احذروا لعنة غزة!
ما هذا التقاعس والخذلان الذي يلف الموقف العربي والإسلامي والدولي الرسمي مما يجري في قطاع غزة؟ ما سر هذا الجبن الذي يغلّف تصريحات المسؤولين العرب ومواقفهم؟ ما هذا العجز المطبق عن اتخاذ أي خطوات عملية توقف حرب الإبادة الجماعية الصهيو-أميركية الدائرة هناك منذ ثلاثة أشهر؟ أهل غزة يصرخون ويستغيثون ويستنجدون صبح مساء، يستفزون بقتلاهم وجرحاهم النخوة والرجولة والأخوّة والعروبة والإسلام، ويستنجدون بالإنسانية والشرائع الدولية، دون أن يهتز لهم جفن أو يرتجف فيهم عِرق، أو يتدفق في وجوههم دم، وكأن أهل غزة ليسوا عربا ولا مسلمين ولا بشرا يعيشون في هذا الكوكب، أو كأنهم من حجارة وحطب وغبار. يا للهول؛ إنه حقا، أمر لا يصدق، لم يعرفه التاريخ من قبل على هذا النحو، فاحذروا لعنة غزة القادمة، التي ستذيقكم وبال صمتكم وعجزكم وتخاذلكم وتواطئكم، وستصيب معكم جميع من شارك أو أيّد أو تعاطف أو دعم أو ساند أو ساهم في تدمير غزة، وتهجير أهلها وتركها لقمة سائغة تواجه بنسائها وأطفالها وبيوتها، حرب الإبادة الجائرة التي يتعرضون لها.
اللعنة هي سيف العدالة الإلهية الذي يقتصّ من المتجبرين والقتلة والمجرمين والمتخاذلين وشهود الزور، عندما يعجز المظلومون عن أخذ حقوقهم وإقامة القصاص ممن ظلمهم ونهب حقوقهم.
اللعنة قادمة!
ليعلم الجميع أن اللعنة قادمة، وأنها ستصيبهم في مقتل، وستذيقهم من أسوأ الكؤوس التي تجرعها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. اللعنة قادمة أياً كانت النتيجة النهائية التي ستنتهي إليها الحرب، سواء بهزيمة العدوان واندحاره يجر أذيال الخيبة ليصفي حساباته الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيما بين أجنحته المتضاربة، أو بهزيمة المقاومة وتمكن الكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه كليا أو جزئيا، أو بالتوصل إلى حلول وسط يتفق عليها الطرفان عن طريق وسطاء التفاوض.
اللعنة قادمة لا محالة، فانتظروها.
سيف العدالة
اللعنة هي العقاب والعذاب الذي يتنزل فوق رؤوس الظالمين، أفرادا وجماعات، عندما تنحرف بوصلة العدالة عن مسارها، ويسود الظلم والبطش، وتختل الموازين، وتتعطل القوانين والأحكام أو تنقلب إلى ضدها. إنها سيف العدالة الإلهية الذي ينبري للقصاص من المتجبرين والقتلة والمجرمين والمتخاذلين وشهود الزور، عندما يعجز المظلومون عن أخذ حقوقهم وإقامة القصاص ممن ظلمهم ونهب حقوقهم. وقد علمتنا السنن الإلهية عبر التاريخ أن اللعنة تقع بسبب انتشار الظلم، وطغيان الجبابرة والزعماء وأولي الأمر والنهي، وبسبب الانحرافات المدمرة للعقيدة والفطرة والأخلاق، فيسود الفساد في الأرض، ويطبق الاستبداد على أنفاس العباد، ويهيمن الاستعلاء على حركة التاريخ ومصائر المستضعفين.
وقد لقي الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحت ويلات هذه المحرقة الكبرى وحرب الإبادة الجماعية التي شنها عليهم التحالف الصهيو-أميركي، ما لم يره شعب من شعوب الأرض على مر التاريخ. وقد بلغ الظلم مداه بالتكبر والتجبر، والإعراض عن الحق، والإمعان في القتل وإراقة الدماء وانتهاك كافة حرمات البشر من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والمصابين والمعوزين، الذين لم يكن لهم حول ولا قوة لدفع هذه العدوان، ومنع جحيم الظلم الذي انفتح فوق رؤوسهم، وقد تخلّى عنهم الأهل والجيران والإخوة والخلان، وتآمروا عليهم مع أعدائهم، وانقلب عليهم من يرفعون رايات الإنسانية ويتشدقون بشعاراتها، فكان لابد أن من أن تتحول مأساتهم ومعاناتهم إلى لعنة صارمة تتنزل على ظالميهم، لتنتقم منهم للأبرياء الذين قضوا بسببهم تحت الدمار، أو بشظايا القصف ورصاص القنص، أو بنقص الدواء والعلاج، أو بتركهم ينزفون حتى الموت دون أن تقوى يد المساعدة على الوصول إليهم.
لا تقتصر اللعنة على التحالف الصهيو-أميركي، وإنما ستمتد لتشمل جميع الأطراف والأوساط والدوائر والكيانات والقيادات التي أحجمت -رغم قدرتها- عن اتخاذ الإجراءات العملية التي تجبر هذا التحالف على إيقاف حرب الإبادة والموافقة على وقف إطلاق النار.
الملعونون
لن تقتصر اللعنة على التحالف الصهيو-أميركي، وإنما ستمتد لتشمل جميع الأطراف والأوساط والدوائر والكيانات والقيادات التي أحجمت -رغم قدرتها- عن اتخاذ الإجراءات العملية التي تجبر هذا التحالف على إيقاف حرب الإبادة والموافقة على وقف إطلاق النار.
سيكون أول الملعونين الكيان الصهيوني، وهو خير من جرب هذه اللعنات على مدى تاريخه المليء بالانحرافات والفساد وسفك دماء الأبرياء، وثاني الملعونين سيكون الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته وجيشه. أما ثالث الملعونين فهو الرئيس الفلسطيني أبو مازن وسلطته البائسة التي تحرس حمى الاحتلال، وترفض الانحياز لشعبها في وجه العدوان الذي لا يعيرها اهتماما ولا يحسب لها حسابا. وأما رابعهم فهم الخلان والجيران الذين تخاذلوا وتواطأوا وتعاونوا مع التحالف الصهيو-أميركي لتنفيذ حربهم العدوانية على قطاع غزة، وأحجموا عن اتخاذ أي خطوات عملية تجبر التحالف على التراجع والرضوخ لطلبات إيقاف إطلاق النار. وأما خامس الملعونين وسادسهم وسابعهم.. فكل مع أيّد العدوان وبرر وشرّع له ما يقوم به على حساب دماء الأبرياء.
كيف ومتى؟
اللعنة قادمة فاحذروها، ستأتيكم فرادى أو جماعات، دفعة واحدة أو على دفعات، لكنها ستصيبكم جميعا، ستعرفونها في مصائبكم وكوارثكم القادمة وأزماتكم المتلاحقة، في قلقكم واضطراب نفوسكم وانهيار بلادتكم، ستأتيكم كالصواعق المتلاحقة والزلازل الماحقة، أو كالأوبئة السيارة والتقلبات المدمرة. ستأتيكم في أنفسكم أو في خاصتكم أو شعوبكم أو جيوشكم، ستأتيكم في أرزاقكم وميزانياتكم واختلال أرصدتكم وتراكم ديونكم، ستأتيكم بأيديكم وأيدي من معكم من داخلكم، أو بأيدي غيركم من خارجكم.
ستأتيكم في ألف شكل وشكل، وفي ألف لون ولون، وستعرفونها عندما تتدافع فوق رؤوسكم الويلات، وتتعاقب عليكم الأزمات، وتتجرعون طعم الموت في كل شيء حولكم.
وربما يتساءل بعضكم ساخرا: متى ستتنزل عليكم هذه اللعنات؟
علمتنا السنن الإلهية والبشرية أن هذه اللعنة قادمة، قد تسرع الخطى وتجدونها على الأبواب، وقد تتأخر قليلا أو كثيرا، لكنها حتما قادمة، فانتظروها.