ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: سيرة نابلس في مذكّرات حمدي كنعان الجمعة 29 سبتمبر 2023, 6:37 am | |
| سيرة نابلس في مذكّرات حمدي كنعان[ltr][rtl] [url=https://www.alaraby.co.uk/sites/default/files/2023-09/%D8%B4%D9%8A%D8%A1 %D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%B1.jpeg][/url][/rtl][/ltr] لا تخلو المذكّرات، بما هي كلام استعادي يتمحور حول تاريخ إنسان واقعي ومدينة/ مدن واقعية، من قصدية ذاتية، تظهر أولًا في حدّها الزمني، وثانيًا في ما ينتقي صاحبها سردَه من حوادث، وهو بالطبع غير ملزم بنقلها جميعًا، وبكامل تفصيلاتها، لكنها، في المقابل، تقدّم لسيرة المكان توثيقات علائقية بين الأرض والإنسان والعمران والمجتمع وأنظمته السيادية، وهو ما يُرى في مذكّرات حمدي كنعان التي حققها ودرسها المؤرّخ بلال شلش، وأصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بعنوان "شيء عابر: نابلس تحت الاحتلال (حزيران/ يونيو 1967 - آذار/ مارس 1969): مذكّرات ووثائق حمدي طاهر كنعان". فالكتاب، كما يتحدّث عن نفسه، سيرة مزدوجة لمدينة نابلس ورئيس بلديتها حمدي كنعان الذي كان شاهدًا على استعمارَين وحربَين مفصليّتين، وعضوًا فاعلًا في الحياة العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في ظل الظروف التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي. ولا يعبّر صاحب هذه المذكّرات في نصّه عن ذاته فحسب، بل يشمل فيه جملة هذه الشبكة المتداخلة والمترابطة من العلاقات في مدينة نابلس، خلال مدة تحدّدت بنحو عام وثمانية أشهر، ووقائعيًا بالفترة بين أول أيام الاحتلال للمدينة بعد حرب حزيران 1967، وآخر يوم غادر فيه حمدي كنعان مكتبه في دار البلدية بعد استقالته بتاريخ 13 مارس/ آذار 1969.تُجدّد نابلس في هذا العمل سيرتها المعهودة في الصمود والمقاومة، وعادة ما يطرح الحديث عن المقاومة أسئلة بشأن الحرية والتقدّم والأنا والآخر، وهي أسئلة حاضرة ضمنيًا في صفحات الكتاب التي تؤرّخ لبعضٍ مما لم يؤرَّخ له من معارك الوجود والهُوية التي خاضها الفلسطيني في مواجهة الآخر – المحتل، الساعي إلى نفيه وإلغائه، لعل أبرزها معركة المناهج التعليمية التي وُظفت فيها من أدوات المقاومة الشعبية الإضرابات والمظاهرات والعرائض، ثم معركة الاقتلاع والتهجير التي فتحت بابًا لما يمكن تسميته الحراك الدبلوماسي المبكر لإعادة المهجّرين إلى مدنهم وقراهم التي أُخرجوا منها. وفي المعركتين، كان لحمدي كنعان موقفه الذي عبّر عنه بإجراءات عملية أتاحها له منصبه، وأقوالٍ واضحةٍ صرّح بها مرّة في أحد لقاءاته مع وزير الدفاع الإسرائيلي، بقوله: "إن كل القوانين والأعراف الدولية تقرّ للشعب المحتل بحق المقاومة، وبأية طريقة، ونحن بدورنا علينا أن نقاوم احتلالكم". ومرّات أخرى في لقاءات صحافية عدة، منها لقاؤه مع مراسل صحيفة أوبزيرفر، وقد قال فيه: "أما عن رأيي بالمقاومة المسلحة فهي نابعة من آلام الفلسطينيين بما حدث لهم، وآمالهم في التوصل إلى حقوقهم والتخلص من الاحتلال. وحركات المقاومة لأي احتلال هي ظاهرة طبيعية عند جميع الشعوب". - اقتباس :
عادة ما يطرح الحديث عن المقاومة أسئلة بشأن الحرية والتقدّم والأنا والآخر، وهي أسئلة حاضرة ضمنيًا في صفحات كتاب مذكرات حمدي طاهر كنعان بدأت معركة تغيير المناهج التعليمية، كما يؤرّخ لها الكتاب، بعد أسابيع معدودة من أول أيام الاحتلال، حيث أُقرّت، بتاريخ 7 أغسطس/ آب 1967، مقترحات وزارة التعليم الإسرائيلية بتحضير منهاج معدل للمدارس في الضفة الغربية، وتغيير 49 كتابًا رأت فيها اللجنة السباعية التي ضمّت لجنة التنسيق واللجنة الوزارية تحريضًا على إسرائيل واليهود، ودار نقاش حول المناطق التي سيشملها هذا القرار، ثم أُعيد النظر في عدد الكتب الملغاة، واتُّفق على تقليصها قدر الإمكان. دفع هذا التوجّه نحو أسرلة المناهج، المعلمين في الضفة الغربية إلى إعلان استنكارهم الذي بدأ بعريضة احتجاج وقّعها مئتا معلم من جنين، تبعتها موجةٌ من العرائض في القدس والضفة الغربية، ثم لحقها تصعيد وإضرابات ودعوات إلى الاستنكاف عن العمل، لينتقل بذلك حراك المقاومة إلى ميدان التربية والتعليم، وهو ليس من ميادينها الجديدة أو المستحدثة، إنه، كما تقدّمه النظريات، الفضاء أو العالم الجديد الذي يتحتّم على المستعمَر أن يُحدثه خارج دائرة رقابة المستعمِر، ليحفظ من خلاله وجوده، وينظّم صفوفه، ثم يحقّق استقلاله المنشود، شرط أن يُطبع بطابع وطني، يربط مصلحة الفرد بمصلحة الجماعة ومصيره بمصيرها، ويمنع تحوّل أبناء البلد إلى أدوات خاضعة لإرادة سلطة الاحتلال، وهو ما ناضل في سبيله الأهالي والمعلمون وطلاب المدارس، وعقد لأجله رئيس البلدية لقاءاتٍ مع سلطات الاحتلال، وتشكلت في سياقه لجنة من مديري التربية والتعليم في الضفة الغربية للتباحث بشأن الفقرات والعبارات التي يرُاد حذفها من الكتب والمناهج الأردنية، وكانت ثمرة هذا الحراك المتكامل أن أصدرت سلطات الاحتلال، بتاريخ 23 أكتوبر/ تشرين الأول 1967، قرارًا بإبقاء المناهج على حالها، بعد حذف فقرات وعبارات تمسّ إسرائيل، وتقليص عدد الكتب المحذوفة إلى أربعة كتب فقط، لتسجّل المدينة بذلك انتصارها المرحلي الأول. - اقتباس :
يقف الكتاب على حدود العلاقة بين الأفراد الفاعلين في الفعل الثوري المسلح والآخرين غير المنخرطين فيه أما مقاومة نزوح الأهالي إلى نابلس التي أرادها الاحتلال محجًا للمهجّرين من المدن والقرى المجاورة، فتأتي في سياق جملة وقائع يسردها الكتاب منذ اليوم الأول من أيام الاحتلال، ففي 6 يونيو/ حزيران انسحبت قوات الجيش العربي الأردني، وبدأت الأخبار تتتابع عن سقوط المدن الفلسطينية، وفي اليوم التالي، ألقت طائرات الاحتلال منشورات تعلن اقتراب دخول قوات الجيش الإسرائيلي المدينة، وتطلب من السكان التزام بيوتهم ورفع الرايات البيضاء. وبالفعل، دخلت الدبّابات، واشتعلت معارك، وقُصفت بيوت، واستشهد مقاومون، وجُمع السلاح، ثم شيّعت المدينة شهداءها، وبدأ المبعدون يتوافدون من طولكرم وجنين وقلقيلية والقرى الأمامية، بعد أن نُهبت بيوتهم وأُحرقت ونُسفت، وأُرغموا على الرحيل من قراهم. وجاء مندوبو سلطات الاحتلال يطلبون من رئيس البلدية إرشادهم إلى مكانٍ مناسب لإقامة مخيم للاجئين من أهالي قلقيلية الذين شكلوا غالبية اللاجئين، فرفض أن تكون له يد في الأمر، ورفض كذلك إصدار تصاريح تمكّنهم من الهجرة إلى الضفة الشرقية، حتى بعد أن زاره وفدٌ من وجهاء المدينة لهذه الغاية. كان كنعان مدركًا خطورة المسألة، فبدأ تحرّكاته بالاتصال بقنصل الولايات المتحدة وقناصل الدول الأخرى في القدس للضغط على إسرائيل لإعادة المهجّرين، ثم التقى وزير الدفاع الإسرائيلي حينها موشيه دايان، وظلّ مصرًا على موقفه بضرورة عودة اللاجئين إلى مدينتهم إلى أن وافق دايان، بل أرسل مهندسين من بلدية نابلس إلى قلقيلية لإصلاح البيوت وتأمين الكهرباء والمياه في المناطق المتضرّرة لتشجيع الذين هُدمت بيوتهم تحت القصف على العودة إليها، وهذا ما كان، فتحقق لنابلس نصرها الثاني.هذان نصران حققتهما مدينة محتلة بلا أسلحة أو مقاتلين، خلا إرادة أهلها وصمودهم. وهما إذ ذاك يقدّمان تصوّرًا مهمًا لما يدور في أذهان غير المقاتلين في صفوف الثورة، ولشكل علاقتهم بها، أي إنهما يعكسان حالة التأهب الجماهيري للثورات الذي، كما يقول كانط، يظلّ يعود وجوبًا إلى ذاكرة الشعب كلما تجدّدت الظروف الملائمة لها. وإذا كان الكتاب يغطي هذا الجانب من مقاومة المدينة، فإنه أيضًا لا يُغفل ذكر المقاتلين ومقاومتهم المسلحة التي بدأت مباشرة منذ اليوم الأول للاحتلال، كما يقف على حدود العلاقة بين الأفراد الفاعلين في الفعل الثوري المسلح والآخرين غير المنخرطين فيه، وهو ما يظهر جليًّا في حوادث نسف بيوت المتهمين بدعم الثوار والمتعاونين معهم، أي أولئك الذين شكّلوا حاضنة شعبية للمقاتلين يؤوونهم ويُطعمونهم ويسندون فعلهم المقاوم، وهو ميدان بحثٍ غنيٍّ يفتح الكتاب له بابًا واسعًا، إلى جانب أبواب بحثٍ أخرى يغذّيها بالشواهد والوقائع، منها من موضوعات المقاومة السلبية أو المقاومة اللاعنفية نموذج إضرابات المدارس، ونضال المرأة الفلسطينية الذي سجّلت فيه نساء نابلس حضورًا مبكرًا وفاعلًا، وغيرها من قضايا يستطيع قارئ الكتاب أن يتناولها بالدراسة والبحث لو أراد. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75822 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: سيرة نابلس في مذكّرات حمدي كنعان الجمعة 29 سبتمبر 2023, 6:40 am | |
| أرشيف بلدية نابلس .. كنوز وحكايات لا يعرفها الكثيرون عن "جبل النار" استضافت جامعة النجاح الوطنية، مساء أول من أمس، يوماً دراسياً نظمته بلدية نابلس، تحت عنوان "الدور الوطني لبلدية نابلس"، أداره ضرار طوقان مدير مكتبة بلدية نابلس، وقدم خلاله الباحثان في مكتبة البلدية معين أبو غزال، وزهير الدبعي، انطلاقاً من الوثائق الأرشيفية لبلدية نابلس، ووثائق تاريخية نفيسة أخرى تحتضنها مكتبة بلدية نابلس، دراستين، قررت بلدية نابلس نشرهما، وفق ما أعلن المحامي غسان الشكعة، رئيس البلدية. وقال الشكعة: لا شك أننا اليوم نواجه تحديات لم نتعرض لها من قبل، حتى في أحلك الظروف، وهذا يتطلب منا التفكير والمراجعة والتخطيط بعمق، لأن من يتآمرون علينا كثر وأقوياء، ومع الأسف ليس هناك من يقف معنا أو يساعدنا أو يحاول إنقاذنا، وهذا يدفعنا للعودة إلى أرشيف بلدية نابلس، للتعرف على كم نحن كفلسطينيين كافحنا وناضلنا على مر قرن ونصف القرن، منذ تأسيس البلدية، التي ناضلت كغيرها من المؤسسات ضد احتلالات عدة، وهي البلدية التي تأسست في العام 1869. وأضاف رئيس بلدية نابلس في كلمته مفتتحاً اليوم الدراسي: 96 عاماً مرت على مغادرة آخر متصرف تركي في مدينة نابلس، و78 عاماً مرت على الاضطراب الكبير والرد الرادع لسليمان طوقان، رئيس بلدية نابلس السابق، على رئيس بلدية تل أبيب الذي اتهم العرب بالوحشية والبربرية، و 47 عاماً مرت على احتلال نابلس، والدور الوطني الاستراتيجي لبلديتها، التي كانت عنواناً للنشاط الوطني .. هذه الدراسات التي يقدمها باحثون في مكتبة بلدية نابلس، في إطار اليوم الدراسي هذا، تأتي من باب التقدير لجهود وتضحيات أجيال وأجيال من بلدية نابلس، مع اختلاف أسمائها وأطيفاها، لكنها التقت كلها على الانتماء لنابلس وكل الوطن، وعلى مسؤولية الدفاع عن نابلس وحمايتها لتبقى عربية الوجه واللغة، فلسطينية الهوية، وقصة نجاح في التنمية والانطلاق نحو الحياة الكريمة والحرة. وأضاف الشكعة: رسالتنا في البلدية هي امتداد طبيعي لرسالة جيل الأجداد والآباء الذين أدركوا أن رسالة البلدية لا تتوقف عند واجبات تقديم الخدمات وتحقيق التنمية، لتصل إلى مسؤولية الدفاع عن حقنا، وحقوق أولادنا وأحفادنا والأجيال القادمة في البقاء في هذا الوطن كشجرة الزيتون المباركة، وجبلي جرزيم وعيبال. وشدد الشكعة على أن هذا اليوم الدراسي يأتي كثمرة لمشروع تفعيل وتطوير المؤسسات الثقافية التي أسستها وتديرها البلدية، مشدداً على أهمية مشروع بنك الصور والوثائق، ومشروع حوسبة وثائق البلدية، وغيرها من الوثائق الثمينة التي تزخر بها مكتبة بلدية نابلس، لافتاً إلى أن المكانة الأدبية والثقافية الكبيرة التي حققها أعلام نابلس طيلة القرن الماضي، مثل المرحومين عادل زعيتر، وخيري حمّاد، ومحمد عزت دروزة، وإبراهيم طوقان، وفدوى طوقان، ومحمد الظاهر، وغيرهم الكثير، ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب بل على الصعيد العربي أيضاً .. وقال: إن إنجازاتهم الأدبية والثقافية تشكل حافزاً إضافياً لنا، لأداء ثقافي أفضل، والمزيد من تقدير المثقفين والأدباء من الجنسين.
أعلام قادوا البلدية وسلط ضرار طوقان، مدير مكتبة بلدية نابلس، الضوء على أعلام قادوا البلدية في ظروف صعبة .. وقال: في العام 1869 كتب لنابلس ولادة مؤسسة أهلية تدير شؤون المدينة، وتشرف على تقديم الخدمات للمواطنين، حيث تم تعيين المرحوم الشيخ محمد تفاحة أول رئيس بلدية نابلس. وأضاف: في تلك الحقبة الزمنية تعاقب على رئاسة بلدية نابلس، منذ الولادة وحتى العام 1918، نخبة من قادة العمل الوطني، بينهم: عبد الفتاح آغا النمر، وشريف بيك طوقان، وعبد الفتاح عبد اللطيف عبد الهادي، وبدوي عاشور، وتوفيق حماد، ومحمد عبده الغزاوي، وحيدر بيك طوقان، وكمال عرفات، ويوسف التميمي، وحسن حماد. وتابع طوقان: بعد الحقبة العثمانية، وإبان بروز خيوط المؤامرة الدولية على فلسطين، وعندما حل الانتداب البريطاني وصياً على فلسطين، وتحديداً العام 1918، أبقى الانتداب الشيخ عمر زعيتر رئيساً لهذه البلدية، وشكل حكومة بلدية في نابلس، إلا أن الانتداب وعندما لحظ الاصطفاف الشعبي حوله، قام بحل حكومة البلدية، واستبدلها بحكم عسكري، وعين حاكماً عسكرياً للمدينة، وكانت هذه الخطوة أولى دلالات المحتل أياً كان ضد بلدية نابلس، إلا أن المواطنين الذين سعوا للتغيير، وعملوا عليه، اختاروا عمر الجوهري رئيسا لبلدية نابلس، ومن بعده سليمان طوقان، الذي استمر في رئاسة البلدية حتى العام 1951، حيث شاركت تلك البلدية في ثورات الشعب الفلسطيني، حيث دعمت بإمكاناتها المتواضعة هذه الثورات، وإن اختلفت روايات العطاءات والعمل في تلك الحقبة الزمنية. وقال طوقان: في العام 1951 عين المرحوم أحمد الشكعة وكيلا لبلدية نابلس، ومن ثم انتخاب نعيم عبد الهادي رئيساً لها، وفي العام 1957 عين بهجت طبارة رئيساً لبلدية نابلس، وفي العام 1963 انتخب حمدي كنعان رئيسا لها، إلى أن سقطت نابلس بيد الاحتلال الإسرائيلي. وتابع: في العام 1971 انتخب معزوز المصري رئيساً لبلدية نابلس، وفي العام 1976 انتخب بسام الشكعة رئيسا لها، وفي العام 1982 أقالت سلطات الاحتلال المجلس البلدي وعينت حاكماً عسكرياً للمدينة، وبذلك عادت إلى الأذهان إقالة الشيخ عمر زعيتر بعد مضي 84 عاماً عليها، وإن اختلفت أداة الاحتلال وأداة الإقالة .. وفي العام 1985 استلم المرحوم ظافر المصري رئاسة البلدية، ومن ثم في العام 1986 استلم رئاستها حافظ طوقان، وبعدها بعامين استلم "الغيورون من رؤساء الأقسام في البلدية إدارتها". وأضاف طوقان: في العام 1994، ومع قيام السلطة الوطنية، اوكلت مهام رئاسة بلدية نابلس للمحامي غسان الشكعة، وفي العام 2003 عينت وزارة الحكم المحلي لجنة لإدارة البلدية بإدارة د. حسين الأعرج، وفي العام 2005 انتخب الحاج عدلي رفعت يعيش رئيساً لبلدية نابلس، وفي العام 2012 انتخب المحامي غسان الشكعة رئيساً للبلدية، ليكمل مسيرة النضال والصمود التي تتواصل منذ العام 1869.
تاريخ منسي وقدم الباحث في مكتبة بلدية نابلس معين أبو غزال، أطروحة من وحي أرشيف البلدية ومكتبتها استعرض خلالها تاريخاً منسياً حول المدينة والبلدية، لافتاً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سعى جاهداً لوضع قيود وعراقيل كثيرة أمام بلدية نابلس، وجعلها أداة طيعة في يده، إلا أنها ظلت عصية على ذلك، "فالأحداث التي مرّت فيها المدينة أثبتت أن المجالس المتعاقبة استطاعت مواجهة الأزمات التي مرت بها المدينة، وأن تكون بمستوى الحدث والقرار الذي يخدم المدينة والمحافظة بشكل عام". وأشار أبو غزال إلى أن هناك العديد من الظواهر التي يمكن الاستدلال منها على وطنية بلدية نابلس في الحقبة العثمانية، ومن بينها تعاون البلدية مع السلطات العثمانية في مجالات متعددة، ومنها التعاون مع المؤسسة العسكرية العثمانية بتقديم التسهيلات الميدانية والإدارية والفنية، وقيام البلدية بالإشراف على تنظيم أول انتخابات في لواء نابلس في العام 1908، والتي تعتبر أول تجربة ديمقراطية انتخابية تتم في البلاد، إضافة إلى ذلك احتفلت البلدية في الفترة العثمانية بالمناسبات الوطنية، ومن بينها يوم الجلوس العثماني، وإعلان الدستور العثماني، وافتتاح خط حديد سكة الحجاز العام 1914، وبإشراف البلدية، على اعتبار أن العرف السائد آنذاك كان يتجه إلى كون تأييد الحكم العثماني انعكاسا لتعزيز العمل الوطني. وخلال فترة الاحتلال البريطاني، قامت البلدية بدور الحكومة المحلية .. وقال أبو غزال: عندما استدعى متصرف اللواء العثماني رئيس البلدية الشيخ عمر زعيتر وعهد إليه إدارة شؤون الحكومة المحلية، لم يجد أقدر منه وأعضاء المجلس البلدي على إدارة شؤون المدينة، بما في ذلك الجانب الأمني، حيث انسحب الجيش العثماني وترك نابلس دون حكومة أو "بوليس". وتحدث أبو غزال عن رسالة للشيخ عمر زعيتر إلى ابنه أكرم في العام 1918، جاء فيها: رجعت إلى دار الحكومة، وطلبت المجلس البلدي، وقررت تعيين 30 "بوليس"، و60 نفر "جندرمة"، وكنت ترى نابلس من أرقى البلاد، وهي الفترة الانتقالية ما بين انسحاب العثمانيين ودخول البريطانيين إلى نابلس، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قامت البلدية بتسيير أحوال الأهالي والمدينة في المجالات الاجتماعية والإدارية والمدنية، حيث جرى تعيين رئيس محكمة، ومدعٍ عمومي، ومدير بوليس، ومدير مالي. وكان للبلدية في تلك الفترة حضور مميز، من خلال اتصالات المجلس البلدي والمندوب السامي والحاكم العسكري وقائم مقام المدينة بخصوص الإجراءات التي تمارسها سلطات الانتداب أو الاحتلال البريطاني بحق المواطنين، وخاصة الاعتقالات وغيرها من الإجراءات التعسفية العنصرية. خلال إضراب العام 1936، أعلنت البلدية المشاركة في الإضراب، وسلمت قرارها هذا إلى السلطات البريطانية احتجاجاً على السياسات الاستعمارية، إضافة إلى قيام البلدية بصد عمليات استهداف الأراضي التي كانت مستهدفة في تلك الفترة من السماسرة اليهود، حيث قام عدد من أعضاء المجلس البلدي ووجوه المدينة ومنهم أحمد الشكعة، وطاهر المصري، ومنير الأصفر، وعبد العفو العالول، بشراء أراض في طولكرم، لإنقاذها من أطماع السمسار "الخواجا خانكين"، وكذلك قيام آخرين من رجالات المدينة بشراء ألفي دونم من أراضي منطقة وادي القباني، وكانت مستهدفة من اليهود، علاوة على مشاركة البلدية في فعاليات وطنية متعددة في لواء نابلس، ومنها فعالية أسبوع القرى في قصرة. وتعرضت البلدية، وفق أبو غزال، إلى اعتداءات متكررة في فترة الاحتلال البريطاني، بل إن السلطات البريطانية فرضت عقوبات جماعية على المدينة وأهلها، وكان للبلدية دور ريادي في التصدي لها... حين نزح عشرات الآلاف إثر نكبة العام 1948 من ديارهم إلى شمال الضفة الغربية، تشكلت لجنة للعناية باللاجئين، وكان للبلدية دور كبير فيها، حيث ترأسها رئيس البلدية، آنذاك، سليمان طوقان، في حين كان مقر اللجنة في مبنى البلدية، وهي اللجنة التي أسهمت بشكل كبير في إسكان اللاجئين وتقديم الخدمات لهم قبل تأسيس وكالة "الأونروا". وفي العام 1967، قامت بلدية نابلس بإغاثة "القرى الأمامية"، حسب ما أشار أبو غزال، بل أنها دعمت بلدية السموع في الخليل، وتضامنت مع الثورة الجزائرية من خلال جمع التبرعات ... خلال حرب العام 1967، دعت البلدية إلى حملة تبرع بالدماء لصالح الجرحى، وبعد الحرب عملت البلدية على منع عملية حركة نزوح واسعة خاصة في المدن المجاورة، بل وقامت طواقم بلدية نابلس بإصلاح شبكات المياه والكهرباء في قلقيلية، وأسهمت بما من شأنه المحافظة على صمود المواطنين في وطنهم، كما اهتم المجلس البلدي بموضوع المعتقلين في سجن نابلس، ودعم مدينة القدس بعد عملية إحراق مدينة الأقصى، كما تصدت لأول عملية استيطان في سبسطية العام 1975. وأضاف أبو غزال: في انتخابات العام 1976، وعلى عكس رغبات الاحتلال، فاز في الانتخابات البلدية مجلس رفع شعار "لا للحكم الذاتي .. نعم لمنظمة التحرير"، وترأس البلدية بسام الشكعة، الذي اعتقلته سلطات الاحتلال، وفيما بعد حاولت اغتياله، ما زاده والمجلس والأهالي صلابة، إلى أن أقيل المجلس وعينت سلطات الاحتلال ضابطاً لإدارة المدينة وشؤونها، ما اثقل على المدينة، حيث اتجهت الأنظار نحو الغرفة التجارية ومجلسها الذي وافق على إدارة البلدية برئاسة ظافر المصري بعد موافقة منظمة التحرير، ولفترة انتقالية، قبل أن يتم اغتياله، ذلك الاغتيال الذي أدانته منظمة التحرير، قبل اختيار حافظ طوقان رئيساً للبلدية ... في بداية الانتفاضة استقال المجلس البلدي، وبقيت المدينة دون مجلس بلدي حتى قيام السلطة الوطنية، حيث كلف الرئيس الشهيد ياسر عرفات المحامي غسان الشكعة برئاسة البلدية، التي باتت في بؤرة الحدث، خاصة مع ما تعرضت له المدينة من حصار عسكري وإجراءات عنصرية إسرائيلية في انتفاضة الأقصى، متحدثاً عن انتخابات العام 2005 حيث انتخب عدلي يعيش، الذي اعتقلته قوات الاحتلال، ومن ثم انتخابات العام 2012، الذي يواصل عمله هذه الأيام برئاسة غسان الشكعة.
حكايات حزيران واستعرض الباحث في مكتبة بلدية نابلس زهير الدبعي، حكايات مبنية على شهادات شفهية لراحلين وباقين، حول حرب العام 1967 واحتلال مدينة نابلس وسائر مدن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ومدن قطاع غزة، أو ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية التي لم تحتل في العام 1948. وأشار الدبعي: بدأ اهتمامي بأحداث العام 1967 في زمن مبكر، حيث كنت خطيباً لستة عشر عاماً في مسجد الأنبياء، وكلما تحل ذكرى حرب حزيران، أتحدث عن ذكرياتها، وكنت أحث الناس للتوقف أمام هذه الأحداث ... في العام 1997 لي صديق يملك محطة محلية، ونصحته أن لا تمر ذكرى النكسة مر الكرام، فساعدته في إجراء مقابلات شهود عيان وتم تسجيلها، وبعد وقت سألته عن الشريط، فأخبرني بأن مسؤولاً من إحدى الوزارات طلب منه النسخة الأصلية للتسجيلات، والتي لا نسخة بديلة عنها، فأخذها ولم يعدها .. بدأت حينها بمفردي في تسجيل شهادات جديدة، من بينهم الآن اثنان وعشرون رحلوا، عليهم رحمة الله، منهم على سبيل المثال شوكت زيد، وسليمان جمعة حرب، والحاج حمدي القصص، وآخرون، وهناك من هم على قيد الحياة، كالحاج نبيل الزاغة، والحاج وضاح الخياط، ووصفي جردانة، وخليل عاشور، وأضاف الدبعي: استعنت في دراستي أيضاً بما قدمه لي باسل كنعان من مخطوطات لمذكرات والده، في حين ترجم لي التربوي بشير شرف فصلاً من كتاب لريموندا الطويل بالإنجليزية حول تلك الفترة حيث كانت تعيش في نابلس.. حين قدمت إلى مكتبة البلدية وجدت أن صديقي معين أبو غزال كان أعد مادة مكتوبة وغير منشورة عن دور بلدية نابلس في تلك الفترة .. جمعت أكثر من سبعين شهادة، خرجت من بينها بدروس عدة على رأسها أن الاحتلال هو أكبر علة، والمقاومة هي الدواء، فلا يمكن للاحتلال أن يذهب أو يتزحزح أو يتراجع بالدعاء، وإنما بالمقاومة .. "هناك للمقاومة التي قام بها أهلنا في نابلس ظهر يوم الأربعاء السابع من حزيران للعام 1967حكايات، منها أن المقاومة المسلحة لأولئك الذين حملوا بنادق من الحرب العالمية الثانية، قادها شباب ورجال تدربوا عليها قبل يوم أو اثنين على أقصى تقدير، وبعضهم لم تزد مدة تدريبه عن ساعتين، وقاموا، وكان لسان حالهم نموت واقفين ولا نستسلم". ولفت الدبعي إلى شهادة علام الميناوي (أبو الهيثم)، الذي تحدث بألم ظهر في رجفة صوت الدبعي، عن كيف اغتال المحتلون والدته الحامل في شهرها الثامن، وهو ما يعكس عنصرية الاحتلال ووحشيته، لافتاً إلى أن المحتلين، وفي أول يوم لهم، استجوبوا رئيس البلدية حول رفات صهيوني متطرف قتل في العام 1948، كان يريد تفجير سيارة في الحسبة القديمة لمدينة نابلس، حيث مطعم "خميس" للفول اليوم، وهو ما لم يحصل له على إجابة. تحدث الشكعة، وطوقان، وأبو غزال، والدبعي، عن فصول من تاريخ بلدية رام الله بالاستناد إلى أرشيفها، ولا يزال في جعبتهم وفي جعبة مكتبة البلدية الكثير الكثير مما يمكن الحديث عنه، في كنز كان منسياً، ولم يعد، مع المشاريع المهمة لحفظ التاريخ، والتي بدأت بلدية نابلس العمل عليها، في سبيل حفظ أرشيفها وما تتضمنه مكتبة البلدية من نفائس على شكل وثائق نادرة ومخطوطات فريدة.
|
|