منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ألب أرسلان الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين Empty
مُساهمةموضوع: ألب أرسلان الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين   ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين Emptyالأحد 21 يناير 2024, 12:15 pm

ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين DWLYL-bXkAgKCR4-1687696980



ألب أرسلان "الأسد الشجاع" الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين
أحد أعظم السلاطين في تاريخ الإسلام، ورائد مسيرة الإحياء السني في القرن الخامس الهجري، وقائد معركة ملاذ كرد التي كانت تحولا كبيرا في التاريخ الإسلامي وفي مسار الدولة البيزنطية وفي الصراع العالمي في القرن الخامس الهجري (11 ميلادي).
لقب بـ"عضد الدولة"، ويعني اسمه ألب أرسلان "الأسد الشجاع"، وترعرع في بيت زعامة لأب من أعظم قادة السلاجقة، وهو جغري بك داود الذي أعلن سلطانا عام 429هـ.

المولد والنشأة

اسمه الكامل محمد بن جغري بك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن دقاق، ولد في ذي الحجة عام 421هـ، وقد وصف الذهبي أباه بأنه كان ذا ديانة وعدل، وكان ينكر على أخيه طغرل بك الظلم، وتذكر الكتب التي تؤرخ للسلاجقة أنه تقاسم مع أخيه طغرل بك حكم خراسان، فكان له الجيش وكانت لطغرل بك الأمور الإدارية.
وكان لألب أرسلان 6 إخوة و5 أخوات، تزوجت إحداهن مودود بن مسعود الغزنوي، وتزوجت الثانية الأمير أبا المنصور ابن الملك البويهي أبي كاليغار، وخطبت الثالثة لابن الخليفة العباسي القائم بأمر الله ولكنه مات قبل أن يتزوّجها، وتزوجت الرابعة الخليفة القائم بأمر الله عام 448هـ.
لا يتردد اسم ألب أرسلان كثيرا في أخبار السلاجقة قبل توليته سلطانا، ويبدو أن نشاط أبيه جغري بك داود العسكري والسياسي مع أخيه طغرل بك قد أرخى ستارا كثيفا على أسماء جيل الأبناء.
تولى ألب أرسلان قيادة الجيش في مواجهة مودود الغزنوي، الذي حاول الاستيلاء على خراسان عام 445هـ، ثم وُلّي بعد ذلك على خراسان خلفا لأبيه عند وفاته عام 451هـ، واشتهر بالعدل وبعنايته بالرعية صحبة وزيره نظام الملك، وقد استمر في هذه الولاية حتى وفاة طغرل بك في 24 رمضان عام 455هـ.
ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين Tughril-1687694985رسم تقريبي لصورة طغرل بك عم ألب أرسلان (الجزيرة)

التجربة السياسية

السلاجقة والتحول التاريخي

لمعرفة سيرة ألب أرسلان ودوره في التاريخ وفي نهضة السلاجقة يلزم إلقاء الضوء على مسيرة الأسرة السجلوقية ودولتها حتى تولي ألب أرسلان حكمها عام 456هـ.
تمثل دولة السلاجقة تطورا كبيرا للدور التركي في التاريخ الإسلامي الذي مرّ بأطوار ثلاثة:
الأول: عهد الأمراء والأتابك، وفيه مثّل زعماء الأتراك نخبة عسكرية تدير أعدادا كبيرة من الجنود الأتراك في حماية الدولة العباسية، وفيه سيطروا على القرار وأصبح بيدهم كل شيء حتى اختيار الخليفة، ولكنهم بقوا مع ذلك في بلاط العباسيين يحكمون من خلال الخليفة ولا يأخذون ألقاب الملك والسلطنة.
بدأ تشكّل هذا النفوذ في خلافة المعتصم، ثامن الخلفاء العباسيين المتوفى 227هـ، واستمر حتى سيطرة البويهيين الديلم المتمذهبين بالزيدية ثم الإمامية الشيعية على الخلافة العباسية من 434هـ حتى 454هـ.
الثاني: طور السلاطين والملوك، وفيه أقام الأتراك ممالك مستقلة يحكمونها ويديرونها مع إعلان ولائهم للخليفة العباسي واستمدادهم شرعيتهم من مراسيمه الشكلية، ويبدأ هذا الطور من سيطرة دولة السلاجقة على بغداد وقضائهم على البويهيين وإخمادهم فتنة البساسيري عام 454هـ.
تعاقبت على قيادة العالم الإسلامي في هذه الحقبة عدة دول تركية هي دولة السلاجقة والدولة الزنكية والدولة الأيوبية ودولة سلاطين المماليك، وينتهي هذا العهد بتنازل آخر الخلفاء العباسيين محمد بن يعقوب المتوكل على الله عن الخلافة للسلطان سليم الأول عام 923هـ.
الثالث: طور الخلافة العثمانية، وفيه تولى الأتراك قيادة العالم الإسلامي معلنين أنفسهم خلفاء بمقتضى تنازل الخليفة العباسي للسلطان سليم، وقد استمر هذا العهد حتى إعلان سقوط الخلافة العثمانية في 27 رجب 1342 هجري، الموافق 3 مارس/آذار 1924م.

البداية في خراسان

بدأ ظهور السلاجقة على مسرح الأحداث بهجرة أعداد من قبيلة قنق الغزية بقيادة سلجوق بن دقاق نحو نهر سيحون في أواخر القرن الرابع الهجري، ضمن مسلسل الهجرات التركية من وسط آسيا باتجاه الغرب في ما عرف في بعض الدراسات التاريخية بمصطلح "الحافلة التركية" أو "القافلة التركية"، وذلك بعد دخول سلجوق الإسلام وتعلمه المذهب الحنفي ومحاربته الأتراك الوثنيين، وقد استمرت القبيلة في التنامي مع تعاقب أبناء سلجوق على قيادتها: أرسلان بن سلجوق ثم أخوه ميكائيل الذي اتخذ من خراسان فضاء أرحب لتوسع العائلة، وفيها أطلق على الكيان الجديد اسم السلاجقة.
وقد ظل نفوذ السلاجقة يتنامى في بلاد ما بين النهرين في ظل صراعات مع الدولة الغزنوية حتى أعلن طغرل بك بن ميكائيل بن سلجوق قيام دولة السلاجقة في مدينة مرو عام 429هـ على أنقاض الدولة الغزنوية، وأعلن نفسه سلطانا وتلقب بشاهنشاه أي ملك الملوك، وطلب الشرعية من الخليفة العباسي ونالها عام 432هـ ودعاه الخليفة القائم بالله إلى زيارة بغداد.
وفي سنة 447هـ استنجد الخليفة العباسي بطغرل بك لتخليصه من بني بويه لتواطئهم مع البساسيري على مداخلة الفاطميين، فزحف طغرل بك إلى بغداد وواجه البويهيين في معارك وهزمهم، ثم قضى عام 450هـ على البساسيري الذي استولى على بغداد عاما وأكره الخليفة العباسي على توقيع مبايعة للخليفة الفاطمي، وأقام الخطبة للمستنصر الإسماعيلي وضرب باسمه النقود مدة عام.
وبالقضاء على البساسيري استخلص السلاجقة الخلافة العباسية من سيطرة البويهيين، وأوقفوا المد الفاطمي اتجاه الشرق، وبدأ فعليا مشروع "الإحياء السني" الذي قاده ألب أرسلان ووزيره نظام الملك.
ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين 249d7d34-fb52-4651-bc07-5e7efb28d79dرسم تقريبي لصورة نظام الملك الطوسي وزير ألب أرسلان في خراسان (مواقع التواصل الاجتماعي)

السلطان ألب أرسلان

طغرل بك لم يعقب ولدا، ولكنه كان قد تزوج أرملة أخيه جغري بك داود بعد وفاته في صفر عام 452هـ، فنجحت في أن تستخلص ولاية العهد لولدها سليمان بن داود، وبعد وفاة طغرل بك عمل وزيره عميد الملك الكندري بالوصية وساعد على تولية سليمان السلطنة وهو دون العاشرة كي يبقى هو القائم على الأمر وصاحب النفوذ، ولكن الأمراء السلاجقة رفضوا هذه الخطة ودعوا لألب أرسلان على المنابر، وشاع ذلك حتى اضطر عميد الملك إلى الرضوخ له فاستتب الأمر لألب أرسلان في ذي الحجة عام 455هـ.
عين ألب أرسلان وزيره في خراسان "نظام الملك" وزيرا له خلفا لعميد الملك الكندري وزير عمه، ووجد الصديقان نفسهما أمام دولة ضخمة تمتد على مساحة كبيرة وتحكم خلقا كثيرا، وكان عمه طغرل بك قد لُقّب بملك الدنيا، واعتُرف به سلطانا على جميع حيازات الدولة العباسية، ويعني هذا أن السلاجقة تجاوزوا مفهوم الدولة السائد حينها في صورة الدولة الغزنوية والدولة القارخانية ومن قبلهما الدولة السامانية، فأصبحوا يعيشون في مفهوم الإمبراطورية التي تقوم على التوسع المستمر.
وبهذا وضع ألب أرسلان ونظام الملك خطة عملهما عبر حماية الدولة العباسية من الفاطمية ومخلفات الحكم البويهي وحركة البساسيري في البلاد الإسلامية، ثم بعدها الإسماعيلية النزارية المتمثلة في طائفة الحشاشين، والتي ظهرت فيما بعد، والخطر الخارجي من الجوار البيزنطي.

العلاقة مع العباسيين

بدأ ألب أرسلان في ترميم العلاقة بالخليفة العباسي، فاتخذ قرارا تصحيحيا، وكان عمه طغرل بك قد خطب ابنة الخليفة لنفسه، وهو عمل تجاوز التقاليد المرعية في التعامل مع العباسيين، وقد سبق أن تورط فيه زعيم آخر هو أبو مسلم الخراساني حين خطب أمينة بنت علي بن عبد الله بن عباس عمة الخليفة أبي العباس السفاح، وقد انتهى الأمر بإهانته وعدم تلقيه ردا، مع أنه كان صاحب الدولة وقائد مئات آلاف العساكر التي رفعت الرايات السود وأقامت الخلافة العباسية، وزاد على ذلك أن أبا جعفر المنصور أسرّها في نفسه وكانت هذه من الأسباب التي دفعته إلى اغتيال أبي مسلم في عهد المنصور وفي بلاط الخليفة.
تطير الخليفة فرفض طلب طغرل بك واستعفاه، ولكن السلطان السجلوقي أصر واتخذ هو ووزيره عميد الملك الكندري إجراءات ضيقت الخناق على الخليفة وأجبرته على الرضوخ لطلب السلطان.
فكان من الإجراءات التصحيحية التي قام بها ألب أرسلان إذنه بعودة ابنة الخليفة إلى قصر أبيها في بغداد، بل وتم ذلك في مظاهر احتفال وأبهة، فأرسل معها بعض القضاة والأمراء، ودخلت بغداد في تجمّل عظيم، وخرج الناس لينظروا الموكب، وفرح الخليفة وأمر بالدعاء لألب أرسلان، وقيل في الدعاء "اللهم أصلح السلطان المعظم عضد الدولة وتاج الملة ألب أرسلان أبا شجاع محمد بن داود".
واتضح من هذا التصرف أن ألب أرسلان اختار نهج أبيه جغري بك داود في اللين والرفق بدل نهج سلفه طغرل بك، الذي بدا أنه يطمح إلى الخلافة واقتناص الشرعية بولد من ابنة بيت العباسيين، فلم يجده منها ولا من غيرها.
إن توقير العباسيين والوفاء لخلافتهم كان من مظاهر العاطفة الدينية لدى السلاجقة وسائر النخب العسكرية التركية التي ظهرت بعدهم كالزنكيين والمماليك، فابن فضلان يقول "إن أحد القادة الأتراك قال لي: تعلم إن الخليفة أطال الله بقاءه لو بعث إلي جيشا كان يقدر علي؟ قلت: لا. قال: فأمير خراسان؟ قلت: لا قال: أليس لبعد المسافة وكثرة من بيننا من قبائل الكفار؟ قلت: بلى قال: فوالله إنني لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإني لخائف من مولاي أمير المؤمنين، وذلك أني أخاف أن يبلغنه عني شيء يكرهه فيدعو علي فأهلك في مكاني وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة".





تصفية النزاعات الداخلية

نشط ألب أرسلان في تصفية الجيوب العسكرية داخل الدولة العباسية، وفي القضاء على التمردات ومشاريع الانقلاب والطمع في السلطة من داخل البيت السلجوقي نفسه، فواجه ثورة ابن عمه قتلمش بن إسرائيل الذي أعلن الخروج عليه في 10 محرم 456هـ، وقد انتهى هذا التمرد بموت قتلمش بجروح أصيب بها في المواجهات، ثم قضى على تمرد عمه بيغو بن ميكائيل حاكم هراة (مدينة بأفغانستان حاليا) وأكبر السلاجقة سنا، ودخل ألب أرسلان هراة وعفا عن عمه. ثم قضى على ثورة أمير ختلان بسمرقند وأمير صغانيان بترمذ وعلى ثورة ملك كرمان.
وبعدها استقر الأمر لألب أرسلان فراح ينفذ مخططه الثلاثي المتمثل في: "إحياء الفكر السني"، و"القضاء على الدولة الفاطمية" باعتبارها شوكة في خاصرة الخلافة العباسية، و"مواجهة الدولة البيزنطية" التي تشكل خطرا خارجيا على حدود الخلافة العباسية والإمبراطورية السلجوقية الوليدة.

المدارس النظامية

وكانت خطة نظام الملك في مواجهة المد الشيعي أن يعتني بالجانب التعليمي، فيوقف انتشار الفكر الإسماعيلي الفاطمي والإمامي البويهي بنشاط علمي وفكري يحيي الفكر السني وينشره في فضاء مجتمعي واسع، فأنشأ لذلك عشر مدارس نظامية توزعت في مواطن انتشار الفكر الشيعي، وذلك ردا على النشاط التعليمي الشيعي في المشرق قبل قدوم السلاجقة.
فقد أنشأ الإسماعيلية والإمامية مؤسسات تعليمية في المشرق، منها دار الكتب في البصرة التي أسسها أبو علي بن سوار في عهد عضد الدولة فناخسر البويهي المتوفى عام 372هـ، وأنشأ سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهي دار كتب في الكرخ بلغت المصنفات فيها 10400، وأنشأ الشريف الرضي دارا للعلم في بغداد كان ينفق على طلابها ويحاضر فيها.
ويجادل المؤرخون الشيعة لهذا بأن الشريف الرضي هو الذي ابتدع فكرة المدارس في التاريخ الإسلامي، ولكن المدرسة الإسلامية سبقته بأكثر من قرن، وكانت بدايتها في أوائل القرن الثالث الهجري، أما المدرسة بشكلها المؤسسي المنظم فقد عرفت في دولة السلاجقة، وكانت مشروع الوزير نظام الملك الذي أسسها وأشرف عليها هو وأولاده.
كانت المدارس النظامية في تأسيسها وإدارتها ورؤيتها وأهدافها بدعة تعليمية جديدة في ذلك العصر، فقد قامت على عمل منظم برواتب للمدرسين وسكن خاص للطلاب، كما اختار نظام الملك للتدريس في هذه المدارس أئمة العلم ونخب المفكرين كإمام الحرمين أبي المعالي الجويني شيخ نظامية نيسابور وأبي إسحق الشيرازي شيخ مدرسة بغداد، الذي خلفه فيها حجة الإسلام أبو حامد الغزالي.
كما اعتمد مناهج تتبنى فكرا موحدا هو الفكر الأشعري ومذهبا فقهيا هو الشافعي، وكان هذا خروجا عن نهج السلطان السابق الذي دعم المذهب الماتريدي في أصول الدين والمذهب الحنفي في الفقه بعدما عرفه السلاجقة مع دخولهم الإسلام في فضاء الدولة السامانية، ويبدو أن نظام الملك بثقافته الواسعة واطلاعه على تفاصيل المذاهب قد وجد بغيته في المذهب الأشعري القادر على الحجاج مع الجميع، خاصة أنه لمس إشكالا آخر في سيطرة الحنابلة على بغداد وكثرتهم فيها، وكان المذهب الحنبلي يتخذ موقفا صلبا في النظر إلى ظاهرة التشيع لا يتفق مع الرؤية السياسية لنظام الملك.
كما دعم نظام الملك التصوف باعتباره بديلا عما بثه الفكر الإسماعيلي، وجلب هذا التوجه في عهد السلاجقة معه خبرة التصوف في وسط آسيا ومواريث الديانات الشرقية العتيقة، خاصة الشامانية التركية والزرادشتية الفارسية، بل كان نظام الملك نفسه يدخل في تدابير السياسة في اللحظات الحرجة بعض معاني التصوف، فقبل مواجهة قتلمش وعندما اشتد الأمر على ألب أرسلان قال له نظام الملك "قد جعلت لك من خراسان جندا ينصرونك ولا يخذلونك ويرمون دونك بسهام لا تخطئ، وهم العلماء والزهاد، قد جعلتهم بالإحسان إليهم من أعظم أعوانك".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين Empty
مُساهمةموضوع: رد: ألب أرسلان الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين   ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين Emptyالأحد 21 يناير 2024, 12:15 pm

سياسة ألب أرسلان

وبهذه الروح الصوفية، ومع نهج اللين والرفق الذي ورثه ألب أرسلان عن أبيه جغري بك داود، هدأت الخلافات داخل الإمبراطورية السلجوقية بعقد مصاهرات مع رؤوس الكيانات العسكرية والسياسية التي كانت في نزاع دائم قبله، فقامت الزيجات السياسية بينه وبين القراخانية والغزنويين وزوج ابنته للخليفة العباسي، بل حتى في الصراعات العسكرية اتخذ سبيل العفو مع كل زعيم خرج عليه، فعفا عن عمه بيغو وأكرمه، وحين قتل ابن عمه قتلمش بجروح أصيب بها في المواجهات بكاه بكاء شديدا وأقام العزاء له بعدما اشتبكا في حرب طاحنة.
أخذت الخلافات والنزاعات والصراعات الداخلية وقتا من ألب أرسلان، ولكنه في النهاية نجح في تصفيتها وتحدى الأنانية السياسية بصبر وأناة وحلم، وقد سن هذا النهج واتبعه فيه من بعده نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي، الذي بذل 12 سنة في مواجهة الشقاقات السياسية بصبر وأناة من أجل توحيد الأمة لمواجهة الصليبيين مدة 5 سنوات توجت باسترداد بيت المقدس، وأعان القادة الثلاثة ألب أرسلان السلجوقي ونور الدين محمود زنكي وصلاح الدين الأيوبي على النجاح في هذه المهمة الصعبة المثالية "التجرد والإصرار على الهدف الأسمى والإيمان العميق بالجهاد".
انطلق ألب أرسلان في أداء مهمته الأساسية في محوريها، مواجهة التطرف الإسماعيلي ومواجهة الخطر البيزنطي، وقد استفزه احتمال وجود تقارب بين البيزنطيين والفاطميين، فحرص على حماية إمبراطوريته بالسيطرة على أرمينية وبلاد الكرج (جورجيا حاليا) وجزء من أذربيجان، وكان هذا تطورا للمواجهة مع بيزنطة التي بقيت في عهد طغرل بك في صورة غارات للمضايقة دون محاولة للاستقرار.
وبهذا أصبح الطريق مفتوحا أمام ألب أرسلان نحو بلاد الشام والأناضول، فسيطر على أجزاء كبيرة منها، ثم توجه إلى حلب وأخضع دولة بني مرداس التي كانت موالية للفاطميين وأصر على إيقاف كل مظاهر التشيع فيها حتى إلغاء عبارة "حي على خير العمل" من الأذان.
واستمر في سيره حتى انتزع الرملة وبيت المقدس، ولم يبق إلا عسقلان بوابة دخوله إلى القاهرة الفاطمية، التي كان مصرا على انتزاعها من يد الإسماعيلية وإعادتها إلى الدولة العباسية لولا الأنباء التي جاءته عن زحف الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع بهدف اختراق ثغور المسلمين من جهة الجزيرة الفراتية تمهيدا للتوغل في عمق الأراضي الإسلامية والقضاء على الدولة السلجوقية.

موقعة ملاذ كرد

وأمسى سير الأحداث والمناوشات يوجه نحو معركة حاسمة بين الإمبراطورية السلجوقية الحديثة النشأة والدولة البيزنطية العتيدة، وهو ما حدث في موقعة ملاذ كرد التي تعد حدثا فاصلا في تاريخ الإسلام والدولة البيزنطية، بل في العلاقات بين الشرق والغرب عموما، إذ وجهت نتائجها السياسات العالمية بعد انتهائها، ورسمت كل القوى والإمبراطوريات خططا جديدة بناء على ما حدث في هذه الموقعة.
وإذا ما أردنا أن نضع المعركة في سياقها التاريخي فإننا سنرى دولا في الشرق والغرب الإسلاميين تتراجع وتتهاوى، فالأندلس مقسمة بين ملوك الطوائف، والمغرب كله غارق في نزاعات قبلية لا تنتهي، والدولة الفاطمية في مصر والشام والحجاز دب فيها الضعف وعوامل التحلل بعد الشدة المستنصرية التي ذهبت بعصر الخلفاء الأقوياء وأتت بعصر الوزراء الذي اتسم في عمومه بالصراع على السلطة على حساب مصلحة الدولة، والدولة العباسية وصلت إلى قمة ضعفها تحت سيطرة البويهيين، ومحاولات السلاجقة في تقويتها وإحياء المذهب السني تواجه بتحديات جسام.
في المقابل بدأ المشروع الغربي ينضج وتتضح معالمه، والدولة البيزنطية يعود إليها التماسك والوثوب من جديد وتشن غزوات في الأراضي الإسلامية تحمل سمات ما عرف بعد ذلك بالحروب الصليبية. كانت كل العوامل تؤذن بمواجهة عالمية حاسمة.
وقد عجلت حركة السلاجقة وألب أرسلان الخفيفة السريعة في الشام والأناضول وتوجهه نحو مصر بالمواجهة، فقد استشعرت الإمبراطورية البيزنطية الخوف والقلق من هذه القوة الجديدة التي أزعجتها بمناوشات أيام طغرل بك ثم بالاستيلاء على أجزاء من ممتلكاتها في أرمينيا والقرج (جورجيا) والأناضول في عصر ألب أرسلان.
في عام 463هـ وحين كان ألب أرسلان مشغولا بالمواجهات في مسيره للقضاء على الدولة الفاطمية في مصر والتخلص نهائيا من مؤامراتها على الدولة العباسية عزم الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس، الذي يسمى في المصادر الإسلامية أرمانوس، على جمع جيش كبير لاقتحام الدولة السلجوقية الجديدة والقضاء عليها وإنهاء الخلافة العباسية وإخراجها من التاريخ.
وقد تواطأت معه الكنيسة الغربية متناسية الخلافات والمظالم التي يشكو منها الكاثوليك في أراضي البيزنطيين، فتوفر له حشد كبير من الروس والكرج والروم والأرمن والخرز والفرنجة في أعداد تقدرها المصادر الإسلامية بمئتي ألف والمصادر الغربية بمئة ألف، وهو ما يمكن تسميته حملة صليبية مبكرة.
كان ألب أرسلان في مدينة خوى من أعمال أذربيجان حين بلغه نبأ الحشد البيزنطي الغربي، فاتخذ قرارا سريعا بالمواجهة، وأرسل الغنائم مع وزيره نظام الملك، وسار في قوة تقومها المصادر الإسلامية بخمسة عشر ألفا، والمصادر الغربية بأربعين ألفا، ولم يجد بدا من المواجهة مهما كان فارق العدد، لأنه خشي من أن يعطي التأجيل فرصة لأرمانوس للتوغل في أراضي المسلمين وإقامة مذابح لا يمكن تحملها، فزحف بقواته مستلهما ماضي الحروب التركية، التي قامت على السير السريع والمواجهة الخاطفة والخداع العسكري بالتفرق الذي يوهم العدو بالتفكك ثم العود السريع والانقضاض المفاجئ.
في المقابل كان عند أرمانوس ثقة كبيرة بالنصر، حتى إنه قسم الممالك الإسلامية كلها بين القادة في جيشه مغترا بقوته وعدد حشوده، فقسم الجيش وهو غير عابئ بأي مواجهة، فانقض جيش السلاجقة بقيادة ألب أرسلان على قطعة من الجيش البيزنطي فهزمها بضربة خاطفة وأسر قائدها بازيلكوس.
ومع أن ضربة السلاجقة كان لها أثرها الموجع في الزحف البيزنطي، إذ تراجع الفرنجة وتمرد الروس وعانى أرمانوس من تفكك في جيشه، فإن ألب أرسلان عرض الهدنة فقابلها أرمانوس بعجرفة وأشاح بوجهه عن رسل الملك السلجوقي، وقال: "سنعقد الهدنة في الري"، في تصريح بثقته في سحق السلاجقة ووطء عاصمتهم.
وقد انزعج ألب أرسلان من رد أرمانوس، فقال له الإمام والفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري: "إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان، وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح، فالقهم يوم الجمعة بعد الزوال حين يكون الخطباء على المنابر، فإنهم يدعون للمجاهدين بالنصر، والدعاء مقرون بالإجابة".
ألب أرسلان  الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين 05-2معدات عثر عليها فريق آثار تركي ويقال إنها استخدمت في معركة ملاذ كرد (الأناضول )

ساعة الحقيقة

وحين جاءت تلك الساعة صلى بالناس وبكى السلطان وبكى الناس لبكائه ثم دعا ودعوا معه، ثم قال "من أراد الانصراف فلينصرف، فما هاهنا سلطان يأمر وينهى". وألقى القوس والنشاب وأخذ السيف والدبوس، وعقد ذنب فرسه بيده، ولبس البياض وتحنط، وقال: "إن قتلت فهذا كفني". وقبل اللقاء ترجل وعفر وجهه بالتراب وبكى واجتهد في الدعاء، ثم ركب بكل عزم وحمل على عدوه وحمل معه عساكره وهو يعلم أنه لا مناص من خوض المعركة، وأيقن أن شجاعة جنده ستصمد أمام كثرة عدوهم وعول على مهارة الرماة.
أما أرمانوس فقد استمر في غروره، فاندفع بجيشه في كتلة واحدة، ولم يرجع إلى الخطط الرومانية في الحرب بنظام القوات المتلاحقة والاحتياطية، وأبدى المسلمون بسالة مدهشة فحل بالجيش البيزنطي الإرهاق والتعب، وحينها أراد أرمانوس الارتداد لمواصلة القتال في اليوم التالي، ولكن السلاجقة لم يمهلوه، ففتحوا الثغرات في القوات البيزنطية المتراجعة، وانقضوا عليهم من كل طرف وأحدثوا فيهم مقتلة عظيمة، وباد الروم بالجموع، وحاول أرمانوس أن يجمع القوات المفككة الممزقة، وقاتل بها قتال اليائس حتى أسر وأخذ إلى المعسكر الإسلامي.
وقف القيصر البيزنطي الأسير أرمانوس أمام القائد المسلم المنتصر ألب أرسلان، فعاتبه وأنبه على رفض الهدنة وسأله: ماذا تفعل لو كنت أسرت عندك؟ قال: أفعل بك القبائح. قال: وما تظن أني فاعل بك؟ قال: القتل أو التشهير أو تعفو وتستعملني. وتروى قصص أخرى في الموقف، ولكنه انتهى على كل حال بالعفو مقابل فدية تصل إلى مليون وخمسمئة ألف دينار، وجزية سنوية قيمتها ثلاثمئة ألف دينار، وإطلاق جميع الأسرى المسلمين، وتزويج بنات الإمبراطور من أبناء السلطان.
كان لمعركة ملاذ كرد وانتصار ألب أرسلان فيها أثر كبير في توجيه أحداث التاريخ بعدها، فقد زال الخوف من التواطؤ بين الفاطميين والبيزنطيين وانطلق السلاجقة في الأناضول وملكوا مدنه، وزال قمع البيزنطيين في الأراضي التي سيطروا عليها، فانتشر الإسلام فيها وأعلنت المعركة دولة السلاجقة إمبراطورية عالمية، وشعر الغرب الأوروبي بالخطر الذي زحف من الشرق نحوه وأضعف الدولة البيزنطية التي كان الغرب يراها حاجزا يحميه.
وبعد سنوات تحقق انتصار تاريخي آخر في الغرب الإسلامي، حين قهرت جيوش الأندلس والمغرب جيش ألفونسو ملك قشتالة في موقعة الزلاقة في رجب 479هـ، فزاد ذلك من التوتر، وظهر في خطبة البابا أوربان الثاني أن الخوف من السلاجقة كان هو أكبر الدوافع في اندلاع الحروب الصليبية.

وفاة الإمبراطور والسلطان

سار أرمانوس نحو بيزنطة في عدد من الأكابر والأباطرة الذين أطلقهم ألب أرسلان من الأسر مع حرس وأموال منحة من ألب أرسلان لإعانته على مفاجآت الطريق، ولكنه فوجئ بانقلاب عليه ومجيء قيصر جديد هو ميخائيل السابع، فجمع أرمانوس ما استطاع من المال وبلغ مئتي ألف دينار أرسلها إلى ألب أرسلان وطلب منه العون على استعادة ملكه، فوعده السلطان خيرا، ولكنه ما لبث أن هزم وسجن ومات في سجنه عام 465هـ.
وعاد ألب أرسلان إلى سيرته وانتظم في خطته، وكان أبو طالب عبد الله بن محمد بن عمار قد استبد بحكم طرابلس وخلع طاعة الفاطميين وأعلن ولاءه للسلاجقة، ثم حاول السلاجقة أخذ دمشق من الفاطميين فأعيتهم، فاكتفوا بأخذ طبرية ودعي للخليفة العباسي على منابرها.





الوفاة

انطلق ألب أرسلان في جيش عظيم قوامه مئتا ألف ليخضع أصهاره القراخانيين بعد تمرد، وبعدما فتح قلاعا كثيرة لديهم جيء له بأحد الخارجين ويدعى يوسف الخوارزمي موثوقا، فأمر السلطان بشد أطرافه ليقتل بين أوتاد أربعة، فشتم الخوارزمي السلطان وقال له: يا مخنث أو مثلي يقتل هكذا؟ّ! فاستفز ألب أرسلان من ذلك ورأى أن يقتله بيده، فأمر بفك وثاقه وأطلق عليه سهما وهو جالس على عرشه فأخطأه ووقع السلطان على الأرض فجرحه الخوارزمي، فحمل السلطان الجريح للعلاج، وحضر الوزير نظام الملك وولي العهد ملكشاه، وبعد 4 أيام توفي السلطان من هذا الجرح في 10 ربيع الأول عام 465هـ، وكانت المفارقة أن ألب أرسلان وأرمانوس ولدا في عام واحد وتوفيا في عام واحد.
وأثناء معاناة السلطان من جروحه عرف ذنبه وتاب إلى ربه وقال "ما من وجه قصدته وعدو أردته إلا استعنت بالله عليه، ولما كان أمس صعدت على تل فارتجت الأرض تحتي من عظم الجيش وكثرة العسكر، فقلت في نفسي: أنا ملك الدنيا ولا يقدر أحد علي، فعزرني (أدبني) الله تعالى بأضعف خلقه، وأنا أستغفر الله تعالى وأستقيله من ذلك الخاطر".

مناقب ألب أرسلان

كتب المؤرخون مقالات في حسن خلق ألب أرسلان وجميل سيرته فقال ابن الأثير: "كان رحيم القلب رفيقا بالفقراء، وكان في ديوانه أسماء خلق كثير من الفقراء في ممالكه، وكان كثير الدعاء بدوام ما أنعم الله به عليه، وكان يسمع تاريخ الملوك وآدابهم وأحكام الشريعة، وكان شديد العناية بالرعية يكف الجند عن أموالها، ويهتم بمظالمها، وروي أنه وصلت له شكاية في نظام الملك تركها الساعي بها على مصلى ألب أرسلان، فقرأ ما فيها ثم سلمها لوزيره وقال له: خذ هذا الكتاب، فإن صدقوا في الذي كتبوه فهذب أخلاقك وأصلح أحوالك، وإن كذبوا فاغفر لهم زلتهم واشغلهم بما يصرفهم عن السعاية بالناس".
والخلاصة أن دولة السلاجقة شهدت في ولاية ألب أرسلان التي استمرت 9 سنوات أوج عظمتها، وقدمت نموذجا لدولة فتية رشيدة يقودها حاكم شجاع مقدم على الأهوال غير مبال بالموت، مع حسن سياسة وإصرار على نهج اللين والتسامح والعفو عند المقدرة، ومعه وزير عاقل مثقف   مفكر صاغ فلسفة الدولة ووضع خطتها على بصيرة وبقي واعيا بتفاصيل عمله واستمر بعد ألب أرسلان وزيرا لابنه ملكشاه، حتى اغتالته الباطنية في العاشر من رمضان عام 485هـ، ومات بعده السلطان ملكشاه حتف أنفه كمدا على وزيره الذي كان يدعوه: يا أبي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ألب أرسلان الذي حكم الإمبراطورية السلجوقية بالرفق واللين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: شخصيات :: شخصيات صنعت لها تاريخ-
انتقل الى: