مياح غانم العنزي: شحادك يا المسمار قال المطرقة
مياح غانم العنزي
بعد انهار من الدماء وحقبه طويله من الصراعات بأنواعها بين الغرب ،وبعد توقف الحرب العالميه الثانيه ،اسست الدول الكبرى منظمات عالميه تقوم على اخذ العبره مما حدث واختيرت لها اسس ومبادئ تمنع تكرار ذلك ،تأسس مجلس الأمن والأمم المتحده وغيرها لحماية حقوق الانسان والحريات والسلم والأمن الدوليين ،كذلك احترام وحماية سيادة الدول ،بالإضافه الى اهداف ومبادئ وقيم اخرى كثيره تساهم في العداله والمساواة والتعايش وحفظ الحقوق وتنظم العلاقات بين الدول وطرق حل النزاعات
لكن الدول الكبرى التي اسست ذلك ،هي نفسها قوضت تحقيق تلك الاهداف حيث استثنت نفسها بصوره مباشره مثل منحها حق النقض الفيتو او بصوره غير مباشره مثل انتهاج ازدواجية المعايير والإفلات من العقاب ،وذلك يعتمد على تلاقي وتقاطع المصالح او بالأحرى المحاصصه ونجاحها من عدمه
فبدا عالمنا ذو وجهين احدهما بقناع والاخر بدون قناع ،لكن مع الوقت ،وتصاعد وتيره الخنوع والإستسلام من الدول الاخرى بالعالم بدأت الدول الكبرى المهيمنه على العالم تتجه الى التصرف كعمله ذات وجهين مكشوفين ،حيث انتفت الحاجه للقناع ،بسبب ضعف ووهن وقلة حيلة المقابل وإستسلامه وتعايشه مع الظلم وإنعدام العداله ،فهناك من رضخ وتخلى عن كرامته وحقوقه وهناك من لا زال يقاوم وهؤلاء قلة ، وهناك من سلك طريق المجاملات والتنازلات بنكهة النفاق تارة، والصمت تارة اخرى
بدأت الدول المؤسسه للشرعيات الدوليه ازدواجيتها للمعايير وابراز حالتها ذات الوجهين في التخطيط لإحتلال دولة فلسطين الحره المستقله ،وكلنا يعلم طوال هذه السنين كيف كانت تمارس على الشعب الفلسطيني ازدواجية المعايير بصوره بجحه ومجحفه وتنم عن عنصريه وتطرف وظلم ،حيث رفضت اسرائيل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الذي طالبها بالإنسحاب ،كذلك افلتت طوال هذه السنين من العقاب
حتى وصلنا الى الحرب في اوكرانيا ،وبإختصار شديد تم تطبيق كل القيم والمبادئ والقوانين التي تقرها الشرعيات الدوليه على اوكرانيا المحتله بينما تم عمل العكس تماما مع فلسطين المحتله ، رغم ان كلاهما دولتين مستقلتين تم احتلالهما ،وشعبين آمنين تم قتلهما وتشريدهما وتدمير اراضيهما ،وآخر قصص هذا الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير هو انه عندما اعلنت اسرائيل سيادتها على القدس والجولان المحتلتان اعترف ترامب بذلك بسرعة البرق ونقل سفارة امريكا الى القدس ،وعندما اعلنت روسيا سيادتها على القرم والصين على تايوان ،اعترضت امريكا وحاربت ذلك وقالت ان هذا يعارض القانون الدولي الذي يحمي سيادة الدول ، اما القصه الاخيره فهي إغتيال شيرين ابو عاقله ، إغتالتها اسرائيل ثم حرمتها من جنازه تليق بإحترام جثة الإنسان الميت ،ولم تقبل اسرائيل في فتح تحقيق شفاف ومستقل ،خلال اسبوعين ارسلت محكمة الجنايات الدوليه 13 محقق في الجرائم الى اوكرانيا ،بينما لم ترسل محقق واحد الى فلسطين منذ عشرات السنين ،مارست 140 دوله الضغط على المحكمه للتحقيق في جرائم اوكرانيا بينما لم يمارس الا القليل من الدول ضغطا عليها بخصوص فتح تحقيق لجرائم فلسطين او جريمة شيرين ،ناهيك عن جدار الفصل العنصري ومعاداة الساميه وغيرها
لكن عالمنا يعلم وعاش ويعيش وسيعيش ازدواجية معايير الغرب المقيته ،والتعميم الذي ادى الى الإسلاموفوبيا والكراهيه ، الغرب نفسه لم يتخلص من العنصريه وانتهاك حقوق الانسان وهو يمارسها بلا رقيب وحسيب ،ويدعي العكس بكل بجاحه واستصغار لباقي شعوب العالم ،ليس الغرب وحده بل روسيا والصين وغيرها الكثير من دول العالم
إذا اتفقوا سكتوا عن جرائم بعض ، وإذا اختلفوا نبشوا ملفات بعض الاجراميه مثلا : حاليا امريكا تتكلم عن انتهاكات الصين لحقوق الروهينغا وروسيا تتكلم عن حقوق الفلسطينيين ،لم نسمع بذلك من قبل، لكنهم يستخدمون المبادئ والقيم والحقوق الانسانيه كأوراق سياسيه تخدم مصالحهم ،يودعوها في الأدراج ان توافقوا ويخرجوها ان اختلفوا
امريكا منذ 200 سنه ولم تتخلص من العنصريه والدليل ما حدث بحقبة ترامب وتغذية تفوق العرق الابيض ، ومؤخرا قبل 10 ايام قتل 10 اشخاص في متجر بنيويورك وعندما كان بايدن في طريقه الى هناك ، حدث اطلاق نار بكنيسه في لوس انجلوس اسفر عن قتيل وجرحى
وقبل اسبوع وضعت مدرسه صورة اوباما بين صورة قرده في تمرين مدرسي بولاية مشيغان وصفت بجريمه عنصريه وحشيه
الامثله كثيره ومن كل هذه الدول وليس مقتصره على امريكا ، الغزو الروسي الاوكراني هو من جعل هذه الدول تنزع القناع وتتبجح بهذه الازدواجيه والكيل بمكيالين وبلا خجل او احترام للشعوب الاخرى
موفد قناة سي بي اس نيوز الامريكيه شارلي داغاتا الى اوكرانيا قال : هذا ليس مكانا مثل العراق وافغانستان انما مدينه متحضره نسبيا ،ونسي شارلي انه تعلم في الثانويه ان العراق مهد الحضارات ومن علم البشريه الكتابه وبالتالي علمه هو ان يكتب،برلماني بولندي قال :الاوكران منا وفينا نفس ديننا وثقافتنا وليسوا ارهابيين كالشرق اوسطيين ،رئيس الوزراء البلغاري قال :الاوكران ليسوا من الذين اعتادت عليهم اوروبا من اللاجئين انما هم اوروبيون اناس اذكياء متعلمون ومأهلون ،وصحفي بقناة فرنسيه قال : نحن لا نتحدث عن سوريين فارين من نظام الاسد الذي يدعمه بوتين بل عن اوروبيين سيارتهم مثل سياراتنا وطبيعتهم مثل طبيعتنا،وبفرنسا ايضا مؤخرا تم وضع صورة لمغني راب اسمر البشره بين القرود لشرح نظرية التطور ،في فرنسا الرسوم المسيئه للرسول هي ضمن حرية التعبير ،اما الرأي بالهولوكوست هو جريمة معاداة الساميه
كندا استأجرت 3 رحلات لنقل الفارين الاوكران واطلقت برنامج هجره خاص بهم بموجبه يمنح الاوكراني مميزات ممتازه للعيش لكن قبل ذلك بأشهر قليله ولا زال المهاجرين الفارين من الشرق الاوسط على حدود بلاروسيا بولندا ولم تستقبل اي منهم
في بريطانيا الجمهور الرياضي معروف بالعنصريه ومن هتافاته مؤخرا ضد اللاعبين ذوي البشره السمراء ،لندن قررت تسفير طالبي اللجوء الى راوندا في افريقيا بجانب خط الإستواء وهناك محظوظ من يجد خبز وجبن وينجو من جدري القرود ،وزير بريطاني استقبل اوكران في منزله بينما لم تقبل بريطانيا اي من طالبي اللجوء من الحدود البولنديه البلاروسيه بل ارسلت قوات لصدهم ،بريطانيا البلد الاول بالعالم في جرائم الطعن بالسلاح الابيض ،وهناك مناطق في بريطانيا لا يدخلها اجانب
اما في الدنمارك فلا يختلف الحال حيث التسفير الى رواندا وهي صاحبة الفكره والمبادره الاولى قبل بريطانيا ، وفيها حرق القرآن الكريم حرية تعبير وغيره معاداة للساميه، ولا تختلف السويد عن ذلك بل وتزيد انها تسحب الاطفال من المهاجرين بحجة الإفراط في التمسك بالشرف والثقافه الشرق اوسطيه المحافظه على تربيه ابنائها بعيدا عن الحرام والإنحلال
اما في المانيا فالعشائر الاجراميه وحرق مقرات اللاجئين والإعتداء على المحجبات والعنصريه ضد اللون الاسود حيث انتشر مقطع لأفريقي مع ابنته مؤخرا تبصق عليهم مواطنيه ألمانيه اصليه وتشتمهم وتسبهم ،وهناك اتهام لهذه الفئه السمراء من الناس في ألمانيا بأنهم تجار مخدرات ويتعاطونها ومجرمون
التعميم خاطئ ولو كان يصح ستكون امريكا البلد الراعي والصانع للإرهاب حيث قال ترامب علنا وبالإعلام ان هيلاري كلينتون واوباما هم من صنعوا داعش وذلك ضمن خطة الشرق الاوسط الجديد والفوضى الخلاقه ،او ان بريطانيا هي ضد حقوق الانسان حيث قال وزير بريطاني يوما ما : لا تحدثني عن حقوق الانسان اذا كان الامر يتعلق بالامن الوطني
نحتاج الى مجلدات لذكر ازدواجية المعايير والعنصريه والكيل بالمكيالين وليس بمقال فيه عشرات الكلمات ،ورغم كل هذا وعلم الناس والدول بهذا وان المؤسسات الدوليه قائمه على المحاصصه والمصالح فقط ،إلا انه لا مفر ولا ملجأ إلا إليها في زمن تسيطر فيه القوى الكبرى على كل شيئ ،زمن تسود فيه لغة الغاب ،ونظام القوه
لذلك وكما قال المثل الشعبي الخليجي
شحادك يا المسمار قال المطرقه
قدمت فلسطين ملف اغتيال شيرين ابو عاقله الى محكمة الجنايات الدوليه وتلجأ فلسطين دائما للشرعيه الدوليه رغم علمها بحالها غير المنصف
وذات الأمر ينطبق على الدول العربيه وغيرها ، يعلمون ان اسرائيل افلتت من العقاب وستفلت ويعلمون ان امريكا والغرب هو من صنع اسرائيل ولن يضر او يفرط بضناه فالضنى غالي ،ويعلمون انه لا عداله ولا مصداقيه ولا انصاف في المؤسسات الدوليه ،اكثر منصب بالعالم يستنكر ويشجب ويدعو بدون ذكر الاشياء بمسمياتها او قول الحق بوضوح هو منصب الامين العام للأمم المتحده
لكن ما باليد حيله ولا مفر منها الا إليها
شحادك يا المسمار قال المطرقه
كاتب قطري