رسالة الى الرئيس بايدن على وقع طوفان الاقصى… ألم يخبروك أن “السلاح السري” صناعة فلسطينية؟
اسيا العتروس
سأعتبر أن مشاهد الخراب و الدمار الحاصل في قطاع غزة لم تصل اليك , و سأفترض أن كل صورجثث الاطفال في غزة أو الاشلاء المتبقية منها لم تصلك و لم تصبك بالالم و الارق , و سافترض أن صرخات الاحياء تحت الانقاض و قد عجزت أيادي رجال الانقاذ الابطال في الوصول اليهم و اخراجهم بعد ان تقطعت بهم السبل لم تصلك , و مثلها حال من كتب لهم النجاة من قصف مستشفى الاهلي المعمداني الممول من الكنيسة الرومانية و قد تخضبت اجسادهم النحيلة بالدماء و ربما لم يشأ مساعدوك ازعاجك بصور “الحيوانات البشرية ” التي دعا وزير الامن الاسرائيلي بن غفير الذي جئت تدعم رئيسه الى قتلهم و ابادتهم من الخارطة ..
و ساعتبر أن اصوات الاطفال و النساء و الشيوخ و المصابين التي بحت و هي تطلب جرعة ماء فلا تجدها هي ايضا لم تبلغك , ولم تبلغك حرقة أم فلسطينية ثكلت كل ابنائها الذين اختطفهم الموت و هم جياع قبل ان تتمكن من توفير الطعام لهم , و لا صوت ام فقدت في لحظة اطفالها الستة ولا اصوات اباء و امهات استفاقوا على حين غرة ليفقدوا الاب و الابن و البيت معا بل سافترض ان اصوات المرضى و هم يخضعون لعمليات جراحية على قارعة الطريق دون تبنيج هلي الاخرى لم تصلك سنفترض كل ذلك و اكثر و سنفترض ان زيارتك المتعجلة الى تل ابيب لتبرئة حليفك ناتنياهو من قصف المستشفى المعمداني الذي سبق وجوده قيام كيان الاحتلال باكثر من نصف قرن و منحه صك البراءة من الجريمة التي لن تسقط بالتقادم أمر مألوف و لا تخرج عن تقاليد من سبقوك الى البيت الابيض ..
الى هنا نتوقف عن الافتراضات الى الواقع , فقد جئت تعلن أن اسرائيل لن تكون وحدها و الاهم انك علمت من البنتاغون أن جيش ناتنياهو ليس المسؤول عن قصف المستشفى , و اعلنت و ان ما حدث يوم 7 أكتوبر، يفوق مرات و مرات ما حدث في 11 سبتمبر وقلت قبل ذلك لو لم تكن إسرائيل موجودة، فسيتعين علينا اختراعها…و اكدت ان ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل اولوية الاولويات .,وانكم تضعون مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس فورد الضاربة في شرق البحر الأبيض المتوسط، مع الحاملة يو إس إس أيزنهاور في الطريق، لردع أي عدوان إضافي ضد إسرائيل و حتى يعرف العالم أن إسرائيل أقوى من أي وقت مضى…
اعتبرت انك أول رئيس أميركي يزور إسرائيل في وقت الحرب, و انك جئت لتحقيق ..و لا نعرف صراحة ما هو مفهومكم للعدالة وهل عدالتكم وضعت على مقاس اسرائيل دون غيرها , وهل العدالة تميز بين دماء البشرو هل عدالتكم تعتبر أن دمدم الصهاينة دم و دم غيرهم من الفلسطينيين او العرب ماء ,و هل أن حياة طفل في اوكرانيا او اسرائيل أثمن و اغلى على والديه من حياة طفل فلسطيني أو سوري أو عراقي أولبناني …حتى هذه المرحلة من تاريخ الانسانية لم نعرف للدم لونا غير الاحمرو الى أن يرث الله الارض و ما عليها لن يتغير خلق الانسان الذي تصنفونه من انسان درجة اولى و اخر درجة ثانية و ربما ثالثة …
قفزت على كل التصريحات و تجاوزت كل الحقائق و اعتبرت قصف المستشفى ليس مسؤولية اسرائيل بل نتيجة لما وصفته بصاروخ طائش أطلقته مجموعة إرهابية في غزة…الى هنا يمكن القول أن زيارك الى تل ابيب والعناق الحميمي لناتنياهو مجرم الحرب و قاتل الاطفال جاءت لاخراجه من المأزق الذي وقع فيه و البحث عن مخرج له بعد الصفعة القوية التي تلقتها استخباراته و التي لا يمكن لكل الهجمات الاسرائيلية على الفلسطينيين ولكل الاذى والدم والارواح التي تم و يتم ازهاقها ان تسقطها من تاريخ ناتنياهو واستخباراته وجيشه الذي سقطت عنه كل الاقنعة …
نقول هذا الكلام , و نحن نستحضر والعهد ليس ببعيد تصريحات اسلافكم بأنكم تخوضون الحرب من أجل مستقبل افضل للانسانية و نذكر على سبيل الذكرلا الحصر قصف ملجى العامرية بدعوى اخفاء السلاح و نذكر خروج كولن باول في مجلس الامن الدولي و هو يلوح أمام الكاميرا بقنينة مشيرا انها الدليل على حصول العراق على اسلح الدمار الشامل وأن مخاطر نظام صدام حسين تمتد حتى لندن و غزوتم العراق و لم تتركوا مكانا لم تبحثوا فيه عن أسلحة الدمارالشامل بما في ذلك قصور صدام وغرف نومه …وبعد عشرين عاما من احتلال العراق تركتم البلاد و قد تحولت الى خراب و انقسمت الى ملل و نحل وطواف و جعلتموها رهينة بين ايدي الدواعش , و بعد 11 سبتمبر دخلتم افغانستان لمحاربة عدوكم الاول طالبان و مطاردة بن لادن وجماعته و بعد عقدين من الزمن خرجتم هاربين بجلودكم و تخليتم عن الشعب الافغاني الذي صدق يوما انكم ستساعدونه على اعادة بناء بلده و تحقيق السلام و قدمتوه هدية لطالبان تعيده الى ما كان عليه …
تؤكدون من تل ابيب على أن اسرائيل معجزة و انها دولة يهودية دينية ديموقراطية تعيش وفق سيادة القانون… فهل أن من يحتل الارض في قواميسكم و يستبيح اهلها ويشرد اصحابها و يمارس سياسة العقوبات الجماعية و يقطع عنها الماء و الكهرباء و الدواء و الغذاء, عنوان لمعجزة انسانية …بالامس رأينا شعوب الارض من افريقيا الى اوروبا و أمريكا تغزو الشوارع منددة بالحرب على غزة و ما يتعرض له الفلسطينيون من ابادة جماعية ,و بالامس رأينا يهود من اجل السلام يقتحمون الكونغرس عنوان الديموقراطية الامريكية يطالبون بوقف الحرب على غزة و السماح بالمساعدات لاصحابها ورأينا انه نام من المسؤولين في الخارجية الامريكية بدأ ينتفض على السياسة الامريكية الغارقة في انحيازها للاحتلال و يستقيل من مهامه و سمعنا اصواتا في الحكومة الاسبانية تطالب بتعليق العلاقات مع اسرائيل…و قناعتنا أن شوارع اخرى في كل انحاء العالم ستنتفض ضد سياسة المحرقة المفتوحة ضد الفلسطينيين و تطالب بتحقيق العدالة كما تم تعرفها في المواثيق الدولية و ليس في كواليس لعبة المصالح في الادارة الامريكية …و كلمة السر في كل ذلك ما اخبرتك به صديقتك غولدا مائييرعن السلاح السري الذي لديها عندما أعلمتك أنه ليس لدى الاسرائييين مكان آخر يذهبون اليه” و هي في الحقيقة لم تصدقك القول و قد رأي العالم أنه مع انطلاق اول شرارة طوفا الاقصى اتجه الالاف من حاملي الجنسية المزدوجة الى المطارات للعودة من حيث أتوا ….والاكيد أن السلاح السري الذي حدثتك عنه غولدا مائيير هو سلاح الشعب الفلسطيني الذي يتشبث بارضه كتشبث اوراق الشجر باغصانها و يرفض ترحيله مجددا الى أي مكان على وجه الارض …
سؤال اخير في هذه الرسالة غير المضمونة الوصول الى السيد بايدن … هل صادفك في طريقك طفلا من اطفال فلسطين من غزة الى الضفة هل نظرت في عينيه و تأملت جيدا في ملامحه و هو الذي فقد الاب و الام و الاخت و الاخ و بات شريدا بين الانقاض هل قرأت تعلقه بالحياة واصراره على البقاء و تمسكه بما بقي من البيت الذي تحول الى ركام ؟ ان كنت لم تفعل فسيتعين الاقرار بأن الحرب المفتوحة التي تقودنها تحت راية اسرائيل بالقضاء على اخر رجل في المقاومة الفلسطينية و سواء تحقق الهدف بالقضاء كليا او جزئيا على شبكات المقاومة او اضعافها او تجفيف منابعها و امكانياتها على مدى العقود القادمة فسيأتي جيل لا تعرفونه سيكون أكثر شراسة وقوة و ارادة و اصرارا على مواصلة المقاومة و استعادة الحق المشروع …و قناعتنا أنه لا بديل لهذا السيناريو دون الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحياة و الحرية في دولته المستقلة بعد تصحيح و انقاذ مسار العدالة الدولية و معها انقاذ المنطقة من نزيف الحروب …
كاتبة تونسية