الخوري” على مقال ” تعطيل فريضة الزكاة أو عدم تطبيقها وفق المنهج الرباني السليم، أحد أهم أسباب اتساع دائرة الفقر والعوز وانتشار ظاهرة التسول في بلداننا العربية و الإسلامية” و قال فيه بالحرف: ” الزكاة نظام اقتصادي انساني لو طبق بالعالم أجمع بمعني بكل دول العالم لزال الفقر والبطالة والعوز والتسول وما إلى ذلك.. لكن اليهود لن يسمحوا بحدوث ذلك لأن الزكاة إن طبقت ستقضي على جشعهم وطمعهم واستغلالهم للناس ونهبهم لأرزاق البشر وسرقتهم لأموالهم بغير حق ( الربا في خدمة الصهاينة اليهود ).الاسلام دين الانسانية والبشرية جمعاء ودين الرحمة والإحسان والمساواة والعدل والتعاون والتضامن ..”..
 فالإسلام دين و دنيا ،  عقيدة وشریعة، عبادات ومعاملات، ماديات و روحانيات، دين و دولة، فهو منهج شامل لكل نواحي الحیاة، صالح لكل زمان و مكان، لأنه منهج رب العالمين للعالمين كافة…فالإسلام جاء ليصلح الدنيا بالدين، بعدما عمها الفساد و الطغيان، و عبودية البشر لأمثالهم من البشر، فقد أخرج الله تعالى بالإسلام  الناس من الظلمات إلى النور، ومن الظلالة إلى الهدى ، ومن الظلم إلى العدل ، ومن الفقر إلى الغنى ، ومن العبودية إلى الحریة ، ومن الغش إلى الحق ، ومن الربا إلى المرابحة ، ومن السرقة و العدوان إلى الأمن و الإستقرار ، فكان بذلك النبي محمد عليه الصلاة و لسلام الرحمة المهداة للعالمين قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء، الأية 107) …
ولما كان  الإقتصاد الإسلامي إمتداد  لفلسفة الإسلام الشاملة للحیاة و المجتمع ، فهو اقتصاد قائم على أسس عقائدیة و أخلاقية، إذ يستمد مبادئه و أحكامه من مصادر يقينية ثابتة و هي القرأن و السنة النبوية المطهرة، كما يستند إلى ثرات فقهي غني و متنوع تراكم عبر قرون من الزمن، و أثبت هذا الثرات فعاليته في مواجهة مجموعة من الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية في الماضي و الحاضر…ذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت لرعاية لمصالح العباد ومسايرتها، فمن وراء كل حكم أو شعيرة، غايات وأهداف عظيمة، وكذلك الزكاة فهي الوسيلة التي تجعل من الإنسان سيدا للمال لاعبدا له، كما أنها حل رباني للعديد من المشاكل المنتشرة في المجتمع بأسره، ومن بينها الفقر و  البطالة، بحيث تعتبر من أهم المشاكل الخطيرة التي تتخبط فيها دول العالم أجمع وبخاصة الدول النامية…
 وبما أن الشّريعة الإسلامية عامة، والتشريع المالي خاصة أسمى مقاصدهما التيسير على الناس، إذ عنت الشريعة بحفظ الإنسان وما يخصه من (دين، عرض، عقل، نفس، مال).. بل إن الشريعة الإسلامية جعلت المال مقصدا من مقاصدها الضرورية، التي لا يمكن لأحد المساس بها دون وجه حق. ومن وسائل الشارع الحكيم في حفظ حقوق المال فرض الزكاة للفقراء في أموال الأغنياء، وجعل لهذا الفرض مقاصد عظيمة متبادلة بينهما، ولأهمية هذه الشعيرة والآثار البالغة التي تخلفها في الفرد والمجتمع والاقتصاد قررنا تخصيص مقالات شهر رمضان الكريم لهذه الفريضة…
أولا- شيوع الفساد وتوالي الأزمـات الاقتصـادية والإجتماعية
انتشار الفساد في الأرض وفقا للتصور الإسلامي، من ضمن أسبابه الابتعاد عن التطبيق و الامتثال لشرع الله و منهجه القويم، و كان من نتائج هذا البعد معاناة الأمة من إنتشار مجموعة من القيم و الظواهر الاجتماعية  السلبية  كالفقر و العوز و الحرمان و تفشي البطالة، و ما صاحب ذلك من ظواهر إجتماعية سلبية كالسرقة و الإجرام و الإدمان، و أيضا التفكك الأسري بل الإعراض عن الزواج، إذ أصبح العزوف عن الزواج في صفوف المسلمين ظاهرة مثيرة للقلق، و السبب المباشر لهذا العزوف ليس الرغبة في العزوبية، و إنما – في الغالب – العجز عن تحمل تكاليف بناء أسرة مسلمة..
فالفكر الاقتصادي الإسلامي يوضح مساوئ كلا من النظامين الرأسمالى و الاشتراكي، لكونهما معا يقومان على مبادئ تتعارض مع شريعة الله وسننه، ومع

القيم والأخلاق لأنه يقوم على الاحتكار والفوائد الربوية وهذه الأفعال غير الإنسانية تتعارض مع مبادئ وجود الإنسان.. أي أن الله جل و علا خلق الإنسان لاستخلافه في الأرض حتى يقوم بتحقيق الحق والمساواة والعدل و الكرامة و العدالة …

لذلك فإن شيوع الفساد و توالي الأزمـات الاقتصـادية و الإجتماعية، من منظور الفكـر الاقتصادي الإسلامي تتلخص في الاختلالات البنيوية التي تعتري النظام الاقتصادي المتبع و الذي أخل بالمبادئ الإنسـانية بمختلف معانيها.. فالنظم الاقتصادية المعاصرة أخلت بالمبادئ التالية:
1 –  مبدأ الاستخلاف: وهي الحاجة إلى العدالة الاجتماعية و عدالة التوزيع للثروات و الموارد..
2-  مبدأ الاختيار والحرية الاقتصادية: وذلك أن يكون الإنسان في تصرفه يسير وفق ضوابط وأطـر شـرعية، بمعنى أن يسعى الإنسان إلى الكد وبذل الجهد وذلك بتعظيم أجره وثرواته، وأن يسعى في المقابل  إلى تحقيق المنفعة لنفسـه

وللمجتمع، عن طريق الاختيارات الشخصية التي لا تعارض دينه و مصالح أمته و مجتمعه، فسلوكه و اختياراته الاقتصادية ينبغي أن تكون صالحة ونافعة في

دنياه وآخرته..

3 – مبدأ الإحسان والتعاون: وفي هذا المبدأ أن يكون هناك تعاون أخوي وذلك بتجسيد الإنسان الأعمال الفاضلة في كـل شؤون حياته العملية كالتجارة والصناعة والثقافة والتعليم.. إضافة إلى أن يسعى الإنسان إلى إعانة جميـع مـن في حاجة إليه و سعي نحو تحقيق النفع لجميع أفراد المجتمع سواء كانوا منتجين أو مستهلكين.
وإذا أخلت المعاملات البشرية بأي مبدأ من هذه المبادئ السابق ذكرها، فإنه لا مفر من حدوث الاختلالات و توالي الأزمـات
 ثانيا – الربا و كنز الثروة و احتكارها بأيدي القلة أصل كل الشرور
تناولنا في أكثر من مقال و محاضرة أزمة النظام الاقتصادي الرأسمالي، و كيف أصبح الاقتصاد الوضعي يوصف باقتصاد الأزمات..فعلى مستوى التنظير للفكر الاقتصادي فُتح باب الجدل واسعا حول مدى كفاءة الأدوات الاقتصادية المالية والنقدية التي ارتكزت عليها تلك الأنظمة في معالجة و احتواء وتقليص، أثر الأزمات الاقتصادية و المالية المتتالية، و ما يصحبها من أزمات اجتماعية و نفسية معقدة و مركبة. و الجدير بالذكر، أن  السياسات الاقتصادية والنقدية على وجه الخصوص في الفكر الرأسمالي ترتكز في الغالب  على معدلات الفائدة، لأن التمويل التقليدي يتحدد من خلالها، كما أن التحكم في الائتمان يتحدد عبر آليات ضخ السيولة أو تقليصها وفقا للتغيرات المختلفة في الفائدة، وبرغم نجاح هذه السياسات نظريا وعمليا في كثير من الأحيان في التحكم في حالات اللاستقرار، إلا أنها تضخم و توسع من الاقتصاد الرمزي القائم على المضاربة في مقابل تقليص  الاقتصاد الحقيقي، و هو ما يؤدي إلى ظهور الفقاعات المختلفة ويوسع من حدة الفجوة بين الاقتصاد الوهمي والحقيقي، مع إهمال جانب  تحقيق العدالة الاجتماعية و عدالة توزيع ثمار النمو.. لذلك، فإن السياسات الاقتصادية المتبعة لعلاج الأزمات هي العوامل الداعمة و المنتجة للأزمات والتقلبات الاقتصادية الدورية المستقبلية.
فالنظام الاقتصادي الرأسمالي السائد تحكمه نواقص بنيوية تعد سببا في متتالية الأزمات ومنها:
–  تسليع المال، فالمال أصبح يولد المال دون الحاجة إلى العمل ، فتكدس الثروة بواسطة الثروة نفسها وليس بواسطة العمل،
–  نظام هدفه الأساس نمو الثروة، بغض النظر النتائج الإنسانية والاجتماعية والبيئية،
– تحويل السلطة من الحكومات إلى الكيانات الاقتصادية العابرة للحدود، وهو ما أدى إلى تقييد الحكومات والسياسات أمام الكيانات الاقتصادية الرأسمالية الضخمة..
 ثالثا- المقاصد والأهداف الكبرى للنظام الاقتصادي في الإسلام..
وجه الخلاف بين الاقتصاد الوضعي و الاقتصاد الإسلامي يمتد إلى الأهداف و المقاصد، والأساليب المرتبطة بإلغاء نظام الفائدة وفقا للمنهج الإسلامي الذي يحرم المعاملات الربوية، كما أن الاقتصاد القائم على المبادئ الإسلامية يمتلك أداة الزكاة والتي تعد من  ضمن الأدوات المالية والنقدية الفاعلة والمدعمة لأثر أدوات السياسة الاقتصادية المختلفة، ولها من القدرة ما يساهم في ضبط التضخم وعلاج حالات الانكماش والركود، و الحد من الفقر و البطالة، و تحقيق عدالة التوزيع و تقليص الفوارق الإجتماعية و الحد من الفقر المدقع مقابل الغنى الفاحش…و حظر  إكتناز الثروة ومنع  الاحتكار، والدعوة إلي العمل و الإنتاج و عدالة التوزيع و هي مقاومات أساسية لتأسيس  لاقتصاد حقيقي بدل إقتصاد مبني على الفقاعات المالية، إقتصاد في خدمة عامة الناس و ليس إقتصاد يسخر عامة الناس لصالح قلة من الناس…
ويمكن إجمال الأهداف الكبرى للنظام الاقتصادي في الإسلام كما يلي:
1-  كفالة حد أدنى من المعيشة لكل فرد و هو ما يصطلح عليه في الأدبيات الاقتصادية بنظام الضمان الاجتماعي..
2-  السعي نحو ترسيخ الكرامة و الحرية عبر بوابة تحقيق القوة والعزة الاقتصادية مصداقا لقوله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ( الأنفال الآية 60)، و عبارة ” من قوة ” الواردة في الآية الكريمة لا تقتصر على القوة العسكرية و إنما تتعدى ذلك الى كل مظاهر و أشكال القوة ، بما فيها القوة الاقتصادية على اعتبار أن المال عصب الحياة..
3-  تحريم إكتناز الثروة باعتباره شر مطلق: فالإسلام حرّم بشدة تكديس الأموال وحذر من خطورة هذا الفعل، و ذلك خلافا لما هو سائد اليوم في   الاقتصاد الرأسمالي القائم على مبدأ تكديس المال في يد فئة قليلة.. وهو الأمر الذي  له عواقب وخيمة و نتائج مدمرة على البشرية، لأنه يؤدي إلى  تكدس الثروة في يد فئة قليلة من الأثرياء وحرمان الغالبية من المال.. فبحسب منظمة “أوكسفام” البريطانية إن ثروة 1 في المئة من أغنى أثرياء العالم تفوق ثروات بقية العالم مجتمعة.. و هو الأمر الذي حرمه الاسلام جملة وتفصيلا، عندما حرم تكديس الأموال تحريما شديدا، لدرجة أن هذا المال الذي هو سبب نعيم الانسان في الحياة الدنيا، سيكون مصدر تعاسته و عذابه الشديد يوم القيامة قال تعالى Sadيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة 34).
4- الحد من التفاوت في الدخل والثروة بين الناس و خلق نوع من التوازن الاجتماعي، عبر تقليص فجوة الدخل بين أفراد و طبقات المجتمع، ولتحقيق هذا الهدف تم تشريع الزكاة قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة الآية 110)، و الإرث قال تعالى: (للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) (النساء الاية 7) ، و الحث على الإنفاق قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(9)  وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ(10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)) (المنافقون)..
وهناك أهداف أخرى مشتقة عن هذه الأهداف كالتوظيف الكامل، ومكافحة التضخم، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي و الأمن الاجتماعي و تعزيز شبكات الأمان.. فتحقيق الأهداف الرئيسية يقود بالتبعية إلى تحقيق غيرها من الأهداف و قد حاول الفكر الاقتصادي الاسلامي معالجة جملة اختلالات شكلت و لاتزال تشكل نقاط ضعف و قلب الأزمة في الاقتصاد الرأسمالي المعاصر..
رابعا – الزكاة أهم الأدوات المالية التي لها تأثير بالغ الأهمية على العديد من القطاعات الاقتصادية و الفئات الاجتماعية..
من روائع الإسلام بل من معجزاته الدالة على أنه دين الله الحق، أنه سبق الزمن، وتخطى القرون، فمنذ أزيد من 1400 سنة حرص على علاج مشكلة الفقر والحاجة، ووضع الفقراء والمحتاجين، دون أن يقوموا بثورة، أو يطالبوا – أو يطالب لهم أحد – بحياة إنسانية كريمة، بل دون أن يفكروا هم مجرد تفكير في أن لهم حقوقا على المجتمع يجب أن تؤدى، فقد توارث هؤلاء على مر السنين والقرون أن الحقوق لغيرهم، وأما الواجبات فعليهم….
ولم تكن عناية الإسلام بهذا الأمر سطحية ولا عارضة، فقد “جعلها من خاصة أسسه، وصلب أصوله، وذلك حين فرض للفقراء وذوي الحاجة حقًا ثابتًا في أموال الأغنياء، يَكْفُر مَن جَحَدَه، ويَفْسُق من تَهرَّب منه، ويُؤخذ بالقوة ممن منعه، وتُعلن الحرب من أجل استيفائه ممن أبَى وتمرد”…وكان ذلك الحق هو الزكاة، الفريضة الإسلامية العظيمة التي اهتم بها القرآن والسنة، وجعلها ثالثة دعائم الإسلام…
فالزكاة هي الركن المالي الاجتماعي من أركان الإسلام الخمسة، وبها -مع التوحيد وإقامة الصلاة- يدخل المرء في جماعة المسلمين، ويستحق أخوتهم والانتماء إليهم، كما قال تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) (التوبة: 11)…وهى -وإن كانت تذكر في باب العبادات باعتبارها شقيقة للصلاة- تعد في الحقيقة جزءًا من نظام الإسلام المالي والاجتماعي، بل أحد أهم الأدوات المالية التي لها تأثير بالغ الأهمية على العديد من القطاعات و الفئات، و لإبراز أهمية الزكاة و محوريتها في الاقتصاد الإسلامي يكفي الإشارة بعجالة إلى بعض أهم أدوارها:
1-  الزكاة تعمل على توفير حد الكفاية وإشباع الحاجات الأساسية لكل محتاج في المجتمع الإسلامي، لأن الأصل في الإسلام هو ضمان حد الغنى لكل أفراد المجتمع، وبالتالي فهي تعتبر أفضل ضمان اجتماعي للأفراد..
2-  كما أنها تؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي بشكل مباشر من خلال توجيه جزء من حصيلة الزكاة لتحقيق حد الكفاية للفقراء و المساكين..و غير مباشر من خلال  تحفيز الزكاة لدالة الإستثمار…إذ أنها  تؤدي إلى زيادة الاستثمار الكلي الخاص، و يتم ذلك من خلال استخدام جزء من حصيلة الزكاة على شراء آلات و معدات وإنشاء مشروعات صغيرة الحجم و كبيرة الحجم و تمليكها للفقراء.
3-  تضغط فريضة الزكاة لتحرير الأموال المكتنزة والأموال العاطلة وتوجيهها  للاستثمار حتى لا تأكلها زكاة النقود.
وسنحاول  في مقال موالي التوسع في هذه العناصر إن شاء الله تعالى … و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة    أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Emptyالإثنين 09 مايو 2022, 3:05 pm

تناولت في مقال ” أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة..” أوجه الاختلاف و التباين بين الزكاة والضريبة، فهناك خلط لدى البعض بين الزكاة والضرائب، والبعض يرى أن أداء الضرائب يغني و يجزي عن دفع الزكاة.. فالضريبة هي “إحدى أدوات السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الدول والحكومات، وهي عبارة عن مقدار من المال يُحدد وفق أسسٍ معينة ومعايير محددة، وتُدفع من قبل الأفراد أو الشركات كحق مكتسب للدولة،  وتمكن الدولة من الإنفاق على البنى التحتية والمرافق العامة… أما الزكاة فهي  ركن من أركان الإسلام الخمسة الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.. وتختص الزكاة من بين الجبايات والضرائب المالية الأخرى بسمات من أبرزها وأعمها: ما يقترن بهذه الفريضة من روح الإيمان والاحتساب والقيام بالواجب، وهي الروح التي تتجرد منها الضرائب الرسمية…وتختص الزكاة بأنها تؤخذ من الأغنياء الذين يستوفون شروط وجوبها ويملكون نصابها وتصرف في مصارفها المحددة شرعا، وهذا بعكس الجبايات والضرائب والرسوم التي تفرض من الحكومات، فهي تؤخذ من الفقراء وأوساط الناس وترد على أغنيائهم وأقويائهم…
 و قد تابعت تعليقات القراء الكرام بجريدة رأي اليوم وعلى صفحتي الرسمية أو على برنامج “إقتصاد ×سياسة”، وهذا التفاعل الإيجابي مؤشر على أهمية الموضوع و حاجة الجمهور إلى من يشرح و يوضح هذه الفريضة الغائبة… فشكرا لكل القراء على تفاعلهم الإيجابي و ملاحظاتهم القيمة و كلماتهم الطيبة في حق الكاتب، و بدوري أحاول قدر الإمكان التفاعل مع هذه التعليقات و الملاحظات و الاستفسارات.. ومن ذلك، تعليق قيم للأستاذ “انيس الخوري” على مقال ” تعطيل فريضة الزكاة أو عدم تطبيقها وفق المنهج الرباني السليم، أحد أهم أسباب اتساع دائرة الفقر والعوز وانتشار ظاهرة التسول في بلداننا العربية و الإسلامية” و قال فيه بالحرف: ” الزكاة نظام اقتصادي انساني لو طبق بالعالم أجمع بمعني بكل دول العالم لزال الفقر والبطالة والعوز والتسول وما إلى ذلك.. لكن اليهود لن يسمحوا بحدوث ذلك لأن الزكاة إن طبقت ستقضي على جشعهم وطمعهم واستغلالهم للناس ونهبهم لأرزاق البشر وسرقتهم لأموالهم بغير حق ( الربا في خدمة الصهاينة اليهود ).الاسلام دين الانسانية والبشرية جمعاء ودين الرحمة والإحسان والمساواة والعدل والتعاون والتضامن ..”..
 فالإسلام دين و دنيا ،  عقيدة وشریعة، عبادات ومعاملات، ماديات و روحانيات، دين و دولة، فهو منهج شامل لكل نواحي الحیاة، صالح لكل زمان و مكان، لأنه منهج رب العالمين للعالمين كافة…فالإسلام جاء ليصلح الدنيا بالدين، بعدما عمها الفساد و الطغيان، و عبودية البشر لأمثالهم من البشر، فقد أخرج الله تعالى بالإسلام  الناس من الظلمات إلى النور، ومن الظلالة إلى الهدى ، ومن الظلم إلى العدل ، ومن الفقر إلى الغنى ، ومن العبودية إلى الحریة ، ومن الغش إلى الحق ، ومن الربا إلى المرابحة ، ومن السرقة و العدوان إلى الأمن و الإستقرار ، فكان بذلك النبي محمد عليه الصلاة و لسلام الرحمة المهداة للعالمين قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء، الأية 107) …
ولما كان  الإقتصاد الإسلامي إمتداد  لفلسفة الإسلام الشاملة للحیاة و المجتمع ، فهو اقتصاد قائم على أسس عقائدیة و أخلاقية، إذ يستمد مبادئه و أحكامه من مصادر يقينية ثابتة و هي القرأن و السنة النبوية المطهرة، كما يستند إلى ثرات فقهي غني و متنوع تراكم عبر قرون من الزمن، و أثبت هذا الثرات فعاليته في مواجهة مجموعة من الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية في الماضي و الحاضر…ذلك أن الشريعة الإسلامية جاءت لرعاية لمصالح العباد ومسايرتها، فمن وراء كل حكم أو شعيرة، غايات وأهداف عظيمة، وكذلك الزكاة فهي الوسيلة التي تجعل من الإنسان سيدا للمال لاعبدا له، كما أنها حل رباني للعديد من المشاكل المنتشرة في المجتمع بأسره، ومن بينها الفقر و  البطالة، بحيث تعتبر من أهم المشاكل الخطيرة التي تتخبط فيها دول العالم أجمع وبخاصة الدول النامية…
 وبما أن الشّريعة الإسلامية عامة، والتشريع المالي خاصة أسمى مقاصدهما التيسير على الناس، إذ عنت الشريعة بحفظ الإنسان وما يخصه من (دين، عرض، عقل، نفس، مال).. بل إن الشريعة الإسلامية جعلت المال مقصدا من مقاصدها الضرورية، التي لا يمكن لأحد المساس بها دون وجه حق. ومن وسائل الشارع الحكيم في حفظ حقوق المال فرض الزكاة للفقراء في أموال الأغنياء، وجعل لهذا الفرض مقاصد عظيمة متبادلة بينهما، ولأهمية هذه الشعيرة والآثار البالغة التي تخلفها في الفرد والمجتمع والاقتصاد قررنا تخصيص مقالات شهر رمضان الكريم لهذه الفريضة…
أولا- شيوع الفساد وتوالي الأزمـات الاقتصـادية والإجتماعية
انتشار الفساد في الأرض وفقا للتصور الإسلامي، من ضمن أسبابه الابتعاد عن التطبيق و الامتثال لشرع الله و منهجه القويم، و كان من نتائج هذا البعد معاناة الأمة من إنتشار مجموعة من القيم و الظواهر الاجتماعية  السلبية  كالفقر و العوز و الحرمان و تفشي البطالة، و ما صاحب ذلك من ظواهر إجتماعية سلبية كالسرقة و الإجرام و الإدمان، و أيضا التفكك الأسري بل الإعراض عن الزواج، إذ أصبح العزوف عن الزواج في صفوف المسلمين ظاهرة مثيرة للقلق، و السبب المباشر لهذا العزوف ليس الرغبة في العزوبية، و إنما – في الغالب – العجز عن تحمل تكاليف بناء أسرة مسلمة..
فالفكر الاقتصادي الإسلامي يوضح مساوئ كلا من النظامين الرأسمالى و الاشتراكي، لكونهما معا يقومان على مبادئ تتعارض مع شريعة الله وسننه، ومع

القيم والأخلاق لأنه يقوم على الاحتكار والفوائد الربوية وهذه الأفعال غير الإنسانية تتعارض مع مبادئ وجود الإنسان.. أي أن الله جل و علا خلق الإنسان لاستخلافه في الأرض حتى يقوم بتحقيق الحق والمساواة والعدل و الكرامة و العدالة …

لذلك فإن شيوع الفساد و توالي الأزمـات الاقتصـادية و الإجتماعية، من منظور الفكـر الاقتصادي الإسلامي تتلخص في الاختلالات البنيوية التي تعتري النظام الاقتصادي المتبع و الذي أخل بالمبادئ الإنسـانية بمختلف معانيها.. فالنظم الاقتصادية المعاصرة أخلت بالمبادئ التالية:
1 –  مبدأ الاستخلاف: وهي الحاجة إلى العدالة الاجتماعية و عدالة التوزيع للثروات و الموارد..
2-  مبدأ الاختيار والحرية الاقتصادية: وذلك أن يكون الإنسان في تصرفه يسير وفق ضوابط وأطـر شـرعية، بمعنى أن يسعى الإنسان إلى الكد وبذل الجهد وذلك بتعظيم أجره وثرواته، وأن يسعى في المقابل  إلى تحقيق المنفعة لنفسـه

وللمجتمع، عن طريق الاختيارات الشخصية التي لا تعارض دينه و مصالح أمته و مجتمعه، فسلوكه و اختياراته الاقتصادية ينبغي أن تكون صالحة ونافعة في

دنياه وآخرته..

3 – مبدأ الإحسان والتعاون: وفي هذا المبدأ أن يكون هناك تعاون أخوي وذلك بتجسيد الإنسان الأعمال الفاضلة في كـل شؤون حياته العملية كالتجارة والصناعة والثقافة والتعليم.. إضافة إلى أن يسعى الإنسان إلى إعانة جميـع مـن في حاجة إليه و سعي نحو تحقيق النفع لجميع أفراد المجتمع سواء كانوا منتجين أو مستهلكين.
وإذا أخلت المعاملات البشرية بأي مبدأ من هذه المبادئ السابق ذكرها، فإنه لا مفر من حدوث الاختلالات و توالي الأزمـات
 ثانيا – الربا و كنز الثروة و احتكارها بأيدي القلة أصل كل الشرور
تناولنا في أكثر من مقال و محاضرة أزمة النظام الاقتصادي الرأسمالي، و كيف أصبح الاقتصاد الوضعي يوصف باقتصاد الأزمات..فعلى مستوى التنظير للفكر الاقتصادي فُتح باب الجدل واسعا حول مدى كفاءة الأدوات الاقتصادية المالية والنقدية التي ارتكزت عليها تلك الأنظمة في معالجة و احتواء وتقليص، أثر الأزمات الاقتصادية و المالية المتتالية، و ما يصحبها من أزمات اجتماعية و نفسية معقدة و مركبة. و الجدير بالذكر، أن  السياسات الاقتصادية والنقدية على وجه الخصوص في الفكر الرأسمالي ترتكز في الغالب  على معدلات الفائدة، لأن التمويل التقليدي يتحدد من خلالها، كما أن التحكم في الائتمان يتحدد عبر آليات ضخ السيولة أو تقليصها وفقا للتغيرات المختلفة في الفائدة، وبرغم نجاح هذه السياسات نظريا وعمليا في كثير من الأحيان في التحكم في حالات اللاستقرار، إلا أنها تضخم و توسع من الاقتصاد الرمزي القائم على المضاربة في مقابل تقليص  الاقتصاد الحقيقي، و هو ما يؤدي إلى ظهور الفقاعات المختلفة ويوسع من حدة الفجوة بين الاقتصاد الوهمي والحقيقي، مع إهمال جانب  تحقيق العدالة الاجتماعية و عدالة توزيع ثمار النمو.. لذلك، فإن السياسات الاقتصادية المتبعة لعلاج الأزمات هي العوامل الداعمة و المنتجة للأزمات والتقلبات الاقتصادية الدورية المستقبلية.
فالنظام الاقتصادي الرأسمالي السائد تحكمه نواقص بنيوية تعد سببا في متتالية الأزمات ومنها:
–  تسليع المال، فالمال أصبح يولد المال دون الحاجة إلى العمل ، فتكدس الثروة بواسطة الثروة نفسها وليس بواسطة العمل،
–  نظام هدفه الأساس نمو الثروة، بغض النظر النتائج الإنسانية والاجتماعية والبيئية،
– تحويل السلطة من الحكومات إلى الكيانات الاقتصادية العابرة للحدود، وهو ما أدى إلى تقييد الحكومات والسياسات أمام الكيانات الاقتصادية الرأسمالية الضخمة..
 ثالثا- المقاصد والأهداف الكبرى للنظام الاقتصادي في الإسلام..
وجه الخلاف بين الاقتصاد الوضعي و الاقتصاد الإسلامي يمتد إلى الأهداف و المقاصد، والأساليب المرتبطة بإلغاء نظام الفائدة وفقا للمنهج الإسلامي الذي يحرم المعاملات الربوية، كما أن الاقتصاد القائم على المبادئ الإسلامية يمتلك أداة الزكاة والتي تعد من  ضمن الأدوات المالية والنقدية الفاعلة والمدعمة لأثر أدوات السياسة الاقتصادية المختلفة، ولها من القدرة ما يساهم في ضبط التضخم وعلاج حالات الانكماش والركود، و الحد من الفقر و البطالة، و تحقيق عدالة التوزيع و تقليص الفوارق الإجتماعية و الحد من الفقر المدقع مقابل الغنى الفاحش…و حظر  إكتناز الثروة ومنع  الاحتكار، والدعوة إلي العمل و الإنتاج و عدالة التوزيع و هي مقاومات أساسية لتأسيس  لاقتصاد حقيقي بدل إقتصاد مبني على الفقاعات المالية، إقتصاد في خدمة عامة الناس و ليس إقتصاد يسخر عامة الناس لصالح قلة من الناس…
ويمكن إجمال الأهداف الكبرى للنظام الاقتصادي في الإسلام كما يلي:
1-  كفالة حد أدنى من المعيشة لكل فرد و هو ما يصطلح عليه في الأدبيات الاقتصادية بنظام الضمان الاجتماعي..
2-  السعي نحو ترسيخ الكرامة و الحرية عبر بوابة تحقيق القوة والعزة الاقتصادية مصداقا لقوله تعالى : (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) ( الأنفال الآية 60)، و عبارة ” من قوة ” الواردة في الآية الكريمة لا تقتصر على القوة العسكرية و إنما تتعدى ذلك الى كل مظاهر و أشكال القوة ، بما فيها القوة الاقتصادية على اعتبار أن المال عصب الحياة..
3-  تحريم إكتناز الثروة باعتباره شر مطلق: فالإسلام حرّم بشدة تكديس الأموال وحذر من خطورة هذا الفعل، و ذلك خلافا لما هو سائد اليوم في   الاقتصاد الرأسمالي القائم على مبدأ تكديس المال في يد فئة قليلة.. وهو الأمر الذي  له عواقب وخيمة و نتائج مدمرة على البشرية، لأنه يؤدي إلى  تكدس الثروة في يد فئة قليلة من الأثرياء وحرمان الغالبية من المال.. فبحسب منظمة “أوكسفام” البريطانية إن ثروة 1 في المئة من أغنى أثرياء العالم تفوق ثروات بقية العالم مجتمعة.. و هو الأمر الذي حرمه الاسلام جملة وتفصيلا، عندما حرم تكديس الأموال تحريما شديدا، لدرجة أن هذا المال الذي هو سبب نعيم الانسان في الحياة الدنيا، سيكون مصدر تعاسته و عذابه الشديد يوم القيامة قال تعالى Sadيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة 34).
4- الحد من التفاوت في الدخل والثروة بين الناس و خلق نوع من التوازن الاجتماعي، عبر تقليص فجوة الدخل بين أفراد و طبقات المجتمع، ولتحقيق هذا الهدف تم تشريع الزكاة قال تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة الآية 110)، و الإرث قال تعالى: (للرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) (النساء الاية 7) ، و الحث على الإنفاق قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(9)  وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ(10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)) (المنافقون)..
وهناك أهداف أخرى مشتقة عن هذه الأهداف كالتوظيف الكامل، ومكافحة التضخم، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي و الأمن الاجتماعي و تعزيز شبكات الأمان.. فتحقيق الأهداف الرئيسية يقود بالتبعية إلى تحقيق غيرها من الأهداف و قد حاول الفكر الاقتصادي الاسلامي معالجة جملة اختلالات شكلت و لاتزال تشكل نقاط ضعف و قلب الأزمة في الاقتصاد الرأسمالي المعاصر..
رابعا – الزكاة أهم الأدوات المالية التي لها تأثير بالغ الأهمية على العديد من القطاعات الاقتصادية و الفئات الاجتماعية..
من روائع الإسلام بل من معجزاته الدالة على أنه دين الله الحق، أنه سبق الزمن، وتخطى القرون، فمنذ أزيد من 1400 سنة حرص على علاج مشكلة الفقر والحاجة، ووضع الفقراء والمحتاجين، دون أن يقوموا بثورة، أو يطالبوا – أو يطالب لهم أحد – بحياة إنسانية كريمة، بل دون أن يفكروا هم مجرد تفكير في أن لهم حقوقا على المجتمع يجب أن تؤدى، فقد توارث هؤلاء على مر السنين والقرون أن الحقوق لغيرهم، وأما الواجبات فعليهم….
ولم تكن عناية الإسلام بهذا الأمر سطحية ولا عارضة، فقد “جعلها من خاصة أسسه، وصلب أصوله، وذلك حين فرض للفقراء وذوي الحاجة حقًا ثابتًا في أموال الأغنياء، يَكْفُر مَن جَحَدَه، ويَفْسُق من تَهرَّب منه، ويُؤخذ بالقوة ممن منعه، وتُعلن الحرب من أجل استيفائه ممن أبَى وتمرد”…وكان ذلك الحق هو الزكاة، الفريضة الإسلامية العظيمة التي اهتم بها القرآن والسنة، وجعلها ثالثة دعائم الإسلام…
فالزكاة هي الركن المالي الاجتماعي من أركان الإسلام الخمسة، وبها -مع التوحيد وإقامة الصلاة- يدخل المرء في جماعة المسلمين، ويستحق أخوتهم والانتماء إليهم، كما قال تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) (التوبة: 11)…وهى -وإن كانت تذكر في باب العبادات باعتبارها شقيقة للصلاة- تعد في الحقيقة جزءًا من نظام الإسلام المالي والاجتماعي، بل أحد أهم الأدوات المالية التي لها تأثير بالغ الأهمية على العديد من القطاعات و الفئات، و لإبراز أهمية الزكاة و محوريتها في الاقتصاد الإسلامي يكفي الإشارة بعجالة إلى بعض أهم أدوارها:
1-  الزكاة تعمل على توفير حد الكفاية وإشباع الحاجات الأساسية لكل محتاج في المجتمع الإسلامي، لأن الأصل في الإسلام هو ضمان حد الغنى لكل أفراد المجتمع، وبالتالي فهي تعتبر أفضل ضمان اجتماعي للأفراد..
2-  كما أنها تؤدي إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي بشكل مباشر من خلال توجيه جزء من حصيلة الزكاة لتحقيق حد الكفاية للفقراء و المساكين..و غير مباشر من خلال  تحفيز الزكاة لدالة الإستثمار…إذ أنها  تؤدي إلى زيادة الاستثمار الكلي الخاص، و يتم ذلك من خلال استخدام جزء من حصيلة الزكاة على شراء آلات و معدات وإنشاء مشروعات صغيرة الحجم و كبيرة الحجم و تمليكها للفقراء.
3-  تضغط فريضة الزكاة لتحرير الأموال المكتنزة والأموال العاطلة وتوجيهها  للاستثمار حتى لا تأكلها زكاة النقود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة    أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Emptyالإثنين 09 مايو 2022, 3:06 pm

المجتمع الزكوي كبديل عن المجتمع الربوي الذي أهلك الحرث والنسل

 

د. طارق ليساوي
حاولت في مقال ” زكاة الفطر و جدلية الحبوب أو المال..” توضيح الفرق بين زكاة المال و زكاة الفطر.. خاصة و أن كثير من الناس يعتقد أن زكاة الفطر هي نفسها زكاة المال، وتذكير المسلمين بأن زكاة الفطر ليست هي زكاة المال..و تركيزي على هذه الفريضة الغائبة أو المعطلة أو المحرفة نابع من أهمية الزكاة ، والتي تعد من  ضمن الأدوات المالية والنقدية الفاعلة والمدعمة لأثر أدوات السياسة الاقتصادية المختلفة، ولها من القدرة ما يساهم في ضبط التضخم وعلاج حالات الانكماش والركود، و الحد من الفقر و البطالة، و تحقيق عدالة التوزيع و تقليص الفوارق الاجتماعية و الحد من الفقر المدقع مقابل الغنى الفاحش…و حظر  إكتناز الثروة ومنع  الاحتكار، والدعوة إلي العمل و الإنتاج و عدالة التوزيع و هي مقومات أساسية لتأسيس  لاقتصاد حقيقي بدل إقتصاد مبني على الفقاعات المالية، إقتصاد في خدمة عامة الناس و ليس إقتصاد يسخر عامة الناس لصالح قلة من الناس، و بالتالي التأسيس للمجتمع الزكوي كبديل عن المجتمع الروي…
و كمؤشر على أهمية الزكاة  فقد ذكرت بصفة عامة في القران الكريم  58 مرة ، منها 38 قصد بها زكاة الأموال، أما العشرون المتبقية فقد كانت بمعنى تزكية النفس.. و من الجدير بالذكر، أن اقتران الزكاة بالصلاة كان في 28 موضعا، فالصلاة حق الله على العباد، أما الزكاة فهي حق العباد على بعضهم البعض و الذي فرضه الله تعالى و من هنا تأتي أهمية الزكاة على حياة الفرد و المجتمع …
و قد حاولت في المقال السابق التفاعل بشكل إيجابي مع الجدل – الأني- الدائر حول زكاة الفطر، و هل ينبغي إخراجها نقدا أو طعاما؟، و الواقع اني أنظر لمثل هذا النقاش بإستغراب، و من يركزون على مثل هذه الجزيئات من الدعاة و عامة الناس ،  هم بعيدون كل البعد عن “روح النص” و “مقاصد الشارع”..  وبنظري بدلا من التركيز على القشور ينبغي التركيز على الجوهر.. لكن هذ النقاشات ينبغي وضعها في سياق عام عنوانه تهريب النقاش من الأساسي إلى الهامشي، و محاولة ترسيخ و تعميق و استدامة وضع الغثائية و التخلف و استنزاف خيرات الأمة و مقدراتها، و إبعاد الأمة عن دينها هو السبيل لضمان الوضع القائم الذي يخدم مصالح أعداء الأمة و يخدم القلة المهيمنة و المتحكمة في المناصب و المكاسب و الثروات بداخل و خارج هذه الأوطان المستعبدة و المغيبة و المفقرة و المستحمرة..
فالمسلمين تحت و قع الهزيمة الحضارية و العسكرية، تكون لدى بعضهم، شعور بالدونية تجاه الحضارة الغربية و منتجاتها، و بحسب مقولة ابن خلدون الشهيرة :” المغلوب مولع أبداً بتقليد الغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”.. ففي عصرنا هذا تنوعت و تعددت المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في العالم أسره، وتعددت المذاهب والأنظمة الداعية إلى حلها، وقام من أجل ذلك صراع ايديولوجي عنيف، قسم العالم إلى معسـكرين متقابلين: معسكر الرأسمالية ومعسكر الاشتراكية، ووقف المسلمون بين هؤلاء وهؤلاء متفرجين أحيانًا، ومائلين أحيانًا أخرى إلـى هذا المعسكر أو ذاك، وكأنما ليس لهم نظامهم الفريد، ومذهبهم المتميز الذي جعلهم الله بـه أمـة وسطاً..و في هذا السياق العام، أقتبس مقولة جامعة و مانعة للشهيد سيد قطب قال فيها : ” إن الإسلام الذي يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط : ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار؛  وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان ؛ إنهم لا يريدون للإسلام أن يحكُم؛ إنهم يريدون إسلامآ أمريكانيآ؛ إنهم يريدون الإسلام الذي يُستفتى في نواقض الوضوء؛ ولكنه لا يُستفتى في أوضاع المسلمين السياسية؛ والاقتصادية والاجتماعية والمالية.. “
وتركيزي على الزكاة بشكل خاص، و على المبادئ و الأسس المؤطرة للفكر الاقتصادي في الاسلام الغاية منه، المساهمة –بأضعف الإيمان- في التأسيس للمجتمع الزكوي بدلا من سيادة و هيمنة المجتمع الربوي، و الذي جعل معيشة الغالبية الساحقة في ضنك وضيق شديد-إلا من رحم الله- و الدعوة إلى الخروج من دائرة و كماشة المجتمع الربوي الذي يهلك الحرث و النسل..
لذلك، أصبح من الواجب والضروري، أن يسهم أهل العلم من المسلمين، في توضيح وتبسيط ملامح الفكرة الإسلامية لعموم المسلمين، وتحديد الموقـف الإسـلامي، من القضايا السياسية والاقتصادية  و الاجتماعية…و الغاية الوصول إلى تطبيق متدرج للمنهج الاسلامي في كل مناحي الحياة و بناء مجتمعات إسلامية بالفعل و العمل، لا بالأقوال و الشعارات، لأن ذلك هو البديل العملي للخروج من الغثائية، ومن دائرة التيه في التطبيق و الممارسة و محاكاة الغير، خاصة و أن المنهج الذي ندعوا له منهج رباني سماته العدل و الكمال…
و في ظل هذا السياق ينغي تسليط الضوء على أهمية الزكاة و دورها المحوري في هدم بنيان المجتمع الربوي، و إماطة حالة اللبس التي تكتنف الزكاة، فالبعض لا يفرق بين الزكاة و الضريبة، و يعتقد أن أداءه للضريبة يسقط عنه الزكاة، فالزكاة فرض من فروض الإسلام، أوجبه الله على عباده القادرين، وحدَّد المصارف التي تُصرف فيها الزكاة، وتكفَّلتِ السُّنَّة النبوية ببيان مقاديرها في المصادر المختلفة التي تجب فيها الزكاة، لذلك فإن  مقادير الزكاة معينة لا تتغير.. أما الضريبة فهي مقادير مالية تُحددها الدولة، وتطالب بها الأفراد، كل في دائرةِ طاقته واختصاصاته، والدولة تجمع هذه الضرائب لتنفق منها على المصالح العامة. وهذه الضرائب تزيد وتنقص حسب ظروف الحرب والسلم، وحسب حاجة الأمَّة ووفرة مال الدولة أو نذرته.
 وإذا كانت الزكاة حق الفقراء والمساكين ونحوهم، ممَن لا تخلو منهم أمة، فإن الضرائب حق الدولة، ولا يتيسر لها مباشرة وظائفها بدون هذه الضرائب التي يجب أن تحرص على أن تكون عادلة في تحديدها وإنفاقها. وعلى هذا لا تُغني الضرائب عن دفع الزكاة، كما أن إخراج الزكاة لا يعفي من مطالبة الدولة للفرد بالضرائب عند لزومها…وسنحاول في هذا المقال توضيح أكثر ملامح المجتمع الزكوي الذي نود الإسهام في وضع لبناته الأولى، و هذا مشروع فكري يصعب إختزاله في مقال أو مقالين، ولكن يحتاج لجهد فكري معرفي وتأصيلي و بناء علمي تراكمي.. و في  هذا السياق العام لابد من تقريب القارئ إلى بعض الأساسيات والثوابت التي تم إهمالها في سياق هيمنة النموذج الربوي و سيادة النظام الرأسمالي في الإدارة و الاقتصاد و الحكم.. ومن تمت فإنه من اللازم  توضيح الفروق بين الزكاة و الضرائب، على أننا ينبغي بداية أن نتعرف على باقي الموارد المالية التي إعتمد عليها بيت المال في صدر الإسلام و شكلت أهم ملامح المالية العامة الإسلامية..
فمنذ أن جاء الاسلام و بعد أن تأسست الدولة الإسلامية في المدينة المنورة ،تم وضع لبنات المشروع الحضاري الإسلامي القائم على العدالة و التكافل الاجتماعي، وبما أن الإسلام نظام حياة للبشرية، وهو دين العدالة والرحمة والمساواة، فإنه من باب أولى أن تكون دولة الإسلام رائدة وقدوة حسنة في تحمل مسؤولية أبنائها وتأمين حاجاتهم الأساسية وتقديم الخدمات العامة التي تستوجبها الحياة، وتحقيق التكافل الاجتماعي فيما بينهم… إذ أن من واجبات الدولة تحقيق الأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي لأبنائها إضافة إلى واجباتها الدينية والروحية (للتوسع أكثر أنظر عوف محمد الكفراوي سياسة الإنفاق العام في الإسلام، شباب الجامعة، الإسكندرية، ص.267) ..وبناء على ذلك،  كان للدولة الإسلامية موارد مالية تؤهلها للقيام بمهامها، وأهم الموارد التي كان يعتمد عليها بيت المال في صدر الإسلام:
  أولا- الزكاة: وهي “تمليك مال مخصوص لمستحقه بشرائط مخصوصة”، كما تعرف بأنها  “حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت مخصوص وتؤخذ من المسلم من سائر أمواله نقدية أو زراعية أو عروضا تجارية، إذا بلغت أمواله النصاب الشرعي المقرر، فمن ملك النصاب يجب عليه أن يؤدي زكاة ماله للدولة أو تقوم الدولة بجبايتها لتنفقها على مستحقيها. وقد جاءت فرضيتها في كتاب الله تعالى حيث يقول جل وعلا: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (التوبة الأية- 103) ويقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) ( البقرة الأية – 267)، كما قال الله تعالىSad وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير) ( البقرة الآية – 110)،وقوله تعالى: ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون) (المؤمنون الآية 1-4)…
 ثانيا- الخمس: من غنائم الحرب، ومما يستخرج من الأرض من المعادن والركاز قال تعالى: (واعلموا أّنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال الآية -41) وقال صل الله عليه وسلم: (وفي الركاز الخمس).
 ثالثا- الجزية: وهي ضريبة مالية تؤخذ من غير المسلمين إذا دخلوا في ذمة المسلمين وعهدهم مع بقائهم على دينهم، يدفعونها للدولة الإسلامية نظير حماية المسلمين لهم من عدوهم وحقًنا لدمائهم فلا يتعدى عليهم أحد من المسلمين، وكذلك نظير انتفاعهم بمرافق الدولة الإسلامية، وأما مقدارها فيجتهد فيه الإمام حسب حالة الناس المادية وظروفهم، وقد وردت شرعيتها في كتاب الله تعالى إذ يقول سبحانه: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حّرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يٍد وهم صاغرون) ( التوبة الآية – 29 )… وهي كسائر الضرائب الإسلامية واجب في نظير حق..
 رابعا – الخراج: فقد وضعت على الأرض التي أقر عليها أهلها من غير المسلمين، وتركت بيدهم يستغلونها وينتفعون بها، وأول من فعل ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته عندما استولى المسلمون على سواد العراق عنوة، وكتب قائد جيش المسلمين في موقعة القادسية سعد بن أبي و قاص رضي الله عنه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بذلك مستشيرًا إياه في أمر سواد العراق، وكانت تعتبر في ذلك الوقت من أخصب بلاد الدنيا، وكان سعد بعد أن أتم الله النصر للمسلمين قام بقسمة الغنائم بين المجاهدين ما عدا الأرض فإنه توقف في قسمتها، وكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب طالبًا رأيه في ذلك، وبعد أن وصل الكتاب إلى عمر رضي الله عنه استشار في ذلك كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، وبعد حوار طويل استقر رأي عمر ووافقه مجلس شوراه الذي كونه لذلك على ترك الأراضي بيد أهلها، وفرض عليهم فيها الخراج، ووضع على رقابهم الجزية.
ولم تكن ضريبة الخراج معروفة في عهد النبي صل الله عليه وسلم ولا في عهد خليفته الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فعمر رضي الله عنه هو أول من اجتهد في فرضه، قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: “وإنما كان الخراج في عهد عمر رضي الله عنه”. ( للمزيد أنظر: المارودي علي بن محمد بن حبيب، الأحكام السلطانية والولايات الدينية،دار الكتب العلمية،ص،188)
 خامسا- العشور: وهي ما يؤخذ من أموال التجارة سواء كان المأخوذ عشرا أو نصفه أو ربعه أو ما تأخذه الدولة ممن يجتاز بلده إلى غيره من التجار وقد أصبح من موارد بيت المال في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما كتب إليه أهل منبج من وراء بحر عدن يعرضون عليه أن يدخلوا تجارتهم أرض العرب وله منها العشر فشاور عمر رضي الله عنه  أصحاب النبي صل الله عليه وسلم، فأجمعوا على ذلك، فهو أول من أخذ منهم العشور( للمزيد أنظر :ابن قدامة: عبد الله بن حمد بن محمد بن قدامة ألمقدسي، المغني، مطابع سجل العرب، نشر مكتبة القاهرة، مطبعة إدارة المنار، سنة 1967)..كما  سأل عمر المسلمين كيف يصنع بكم الحبشة إذا دخلتم أرضهم؟ قالوا: يأخذون عشر ما معنا، قال: (فخذوا منهم مثل ما يأخذون منكم) ..وبذلك يكون عمر رضي الله عنه قد شرعها من قبيل المعاملة بالمثل ولا تؤخذ إلا من غير المسلمين، أما المسلمون فلا يؤخذ منهم إلا ربع العشر وهو مقدار الزكاة المفروضة…
وهكذا نرى أن الأساس في هذه الضرائب الإسلامية هو تكوين مال للدولة تستعين به على القيام بواجباتها، والوفاء بالتزاماتها، ولا شك أن جباية الضريبة من الأفراد فيها استيلاء على جزء من مالهم وحرمان لهم من التمتع به، وهذا الحرمان إنما رخص فيه لأن الضرورة قضت به، إذ لا يمكن القيام بالمصالح العامة بدونه، ومن القواعد المقررة أن الضرورة تقدر بقدرها، فيجب ألا يتجاوز بالضرورة القدر الضروري، وأن يراعى في وضعها وطرق تحصيلها مما يخفف وقعها.
وقد وضع بعض علماء الاقتصاد في العصور الحديثة قواعد ثابتة لجباية الضرائب وتقديرها، وطرق تحصيلها، وموعد جبايتها، وأصبحت هذه القواعد المقياس الذي تقاس به صلاحية الضريبة، وسلامة النظام المالي ككل، وهذه المبادئ أو القواعد يمكن إجمالها في: العدالة والاقتصاد، واليقين، والملاءمة.. و الجدير بالذكر، أن هذه القواعد و المبادئ تحققت بالكامل في النظام الضريبي الإسلامي، بل إن التشريع الإسلامي كان سباقا إلى إقرار مبدأ يعتبر من المبادئ الأساسية في علم الضرائب المعاصر: وهو مبدأ عدم تعدد الضرائب، وقد شرح فقهاء الإسلام حدود هذا المبدأ فقالوا: “لا يجوز إيجاب زكاتين في حول واحد، وبسبب واحد..”  بل إن التشريع الإسلامي وكتب الفقه المختلفة، لم تكتفي ببيان أحكام الضريبة، بل تم الحرص على التدقيق في اختيار رجال الضرائب، الذين يقومون بجمعها ممن تجب عليهم، لأن العدالة في نظر الإسلام ليست في سَنِّ التشريع فقط، بل في مراعاة حسن التطبيق و سلامة التنفيذ…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة    أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة Emptyالإثنين 09 مايو 2022, 3:07 pm

زكاة الفطر وجدلية الحبوب أو المال..

د. طارق ليساوي
خلصت في مقال أمس “الأمة في أمس الحاجة إلى علماء و باحثين ربانيين يهتمون بفقه سنن التغيير و فقه النهوض الحضاري و فقه الأولويات..” أن الإسلام اهتم بالتنمية وأعطاها معنى أعمق من ذلك وهو “العمارة”، واعتبرها عبادة لله تعالى وجعلها من واجبات “الاستخلاف”، مصداقا لقوله تعالى: (هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها).. وعمارة الأرض بهذا المفهوم تسعي لخلق مجتمع  المُتَقِين الذي يستخدم الموارد المسخرة له في التمتع بمستوي معيشي كريم مع استشعار تقوى الله وشكر نعمه.. ولقد استخدم المسلمون الأوائل لفظ عمارة الأرض للدلالة على التنمية الاقتصادية ونادى العلماء و أولي الأمر منذ فجر الإسلام بعمارة الأرض ، و الإنسان في الفكر الاقتصادي الاسلامي هو غاية التنمية وأهم وسائلها ، لذلك اهتم الإسلام بإعداده للقيام بمهمة “الاستخلاف” ، وشرط الاستخلاف يعني تسخير هذا المال لخدمة الخلق المستخلفين وتمكينهم منه ، أي تمكين استعمال و ملكية انتفاع.. قال تعالى : {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُون} (الأعراف الآية 10) و إعداد الإنسان للقيام بواجب الاستخلاف أي عمارة الأرض يقتضي بالضرورة  تربيته تربية إسلامية صحيحة وتعريفه بأن المال هو مال الله، قال تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (النور الآية 33)، وتعريفه انه مطالب بأن يحصل عليه بالحلال وأن يوجهه للإنتاج الطيب والاستهلاك الطيب ..و لعل جوهر المشكل هو اشتغال بعض الدعاة و رجال الفكر ببعض الخلافات الفرعية التي تناولها العلماء عبر التاريخ، و إشغال الناس بالثانوي و الهامشي، بدلا من التركيز على الضروري و الحاجي، فالأمة تواجهها تحديات وجودية و يتكالب عليها أعداء الداخل و الخارج من كل حدب و صوب، فالأمة اليوم في أمس الحاجة إلى علماء و باحثين ربانيين يهتمون بفقه سنن التغيير و فقه النهوض الحضاري و فقه الأولويات، فالخلل بنظري ليس في النصوص أو الأدلة التي يعتمد عليها الدارسين، لكن الخلل في الفهم لتك النصوص و كيفية تنزيلها ..
و صلة بهذه النقاشات الهامشية، يدور في هذه الأيام جدل حاد حول مقدار زكاة الفطر و هل ينبغي إخراجها نقدا أو طعاما، و الواقع اني أنظر لمثل هذا النقاش بإستغراب، و من يركزون على مثل هذه الجزيئات من الدعاة و عامة الناس، هم بعيدون كل البعد عن “روح النص” و”مقاصد الشارع”..  وبنظري بدلا من التركيز على القشور ينبغي التركيز على الجوهر، وتذكير المسلمين بأن زكاة الفطر ليست هي الزكاة المال، و أن الزكاة هي الركن الثالث في الاسلام و نظرا لأهميتها و محوريتها في  النظام الاقتصادي و الاجتماعي الإسلامي،  فقد اقترن ذكر الزكاة في القران الكريم  مع الصلاة.. و قد ذكرت كلمة الزكاة بصفة عامة في القران 58 مرة ، منها 38 قصد بها زكاة الأموال، أما العشرون المتبقية فقد كانت بمعنى تزكية النفس.. و من الجدير بالذكر، أن اقتران الزكاة بالصلاة كان في 28 موضعا، فالصلاة حق الله على العباد، أما الزكاة فهي حق العباد على بعضهم البعض و الذي فرضه الله تعالى و من هنا تأتي أهمية الزكاة على حياة الفرد و المجتمع …
دعونا من التركيز على 20 درهم او 6 دولارات ، أرجو لو يتجه إهتماننا و تركيزنا  نحو نشر الوعي  بخطر إمتناع قسم كبير من  المسلمين_ إلا من رحم الله_ عن أداء زكاة أموالهم و تجاراتهم و عروضهم و أصولهم التجارية و ثراوتهم و رواتبهم و مشاريعهم و مداخيلهم و عقاراتهم .. إما عن جهل أو سوء فهم، فالبعض يعتقد أن أداء الضريبة يجزي و يغني عن أداء الزكاة، و البعض يعتقد ان بعض الدريهمات التي يتصدق بها من الجمعة إلى الجمعة هي الزكاة ، و البعض الاخر لا يؤديها عن عمد لأنه يستثقل مبلغها…
و هذا الجدل يذكرني بمقولة الامام الغزالي رحمه الله في كتابه هموم داعية:    “إذا رأيت من يهتم اهتماما هائلا بإخراج الفطرة، أتخرج قمحا وشعيرا أم دراهِم؟ ويستثير ذلك أعصابه أكثر مما يستثيره ضياع مقدّسات المسلمين وانتهاك حرماتهم وسفك دمائهم ..فاعلم أنك أمام مَسخ من الخلق لا يُؤَمَّن على دين الله ولا دنيا الناس،
وهذا النفر من المتديّنين عبء على الأرض والسماء
والأمّة التي تسلّم زمامها إلى هذا الانسان المخبول إنما تسلّمه لجزّار، ودين الله أشرف من أن يتحدّث فيه هؤلاء الحمقى بين يدي القرن الخامس عشر.”
رحم الله علماء الأمة ومصلحيها ودعاتها وشهدائها وكل  من ترك علما نافعا ينتفع به و جزاهم الله عنا بكل خير …
 وسأحاول  في هذا المقال توضيح الفرق بين زكاة المال و زكاة الفطر.. خاصة و أن كثير من الناس يعتقد أن زكاة الفطر هي نفسها زكاة المال، و سوف أحاول في هذا المقال توضيح الفارق بين زكاتي الفطر والمال:
   أولا – تعريف الزكاة
سبق لي في مقالات سابقة أن عرفت الزكاة في اللغة والاصطلاح لكن لا ضير من إعادة التعريف ، فالزكاة تُطلق في اللغة  على مَعان مُختلفة؛ منها النَّماء، والزِّيادة، والطَّهارة؛ لأنها تُطهِر مُخرجها من الآثام، كما يُطلق على الزكاة لفظُ صدقة؛ لأنها تدُل على صِدق المُسلم في عبوديّته وطاعته لله -تعالى-، وتُطلق أيضاً على البَركة، والمَدح، والصلاح. ولكن توجد بعض الفروق الهامة والجوهرية بين الزكاتين.وتَتمثل المعاني اللُّغوية للزكاة في الآية الكريمة: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها)، فالزكاة تُطهِرُ صَاحبها من الآثام والشُحِّ، وتُبارك في مَاله وأَجرِه.
وفي الاصطلاح تُعرف الزكاة على: أَنها القَدر المَخصُوص الواجب على المُسلم إِخراجه من مَالِه البالغِ للنِّصاب للجِهات المُستحقَّة وبشروطٍ معيَّنة.. وتُعدُّ الزَّكاة رُكناً من أركان الإسلام الخَمسة، وتحت شروطٍ معينة تُصبح فرض عَينٍ على المسلم، ويجب على من تحقّقت فيه شروط وجوب الزّكاة إخراجُها على الفَور بدون تَأخير.
فالزكاة بوجه عام، هي البركة والطهارة والنماء والصلاح. واصطلاحاً هو مقدار معلوم في مالٍ معلوم لطائفة معلومة. وقد حددت الشريعة السمحاء القدر المعتبر لوجوب الزكاة، فلا تجب في أقل منه، وهو يختلف باختلاف أنواع الأموال التي تجب فيها الزكاة. وحكم الزكاة أنها الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، فهي واجبة على كل مسلم بلغ ماله النصاب. وقد فُرضت زكاة المال وزكاة الفطر لأنها تُصلح أحوال المجتمع ماديًا ومعنويًا، وتطهر النفوس من الشح والبخل. ومن أنكر وجوبها خرج عن الإسلام ويستتاب.
       ثانيا- الفرق بين زكاة المال وزكاة  الفطر
يعتقد بعض الناس أن زكاة الفطر هي نفسها زكاة المال، لكن الحقيقة أن هناك فروقات جوهرية بين زكاة المال وزكاة الفطر ويمكن إجمال هذه الفروق في النقاط التالية:
– زكاة المال تتعلق -كما هو ظاهر بالتسمية- بالأموال المدَّخرة-، أما زكاة الفطر فتتعلق بالأبدان أي الأشخاص الذين يُنفق عليهم الإنسان.
– كما أن زكاة المال لا تجب إلا عند بُلوغ النصاب وهو المبلغ المحدد شرعًا بعشرين مثقالا من الذهب أو مائتي درهم من الفضة. أما زكاة الفطر فلا يُشتَرط فيها نصاب معيَّن بل تجب على مَن يملِك قوت يوم العيد وليلته له ولمَن تلزمه نفقته.
– زكاة المال ليس لها وقت معَيَّن تخرج فيه بل هي مرتبطة بمُضِي حول كامل على النصاب، أما زكاة الفطر فلا تكون إلا في شهر رمضان.
– ومن جهة أخرى فإن مقدار زكاة المال هو ربع العشر (أي 2.5%). أما زكاة الفطر فمقدارها قدحان من أرز أو قمح أو غيرهما مما يقتَاتُه الناس، ويجوز إخراج القيمة.
– زكاة الفطر تصرف للفقراء والمساكين فقط، بينما تتنوع مصارف زكاة المال إلى الأصناف الثمانية وما يندرج تحتها.
– زكاة المال يخرجها الإنسان عن نفسه في ماله الذي يملكه فقط، أما زكاة الفطر فتلزم المزكي عن نفسه‏ ‏ وعن زوجته‏ ‏ وعن كل من تلزمه نفقتهم من أولاده ووالديه إذا كان يعولهما. ‏ لما روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما “‏فرض رسول الله صل الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان‏، ‏ صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى، ‏ والصغير والكبير من المسلمين”‏ .
  ثالثا- فقه زكاة الفطر
1 -حكم زكاة الفطر: هي فرض على كل مسلم ومسلمة لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: (فرض رسول الله صل الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان) [رواه الجماعة].
2 -الحكمة منها: شرع الله تعالى هذه الزكاة لتحقيق مجموعة من المقاصد و منها:
الأولى: تطهير الصائم من اللغو والرفث الذي وقع منه في أثناء شهر رمضان.

الثانية: إطعام المساكين ومواساتهم في العيد.

الثالثة: المشاركة في الأجر و الثواب: من المعلوم أن زكاة المال غالبا ما تعبر عن حالة من الغنى والكفاية للشخص المزكي، وبالتالي فهي غالبا ما تؤدى من الغني، لكن في زكاة الفطر غالبا ما يشترك الفقير والغني في أدائها فنجد في زكاة الفطر أن الفقير يزكي عن نفسه، وعن أهل بيته إذا ملك قوت اليوم؛ وذلك حتى يتعود على العطاء كما تعود على الأخذ، وحتى لا يحرم الفقير من الثواب والمشاركة كالغني، وذلك تحفيزا لثوابه وحفظا لكرامته، وهذه حكمة بالغة لا تجدها في مِلة أو نظام وضعي مهما كان.
ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: (فرض رسول الله صل الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) [رواه أبو داود].
3 -على من تجب زكاة الفطر؟
 تجب زكاة الفطر بضابطين:
الأول: كل مسلم ومسلمة صغير أو كبير، حر أو عبد، و الجنين في بطن أمه…
الثاني: ملك ما يزيد عن حاجته وحاجة من يعوله في يوم العيد.
و دليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق، قال: (فرض رسول الله صل الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير .. على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين) [رواه الجماعة].ويستحب أن تخرج عن الجنين كما قال أبو قلابة: (كانت تعجبهم صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى الحمل في بطن أمه) [رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح].
4- لمن تعطى زكاة الفطر ؟
الصحيح أن زكاة الفطر لا تعطى إلا للفقراء والمساكين، وهم من لا يملكون كفايتهم في يوم العيد، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم: (طعمة للمساكين) [رواه أبو داود]، أما بقية الأصناف الستة فلا يعطون من صدقة الفطر إلا إذا كانوا فقراء أو مساكين فقط.
5- مقدارها:
صاع عن كل مسلم.. والصاع = 2.176 كيلو جرام.
6-  أصنافها: غالب طعام البلد
فقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير) [متفق عليه]. وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (كنا نعطيها زمن النبي صل الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط) [متفق عليه]. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه: (وطعمة للمساكين) [رواه أبو داود]. فهذه الأحاديث تدل على وجوب الصاع من طعام البلد كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (وكان طعامنا يومئذٍ الشعير والزبيب والتمر والأقط) [صحيح البخاري].
7 – وقت إخراجها : الراجح أنه يستحب إخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد، وله أن يعطيها للساعي قبل ذلك بيوم أو يومين، ولا يشرع تأخيرها بعد الصلاة، ولا تجزئ عنه، وأدلة ذلك مايلي:
أما إخراجها يوم العيد فلحديث ابن عمر رضي الله عنه: (وأمر بها أن تخرج قبل الصلاة) [متفق عليه]، ولأنها من شعائر يوم العيد، والمقصود بها تطهير الصائم بعد شهره، وإسعاد الفقراء في عيدهم.
أما من جهة جواز إعطائها للساعي قبل ذلك بيوم أو يومين، فلحديث ابن عمر رضي الله عنه: (كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين) [صحيح البخاري]، وجاء عن نافع أن هذا الإعطاء كان للعامل. [موطأ مالك وصحيح ابن خزيمة].

 وأما من جهة عدم إجزائها بعد صلاة العيد، فلحديث ابن عباس رضي الله عنه: (أن النبي صل الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) [رواه أبو داود] أي: لا تقبل كزكاة.

 رابعا – هل ينبغي إخراج زكاة الفطر طعاما أم نقدا؟
مع دخول العشر الأواخر من رمضان كل عام يكثر الجدل والجدال حول مدى مشروعية إخراج زكاة الفطر نقدا، و ندور كل عام في ذات الدائرة وكأننا نبدأ النقاش فيها للمرة الأولى، وهذا الجدل الدائر يحيل إلى  أزمة عميقة، و هي الأزمة التي أشرنا إليها في مطلع المقال، فهناك خلاف في الشكليات و القشور ، و هذا الاختلاف يعبر عن سوء فهم لمقاصد الشارع و روح النص ..والاختلاف قائم منذ العهد النبوي بين مدرستين: النص والقصد، لكن تعامل الصحابة والسلف والأئمة معه لم يكن كتعاملنا نحن اليوم؛ حيث غدا الاختلاف فى الفروع سبيلا لإتهام المخالف بأشنع الأوصاف، بينما كان السابقون شعارهم قول الإمام الشافعي: “ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة”
فالأصل في زكاة الفطر أنه يجب إخراجها من الطعام فقد فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً. ذلك في عدة أحاديث منها ما رواه البخاري (1503)، ومسلم (984) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: “فرض رسول الله صل الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير”. ومن ذلك أيضاً ما أخرجه البخاري (1506) ومسلم (985) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: “كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب”. لذلك اختلف أهل العلم في إخراج زكاة الفطر نقداً على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.

القول الثاني: أنه يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب الحنفية، ووجه في مذهب الشافعي، ورواية في مذهب أحمد.

القول الثالث: أنه يجوز إخراجها نقداً إذا اقتضت ذلك حاجة أو مصلحة، وهذا قول في مذهب الإمام أحمد، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد استدل كل فريق من هؤلاء بأدلة:
 فأما من منع إخراج زكاة الفطر نقداً فاستدل بظاهر الأحاديث التي فيها الأمر بإخراج زكاة الفطر من الطعام.
وأما من قال بجواز إخراج زكاة الفطر نقداً، فقال إن المقصود منها إغناء الفقير يوم العيد، وحصول الإغناء بالنقود قد يكون أبلغ.
وأما من ذهب إلى الجواز عند الحاجة أو المصلحة فقالوا: إن الأصل إخراج زكاة الفطر طعاماً، لكن يمكن أن يخرج عن هذا الأصل إذا كان في إخراجها نقداً مصلحة أو دفع حاجة. واستدلوا لذلك بعدة شواهد منها ما رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم من أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لأهل اليمن حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم: “ائتوني بعرض ثياب خميس، أو لبيس في الصدقة مكان الشعير، والذرة أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صل الله عليه وسلم بالمدينة”.
والمسألة التى نحن بصدد مناقشتها يفترض أن لا يقع بشأنها خلاف حاد، لأن منشأ الخلاف فيها راجع إلى طبيعة العصر الذي عاش فيه السابقون من الفقهاء، وللنص على العلة التى هي مناط الحكم، فكانت تلك العلة في عصرهم متحققة بالحبوب والأصناف الواردة في الحديث، بينما صارت اليوم نفس العلة متحققة بالنقود، ولهذا فإن المسألة توضح أزمة العقل الفقهي المعاصر، وعجزه عن التجديد في أضيق الدوائر وهى دائرة استيعاب النص وتنزيل الحكم على الواقع..
و من المعلوم أن التشريع الإسلامي تأسس على أصول وفروع، شكلت الأصول الثوابت الفكرية الجامعة للأمة، والفروع مساحات المرونة والاجتهاد ليُصبح الإسلام صالحاً لكل العصور والظروف والأمكنة، وقد اختلف الصحابة والتابعون في الفروع وقعَّدوا لذلك القواعد منها قاعدة: “لا إنكار في مسائل الاجتهاد”، فلم ينكر أحدٌ على أحد في الفروع، لكن الأمة اليوم فى إدارة خلافها في هذه المسائل الجزئية و الفرعية أصبح كل تيار ينكر التيار الأخر و يسعى  كل فريق لإلغاء رأى الآخر ..و هذا مجانب للصواب و الله أعلم..
 و في الختام، عيد فطر سعيد وكل عام وانتم و الأمة العربية والإسلامية بخير .. و لا تنسونا من صالح دعواتكم في هذا الايام المباركة و لا تنسوا الدعاء للأمة بالنصر و التمكين، والدعاء  لمستضعفيها في مشارق الأرض و مغاربها بالفرج و العتق من سطوة الظلم و الفقر و الإستبداد …
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أوجه الإتفاق والاختلاف بين الزكاة والضريبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: