امام مرحلة جديدة للحرب على غزة.. ما بين التدحرج والصمود
شكل قطع سبل التواصل والاتصال تزامناً مع التحرك البري والقصف غير المسبوق خلال اليومين الماضيين، قلقاً في جميع الاوساط الداعمة لغزة.
ولكن سرعان ما انجل غبار الميدان في اليوم الثالث للهجوم المدمج براً بحراً وجواً، لتتكشف عن مزيد من الاجرام والقتل والدمار والشهداء المدنيين مع مزيد من الصمود وملاحم البطولة والايثار التي يسطرها المقاومون.
قوات الاحتلال حاولت التقدم من ثلاثة محاور في الشمال، واستمرت اشتباكات المقاومين المباشرة معها في محاور متعددة لساعات طويلة، فاضطرت القوات المهاجمة للتراجع الى خلف السياج الفاصل والتموضع خلف السواتر الترابية بعد تكبدها خسائر مؤكدة.
عملياً تمركز قوات الاحتلال في منطقة خالية غير مأهولة على عمق ٢٠٠ متر في شمال غرب القطاع لا تسبب قلقاً للمقاومين.
ومنذ الليل الفائت يواصل مجاهدو المقاومة الفلسطينية تصديهم للقوات الصهيونية المتوغلة في منطقة الأمريكية شمال غرب بيت لاهيا، حيث خاضوا اشتباكات ضارية مع قوات العدو واستهدفوا آلياته بقذائف “الياسين 105” الترادفية وقذائف الهاون، كما نفذوا عدة عمليات قنص، مما اضطر العدو للاعتراف بإصابة عدد من جنوده في الاشتباكات.
كما أوقع المقاومون قوة لجيش الاحتلال في كمين محكم غرب موقع “إيرز”، حيث دمرت صواريخ المقاومة المضادة للدروع آليات العدو، واجهز المقاومون على من بداخلها من جنود.
في تفاصيل معركة “إيرز”:
إنزال خلف خطوط العدو غرب “إيرز” نفذته كتائب القسام، حيث اخترق المقاومون الحدود وأطلقوا صواريخ مضادة للدروع تجاه آليات إسرائيلية.
كتائب القسام قالت إن مقاتليها أجهزوا على عدد من الجنود داخل الآليات المستهدفة، وبعد تدمير الدبابات والآليات أمطر المقاومون بقذائف الهاون التي انهمرت على “إيرز” ومناطق أخرى في غلاف غزة.
بعد انتهاء عملية الإنزال ووصول قوة إسناد من جيش الاحتلال قرب “إيرز”، وقع اشتباك مسلح عنيف مجدداً قرب السياج الفاصل.
في نفس الوقت وبعد بدء ما يسمى بالمرحلة الجديدة للعدوان، لم تنجح غارات سلاح الجو الصهيوني في ايقاف او خفض زخم اطلاق صليات الصواريخ باتجاه عمق الكيان بما فيها تل ابيب عسقلان وديمونة.
وتنوعت اشكال المواجهة لتشمل الحرب الالكترونية فقد تم رصد إنجاز نوعي في موضوع الحرب السيبرانية ضد البنى التحتية لكيان الاحتلال، وكذلك تم إختراق بث القناة ١٣ العبرية.
من الواضح أن هدف الاحتلال هو تفريغ شمال القطاع وصولاً حتى وادي غزة، ومن ثم خلق منطقة آمنة خالية من بنية تحتية للمقاومة وكذلك خالية حتى من المواطنين.
وما يجري حتى الآن يعتبر عمليات إختبار لقدرات وامكانيات المقاومة ومراحل تحضيرية لعملية عسكرية برية بحرية جوية مدمجة اوسع، تهدف لتفريغ شمال القطاع. فحتى الآن يقوم الاحتلال بدراية ما سينتظر تشكيلات جيشه المهاجمة في الايام القادمة.
لم يعد خافياً ان القرار الصهيوني الاميركي قد اتخذ للذهاب في العملية البرية حتى النهاية رغم الكلفة العالية، وامكانية تدحرج كرة النار الى جبهات اقليمية اكثر اتساعاً، حيث باتت غزة في المقابل خط الدفاع الاول الذي لن يسمح محور المقاومة بانهياره كذلك مهما بلغت التضحيات.
فالاميركي استغل فترة المراوغة خلال مفاوضات اطلاق سراح الأسرى ليعزز نشر منظومات درعه الصاروخية في المنطقة.
وفي موضوع تبادل الأسرى لا تزال المفاوضات مستمرة من خلال الوسطاء، وما تم إعلانه من قبل الناطق العسكري لكتائب القسام أبوعبيدة وبيان المقاومة، فهو موجه لجمهور العدو، الذي بدأ بالتفاعل وتشكيل حالة ضغط شعبي على حكومة الكيان الائتلافية. أما المتطرف وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت فقد اعرب عن خشيته من ان تتمكن منظمة من تقسيم الكيان.
وعلى وقع العدوان ومعارك المقاومة، يستمر الحراك الشعبي والإعلامي مع المواقف الدولية بالتفاعل التصاعدي، فقد كان يوما السبت والأحد متميزان في أوروبا وخاصة بريطانيا، وكذلك في بعض جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق واندونيسيا وماليزيا وتركيا، الذي رفع فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من سقف الخطاب لاعتبار “اسرائيل” دولة مجرمة دون الوصول لإجراءات محددة، ومن دون سحب انقرة سفيرها من تل ابيب حتى الآن، في المقابل سحب كيان الاحتلال سفيره ودبلوماسييه من تركيا للتشاور وتقييم العلاقة.
أما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤيد من قبل ١٢٢ دولة تدعو لوقف فوري لاطلاق النار مقابل ١٤ دولة ملتزمة بالاجرام الاميركي الصهيوني، لم يفلح الى جنب كافة الحراكات السياسية والشعبية في فتح ثغرة لتدفق المساعدات الانسانية، بالشكل الذي يخفف معاناة الغزيين الصابرين. فلا زالت المساعدات تتكدس في مطار العريش دون أن تجد طريقاً لها لغزة.
يسعى العدوان بتكثيف الضغط على الحاضنة الشعبية واستنزاف احتياطيات المواد، عبر مضاعفة المعاناة الإنسانية، لا سيما الناحية الطبية ووضع الجرحى الضاغط.
ويذكر في الجانب الإعلامي والسياسي:
اعلام الكيان الصهيونى بدأ يشير الى انتصار حماس في المعركة السياسية والإعلامية، إضافة لتحول في الرأي العام الدولي لصالحها، وتتحدث القنوات الصهيونية عن أن حماس وأنصارها في العالم الإسلامي “يجتاحون السوشال ميديا وفي كثير من دول العالم”، بينما بدأ الصهاينة حول العالم يشعرون بالعزلة الشعبية وإحتقار الناس لهم حتى في الشارع الأمريكي.
وفي العودة لما قبل ٢٧ من تشرين الأول/اكتوبر، قبل قطع الاتصالات والنت عن غزة بساعة واحدة، كان هناك تقدم ملحوظ في المفاوضات مع كيان الاحتلال في موضوع الإفراج عن المدنيين وحاملي الجنسيتين، مقابل الإفراج عن النساء والأطفال في سجون الاحتلال وإدخال الوقود، وأصرت المقاومة على ان يشمل ادخال الوقود جميع القطاعات الحياتية وليس فقط المستشفيات خلال هدنة لمدة خمسة أيام.
وبينما كانت أجواء الوسطاء تفاؤلية بإنجاز الصفقة، فجأة ظهر الناطق العسكري للجيش الصهيوني في إطلالتين سريعتين تحدث فيهما عن وجود مقر قيادي للقسام في مستشفى الشفاء واتهم حماس بمصادرة الوقود الموجود في المستشفيات!
عملياً اشاعة جو ايجابي لعملية التفاوض حول الاسرى ومن ثم اعلان البدء بمناورة برية تلاها قصف عنيف غير مسبوق وقطع الاتصالات مع محاولات التوغل في اكثر من محور، يسعى العدو لاستغلالها كإجراءات ضغط على المقاومة في موضوع التفاوض على الأسرى، الذين يشكلون اهم العوائق أمام توسيع العمل البري اضافة من خشية أمريكية صهيونية من دخول حزب الله وقوى المحور بشكل أوسع في المعركة