طوفان الأقصى يفتح نافذة الحرية للبرغوثي
تعتبر معركة طوفان الأقصى التي قامت بها كتائب القسام في السابع من أكتوبر 2023 هي الأمل الوحيد للأسرى في السجون الإسرائيلية وبالتحديد الذين رفضت إسرائيل إطلاق سراحهم في صفقة جلعاد شاليط أصحاب الأحكام الفلكية "المؤبدات"، الذين مضى على اعتقالهم أكثر من عقدين وبعضهم أكثر من ثلاثة عقود، وكان من أهم نتائجها أسر المئات من الجنود والضباط الإسرائيليين، فقد عملت حركة حماس على قاعدة زيادة الغلة لتجبر إسرائيل على إجراء صفقة تاريخية لترسم طريق حرية الأسرى ومن ضمنهم القادة الكبار وفي مقدمتهم الأسير مروان البرغوثي، الذي سيكون اللاعب الأساسي في ترتيب البيت الفلسطيني والفتحاوي، ويمكن أن تؤيد العديد من الدول العربية والعالمية تولي البرغوثي الرئاسة الفلسطينية، كونها تريد رئيسًا يحصل على التأييد الشعبي وعليه شبه اجماع من القيادة الفلسطينية بمختلف ألوانها السياسية ويتمتع بالنفوذ والقوة لكي يكون قادرًا على ضبط الساحة الفلسطينية التي تحتاج لشخص شبيه بشخص الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى حد ما. وبالاخص بهذا الوقت بعد الطوفان وبالتحديد لحركة فتح التي بأمس الحاجة لمن يستنهضها من سباتها العميق، فالبرغوثي يمكن له أن يخرجها من هذه الحالة الصعبة التي وصلت لها، وتحديدًا بعد الصعود الصاروخي الشعبي لحركة حماس وفي المقابل الهبوط الطوعي الشعبي لحركة فتح والسلطة الفلسطينية، فليس أمام حركة فتح غير التوحد خلف البرغوثي للقيام بهذه المهمة الشاقة التي تعترضها العديد من المعيقات والتحديات الداخلية والخارجية.
وهذا يقودنا إلى تسليط الضوء على حياة البرغوثي السياسية والتنظيمية ما قبل الاعتقال في السجون الإسرائيلية وأثناء فترة الاعتقال الطويلة والمستمرة منذ أكثر من عقدين، والدور السياسي المستقبلي ما بعد التحرر القريب على المستوى الفلسطيني العام والدور التنظيمي الخاص بحركة فتح.
إن حياة الأسير البرغوثي التنظيمية حافلة بالأحداث التي بدأت منذ التحاقه في صفوف حركة فتح وهو في الثانوية العامة وحتى اعتقاله من قبل الاحتلال. ولد البرغوثي في 6حزيران/يونيو1958في بلدة كوبر، وعاش طفولة عادية في وضع اقتصادي واجتماعي صعب. درس المرحلة الإعدادية في بيرزيت، وتم اعتقاله وهو في الصف الأول الثانوي سنة 1978، واضطر لإكمال دراسته داخل المعتقل، وبعد خروجه التحق بجامعة بيرزيت في العام 1983 ليدرس العلوم السياسية، وأصبح رئيس مجلس الطلبة لثلاث دورات متعاقبة، وعمل على تأسيس منظمة الشبيبة الفتحاوية. وعمل محاضرًا في جامعة القدس حتى اعتقاله. تزوج البرغوثي من المحامية فدوى وهي عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ولهما أربعة أبناء.
عند بلوغ البرغوثي الثامنة عشرة سنة 1976، ألقت إسرائيل القبض عليه حيث أمضى خمس سنوات، وحصل على الثانوية العامة داخل السجن. وخلال سنواته الجامعية تعرض للاعتقال والمطاردة، حيث اعتقل سنة 1984 وأعيد اعتقاله سنة 1985، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية في نفس السنة، ومن ثم اعتقل إداريًا في آب/أغسطس 1985، وفي سنة1986 تم إطلاق سراحه وأصبح مطاردًا لقوات الاحتلال. تم إبعاده سنة 1988، وحينها انضم للعمل في منظمة التحرير إلى جانب الشهيد خليل الوزير في المنفى، وعمل من موقعه في المنفى عضوًا في اللجنة العليا للانتفاضة في منظمة التحرير التي تشكلت من ممثلي الفصائل في المنفى، وعمل في اللجنة القيادية للقطاع الغربي، وعمل مباشرة مع القيادة الموحدة للانتفاضة. ثم عاد ثانية إلى الضفة عام 1994 بموجب اتفاق أوسلو. وتنقل أثناء الإبعاد بين عمان وتونس وبغداد والكويت والإمارات وليبيا وعدد من الدول الأوروبية.
وفي انتفاضة الأقصى كان البرغوثي من أبرز المطلوبين للاحتلال حتى تم اعتقاله في منتصف نيسان/أبريل 2002، وحكم عليه في 6 حزيران/يونيو 2004، بالسجن المؤبد 5 مرات و40 سنة، بعد أن اتهمته إسرائيل بقيادة تنظيم حركة فتح، والمسؤولية عن عمليات مسلحة نفذتها كتائب شهداء الأقصى، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الإسرائيليين. لقد رفض البرغوثي الوقوف للحاكم في المحكمة حيث قال لهم "إنني أعلن هنا عدم اعترافي بصلاحية إسرائيل في اعتقالي واختطافي والتحقيق معي ومحاكمتي، وأعتبر إجراءاتها كافة جريمة من جرائم الحرب". كما تعرض البرغوثي لأكثر من محاولة اغتيال، أطلقت عليه في إحداها صواريخ موجهة، كما تم إرسال سيارة مفخخة خصيصًا له، لكنه نجا منها.
ويذكر أن المطالب الفلسطينية بإطلاق سراح البرغوثي تصاعدت خلال صفقة الجندي شاليط، إلا أنه لم يدرج اسمه في قوائم أسماء الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم، لرفض إسرائيل إطلاق سراحه.
وقد تم عزله انفراديًا خمسة أشهر في سجن رام الله سنة 1978، وفي بداية كانون الثاني/يناير2003، تم عزله في عزل سجن أيالون، وفي آب/أغسطس2003، تم نقله إلى عزل سجن شطة 1، وفي نفس السنة تم نقله إلى عزل سجن أوهلي كيدار في بئر السبع، حيث قضى مامجموعه ألف يوم في العزل الانفرادي.
وفي منتصف أيار/مايو2021 نقلت سلطات الاحتلال البرغوثي من سجن هداريم إلى عزل أيالون، وذلك بعد أن أصدر بيانًا من داخل السجون يطالب فيه الشعب الفلسطيني والفصائل بإعادة الاعتبار مجددًا لخيار المقاومة بمواجهة الاحتلال في كل الساحات ومساندة أهالي القطاع ضد العدوان الهمجي الذي يتعرضون له. وقد أنهت إدارة السجون عزله، وأعادته إلى السجن، بعد عشرة أيام على نقله لزنازين العزل الإنفرادي.
لم تتمكن فدوى من زيارة زوجها خلال أول أربع سنوات من اعتقاله، لأنه كان في العزل الانفرادي، وقد منعت من زيارته أكثر من مرة، كان آخرها في أعقاب إضراب الحرية والكرامة.
في عام 2012 عقد مؤتمر دولي بعنوان الحرية والكرامة في مدينة رام الله، وكان ضيف المؤتمر المناضل أحمد كترادة، رفيق درب الرئيس الراحل نيسلون مانديلا، حيث أطلق كترادة من زنزانة مانديلا، حملة عالمية تطالب بالإفراج عن مروان والأسرى، وتم تعليق صورة البرغوثي ولأول مرة بتاريخ جنوب أفريقيا في تلك الزنزانة بعد صورة مانديلا.
كما تم منحه مواطنة فخرية من عشرين مدينة فرنسية، فيما تغطي صوره العملاقة مباني البلديات، وهو تقليد اتبعته البلديات الفرنسية سابقًا طوال سنوات اعتقال مانديلا، في سجون الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ويؤكد البرغوثي أن التضامن الشعبي الفلسطيني الكامل والرسمي الجزئي، والتضامن العربي والدولي الكبير من محبي السلام والحرية في العالم معه، عزز صموده وقدرته على التحدي، ويعود الفضل لمؤسسة التضامن التي تقودها زوجته.
انتفاضة الأقصى والمقاومة: اندلعت انتفاضة الأقصى في 28أيلول/سبتمبر2000، بعد انسداد أفق المفاوضات ما بين منظمة التحرير وإسرائيل، وتدنيس المسجد الأقصى المبارك من قبل وزير الحرب أرئيل شارون، وعلى إثرها تشكلت كتائب شهداء الأقصى عام 2000 بأمر مباشر من الرئيس عرفات، ويعتبر البرغوثي مسؤول التنظيم العسكري والزعيم الروحي للكتائب، وقد عمل نائب البرغوثي، الأسير القائد ناصر عويص على تأسيس كتائب شهداء الأقصى مع مجموعة من كوادر وقادة حركة فتح.
ويطلق الإسرائيليون على البرغوثي عرفات الصغير، وكانوا يعدونه ذراع عرفات اليمنى في توجيه الانتفاضة. وخلال التحقيق مع البرغوثي، تركزت الأسئلة على علاقته بالرئيس عرفات، وكانت الأسئلة تدور حول التمويل وقرار العمليات المسلحة الفدائية، وإذا كان قد منحه الرئيس صلاحيات أو تعليمات فدائية وطبيعة هذه العلاقة، وكان المحققون يبرزون الوثائق والمستندات التي سرقوها في عملية السور الواقي من مقر المقاطعة. وكان الهدف من ذلك إدانة الرئيس عرفات، حيث طلبوا من البرغوثي الإدلاء باعترفات مقابل إنهاء اعتقاله، لكن البرغوثي أكد لهم بأن علاقته بالرئيس هي علاقة سياسية، علاقة نائب في البرلمان بالرئيس وليس أكثر من ذلك.
الانتخابات الداخلية للمؤتمر السابع للحركة: في المؤتمر العام الخامس لحركة فتح عام 1988 انتخب البرغوثي عضوًا في المجلس الثوري من بين 50 عضوًا، وكان البرغوثي في ذلك الوقت العضو الأصغر سنًا الذي ينتخب في هذا الموقع القيادي الرفيع في تاريخ الحركة. وفي نيسان/أبريل 1994 بعد عودته من المنفى تم انتخابه بالإجماع نائبًا لفيصل الحسيني وأمين سر الحركة في الضفة، حيث أعاد البرغوثي تنظيم حركة فتح في الضفة خلال فترة قصيرة رغم المعارضة الشديدة التي جوبه بها من قبل اللجنة المركزية .
وفي عام 1996وفي إطار الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، انتخب عضوًا في المجلس التشريعي نائبًا عن دائرة رام الله. وفي المؤتمر السابع للحركة الذي عقد في 29 تشرين الثاني/نوفمبر2016، تم انتخاب البرغوثي عضو لجنة مركزية حيث حصل على 930 صوتًا.
وبعد انتخابات اللجنة المركزية، اجتمعت اللجنة ووزعت المهام على أعضائها المنتخبين ولم تكلف البرغوثي بأي منصب. وقد أكد توفيق الطيراوي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في كانون أول/ديسمبر2016، على أن البرغوثي يستحق موقع نائب رئيس الحركة، لما له من تاريخ نضالي، حيث يشكل البرغوثي حالة نضالية متقدمة على فتح الانحياز لها إيجابيًا، وعلى اللجنة المركزية أن تنتصر له.
نشر موقع نيوز وان الإسرائيلي تقريرًا عن التعيينات الأخيرة التي شهدتها حركة فتح، ويشير التقرير إلى أن الرئيس استسلم للضغوط الإسرائيلية والأمريكية، فقد باع البرغوثي من أجل تملق الإدارة الأمريكية الجديدة وإسرائيل، ولكنه من المتوقع أن يجني خيبة أمل كبيرة لأنهما لم تقدما له أي تعويض، وأن عباس مقتنع بأن إضعاف البرغوثي في حركة فتح يعني أيضًا إضعاف دحلان العدو اللدود للرئيس، لا سيما في ظل وجود اتصالات بين البرغوثي ودحلان.
حيث يحتل البرغوثي المرتبة الأولى من حيث الشعبية في استطلاعات الرأي العام الفلسطيني، بوصفه الزعيم المفضل، إذا ما تم إطلاق سراحه في إطار صفقة تبادل الأسرى القادمة. وكان قد رشح نفسه في مواجهة عباس في الانتخابات التي جرت في سنة 2005، لكنه انسحب تحت ضغوط كبيرة وتحذيرات من شَق الحركة، وراهن حينها تيار البرغوثي على أن انتخابه نائبًا لعباس، سيسهم في الضغط على إسرائيل للإفراج عنه.
وفي الأسر قام البرغوثي بالعديد من الإنجازات تجاه الحركة الأسيرة ومن أبرزها بلورة سلم رواتب ومخصصات الأسرى، وتم إقراره في الأول من كانون الثاني/يناير2011، وذلك من أجل المحافظة على كرامة ذوي الأسرى وتغطية مصاريف الأسرى داخل السجون، كما أطلق أكبر عملية تعليمية في تاريخ الحركة الأسيرة من خلال برنامج جامعي متكامل.
فقد وصلت التضييقات على الأسرى ذروتها سنة 2011، حين أعلن بنيامين نتنياهو في خطاب له أنه لن يكون هناك أسرى جدد يحملون شهادات بكالوريوس وماجستير متحصلة في السجن. وعليه منع تعليم الأسرى الرسمي في السجون، حيث تم توقيف برنامج تقديم امتحان الثانوية العامة، وبرنامج الدراسة في الجامعة الإسرائيلية المفتوحة.
مما بدوره استدعى العمل من أجل إيجاد بديل أكاديمي داخل السجون، فأطلق البرغوثي مشروع جامعة القدس، ليشكل البديل الأفضل لتغيير واقع الأسرى في ظل حالة التراجع الوطني والثقافي والترهل التي تمر بها الحركة الوطنية برمتها ومن ضمنها الحركة الأسيرة. وتم إعداد البرنامج الجامعي وفق أعلى المعايير والقواعد والشروط الأكاديمية، وهي تجربة منفردة تفتقر لها معظم الجامعات خاصة بعد أن حذت القدس المفتوحة حذو جامعة القدس.
وقد أصبح التعليم الجامعي داخل السجون حقيقة راسخة، وشكل تخرج عدد من الطلبة من حملة الشهادات من درجتي البكالوريوس والماجستير من جامعة القدس مصدر اعتزاز وفخر وباتت تتصدر إنجازات الحركة الأسيرة بمجملها إكليلاً يتوج الجامعات الفلسطينية، التي لبت النداء واستجابت لمطالب الأسرى.
الانتخابات التشريعية والرئاسية الثالثة: يتصدر البرغوثي قائمة أقوى المرشحين لخلافة الرئيس محمود عباس، حيث كشفت قيادات فتحاوية رفيعة المستوى في تصريحات في 2018، عن وجود تحركات وصفتها بـالقوية والجادة تجري لأول مرة على مستوى عال لدعم اسم مروان ليكون خليفة الرئيس عباس، فالدول العربية والأوروبية تبحث عن شخصية فلسطينية تكون محنكة سياسيًا وشجاعة وقادرة على قيادة المركب الفلسطيني، وتحظى بإجماع داخلي وخارجي، وهذا ينطبق على البرغوثي.
أما فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية الثانية التي عقدت في 25 كانون الثاني/يناير من عام 2006، قامت فتح بتقديم قائمتين الأولى مركزية تمثل أصحاب المناصب العليا في السلطة واللجنة المركزية، وقائمة أخرى يترأسها من معتقله مروان، بسبب فشل الانتخابات التمهيدية في العديد من المناطق، والتخبط في آلية اختيار المرشحين، وإقصاء القيادة للوجوه الشابة، واحتواء القائمة على الرموز والقيادات القديمة.
وبعد الاتفاق الذي حصل مابين التنظيمات الفلسطينية في القاهرة في شباط/فبراير 2021، بوساطة مصرية على إجراء الانتخابات العامة الثالثة، تم إصدار المرسوم الرئاسي رقم 3 في 15كانون الثاني/يناير2021، لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني.
وفي 11شباط/فبراير 2021، زار حسين الشيخ مبعوث الرئيس عباس البرغوثي في السجن، من أجل مطالبته بعدم ترشيح نفسه للرئاسة، فوفقًا لاستطلاعات الرأي، فإن الرئيس عباس من المحتمل أن يخسر أمام البرغوثي في مواجهة بين الاثنين.
ويذكر أن ناصر القدوة، القيادي المفصول من حركة فتح في 11 آذار/مارس2021، قد تقدم في نهاية آذار/مارس2021، بطلب ترشيح قائمته للانتخابات التشريعية المدعومة من البرغوثي، وأن القدوة وفدوى، قدما طلب تسجيل القائمة. ويأتي قرار البرغوثي تشكيل قائمة سريعة مع القدوة كجزء من مخطّط الأول لتجاوز خطّة فتح التي أرادت حشره تحت ضغط الوقت، وتمرير القائمة التي أقرّتها من دون شروطه، ومع إغلاق باب الترشُّح للانتخابات التشريعية في 31 آذار/مارس2021، دخلت فتح الانتخابات بثلاث قوائم مختلفة.
إلا أن الرئيس أعلن في 30نيسان/أبريل 2021، عن تأجيل الانتخابات لحين ضمان مشاركة القدس، حيث صرح أن "القرار يأتي بعد فشل كافة الجهود الدولية بإقناع إسرائيل بمشاركة القدس في الانتخابات".
يرى الكاتب أن السبب الحقيقي وراء تأجيل الانتخابات الثالثة هو خلافات فتح الداخلية ودخولها الانتخابات بثلاث قوائم، في مقابل وحدة وتماسك حركة حماس واستعدادها التام للانتخابات، وقد لعب إصرار البرغوثي للترشح للرئاسة دورًا جوهريًا في إقدام الرئيس عباس على تأجيل الانتخابات متذرعًا بقيام الاحتلال بمنع الانتخابات في القدس المحتلة. إن التذرع بالقدس هو حجة واهية، فلو كانت السلطة جادة فعليًا في إجراء الانتخابات لأوجدت العديد من الحلول وأصبحت قضية إجراء الانتخابات في القدس معركة سياسية سيخسر فيها الاحتلال.
أرسل مروان البرغوثي رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي في 12آذار/مارس2023، شرح فيها ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من عدوان متواصل يستهدف الأرض والإنسان والمقدّسات، مؤكداً على أهمية الدور المصري في استعادة التضامن العربي لمواجهة حكومة اليمين القومي الديني المتطرّف في إسرائيل، وأهمية استئناف مصر لجهود المصالحة الفلسطينية، وضرورة استئناف الحياة الديمقراطية وتحديد وجدول زمني لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعضوية المجلس الوطني، وإعادة بناء وتطوير م.ت.ف وضمّ حركتي حماس والجهاد الإسلامي لها ولمؤسساتها. ومن جهة أخرى، طالبت فدوى الأشقاء في مصر بالاستمرار ببذل جهود جادّة وفعّالة لإطلاق سراح مروان وكافة الأسرى والأسيرات.
وعلى نفس المنوال في 17تموز/يونيو2023، استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط فدوى، ونقلت له رسالة من مروان بين من خلالها ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من عدوان متواصل، وما يتعرّض له الأسرى من قمع وتنكيل، مؤكدًا على أهمية دور الجامعة العربية والدور المصري في استعادة التضامن العربي لمواجهة إسرائيل. كما استقبلها وزير الخارجية الاردني أيمن الصفدي في عمّان في 27تموز/يوليو2023، والتقت في منتصف عام 2023، مع العديد الشخصيات البارزة من جميع أنحاء العالم العربي، بالإضافة إلى ممثلين دبلوماسيين في الولايات المتحدة وأوروبا، ومع السفراء والقناصل المعتمدين في رام الله حيث طالبتهم بالتحرك من أجل إطلاق سراح زوجها.
في ظل تزايد الحديث في هذه المرحلة عن خليفة الرئيس عباس، وفي ظل تنافس كبار قادة فتح على المنصب، هناك مناورات تجري في الدهاليز الخفية وخلف الستار. وما يزيد الأمر تعقيدًا عدم إجراء انتخابات منذ سنة 2006، وعدم وجود آلية واضحة لتحديد انتقال الخلافة. وفي المهرجان الذي أقيم في 8أيار/مايو2023، كانت المفاجأة باعتلاء الفريق جبريل الرجوب منصة الاحتفال والإعلان رسميًا بأن مروان هو الأقدر على قيادة المرحلة ومؤسسات السلطة الفلسطينية والرئاسة الفلسطينية، وهذا يعتبر اعترافًا صريحًا بقدرة البرغوثي على إنقاذ حركة فتح من الأزمات التي تعيشها، ولكن هذا يتطلب الاعتراف من بقية أعضاء القيادة وبالتحديد من المسترئسين، فهناك اثنين من أعضاء اللجنة المركزية يرون أنهم الأحق في المنصب على الرغم من عدم حصولهم على تأييد شعبي، ولا يمتلكون القوة ولا التاريخ ولا الكاريزما للسيطرة على المؤسسات الرسمية في الضفة الغربية.
وفي 24آب/أغسطس2023 أثناء انعقاد المجلس الثوري لحركة فتح، تم تحديد عقد المؤتمر الثامن للحركة في 17كانون الأول/ديسمبر 2023، والذي أصبح في حكم المؤكد تأجيل المؤتمر، ولم يتم دعوة الأعضاء المحسوبين على البرغوثي-فدوى البرغوثي وفخري البرغوثي وجمال حويل- للحضور، وهنا يبرز السؤال دائم الحضور في حال انعقاد المؤتمر هل سيكون البرغوثي المرشح لقيادة -رئيس-الحركة خلفًا للرئيس عباس؟. ولكن هناك قاعدة تحكم الساحة الفلسطينية ومفادها "الثابت الوحيد هو المتغير اللحظي" وعلى البرغوثي أن يعمل على هذه القاعدة التي لاتضمن حتى المواقف والتصريحات أو حتى الاصطفافات.