الهادي آدم (1927 م - 30 نوفمبر 2006 م) سوداني شاعر وكاتب أغاني سوداني من مواليد قرية الهلاللة بولاية الجزيرة وسط السودان على ضفة النيل الأزرق ودفن في مقبرة الشيخ محجوب شمال الخرطوم.كتب عدة أشعار منها قصيدة غداً ألقاك التي غنتها أم كلثوم.
حياته
الهادي آدم
ولد في مدينه الهلالية في السودان تخرج في كلية دار العلوم بالجامعة المصرية حاصلاً علي درجة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، وحصل علي دبلوم عال في التربية من جامعة عين شمس، ثم حصل علي الدكتوراه الفخرية من جامعة الزعيم الأزهري بالسودان وعمل معلما بوزارة التعليم.
ويعتبر النقاد في الخرطوم الراحل آدم، أنه ظل لعقود في مصاف الشعراء الكبار، ليس على مستوى السودان، وإنما على مستوى العالم العربي. ورغم أنتمائه لجيل سابق للحركة الشعرية المعاصرة، فإنه يعتبر من الشعراء المحدثين.
والهادي آدم من المعلمين القدامى في السودان في شتى المراحل الدراسية، خاصة المرحلة الثانوية العلياحيث درس في مدرسة حنتوب الثانويه. ويشهد له النقاد ودارسو تاريخ الأدب في بلاده، بأنه من اوائل الذين ساهموا في نهضة الشعر في البلاد، من خلال الجمعيات الأدبية التي كان يشرف عليها في المدارس التي عمل فيها في شتى بقاع السودان.
اتجاهه الأدبي
لم يتأثر الهادي آدم بمدرسة شعرية واحدة، ولم يكن ينتمي لتيار أيديولوجي كما أقرانه من الشعراء السودانيين الذين درسوا بمصر كالفيتوري ومحيي الدين فارس وتاج السر الحسن المعروفين بيساريتهم الصارخة، وكان رائدا في التمثيل الشعري في السودان بمسرحيته الشعرية «سعاد» التي خرجت الى النور عام 1955، والتي أهداها الى الاتحاد النسائي دعما منه لتحرير المرأة من التقاليد البالية التي تؤثر على تقدمها.
أعماله
للشاعر آدم شعر وافر وله دواوين، اشهرها ديوان «كوخ الأشواق»، الذي يعده النقاد من أفضل ما قدم للأدب وللمكتبة السودانية، وكتب في مجالات الابداع الأدبي الأخرى، واشهر ما كتب في هذا المضمار مسرحية باسم «سعاد». كتب عدة أشعار منها قصيدة غداً ألقاك التي غنتها المطربه أم كلثوم. فيما كتب العديد من القصائد آخرها قصيدة لم تنشر بعد بعنوان (لن يرحل النيل) يصور فيها بريشة الفنان ذكرياته العزيزة التي عاد يتفقدها في حي منيل الروضة الذي سكنه في صباه.
أغدا ألقاك
إنها غير بعيد
العروس
الزار
أتاني صاحبي
سعاد، مسرحية.
لن يرحل النيل
أكذا تفارقنا
أكذا تفارقنا - رئاء عبد الناصر
من أعمال الشاعر الهادي آدم مرثيته للرئيس العربي الراحل جمال عبدالناصر والتي تعتبر من القصائد الجميلة وهي بعنوان “أكذا تفارقنا ”:
أكذا تفارقنا بغير وداع يا قبلة الأبصار والأسماعِ
ماد الوجود وزلزلت أركانه لما نعاك إلى العروبة ناعِ
ماذا عسى شعري وخطبك آخذ بالقلب ماذا يخط يراعي
يا صاحب الوجه النبيل وحامل الخطب الجليل وقمة الإبداعِ
أكذا تفارقنا (جمال عبد الناصر) الشاعر: الهادي آدم الناشر: القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973 أكذا تفارقنـا بغيـــــر وداع يا قبلة الأبصــار والأسمــاعِ ماد الوجــود وزلـزلت أركانـه لما نعاك إلى العــروبة نــاعِ مـاذا عسى شعـرى وخطبك آخذ بالقلب أم مـاذا يخـط يراعـى يا صاحب الوجـه النبيـل وحامل الخطب الجليـل، وقمــة الإبداع يا من تخيـرك الإلـــه لأمــة محفـوفــة بالغــدر والأطماع كم أصبحت هــدفاً لصـــولة غاصب ومباءة لمــذلة وضـياعِ ما زلت تنهضــها بكف معالــج ذي خبــرة بمــواطن الأوجاعِ حتى نفخت الـروح في أوصـالها وأقمت واهـى صرحها المتداعي وأمطت أقنعـة اللئام وزيفهـــم حتـى بـدوا فينـا بغيـر قنـاعِ زنت السياسـة إذا حملت لواءهـا وجلوتهـا من ريبــة وخـداعِ فغدوت مثل الأنبيــاء كـرامـةً أو كالمــلائك في سمـو طبـاعِ الشـرق لم يَكُ للضـريع بحاجـة لكنـه فـى حاجـــة لشجـاعِ يغـرى المزاعـم بالبيان إذا سعى بالدس فـي أرض العـروبة ساعِ وكذاك كـنت شجــاعة وأصـالة وبيان وضـاح الأســـرة واعِ
أكــذا تفارقنــا بغيــر وداعِ يا منيـة الأبصــار والأسمـاعِ أكذا تفارقنا و "سينــا" لم تـزل تجتاح بيــن ثعـالب وسبــاعِ وشواهق "الجـولان" عند مكابـر متزايــد الآمـال والأطمــاعِ "والقـدس" في أيدي اللئام "تشبثوا" منها بأشـرف تربـــة وبقـاعِ وبنو فلسطين الشهــيدة أعـين تدمـي القلـوب بصرخة الملتاعِ أزمعت عنا يا جمـال مكــرمـاً فينا ولكـن لات حيــن زمـاعِ
يا ليلة من شهر يوليــو أسقطت عــرش الممـالك من أجل يفاعِ كانت مع القدر الشـريف بموعـد وافته بيـن الخَبِّ والإيضــاعِ والدرب حولك بالمخاطـر حافـل لم تخش مـن شـوك به وأفاعى فإذا بمصــر مع الشعـوب طليقة مزهوة الفلــوات والأصقــاعِ وإذا بفـلاح التـــــراب مملك في كل شبـــر عنـده وذراعِ حررتــه مـن ذلـه وإســاره ونزعته من قبضــة الإقطــاعِ وإذا مياه الســد تغمــر أرضه فتحيلهــا ورديــة الإينـاعِ وإذا بروحك وهو عــزم ثائـر يسرى بروح شبابـه الأيفــاعِ وإذا فلسطيـن الحبيبــة قلعــة للثـأر بيـن جحـافل وقــلاعِ وإذا بهذا الشــرق بعد همــوده عرفات جبار ومهـد صـــراعِ قسمــاً بوجهـك لن نعيش وبيننا متسلـط بالـدس والإيقـــاعِ وبمنطـق الجبـروت نأخـذ حقنا قسـراً وليس بمنطــق الإقنـاعِ إنا كمـــا علمتنــا وأردتنــا لن نستكيــن لواقـع الأوضـاعِ
أكـذا تفـارقنـا بغيــــر وداعِ يا زينة الأبصـــار والأسمـاعِ غفـرانك اللهــم لست مصــدقاً ولـدىَّ للشـك المـريب دواعى لكنه الإنسـان يؤثــر ضـعفـه حيناً ويجبـن أن يصـيخ لـداعِ أجمـال إنك إن رحـلت مفارقـاً ودعـاك للعليــاء أكــرم داعِ فلأنت مـن أرواحنــا وقلــوبنا مهما استطال العهــد قيـد ذراعِ كلمات قلبك سـوف تبقـى دائمـاً في كل قلب مصــدر الإشعـاعِ لا يستــرد بغيـر قـوة ساعـدٍ حق أضــيع بقـوة وصــراعِ يا فخــر هذا الشـرق يا ملاحَه وزعيــم نهضـته بغيـر نزاعِ يا من بكفك صغتــه وصنعتــه أكـرم بكـف للشعـوب صـناعِ نم في جوار الله وانعــم عنــده بكريـم مصطحب وحسن متـاعِ خـرجت لك الجنـات تكـرم وافدا والأرض قد خـرجت ليـوم وداعِ
أغداً ألقاك
في عام 1970 نشر الشاعر صالح جودت في إحدى مقالاته الأسبوعية يقول: بعد أن غنت أم كلثوم حفلتيها في السودان في إطار حملتها لدعم المجهود الحربي في مصر بعد النكسة عام 1967 ، عادت من هناك تحمل في صدرها شحنة دافئة من الحب للسودانيين وقالت لي يومئذ: إن البلاد العربية جميعاً تعيش مع مصر في محنة النكسة، ولكن أعمقهم شعوراً بها هم أهل السودان.
إن مستوى الألم في النفس السودانية هو نفس مستواه في النفس المصرية، لقد كنت أدخل بيوتهم فأحس أنني في بيتي وألتقي بهم فأشعر بأنني بين أهلي وعشيرتي. ثم أضاف في حديثه ما يتعلق بشأن ما غنته أم كلثوم قائلاً: وسألتني أم كلثوم كيف أستطيع أن أعلن عن حبي لأهل السودان، وقبل أن أجيبها قالت: بأن أغني قصيدة لشاعر من السودان.
وكانت تلك الرغبة وفق ما رواه الشاعر صالح جودت هي الدافع الأساسي لدى أم كلثوم لكي تغني فعلاً كلمات من إحدى قصائد أحد شعراء السودان المعاصرين. ومن أجل ذلك فقد كلفت صالح جودت نفسه بالبحث عن هذه القصيدة. وعن هذا قال: اتفقنا على أن نبحث عن القصيدة المنشودة، وطفت بمكتبات القاهرة واستعنت بالأصدقاء فتجمعت لدي سبعة دواوين لسبعة شعراء، ومضيت أدرسها ثم اخترت من كل منها قصيدة تتوفر فيها الصلاحية الغنائية، وأرسلت القصائد السبع لأم كلثوم لتفاضل بينها. وبعد أيام سألتني أم كلثوم أيهم أفضل قلت: لقد تركت لك مهمة المفاضلة، حتى لا أكون منحازاً لشاعر دون آخر، قالت لقد اخترت واحدة منها بالفعل ولكن لن أذكرها لك حتى أعرف رأيك.. قلت: إذا كنت تصرين فإنني أفضل قصيدة الهادي آدم فهي أصلحها للغناء.. قالت لخفة ظلها المعهود: برافو عليّ أنا فهذه هي القصيدة التي اخترتها بالفعل .ومن بعد هذا الاختيار شدت أم كلثوم فعلاً بكلمات هذه القصيدة في 6 مايو عام 1971بعد أن وضع لها الألحان المتميزة محمد عبد الوهاب.
وبالرجوع إلى ديوان الشاعر السوداني الهادي آدم الذي نشرت به هذه القصيدة، يتضح أن ما نشر بالديوان شيء وما غنته أم كلثوم شئ مختلف تماماً حتى أنه قد يبدو أن الشاعر السوداني قد اضطر لإعادة صياغة كلمات هذه القصيدة من جديد وذلك إرضاءً لأم كلثوم وشهرتها العريضة، فنجد مطلعها:
أغداً ألقاك
يا لهف فؤادي من غد
وأحييك ولكن
بفؤادي أم يدي
وقد أشار صالح جودت والذي يعود إليه الفضل في اختيارها إلى وجود تعديلات على هذه القصيدة حيث قال": "وجاء الهادي أدم إلى القاهرة والتقى بأم كلثوم وكان معها محمد عبد الوهاب وقرأوا القصيدة مرة واثنين وثلاثاً وعشراً وعدلوا وبدلوا وقدموا وأخروا، إلى أن استقروا على الصورة النهائية لهذه القصيدة. ولقد بقيت في أدراج أم كلثوم حوالي عام دون أن تشدو بها.[1]
ومما يجدر الإشارة إلى أن كم التعديلات التي إجريت على كلمات هذه القصيدة كبير لدرجة لم نعهدها في غيرها من القصائد التي تغنت بها أم كلثوم.. وأولى هذه التعديلات كما سبق وذكرنا كان في عنوان القصيدة نفسها ثم شمل بعد ذلك الأبيات والكثير من كلمات هذه الأبيات. إنه ولاشك مجهود كبير بذله الشاعر الهادي آدم حتى تصل كلماته إلى صوت وحنجرة كوكب الشرق أم كلثوم، وكذلك إلى آذان الملايين من عشاقها.. كما كتبت له في الوقت نفسه شهادة بقاء أبدي في عالم الشهرة وعالم قصائد الشعر .
يذكر أن قصيدة أغدا ألقاك اختارتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم من بين عشرات القصائد التي قدمت لها إبان زيارتها للسودان في عام 1968 م.و للشاعر الكبير مجموعة شعرية كاملة تضم كل أعماله الشعرية (كوخ الأشواق ونوافذ العدم وعفواً أيها المستحيل وتمت طباعة هذه المجموعة عن طريق مؤسسة أروقة الثقافية.
أغدا ألقاك يا خوف فؤادي من غدي يالشوقى واحتراقي في انتظار الموعد
آه كم أخشى غدي هذا وارجوه اقترابا
كنت استدنيه لكن هبته لما أهابا
واهلت فرحة القرب به حين استجابا
هكذا احتمل العمر نعيما وعذابا
مهجة حارة وقلبا مسه الشوق فذابا
أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني
أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني
أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني
آه من فرحة أحلامي ومن خوف ظنوني
كم أناديك وفي لحني حنين ودعاء
يا رجائي أنا كم عذبني طول الرجاء
أنا لولا أنت أنت لن احفل بمن راح وجاء
أنا أحيا بغدى الان و بأحلام اللقاء
فأت أو لا تأت أو فافعل بقلبي ما تشاء
هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر
هذه الدنيا ليالى انت فيه العمر
هذه الدنيا عيون أنت فيها البصر
هذه الدنيا سماء انت فيها القمر
فأرحم القلب الذي يصبو اليك
فغدا تملكه بين يديك
وغدا تأتلق الجنة أنهارا وظلا
وغدا نسمو فلا نعرف للغيب محلا
وغدا ننسى فلا نقسى على ماض تولى
وغدا للحاضر الزاهر نحيا ليس الا
قد يكون الغيب حلوا
انما الحاضر ..... أحلى