كواليس زيارة وفد إسرائيلي إلى مصر
كشفت مصادر مصرية مطلعة على جهود القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تفاصيل زيارة قام بها وفد إسرائيلي، تزامناً مع زيارة وفد حركة حماس للقاهرة الأسبوع الماضي، في وقت سربت فيه وكالات أنباء عالمية تفاصيل إضافية بشأن الأفكار التي تطرحها مصر للتوصل إلى هدنة جديدة ومواقف حركتي حماس والجهاد الإسلامي منها.
وقال مصدر مصري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، إن الوفد الإسرائيلي الذي زار القاهرة "ضم مسؤول ملف المفقودين والأسرى في حكومة الاحتلال"، مضيفاً أن "مهمة الوفد، كانت الاطلاع عن قرب على موقف حماس بشأن ما تم طرحه من تصورات لهدنة تتخللها صفقة تبادل أسرى".
وأوضح المصدر أن الوفد الإسرائيلي "كان معنياً بمعرفة ما إذا كان موقف حماس، رافضاً لتفاصيل أطروحات الهدنة، بحيث يمكن إجراء تعديلات على بعض النقاط المقدمة من تل أبيب، أم أن الحركة لديها موقف واحد برفض العروض الجزئية".
المقترح المصري لم يلق رفضاً قاطعاً من حماس
ولفت المصدر إلى أن "المقترح المصري الذي سبق وكشف عنه "العربي الجديد"، والذي يتضمن مرحلتين للتفاوض، لم يلق رفضاً قاطعاً من حركة حماس، كونه يتضمن اثنين من المبادئ الرئيسية التي حددتها الحركة، وهما: عدم التفاوض تحت النار، ووقفاً شاملاً لإطلاق النار، يتبعه انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي دخلتها في القطاع".
يدعو المقترح المصري لوقف مبدئي لإطلاق النار لمدة تصل إلى أسبوعين
وكشف المصدر عن "تكثيف الإدارة الأميركية اتصالاتها بكل من القاهرة والدوحة، في ظل تنامي القلق من اتساع رقعة" ما وصفه "بحرب الممرات التجارية، في ظل تلميحات من معسكر المقاومة بإمكانية استهداف حركة التجارة المرتبطة بإسرائيل في البحر المتوسط ومضيق جبل طارق".
وحول مصير المشاورات الخاصة بوقف الحرب، أوضح المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر مجمد في انتظار موقف جديد من الجانب الإسرائيلي، عقب اجتماع كابينت الحرب مساء أمس الاثنين، حيث كان من المقرر أن يبحث أعضاؤه تفاصيل زيارة الوفد وموقف حماس".
اقتراح مبدئي مصري لإنهاء الحرب
وفي سياق متصل، نقلت وكالة "أسوشييتد برس" أمس الاثنين عن مسؤول مصري بارز ودبلوماسي أوروبي قولهما إن مصر طرحت اقتراحاً مبدئياً طموحاً يهدف لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بوقف إطلاق النار، والإفراج التدريجي عن الرهائن، وتشكيل حكومة فلسطينية مكونة من خبراء لإدارة قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وحسب ما ذكر المسؤول المصري، الذي تحدث لـ"أسوشييتد برس" شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بمناقشة المحادثات الجارية، "يدعو الاتفاق إلى وقف مبدئي لإطلاق النار لمدة تصل إلى أسبوعين، يقوم خلالها المسلحون الفلسطينيون بإطلاق سراح ما بين 40 إلى 50 رهينة، بينهم نساء ومرضى وكبار سن، مقابل إطلاق سراح ما بين 120 إلى 150 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية".
وأضاف المسؤول: "في الوقت نفسه ستستمر المفاوضات بشأن تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من الرهائن والجثث المحتجزة لدى المسلحين الفلسطينيين".
العمل على تشكيل حكومة تكنوقراط لحكم غزة والضفة
وذكر أن "مصر وقطر ستعملان أيضاً مع جميع الفصائل الفلسطينية، ومن بينها حماس، للاتفاق على تشكيل حكومة تكنوقراط ستحكم غزة والضفة الغربية لفترة انتقالية، بينما تقوم الفصائل الفلسطينية بتسوية خلافاتها والاتفاق على خريطة طريق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية". وأضاف: "في غضون ذلك ستواصل إسرائيل وحماس التفاوض على اتفاق شامل تحت شعار: الكل مقابل الكل".
وأشار المسؤول المصري إلى أن المقترح سيشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في غزة مقابل تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، فضلاً عن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة ووقف المسلحين الفلسطينيين إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وقال دبلوماسي أوروبي إنه على علم بالاقتراح المصري، لكن لم يقدم مزيداً من التفاصيل، فضلاً عن تشكيكه في قبول بنيامين نتنياهو وحكومته المتشددة للاقتراح بأكمله.
وبحسب الوكالة فقد ناقش المسؤولون المصريون الخطوط العريضة للاقتراح مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الذي زار القاهرة الأسبوع الماضي، فيما يعتزمون مناقشة الأمر مع زعيم حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، الذي وصل إلى القاهرة أمس الأول الأحد.
تمسك حماس والجهاد بحكم غزة
في المقابل، قال مصدران أمنيان مصريان، لوكالة "رويترز"، إن "حماس وحركة الجهاد الإسلامي رفضتا اقتراحاً مصرياً بالتخلي عن السلطة في قطاع غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار". وقال المصدران إن مصر اقترحت إجراء انتخابات بينما قدمت ضمانات لـ"حماس" بعدم مطاردة أعضائها أو ملاحقتهم قضائياً، لكن الحركة رفضت تقديم أي تنازلات سوى إطلاق سراح الرهائن.
ورفض مسؤول في حماس زار القاهرة أخيراً التعليق مباشرة على عروض محددة لمزيد من الهدنات الإنسانية المؤقتة، مشيراً إلى موقف الحركة الرسمي. وقال المسؤول، لـ"رويترز"، إن "حماس تسعى لإنهاء العدوان الإسرائيلي على شعبنا والمذابح والإبادة الجماعية وناقشنا مع أشقائنا المصريين سبل القيام بذلك".
وأضاف: "قلنا أيضاً إن المساعدات لشعبنا يجب أن تستمر، وأن تزيد، وأن تصل إلى جميع السكان في الشمال والجنوب". وتابع: "بعد وقف العدوان وزيادة المساعدات نحن مستعدون لمناقشة تبادل الأسرى".
وتحدث مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي عن نفس موقف "حماس". وقال، لـ"رويترز"، إن الجهاد تطالب بوضع حد للهجوم العسكري الإسرائيلي كشرط مسبق لمزيد من المفاوضات. وأشار إلى أن الحركة تصر على أن أي تبادل للأسرى يجب أن يستند إلى مبدأ "الكل مقابل الكل"، أي إطلاق سراح جميع الإسرائيليين في غزة مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل.
وعقب نشر التقرير، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق: "لا علم لحركة حماس بما نشرته وكالة رويترز، منسوباً لمصادر أمنية مصرية، ونجدد التأكيد بأن لا مفاوضات إلا بوقف شامل للعدوان". وأضاف: "تسعى قيادة الحركة بكل قوة لوقف العدوان والمجازر على شعبنا بشكل كامل وليس مؤقتا، وشعبنا يريد وقف العدوان، ولا ينتظر هدناً مؤقتة، وتهدئة مجتزأة لفترة قصيرة، يتواصل بعدها العدوان والإرهاب".
بدء محادثات وفد "الجهاد" وعباس كامل
في غضون ذلك، انطلقت في القاهرة، أمس الاثنين، اجتماعات بين وفد حركة الجهاد الإسلامي مع المسؤولين في مصر، وعلى رأسهم رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل.
من جانبه، قال مصدر قيادي بالحركة لـ"العربي الجديد" إن "هناك وحدة شاملة في المواقف والتنسيق بين الجهاد وحماس، ومن غير الصحيح أن تتبنى الجهاد موقفاً أحادياً لا يتماشى مع موقف حماس"، مضيفاً: "نحن متوافقون على أنه إما وقف شامل لإطلاق النار، وإما استمرار الحرب".
وتابع المصدر: "يظن الاحتلال أنه كلما ضغط في الوقت الراهن، سيحصل على تنازلات من المقاومة، باعتبار استنزاف طاقاتها. وهنا نود أن نؤكد له إذا أراد استمرار الحرب لعام كامل، فالمقاومة جاهزة. وكما أن لديه مراحل في العملية العسكرية، المقاومة أيضاً لديها مراحل تنسيق شامل بين مجاهدي كافة الفصائل في الميدان"، متابعاً: "صواريخ المقاومة لا تزال بخير وخسائرها مع اليوم الثمانين لا تتجاوز الـ10٪".
مصدران أمنيان مصريان: حماس والجهاد رفضتا التخلي عن السلطة في غزة مقابل وقف دائم لإطلاق النار
وفي السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، لـ"العربي الجديد"، إن المقاومة وضعت شرطاً وهو الوقف الشامل لإطلاق النار، وإسرائيل لا تقبل به، لسبب بسيط لأن الوقف الشامل لإطلاق النار، يعني نهاية نتنياهو، وهو لا يمكن أن يوافق على ذلك. ثم إن الجيش الإسرائيلي، طالب باستمرار القتال لكي لا تستفيق حماس ولا تستطيع الحصول على السلاح".
وفي ما تطرق المصدر المصري الذي تحدث لـ"العربي الجديد" إلى الوضع على المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، وما أثير حول مطالب إسرائيلية بسحب مصر قواتها التي تتولى تأمين الشريط الحدودي، شدد المصدر على "عدم صحة ما أثير في هذا الشأن"، موضحاً أن "هناك قناة أمنية معروفة بين الجانبين، يتم من خلالها تنسيق كافة الأمور المتعلقة بالشريط الحدودي".
ولفت إلى أن "أقصى شيء حدث، هو إبلاغ تل أبيب للقاهرة، بتنفيذ عدد من الضربات المتقطعة ضد ما تسميه أهداف المقاومة"، مؤكداً أن "منح مصر الضوء الأخضر لمثل تلك الضربات، يرجع لكون القاهرة متأكدة من خلوها من أية أنفاق تزعم إسرائيل وجودها".
وفي هذا السياق، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء، مهند صبري، لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل لديها نظرية (وهمية) لا دليل عليها، وهي أن قيادات حماس لديها مخطط للهرب إلى مصر عبر محور فيلادلفيا، من خلال الأنفاق، وأيضاً لديهم خطة لتهريب الرهائن الإسرائيليين. وبناء على ذلك الوهم، فهم يريدون احتلال المحور الواقع عند خط الحدود، والسيطرة عليه عسكرياً".
وأكد أن "لا دليل على هذه النظرية، كما أنه ليس لدى إسرائيل أي دليل عن أي شيء زعمته منذ بدء الحرب". وأضاف صبري: "النقطة الأهم هنا هي: هل لدى إسرائيل إمكانية لاحتلال تلك المنطقة، الإجابة بالقطع نعم... وهل هناك إمكانية لأن يتصدى أحد لذلك، لا أعتقد".