ألف دينار مقابل بضعة دراهم
أبدأ الخاطرة بقصة حقيقية مختصرها أن رجلاً سيئ الخلق (بلطجي) اشترى بضاعة من صاحب محل بقيمة بضع دراهم على أن يقوم بتسديد ثمنها فيما بعد.
وعندما حان الأجل طالبه صاحب المحل بحقه لكن البلطجي رفض السداد.
وَسّط صاحب المحل أهل الخير من أجل الحصول على حقه لكن دون جدوى.
تمادى البلطجي بسوء خلقة فذهب لصاحب المحل وهدده قائلاً : (ليس لك عندي حق وأعلى ما في خيلك اركبه).
وقعت هذه الكلمات على صاحب المحل كالصاعقة حيث شعر بالمهانة وأن لا قيمة له ولا وزن في نظر البلطجي فما كان منه إلا أن قام بضرب البلطجي وكسر ذراعه ومرغ أنفه في التراب...
انتهت القضية بصلح وتعويض مادي من قبل صاحب المحل بقيمة ألف دينار.
على إثر ذلك أخذ الناس يتداولون الحادثة فانقسموا إلى فريقين:
فريق نظر للموضوع من زاوية مادية صرفة فأنكروا تصرف صاحب المحل لخسارته المادية الكبيرة مقابل بضع دراهم وأخذوا يلمزون به ويسخرون منه وفق مقياسهم المادي.
وفريق آخر نظر للموضوع نظرة شمولية واعتبروا صاحب المحل قد ثأر لكرامته ودافع عن حقه من قبل بلطجي استخف به واستعلى عليه ونظر إليه بازدراء واحتقار وأن القضية لم تعد قضية مال فحسب بل أصبحت قضية قيم وكرامة ومبادئ وحقوق.
وإذا طمع البلطجي اليوم ببضع دراهم فغدا سيطمع بأكثر من ذلك فكان لابد من وضع حد لهذا الاستخفاف وهذا الاستهتار.
بهذه القناعات المختلفة نظر بعض المتصهينين اليوم لصفقة تبادل الأسرى نظرة اتسمت بلغة الأرقام فقط دون أي اعتبار لحسابات أخرى.
دون أي اعتبار لصلف اليهود وغطرستهم القائمة على الاستخفاف بالمواطن الفلسطيني إذ يقومون بحبس أي فرد تحت مسمى الاعتقال الإداري ليستمر حبسه عدة سنوات دون أي توجيه تهمة أو جريرة اقترفها، دون أي اعتبار لسن المعتقل حيث اعتقلوا مئات الأطفال والنساء.
دون أي اعتبار لتعذيب السجناء واذلالهم ضمن زنازين استمر سجن بعضهم فيها عدة عقود .
إنها العربدة والغطرسة والعلو الصهيوني المرتبط بعقيدتهم الفاسدة .
فكان لابد من كسر هذا العلو وتمريغ أنوفهم كي يدركوا أن للأمة وللفلسطيني كرامة وعزة وأن له حرية سوف يحصل عليها مهما طال القيد ومهما طال الزمن .
وأن خلف هؤلاء الأسرى والأسيرات القابعين في سجون الاحتلال أسود يدافعون عنهم وعن فك أسرهم مهما طال الزمن أو قصر .
وأن علو اليهود وصلفهم سوف يتحطم على صخرة المقاومين مهما طال الزمن فكانت صفقة تبادل السجناء والتي سوف يتبعها صفقات أخرى تؤدي إلى فك أسر جميع السجناء الأبطال في مرحلة لاحقة بإذن الله..
وكما يقال : (ما ضاع حق وراءه مطالب).
غير أن هناك عدة أسئلة لكل متصهين نظر لصفقة السجناء بلغة الأرقام لغة عدد المحررين مقابل عدد الشهداء منها :
لماذا ربطتم شهداء غزة من أجل الأسرى فقط؟
لماذا غضضتم البصر عما حققته المقاومة من أهداف عظيمة عجزت عنها كافة الدول العربية حيث مرغت المقاومة كبرياء العدو في التراب وألحقوا بجيشهم الذي لا يقهر وفق زعمهم هزيمة نكراء؟.
المقاومة يا متصهينين حققت عدة أهداف بعضها تحقق والباقي بإذن الله سوف يتحقق .
فهي قاومت من أجل فك الحصار المطبق على القطاع منذ ما يقارب ١٧ عاما.
قاومت من أجل الاعتداء على المسجد الأقصى.
قاومت من أجل عربدة قطعان المستوطنين على أهلنا بالضفة الغربية والقدس، وشتمهم للنبي الكريم في ساحات مسراه.
قاومت من أجل إعادة القضية الفلسطينية إلى زخمها بعد أن تم تهميشها.
قاومت من أجل كرامة الإنسان المسلم والفلسطيني وحريته.
قاومت من أجل وقف عجلة التطبيع المذلة.
قاومت من أجل وضع حد لعربدة اليهود وصلفهم .
قاومت وأسرت من أجل تبييض السجون ..
فلماذا عميت أبصاركم كما عميت بصيرتكم عما سبق ولم تعد ترى سوى خسائر الشعب الفلسطيني بينما أصابكم العمى عن خسائر العدو من قتل لضباطه وجنوده بأعداد كبيرة ما زال يخفيها .
لماذا لم تتحدثوا عن تدمير دباباته وآلياته التي بلغت المئات؟
لماذا لم تتكلموا عن عدد أسراهم ؟.
لماذا لم تذكروا عدد جرحاهم الذين بلغوا بالآلاف؟.
لماذا لم تتفوهوا بكلمة عن تدهور اقتصادهم؟ .
لماذا صمتم عن الحديث عن لجوء سكان كبرى مدنهم للملاجئ والعيش فيها تجنبا لصواريخ المقاومة؟.
لماذا التزمتم بالصمت عن نزوحهم وهجرتهم الداخلية والخارجية؟ .
لماذا لم تبوحوا بكلمة عن شعورهم بفقدان الأمن والأمان؟ .
لماذا لم تنقلوا تحول الرأي العام العالمي لصالح الفلسطينيين؟ .
وبالمقابل لماذا لم تتحدثوا عن صمود المقاومة وشدة بأسها رغم فارق القوة ورغم الدعم الأمريكي والغربي؟.
لماذا لم تتحدثوا عن صمود الشعب الفلسطيني الأسطوري؟.
لماذا لم تتحدثوا عن همجية العدوان اليهودي الذي ركز على قتل الأطفال والنساء وتدمير المستشفيات ودور العبادة والمدارس؟.
لماذا لم تتحدثوا عن الحصار المطبق من قبل اليهود على سكان القطاع لمنع الدواء والماء والغذاء والكهرباء وسائر مقومات الحياة؟.
جرائم كثيرة اقترفها اليهود
لم ينبس لكم بنت شفة.
لكن ولاءكم للصهاينة أعمى بصيرتكم عن ذكرها وعن ذكر بطولات عظيمة سطرتها المقاومة وحاضنتها الشعبية.
أيها المتصهينون أخذتم تصفون طوفان الأقصى وفق الرواية الصهيونية بل أشد سوءا منهم فهنيئا لكم ولاؤكم لأعداء الله .
أسال الله العلي القدير أن يحشركم معهم يوم الدين .
في الختام أقولها لكم لو لم يكن لدماء غزة الطاهرة سوى كشف صهينتكم لكفى فأمثالكم كالسرطان الخبيث الذي يسري في الجسد ولا مناص لسلامة الجسد سوى بتر الجزء المتسرطن كي يتعافى .
شاهت وجوهكم الكالحة المتصهينة الموالية لأعداء الله .
والحمد لله أن ظهر الحق وزهق الباطل وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.