حرب غزة ركزت الأنظار على عنف المستوطنين في الضفة
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته سوزانا جورج وسفيان طه قالا فيه إن سكان الضفة
الغربية يعيشون حالة الخوف مع استمرار الطيران الإسرائيلي بدك غزة إلى جانب تزايد عنف
المستوطنين، وأنهم قد يجبرون على الرحيل.
وفي تقرير من بلدة الساوية في الضفة الغربية وصل عنف المستوطنين لمستوى قياسي في أعقاب
هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر، حسب منظمات حقوق الإنسان والتي تحذر من أن حركة
المستوطنين المتطرفة تحاول ترسيخ وجودها في المناطق الفلسطينية المحتلة.
وتقول منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بيتسليم إن 7 فلسطينيين قتلوا على يد المستوطنين، في
نفس الفترة و100 فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية. وتم طرد حوالي 500 فلسطيني من بيوتهم.
وزادت الهجمات من التشدد في الضفة الغربية، حيث تزايدت الدعوات للتسلح بعد ارتفاع مستوى
المداهمات والاعتقالات الإسرائيلية. وتقول جماعات المستوطنين إنها تدافع عن نفسها.
ومع استهداف المسلحين الفلسطينيين المستوطنين قبل هجمات حماس إلا أن ضحايا عنف
المستوطنين غالبيتهم من المدنيين. وتلاحق عائلات الفلسطينيين ذكريات التشريد الأولى، ولهذا
فهي تخشى أنها تعيش مرحلة أخرى من التشريد القسري. وفي شجب نادر للرئيس جو بايدن
الأسبوع الماضي، قال إن الهجمات التي يقوم بها “المستوطنون المتطرفون” هي مثل من “يصب
الكاز” على النار المشتعلة و”يجب أن تتوقف” و”يجب محاسبتهم”، لكن التركيز ظل على العملية
الإسرائيلية في غزة، ويقول الفلسطينيون إنهم يهاجمون عادة من ضباط الشرطة الذين من المفترض
أن يقدموا الحماية لهم.
وبعد قتل مستوطن لبلال صالح، 38 عاما، في بلدة الساوية يوم السبت، طلبت الشرطة الإسرائيلية
من شقيقه هاشم تقديم شهادة شاهد عيان، وعندما تقدم من سيارة جيب، شاهد مراسلو صحيفة “
واشنطن بوست” ضباط الشرطة بالزي المدني يدفعونه جانبا للتحقيق معه وقيدوا يديه. وكان
قميصه ملطخا بدم شقيقه، ودفع في شاحنة بلوحة مدنية ونقل بعيدا بحراسة عسكرية. وأخبرت
الشرطة الإسرائيلية أنه محتجز بتهمة دعم حماس.
وقال الأقارب والجيران في البلدة إن المستوطنين عادة ما يتحرشون بالمزارعين، إلا أن قتل بلال
صالح يوم السبت صدم المجتمع. وقال هاشم قبل اعتقاله “لم أفكر أبدأ أنهم سيطلقون النار علينا”
و”حتى بعد إطلاق النار لم أفكر أن أخي قد أصيب بالنار إلا عندما رأيته ممددا على الأرض”. وقال
يوسي داغان، من مجلس المستوطنين الذي يمثل شمال الضفة الغربية إن القاتل “أطلق النار دفاعا
عن النفس بعد مهاجمته بالحجارة من داعمي حماس”، لكن بيتسليم تقول إن المستوطنين
يستخدمون أساليب قديمة من الاستفزاز والعنف لإجبار الفلسطينيين على ترك بيوتهم. ولكن
الأسابيع الماضية شهدت كثافة وزيادة منظمة في الهجمات.
وقال متحدث باسم المنظمة الحقوقية “لقد توسع المدى وليس الحجم فقط وخطورة الهجمات”،
ونظرا لتركيز المجتمع الدولي على غزة، يشعر الكثير من المستوطنين أن بإمكانهم التحرك و”
بحصانة من العقاب” و”الآن، مثل الغرب المتوحش”. وبدأ المستوطنون يتجولون في المجتمع
البدوي في وادي السيق بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر وهددوا الفلسطينيين بالمذابح لو رفضوا
المغادرة، حسب طارق مصطفى الذي فر إلى بلدة مجاورة مع عائلته. وقال المستوطنون بالعربية “
اذهبوا إلى الأردن” قبل أن يهدموا الخيام. وقام أحد المستوطنين بسياقة سيارة مصطفى وأجبره على
المشي وعائلته، وعندما اتصل بالشرطة أغلقوا الهاتف حيث حاول تقديم بلاغ عن الحادث.
وقال مصطفى إن حوالي 40 شخصا أجبروا على مغادرة المنطقة، شرق رام الله، ولا يعتقد أنه سيعود
إليها. وقال “أعطت الحرب في غزة الضوء الأخضر” و”قبل ذلك كانوا يصرخون علينا ويطلبون منا
الذهاب إلى رام الله، أما الآن فيطلبون منا الذهاب إلى الأردن”.
وأصبح المستوطنون يتلقون الأسلحة بناء على مبادرة من وزير الأمن إيتمار بن غفير، وهناك مئات
من جماعات المستوطنين المتطوعين وأصبح الأمر أكثر رسمية. وقال بن غفير “سنقلب العالم رأسا
على عقب حتى نحمي البلدات”. وقال المستوطن إريك كلاستر من إفرات، قرب بيت لحم “علينا
الافتراض أن ما حدث [قرب غزة] يمكن أن يحدث لنا”. وقال إنهم محاطون بالقرى الفلسطينية.
وشهدت الصحيفة تمرينا عسكريا لمجموعة إفرات المسلحة “كيتات كونينوت” أو فريق التدخل
السريع. ويتهم الفلسطينيون المستوطنين بمحاولة استغلال هجوم حماس وتوسيع سيطرتهم على
الأراضي.
وعلق إيشان ثارور، في مقال بنفس الصحيفة عن أثر الحرب في غزة على أزمة الضفة الغربية وأنها
أعادت التركيز عليها. وقال إن المحللين كانوا قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر يشعرون بالقلق من الضفة
الغربية أكثر من غزة، باعتبارها المنطقة المرشحة لاندلاع العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وشهد العام الحالي تصاعدا بالعنف وبخاصة من المستوطنين الذين شعروا بالجرأة من وجود عدد
من الوزراء المتطرفين في حكومة بنيامين نتنياهو.
وسجلت منظمات حقوق الإنسان تصاعدا في هجمات المستوطنين الذين هاجموا القرى الفلسطينية
وخربوا الممتلكات ودمروا المحاصيل الزراعية. وزاد الوضع الأمني المتوتر من صعود المسلحين
الفلسطينيين بحيث نشر الجيش الإسرائيلي معظم قواته للتعامل مع الوضع. وكان عام 2023 من
السنوات الأكثر دموية التي مرت على المناطق الفلسطينية ومنذ عقود، وحتى قبل هجمات حماس
التي نفذتها منذ 3 أسابيع على جنوب إسرائيل. وفي ظل الحرب الجارية في غزة استغل مسلحون
الوضع وباتوا يعيثون بالممتلكات الفلسطينية، وبعضهم على متن عربات الدفع الرباعي.
ويقول الكاتب إن الحرب على حماس في غزة تهيمن على الأخبار، إلا أنها سمحت للوضع المتدهور
أصلا في الضفة الغربية لينحرف أكثر وبطريقة مثيرة للقلق. وكتبت أميرة هاس، في صحيفة “
هآرتس” الإسرائيلية “إن غياب الانتباه سمح للمستوطنين والجماعات الداعمة لهم، الرسمية (
الجيش والشرطة) وشبه الرسمية (المتطوعون الأمنيون من المستوطنين ومن يرافقونهم) لتصعيد
هجماتهم ضد الرعاة الفلسطينيين والمزارعين وبهدف واضح: طرد المزيد من المجتمعات من
أراضيهم وبيوتهم”.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية “يش دين” فقد هاجم المستوطنون في الضفة الغربية
الفلسطينيين 100 مرة في 62 موقعا، في الفترة ما بين 7- 22 تشرين الأول/أكتوبر. ولكن العنف هو
جزء من توجه أعمق. فبحسب الأمم المتحدة فقد أجبر 12 مجتمعا من الرعاة الفلسطينيين على ترك
مناطقهم بسبب التحرش والعنف من المستوطنين.
وبحسب بيان من 35 منظمة حقوقية ومجتمع مدني إسرائيلية “تدعم الحكومة الإسرائيلية هذه
الهجمات ولا تفعل شيئا لوقف العنف”، و”خلافا لهذا، فوزراء الحكومة وغيرهم من المسؤولين
يدعمون العنف وفي الكثير من الحالات يكون الجيش موجودا أو حتى مشاركا في العنف، بما في ذلك
حوادث قتل فيها مستوطنون فلسطينيين”.