مبشرات النصر: عقيدة لا تحليل

لا نرجم بالغيب، لكن وعد ربنا بالنصر يسوّغ لأحدنا أن يجزم بالنصر في نهاية هذا الطوفان على أمريكا وأعضاء غرفة عمليات إبادة غزة المشاركين.

ظهور أبي عبيدة أمس برغم أنه لم يضف شيئا كنا ننتظره من قبيل اعتقال جينيت أو قتل نتن ياهو أو سحل أفخاي، لكن أبا عبيدة تجلى بروحه في جِرس خطابه وانطلاقة منطقه ومعنوياته التي لا يملكها أصحاب الأرصدة المتكئون على أرائكهم يؤرجلون أو يدخنون، وهم في الحقيقة يعانون من اكتئاب مزمن سببه الضرائب المفروضة عليهم، ولو عاشوا مع غزة لعلموا أن خير علاج لاكتئابهم هو أن يعيشوا أحرارا بدل هذه العبودية التي يعاقرون!!

صحيح أننا نؤمن بوعد الله بالنصر، وصحيح كذلك أن للنصر جوّه وأسبابه، وسأحاول في دردشتي هذه أن أحصي بعض مبشرات النصر الوشيك بحول الله.

١) بشر نبينا صل الله عليه وسلم بالطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها، ولم يتبنّ الدفاع عن الأقصى منذ تدنيسه الأول دولة بالوسائل التي تنصره وتنتزع ورم احتلاله من جذوره، وحَمَل هذه الأمانة الخطيرة طائفة يرميها العرب والعجم عن قوس واحدة، لكنه لا يضرها من خذلها، والميدان يصدّق هذا كله، لقد نصرت هذه الطائفة دينها وربها، ولم يبق إلا تحقق الوعد :”إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.

٢) كان النفاق وما يزال خطيرا ومخيفا لإرجافه في المؤمنين وتخذيله لصفوفهم، ونحن اليوم أمام لحظة انكشاف النفاق : أحابيله وأفراده ودوله، وقد تمايزت اليوم الصفوف كما لم تتمايز من قبل، وهذا سحب من بين أنياب المنافقين سمّهم الناقع، وتركهم بلا أنياب ولا سمّ، فصرنا في الساحة فريقين مؤمن ظاهر الإيمان وعدو جاحد ظاهر العدوان، فلما استبان المشهد لم تبقَ إلا الحلقة الأخيرة منه :”نصر من الله وفتح قريب”.

٣) في دراستنا لجوّ غزوة الأحزاب رأينا كيف تحقق النصر بعد أن”زاغت الأبصار بلغت القلوب الحناجر”وسأل الناس عن النصر سؤال المستجير الذي أغلقت أمامه السبل، وكما تحقق نصر الخندق فإن نصر الطوفان متحقق يقينا، فإن لم نجزم بهذا فكيف ندعي فهمنا القرآن الذي نزل يبشرنا كما بشّر من سارت المقاومة على نهجهم وسعت إلى الفلاح كسعيهم؟

٤) لقد ملكت المقاومة مصداقية جعلت عدوها يتخذها مرجعيته في الإنباء ويخشى من تنفيذ وعيدها إذا توعدت، ولم يحظَ نظام عربي أو إسلامي مع شعبه أو العالم بثقة وتصديق كالذي حظيت به المقاومة، فلمّا اتصفت كتائب القسام وأخواتها بالصدق، رشحت نفسها لتتبوأ مقعد الصدق الذي تبوأه الصحابة المنصورون ”من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”، أفتشكّ أيها القارئ بعد هذا باقتراب النصر بل بتحققه وإنجازه؟

٥) كل من قرأ التاريخ يعلم أن بأس المسلمين الذي صُبّ على دولتي فارس والروم أدى إلى ذهاب ريحهما وانتهاء حقبة جبروتهما على الأرض، لكن لا يغفل منصف أن اهتراء الدولتين سياسيا وإداريا من داخلهما وانتشار الظلم لمواطنيهما ساعد الدولة الإسلامية في إسقاطهما من الخارج، وكما انهار غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر فإن الانهيار الداخلي سيكمل المهمة: رئيس وزراء فاسد مطلوب للسجن، وخلاف في مجلس حرب العدو، وسخط لدى أهالي المحتجزين عند حماس، وتذمر من التشريعات الداخلية، يصحب ذلك كله نقص في الأنفس الخبيثة التي نفقت في الحرب ونقص في السلاح والعتاد بعد تخريب ما يقرب من ألف آلية عسكرية، وسخط أثاره الفشل الذريع في تحقيق أهداف الغرب المجرم من هذه الحرب المسعورة، كلها وغيرها عوامل حكمت عليهم بالخسارة التي اكتملت أركانها وتمّ أمرها حتى بات الإعلان عنها واضحا في وسائل إعلامهم وإعلام أوليائهم من العجم والعرب.

نعم تحقق النصر وننتظر الإعلان عنه في أي لحظة، فلتصمت ألسنة المشككين فإنهم يعملون لصالح الإرجاف الصهيوني علموا أو لم يعلموا ”وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.