منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Empty
مُساهمةموضوع: عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة   عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Emptyالخميس 14 ديسمبر 2023, 9:39 pm

عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة


بات الضعف العربي الرسمي واقعاً مفضوحاً مكشوفاً أمام الجميع. وجامعة الدول العربية في واقعها الراهن أعجزُ من أن تقدّم المبادرات، وتعمل على تنفيذها لمعالجة المشكلات المزمنة ضمن الدول العربية نفسها، ناهيك عن التي بينها وبين دول الجوار، وهي مشكلات تسبّبت في شل الدول (سورية، لبنان، العراق، تونس، ليبيا، السودان)، وأدّت إلى تخريب الاجتماع، وتدمير العمران، وتبديد الثروات والموارد البشرية. يؤكّد ذلك ما حدث ويحدُث في غزّة منذ أكثر من شهرين نتيجة الحرب الإسرائيلية على المدنيين، وأغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، تحت شعار الانتقام من غزّة وأهلها ردّاً على عملية طوفان الأقصى التي نفّذتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي؛ وهو شعارٌ يجسّد عقلية متغطرسة تمارس العقاب الجماعي بحقّ الأبرياء، وتهدّد كل منتقد للانتهاكات ومطالب باحترام حقوق الإنسان، بمختلف الصفات القدحية، حتى أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، نفسه لم يسلم شخصياً من تهديدات مسؤولي (وممثلي) الحكومة الإسرائيلية التي تعدّ من أكثر الحكومات يمينية وتشدداً في تاريخ إسرائيل، وهي تهديدات وصلت إلى حد المطالبة بإقالة الرجل. فالدول العربية بصورة عامة، ما عدا دول مجلس التعاون الخليجي، وتلك التي فيها مؤسّسات أمنية وعسكرية موحّدة متماسكة ومنسجمة مع القيادة السياسية، إلى جانب علاقاتها المقبولة نسبياً مع شعوبها، تعاني من أزماتٍ بنيويةٍ ووجوديةٍ تهدّد الوحدة الاجتماعية والجغرافية للدول المأزومة، خصوصا في أجواء مساعي دول إقليمية، وأخرى مؤثرة على المستوى العالمي لاستغلال الظروف والتمدّد والتغلغل إلى مفاصل الدول المعنية؛ والتحكّم بقراراتها وتوجيهها نحو المسارات التي تنسجم مع حساباتها ومصالحها، سواء التكتيكية الراهنة منها أو الاستراتيجية بعيدة المدى. ويُشار هنا، على سبيل المثال، إلى سورية ولبنان والعراق واليمن والسودان وليبيا.


لم تتمكن الأنظمة الجمهورية العسكرية العربية من بناء مؤسّسات مستقرّة حتى على صعيدي الجيش والأجهزة الأمنية


تعاني هذه الدول من انقسامات داخلية بيْنية مفتوحة علنية، أو كامنة مضمَرة قد تتعرّض للانفجار في أي لحظة، إذا ما توافقت التوجّهات الداخلية مع الحسابات الإقليمية والدولية، وتبلورت معالم استقطابٍ حادّ بين القوى المجتمعية التي جعلتها عقودٌ من سياسات الاستبداد والفساد، وقطع الطريق على إمكانية ظهور بديل وطني مقبول، يمتلك الأهلية والمصداقية لطمأنة سائر المكوّنات المجتمعية الوطنية، مصفوفة ضمن خانات عمودية تتحكّم فيها قوى مفروضة بناء على حسابات إقليمية أو دولية، ولا تمتلك الأهليّة والمصداقية لطمأنة المكوّنات المجتمعية الوطنية الأخرى، عبر احترام خصوصيّاتها وحقوقها، وضمان دورها المستقلبي الإيجابي الفاعل على صعيد المشاركة العادلة في الإدارة والثروة، والحرص على مستقبل الأجيال المقبلة. فالأنظمة الجمهورية العسكرية العربية لم تتمكّن من بناء مؤسّسات مستقرّة حتى على صعيدي الجيش والأجهزة الأمنية؛ وإنما اعتمدت مبدأ الولاء المطلق للحاكم، وكانت خاضعة باستمرار لتقلبات مزاج الأخير، وتحالفاته وارتباطاته الإقليمية والخارجية. وبطبيعة الحال، كان هذا الحاكم شبه المؤلّه يتعاون  مع زمرةٍ محدودة العدد، قابلة للتعديل والتحكّم عبر التهميش أو التغييب إبعاداً أو اغتيالاً؛  لذلك انهارت هذه الأنظمة مع رحيل الحاكم الأبدي أو ترحيله، أو حتى قتله، لتعيش الدولة مرحلة فوضى عارمة، يسود فيها الفساد والتدخلات الأجنبية، إلى جانب الصراعات الداخلية، وانتظار كل طرفٍ اللحظة التي يعتقد أنها مناسبة حاسمة للانقضاض على الخصم المنافس المتربّص.
وجدير بالذكر هنا أن الأنظمة المعنيّة اعتمدت سياسة شعبوية تمثلت في الالتحاف  بشعارات قومية اشتراكية كبرى، مثل: تحرير فلسطين وعربستان ولواء إسكندرونة...، وتوحيد الوطن العربي، وربط النضال القومي مع الطبقي. كما سوّقت نفسها باسم ثوراتٍ مزعومةٍ كانت في حقيقتها انقلاباتٍ ومؤامراتٍ على الرفاق والشركاء، وهي انقلاباتٌ أثبتت الوقائع الملموسة لاحقاً أنها كانت كارثية على حاضر شعوب الدول التي عاشتها ومستقبلها، فقد دمّرت تلك الأنظمة المجتمع الأهلي التقليدي في الدول المستحدثة التي كُلفت بإدارتها، واستخدمت كل أساليب البطش والقوة لإجبار الناس على التقيد بالأوامر، بغية تحاشي الاتهامات والعقوبات الكبرى.


انسداد الأبواب أمام تشكّل مجتمع مدني مستقلٍّ فعليٍّ بالمقاييس المعاصرة، لا مجرّد واجهات تزيينية للأنظمة


وجديرٌ بالذكر هنا أن هذا المجتمع (الأهلي) كان قد تشكّل على مدى عقود،  تمكّنت خلالها نخبه من الحصول على ثقة الناس واحترامهم بفضل المؤهّلات والمواقف التي أثبتت قدرة تلك النخب على القيام بمهمة الوسيط القادر على تخفيف الصدمات بين الشعوب والسلطات، بل وتجسير الهوة بينهما، وتدوير زوايا الاختلاف، والبحث عن الحلول الممكنة. وذلك بقصد منع انفجار الصراعات، والعمل على فتح الآفاق أمام التفاهمات التي تكرّس التوازن والاستقرار على الصعيدين، الاجتماعي والسياسي. وما دفع الأمور نحو مزيدٍ من التأزّم في الدول المعنيّة هنا انسداد الأبواب أمام تشكّل مجتمع مدني مستقلٍّ فعليٍّ بالمقاييس المعاصرة، لا مجرّد واجهات تزيينية للأنظمة المعنية، فقد كان في مقدور هذا المجتمع ملء الفراغ الذي حدث نتيجة تدمير المجتمع الأهلي التقليدي.
وامتد التخريب في الأنظمة المعنيّة ليشمل الجانب السياسي أيضاً؛ إذ جرى منع الأحزاب؛ أو إخضاعها لحملات استهدفت تقسيمها وتدجينها، وجعلها مجرّد استطالات شحمية لوضعية الفساد والإفساد؛ حتى فقدت المصداقية، ولم تعد قادرة على فرض نفسها البديل الممكن. بل اللافت أن هذه الأنظمة، ومعارضاتها، ركّزت على الشعارات الكبرى التي كان الغرض منها قطع الطريق على المطالبات الشعبية بضرورة التركيز على الأوضاع والحاجات الداخلية، بل منعها، وتوصيف أصحابها بمختلف السمات القدْحية، وتوزّعت تلك الشعارات المرفوعة، سواء من الأنظمة أو من المعارضات بين توجهين أساسيين: الأول القوموي الذي كان يقدّم نفسه بنكهة اشتراكية منسجمة مع الموضة التي كانت. واتّخذ الثاني من الإسلاموية الموشّاة قوموياً أيديولوجية له.


الإمكانات والثروات المادية الكبيرة للدول الخليجية هي التي حالت، وتحول، دون الانفجارات الداخلية


وغالباً ما كانت المبالغات التي كرّست التطرّف في طروحات الطرفين المتصارعين (الحكومات والمعارضات) وسلوكياتهما، وهو التطرّف الذي لم يساعد في معالجة القضايا الداخلية بموجب مشاريع وطنية كان من شأنها التركيز على الأوضاع الداخلية أولاً، وطمأنة سائر القوى المجتمعية والسياسية، عوضاً عن زرع بذور الشك والتوجّس بينها، وسد المنافذ أمام الثقة الوطنية المتبادلة، إذا صحّ التعبير. هذا في حين أن الأوضاع في الدول الخليجية تميّزت بصورة عامة بالاستقرار، وغياب الصراعات الدموية العنيفة على السلطة، مقارنة، على سبيل المثال، بما كان عليه الحال في سورية والعراق واليمن والسودان وليبيا والجزائر، وهي الدول التي تشاركت في ما بينها بالأيديولوجية القومية الاشتراكية. وذلك في الفترة التي امتدت ما بين ستينيّات القرن المنصرم وتسعينيّاته.
وفي هذا المجال، هناك تفسير نمطي يقدّم عادة لتفسير وضعية الاستقرار الخليجي مقارنة مع الأوضاع التي كانت، وما زالت، سائدة في دول الأنظمة الجمهورية العسكرية، أن الإمكانات والثروات المادية الكبيرة هي التي حالت، وتحول، دون الانفجارات الداخلية، فلدى هذه الدول القدرة على تأمين المطالب الأساسية لمواطنيها، خصوصا في ميادين التعليم والعمل والصحة والخدمات الاجتماعية، والبنية التحتية، ومكّنها ذلك كله من التمتّع بالاستقرار المستدام.


تتميز المجتمعات الخليجية بطابع الاعتدال القومي والديني - المذهبي البعيد عن الشعارات الاستفزازية التي غالباً ما تعتمد التخوين والتكفير سلاحاً لتهديد الخصوم


قد يبدو هذا التفسير مقبولا لأول وهلة، ولكننا إذا أخذنا بالاعتبار على سبيل المثال واقع نماذج ليبيا والعراق والجزائر، وحتى مصر، سنلاحظ أن ثروات هذه الدول لا تقلّ عن ثروات دول الخليج؛ غير أن المشكلة تتمثل في عدم الاستخدام الرشيد لها، كما تتشخّص في حالات الفساد الكبرى التي تلتهم، بأرقامها الفلكية، الإمكانات الوطنية لصالح أفراد محدّدين، ومجموعات محدّدة من التسلّط على الحكم والثورة بالتعاون مع القوى المتحكّمة عالميا على المستويين، السياسي والاقتصادي. هذا في حين أن قطاعات واسعة من شعوب هذه الدول تعاني من الفاقة والحرمان، وتفتقر إلى أبسط الخدمات الحياتية كالكهرباء والماء النظيف، والرعاية الصحية، والمواصلات العامة، هذا ناهيك عن تفاقم المشكلات البيئية والاجتماعية بكل أسمائها وتدريجاتها في الدول المعنية.
وهنا نرى ضرورة البحث عن تفسيرات أخرى خارج نطاق التفسير الخاص بفائض الثروة، رغم أهمية دور هذا العامل في تحقيق الاستقرار عبر تأمين الاحتياجات الراهنة، والاستعداد للتحديات المستقبلية. ومن التفسيرات التي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتعمق، يُشار هنا إلى طابع الاعتدال الذي تتميّز به المجتمعات الخليجية، ونعني بذلك الاعتدال القومي والديني-المذهبي البعيد عن الشعارات الاستفزازية التي غالباً ما تعتمد التخوين والتكفير سلاحاً لتهديد الخصوم، وشلّ قدراتهم في ميدان التأثير على الأوضاع الداخلية. وليس هذا الاعتدال سمة فطرية أو وراثية مغروسة لدى المواطنين في هذا المجتمع دون ذاك، وإنما هو حصيلة عملية تراكمية كان من بين أهدافها الأساسية المحافظة على التماسك المجتمعي، بالإنسجام مع الأعراف والقواعد والعقائد المتوافقة مع الهوية المجتمعية الوطنية، القابلة للارتقاء إلى مستوى تحدّيات العصر والتكيّف الإيجابي مع نتائجها. وهنا ربما يكون من المناسب العودة ثانية إلى أهمية المجتمع الأهلي الذي ما زال فاعلاً في الدول المعنيّة، ويساهم بنشاط في عملية منع حدوث الصدامات الجماعية العنيفة التدميرية داخل المجتمعات نفسها، وبين هذه الأخيرة والأنظمة السياسية التي تقود الدول المعنيّة.
وبالنسبة إلى الأنظمة التي تستمد استقرارها المفروض بالقوة من سطوة الدولة العمقية وقدرتها على التحكّم والتوجيه، فهو أمر يحتاج مساحة أوسع، ووقتا أطول لإجراء بحثٍ مستفيض، يقوم على المقارنة الواعية بين مختلف النماذج؛ لذلك نرى أنه سيكون من الأفضل إرجاء هذا الأمر إلى مناسبة أخرى. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة   عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Emptyالجمعة 15 ديسمبر 2023, 10:32 am

 ابو.عبيدة يعلن عن مفاجأة مدوية


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة   عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة Emptyالسبت 16 ديسمبر 2023, 10:59 am

الموقف العربي من العدوان على قطاع غزة.. حضيض جديد …


خمسون عاماً بين خوض الجيش المصري لحرب أكتوبر 1973 ضدّ الكيان الإسرائيلي، التي غدت أحد أبرز مفاخر تاريخ مصر الحديث؛ وبين وقوف النظام المصري عاجزاً عن مجرد إدخال المواد الإغاثية إلى قطاع غزة التي ينفذ فيه الصهاينة مذابح يومية مروعة بحق النساء والأطفال والمسنين؛ إلا بإذن من الصهاينة أنفسهم. وما بين إعلان الحرب 1973 استعادةً للكرامة العربية، وما بين مجرد عدم سحب السفير المصري من تل أبيب بعد أربعين يوماً من المجازر بون شاسع.


المقاومة من واجب إلى عبء:


بلا شك، فقد حدثت خلال السنوات الخمسين الماضية تحولات كبيرة في البيئة العربية جعلتها أقل التصاقاً بقضية فلسطين، فقد كانت حرب أكتوبر 1973 آخر الحروب العربية الإسرائيلية، وقد تلاها دخول مصر في مسار التسوية السلمية (اتفاقية كامب ديفيد 1978)، وواجهت المقاومة الفلسطينية الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982 لوحدها تقريباً. وقد كان للتبني العربي لمسار التسوية السلمية تداعياته السلبية على سلوكها تجاه المقاومة الفلسطينية، ومنذ موافقة الأنظمة العربية على مبادرة الأمير (الملك) فهد 1982، حسمت هذه الأنظمة مساراتها، وتكرس ذلك منذ اعتمادها المبادرة السعودية 2002، غير أنها ربطت ذلك بالتزام “إسرائيل” بحل الدولتين بكافة مقتضياته. ومع ذلك، فقد تجاهلت عدة دول عربية شرط الالتزام الإسرائيلي، وأقامت اتصالات وعلاقات مع الكيان الإسرائيلي تحت الطاولة أو حتى فوق الطاولة. وقد تعمّق هذا المسار، بعد انضمام منظمة التحرير الفلسطينية لمسار التسوية، وتوقيعها اتفاق أوسلو 1993، الذي التزمت فيه بالوسائل السلمية فقط.


وهكذا، حوَّل مسار التسوية العملَ المقاومَ إلى “عبء” بعد أن كان دعمه واجباً مستحقاً، وبدا دعم الأنظمة للسلطة الفلسطينية في قمعها للمقاومة وتنسيقها مع الاحتلال أمراً عادياً، باعتبار أن المنظمة هي الجهة الرسمية التي تُمثل الفلسطينيين.


المقاومة: من عبء إلى إلى خصم:


منذ صعود الموجة المضادة للربيع العربي سنة 2013 والموقف العربي من قضية فلسطين يزداد تراجعاً وبؤساً. إذ إن عدداً من الأنظمة العربية كانت ما تزال تسمح في العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين بهامش من التفاعل الشعبي وحملات التبرع المالي، وتعطي مجالاً معقولاً لخط المقاومة لتوصيل فكره سياسياً وإعلامياً. وكانت وسائل إعلامها أكثر جرأة وانفتاحاً في إدانة الكيان الإسرائيلي وممارساته وإدانة داعميه. أما بعد هذه الموجة، فقد صارت هذه الأنظمة العربية أكثر ميلاً للتضييق على الحريات وقمع الإرادة الشعبية، وأكثر محاربة للمؤسسات الشعبية والمدنية وللشخصيات المعارضة والنشطاء السياسيين.


كما تم استخدام وسائل الإعلام في التركيز على القضايا المحلية القطرية، والانكفاء على الذات، وإشغال الناس بلقمة عيشهم أو بتوافه الأمور، مع تغييب فلسطين ومقاومتها وصمود أبنائها عن وسائل الإعلام إلا في إطار هامشي. وجرى إفساح المجال لـبعض المندفعين لتسويق التطبيع مع الصهاينة، ولمهاجمة المقاومة، بينما كان يتم بشكل منهجي قمع واعتقال أصحاب الأصوات الوطنية والقومية والإسلامية الحرة. وهو ما انعكس سلباً على قدرة الجماهير على التفاعل مع قضية فلسطين وقضايا الأمة. كما أن العديد من الشعوب التي ذاقت مرارة قمع الأنظمة وأنهكتها الصراعات الداخلية، لم تعد قادرة على التعبير عن نفسها والتفاعل بالقدر نفسه مع القضية الفلسطينية؛ بالرغم من أنها ما تزال في خطها العام وبأغلبيتها الساحقة تعبّر عن أصالة الأمة وترفض التطبيع، وما زالت القدس والأقصى في قلبها.


ولم يشفع لخط المقاومة فوزه في انتخابات المجلس التشريعي 2006 بأغلبية ساحقة. وانحازت الأنظمة في ضوء الانقسام الفلسطيني وسيطرة حماس على قطاع غزة إلى جانب “الشرعية الفلسطينية”.


وفي العشرية الثانية من القرن الحادي والعشرين، برزت ثلاثة عوامل ضغطت باتجاه التقهقر العربي والتراجع عن دعم المقاومة؛ أولاها النزاعات والصراعات والاضطرابات الداخلية في ظل الموجات المضادة للربيع العربي، والانشغال بالهموم والملفات الداخلية. وثانيها أن الأنظمة العربية التي تابعت السيطرة بعيداً عن إدارة شعوبها أصبحت أكثر ضعفاً في مواجهة الضغوط، وأكثر احتياجاً للدعم الخارجي الإقليمي والدولي، خصوصاً الأمريكي والغربي. وهو ما سهَّل على الأمريكان، خصوصاً في عهد ترامب، الضغط باتجاه تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.


أما ثالثها فهو أن المقاومة الفلسطينية المسلحة تتشكل بنيتها الأساسية من حركات إسلامية هي حماس والجهاد الإسلامي. فاجتمع عليها معارضة الأنظمة لخط المقاومة وعداء هذه الأنظمة أيضاً للتيارات الإسلامية التي تصدَّرت الربيع العربي في بلدانها؛ وهو ما زاد من صعوبة العمل المقاوم وعدم وجود بيئة استراتيجية حاضنة في البلاد العربية. وتسبّب ذلك في أن تلجأ المقاومة لبناء علاقة قوية بإيران التي دعمت المقاومة مالياً وعسكرياً، وهو ما زاد من توتير العلاقات مع عدد من الأنظمة العربية؛ وأصبحت تنظر للمقاومة من خلال علاقتها بإيران، وليس من خلال واجبها تجاه القدس والمقدسات وفلسطين، ومسؤولياتها القومية والإسلامية وأمنها القومي.


ومع اتساع عملية التطبيع التي رافقت إقامة أربع دول عربية في 2020 علاقات مع الكيان الإسرائيلي، وتطور شبكة العلاقات والمصالح السياسية والاقتصادية والسياحية والأمنية والعسكرية والإعلامية، وعقد عشرات اتفاقيات التعاون، تحول الشأن الفلسطيني إلى مسألة هامشية، وجرى غض الطرف عن الكثير من الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وضد الأرض والمقدسات. كما تم التغاضي عن تحول القيادة الإسرائيلية إلى مزيد من التطرف الديني والقومي. وبالتالي، فإذا كانت قضية فلسطين نفسها قد تحولت إلى عبء ومشكلة بعد أن كانت واجباً وشرفاً ومسؤولية، فإن المقاومة المسلحة ضد الكيان، صارت تستعدي الأنظمة وتستفزها، وتظهر كعنصر إفشال وتعطيل لمسار التطبيع، وكعنصر تثوير وتحريض لمواطني هذه البلدان.


صدمة معركة طوفان الأقصى:


كان وقْعُ المفاجأة كبيراً على الدول التي اندفعت في تطبيع علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، فجاءت معركة 7 أكتوبر كطوفان صدم قطار التطبيع السريع فعطله، وجعل أولئك المنتشين بالعلاقات وانسيابيتها يقعون في حالة من الذهول والارتباك، كما انتابتهم حالة من الغيظ والغضب على المقاومة.


ولذلك، لم تُخف الإمارات غضبها من سلوك حماس، فصرّحت وزيرة الدولة للتعاون الدولي ريم الهاشمي في مجلس الأمن في 24/11/2023، بلغة غير معهودة إطلاقاً في الأدبيات العربية، بأن هجمات حماس في 7 أكتوبر هي هجمات “بربرية وشنيعة” وطالبت بالإطلاق الفوري لسراح “الرهائن”، ووصفت ما فعلته حماس بأنه “جرائم”. لكن عندما تعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي فقد اكتفت بالمطالبة بعدم تطبيق سياسة العقاب الجماعي، ولم تقم بإدانة جرائم ومجازر الاحتلال التي بُثّت صورها ومشاهدها على مرأى من العالم أجمع، وتجاوز عدد شهداء غزة عندما ألقت كلمتها 5100 بينهم نحو 2100 طفل و1120 من النساء، في الوقت الذي تبنت فيه الرواية الإسرائيلية، والتي ثبت أنها مليئة بالأكاذيب والمبالغات.


أما ولي عهد البحرين، فقد دان في “حوار المنامة” في 17/11/2023 عملية طوفان الأقصى، ووصفها بأنها “بربرية ومُروّعة” ودان حماس وسلوكها. ولكنه في الوقت نفسه لم يقم بإدانة الجرائم والمجازر الإسرائيلية ولم يصفها بالصفات نفسها؛ بالرغم من أن وحشيتها وبربريتها قد رآها العالم بمئات الأدلة والبراهين.


وقد كشف دينيس روس Dennis Ross وهو مسؤول أمريكي كان له دور أساس في مسار التسوية السلمية، أنه تحدث مع عدد من الزعماء العرب بعد 7 أكتوبر يعرفهم منذ فترة طويلة، وأنهم أخبروه أنه لا بدّ من تدمير حماس في غزة؛ وأنه إذا اعتُبرت حماس منتصرة فإن ذلك سيضفي شرعية على الأيديولوجيا التي تتبناها. كما أن موسى أبو مرزوق القائد البارز في حماس، قال في لقاء مع الجزيرة مباشر أن الكثير من الأجانب أبلغوه أن أعضاء في السلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية يطالبون الغرب سرّاً بالقضاء على حماس.


قمة عربية إسلامية باردة:


عقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن العدوان على غزة في اليوم السادس والثلاثين للعدوان (11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023) بعد قدرٍ كبير من التثاقل و”التثاؤب”، وبعد استشهاد نحو عشرة آلاف شهيد معظمهم مدنيون.


البيان الختامي للمؤتمر جاء دون السلوك الكلاسيكي المعتاد، إذ أكد على وقف العدوان على غزة والسماح بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ورفع الحصار عنه، ورَفض تهجير الفلسطينيين، واستنكر ازدواجية المعايير الغربية وجعل “إسرائيل” دولة فوق القانون، وأكد التمسك بـ”السلام” كخيار استراتيجي، وبالمبادرة العربية للسلام لسنة 2002. ودعا لتوفير الدعم المالي لحكومة فلسطين (حكومة سلطة رام الله)، وضرورة حشد شركاء دوليين لإعادة إعمار غزة؛ لكنه لم يحدد أي إسهامات مالية لأي من الدول المشاركة في المؤتمر.


باختصار، المؤتمر جاء في إطار رفع العتب، وامتصاص ما يمكن امتصاصه من الغضب الشعبي العربي والإسلامي. فليس ثمة نقاط عملية، بقطع العلاقات أو تعليقها مع الكيان الإسرائيلي، ولا بممارسة ضغوط فعلية أو تهديدات جادة إن لم يُوقف العدوان أو يفتح معبر رفح، وليس ثمة دعم للمقاومة ولا إشادة بأدائها، ولا بصمود الحاضنة الشعبية في القطاع. بل إن هناك إصراراً على فلسفة العجز، وعلى المسار الفاشل للتسوية، الذي أسقطته “إسرائيل” ورمته وراء ظهرها. وليس في القرارات ما يعطي أي مواقف جادة تجاه تهويد القدس والمسار الخطير الذي دخله تهويد الأقصى.


***


وباعتبار النتيجة، فإن الحضيض الجديد برز في تعامل عدد من الأنظمة العربية مع العدوان الإسرائيلي على القطاع كمن ينتظر على مضض انتهاء جيش الاحتلال من “مهمته” في القضاء على حُكم حماس للقطاع، باعتبار ذلك فرصة لإنهاء الوضع “الشاذ والمزعج” حسب تصورهم. وكان ثمة شعور بأن المعركة محسومة لصالح الاحتلال، وبالتالي فلا حاجة لخطوات عملية لدعم صمود المقاومة، ولا حاجة لممارسة ضغوط قوية مؤثرة باستخدام أوزانهم وإمكاناتهم الحقيقية لوقف العدوان، أو لإدخال المساعدات للقطاع.


وفي المقابل كان هناك عدد من البلدان العربية التي حافظت على دعمها المعتاد لفلسطين، وعلى سلوكها المعتاد تجاه المقاومة ودعمها أو تًفهّم سلوكها مثل قطر والكويت والعراق والجزائر واليمن وليبيا وسورية وتونس وعُمان…
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
عجز النظام العربي الرسمي وتحدّيات غزّة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: احداث ما بعد النكبة-
انتقل الى: