تجارب الطفل تصنع شخصيته
غالبا ما تتساءل الأم عن مقدرة طفلها على الاعتماد على نفسه، أو تحمل المسؤولية، وحيث إن الاعتماد على النفس هو سبيل النجاح والقدرة على إنجاز المهمات وهو دليل القوة والإرادة.ويتعين على الأم أن تردد عبارات وكلمات على مسمع الطفل لكي يتعلم الاعتماد على نفسه، فتساعده بذلك على تطوير مهاراته الفكرية والجسدية، وتجعله معتمدا على نفسه في جميع نواحي حياته اليومية، مع تشجيعه دائما على كل خطوة يقوم بها، والتأكد بأنه مدرك للنجاح الذي يحققه فهذا سيزيد من ثقته بنفسه ويطور من شخصيته المستقلة.وعندما تتولد لدى طفلك رغبة الاستحمام بمفرده، وترينه يسعى لتحضير ألعابه الخاصة بالحمام، شجعيه على ذلك، ونمّي لديه هذه الرغبة، واشرحي له أن جسمه هو ملكه لوحده، وهو شيء خاص به، وهو الوحيد الذي يحق له لمسه وتنظيفه، ولذلك عليه أن يكون قدر الإمكان نظيفا، وبذلك تكونين قد زرعت فيه الرغبة في الحفاظ على ما هو ملكه وعلى نظافة جسده.ولكن لا تنسي أنه في البداية لا يمكنك أن تتركيه لوحده بدون مساعدة، لأنه لا يزال غير قادر على استعمال الصنبور “الحنفية”، ليوازن تدفق المياه الحارة والباردة كما سيواجه صعوبة في استخدام الليفة، وتذكري أن تشرحي له دائما أن الحمام ليس ساحة للعب فقط.وعندما تسمعينه يردد “أريد ارتداء ملابسي لوحدي”، فهو يتمنى لو يستطيع ارتداء بنطاله بسهولة أو كنزته بشكل صحيح.فاستفيدي من رغبته هذه حتى لو عارض مساعدتك في البداية، وتأكدي أنه سوف يتطوّر مع الوقت، فالتعود على ارتداء ملابسه بمفرده هو فن بحد ذاته، ولكي تساعديه على ذلك اتبعي معه بعض الخطوات التي تساعده على التطور، وفي البداية اتركيه يخلع ملابسه لوحده، فهذا أسهل، لكي تنتقلي معه إلى مرحلة اللبس، وعلميه أولا على ارتداء ملابس النوم لأنها أسهل من الملابس العادية.وفي بعض الأوقات يرفض الطفل ارتداء الملابس التي تقترحينها عليه فترينه يثور ويتوتر بسرعة، وسوف تتحول عملية ارتداء الملابس إلى دراما حقيقية، لذا تدارك الوضع، واستخدمي بعض الحيل معه، كأن تختاري له ثلاث أو أربع قطع، ثم اطلبي منه أن ينتقي منها ما يعجبه، وبذلك تتجنبين عناده حول لباس معيّن.بعد ذلك أحضري له الملابس التي اختارها وضعيها على سريره بشكل جسم إنسان، وعلميه أن “التكيت” الموجودة على الكنزة تكون دائما في الجهة الخلفية.وكوني في البداية إلى جانبه عندما يحاول ارتداء ثيابه، واتركيه يحاول لمرات متعدّدة حتى وإن واجهته صعوبة في ذلك، ثم ساعديه قليلا في إدخال رجليه في البنطال، واتركيه يرفعه بمفرده، كما أدخلي رأسه في الكنزة واتركيه يدخل يديه بمفرده، وبذلك تكونين قد ساعدته على تجنب الفشل وفقدان ثقته بنفسه وبقدراته.وعندما يسعى طفلك ويحاول ربط حذائه بمفرده، وهو يستمتع بذلك لأنه يشعر بأنه يقلد الكبار، ساعديه وسانديه لأن الأمر يحتاج إلى التدريب، حتى يتقن هذا الأمر.وعوديه أيضا ومنذ الصغر على توضيب غرفته، فغرف الأطفال عادة أكثر الغرف التي تشوبها الفوضى، ملابس، ألعاب، كتب، كل شيء مرمي في جهة، فشجعي طفلك على توضيب غرفته، واعتمدي معه أسلوبا لينا، واطلبي منه ترتيبها بطريقة لائقة “هيا أيها البطل، حان وقت ترتيب غرفتك”.وساعديه على تطوير مهاراته بنفسه، واعمدي دائما إلى إبراز مزايا ترتيب الغرفة وتنظيفها من خلال استخدام أساليب وحيل ممتعة، مثلا السيارات تريد أن تتوقف في الكراج إلى جانب بعضها، الدببة بحاجة إلى النوم، الألعاب الجميلة نضعها في العلبة الصفراء، وهكذا.وهناك الكثير من الأهالي يعانون صعوبة في إقناع أطفالهم بتنظيف أسنانهم بشكلٍ دائم، فاقنعي طفلك بأن تنظيف الأسنان لذيذ وجميل وشيء محبب من قبل الجميع، وأن من لا يقوم بذلك شخص غير نظيف وأن التنظيف اليومي يعطي الفم رائحة زكية، وأنه يجب أن نقوم بتنظيف أسناننا مرتين يوميا على الأقل صباحا ومساء، وطبعا في البداية لن يكون طفلك قادرا على استخدام فرشاة الأسنان بشكل فعّال، إلا أنه يمكن أن يتعلم ذلك تدريجيا، ويمكنك البقاء إلى جانبه ومراقبته.واستمري بتذكيره بعملية غسل يديه، وردديها على سمعه طوال اليوم، واشرحي له أن الصابون يقضي على الميكروبات والجراثيم ويقتلها، وبذلك تدريجيا سوف يتعلم غسل يديه خلال فترات النهار وبشكل تلقائي