هذه المعايير الأربع هي الترتيبات التي أرى أنها تختلف عن تلك الترتيبات الموجودة في التربية العادية وهي أيضاً معايير تجيب إلى حد كبير على:
ما هو مفهوم التربية الخاصة؟
الخدمة المساندة:
أو الخدمات ذات العلاقة بالتربية الخاصة، والخدمة المساندة هي تلك الخدمات التي يزود بها الطلاب المعوقون أو ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة لتمكينهم الاستفادة من برامج التربية الخاصة، وموضوع الخدمة المساندة يعتبر من المواضيع المهمة جداً في مجال التربية الخاصة، وكثير من الدول تهتم كثيراً بهذا الجانب، ففي الولايات المتحدة تم تحديده وتعريفه تعريفاً إجرائياً من خلال القانون الأمريكي(142/94)، ففي هذا القانون إن الخدمات المساندة علاجياً والمساعدة نمائياً يجب أن تساعد الطفل المعوق على الاستفادة من خدمات التعليم الخاص، وبتحديدها نجد أنها تشتمل على:
1- خدمات تتعلق بالتشخيص والقياس:
وهي خدمات التعرف المبكر التي تشمل على العديد من الإجراءات التشخيصية والقياسية التي لا يستهان بها ومهمة جداً في هذه الناحية وتتمثل في:
أ- الإرشاد والتقويم.
ب- التشخيص الطبي.
جـ- الخدمات النفسية.
وغالباً يتمركز دور الأخصائي النفسي في قضايا التشخيص والقياس.
2- خدمات تتعلق بالإرشاد والتوجيه: تتمثل في:
أ- الإرشاد وتدريب أولياء الأمور.
ب- الخدمة الاجتماعية المدرسية.
ج- الإرشاد الطلابي.
3- خدمات تتعلق بالعلاج: تتمثل في:
أ- العلاج الطبيعي.
ب- العلاج الوظيفي.
ج- علاج اللغة والكلام والسمع.
د- الخدمات الصحية والمدرسية.
هـ- العلاج النفسي، وهذا يختلف عن الخدمات النفسية.
ز- العلاج الفني.
4- خدمات مساندة أخرى: تتمثل في:
أ-الأنشطة الترويحية.
ب- المواصلات الخاصة من وإلى المدرسة.
وكذلك في داخل المدرسة، والقانون السابق ذكره يلزم المدارس بتأمين شتى أنواع المواصلات حتى الكرسي المتحرك وهو يدخل ضمن مفهوم المواصلات وتعني ذهاب الطفل من المدرسة إلى المنزل وكذلك وضعه في الفصل وأيضاً إخراجه من الفصل.
وفي ظل غياب هذه الخدمات يكون هناك نقص وعجز في أداء مهام التربية.
الجزء الثاني من المحاضرة يتعلق بـ:
أسس التربية الخاصة
التربية الخاصة تتطلب كغيرها من المجالات التربوية قواعد وأسس يمكن من خلالها أن يتم دعم التوجيهات الفلسفية بهدف بناء نظام متكامل معين واضح المعالم لتقديم الخدمة لمحتاجيها من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، كما ينبغي لهذه الأسس أن تعكس الثقافة الاجتماعية للمستفيد من نظام برامج التربية الخاصة، وفي هذا الإطار فخير ما يمثل ويدعم مجالات التربية الخاصة لدينا هي الأسس والقواعد التالية:
الأساس الديني
لقد قدم لنا الدين الإسلامي جانباً تربوياً شاملاً يحمل بين طياته الأسس القومية في تهذيب النشء وتربية الأجيال الذين هم عتاد الأمة، وكذلك أسس بناء الحضارة ذات المثل والقيم الفاضلة فما يحمله ديننا الإسلامي من تعاليم ومبادئ ما هو إلا مرآة لتلك التربية الإيمانية والخلقية والعقلية والاجتماعية والنفسية والجسدية بالإضافة إلى ضبط التربية الجنسية وتوجيهها وفق التعاليم الإسلامية.
ولقد راعى المنهج الرباني ذلك الاختلاف القائم بين الأفراد في إمكاناتهم ومقدراتهم سواء في مجال العبادات أو الأعمال الدنيوية الأخرى حيث وضع الضوابط الشرعية لهذه الاختلافات القائمة بين البشر، وهناك شواهد وحوادث في تاريخنا الإسلامي تدل على مراعاة الدين الإسلامي لهذه النواحي.
إن مثل هذه المبادئ والتعاليم الإسلامية وما تعكسه من مُثل وأخلاقيات فاضلة أصبح جزءاً لا يتجزأ من سلوكيات الفرد المسلم في ماضيه وحاضره، إن السمة الإنسانية أصبحت إحدى السمات التي تميز الحضارة العربية الإسلامية عن غيرها من الحضارات الأخرى مما جعلها تنفرد بأسلوب إنساني حضاري في رعاية ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة وبشكل خاص المعوقون.
وقد أكد (تشين بورجر) عام (1983م) في كتابه (تاريخ التخلف العقلي) إن الأمة العربية في تعاملها مع ضعاف العقول هي أكثر الأمم تحضراً، وذلك لما يلقاه هؤلاء الأفراد من رعاية تعليمية واجتماعية ترتفع إلى أعلى الدرجات الإنسانية.
يتوقف مستوى تقديم الرعاية المطلوبة للمعوق على الاتجاهات الاجتماعية لأفراد المجتمع، وطالما أن المجتمع العربي المسلم يحمل اتجاهات إنسانية قيمة وموزونة بفضل تعاليم الدين الإسلامي، فلم تعد هناك أي مشكلة تواجه تطوير برامج التربية الخاصة التي تتطلب مثل هذا الأساس الغني في جوهره ومظهره.
الأساس التنموي
تعتبر التنمية الاجتماعية والاقتصادية مجتمعة هي الأساس القويم لعملية النمو والتطور التي تطمح إليها الأمم، فعلى الرغم من أن هناك تفاوتاً قائماً بين أفراد هذه الأمم إلا أنهم جميعاً يتمتعون بكوامن وقدرات تتطلب نوعاً من الرعاية والتدريب للوصول إلى أعلى مستويات من الأداء الوظيفي المرغوب، وذلك لتقديم الرعاية والتدريب المطلوبين لأفرادها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبهذا يتم تعزيز وتقوية إمكاناتهم للإسهام في الجوانب التنموية في صورها الاجتماعية والاقتصادية، وبناءً على هذا تكون هناك مسؤولية ملقاة على عاتق برامج التربية الخاصة بأنواعها وأساليبها المختلفة، ومن خلال أهدافها لرفع مستوى إمكانات أفرادها الذين هم موضع التدريب والرعاية إلى المستوى التنموي المطلوب، والمتمثلة نتائجه في بروز كفاءة الفرد للاستقلال الذاتي والاجتماعي، وفي هذا الشأن أشار
(جميل شكور) إلى أن الدعوة إلى تأهيل المعوق وتدريبه ودمجه في المجتمع ما هي إلا خطوة على طريق التنمية الذاتية أولاً والمجتمعية ثانياً، بحيث يكون منتجاً بقدر يزيد على التدريب والممارسة ومكتسباً من ثمرة جهده بدلاً من أن يكون مستهلكاً فقط يعيش عالة على حساب غيره لأن في مقدوره أن يساهم بطاقاته الأخرى الكامنة في مجالات مختلفة تحقق للمجتمع المزيد من العطاءات والتقدم، وفي المقابل فإن أي مجتمع لا يتعامل مع موضوع العوق على أساس أنه مشكلة اجتماعية ووطنية يظل بعيداً عن التنمية، لأن الدول المتقدمة تحرص على تجميع طاقات كل أبناء المجتمع بلا تفريق وتحشدها في سبيل البناء والرقي.
ومن هذا نخلص إلى نتيجة مفادها أن التعويق والتفوق مسألة اجتماعية بالإضافة إلى أنها اقتصادية أيضاً، فمن خلال سبل الرعاية الخاصة يمكن أن يساهم المعوقون في تحقيق المستوى التنموي المطلوب للمجتمع بما لديهم من طاقات.