لماذا رفض نتنياهو التوقيع على الخطة النهائية للغزو البري لقطاع غزة؟ ولماذا لجأت واشنطن في الكواليس نحو التفاوض لوقف النار؟ وما حقيقة اتهام المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لقادة القسام بالاختباء بالمستشفيات؟
كشفت مصادر لصحيفة “نيويورك تايمز” أن القيادة العسكرية الإسرائيلية وضعت اللمسات الأخيرة على خطة اجتياح غزة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض التوقيع عليها. وقال ضباط عسكريين ومسؤولين إسرائيليين، إن القوات الإسرائيلية محتشدة على حدود قطاع غزة وجاهزة للتحرك، لكن القادة السياسيين والعسكريين منقسمون حول كيفية الغزو ومتى وكيف؟
أسباب رفض نتنياهو التوقيع يعود الى التحذير الأمريكي من هشاشة الخطة وعدم اليقين من تنفيذها، وهذا ما أكدته شبكة “آي بي سي” التي نقلت عن مسؤول أميركي أن واشنطن أبلغت الإسرائيليين بعدم اقتناعها بوجود خطة جيدة لما يريدون القيام به في غزة
وأضاف المسؤول أن واشنطن طلبت من إسرائيل التعامل بشكل أفضل مع قضية الرهائن والوضع الإنساني في غزة، رفض نتنياهو التوقيع ووقفه الى جانب التقديرات الامريكية اثار غضب وزير الدفاع “يواف غالانت” وقادة الجيش الإسرائيلي. وبدأوا الضغط على نتنياهو للمضي قدما، لكن الأخير يعرف انه الوحيد الذي سيدفع ثمن الفشل. ويرجع المستوى العسكري الإسرائيلي سبب تقييم واشنطن للخطة بانها سيئة، ليس الى جوانبها العسكرية، انما هناك شكوك لديهم بان إدارة بايدن تمكنت من اقناع نتنياهو بالذهاب الى وسائل أخرى لتحرير الاسرى والرهائن غير الزج بالجيش في حرب برية غير مضمونة النتائج. ويحاول قادة الجيش الإسرائيلي الضغط على نتنياهو والامريكيين من خلال القول ان بقاء الجيش في حالة جاهزية دون قتال يؤثر على معنوياته.
وبرزت في الساعات الماضية بوارد ذهاب واشنطن نحو خيار التفاوض لوقف النار وتحرير الاسرى وابرام صفقة تقلل من المخاطر التي تتعرض لها القوات الامريكية في المنطقة على وقع رسائل بالنار وصلت نحو قواعد القوات الامريكية في العراق وسورية وربما تمتد نحو مناطق تواجد أخرى للقوات في المنطقة العربية. وقالت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية إن جهات في محور المقاومة -لم تسمها- تسلمت رسالة أميركية تؤكد أنه لا نية لواشنطن بفتح جبهات جديدة.
وقالت قناة الجزيرة القطرية اعتمادا على مصادر لم تسمها “إن مفاوضات متسارعة تجري حاليا للاتفاق على اتفاق لوقف إطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل أسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بوساطة قطرية”. وهذا ينسجم مع كلام وزير الخارجية الإيرانية حسين امير عبد اللهيان امام الجمعية العامة لامم المتحدة امس حيث قال علينا ان نذهب نحو مفاوضات يمكن ان نشارك فيها نحن وقطر وتركية.
باختصار الإدارة الامريكية تحاول لجم العملية البرية الإسرائيلية نظرا لعدم اليقين ان إسرائيل سوف تحقق الأهداف من خلالها، وبدلا من ذلك تسعى لابرام وقف نار مشروط مرتبط بالافراج عن الاسرى.
واليوم ظهر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي وبحوزته تسجيلات صوتية وخرائط للاثبات ان قادة القسام يختبئون بالمستشفيات، وان مركز قيادة القسام تحت مستشفى الشفاء. ويبدو ان الناطق باسم الجيش يحاول تبريد قصف إسرائيل للمشفى المعمداني، وبما التمهيد لقصف مستشفى الشفاء، ولكن رواية المتحدث العسكري الإسرائيلي يثبت عدم مصداقيتها بالتجربة الدموية، لان قصف إسرائيل لمشفى المعمداني في غزة، لم يسفر عن استشهاد أيا من قادة القسام او قادة المقاومة. ولو كانت هذا الادعاء صحيحا لكان قصف المعمداني كشف عن وجود قادة في المشفى. ولهذا حتى الان كل تبريرات إسرائيل تبدو ضعيفة وهشة وتعكس مدى التخبط الإسرائيلي والفوضى التي تسود على المستوى السياسي والعسكري وحتى في الجبهة الداخلية، حيث بدأت أصوات المستوطنين تتعالي مطالبة العودة الى منازلهم بعد اجلاء كل سكان مستوطنات الجنوب “غلاف غزة” ومستوطنات الشمال القريبة من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.