الهاغاناهمن العبرية وتعني: الدفاع. عصابة عسكرية يهودية-صهيونية، تأسست في حزيران العام 1920 في مؤتمر حزب (أحدوت هعفودا). واعتبر مؤسسو هذه العصابة أنها امتداد لعصابة (
هشومير). والأعضاء الذين انضموا إلى هذه العصابة كانوا من اليهود المتطوعين.
ومن بين أهداف المنظمة: (المحافظة على حياة وسلامة ممتلكات اليهود من هجمات العرب). وبعد ذلك تطورت الأهداف لتشمل (عمليات الدفاع عن المهاجرين اليهود والمتسللين منهم إلى فلسطين، والسعي إلى الدفاع عن المستوطنات بوجه العدو البريطاني)، على حد تعبير قياديي هذه العصابة. وارتبطت العصابة منذ ولادتها بمنظمة العمال العامة (
الهستدروت) والحركة الاستيطانية
الصهيونية في فلسطين، ولسنوات طويلة بقيت المنظمة خاضعة لتعليمات وتوجيهات المنظمة الصهيونية والييشوف اليهودي في فلسطين.
ونظم أعضاء (الهاغاناه) عمليات التدريب على استخدام الاسلحة في الكيبوتسات والمستوطنات اليهودية البعيدة عن اعين الانكليز. وتمت تدريبات في أُطر رسمية من قبل السلطات البريطانية من خلال انتظام يهود من (الهاغاناه) في الشرطة البريطانية في فلسطين، وهكذا كسب هؤلاء الأعضاء تدريباً مجانياً من الانكليز ساعدهم في عملياتهم الارهابية فيما بعد ضد الفلسطينيين العرب وأيضا ضد الانكليز.
أما عن التنظيم الداخلي لـ (الهاغاناه) فكانت العصابة في البداية عبارة عن خلايا صغيرة ومحلية في مستوطنات مختلفة. وحصل تحول أولي في أعقاب أحداث العام 1929 حيث قررت القيادة إقامة قوة قطرية خاضعة لـ (الهاغاناه). واتخذت
الوكالة اليهودية على عاتقها مسؤولية التنظيم وتجنيد مقاتلين من كل أنحاء فلسطين.
ووقع أول انشقاق في المنظمة العام 1930 على خلفية الطرق والأساليب التي يجب انتهاجها من قبل العصابة، وجزء من أعضائها أقاموا عصابة (
ايتسيل) (اختصار للكلمات العبرية - منظمة وطنية عسكرية)، وتعرف بإختصار (الأرغون).
وأُقيمت في سنوات الثلاثينيات القيادة القطرية لـ (الهاغاناه) وقائدها الأول هو الياهو غولومب.
اهتمت العصابة بعقد صفقات لشراء اسلحة وتنظيم عمليات تدريبية على مختلف أنواع الأسلحة وطرق القتال والمحاربة، وقامت قيادتها بشراء أسلحة من خارج فلسطين ونظمت عمليات تهريبه وإدخاله إلى فلسطين، وقسم آخر من الأسلحة انتجته في مصانع وورشات صغيرة أُعدّت لهذه الغاية في الكيبوتسات بعيداً عن عيون الانكليز. وتمت إقامة قيادة عليا لـ (الهاغاناه) العام 1939 وتولى قيادتها يعقوب دوري الذي أصبح فيما بعد أول رئيس لهيئة الأركان العامة للجيش الاسرائيلي.
اكتفت (الهاغاناه) بالدفاع عن الكيبوتسات والمستوطنات التي كانت تتعرض لهجوم من قبل المقاومين العرب الفلسطينيين الذين كانوا يقومون بعملياتهم كرد على تحرشات اليهود في حياتهم اليومية. وقررت قيادة (الهاغاناه) الانتقال إلى عمليات الهجوم العسكري في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، وقام الضابط العسكري البريطاني تشارلس اورد فينجيت بتأسيس (
كتائب الليل الخاصة) التي نظمت هجوماً كاسحاً ومدمراً على قرى ومجمعات سكانية عربية في بعض أنحاء فلسطين. والواقع أن هذه الكتائب ما هي إلاّ تحضير للآتي في عامي 1947/4891.
وشارك أعضاء (الهاغاناه) في كل ما له علاقة بتنظيم تسلل المهاجرين اليهود الذين اعترضت السلطات البريطانية على دخولهم إلى فلسطين. والسبب المركزي في إصرار (الهاغاناه) على دخول هؤلاء ليُضافوا إلى قوة (الهاغاناه) استعداداً للحرب المقبلة.
وانخرط المئات من أعضاء (الهاغاناه) في صفوف الجيش البريطاني لدعم بريطانيا والحلفاء في حربها ضد النازية وحليفاتها. وكسب هؤلاء خبرة واسعة جداً في استخدام الأسلحة، إضافة إلى الأسلحة التي تمت سرقتها وايداعها في مخازن الكيبوتسات والمستوطنات لساعة الحاجة.
ولما شعر الانكليز باقتراب خطر الألمان عندما وصلوا إلى الحدود المصرية - الليبية قاموا بتأسيس منظمة (
البالماح) كجزء من (الهاغاناه) للقيام بمهام خاصة ضد الألمان في حال اقترابهم إلى فلسطين. ولما أصبح الخطر النازي بعيداً عن فلسطين عادت بريطانيا إلى اتباع أسلوب معارضة العمل العسكري اليهودي، فتحولت منظمة (البالماح) إلى عصابة سرية تعمل مع (الهاغاناه) ضد الانكليز والعرب.
ولما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها نشط أعضاء (الهاغاناه) و(البالماح) في تنفيذ عمليات إرهابية ضد مواقع عسكرية ومدنية انكليزية في مختلف مدن ومواقع فلسطين، فتمت عمليات تفجير جسور وخطوط سكك حديدية، وذلك كله بالتنسيق والاتفاق مع عصابتي (ايتسيل) و(ليحي).
وبلغ عدد الأعضاء المنتسبين رسمياً إلى عصابة (الهاغاناه) حوالي ستين ألفاً من الرجال والنساء، وامتلكت العصابة أجهزة استخبارية قامت بجمع معلومات كثيرة عن العرب وقراهم ومواقع تواجدهم وكذلك عن الانكليز. واستفادت (الهاغاناه) من كل المعلومات التي جمعتها في تنفيذ العمليات العسكرية ضد العرب الفلسطينيين في عامي 1947 و 1948. وهذه العصابة نفذت عمليات تهجير العرب الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وأحلت على الفلسطينيين نكبة كبيرة لم يعرفوها من قبل. وتولى قيادة (الهاغاناه) بن غوريون الذي وضع خطة شاملة لتطهير عرقي ضد الفلسطينيين في سبيل إقامة دولة لليهود في فلسطين على أراضي الفلسطينيين.
وشكلت (الهاغاناه) القوة المزودة لإقامة الجيش الاسرائيلي بحيث تولى قياديوها قيادة الجيش الاسرائيلي ومناصب سياسية أخرى في الحكومات الاسرائيلية التي تعاقبت ابتداء من العام 1948. وتمت عملية دمج كل العصابات العسكرية اليهودية والصهيونية في إطار الجيش الاسرائيلي بأمر من بن غوريون، وهكذا انتهت هذه العصابة كإطار عسكري رسمي وبقيت محتفظة لنفسها بأرشيف يحتوي على معلومات مهمة جداً فيما يتعلق بأحداث العام 4891 وجرائم نفذتها (الهاغاناه).