القصة الكاملة لجزيرة المتعة المحرمة.. وتورط أمير بريطاني وزعيمين أمريكيين ورئيس وزراء إسرائيلي
رغم عشرات القضايا التي تعكس انحطاط الكثير من الشعب الأمريكي، وتورط هذا المجتمع في العديد من الجرائم المشينة والبشعة، وذلك رغم ادعاء المبادئ، إلا أنه يبدوا أن هناك الكثير والكثير من الكوارث المجتمعية المتجذرة داخلها، والتي طالت أعلى المستويات بواشنطن، وآخر تلك القضايا هي الفضيحة الجنسية الشاذة داخل جزيرة المتعة التي كان يديرها أحد رجال الأعمال الكبار، وتورط في تفاصيلها العشرات من المشاهير الداخل ومن خارجها، والتي تضمنت اتهامات بالتعدي الجنسي على أطفال لم يتجاوز عمر بعضهن عن 14 عاما.
وبحسب ما نشرته عدد من الصحف الأمريكية، فقد كشفت مجموعة من الوثائق المتعلقة بشبكة الملياردير ورجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين -الذي انتحر في سجنه عام 2019 قبل محاكمته بجرائم جنسية- عن تورط شخصيات بارزة، بينهم نساء يُعتقد أنهن من ضحاياه، وآخرون يُشتبه في أنهم تواطؤوا معه، وكانت القاضية الأميركية لوريتا بريسكا قضت الشهر الماضي بضرورة نشر الوثائق التي تضم أسماء أكثر من 170 شخصا كانوا إما شركاء أو أصدقاء أو ضحايا لإبستين، وبين هؤلاء الأشخاص، الذين يتراوح عددهم بين 150 و180 والذين وردت أسماؤهم في آلاف الصفحات، سياسيون وأفراد عائلات ملكية ورجال أعمال ومحامون وفنانون.
عاش متحرشا ويدير شبكة دعارة.. ومات منتحرا داخل السجن
جيفري إبستاين، والذي عرف في بداية حياته بشخصية أعمال، وملياردير أمريكي، وقد ولد في 20 يناير 1953 في بروكلين في الولايات المتحدة، وقد بدأ إبستاين حياته المهنية في مجال التمويل في بنك الاستثمار بير شتيرنز قبل تشكيل شركته الخاصة، ج. إبستاين وشركاه، وكان إبشتاين مليونيرا وعلى اتصال جيد ببعض النخب المالية والسياسية والثقافية، ولكن في أبريل 2005، بدأت شرطة بالم بيتش، فلوريدا، التحقيق مع إبستاين بعد أن اشتكى أحد الوالدين من أنه تحرش بابنتها البالغة من العمر 14 عامًا، وبعد التحقيق والادعاء ومفاوضات الإقرار بالذنب، أقر إبستين بالذنب وأُدين من قبل محكمة ولاية فلوريدا بتهمة الدعارة وبتكليف فتاة دون السن القانونية لممارسة الدعارة في 30 يونيو 2008، وقد قضى قرابة 13 شهرًا في الحجز، وتم الإفراج عنه كجزء من صفقة التماس؛ ولكن حدد المسؤولون الفيدراليون 36 فتاة، بعضهم لا يتجاوز عمره 14 عامًا، وقد تعرضن للتحرش.
وبحسب الصحف الأمريكية، فقد تم إلقاء القبض على إبستاين مرة أخرى في 6 يوليو 2019، بتهمة اتحادية بالاتجار بالجنس للقُصّر في فلوريدا ونيويورك، وفي يناير 2024 وكجزء من دعوى قضائية رفعت ضد إبستين، كشفت المحكمة في مجموعة من الوثائق عن قائمة بـ 180 اسم تقريبا لشخصيات كانت على صلة بإبستاين بما في ذلك رؤساء للولايات المتحدة والأمير البريطاني أندرو، ولكن إبستاين توفي في 10 أغسطس 2019 في زنزانته في السجن، وتم تشريح الجثة في 11 أغسطس 2019، وأعلن مكتب الفاحص الطبي في مدينة نيويورك أنه يحتاج إلى مزيد من المعلومات قبل تحديد سبب الوفاة، وبعد ذلك أعلنت مصادر رسمية في الولايات المتحدة، انتحار جيفري إبستاين الملياردير الأميركي صديق الرئيس دونالد ترامب، خلال تواجده في أحد السجون الأميركية، حيث توفي عن عمر يناهز 66 عاما.
ما هي هذه السجلات؟
تعد الوثائق التي تم الكشف عنها جزءًا من دعوى قضائية مرفوعة ضد ماكسويل عام 2015 من قبل إحدى ضحايا إبستين، فيرجينيا جيوفري، وهي واحدة من عشرات النساء اللاتي رفعن دعوى قضائية ضد إبستين قائلين إنه اعتدى عليهن في منازله في فلوريدا ونيويورك وجزر فيرجن الأمريكية ونيو مكسيكو، وقالت جوفري إنه في الصيف الذي بلغت فيه السابعة عشرة من عمرها، تم استدراجها بعيدًا عن وظيفتها كمضيفة منتجع صحي في نادي ترامب مارالاغو لتصبح "مدلكة" لإبستاين - وهي وظيفة تنطوي على أداء أفعال جنسية.
وزعمت جيوفري أيضًا أنها تعرضت لضغوط لممارسة الجنس مع رجال في المدار الاجتماعي لإيبستين، بما في ذلك الأمير البريطاني أندرو، وحاكم نيو مكسيكو السابق بيل ريتشاردسون، والسيناتور الأمريكي السابق جورج ميتشل، والملياردير جلين دوبين، من بين آخرين، وقال كل هؤلاء الرجال إن حساباتها ملفقة، وقامت جيوفري بتسوية دعوى قضائية ضد الأمير أندرو في عام 2022، وفي العام نفسه، سحبت جيوفري الاتهام الذي وجهته ضد محامي إبستين السابق، أستاذ القانون آلان ديرشوفيتز، قائلة إنها " ربما ارتكبت خطأ " في تحديده على أنه مُسيء.
وتمت تسوية دعوى جوفري ضد ماكسويل في عام 2017، لكن صحيفة ميامي هيرالد ذهبت إلى المحكمة للوصول إلى أوراق المحكمة التي تم تقديمها في البداية تحت الختم، بما في ذلك نصوص المقابلات التي أجراها المحامون مع الشهود المحتملين، وتم الكشف عن حوالي 2000 صفحة من قبل المحكمة في عام 2019، وتم إصدار وثائق إضافية في أعوام 2020 و2021 و2022، وتحتوي الدفعة التي تم إصدارها حاليًا على حوالي 250 سجلًا بأقسام تم حجبها أو تم إغلاقها بالكامل بسبب مخاوف بشأن حقوق الخصوصية لضحايا إبستين وغيرهم من الأشخاص الذين ظهرت أسماؤهم خلال المعركة القانونية لكنهم لم يكونوا متواطئين في جرائمه.
وتم إطلاق سراح ما يقرب من 200 حتى يوم الجمعة. ولم يحدد القاضي هدفًا للوقت الذي يجب أن يتم فيه نشر جميع الوثائق، ولكن من المتوقع ظهور المزيد.
ماذا تظهر الوثائق؟
وبحسب صحيفة apnews الأمريكية، قالت قاضية المقاطعة الأمريكية لوريتا أ. بريسكا، التي قامت بتقييم الوثائق لتحديد ما يجب الكشف عنه، في أمرها الصادر في ديسمبر الماضي، إنها أمرت بنشر السجلات لأن الكثير من المعلومات الموجودة فيها متاحة للعامة بالفعل، وقد تم الإفراج عن بعض السجلات، إما جزئيًا أو كليًا، في قضايا أخرى أمام المحاكم، ويشمل الأشخاص المذكورون في السجلات العديد من متهمي إبستين، وأعضاء طاقمه الذين رووا قصصهم للصحف الشعبية، والأشخاص الذين خدموا كشهود في محاكمة ماكسويل، والأشخاص الذين تم ذكرهم بشكل عابر أثناء الإفادات ولكنهم غير متهمين بأي شيء بذيء، والأشخاص الذين حققوا مع إبستين، بما في ذلك المدعون العامون والصحفي ومحقق الشرطة.
وقال القاضي إن هناك أيضًا أسماء بارزة لشخصيات عامة معروفة بأنها ارتبطت بإبستاين على مر السنين، ولكن تم بالفعل توثيق علاقاتها معه جيدًا في مكان آخر، أحدهم هو جان لوك برونيل، وكيل عارضة الأزياء الفرنسي المقرب من إبستين الذي كان ينتظر المحاكمة بتهم اغتصاب فتيات قاصرات عندما انتحر في أحد سجون باريس في عام 2022، وكانت جيوفري من بين النساء اللاتي اتهمن برونيل بالاعتداء الجنسي. .
ويشارك كل من كلينتون وترامب في ملف المحكمة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استجواب جوفري من قبل محامي ماكسويل حول عدم الدقة في القصص الصحفية حول الفترة التي قضتها مع إبستين. ونقلت إحدى القصص عنها قولها إنها استقلت طائرة هليكوبتر مع كلينتون وغازلت ترامب. قال جيوفري إن أياً من هذه الأشياء لم يحدث بالفعل. ولم تتهم أيًا من الرئيسين السابقين بارتكاب أي مخالفات، وقال القاضي إنه يجب أن تظل بعض الأسماء محجوبة في الوثائق لأنها ستحدد الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي.
أمير بريطاني و2 رؤساء لأمريكا ورئيس وزراء إسرائيلي
وقد أظهرت الوثائق أسماء عدد من الشخصيات البارزة التي كانت على علاقة بإبستين وزارت الجزيرة الخاصة به، ومنهم:
الأمير البريطاني أندرو
إحدى الفتيات التي تدعى جوانا سيوبيرغ والتي كانت تعمل لدى إبستين اتهمت الأمير البريطاني أندرو بالاعتداء جنسيا عليها 3 مرات سنة 2001 حين كانت في سن 17 عاما في لندن ونيويورك وجزر فيرجن البريطانية، غير أن الأمير (62 عاما)، الذي جرد من ألقابه بعد القضية، نفى الاتهامات الموجهة إليه، لكنه توصل إلى اتفاق بالتراضي قضى بأن يدفع لها 13 مليون دولار، حسب صحيفة ديلي تلغراف، وهو ما جنّبه محاكمة أمام القضاء المدني في نيويورك.
آلان ديرشوفيتز
أستاذ القانون بجامعة هارفارد سابقا معروف بعمله في القانون الجنائي الأمريكي، وقد كلفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتمثيل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية الأسبوع القادم، وتتضمن الوثائق المتعلقة به ادعاءات قدمتها امرأة لم يذكر اسمها، وأشير إليها باسم "جين دو رقم 3″، إذ قالت إن إبستين "طلب منها" إقامة علاقات جنسية مع ديرشوفيتز في مناسبات متعددة عندما كانت قاصرا، وشهدت مدبرة منزل إبستين أن ديرشوفيتز كان كثيرًا ما يزور قصر إبستين في فلوريدا للحصول على جلسات التدليك.
إيهود باراك
وفي شهادتها، أنكرت جوانا سيوبيرغ مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك خلال فترة وجودها مع إبستين، والربيع الماضي، اعترف باراك لصحيفة وول ستريت جورنال بأنه كان يتواصل مع إبستين في نيويورك، لكنه ادعى أنه لم يلتق قط برجل الأعمال "مع فتيات أو قاصرات، أو حتى نساء بالغات في سياق أو سلوك غير لائق".
ستيفن هوكينغ
تم ذكر اسم عالم الفيزياء الراحل في رسالة بريد إلكتروني أرسلها إبستين إلى ماكسويل في يناير 2015، الذي توفي في عام 2018، حيث طلب من ماكسويل في رسالته "تقديم هدايا" لأصدقاء جيوفري وعائلتها ومعارفها لدحض مزاعم جيوفري ضد ستيفن هوكينغ، وورد في البردي الإلكتروني أن هوكينغ شارك في حفلات جنس جماعية لفتيات صغيرات، ولكن تشير بعض الصحف الأمريكية أن اسم الفيزيائي النظري، ظهر به خطأ إملائي، في رسالة بريد إلكتروني التي أرسلها إبستين عام 2015 يقترح فيها دفع مكافأة لأي شخص يمكنه فضح ادعاء لا أساس له حول هوكينج.
مايكل جاكسون
وقالت سيوبيرغ إنها رأت المغني الراحل في منزل إبستين، وعندما سئلت إذا كانت قد قدمت له تدليكا، قالت لا.
بيل كلينتون
كما ورد ذكر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في وثائق المحكمة، وفي حين قالت سيوبيرغ إنها لم تقابل كلينتون، فإنها شهدت أن إبستين قال لها إن "كلينتون يحبهن صغارا"، في إشارة على ما يبدو إلى الفتيات. وبينما كانت جيوفري قد ذكرت في وقت سابق أن كلينتون وإبستين تربطهما علاقة وثيقة، إلا أنها لم تتهمه بأي عمل غير قانوني، ورفض كلينتون مرارا وتكرارا جميع المزاعم بأنه متورط في أي شيء غير قانوني، وقال إنه لم يكن لديه أي تواصل مع إبستين لعدة سنوات.
دونالد ترامب
كما ورد ذكر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الوثائق ولكن لم يتم اتهامه، وذكرت سيوبيرغ حادثة عندما غادرت مع إبستين وجيوفري على متن طائرة من بالم بيتش بولاية فلوريدا عام 2001، وعندما لم تتمكن الطائرة من الهبوط في نيويورك بسبب عاصفة، اضطروا إلى الهبوط في أتلانتيك سيتي وذهبوا إلى أحد كازينوهات ترامب.
ديفيد كوبرفيلد
شهدت سيوبيرغ على لقاء الساحر الأميركي ديفيد كوبرفيلد في أحد منازل إبستين، وأضافت أنها لاحظت أنه صديق لإبستين، وتذكرت أيضا فتاة في ذلك العشاء اعتقدت أنها بدت وكأنها في سن المدرسة الثانوية، وقالت سيوبيرغ إن كوبرفيلد سألها عما إذا كانت تعلم أن "الفتيات يحصلن على أموال مقابل العثور على فتيات أخريات"، في إشارة إلى قيام إبستين وماكسويل بتجنيد النساء ليكنّ "اختصاصيات تدليك".
مزيد من الأسماء
لم يتم الكشف عن جميع الوثائق، ولم تحدد القاضية الأميركية موعدا لنشر مزيد من القوائم، لكن يعتقد أنه سيتم نشر المزيد خلال الأيام القادمة.