منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Empty
مُساهمةموضوع: محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى   محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Emptyالأربعاء 24 يناير 2024, 8:21 pm

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 4-1706088413





ينشر موقع الجزيرة نت ملفا متكاملا بعنوان "محور الممانعة.. الفكرة وحدودها" يتناول بشكل مفصل فكرة المحور وإرهاصات التأسيس وتاريخ التكوين وسياقاته.
كما يتناول الملف أطراف المحور التي تدور في فلكه وترتبط بنواته، والفضاءات التي تعمل فيها، ويصف حالات الاستقطاب والتنافر بين مكوناته ومحيطها.
ونبحث في الملف علاقة المحور بالمقاومة الفلسطينية التي تخوض في قطاع غزة -وفي مقدمتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- معركة "طوفان الأقصى" ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 110 أيام.
سينشر الملف كسلسلة على حلقات، نبدؤها بالحديث عن إيران كنواة لهذا المحور، ثم نتحدث عن سوريا الحلقة الذهبية فيه، وفي الحديث عن حزب الله سنتناول إستراتيجية الهجوم ضمن قواعد الاشتباك، وفي العراق المليشيات التابعة للمحور من التأسيس إلى حتى عملية الطوفان، وأخيرا نبحث كيف وصل الحوثيون إلى البحر.

(1) إيران.. فكرة المحور وحدودها

 
طارق خميس
في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، كانت مسيرة أميركية تحلق في الأجواء، تحمل قرارا بقتل قائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وبرفقته أبو مهدي المهندس نائب رئيس "الحشد الشعبي".
لم يكن سليماني رجلا عاديا بالنسبة للمشروع الإيراني، فهو الذي نقل فيلق القدس من جهاز يدرب المليشيات ومسؤول عن العمليات الخارجية الإيرانية، إلى أداة منظمة وشبكة معقدة من المليشيات تخترق الحدود وتُخضِع الجغرافيا في العراق واليمن وسوريا، وقبل ذلك كله في لبنان.
لقد تمكن سليماني من تطوير نظرية "الدفاع الأمامي" عبر نقل المواجهة بعيدا عن العمق الإيراني، وبذلك تمكنت إيران من بناء محور يناهض الهيمنة الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، بل ينافسها في السيطرة عليها.
ومع ذلك، كان الرد الإيراني على عملية الاغتيال محسوبا بـ"القطارة"، فبعد بضعة أيام وبالتحديد في 8 يناير/كانون الثاني قصفت إيران قاعدتين للقوات الأميركية بغرب العراق وشماله.
وكان ذلك قصفا منسقا لتجنب حدوث أي ضرر مبالغ فيه، في حين يقول محللون مقربون من إيران إن الرد الحقيقي على مقتل سليماني هو استمرار مشروعه التوسعي في بناء شبكة المليشيات وتوحيد ساحاتها، وليس تعريض المنجز الذي جرت المراكمة عليه عبر السنين إلى مغامرة عسكرية غير محسوبة.
تدرك إيران أنها ليست ندا للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، ولكنها تسعى لتوسيع نفوذها حتى يمكنها ذلك من اكتساب الندية اللازمة في العلاقات الدولية. ووفق الوصف الشائع، فإنها تفضل "سلق الضفدع على ماء بارد بدلا من وضعه في قدر يغلي".

دولة إقليمية مؤثرة

تسعى إيران إلى أن تكون دولة إقليمية قوية تمثل المركز الاقتصادي والعلمي والتقني الأول في جنوب غرب آسيا (بما في ذلك الجوار الإقليمي لإيران في آسيا الوسطى والقوقاز ومناطق الشرق الأوسط).
لذا، فإنه انطلاقا من عام 1989، سيخفت سعيها المحموم لتصدير الثورة لتحل محله المحافظة على مكتسباتها؛ أي العمل أكثر بمنطق الدولة القومية، فإيران اليوم تعرف نفسها بأنها دولة قومية فارسية بمذهب شيعي اثنَي عشري، وتناور ضمن مربعات النظام الدولي لتوسع من حضورها عبر تبنيها نظرية "الحرب غير المتكافئة".
وليس من المجدي مراكمة قوة تقليدية من جيش نظامي مطالب بالتصدي لجيوش الخصوم وهزيمتها، فهذه عملية تحتاج إلى الكثير من الوقت والموارد والحلفاء، وتحمل في طياتها احتمالات كبيرة للخسارة، خصوصا أن في ذاكرة الإيرانيين حربا نظامية استمرت 8 سنوات مع العراق، راكموا فيها الكثير من الخبرة.
كل هذه الخبرة المبكرة والعنيفة للثورة الفتية، جعلتها تتعلم سريعا أن الشعارات الثورية تصلح لاجتذاب الأتباع وتحشيد الجماهير، لكنها لن تعالج دائما الفرق الهائل بين موازين القوى، خصوصا إذا كان المشروع يقوم على بعث الروح في جماعة أقلية سيشكل خطر فنائه هاجسا ملازما لها.
ولذا فإن إيران ستتجنب لاحقا أي احتمالات للحرب الصفرية، وبالتالي سيكون من مهمة مراكمة القوة عندها أن تخدم تجنب الحرب، وأن تحقق الأهداف بأقل الكلف وبعيدا عن أراضيها، عارضة نفسها على أنها طرف قوي يمكن التفاهم معه في الوقت الذي يمكنه أن يؤذي بخفة.
وبالمناسبة، فالجمع بين العقلانية ومسحة من التمرد على النظام الدولي، هي لعبة أتقنها الإيرانيون، فكان لهم لكل ساحة بدلة ولكل سياق جملة، وأخطر ما في مراكمة قوة الردع، أن تردعك هي بخشية الخوف من خسارتها.

إيران وحسابات الطوفان

عبرت إيران، في أكثر من تصريح رسمي، عن مباركتها لعملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد إسرائيل، وكان أبرز هذه التصريحات ما ورد على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، لكنه في الوقت نفسه نفى وجود أي صلة لطهران بالعملية وهو ما ثابر المسؤولون الإيرانيون على تكراره.
وخلافا لما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، من أن مسؤولين أمنيين إيرانيين ساعدوا بشكل مباشر في التخطيط لهجوم الطوفان، ذهبت الولايات المتحدة إلى القول بأنها لا تملك أي أدلة تشير إلى أن إيران متواطئة في الهجوم.
وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بقوله "إيران وحماس لديهما علاقة طويلة.. حماس لم تكن لتصبح كذلك بدون الدعم الذي حصلت عليه لسنوات عديدة من إيران"، لكنه استدرك قائلا: "لم نر بعد دليلا على أن إيران أدارت هذا الهجوم تحديدا أو كانت وراءه".
فليس لدى أميركا معلومة لتورط إيران أو حتى نية لتوريطها بحرب إقليمية، فلديها ما يكفي من المشاغل؛ التحدي الصيني وهو يطرق أبواب الهيمنة العالمية ويوشك أن يفتح له.
في المقابل، ليس لدى الإيرانيين رغبة في التورط في حرب واسعة ومباشرة مع القوى الكبرى، وعينها على حاملة الطائرات الأميركية جيرالد فورد (USS Gerald R. Ford) التي جاءت تبحر في شرق البحر المتوسط لفرض الردع، وهي تدرك تماما أنها جاءت لردعها، هذا فضلا عن عشرات القواعد الأميركية التي تنتشر في بلادنا العربية، المتحفزة للتدخل في حال تجاوزت إيران القواعد المرسومة للاشتباك.
ولكن ما ينبغي إدراكه أن هدف تجنب الحرب إذا ما بولغ فيه قد يصبح أهم أسبابها، ويحكي لنا التاريخ أنه حين عاد رئيس وزراء بريطانيا نيفيل تشامبرلين إلى وطنه بعد عقده معاهدة "ميونخ" مع هتلر، وأعلن تحقيق "السلام في زمننا"، كان بالفعل قد شجع هتلر على هجومه.
تدرك إيران ذلك، ولذا فهي لا تريد أن تظهر بمظهر الضعيف، فقد يكون الهدف القادم هو ذراعها في جنوب لبنان ومقدمة حربتها، فلقد ذكر تقرير للقناة "12" الإسرائيلية، مساء السبت المنصرم 23 ديسمبر/كانون الأول أن مفاوضات خلف الكواليس تجريها عدة دول بهدف إبعاد قوات "حزب الله" عن الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وأبرز النقاط المتداولة وفقا لتقرير القناة الإسرائيلية، هي: دفع قوات حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وإدخال قوة دولية إلى منطقتي مزارع شبعا وشمالي قرية الغجر، وقبول تعيين رئيس جديد للبنان وقائد جديد للجيش اللبناني.
تحرك المحور الإيراني من جميع أماكن وجوده في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفق قواعد اشتباك محدودة لا تؤدي إلى تصعيد غير محسوب. وفي الوقت نفسه، أرسل رسالة عن "وحدة الساحات" وتحركها المتزامن دفاعا من بعضها عن بعض.
شكلت هذه الخطوات المحدودة، لا سيما في الجبهة الشمالية اللبنانية وفي اليمن، شيئا من الشعور بأن المقاومة الفلسطينية لن تترك وحيدة، إلا أنها خطوات -على أهميتها لغياب غيرها- لم تصل إلى الدرجة التي تردع فيها "إسرائيل" أو تكبح عدوانها على القطاع.

خطاب نصر الله

وقد شكل خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، رفعا للغموض -الذي كان وجوده مفيدا- عن موقف الحزب، واضعا قواعد محددة لطمأنة الجميع -باستثناء المقاومة في غزة- بأن الحرب بعيدة.
وبذلك، لم تكن الكلفة البشرية العالية في قطاع غزة محفزا لـ"المحور" كي يطور من طريقة تدخله، إذ تجاوز عدد الشهداء حاجز 25 ألفا.
هكذا، حولت إيران تدخلها المحسوب إلى صندوق رسائل لعدة أطراف، فمن جهة استمرت في التعبير عن حدود محورها ونفوذها وتحركه بالتناغم، وفي الوقت نفسه أثبتت للنظام الدولي أنها طرف يتمتع بعقلانية الدول الحديثة ويقدم الحسابات الموزونة على المغامرات.
ومن جهة أخرى شاغلت بحزب الله جزءا من الجيش الإسرائيلي في جبهة الشمال وأخلت العديد من المستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة، وحاصرت إسرائيل في البحر الأحمر.
وأتاحت تدخلات الحوثي لها تجاوز مياهها الإقليمية واصلة الساحل الهندي، بما يزيد من قدرتها على ردع خصوم آخرين. وبهذا وضعت العديد من الأوراق التي يمكن التفاوض عليها لاحقا، ثم أرسلت رسالة عتب للمقاومة في غزة لاستفرادها بقرار المعركة.
لم تكن معركة "طوفان الأقصى" بمعرفة إيرانية، ولم تكن أيضا بأسلوبها، وذلك على الرغم من أن تصريحات قبل العملية بسنة كانت قد أشارت إلى ضرورة عملية من هذا النوع وتعهدت بالتدخل الجدي إذا ما تمت.
ففي مقابلة أجريت في أغسطس/آب 2022 ونشرت على الموقع الإلكتروني لـ"المرشد"، قال رئيس الحرس الثوري حسين سلامي "الفلسطينيون جاهزون اليوم للحرب البرية، وإن أكبر نقاط ضعف إسرائيل هي الحرب البرية، وإن القتال بالصواريخ ليس هو النقطة الأساسية في الصراع، وهم يعلمون أنه يجب تحرير الأراضي بالقوات البرية، وستتحدد نتيجة المعركة عندما يكون الكفاح على الأرض، وسيتحرك أبناء حزب الله وفلسطين الشجعان ذوو الخبرة على الأرض في تشكيل عسكري واحد".

مسار التفاهم

على خلاف ما يشاع بأن عملية طوفان الأقصى جاءت بتوقيت مناسب للإيرانيين، حيث عطلت مسار التطبيع القادم، فإنها أيضا عطلت شيئا من الانتعاش في مسار التفاهم الإيراني الأميركي.
فقبل شهرين من الطوفان، كان يبدو أن الإيرانيين على وشك فك الجمود الذي ساد التفاهمات مع واشنطن، فاتفاقية تحرير السجناء الخمسة وتحرير 6 مليارات دولار لصالح إيران كانت قد جمدت في كوريا الجنوبية، شكلت أملا جديدا للإيرانيين في تفكيك الحصار الاقتصادي المضروب عليهم.
وفي الفترة نفسها، شهدت صادرات النفط الإيرانية مستويات إنتاج مرتفعة، وذلك وفق ما ذكرته شركة "كبلر" مزودة بيانات تدفق شحنات النفط.
وبحسب الشركة نفسها، تجاوزت الصادرات الإيرانية حاجز 1.5 مليون برميل يوميا في مايو/أيار الماضي، وهو أعلى مستوى شهري لها منذ عام 2018، السنة التي ألغى فيها الرئيس دونالد ترامب الاتفاق النووي.
يذهب خبراء إلى أن ذلك يأتي ضمن رغبة أميركا لتجنب ارتفاع أسعار النفط قبيل الانتخابات الأمريكية، ولكنه أيضا يشي برغبة في إنعاش التفاهمات مع الإيرانيين.
ومؤخرا، وافق حزب الله على ترسيم الحدود البحرية مع "إسرائيل"، التي هي حصص فلسطين المسروقة، وبإشراف المبعوث الأمريكي الإسرائيلي الأصل، عاموس هوكشتاين، تجري عملية الترسيم والتفاهم التي سبقها تصعيد كلامي. كما أن الحزب يعيش بيئة محلية على وشك الانهيار، ولن يغامر بتهجير حاضنته في ظروف كهذه.

حماس وإيران.. خصوصية التحالف

شكل خطاب "تحرير القدس" إحدى المكونات الأيديولوجية للثورة الإيرانية ومن بعدها مرحلة استقرار الدولة، وهذا الموقف كان أساسا في انتقادات الخميني لحكم الشاه، ويعتبر الموقف من قضية فلسطين ورقة اعتماد ضرورية لكل من يرفع شعار المقاومة في الوجدان العام للشعوب العربية والإسلامية، وفضلا عن ذلك فإن "إسرائيل" أيضا هي منافس إيران الإقليمي الحقيقي.
إذ تقدم "إسرائيل" نفسها بوصفها حارسة دول الخليج من الخطر الإيراني، والقاعدة المتقدمة للغرب في الحد من النفوذ الإيراني، في حين تقدم إيران نفسها حارسة شعلة المقاومة وصاحبة المشروع الجدي في التصدي للنفوذ الإسرائيلي، لكنها مع ذلك تتجنب الصدام المباشر معها، وتفضل محاصرة توسعها ومشاغلتها من خلال دعم الفصائل الفلسطينية.
مبكرا ومنذ الثورة الإيرانية، بدأت العلاقة بين إيران والمقاومة الفلسطينية عبر "منظمة التحرير"، ثم راكمت حماس لاحقا على ذلك.
ففي عام 1990، دعيت الحركة لحضور مؤتمر في طهران لدعم الانتفاضة الأولى، وفي عام 1991، فتحت مكتبا لها في طهران، لكن التطور الفعلي في العلاقة بدأ من بعد عام 2006، أي من بعد فوز الحركة في الانتخابات، وما عناه ذلك بالنسبة لإيران، مثل قوى أخرى، من حضور وتأييد جماهيري لحماس.
وبعد اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، أصيبت العلاقة بفتور جدي، بعد أن قررت حماس الخروج من سوريا والوقوف بجانب الثورة ضد النظام، الذي كان مدعوما من إيران.
رأت إيران في موقف حماس خروجا عن "المحور"، لكنه أيضا دلل على كون الحركة ليست ذراعا تابعا للمشروع الإيراني، بل تتمتع بالندية في التعامل معه كحليف له أرضيته وحساباته الخاصة.
لم تطل سنوات الفتور هذه، فبعد عام 2014 وانتكاسة الثورات العربية، عادت العلاقة بين إيران وحماس إلى حيويتها.
ومع اندلاع معركة "العصف المأكول"، التي خاضتها المقاومة ردا على عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، ظهر أن قدرات المقاومة في تطور مستمر، مما يعني دخولها في مسارات للتصنيع المحلي، دون اعتماد كامل على الدعم الإيراني، وهو ما يتجلى خلال معركة "طوفان الأقصى" هذا العام.
سعت حماس إلى ترميم العلاقة مع إيران؛ لكونها الدولة الوحيدة التي مدت يدا داعمة لها بالمال والسلاح والخبرات، في حين أطبق عليها الحصار من مختلف الدول العربية والإسلامية، وتحديدا المجاورة لها.

استقلالية حماس

وفي إحدى المقابلات مع أسامة حمدان، عضو المكتب السياسي لحركة حماس وممثلها في لبنان، أجاب عند سؤاله عن العلاقة مع إيران: "نعم نتلقى دعما من إيران، والخطأ أن الآخرين لا يقدمون دعما… أن يصبح من يدعم الفلسطينيين مدانا، ومن يقبل الدعم من الفلسطينيين مدانا، هذه آخر عجائب الدنيا، المدان هو الذي لا يدعم القضية".
غير أن هذا الدعم وقبوله لم يعن لحماس ذوبانا في المشروع الإيراني وتحالفاته، إذ ظلت الحركة تأخذ مسافة تؤهلها أخذ موقف داعم لحق الشعوب في التحرر من الاستبداد، وفي الوقت نفسه تركز على الدفاع عن مجتمعها المسؤولة عنه دون أن تتدخل في صراعات المنطقة.
وقد جاء ذلك على لسان مسؤولين في الحركة، إذ يقول أسامة حمدان في مقال له بعنوان "العلاقات الدولية لحركة حماس": "حرصت الحركة دائما على استقلالية قرارها مع انتمائها للأمة، ورفضت التبعية في أي من علاقاتها السياسية، ورفضت الحركة دائما أن تكون تحت جناح طرف أو فريق مهما كانت حالة الانسجام والتوافق وحسن العلاقات، كما رفضت الحركة بناء أي شكل من العلاقات على قاعدة التوظيف السياسي لها أو لأدائها لصالح أجندات قد تتعارض مع مبادئها، أو مع مصالح الأمة أو مع مصلحة إنسانية عامة".
أما خالد القدومي، ممثل حركة حماس في طهران، فيقول: "الإيرانيون لم يشترطوا يوما أي شروط خاصة بهم مقابل دعم حماس، وإيران تعلم أنها لو اشترطت لما قبلت حركة حماس ذلك".
وحول موقع حركة حماس داخل المنظومة الدفاعية الإيرانية وما إذا كانت جزءا منها، أجاب الحرس الثوري عن سؤال الباحثة المختصة بالشأن الإيراني فاطمة الصمادي: "قرارنا هو الدفاع عن حماس، وإذا ما حدثت المعركة مع إيران فمن المؤكد أن حزب الله سيشارك والحشد الشعبي سيشارك وكذلك أنصار الله والزينبيون، وهي إستراتيجية دفاعية بنيناها".
ويتابع الحرس إجابته "أما بالنسبة لحماس فيكفي أن تقاتل إسرائيل، وليس مطلوبا منها أن تقاتل نيابة عن إيران إذا تعرضنا لهجوم، إن المعركة الوحيدة التي ينتظر من حماس أن تخوضها هي الحرب مع إسرائيل في الساحة الفلسطينية ولتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة لا في أي ساحة أخرى، فهناك عدو واحد هو إسرائيل".
في الواقع، فإن هذه الإجابات من جانب الحرس والحركة بقدر ما تؤكد على استقلالية الحركة عن مشروع إيران ووضع التحالف بينهما في إطار التحالف الاستراتيجي القائم على وحدة العدو، فإنها تضع الحركة في درجة أقل من ناحية الأهمية بالنسبة للمشروع الإيراني، وهو ما يساعد على تفسير انضباط قواعد الاشتباك في تدخل المحور في المواجهة.

الضغط على إسرائيل

صحيح أن معركة إقليمية مفتوحة هدف لا يسعى له أحد، لكن توسيع الاشتباك لدرجة تضغط على "إسرائيل" وتهددها وتدفعها لكبح عدوانها، هي مسألة ما زال بالإمكان تحقيقها، ومع أن ذلك يحمل مغامرة حقيقية فإن هذا ما يميز المواجهات العسكرية، وهو ما يدفعه الحليف من أجل حليفه وقت الأزمات.
علينا أن نتذكر أن إيران أنجدت الأسد بـ70 ألف مقاتل، وحشدت الآلاف في العراق للتصدي لـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، فهذا المعنى الفعلي لـ"وحدة الساحات"، إذ إن لها معنيين: الحقيقي وقد شاهدناه في سوريا والعراق، والرمزي التمثيلي وهو ما شهدناه في العلاقة مع المقاومة في غزة.
من المفيد معرفة الطريقة التي تفكر بها إيران، وإدراك طبيعة مشروعها وتتبع تطور تمددها، ولاسيما الدور الاستثنائي الذي قام به "فيلق القدس" من وقت تأسيسه ليكون جسما موازيا للجيش وقادرا على أداء أدوار خارجية، مرورا بسقوط العراق؛ اللحظة الذهبية التي ساهمت في تمدد نفوذه، ووصولا إلى خطة عام 2011 الاستثنائية، التي شكلت فرصة لتوسيع النفوذ في سوريا واليمن وتمتين العلاقة مع مختلف الساحات.


فيلق القدس.. كيف صنع المحور؟

تعود نشأة الحرس الثوري ومعه "فيلق القدس" إلى بداية تجربة الثورة الإيرانية، وكانت المهمة بالأساس مواجهة التحديات الداخلية، فلم يكن الجيش محل ثقة الثورة بحكم ارتباطه بالعهد السابق، كما أن أهمية تشكيل لجنة للحروب غير المتماثلة كانت تطرح مبكرا لاسيما بعد حرب كردستان والحرب الإيرانية العراقية.
وبحلول عام 1989، كان فيلق القدس يعبر عن اندماج تنظيمات إيرانية عدة، تقوم بمهام متشابهة في إطار إعادة تنظيم القوات المسلحة، وقد تولى أحمد وحيدي قيادة الفيلق خلال الفترة الواقعة بين 1989و1998.
لم تكن فكرة إنشاء جسم للعمليات الخاصة الخارجية أو لتدريب المليشيات والتدخل الخارجي، طارئة على التقاليد الأمنية للدولة الإيرانية السابقة على الثورة، بل كانت توجها يندرج ضمن توجهات عدة ورثتها الثورة الإيرانية وطورتها بوصفها استمرارا لتقاليد الدولة القومية منذ ستينيات القرن المنصرم، لاسيما دعم المليشيات الخارجية، ومن أمثلة ذلك: دعم إيران لتمرد الأكراد في العراق (1961-1974)، والمشاركة في قمع ثورة ظفار في عمان (1972-1979)، وغيرها.
كما شكلت معارضة وجود القوى الخارجية عسكريا في منطقة الخليج محددا قديما للدولة الإيرانية، إضافة إلى تطوير البرامج النووية والصاروخية الذي بدأ قبل الثورة، فهذه كلها محددات أساسية للدولة في إيران سابقة على ثورة الخميني، وقد حوفظ على استمراريتها بعد الثورة، كما يرى خبراء الشأن الإيراني.
ومن المفيد إدراك ذلك لمعركة الاستمرارية التي تحملها الدول القومية الحديثة، بمعزل عن طبيعة الدعاية للحاكمين والأيديولوجيا، مع أن هذه الأيديولوجيا بالطبع لها دورها المركزي والمهم.
تجلت الفرصة الكبرى الأولى للحرس الثوري في لبنان عام 1982، إذ كان ضباط الحرس الثوري يعملون بجد على تأسيس حزب الله، وبالتعاون مع عماد مغنية أسسوا جهاز الأمن الخاص، وهو جناح حزب الله المسؤول عن التنسيق مع فيلق القدس؛ الجهاز الذي سيقوم بالعديد من العمليات ضد السفارة الأميركية والثكنات العسكرية الأميركية والفرنسية.
وهذا ما يعكس جاهزية الحرس باستمرار للاستثمار في الفرص والاستعدادية العالية للاستفادة من الفوضى.

التعاون مع واشنطن

قطعت إيران العلاقات الدبلوماسية مع أميركا منذ عام 1980، وذلك بعد احتجاز الدبلوماسيين الأميركيين في طهران رهائن، إلا أنه بدءًا من 11 أيلول/سبتمبر، أبدى الإيرانيون تعاونا مع الأميركان في ضرب عدوهم المشترك "طالبان".
لم يُفاجَأ ريان كروكر، وهو مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، عندما وجد أن سليماني كان مرنا في التنسيق معهم، فقال: "إنك لا تعيش ثماني سنوات من الحرب الوحشية دون أن تكون عمليا إلى حد ما".
وبحسب ديكستر فيلكنز صاحب مقالة "جنرال الظل" في مجلة "نيويوركر" الأميركية، فقد استمر التعاون بين البلدين خلال المرحلة الأولى من الحرب.
وفي مرحلة ما، سلم كبير المفاوضين الإيرانيين كروكر خريطة توضح بالتفصيل تحركات قوات طالبان: "هذه نصيحتنا: اضربوهم هنا أولا، ثم اضربوهم هنا…"، سأل كروكر مندهشا: "هل يمكنني تدوين الملاحظات؟" فأجاب المفاوض: "يمكنك الاحتفاظ بالخريطة".
لقد عكس هذا الشكل من التنسيق قدرة إيران على تحدي النظام الدولي وعلى التفاهم معه إذا اتفقت المصالح، بل والتحدث مع "الشيطان الأكبر" إذا لزم الأمر.
لكن "الشيطان الأكبر" في يناير/كانون الثاني 2002، وعلى يد الرئيس جورج بوش الابن، وضع إيران على قدم المساواة مع ما سمّاه "دول محور الشر"، وشكل ذلك خيبة أمل للإيرانيين، وبذلك أغلق الباب على الاتصالات السرية التي شهدتها بداية الحرب على أفغانستان.


سليماني وتحقيق الأهداف بكل الوسائل

تولى قاسم سليماني قيادة الفيلق في الفترة الواقعة بين 1998و2020، وساهم في نقله نقلة نوعية، وشوهد في سوريا والعراق وفي كل مكان احتاج إلى الوجود فيه.
لم يعد في عهده الفيلق منظمة للعمليات السرية وحسب، بل جعل منه قوة تعبئة شعبية قادرة على استقطاب فئات واسعة وغير متدينة تجمعها الهوية الشيعية أو الرغبة المصلحية، حتى تدين بالولاء أو المصلحة للمشروع المركزي في إيران.
لقد أصبح الفيلق قوة مهيمنة تدير الأزمات، وتتدخل فيها، وتشارك في العملية السياسية أيضا، وترتبط هذه الشبكات بشخصيته الكاريزمية والمبادرة، التي نجحت في استغلال الفرص والممكنات وأتقنت استعمال القوى الناعمة والخشنة في أماكنها المناسبة، ممزوجة بخطاب أيديولوجي ثوري، ولكنها مصحوبة بحس براغماتي يشتغل ضمن قواعد السياسة القومية، على أن نتذكر دوما أن البراغماتية لا تعني التخلي عن المبادئ كما يشاع، بل تعني هنا التمسك بالمبادئ ولكن بأدوات أخرى.
تمكن سليماني من بناء هيكل شامل للفيلق في أفغانستان وأفريقيا وآسيا الوسطى والعراق ولبنان وأميركا اللاتينية والجزيرة العربية، وأنشأ ما يقرب من 20 معسكرا للتدريب في إيران، إضافة إلى معسكرات في لبنان، وأخيرا في السودان، وإنشاء شبكة لوجستية متخصصة بإدارة شحنات الأسلحة السرية على المستوى الدولي.
ووفق كاتب مقالة "جنرال الظل"، فقد "أصبح الفيلق منظمة ذات امتداد غير عادي، مع فروع تركز على الاستخبارات والتمويل والسياسة والتخريب والعمليات الخاصة.
ومع وجود قاعدة في مجمع السفارة الأميركية السابق في طهران، تضم القوة ما بين عشرة آلاف وعشرين ألف عضو، مقسمين بين المقاتلين وأولئك الذين يدربون الأصول الأجنبية ويشرفون عليها".

العراق.. حين كسرت البوابة الغربية لإيران

خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، تكون عند الإيرانيين أهم درسين في نظرية الأمن القومية لديهم: 1- الوعي اللازم بطبيعة المستقبل وحربه اللانظامية. و2- الرغبة الملحة في عراق ضعيف ليكون بوابة للتمدد في المنطقة؛ وهو أمر المجمع عليه بين مختلف الأطياف السياسية الإيرانية.
لقد كانت الحرب مع العراق بالنسبة لإيران بداية مشروع مدته ثلاثة عقود، لبناء منطقة نفوذ شيعية فارسية تمتد عبر العراق وسوريا إلى البحر المتوسط، يتحدى النفوذ الغربي وأنظمته العربية، وأيّ مكون سني عربي في طريقه للتشكل أو في طور تملكه لزمام القوة.
وفي 19 مارس/آذار 2003، كانت صواريخ "كروز" الأميركية تحطم بوابة العراق إلى غير رجعة، تلك البوابة التي سيؤدي كسرها لاحقا إلى انطلاق عصر التمدد الإيراني. وفي ثلاثة أسابيع، انتهى النظام الذي أرهق إيران في حرب السنوات الثماني.
كان الإيرانيون يراقبون ذلك بقلق، ولكي يتجنبوا الموجة العالية من الغضب الأميركي، قدموا في 4 مايو/أيار2003 مذكرة وخارطة طريق للأميركان، وذلك من خلال السفير السويسري تيم غولدمان في طهران، وافقت إيران فيها على الشفافية الكاملة فيما يخص برنامجها النووي، وعلى وقف دعمها لحماس واتخاذ إجراءات تؤدي إلى نزع سلاح حزب الله.
وفي المقابل أراد الإيرانيون أن تتوقف الولايات المتحدة عن محاولة تغيير نظامهم السياسي، وتسليم أعضاء من "منظمة مجاهدي خلق الإيرانية"، والاعتراف بـ"المصالح الأمنية المشروعة لإيران في المنطقة".
وأرادوا بيانا يفيد بأن إيران ليست جزءا من "محور الشر"، وفق ما أفاد به السفير في حوار مع ديفيد كريست، مؤلف كتاب "حرب الشفق".
ولا ندري هل كانت إيران جدية في هذه المبادرة أم أنها أسلوب دبلوماسي للمشاغلة وإشعار القوى الكبرى بأنه يمكن التفاهم معها.
أرسلت أمريكا كروكر إلى بغداد لتنظيم حكومة ناشئة تسمى "مجلس الحكم العراقي". وفي الوقت الذي انطلقت فيه المقاومة العراقية التي تركزت في المناطق السنية، ركز الجيش الأميركي جل اهتمامه على مكافحة التمرد السني، وتجنب استفزاز إيران ومليشياتها قدر المستطاع.
كان السياسيون العراقيون الذين قبلوا العمل مع الاحتلال يتشاورون على الدوام مع سليماني، واتفق الرجلان، كروكر وسليماني، بطريقة غير مباشرة، على المرشحين الشيعة المحتملين، يشير كروكر إلى أن "تشكيل مجلس الحكم كان في جوهره مفاوضات بين طهران وواشنطن".

اجتثاث البعث

لقد أرادت إيران انتصار أميركا على العراق، لكنها لم ترده انتصارا يشكل خطرا عليها، ويضيع منها فرصة النفوذ في الدولة المجاورة. فانطلاقا من عام 2004، كانت الألغام الإيرانية و"جيش المهدي" -المليشيات الشيعية التابعة لمقتدى الصدر- يوقعان خسائر في الأميركان، على خلاف "لواء بدر" الذي تفرغ لحملة انتقامية ضد البعثيين.
وقد شكلت هاتان السياستان جوهر التدخل الإيراني: 1- اجتثاث البعث والوجود السني معه، الذي سيعبر عنه لاحقا بقانون "اجتثاث البعث" في فترة المالكي وسيجري توسيعه ليشمل كل تنافس محتمل من السنة، و2- التفاهم مع الأمريكان في أحيان، وإيقاع الأذى فيهم في أحايين أخرى.
وفي أوائل عام 2008، كان ديفيد بترايوس، قائد القوات الأميركية، يستمع إلى رسالة سليماني التي كان نصها: "عزيزي الجنرال بترايوس، يجب أن تعلم أنني، قاسم سليماني، أتحكم في سياسة إيران فيما يتعلق بالعراق ولبنان وغزة وأفغانستان".
وبالفعل فإن السفير في بغداد هو عضو في فيلق القدس، والشخص الذي سيحل محله هو عضو في فيلق القدس أيضا.
وبحلول عام 2011، كانت إيران قد أحكمت سيطرتها على العراق، وبنت فيه قوة شاملة سياسيا وعسكريا تتبع لها، أمام أنظار ما يقارب 200 ألف جندي أميركي.
ومع أن النظام الحاكم في إيران حاول باستمرار أن يبدي مرونة، وأحيانا توافقا، مع النظام الدولي، كما في حرب الخليج الثانية (1990-1991) وحربي أفغانستان (2001) والعراق (2003)، فقد بقي الملف النووي ودعم المقاومة والموقف من "إسرائيل" محل نزاع.
هذا إضافة إلى رغبة الأميركان في الحد من التوسع الإيراني وليس القضاء عليه، فالخطر الإيراني ضامن لاستمرار حاجة الخليج إلى أميركا.
وبدءًا من عام 2007، وُضع الحرس الثوري وفيلق القدس على قوائم الإرهاب، وبقيت العلاقة مع أميركا تتفاوت بحسب سكان البيت الأبيض، بين العقوبات الاقتصادية والاحتواء بالتفاهمات.
وفي خضم كل ذلك، دللت إيران وأثبتت للنظام الدولي أنها طرف إقليمي قوي ومخيف، ولكن في الوقت نفسه يمكن التفاهم معه.

الفرص مجددا

لم تكن إيران لتسمح للجسر الواصل بينها وبين حزب الله بالسقوط، حيث كان سليماني يشرف بنفسه على إدارة معركة إنقاذ نظام بشار الأسد. وقد شكلت معركة "القصير" (المدينة التي تعد مدخلا إلى البقاع؛ معقل حزب الله)، أبرز بداية لهذا التدخل.
ومع حلول مايو/أيار 2014، وصل "الجيش الشعبي" المكون من المليشيات المدعومة إيرانيا، بقوام سبعين ألف مقاتل، إلى سوريا، وذلك بحسب ما صرح به مسؤول في الحرس الثوري.
وجدت إيران في سقوط نظام الأسد تهديدا إستراتيجيا لمشروعها، وضربا لخط إمداد حزب الله؛ حربتها المتقدمة في تهديد "إسرائيل".
قاتل الإيرانيون وحلفاؤهم سنوات طويلة لمنع سقوط نظام الأسد، تماما مثلما تحركوا بتأسيس الحشد الشعبي في العراق لمنع سقوط النظام العراقي.
ولقد شكل الانهيار السريع للجيش العراقي في الموصل أمام مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في 10 يونيو/حزيران 2014، مصدر خطر حقيقي على السيطرة الشيعية في العراق، فأصدر السيستاني المرجع الشيعي الأعلى فتوى "الجهاد الكفائي"، وعلى إثرها تشكلت قوات الحشد الشعبي.
وفي اليمن تمكن الحوثيون، الذين تلقوا تدريبا وتسليحا إيرانيا، من السيطرة على العاصمة صنعاء. وفي نهايات عام 2014، سعت إيران إلى تطوير شبكة نفوذها وتهديد العمق السعودي الجنوبي والتمركز في الممرات المائية في الخليج.
يعطي هذا الحجم من الذهاب في الخيارات العسكرية والدفاع عن حدود النفوذ انطباعا قويا عن جدية إيران في بناء شبكة نفوذها في المنطقة، وهي لا تتردد في أن تتدخل بكل قوتها حين يتعلق الموضوع بمصلحة مشروعها، وتقدير حجم التدخل يتعلق بحجم المصلحة المترتبة على إنقاذ الحليف وطبيعة انتمائه العقدي وطبيعة الخصم الذي يواجهه، فلا يمكن فصل تمددها السياسي عن مكونها الشيعي، وقدرتها على تحفيز الشعور بالخطر عند الأقلية الشيعية العربية وربط مصالحهم بمصلحة مشروعها.
لقد شكل "التشيع" وسيلة إيران في التمدد، لكنه أيضا هدف من أهدافها، وفي الواقع، سيبقى سوء التفاهم قائما في وعينا السياسي ما دمنا نرث أدوات تحليلية علمانية لا تنظر إلى العقائد إلا بوصفها أدوات تعمل في خدمة المصالح العقلانية القومية، ولكن ثمة درجة من التداخل لا يعود معها بالإمكان التمييز بين ما هو مصلحي وما هو ديني على أنها حقول منفصلة، فالعقيدة كفيلة بترتيب المصالح، والمصالح لا يمكن البناء عليها إلا بأخذ العقيدة التي أمدتها بمشروعيتها بالاعتبار.
بهذا يمكن فهم المكون الفارسي للدولة الإيرانية؛ المكون الذي يملي على الدولة ركائزه ونظرته للأمن، كما يورث ثقافته. فليس غريبا أن يبدأ تمجيد ذكرى قورش في عهد أحمدي نجاد، المعروف بتمسكه بالمكون الشيعي للسياسة. ففي المحصلة، تستثمر إيران مثل أي دولة قومية كل مصادرها الذاتية لتجعل منها عناصر قوة، ثم لا يعود ممكنا بعدها التمييز بين الأدوات والأهداف عندما تنتظم في وجهة واحدة.

هل تشارك إيران في الطوفان؟

يمكن القول إن ثمة شراكة إستراتيجية تجمع المحور الإيراني بحماس، بل هي جزء منه، بالمعنى السياسي، لكنها تفترق معه في المكون العقدي، وتستقل عنه في القرار السياسي والعسكري، وهو ما كشفت عنه معركة "طوفان الأقصى"، ولا تتفق معه في مشاريعه في المنطقة، وهو ما كشفت عنه لحظة الخروج من سوريا بمعزل عن شكل التصريحات المبالغ فيها التي صدرت لاحقا.
هذا كله يجعل حماس تحتل درجة أقل ضمن شعار "وحدة الساحات"، وذلك قياسا بالساحات الأخرى: سوريا ولبنان، فتلك مشاريع ترتبط عضويا وعقائديا ومصلحيا بالمشروع الإيراني، بمعزل عن درجات استقلالها وقدرتها على التحرك والمبادرة. وما زال الحدث قائما فلا يمكن الجزم بطريقة تطوره إلا أنه بشكله الحالي يكفي لتصور شكل وطبيعة التحالف.
وما يهم إدراكه، أن التحالف بين حماس وإيران، يأتي في غياب أي دعم عربي أو مسلم آخر في المسألة العسكرية والسياسية، بل على العكس تتآمر العديد من الأنظمة العربية على المقاومة الفلسطينية، وتتمنى القضاء عليها. ومجددا يتمدد المشروع الإيراني في كل مساحة يمكنه التمدد فيها، مستغلا الفرص ومطورا عليها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Empty
مُساهمةموضوع: رد: محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى   محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Emptyالأحد 28 يناير 2024, 11:31 pm

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 33333-1706255167



محور الممانعة.. الفكرة وحدودها (2): سوريا الحلقة الذهبية
في الخامس والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أو بالأحرى في اليوم الثمانين للعدوان الإسرائيلي على غزة، وبينما كانت الطائرات الإسرائيلية تواصل قصفها الوحشي للقطاع، بدا أن إحداها قد ضلت الطريق متجهةً شمالا، وأفرغت حمولة من ثلاثة صواريخ في سوريا بدلا من غزة، ثم عادت أدراجها جنوبا لتكمل مهمتها المعتادة في سماء غزة.
لم يحتج الأمر وقتا طويلا قبل أن ينقشع الغبار عن موقع الاستهداف في منطقة السيدة زينب جنوبَ العاصمة السورية دمشق، ليظهر أن هدف الطائرة الإسرائيلية كان أحد أكبر ضباط فيلق القدس فرع العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني في سوريا ومسؤول الإسناد لـ"محور المقاومة"، العميد رضي موسوي، رفيق درب قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قُتل قبل نحو ثلاثة أعوام على يد القوات الأميركية في العراق.
لم يكن هذا الهجوم الإسرائيلي الأول على الأراضي السورية ولا الثاني منذ مطلع هذا العام بل السبعين، والسابع والثلاثين منذ "طوفان الأقصى"؛ أي بمعدل هجوم كل 5 أيام، بارتفاع ملحوظ عن العام الماضي الذي شهد ما يقارب 50 هجوما، لترتفع حصيلة الهجمات الإسرائيلية إلى ما يقارب 500 منذ أول قصف إسرائيلي لمركز البحوث العلمية في جمرايا في 30 يناير/كانون الثاني قبل عشرة أعوام.
وتوزع القصف بين قواعد ونقاط وقوافل عسكرية للنظام وإيران ومليشياتها وحزب الله، ومع ذلك، لا يبدو أن هذه الضربات قللت عدد القواعد والنقاط العسكرية التابعة لإيران ووكلائها في سوريا التي تقارب 600 نقطة موزعة على طول البلاد وعرضها، بينها 55 قاعدة عسكرية.

أهمية سوريا لإيران

قد يبدو عدد الاستهدافات والنقاط الكبير مثيرا للتساؤل، لكنه سيزول عند استذكار تصريح الأدميرال علي شمخاني "أمن سوريا من أمن إيران، والانتصار في سوريا انتصار لإيران"، ربما لا يمكن اختصار أهمية سوريا في الإستراتيجية الأمنية القومية الإيرانية بأوفى من هذه العبارات، خصوصا أنها صادرة عن المسؤول المباشر عن هذا الملف، شمخاني، الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الذي تولى منصبه 10 أعوام.
وشهدت تلك السنوات صعود وتبلور هذه الإستراتيجية وتجليها وتنفيذها على يد الحرس الثوري الإيراني، وخصوصا فرعه الخارجي "فيلق القدس"، تحت قيادة الجنرالين قاسم سليماني ونائبه حسين همداني، اللذين لقيا مصرعهما ميدانيا في العراق وسوريا.
يمكن القول إن تصريحات شمخاني الصادرة عام 2018 كانت متأخرة نسبيا؛ إذ سبقتها تصريحات ذهبت أبعد من ذلك، سواء محليا، باعتبار سوريا، على لسان مهدي طائب، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني، "المحافظة الإيرانية الـ35.. فإذا حدث هجوم عسكري على سوريا وخوزستان [ومركزها الأحواز]، فإن أولويتنا ستكون الدفاع عن سوريا، لأننا إن أبقينا سوريا سنسترجع خوزستان، ولكن إن فقدناها فلن نستطيع الحفاظ على طهران"، أما إقليميا، وهو الأهم، بوصفها، بكلمات مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية علي أكبر ولايتي التي كررها مرارا منذ عام ٢٠١٢، "الحلقة الذهبية في سلسلة مقاومة إسرائيل"، أو بالأحرى، "محور المقاومة".
لم تنطلق هذه الإستراتيجية من عقيدة أمنية ذات دوافع "دنيوية" وإستراتيجية وحسب، بل كانت مرتبطة كذلك بعقيدة "دينية" بالمعنى الحرفي للكلمة، كما يؤكد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، بقوله إن "الشهيد سليماني وسائر الشخصيّات البارزة من حرس الثورة الإسلامية ومنهم الشهيد همداني كانوا يبذلون الجهود حقا من أعماق أرواحهم وقلوبهم، وينظرون إلى قضية سوريا كتكليف وواجب مقدس"، متصدرين قائمة من آلاف القتلى من مختلف الجنسيات قضوا "أثناء أداء واجبهم الجهادي"، أو "دفاعا عن حرم مرقد السيدة زينب" على "طريق القدس"، منذ أن سقط الرائد محرم تورك، أول قتيل إيراني، في سوريا في التاسع عشر من يناير/ كانون الثاني 2012 حتى يومنا هذا، معلنا حرب إيران العابرة للحدود في سوريا، كما يتعقبها هذا التقرير.


من التحالف إلى الاندماج

للمفارقة، فالتحالف بين سوريا وإيران، سابق حتى لتأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما نعرفها اليوم، إذ يذكر عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق الموصوف بأنه أحد "مهندسي العلاقات السورية الإيرانية في مراحلها الأولى"، في مذكراته التي نشرها حول هذا الملف، أن البدايات بين النظام السوري وقيادة الثورة الإسلامية كانت قبل الثورة من خلال موسى الصدر، رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، وتحديدا عبر "حزب تحرير إيران"، الذي كان يعد "أباه الروحي"، وجمعته بشخصياته قرابة ومعرفة، قبل أن يصبحوا وزراء ومسؤولين كبارا في الجمهورية الجديدة.
على الضفة الأخرى من الخليج العربي، يروي باتريك سيل، الصحفي البريطاني وكاتب السيرة الذاتية للرئيس الراحل حافظ الأسد، أن موسى الصدر نفسه أصبح "صديق حافظ الأسد الحميم الموثوق به وحليفه السياسي"، خصوصا بعد فتواه، في يوليو/تموز ١٩٧٣، بأن "العلويين مسلمون من الطائفة الشيعية"، لينطبق على الأسد العلوي الشرط الدستوري للرئاسة بأن "يكون رئيس الجمهورية مسلما".
ولذا، عندما قامت الثورة في إيران استقبل النظام السوري "نجاحها بسرور كبير وتفاؤل عميق… فبادر الرئيس حافظ الأسد بإرسال رسالة تهنئة حارة إلى الخميني أكد فيها حرص سوريا على التعاون الشامل"، كما يروي خدام، ثم أتبعها بنسخة مزخرفة من القرآن حملها وزير إعلام النظام أحمد إسكندر أحمد، وبعدها بزيارة خدام، وزير الخارجية، حينها، لطهران بعد الثورة بستة أشهر، التي قال خلالها "إن الثورة الإيرانية هي أعظم حدث في تاريخنا المعاصر، مبديا الفخر بدعم سوريا لها قبلها وأثناءها وبعدها".
كانت الأرضية جاهزة لبدء "التحالف رغم التناقض العقائدي"، بين الجمهورية السورية البعثية العلمانية، والإيرانية الإسلامية الشيعية، لعدم وجود اختلاف حول القضايا الرئيسية: الصراع مع إسرائيل، وإسقاط النظام العراقي، وتجنيب دول الخليج امتداد الحرب، ومقاومة السياسة الأميركية في المنطقة وإفشالها.


محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 1f59458c-b8b7-4ca0-a9dd-79d62bb666ca


خامنئي (يمين) يستقبل بشار الأسد خلال زيارة سابقة لطهران (رويترز- أرشيف)


بين مد وجزر
حافظ هذا التحالف على تماسكه طوال الثمانينيات، لكنه بدأ التراجع شيئا فشيئا في عقد التسعينيات، ضمن السعي السوري لتحسين العلاقات مع الغرب والولايات المتحدة، بالمشاركة في حرب تحرير الكويت، وقبول الدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل بوساطة أميركية، كجزء من حسم الملفات العالقة تمهيدا لخلافة الأسد الأب الذي توفي عام ٢٠٠٠.
عند استلام بشار الأسد، لم يبد أن هناك تغيرا في هذه السياسة الخارجية المتوجهة غربا، وهو ما تظهره قائمة أولى لقاءات الرئيس الشاب،
 فقد كان ولي العهد السعودي حينها   عبداله بن عبدالعزيز  أول مسؤول يزور دمشق عقب أداء بشار للقسم، في حين كانت أول رحلة خارجية للأسد إلى القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، لحضور القمة العربية الاستثنائية التي عقدت إثر الانتفاضة الثانية، وتبعتها في العامين التاليين زيارات لباريس وبرلين ولندن.


تسارعت الأحداث مع دخول الألفية، فكانت انتفاضة الأقصى، واغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وهجمات الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها "الحرب الأميركية على الإرهاب" وغزو أفغانستان والعراق،  ورد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عليها بتصنيف العالم إثرها إلى "محور شر" (إيران والعراق وكوريا الشمالية)، و"ما وراءه" من دول داعمة للإرهاب (سوريا وليبيا وكوبا).
أدى ذلك إلى بث الذعر في أروقة النظام السوري الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من التغيير القسري عقب إسقاط نظام صدام حسين، مما دفع الأسد لتحويل سياسته الخارجية والداخلية، باتجاه أكبر في حضن "محور المقاومة والممانعة"، تحت قيادة إيران، خصوصا بعد عام 2005.


البعث الشيعي

منذ ذلك العام تقريبا، شهدت القيادة الأمنية صعود شخصيات مقربة من إيران، أبرزها هشام بختيار (رجل إيران ومسؤول ملف التشيع في سوريا) الذي أصبح رئيس مكتب الأمن القومي، ومحمد ناصف خير بك (مهندس العلاقات السورية الإيرانية) الذي أصبح مستشارا أمنيا للرئيس الأسد.
كما تم توقيع اتفاقية دفاع مشترك عام 2006 للمرة الأولى منذ تحالف البلدين، وعدد من الاتفاقيات الاقتصادية، أدت لتضاعف الاستثمارات الإيرانية 4 أضعاف، وسط خطط لمضاعفة هذه الاستثمارات، فضلا عن التوسع الثقافي والديني بالعمل على نشر التشيع في سوريا، الذي زاد بأربعة أضعاف على ما كان عليه في عهد الأسد الأب، وانتشرت مظاهره بشكل علني للمرة الأولى في تاريخ البلاد، في ما يصفه الباحث السوري عبد الرحمن الحاج بـ"البعث الشيعي في سوريا".
بكلمات مبسطة على لسان النائب السابق للأسد، تحول "التحالف" الجيوسياسي القائم على تبادل المصالح بين طهران ودمشق في عهد الأسد الأب إلى "مرحلة الاندماج السياسي والأمني مع إيران" تحت حكم الابن.


مسألة حياة أو موت



"سوريا محتلة من إيران ويديرها سليماني"، للوهلة الأولى، وبوضع المبالغة جانبا، تبدو كلمات رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، قادمة من الفترة (2015- 2016) التي كان فيها سليماني يتنقل بين المدن السورية المختلفة، وصار بها خبر مقتل إيرانيين (أو مقاتلين شيعة مدعومين من إيران) شأنا يوميا. إلا أنها ليست كذلك، فقد كان هذا التصريح مبكرا نسبيا مطلع 2013 حتى قبل معركة القصير (مايو/أيار 2013) التي كانت أحد أكبر ساحات الحضور العلني لمقاتلي حزب الله اللبناني في سوريا.
لم يحصل هذا "الاحتلال"، على حد تعبير حجاب، من فراغ، فبعد اندلاع الثورة، كانت إيران هي الحليف الإقليمي الوحيد للنظام السوري، وكان النظام هو الحليف الأقرب لإيران التي تعتمد إستراتيجيتها الإقليمية والدولية -في دعمها لحزب الله وحماس ومواجهتها لإسرائيل والولايات المتحدة- بشكل كبير على بقاء نظام الأسد واستمراره على المدى القصير.
كما برز سعي طهران للحفاظ على إمكانية الوصول إلى الأراضي والمطارات والموانئ السورية واستخدامها للتواصل مع حلفائها ووكلائها في المنطقة لإيصال الأشخاص والسلاح والمال لهم، على المدى الطويل في حال سقط الأسد، مما يجعل بقاء النظام السوري "مسألة حياة أو موت بالنسبة لها"، على حد تعبير خدام؛ ولذلك خاضت لأجله مسعى طويلا ومعقدا كلفها الكثير من رأس المال البشري والمادي والرمزي على السواء.
بداية، وطوال العام الأول تقريبا من الثورة السورية؛ كانت سياسة طهران اتجاهها هي "لننتظر ونر" بحسب تطور الأحداث؛ وفي حين أيدت الجمهورية الإسلامية، وعلى لسان خامنئي، الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا بوصفها "صحوة إسلامية"، اختارت إيران تجاهل الثورة السورية، وكذلك في الوقت نفسه عدم اتخاذ موقف داعم للنظام السوري بشكل صريح، معتبرة إياها شأنا داخليا لا ينبغي التدخل فيه.
لم يدم هذا الموقف طويلا، فمع تصعيد النظام لقمعه وتراجعه عسكريا إثر تسلح الثورة بشكل متصاعد، ومع فشل المحاولات الدبلوماسية سواء من مؤيدي المعارضة كتركيا أو حلفاء النظام كحزب الله وإيران، أيقن "محور المقاومة"، وتحديدا قائد حزب الله حسن نصر الله، بعد 9 شهور من اندلاع الثورة (أي منتصف ديسمبر/كانون الأول 2011) أن النظام آيل إلى السقوط، فتوجه إلى إيران وأبلغ خامنئي بذلك.
فأتاه الرد من خامنئي بقوله: "اسمعوا ما أقوله جيدا: اذهبوا وضعوا برنامجا وخططوا له جيدا وليكن على رأس أولوياته بقاء بشار الأسد والحفاظ على سوريا"، وهو موقف سيعلنه بعد ذلك بقليل في لقاء له مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بعد ذكرى الثورة الثانية بأسبوعين تقريبا، مؤكدا به دعمه الكامل للأسد ومحذرا من التدخل لإسقاط نظامه، لتتأطر الثورة في الخطاب الإيراني منذ ذلك الوقت بمصطلحات تتراوح بين "المؤامرة الغربية" و"الكفر" الذي تدخل الإيرانيون لحربه.


الإخراج من المستنقع



يبدو أن زيارة نصر الله كانت حدثا فارقا في سياسة المحور اتجاه سوريا، فبعدها بأسابيع تقريبا، وتحديدا في 3 يناير/ كانون الثاني 2012 استدعى القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري نائب قائد فيلق القدس الجنرال حسين همداني، كما يروي في مذكراته "رسائل الأسماك"، وأمره بالذهاب إلى سوريا بناء على طلب النظام السوري، وهو ما لباه مباشرة انطلاقا "من الدافع القوي بالوجود في سوريا دفاعا عن حرم عمة السادة زينب بنت علي بن أبي طالب وحضرة رقية بنت الحسين بن علي"، اللتين زارهما في أول يوم وصل فيه إلى دمشق قبل أن يجتمع بسليماني ليوكل إليه مهمة إدارة الأمور في سوريا، بالاعتماد على خبرته في كل من الحرب العراقية الإيرانية ولكونه مسؤولا عن "فيلق محمد رسول الله" لحماية العاصمة طهران.
في اليوم التالي، زار همداني مدينة حمص التي اكتشف أن "المجموعات الإرهابية"، على حد تعبيره، قد سيطرت على ريفها، فعقد مجموعة من الجلسات مع شيخ يسمى محسن تم بعدها اتفقوا على تنظيم وتدريب 500  شاب شيعي و2000 شاب علوي، في إحدى أولى تجارب تنظيم "الشبيحة" في "قوات الدفاع الوطني" التي أسسها الإيرانيون على غرار قوات الباسيج، المليشيات الشعبية الرديفة للحرس الثوري.
في تلك الفترة، يكشف همداني وجود معارضة داخل النظام للتدخل الإيراني المباشر، يرجح أنها من قبل خلية إدارة الأزمة التي تجمع كبار الشخصيات الأمنية والعسكرية في النظام، لدرجة أنه أرسل رسالة إلى خامنئي يطلب فيها العودة إلى إيران، لكنه رفض بشكل حاسم وأمره بأن "يعطي الدواء للمريض ولو كان رغما عنه"، وهو ما تم بالفعل خلال الشهور التالية وأصبح أكثر إمكانية بعد التفجير الذي أودى بحياة أعضاء خلية الأزمة في يوليو/تموز 2012، مخليا الطريق للسيطرة الإيرانية على مفاصل النظام، كما يوضح مسار أحداث الثورة عقب ذلك.
تاليا، أعد همداني وثيقة قدم بها رؤيته للمشهد السوري، بأكثر من مئة خطوة تحتاج إلى التنفيذ، حصل بها على موافقة سليماني الذي طلب منه أن تكون السياسات الكلية لمحور المقاومة وسوريا تحت إشراف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
أخذ نصر الله أسبوعا في دراسة الوثيقة ثم عاد له بطلب يقتضي أن يلغي، في حينه، المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية، ويكتفي بالعسكري والأمني، إذ "يجب إخراج بشار والحكومة السورية من المستنقع، بعد ذلك ننظفهم ونلبسهم ونطعمهم ليقرؤوا دروسهم ويؤدوا عبادتهم"، على حد تعبير نصر الله، الذي تظهر مذكرات همداني أن دوره في سوريا يقف على قدم المساواة -إن لم يكن أكثر- مع همداني والحرس الثوري، وربما يكون ذلك بسبب مبادرته نهاية عام 2011.
ارتكز الجهد الإيراني في تلك المرحلة بشكل رئيسي على الدعم بالسلاح والمعدات، الجوية والبرية والبحرية، بجانب المستشارين الذين كانوا بشكل رئيسي من الحرس الثوري، وتحديدا من فيلق القدس، تحت قيادة سليماني، ومن القوات البرية للفيلق، تحت قيادة همداني، بجانب الدعم الاستخباري من وزارة الاستخبارات والمعلومات الإيرانية وجهاز استخبارات الحرس الثوري.
استندت خطة همداني بشكل رئيسي على مقترح أساسي هو: "فتح مخازن السلاح وتسليح العامة… إذ شكلت المجموعات التي جرى تسليحها النواة الأولى لمجموعات الدفاع الوطني"، من نهاية عام 2012 حتى ربيع عام 2013، معتمدة على النماذج الأولية البسيطة للشبيحة واللجان الشعبية الذين تشكلوا محليا، بإعادة تنظيمهم وترتيبهم وجعلهم أشبه بجيش جانبي منظم، له "مبان إدارية تشغلها قياداته، ومراكز تدريب، وختم رسمي، وبزات موحدة، وشعار وعلم، ورواتب شهرية".
وعلى الرغم من أنه يشاع أن غالبية قوات الدفاع الوطني من العلويين، فإنها كانت في الأغلب ذات طابع محلي بغض النظر عن الطائفة، إذ كان فيها علويون (حمص واللاذقية) ومسيحيون (وادي المسيحيين في حمص) ودروز (جرمانا والسويداء) وحتى سنة (كما في حلب وشرق سوريا).


محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى B846a7c4-ecf9-4b62-8400-d9cf620795c6


قاتلون من حزب الله 


حزب الله و"الحزبلة"



على التوازي، كان حزب الله قد حسم قراره بالتدخل، ولكن دون معرفة إلى أين وكيف سيكون حجمه، بداية لـ"حماية الأماكن المقدسة واستعادة المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية وتنظيفها وتعزيزها لاستعادة وظائفها السابقة أي إمداد المقاومة"، وعلى رأسها الزبداني في ريف دمشق، التي كانت نقطة العبور الرئيسية للسلاح والإمدادات والأشخاص من إيران إلى بعلبك في لبنان، حيث وردت تقارير عن مشاركة قناصة من حزب الله في معركة الزبداني، مطلع عام 2012.
في كل الأحوال، تصاعدت مشاركة الحزب تدريجيا وبدأت التحول إلى عمليات تحضيرا للمعركة الكبرى في القصير في مايو/أيار 2013، بداية بتلميح من نصر الله بأن "لسوريا في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بأن تسقط بيد أميركا أو إسرائيل أو في يد الجماعات التكفيرية"، تبع ذلك بعد أقل من شهر إعلان رسمي بالمشاركة في معركة القصير التي تلتها معارك الغوطتين والقلمون، وتحول بها الحزب من فصيل لبناني محلي إلى فاعل إقليمي.
بجانب "الدفاع الوطني" وحزب الله، كان هناك "حشد" شيعي قائم بشكل كامل على الدعاية الطائفية الشيعية ومتجاوز للحدود، وصفه باحثون بـ"الجهاد الشيعي" كان من أولى مجموعاته لواء "أبو الفضل العباس" الذي شكله كل من أحمد كيارة، وهو شيعي عراقي صدري كان يقاتل مع "جيش الإمام المهدي"، انتقل إلى سوريا عام 2007 بعد أن أفرج عنه الأميركيون وقتل نهاية عام 2012، وحسين أبو عجيب جظة، وهو شيعي سوري من قرية نبل في ريف حلب، قتل بعد كيارة بقليل.
عمل اللواء بداية تحت مظلة قوات الدفاع الوطني، بقيادة ماهر أبو عجيب، شقيق حسين، وقاتل معه عدد من المقاتلين العراقيين الصدريين الذين كانوا في "جيش الإمام المهدي"، ثم تركوا اللواء ليؤسسوا مزيدا من المليشيات الشيعية، مثل حيدر الجبوري (أبو شهد) الذي أسس لواء "ذو الفقار"، وعقيل نجيب الموسوي الذي أسس لواء أسد الله الغالب، والشيخ أمجد البهادلي (أبو كرار) الذي أسس لواء الإمام الحسين، وأحمد الحجي السعدي الذي أسس "قوات التدخل السريع"، بجانب "القوة الحيدرية"، التي أتت عبر إيران -فضلا عن العراقيين الذين كانوا مقيمين أساسا في سوريا- وتشمل "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"أنصار العقيدة"، و"أنصار الحجة"، والحرس الثوري وحزب الله، ليرتفع عددهم من 6 فصائل عراقية مسلحة عام 2013، إلى أكثر من 16 عام 2015، وازدادوا ليصلوا إلى العشرات، لكنهم ظلوا في حالة "متشرذمة".
لم يقف الأمر عند إيران ولبنان والعراق، بل تجاوزه تاليا إلى عشرات آلاف المقاتلين من شيعة أفغانستان في "لواء فاطميون"، وشيعة باكستان في "لواء زينبيون"، وأخيرا شيعة أذريبجان في "لواء حسينيون"، الذين يوصفون بأنهم مرتزقة، إذ تلعب الرواتب وكذلك الجنسية الإيرانية دورا بارزا في تجنيد الآلاف منهم.


حزب الله الثاني



وبذلك، لم يكن مستغربا أن يقول العميد حسين همداني، في مايو/أيار ٢٠١٤ في تصريحات مثيرة للجدل دفعت وكالة "فارس" للأنباء لحذفها لاحقا، إن قواته استطاعت تشكيل "حزب الله الثاني في سوريا"، مكونا من "٤٢ فرقة و١٢٨ كتيبة من ٧٠ ألفا من العلويين والسنة والشيعة"، في محاولة لاستنساخ تجربة حزب الله اللبناني.
وبعد شهر قال إنه "مع تأسيس الباسيج في كل من لبنان أي حزب الله وسوريا، فإن الابن الثالث للثورة الإسلامية الإيرانية سيولد في العراق"، في إشارة إلى "قوات الحشد الشعبي"، التي بدأ تشكلها قبل ذلك بأيام، بفتوى "الجهاد الكفائي" للمرجعية الشيعية العراقية علي السيستاني، مؤكدا في التصريح ذاته أن هذه التجربة أخرجت النظام من خطر السقوط.
قد يبدو تصريح همداني محقا لبعض الوقت، لكن تصاعد الثورة السورية وزخمها ظل مستمرا، فاستطاع الثوار في النصف الأول من عام 2015 السيطرة على معبر نصيب في درعا، وكذلك السيطرة على محافظة إدلب بأكملها، وتوسعوا كذلك في ريف دمشق مقتربين من العاصمة.
في تلك الأثناء، كان تنظيم الدولة الإسلامية يتوسع بشكل متسارع في شرقي البلاد، فارضا سيطرته على مساحات واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور والبادية في سوريا ورابطا إياها مع المحافظات العراقية المجاورة، وعلى رأسها الموصل، مما دفع عددا من المليشيات العراقية للعودة من سوريا إلى العراق لقتال تنظيم الدولة المتوسع هناك.
في نهاية المطاف، دفعت هذه الجهود رئيس النظام بشار الأسد للاعتراف علانية بافتقاده القوة البشرية المطلوبة، بمعنى آخر، رغم كل الجهود الاستشارية والتدريبية والبشرية الإيرانية فإنها لم تستطع أن تؤدي مهمتها في إنقاذ النظام الذي تزداد خسائره ميدانيا.
أدرك الإيرانيون ذلك، فلجؤوا إلى مسار مزدوج: توجه سليماني إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأقنعه بالتدخل العسكري المباشر في سوريا -بحسب ما يؤكد نصر الله- وهو ما تم في 30 سبتمبر/أيلول 2015.
وفي نفس الوقت كثفت القوات الإيرانية مشاركتها البشرية والميدانية، مستقدمة آلافا من القادة والمقاتلين الجدد، غالبيتهم من القوات البرية للحرس الثوري، ولكنهم تضمنوا كذلك قوات من فيلق القدس، ومن الجيش الإيراني الرسمي ومن جيش الباسيج الجانبي، ومنذ ذلك الوقت، ركز الإيرانيون عملياتهم باتجاه واحد: حصار واستعادة السيطرة على مدينة حلب.


جرد الحساب



وبطبيعة الحال، مع ازدياد القوات المشاركة وإصرارها على المعركة؛ ازدادت الخسائر بشكل ملحوظ، وقد كان أثقلها وطأة مقتل الجنرال همداني في حلب عقب التدخل الروسي بأيام، فلم يستطع أن يرافق قائده سليماني على أطلال شرقي حلب التي استعادوا السيطرة عليها بعد ذلك بخمسة عشر شهرا.
وفضلا عن رأس المال الرمزي والأخلاقي والشعبي الذي فقدته إيران ومليشياتها في معركتها هذه بقتلها ومشاركتها في قتل أكثر من 200 ألف سوري مدني؛ لم تكن الخسائر البشرية بأقل حجما، إذ أعلن السيد محمد علي شهيدي، مدير مؤسسة الشهيد، عام 2017 مقتل أكثر من 2100 مقاتل أجنبي شيعي في سوريا.
كما وثق الباحث علي آلفونه في رصده للجنائز المختلفة مقتل 3034 مقاتلا شيعيا أجنبيا في سوريا حتى مارس/آذار 2020 بينهم أكثر من 400 ضابط في الحرس الثوري، على رأسهم همداني ثم سليماني الذي قتل بغارة أميركية في العراق عقب ثمانية أعوام بالتمام من زيارة همداني لسوريا عام 2012.
أما على الصعيد المادي فتقدر تكاليف التدخل الإيراني في سوريا بـنحو 20 مليار دولار سنويا، أي أن مجموعها حتى الآن لا يقل عن 100 مليار دولار.
مقابل ذلك، لم تكن الحرب السورية وحدها هي ما قد تغير بالتدخل الإيراني، فإيران من ناحيتها تغيرت كذلك، وتحول فيلق القدس من كونه منظمة للعمليات السرية، إلى قوة تعبئة شعبية، إلى جيش شيعي عابر للحدود، بناه سليماني وعززه خليفته إسماعيل قآني، وتحولت بذلك كل العقيدة العسكرية الإيرانية بإدخال طريقة جديدة من "الحرب الهجينة"، التي تجمع خليطا من حرب الوكالة للمليشيات والوكلاء مع الحرب التقليدية التي تخوضها القوات مباشرة.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن إيران أصبحت قادرة الآن على استعادة المحاور السياسية والاقتصادية والثقافية التي حذفها نصر الله من خطة همداني، بعد أن "أخرجوا النظام من المستنقع"، ولذا، فقد قنّنت وجودها هذا العام بـ"مذكرة تفاهم لخطة التعاون الشامل الإستراتيجي الطويل الأمد"، بين الجمهوريتين في المجال الزراعي، والاعتراف المتبادل بالشهادات البحرية، ومحضر اجتماع للتعاون في مجال السكك الحديدية، ومحضر اجتماع للطيران المدني، ومذكرة تفاهم في مجال المناطق الحرة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط.
وتتضمن كذلك، بحسب ما كشفت ملفات مسربة، تجنيس آلاف الإيرانيين المقيمين هناك، لتعمل بذلك على جمعها الاستعمار العسكري والأمني مع التشييع والتغيير الديمغرافي وإعادة الإعمار، مما يجعل سوريا نفسها، أرضا ونظاما وكذلك مجتمعا، وليس الحرب فقط، هي ما غيرته إيران مباشرة، بكثير من دماء السوريين وعلى أنقاض مدنهم.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 28 يناير 2024, 11:43 pm عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Empty
مُساهمةموضوع: رد: محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى   محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Emptyالأحد 28 يناير 2024, 11:32 pm

محور الممانعة.. الفكرة وحدودها (3): كيف وصل الحوثي إلى البحر؟


محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى %D9%81%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%81%D9%8A%D9%86-copy-1706369700
الحوثيون تمكنوا من الاستيلاء على مخازن أسلحة وعتاد الجيش اليمني السابق


القوة الضاربة.. كيف وصل الحوثي إلى البحر؟


شنت الولايات المتحدة وبريطانيا فجر يوم الجمعة 12 يناير/كانون الثاني غارات جوية وصاروخية على عدة مواقع عسكرية تابعة لجماعة أنصار الله "الحوثيين"، في العاصمة صنعاء ومعقلهم صعدة وعدة مدن يمنية.


وجاءت تلك الهجمات بعد أسابيع من إعلانها في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، تأسيس تحالف عسكري لتأمين الملاحة في البحر الأحمر حمل اسم "حارس الازدهار"، بهدف التصدي لهجمات الحوثيين.


وتوالت الهجمات بوتيرة أقل، لكن شرارة المعركة التي أطلقتها أميركا، نقلت المواجهة الإقليمية التي أعقبت اندلاع معركة "طوفان الأقصى" إلى مسارات جديدة ميدانيا وعسكريا.


سبقت بدء الهجوم الجوي الصاروخي، تصدعات في جدران "حارس الازدهار" بإعلان إسبانيا وإيطاليا وفرنسا رفضها المشاركة فيه، أو التوقيع على بيان يدعم العملية.


وتواصلت الهجمات على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، وأصبح محيط باب المندب اليوم عقدة قتالية عالمية ورمزا للحصار اليمني لإسرائيل.


ووصلت الهجمات مديات أبعد من ذلك باستهداف سفينة حاويات إسرائيلية بطائرة مسيرة قبالة سواحل الهند في المحيط الهندي، ليكون هذا الهجوم هو الأبعد من حيث المدى، وإن لم يعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه.




من هم أنصار الله "الحوثيون"؟
الحوثيون حركة سياسية مسلحة، انطلقت من محافظة صعدة بشمال اليمن، تعود بدايات تأسيسها إلى رجل الدين الزيدي، بدر الدين الحوثي، الذي أسس عام 1991 منظمة "الشباب المؤمن" لتكون جناحا دعويا وفكريا لـ"حزب الحق الإسلامي" الزيدي، وقد مرت منذ تأسيسها بعدد من المحطات التاريخية المفصلية التي رسمت مسارها ومستقبلها.


دفعت الخلافات بين بدر الدين الحوثي وأبنائه من جهة، وقيادات في حزب الحق من جهة أخرى، إلى قطع العلاقات بين الشباب المؤمن والحزب، وتفرغ آل الحوثي لتوسيع نشاط منظمتهم وفرض حضورها في شمال اليمن، عبر بناء مراكز العمل الدعوي والمجتمعي والمساجد، لاستقطاب وتجنيد أبناء القبائل في صفوفها.


عام 2000، أطلق حسين الحوثي نجل بدر الدين الحوثي، تيار "أنصار الله"، الذي اتخذ عام 2002 شعار "الصرخة" شعارا سياسيا للتيار، يردده أنصاره عقب كل صلاة: "الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، ويجعله التنظيم راية وعلما له.


ورثت جماعة أنصار الله الرمزية الدينية والسياسية من الشباب المؤمن، لكنها تقدم نفسها على أنها جماعة جديدة بأفكار ومنهجيات عمل جديدة تختلف عن تلك التي شكلت معطيات تأسيس وانطلاق للشباب المؤمن، وخاضت الجماعة عدة مواجهات مسلحة مع الجيش اليمني كان أولاها مواجهة عام 2004 التي عرفت بـ"حرب صعدة" وقتل فيها حسين الحوثي قائد الجماعة.


عقب مقتل حسين الحوثي، تولى والده بدر الدين مقاليد الجماعة، ثم عهد بها لنجله الأصغر عبد الملك، الذي تولى قيادة الحركة منذ ذلك التاريخ، وصولا لعام 2015، الذي شهد سيطرة الجماعة وحلفائها على العاصمة صنعاء، وحصار القصر الجمهوري، وهروب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السعودية، وبدء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية التي ضمت تحالفا عربيا من 10 دول.


انتهت عاصفة الحزم بتوقيع اتفاق هدنة مؤقتة استمر 6 أشهر فقط من 2 أبريل/نيسان حتى 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وانتهى الاتفاق رسميا بعد رفض الحوثيين تجديده، لكن سياسة خفض التصعيد متواصلة حتى الآن، ويسعى الوسطاء الإقليميون للتوصل إلى اتفاق هدنة موسع.


من الزيدية إلى الاثني عشرية
تعود بدايات العلاقات الموثقة بين الحوثي وإيران إلى عام 1985، حينما وصل بدر الدين الحوثي في رحلة إلى مدينة قم الإيرانية، التي اتخذها مركزا لاستقبال الشباب القادمين من مسقط رأسه محافظة صعدة، وصولا إلى عام 1988 الذي شهد قدوم أبنائه حسين وعبد الملك، وكذلك محمد عزان أمين الشباب المؤمن، ونائبه عبد الكريم جدبان، ولقائهم بالمرشد الأعلى آية الله الخميني وعلي خامنئي وهاشمي رفسنجاني.


ورغم انتماء الحوثيين إلى المذهب الجارودي، الذي يوصف بأنه أقرب إلى الزيدية منه إلى المذهب الاثني عشري، ورغم علاقتهم الدينية والسياسية الواضحة بإيران، ظلت الخلافات قائمة بين المختصين حول حقيقة تحول الحوثيين إلى المذهب الاثني عشري أو اقترابهم منه.


ومما يزيد من صعوبة الجزم بهذه النقطة، عدم الاعتراف الواضح من قبل الحوثيين بتبني المذهب الاثني عشري، وطبيعة المذهب الشيعي عموما الذي يميل إلى الكتمان، رغم وجود شواهد يرى فيها البعض دلالات على حقيقة هذا التحول، منها دروس مصورة لحسين الحوثي يهاجم فيها الخليفة الجليل عمر بن الخطاب، الذي يؤمن الزيدية بكونه خليفة لرسول الله (صل الله عليه وسلم)، ويخالفون عموم المذهب الشيعي في التعرض له.


وبينما يرى الباحث اليمني أحمد الدغشي في كتابه "الحوثيون.. دراسة منهجية شاملة"، أنه "خلافا للشائع من كون مؤسس الحوثية حسين الحوثي تابعا مطلقا للاثني عشرية القادمة من إيران أو لبنان، فقد تبين أن حسين الحوثي على خلاف كلي مع الفكر الاثني عشري الإمامي وأبرز شاهد على ذلك موقفه الرافض بشدة لفكرة الإمام الغائب الثاني عشر وتحذيره من إحلال المذهب الإمامي في اليمن"، اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في لقاء مع وفد شعبي من مدينة شبوة عام 2015، الحوثيين بـ "نشر المذهب الاثني عشري في اليمن بقوة السلاح".




رحلة الدعم الإيراني للحوثيين
اتخذ الدعم الإيراني للحوثيين 3 مسارات رئيسية في السنوات التي سبقت سيطرتهم على مقاليد الحكم في اليمن، وتعود بدايات هذا الدعم إلى منتصف التسعينيات وحتى عام 2004، وقد تركز أولا على الدعم الفكري والمالي، ضمن منهجية حسين الحوثي لتعزيز حضوره كقوة بارزة في المجتمع الزيدي في صعدة ومحيطها، وقدرته على تجنيد الأتباع واختراق القبائل.


ساهم الدعم المالي والفكري في تدشين وافتتاح مراكز تدريبية ومخيمات صيفية وصل عددها إلى 24 مركزا في صعدة وحدها إضافة إلى 41 مركزا في باقي المحافظات الشمالية ومنها ذمار وإب وصنعاء والمحويت.


وكما جاء في كتاب "الحوثية في اليمن: الأطماع المذهبية في ظل التحولات الدولية" (2008)، فإن وزير الداخلية اليمني تحدث عن تولي القائم بأعمال السفارة الإيرانية في حينه عملية نقل الأموال نقدا إلى الحوثيين خلال رحلاته برا إلى مكة عبر صعدة لأداء العمرة.


كما قدمت إيران في حينه ولا تزال، حصة سنوية لأتباع حسين الحوثي في الجامعات الإيرانية والحوزات العلمية في قم وغيرها، حيث عمد الحوثي إلى إيفاد المئات من الطلاب لتلقي العلوم الدينية في إيران، ثم العودة إلى اليمن للمساهمة في الترويج لجماعته في صفوف الطائفة الزيدية.


أما ثاني مسارات الدعم الإيراني للحوثي، فهو الدعم العسكري، الذي بدأ عقب انفجار المواجهة المسلحة الأولى بين الشباب المؤمن والجيش اليمني عام 2004، وما تلاها من حروب ومواجهات عرفت إعلاميا بـ"حروب صعدة الست"، التي شهدت مقتل حسين الحوثي على يد الجيش اليمني، الذي زعم في حينه العثور على أسلحة إيرانية المنشأ في صعدة، إضافة إلى اتهامات لإيران بتزويد الحوثي بالأموال لشراء الأسلحة، وإيفاد مدربين من "الحرس الثوري" لقيادة المناورات القتالية التي كان يجريها أنصار حسين الحوثي.


أما المسار الأخير، فكان الدعم الإعلامي أمام العالم لحروب الحوثي مع نظام علي عبد الله صالح، إذ سعت إيران لتصوير المواجهة على أنها أقلية شيعية تحارب لأسباب مذهبية، كما تولت مراجع شيعية إصدار بيانات تتهم الحكومة اليمنية بالإبادة الجماعية، إضافة إلى التغطية الإعلامية الواسعة لمواجهات الحوثيين عبر القنوات والإعلام الإيراني وفي مقدمته قناة "العالم".


حتى اللحظة، فإن معالم العلاقة بين الحوثيين وإيران غير واضحة، ولا يمكن التكهن بمدى عمقها، فرغم الاعتراف الإيراني الرسمي بأن "أنصار الله" يشكلون جزءا من "محور المقاومة" الإقليمي، واعتراف الحوثيين بأن إيران تشكل قيادة هذا المحور، ورسائل الشكر التي وجهها عبد الملك الحوثيعلنا لإيران على دورها في اليمن، لا تتوانى إيران بين حين وآخر عن إنكار تبعية القرار اليمني لها، وتجدد التأكيد على حرية القرار اليمني واستقلاليته.


طوال سنوات الحرب في اليمن، التي رافقت عملية "عاصفة الحزم"، دأب التحالف العربي الذي تقوده السعودية على اتهام إيران بتسليح وتدريب الحوثيين، وهي المزاعم التي سبق أن أشار إليها محققون دوليون وآخرون تابعون للأمم المتحدة عام 2016، إضافة إلى كل من الخارجية الأمريكية والفرنسية وغيرهما من الجهات التي تحدثت عن رصد مسارات الدعم والتسليح الإيراني المباشر للحوثيين عبر الصومال.


يذكر أنه عقب سيطرة قوات "أنصار الله" على صنعاء، سحبت الدول الكبرى والعواصم الخليجية سفراءها من العاصمة اليمنية، وواجه الحوثيون عزلة دولية ردوا عليها بتدشين جسر جوي مباشر مع إيران، التي تعهدت بتأمين الوقود وبناء محطات لتوليد الكهرباء في مناطق سيطرتهم، ودأبت على تصوير سيطرتهم على مقاليد الحكم بأنها "ثورة شعبية يمنية".




كيف وصل الحوثي إلى البحر؟
عام 2015، سيطرت قوات الحوثي على ميناء الحديدة الاستراتيجي بغرب اليمن، الذي تمر عبره 80٪ من الواردات والمساعدات الخارجية للبلاد.


أعقبت هذه السيطرة، غارات مكثفة شنها التحالف العربي على الميناء تسببت في دمار واسع في مرافقه، إضافة إلى حصاره عسكريا ردا على قصف حوثي للسعودية بصاروخ "بالستي" عام 2017، ثم رُفع الحصار جزئيا بعد أسابيع.


وكانت المرحلة الفاصلة اندلاع معركة الحديدة عام 2018 التي أطلقها التحالف العربي للسيطرة على الميناء. ففي 13 يونيو/حزيران، شاركت قوات الحكومة اليمنية وقوات مدعومة من التحالف في معركة استعادة السيطرة على الحديدة، التي استمرت عدة أيام، وتمكنت خلالها قوات الحوثي من استهداف سفينة حربية إماراتية.


انتهت المعركة بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في ستوكهولم بين الحكومة اليمنية والحوثيين بعد ضغوط دولية وبقي الميناء الإستراتيجي في قبضة الحوثيين، إلى أن أعادوا تشغيله بعد وصول أول سفينة حاويات إليه من ميناء جدة في سبتمبر/أيلول عام 2021.


إلى جانب ميناء الحديدة، يسيطر الحوثيون على موانئ رأس عيسى والصليف، ويمتلكون قوات بحرية مزودة بعتاد يشمل الزوارق السريعة والصواريخ والألغام البحرية التي جرى استخدامها بكثافة في البحر الأحمر.




صواريخ ومسيرات.. ماذا يمتلك الحوثي اليوم؟
عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، تمكنت الجماعة من الاستيلاء على مخازن أسلحة وعتاد الجيش اليمني السابق، ومعامل وورشات التصنيع العسكري، إضافة إلى ترسانة صاروخية تضم صواريخ "سكود" السوفيتية وأطنان من الأسلحة والذخائر من مقرات ألوية الجيش.


وخلال سنوات من المواجهة مع التحالف العربي في "عاصفة الحزم"، ظهرت الترسانة العسكرية التي يمتلكها الحوثيون (اللجان الشعبية)، بأنواع الصواريخ المختلفة: البالستية؛ ومنها "طوفان" (بمدى 2000 كم) و"حاطم" (بمدى 1400 كم)، وهي مستنسخة من نماذج صواريخ إيرانية، إضافة إلى عائلة "قدس" من الصواريخ المجنحة "كروز".


إضافة إلى سلسلة طويلة من الطائرات المسيرة الانتحارية، منها "صماد" و"شهاب" و"قاصف" المزودة برأس توجيه كهروبصري، والقادرة على ضرب أهداف بمدى يصل إلى 1200 كيلومتر، وسبق أن استخدمت في توجيه ضربات لمدينة إيلات في إسرائيل.


ومن الجدير بالذكر هنا أن تقارير خبراء الأمم المتحدة أشارت إلى تزايد نشاط تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين.


على الصعيد البحري، يمتلك الحوثيين "سلاح البحرية اليمني"، الذي يضم زوارق قتالية سريعة، وزوارق مسيرة مفخخة، وقوات من الضفادع البشرية، إضافة إلى منظومات صواريخ أرض بحر، و12 نوعا من الألغام البحرية ظهرت في عروض عسكرية نظمها الحوثيون، ومنها عائلات "كرار" و"عاصف" و"ثاقب"، التي تنوعت بين ألغام اعتراضية موجهة، وألغام طافية، وألغام مغناطيسية يتم إلصاقها مباشرة بالسفن المستهدفة عبر الوحدات العسكرية البحرية الخاصة.


كما تشير مواقع عسكرية إلى امتلاك الحوثيين صواريخ كروز مضادة للسفن، يتراوح مداها بين 80 و300 كيلومتر، ومنها صواريخ "صياد" و"سجيل"، إضافة إلى صواريخ بالستية مضادة للسفن يزيد مداها على 300 كيلومتر، ومنها صاروخ "تنكيل" المضاد للسفن، الذي يصل مداه إلى 500 كيلومتر، وهو نسخة من صاروخ "رعد 500" الإيراني.


وكشف عنه لأول مرة خلال عرض عسكري نظمه الحوثيون في سبتمبر/أيلول 2023 في صنعاء، لكن خبراء عسكريين شككوا في حقيقة النموذج المعروض، مشيرين إلى أنه مجسم بالحجم الطبيعي للصاروخ.


توضح بعض المصادر العسكرية أن استخدام الصواريخ البالستية المضادة للسفن في الهجمات، يتطلب معلومات استخبارية مسبقة حول الأهداف المطلوبة، توفرها طائرات مسيرة أو سفن وقوات بحرية موجودة في المنطقة.


وهذا ما يحيلنا إلى الوجود العسكري الإيراني البحري في باب المندب وبحر العرب والمحيط الهندي، متمثلا بسفينة الأسلحة والتجسس "سافيز" الموجودة شمال مضيق باب المندب، التي عززتها القوات البحرية الإيرانية بفرقاطة "البرز" في البحر الأحمر وفرقاطة "جمران" في خليج عدن، بعد ضربة صاروخية لـ"سافيز" في أبريل/ نيسان 2021 سببت لها أضرارا بالغة.




جبهة البحر الأحمر.. الحوثي في "طوفان الأقصى"
في اليوم الخامس والعشرين من معركة "طوفان الأقصى"، الموافق لـ31 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن الناطق باسم القوات المسلحة التابعة للحوثيين يحيى سريع قيامها بإطلاق دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة على أهداف مختلفة للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة".


وأشار في مؤتمره الصحفي الأول من نوعه إلى كون هذه العملية هي الثالثة التي تنفذ "نصرة لإخواننا المظلومين في فلسطين، وتؤكد استمرارها في تنفيذ المزيد من الضربات النوعية بالصواريخ والطائرات المسيرة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي".


كان هذا الإعلان هو أول محطات التدخل اليمني الميداني في معركة طوفان الأقصى، وتلاه إعلان الحوثيين على لسان الناطق العسكري، بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني، البدء في اتخاذ "كافة الإجراءات العملية لتنفيذ التوجيهات الصادرة بشأن التعامل المناسب مع أي سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر".


تضمن بيان الحوثيين، تهديدا باستهداف كل السفن التي تحمل علم "إسرائيل"، أو التي تقوم بتشغيلها شركات إسرائيلية أو تعود ملكيتها لها، وجاء التطبيق العملي للتهديد بعد 4 أيام بإعلان السيطرة على سفينة "جالكسي ليدر" واقتيادها إلى السواحل اليمنية، بعد عملية إنزال مروحي على سطحها.


ثالثة محطات التدخل اليمني، كانت إعلانهم بتاريخ 9 ديسمبر/كانون الأول في بيان عسكري جديد، منع مرور كافة السفن المتجهة إلى "إسرائيل" من أي جنسية كانت، وأن هذه السفن ستصبح "هدفا مشروعا للقوات المسلحة"، وقد رافق هذا البيان تصعيد ميداني في عمليات استهداف السفن في المنطقة الممتدة من باب المندب حتى المحيط الهندي بصواريخ وطائرات مسيرة، وإعلان الولايات المتحدة تشكيل تحالف عسكري حمل اسم "حارس الازدهار" للتصدي لتهديدات الحوثي للملاحة البحرية في باب المندب.


أثارت الخطوة اليمنية في البحر الأحمر الكثير من التحليلات والتوقعات، رأى جلها أنها مبادرة ميدانية وانخراط مباشر ضمن المعركة إلى جانب الميليشيات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان، في حين ذهبت الاتهامات الأمريكية مباشرة إلى القول بأن إيران متورطة بشكل مباشر في دعم الخطوة الحوثية.




معلومات استخبارية
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، أدريان واتسون، في بيان لها بتاريخ 23 ديسمبر/كانون الأول، إن المعلومات الاستخبارية الإيرانية تساعد الحوثيين على شن هجمات على السفن في البحر الأحمر، مؤكدة في مقابلة مع شبكة سي إن إن (CNN) الأمريكية أن "إيران لديها خيار وقف دعمها أو الاستمرار فيه، وبدون دعم طهران، سيواجه الحوثيون صعوبة في تعقب السفن بالبحر الأحمر وبحر عمان".


وأضافت واتسون في حديثها أن "الدعم الإيراني طوال أزمة غزة مكن الحوثيين من شن هجمات ضد إسرائيل وأهداف بحرية، على الرغم من أن إيران كثيرا ما أرجعت سلطة اتخاذ القرار العملياتي للحوثيين"، مضيفة أن "الطائرات بدون طيار والصواريخ التي استخدمها الحوثيون في الهجمات قدمتها إيران أيضا، كجزء من تسليحها للجماعة المتمردة منذ عام 2015".


رد على هذه الاتهامات الأمريكية نائب وزير الخارجية الإيراني، علي باقري، في تصريحات لوكالة "مهر" الإيرانية، بنفي أي ارتباط لخطوة الحوثيين بقرار إيراني، مشيرا إلى أن الجماعة "تتصرف من تلقاء نفسها"، مضيفا أن "المقاومة تمتلك أدوات قوتها وتتصرف بناء على قراراتها وإمكانياتها".


وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في تصريحات متزامنة إن واشنطن طلبت سابقا من إيران أن تنصح الحوثيين بعدم استهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية، مشيرا إلى أن بلاده أوضحت للجانب الأميركي أن "هذه المجموعات تقرر بناء على مصالحها كيفية دعم غزة"، مضيفا "لم ولن نأمرهم بوقف هذه الهجمات".


لكن التنصل السياسي الإيراني من هجمات الحوثيين البحرية، وازته تهديدات عسكرية على لسان الجنرال محمد رضا نقدي، مساعد قائد الحرس الثوري للشؤون التنسيقية، بنقل المعركة إلى ممرات ملاحية أخرى إذا لم توقف "إسرائيل" حربها على قطاع غزة، وقال نقدي في تصريحات لوكالة "تسنيم" الرسمية: "سيتعين عليهم قريبا انتظار إغلاق البحر المتوسط ​​ومضيق جبل طارق وممرات مائية أخرى".


ويتكهن فابيان هينز، وهو زميل باحث في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية"، بأن إيران ربما تحاول "نقل إستراتيجيتها الخاصة بمضيق هرمز، المتمثلة في امتلاك القدرة على احتجاز سفن الشحن عبر الممر المائي كرهينة عندما تستدعي الظروف السياسية ذلك، إلى مضيق باب المندب. وهذا يستلزم أن يقول الإيرانيون في الأساس إنهم قادرون على تهديد الشحن في الخليج الفارسي ومضيق هرمز، الذي يمر عبره قسم كبير من صادرات النفط في المنطقة كل يوم، والآن يفعلون الشيء نفسه عبر وكلائهم في اليمن".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Empty
مُساهمةموضوع: رد: محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى   محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Emptyالأربعاء 31 يناير 2024, 10:16 am

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 5566-1706681970

محور الممانعة.. الفكرة وحدودها (4): حزب الله والضرب ضمن قواعد الاشتباك


مثلت عملية "طوفان الأقصى" صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول، مفاجأة ليس فقط لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضا لحلفاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الإقليم، وفي مقدمتهم إيران وحزب الله في لبنان، وهو ما أكدته تصريحات أعلى المستويات السياسية والعسكرية في الجانبين.
ومع ذلك، فمنذ صباح اليوم الثاني من المعركة، أعلن حزب الله استهدافه مواقع عسكرية لجيش الاحتلال في مزارع شبعا، وكانت هذه الاستهدافات بمثابة إشارة من الحزب إلى مشاركته في المعركة، لكن هذه المشاركة ظلت قيد قواعد الاشتباك المحسوبة.
ولعدة أسابيع لاحقة، ومع تتطور عمليات الاستهداف حتى مسافة 3 كلم من الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان، كان "الغموض" هو سيد الموقف فيما يخص دور حزب الله في الحرب.

غموض مربك

لكن "الغموض" الذي كان يربك الاحتلال، انجلى في 8 نوفمبر/تشرين الثاني حيث ألقى الأمين العام للحزب حسن نصر الله خطابا كان منتظرا، قال فيه إن جنوب لبنان يمثل "جبهة تضامن وإسناد" للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
ومع تركه الخيارات مفتوحة بين بقاء العمليات في سياق التدرج أو الدخول في حرب واسعة، فإنه وضع شروطا ضمنية للتصعيد والدخول في الحرب، أولها المساس بلبنان، ثم وجود خطر على المقاومة في القطاع، وأعلن أن الحزب "لن يسمح بهزيمة حماس" وسيعمل على أن "تخرج منتصرة".
بقيت عمليات الحزب على الحدود تتركز على استهداف قوات الاحتلال وأجهزة التجسس الإسرائيلية والمعسكرات والقواعد في المناطق المحيطة بجنوب لبنان، ومع ارتفاع أعداد القتلى والجرحى في صفوف الجنود والمستوطنين، شنت قوات الاحتلال غارات على منازل ومنشآت مدنية لبنانية، وهو ما دفع الحزب إلى استخدام أسلحة جديدة مثل صواريخ "البركان" واستهداف مستوطنات كما حصل في الغارات الصاروخية على مستوطنة "كريات شمونة".
وقد نجم عن هذه الاستهدافات، أن نزح من شمال فلسطين المحتلة أكثر من 230 ألف مستوطن، وذلك بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، كما نزح، بحسب "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، أكثر من 64 ألف لبناني من جنوب لبنان، بعد تعرض نحو 91 قرية لنحو 1786 هجوما. ومنذ بدء المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، قتل 133 عنصرا من الحزب.
وبالتزامن مع عمليات الحزب من جبهة الجنوب، نفذت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس و"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد ومجموعات لبنانية مثل الجماعة الإسلامية اللبنانية، عمليات من ذات المناطق، وهو ما يؤكد قوة التنسيق وتطور العلاقة بين هذه الأطراف في السنوات الماضية.
تحمل جبهة جنوب لبنان في سياق "طوفان الأقصى" بوادر اشتعال أكبر، وربما اندلاع حرب، في ظل إعلان التجمعات الاستيطانية التي هُجّرت بعد هذه العمليات أن سكانها لن يعودوا قبل إبعاد حزب الله عن الحدود.
يضاف إلى ذلك تسريبات إعلامية حول ضغوط واتصالات من أطراف مختلفة، بينها الولايات المتحدة وفرنسا، لإقناع الدولة اللبنانية بتحقيق هذا الهدف، في سياق تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وتأكيد قادة الحزب حتى اللحظة أن هذه المطالب غير قابلة للتحقق.
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Hassan-Nasrallah-1704299568الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله (الجزيرة)

تأسيس الحزب

شكل اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان والبقاع الغربي وصولا إلى العاصمة بيروت، بدءًا من يونيو/حزيران 1982، بهدف تدمير قدرات منظمة التحرير الفلسطينية وإخراج قواتها من الأراضي اللبنانية، حدثا إستراتيجيا على مستويات مختلفة، بينها إنضاج الظروف لظهور تيار إسلامي شيعي جديد، كان قوامه شبانا توزعوا على تيارات مختلفة، بينها "حركة أمل" التي أسسها الإمام موسى الصدر، وتأثروا بالثورة الإسلامية في إيران التي قادها الخميني.
بعد الاجتياح اجتمعت لجنة تمثل التجمع العلمائي في البقاع، واللجان الإسلامية، وحركة "أمل الإسلامية"، وتوصلوا إلى وثيقة عرفت باسم "وثيقة التسعة"، ثم حملوها إلى المرشد الإيراني بصفته "المرجع الشرعي والفقهي" لهم، الذي أقرها لهم ومنحهم "الموافقة الشرعية" عليها، وبعد مداولات فيما بينهم حول اسم المولود الجديد، توافقوا على اسم "حزب الله".
بذلك، فإن علاقة الحزب مع "الولي الفقيه" الذي كان يمثله الخميني، بدأت من التأسيس والتأثر الفكري ثم بفتح خط العلاقات السياسية والمرجعية.
بعد الاجتياح أوفدت إيران وفدا من مؤسستها العسكرية، وعلى رأسها "الحرس الثوري"، إلى لبنان، ثم دخلت مجموعة منه إلى البقاع، وأقامت معسكرا في منطقة "جنتا" لتدريب الجيل الأول من مقاتلي الحزب، وبينهم الأمين العام السابق عباس الموسوي، الذي قتل بعملية اغتيال إسرائيلية عام 1992.
تركز علاقات حزب الله مع الدولة الإيرانية في تلك الفترة مع شخصيات من الحرس الثوري الإيراني، بينهم محسن رضائي، والسفير في سوريا علي أكبر محتشمي، وعلي خامنئي الذي انتدبه الإمام الخميني للتنسيق مع الحزب.
وكانت هذه العلاقة متعددة الأبعاد، وبقي "الولي الفقيه" يمثل مرجعا للحزب في القضايا التي يرى أنها يجب أن تناقش من "أرضية شرعية"، كما في قضية الحصار الذي فرضه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قرى في جنوب لبنان، بعد عملية الاستشهادي علي صفي الدين عام 1984، إذ ثار حينها احتجاج من أطراف أخرى على الثمن الذي يدفعه الأهالي بعد هذه العمليات، فتوجه الحزب لاستنطاق الخميني في القضية، فقال إن العمليات العسكرية يجب أن تتواصل.
وفي قضية أخرى يروي حسن نصر الله أن الحزب توجه إلى الإمام الخميني خلال حرب الخليج الأولى (1980-1988)، لحسم النقاش في كيفية تصرف حزب الله في حال أقدم جيش الاحتلال على اجتياح كامل للأراضي اللبنانية.
وخلال الصراع بين الحزب وحركة أمل في أواخر الثمانينيات، الذي عرف باسم "حرب الإخوة"، كانت إيران ممثلا ومدافعا عن الحزب أمام الإدارة السورية التي كانت أمل تمثل حليفا لها في لبنان.






تشغيل الفيديو

مدة الفيديو 00 minutes 49 seconds
00:49


تحت ظل فيلق القدس

خلال سنوات قتال حزب الله مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي بقي في مناطق مختلفة من جنوب لبنان والبقاع الغربي ضمن ما سمّاه "المنطقة الأمنية"، حتى التحرير في مايو/أيار 2000، كانت العلاقات بين الحزب وفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن التنسيق مع الحزب والفصائل المتحالفة مع إيران في المنطقة وقوى المقاومة الفلسطينية، قوية، إذ عمل الفيلق على تزويد الحزب بالأسلحة، وتزويد كوادره بالدورات القتالية، والتنسيق في مجال الخطط وتطوير العمل القتالي.
وفي عام 1998، كان لتولي اللواء قاسم سليماني مسؤولية فيلق القدس، أثرا نوعيا في العلاقة مع الحزب. فقد بدأ مهماته في إدارة الفيلق بالتوجه نحو لبنان، والتعرف على قادة الحزب، وزيارة مواقعه التي كانت في مواجهة المنطقة المحتلة من الجنوب، وأقام علاقات راسخة ومتينة مع قيادات الحزب، وعلى رأسهم حسن نصر الله وعماد مغنية ومصطفى بدر الدين وآخرون، وأكمل مسار زيادة قوة الحزب وتطوير عملياته القتالية.
وفي السنوات التالية وحتى اغتياله عام 2020، كان سليماني مركزيا في العلاقات مع الحزب، ينسق معه على مختلف الجبهات التي دخلا فيها معا، وحتى في العلاقات مع الفصائل الفلسطينية وتلك التي في العراق والمناطق التي أقامت إيران علاقات معها واستثمرتها في الحرب على الأرض السورية.
ففي حرب 2006، كان سليماني حاضرا إلى جانب نصر الله ومغنية في إدارة المعركة والتنسيق مع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.

العلاقة مع الفصائل الفلسطينية

بالتوازي مع العلاقات المتعددة الأبعاد مع إيران، حافظت شخصيات مركزية في الحزب على علاقات مع الفصائل الفلسطينية، حتى مع حركة "فتح" وعلى رأسها الرئيس ياسر عرفات. كان عماد مغنية وأبو حسن سلامة وآخرون من الحزب، الذين ارتبطوا بعلاقات مع الثورة الفلسطينية خلال وجودها في لبنان، يرون أن عودة قوات فلسطينية إلى الأرض المحتلة بعد اتفاقية أوسلو 1993، هي فرصة لمواصلة الاتصالات من أجل تزويد الفلسطينيين بالسلاح والدعم لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
علاقات مغنية وفريقه مع الرئيس عرفات، بالتوازي مع العلاقات التاريخية مع "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية – القيادة العامة" وغيرها من الفصائل المحسوبة على المقاومة.
وكانت انتفاضة الأقصى عام 2000، فرصة لتطوير مسار "دعم المقاومة الفلسطينية"، حتى مع جهات داخل حركة فتح، ومن أبرز تجليات ذلك قضية سفينة "كارين أيه "التي أعلن جيش الاحتلال السيطرة عليها قبل وصولها إلى شواطئ قطاع غزة.
وفي سنوات ما بعد انتفاضة الأقصى، بقي دور الحزب بالشراكة مع سليماني في التنسيق مع الفصائل الفلسطينية وأجهزتها العسكرية، خاصة في قطاع غزة، يأخذ أبعادا أوسع في ظل سعي كتائب المقاومة لتطوير بنيتها العسكرية، من خلال بناء منظومة الأنفاق وتطوير الأسلحة النوعية مثل الصواريخ وغيرها.

الوقوف ضد الثورة

في بدايات حزب الله وترسيخ وجوده العسكري، لم تكن علاقته بالإدارة السورية التي كانت تتحكم في لبنان، إيجابية.
ويروي قادة في الحزب، أن شخصيات في النظام السوري كانت تدفع نحو الصدام مع الحزب، ويتهم هؤلاء القادة غازي كنعان، القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، الذي كان يعتبر حينها المتحكم في الحياة السياسية في البلاد، بالوقوف خلف الصدام مع الحزب، كما في حادثة "ثكنة فتح الله" عام 1987، التي قتل فيها الجيش السوري عددا من عناصر الحزب، واتهم اللواء جامع جامع شخصيا بالوقوف خلفها.
وفي عدوان "عناقيد الغضب" الذي شنه جيش الاحتلال على لبنان عام 1996، يروي قادة من الحزب بينهم المعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل، أن غازي كنعان اصطدم بالحزب وأظهر غضبا من سلوك الحزب العسكري، وذلك قبل أن تتجه العلاقات نحو مسار إيجابي، بعد أن كلف حافظ الأسد نجله بشار بالتنسيق مع الحزب.
ظلت العلاقة بين الحزب والنظام السوري تنضج حتى وصلت إلى وصف نصر الله لها بـ"العلاقة الإستراتيجية"، بعد أن أصبحت سوريا مسارا لنقل السلاح إلى الحزب من إيران، حتى وصلت العلاقة إلى بناء محور تمثل إيران وسوريا والحزب أضلاعه الأساسية.
كان انطلاق الثورات العربية، بداية من تونس وبعدها مصر، ثم وصولها إلى دول عربية أخرى بينها سوريا، مرحلة جديدة في تاريخ الحزب والمنطقة. أعلن حزب الله مواقف مرحبة و"إيجابية" من الثورات، خاصة في تونس ومصر، لكن وصولها إلى سوريا مثل "هزة" ضخمة في رؤيته لمسار الأحداث وعلاقاته على مستوى المنطقة وما يعرف بـ"محور المقاومة".






تشغيل الفيديو

مدة الفيديو 00 minutes 24 seconds
00:24


محاولة الوصول لتسويات

يقول الحزب إنه في بداية الثورة أجرى اتصالات للوصول إلى تسويات، ولكنه لاحقا أعلن موقفا واضحا بالوقوف خلف النظام، فيما قال إنه "حرب على محور المقاومة" والنظام الذي يمثل الشريان الإستراتيجي له في الإمداد والدعم السياسي والعسكري. وفي صيف 2013، أعلن الأمين العام للحزب رسميا انخراطه في المعركة التي بدأت في مدينة القصير، إذ اعتبر أن وجود التشكيلات العسكرية للثورة فيها يشكل تهديدا له.
سنوات الثورة مثلت انخراطا كاملا للحزب إلى جانب النظام وإيران وبقية حلفائهما، ويروي الجنرال الإيراني حسين همداني في مذكراته "رسائل الأسماك" أن حسن نصر الله مثل مرجعية مركزية في تقييم الأحداث في سوريا ووضع الخطط للتعامل معها.
دفع الحزب بالتنسيق مع سليماني بقوات إلى سوريا، وقتل عدد من قادته التاريخيين في المعارك. ولم تقتصر هذه المشاركة على الأرض السورية، إذ أعلن الحزب مشاركة قادة منه في إسناد المليشيات العراقية في مواجهة تنظيم "داعش"، الذي اجتاح مناطق واسعة من العراق، بدءًا من عام 2014.
لم تكن العلاقات بين الحزب وقوى عراقية شيعية متحالفة مع إيران، وليدة هذه المرحلة، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن عماد مغنية، أحد أبرز قادة الحزب العسكريين، قد أقام علاقات مع هذه القوى قبل سقوط النظام العراقي، كما ورد في كلمة لأبي مهدي المهندس، قائد أركان "الحشد الشعبي العراقي"، وفي مرحلة مقاومة الاحتلال الأميركي.
إن الأحداث في بلاد الشام والعراق تزامنت مع تغييرات دراماتيكية في اليمن، تمثلت بصعود جماعة "أنصار الله" الحوثية المتحالفة مع إيران. ورغم ضبابية تفاصيل العلاقات والاتهامات لحزب الله من قبل دول الخليج، التي شنت حملة عسكرية في اليمن عام 2015، بتدريب الحوثيين والمشاركة في القتال إلى جانبهم، فإن الحزب نفى ذلك وأكد دعمه لهم على المستوى السياسي والمعنوي فحسب.
هذه الأحداث قد تعتبر مفتاحا لتشكل ما أصبح لاحقا مصطلحا راسخا في المداولات السياسية والإعلامية العربية والدولية، وهو "محور المقاومة".






تشغيل الفيديو

مدة الفيديو 23 minutes 50 seconds
23:50


هل رأت "وحدة الساحات" النور؟

وعلى الرغم من تدهور العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري وإيران على خلفية الموقف من الثورة السورية، فإن علاقات الحركة مع الحزب ظلت حية كما يؤكد قادة من الحركة، خاصة على مستوى العلاقات مع كتائب القسام.
في سنوات ما بعد 2015، عادت العلاقات بين حماس والحزب وإيران إلى مسار التقوية، وصولا إلى الإعلان عن مفهوم "وحدة الساحات" الذي يؤرخ له بعام 2021 بعد معركة "سيف القدس"، وهو مفهوم لا يزال قيد التبلور، بالرغم من كونه لم يأخذ وضعا يمكن الحكم فيه بأنه أصبح نافذا في المجريات العسكرية والميدانية.
وعلى الرغم من أنه يمكن قراءة التدخلات ضمن قواعد محدودة للاشتباك، التي نفذها الحزب وفصائل إسلامية في العراق وجماعة "أنصار الله" في اليمن، على أنها تعبير عن "وحدة الساحات"، فإنها "وحدة" ظلت في إطار المشاغلة وفتح جبهات مع الاحتلال الإسرائيلي دون الذهاب إلى حرب واسعة.
أظهر الواقع المعقد الذي أوجدته معركة "طوفان الأقصى"، تعقيدا على مستوى العلاقات بين قوى المحور. الحزب الذي أعلن أن الواجب هو العمل على "عدم السماح بهزيمة حماس"، ونفذ سلسلة من العمليات ضد مواقع الاحتلال على الحدود مع لبنان، ظهر وكأنه يعمل في سياق قواعد اشتباك معروفة، وخطوط لم يحدد بدقة متى يخرج عنها ويوسع فيها من عملياته.
يلحظ المتتبع لتاريخ الحزب أن الاتجاه نحو بناء علاقات في المنطقة مع قوى مختلفة، خاصة تلك المؤيدة لخط المقاومة، نمط حاكم في فلسفته الإستراتيجية، توازيا مع علاقاته الراسخة مع النظام الإيراني. وعلى الساحة الفلسطينية أقام علاقات مع الجهاد الإسلامي وحماس وغيرهما من القوى الوطنية التي عارضت اتفاقيات التسوية.
يمثل حزب الله مركزية في "محور المقاومة"، وإن كان يرتبط عقائديا ومعنويا وسياسيا بنظام "الولي الفقيه" في إيران، إلا أن حصر علاقاته هذه في "بعد التبعية" يخفي كثيرا من التفاصيل.
فمع أن للحزب سياقات مختلفة في هذه العلاقة، من ناحية الانصياع على المستوى الشرعي لـ"الولي الفقيه"، والتنسيق العالي على المستويات السياسية والعسكرية مع إيران، فإن له أبعادا لبنانية اجتماعية وتاريخية، وارتباطا تاريخيا مع القضية الفلسطينية، وهو ما يجعل تحليل مواقفه من دون هذا الاعتبار بعيدا عن الدقة في أحيان كثيرة، كما أن مؤسساته التي بناها طوال سنوات لها وضعية مستقلة في تحليل واتخاذ القرار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Empty
مُساهمةموضوع: رد: محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى   محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى Emptyالأحد 04 فبراير 2024, 6:48 am

محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى %D9%85%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9_-1706954969




محور الممانعة.. الفكرة وحدودها (5): فصائل العراق من التأسيس حتى الطوفان
المليشيات المسلحة في العراق: من التأسيس وحتّى هجمات الطوفان


في اليوم التالي لوقوع مجزرة المستشفى المعمداني في غزة بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التي راح ضحيتها نحو 500 شهيد، بدأت القواعد الأميركية في العراق وسوريا تتعرض لهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ اقترب عددها بحلول منتصف يناير/كانون الثاني الماضي من 140 هجوما.


تبنى هذه الهجمات ما يعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي لافتة جامعة تضم خمس جماعات بارزة تشمل: "منظمة بدر"، و"كتائب حزب الله العراقي"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، فضلا عن جماعات واجهة، تخفي مسؤولية الجماعات الكبرى عن الهجمات.


يحاول هذا المقال الإجابة عن الأسئلة التالية: متى وكيف تشكلت تلك الجماعات؟ ومن هم قادتها؟ وما هي علاقتها بإيران؟ وما هو موقفها من الولايات المتحدة الأميركية؟ وما هو هدف هجماتها هذه؟


تاريخ من الانشقاقات



تعود جذور أغلب الجماعات المنضوية ضمن "المقاومة الإسلامية في العراق" إلى "حزب الدعوة" والكيانات التي خرجت من رحمه، مثل: "التيار الصدري" و"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية".


تأسس حزب الدعوة عام 1957 على يد المفكر محمد باقر الصدر، بدعم من المرجع الشيعي محسن الحكيم، في مواجهة المد القومي والشيوعي.


ومع وصول "حزب البعث" إلى حكم العراق عام 1968، اصطدم مع حزب الدعوة، فأفتى محمد باقر الصدر بحرمة الانتماء إلى حزب البعث.


لاحقا، أيد باقر الصدر الثورة الإيرانية، إلا أنه اختلف مع نظرية "ولاية الفقيه"، ورأى أن ولاية قائد الثورة آية الله الخميني تشمل حدود سيطرته في بلده فقط.


ومع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، أعدم نظام صدام حسين محمد باقر الصدر، وردا على ذلك، وفي العام ذاته، أسس حزب الدعوة أول معسكر تدريبي له في إيران باسم "معسكر الصدر".


ولكن الحزب لم يتمكن من الحفاظ على وحدة صفوفه، فانشق عنه عام 1982 محمد باقر الحكيم، نجل المرجع محسن الحكيم، وأسس "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية"، وشكل ذراعا عسكريا للمجلس باسم "فيلق بدر" ليقاتل بجوار القوات الإيرانية ضد الجيش العراقي.


توزع أنصار حزب الدعوة بين سوريا وأوروبا وإيران، في حين قاد محمد محمد صادق الصدر أتباعه داخل العراق، ثم عقب اغتياله عام 1999 تولى نجله مقتدى الصدر قيادة التيار الصدري، وتبلورت بذلك ثلاثية شيعية تضم حزب الدعوة والتيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية.


حدثت تطورات متلاحقة في بنية المكونات الشيعية مع الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إذ عاد كوادر حزب الدعوة والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية إلى بغداد ضمن تحالف مع واشنطن ضم قطاعا واسعا من المعارضة العراقية في الخارج، في حين أسس التيار الصدري "جيش المهدي" الذي انخرط في مواجهات مع قوات الاحتلال الأميركي عام 2004.


لاحقا، وقع قتال بين جيش المهدي وقوات الحكومة العراقية في عهد نوري المالكي، رئيس الوزراء المنتمي لحزب الدعوة، ثم أصدر الصدر قرارا عام 2008 بتجميد نشاط جيش المهدي بحجة العمل على إبعاد العناصر الطائفية من صفوفه.


خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2014، برزت عدة قضايا أدت إلى انشقاقات في المكونات الشيعية الثلاثة الكبرى، فخرجت من رحمها العديد من الجماعات، وهو ما تزامن مع رغبة طهران في العمل مع حلفائها على شكل شبكات، مما يتيح لها الإمساك بخيوط اللعبة، وتقسيم العمل، وتجنب "وضع البيض كله في سلة واحدة"، وهو تكتيك يربك الخصوم، ويجعلهم أمام متاهة من الكيانات التي لا تنتهي، مما يصعب عليهم تعقبها.


ومن أبرز القضايا التي أدت إلى هذه الانشقاقات:


  • الموقف من الاحتلال الأميركي.

  • حدود العلاقة مع إيران بناء على الموقف من نظرية ولاية الفقيه.

  • الخلافات الشخصية على القيادة والنفوذ.




ولقد أدت سيطرة "تنظيم الدولة الإسلامية" على مدينة الموصل وتقدمه نحو بغداد، إلى صدور فتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني تأسس بموجبها "الحشد الشعبي" عام 2014.




واستغلت المليشيات العراقية الفرصة كي تؤسس من بين أعضائها ألوية ضمن الحشد تخضع لإشرافها، رغم تبعية الحشد رسميا لرئيس الوزراء العراقي الذي يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأبرز هذه الفصائل:
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 007-1706891725منظمة بدر (مواقع التواصل)

منظمة بدر



نشأت من رحم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية. ففي عام 2003 اغتيل مؤسس المجلس محمد باقر الحكيم، وانخرط المجلس في العملية السياسية التي دشنتها واشنطن، ودمج العديد من كوادره العسكرية التابعة لفيلق بدر في وزارة الداخلية العراقية الجديدة. ثم لاحقا، وبحلول عام 2004، تغير اسم الفيلق إلى "منظمة بدر".


أدت منظمة بدر دور الجماعة الوسيطة بين حزب الدعوة والمليشيات اللاحقة، فالعديد ممن قدموا إليها من حزب الدعوة قد انشقوا عنها لاحقا وأسسوا جماعاتهم الخاصة، مثل: أبي مهدي المهندس مؤسس "كتائب حزب الله"، وأبي مصطفى الشيباني مؤسس "كتائب سيد الشهداء".


ومع وفاة قائد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية عبد العزيز الحكيم عام 2009، وتولي الشاب عمار الحكيم القيادة، حدث فراغ قيادي أدى إلى انشقاق هادي العامري عام 2012، فتحالف مع رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث شغل منصب وزير النقل.


لدى منظمة بدر عشرة ألوية كاملة داخل "الحشد الشعبي"، تتمتع بعلاقة وثيقة مع "الحرس الثوري" منذ حقبة وجود قادتها في إيران.


ولديها ذراع سياسي يضم عشرات الأعضاء في مجلس النواب ضمن كتلة "الفتح"، ولديها قناة فضائية تدعى "الغدير".


ومع ذلك، فهي الأقل صخبا في تبني تصريحات أو هجمات معادية للقوات الأميركية، وهو ما يعزى إلى وجود نشاط سياسي لها ضمن بنية الدولة العراقية تريد الحفاظ عليه وتوسيعه دون صدام مع واشنطن.


محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى %D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-1706716037عناصر من كتائب حزب الله العراقية في عرض عسكري سابق بغداد (الصحافة العراقية)

كتائب حزب الله



أسسها جعفر إبراهيم الشهير بأبي مهدي المهندس عام 2005، وهو قيادي مخضرم اكتسب خبرة من تجربته في حزب الدعوة، ثم قيادته لفيلق بدر قبل حقبة قيادة هادي العامري.


تولى المهندس مسؤولية التنسيق بين المليشيات العراقية والحرس الثوري، وأصبح المساعد الأبرز في العراق لقائد "فيلق القدس" قاسم سليماني.


ولقد أضاف المهندس ثلاثة ألوية من كتائب حزب الله العراقي إلى الحشد الشعبي، وتولى منصب رئيس أركان الحشد، وتولى مساعده أبو زينب اللامي منصب رئيس جهاز أمن الحشد.


ومنذ عام 2015، سيطرت كتائب حزب الله تحت مظلة الحشد الشعبي، على منطقة "جرف الصخر" جنوب غرب بغداد، من تنظيم الدولة الإسلامية، وغيرت اسمها إلى "جرف النصر"، وهجرت سكانها، وأقامت فيها مجمعا للتصنيع العسكري ومعسكرات تدريب محظور دخولها على أي قوات أخرى بما فيها الجيش العراقي.


وتتعرض قواعد الكتائب في جرف الصخر في العراق، وفي البوكمال بسوريا التي تنتشر فيها قواتها، لغارات أميركية متكررة ردا على هجماتها ضد القواعد الأميركية، كما تتعرض أحيانا لغارات إسرائيلية.


أدى هجوم نفذته الكتائب في ديسمبر/كانون الأول 2019 على قاعدة عسكرية في كركوك بشمال العراق، إلى مقتل مقاول أميركي، فكان الرد الأميركي تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب مطلع عام 2020 باغتيال المهندس رفقة قاسم سليماني قرب مطار بغداد. وخلف المهندس في قيادة أركان الحشد عضو الكتائب عبد العزيز المحمداوي "أبو فدك"، وهو مدرج على قوائم الإرهاب الأميركية.


للكتائب ذراع سياسي يدعى "حركة حقوق"، ويقوده عضو مجلس النواب حسين مؤنس، كما تملك الكتائب جماعات واجهة مثل "عصبة الثائرين" التي تبنت في مارس/آذار 2020 هجوما على "معسكر التاجي" أودى بحياة جنديين أميركيين وجندي بريطاني، ولديها قناة "الاتجاه" الفضائية، فضلا عن مؤسسات للخدمات الاجتماعية والثقافية، وتدير نشاطا كشفيا من خلال "جمعية كشافة الإمام الحسين".
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى IMG_20170612_153543-1706891393عصائب أهل الحق (مواقع التواصل)

عصائب أهل الحق



تأسست عام 2005 إثر انشقاق الشقيقين قيس وليث الخزعلي وأكرم الكعبي عن التيار الصدري، لكنهم خلافا لمنظمة بدر، اختاروا قتال قوات الاحتلال، فألقى الجيش الأميركي القبض على قيس وليث لضلوعهما في حادث اختطاف ثم قتل 5 جنود أميركيين من مبنى محافظة كربلاء عام 2007، ولكنه أطلق سراحهما عام 2010 ضمن عملية تبادل للأسرى.


بعد الانسحاب الأميركي من العراق، عملت العصائب على تشكيل ذراع سياسي يتيح لها التغلغل في بنية النظام السياسي، فشكلت كتلة "الصادقون" التي فازت في انتخابات عام 2014 بمقعد واحد، ثم ارتفعت حصتها في انتخابات عام 2018 إلى 15 مقعدا. ويشغل حاليا عضو العصائب نعيم العبودي منصب وزير التعليم العالي والبحث العلمي في العراق.


عسكريا، دمجت العصائب ثلاث ألوية تابعة لها ضمن الحشد الشعبي، لتستفيد من تمويل الحكومة له، الذي بلغ 2.6 مليار دولار عام 2023. كما يعمل عدد من كوادرها في جهاز المخابرات العراقي. وللعصائب علاقات وطيدة مع الحرس الثوري الإيراني.


انخرطت العصائب في هجمات ضد القواعد الأميركية في العراق منذ عام 2019 للضغط على واشنطن لسحب قواتها، ولذا أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تصنيف العصائب جماعة إرهابية عام 2020، مع إضافة قيس وليث الخزعلي إلى قائمة الإرهابيين.
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى %D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D8%A1-1706891222حركة النجباء (الجزيرة)

حركة النجباء



أسسها أكرم الكعبي عام 2013 عقب انشقاقه عن عصائب أهل الحق، وركز الكعبي على الجانب العسكري والقتال في سوريا تحت إشراف الحرس الثوري.


لدى "النجباء" قوات داخل الحشد الشعبي تعمل باسم "اللواء 112″، كما تشرف على نشاط كشفي من خلال "جمعية الفتية النجباء الكشفية".


يعد الكعبي أحد أبرز الصقور في انتقاد الوجود الأميركي في العراق، وهو أقل نظرائه اهتماما بالعمل النيابي؛ إذ لم يؤسس كتلة سياسية تعبر عن توجهاته.


ويجاهر بقربه من طهران، حيث أعلن عام 2015 أثناء لقاء مع "قناة السومرية" أنه مطيع لأوامر مرشد الثورة علي خامنئي، حتى لو أمره بالإطاحة بالحكومة العراقية أو القتال بأي دولة أخرى.


ولدى الكعبي علاقات مع روسيا، حيث زار موسكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 للقاء ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي الخاص بالشرق الأوسط ودول أفريقيا.


لدى النجباء العديد من جماعات الواجهة التي تستهدف القواعد الأميركية في سوريا والعراق، مثل جماعة "أصحاب الكهف" التي أعلنت عن نفسها عام 2019، وتبنت عشرات الهجمات بعبوات ناسفة على قوافل تموين القواعد الأميركية، فضلا عن قصفها السفارة الأميركية في بغداد عام 2020، وصولا إلى مهاجمة القواعد التركية في شمال العراق.


ونظرا لنشاطها المناهض هذا، فقد صنفت وزارة الخارجية الأميركية "النجباء" ضمن قائمة الجماعات الإرهابية عام 2019.
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى 00-2-1706890859كتائب سيد الشهداء (مواقع التواصل)

كتائب سيد الشهداء



أسسها أبو مصطفى الشيباني عام 2013 عقب انشقاقه عن كتائب حزب الله العراقي، وشاركت بشكل رئيسي في القتال في سوريا، ويقودها منذ عام 2014 "آلاء الولائي"، ويتبعها "اللواء 14" بالحشد الشعبي، ولديها جناح سياسي يقوده النائب فالح الخزعلي.


وهي تعد أكثر الجماعات نشاطا رفقة كتائب حزب الله، في شن هجمات ضد القوات الأميركية في سوريا، ولذا تعرضت قواعدها عدة مرات لغارات أميركية.


الموقف من الوجود الأميركي والعلاقة مع إيران



تسيطر الجماعات السالفة الذكر على العديد من المعابر الحدودية غير الرسمية بين العراق وسوريا، وتستخدمها لنقل المقاتلين والعتاد، حيث شارك ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل عراقي في الحرب في سوريا.


وتعمل هذه الجماعات وفق رؤية تهدف لشن هجمات غير قاتلة عادة على القوات الأميركية، البالغ عدد جنودها في العراق 2500 جندي، وفي سوريا 900 جندي، وذلك لدفعها نحو مغادرة منطقة "غرب آسيا" حسب التوصيف الإيراني.


كما تكثف هجماتها في سوريا نظرا لقلة القيود السياسية المفروضة على عملها هناك، ولتجنيب الحكومة العراقية قدر الإمكان الضغوط التي تتعرض لها من واشنطن، فأغلب الحكومات العراقية خلال العقد الأخير -باستثناء حكومة الكاظمي- جاءت من "الإطار التنسيقي" الذي تشارك فيه الأذرع السياسية لمنظمة بدر وعصائب أهل الحق.


تجاهر كتائب حزب الله وحركة النجباء باتباعها لولاية الفقيه، وهو ما يضعها في صدام مع التيار الصدري، كما توجد حساسيات مع المرجعية بالنجف، مما دفع آية الله علي السيستاني للإعلان على لسان ممثله الرسمي أحمد الصافي عام 2020 عن "ضرورة أن يكون العراق سيد نفسه، يحكمه أبناؤه؛ ولا دور للغرباء في قراراته"، في إشارة إلى التحفظ على ارتباط العديد من المليشيات العراقية بطهران.




حرب غزة وتصاعد الهجمات



عملت المليشيات المذكورة خلال السنوات الأخيرة ضمن "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية". ومع بداية الحرب في غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، صرح القائد الأبرز سياسيا هادي العامري في 10 من الشهر نفسه، بأنه إذا تدخلت الولايات المتحدة في الحرب ضد حركة "حماس"، فإن كافة المواقع الأميركية ستصبح عرضة للاستهداف.


بعدها توالت التصريحات من الأمين العام لـ"كتائب حزب الله" أحمد الحميداوي، وقائد "النجباء" أكرم الكعبي، وقائد "كتائب سيد الشهداء" أبي آلاء الولائي، بأن جماعاتهم ستشارك في القتال حال انخراط الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى فيه.


تحول التهديد إلى فعل عبر شن أول الهجمات بواسطة طائرات مسيرة هاجمت القوات الأميركية في قاعدة "عين الأسد" غرب الأنبار وقاعدة "حرير" في كردستان في 18 أكتوبر/تشرين الأول، أي في اليوم التالي لمجزرة المستشفى المعمداني بغزة، ثم امتدت الهجمات في 19 أكتوبر/تشرين الأول إلى قاعدة "التنف" وحقل "كونيكو" للغاز في سوريا، وصولا إلى شن هجمات بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة على إيلات وحيفا ومنصة كاريش للغاز في دولة الاحتلال.


عملت المليشيات العراقية تحت لافتة جديدة باسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، وذلك لتشتيت المسؤولية عن الهجمات، وإرباك القوات الأميركية، كما حرصت على تجنب إلحاق أضرار بشرية جسيمة بالجانب الأميركي، ولذا لم يسفر وقوع نحو 140 هجوما منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول إلى منتصف يناير/كانون الثاني عن سوى وفاة مقاول أمريكي واحد بأزمة قلبية وإصابة العشرات من الجنود الأميركيين أغلبهم بإصابات طفيفة.






هجوم على سفارة واشنطن



أدى الهجوم الصاروخي في 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، على السفارة الأميركية في بغداد، إلى إثارة غضب واشنطن، فاتصل وزير الدفاع لويد أوستن برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لمطالبته باتخاذ إجراءات ضد منفذي الهجوم، وقرر السوداني إحالة الضباط والجنود المخولين بحماية المكان إلى التحقيق.


وأُعلن بعد  أسبوع من الهجوم عن اعتقال منفذيه، والذين تبين أنهم تابعون لكتائب حزب الله العراقي وحركة "النجباء، وهو ما أثار التوتر بينهما وبين الحكومة العراقية.


وفي المقابل شن الجيش الأميركي عدة غارات على قواعد تابعة لهما في العراق وسوريا مما أسفر عن مقتل العشرات من عناصرهما، كما اغتال الجيش الأميركي في يناير/كانون الثاني 2024 مشتاق السعيدي القائد العسكري لحركة النجباء رفقه مساعده وعدد من حراسه في قصف جوي شرق بغداد.


كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 عقوبات على 7 من قادة "كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء" وأدرجت الأخيرة ضمن قوائم الجماعات الإرهابية.


لقد ركزت بعض الجماعات المنضوية في "المقاومة الإسلامية في العراق" مثل منظمة "بدر" وعصائب "أهل الحق" على تعزيز وجودها داخل مؤسسات الدولة العراقية بينما ركزت حركة النجباء وكتائب "سيد الشهداء" على القتال في سوريا وتأمين الخط البري من إيران إلى العراق وسوريا، بينما مزجت كتائب حزب الله بين النهجين.


ولم تسع الجماعات المذكورة لخوض معركة واسعة ضد الوجود الأميركي في العراق وسوريا، وفي المقابل لجأت واشنطن لتنفيذ ضربات ضد منفذي ومخططي الهجمات التي تستهدف قواتها لترسيخ معادلات الردع، دون شن عمليات هجومية استباقية في ظل حرصها على تجنب اتساع الحرب في غزة إلى حرب إقليمية. ولكن، طرأ مستجد قلب المعادلة المذكورة.




منعطف جديد في الصراع



تغيرت معادلة الصراع بين المقاومة الإسلامية في العراق والجيش الأميركي على وقع الهجوم بطائرة مسيرة على قاعدة عسكرية أميركية على الحدود الأردنية السورية في 27 يناير/كانون الثاني 2024 والذي أسفر عن مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 40 آخرين.


فعقب الهجوم كشرت واشنطن عن أنيابها، وشرعت في تنفيذ غارات جوية وضربات صاروخية في 2 فبراير/شباط 2024 ضد مواقع تابعة لفيلق القدس ومقرات تابعة للمليشيات العراقية في سوريا والعراق، ضمن حملة تقول واشنطن إنها ستكون مطولة وستشمل عددا من البلدان.


لكن، في ذات الوقت ساهم الإنذار الأميركي المبكر قبل شن الهجوم في إخلاء المليشيات لمقراتها، وهو ما قلل من حجم الخسائر بين عناصرها.


فرضت ديناميكية التصعيد نفسها على كافة الأطراف مما دفعها لتغيير المواقف وتبادل المقاعد، فواشنطن التي تعمل على استعادة الردع وكبح جماح هجمات المليشيات العراقية دون الانخراط في حرب إقليمية، انخرطت في هجمات عسكرية موسعة، وأصبحت في قلب صراع يمتد من العراق وسوريا إلى اليمن، بينما كتائب حزب الله، الأكثر تصعيدا عادة، انعطفت بشكل حاد في محاولة امتصاص غضب واشنطن عبر الإعلان عن وقف هجماتها ضد القوات الأميركية.


بينما أعلن أكرم الكعبي قائد حركة النجباء مواصلة جماعته وبقية مكونات "المقاومة الإسلامية في العراق" شن الهجمات على القوات الأميركية لحين وقف إطلاق النار في غزة وانسحاب القوات الأميركية من العراق.


إن تعارض الأهداف بين واشنطن والمليشيات العراقية يفتح الباب لمزيد من التصعيد المتبادل وفق نهج "الفعل ورد الفعل" ضمن مشهد سائل يتغير وفق المستجدات، وهو ما قد يقود لمزيد من التصعيد، كما أنه في ذات الوقت قد يدفع طهران للضغط على الجماعات العراقية لامتصاص فورة الغضب الأميركي الحالية، والعودة لمعادلة ما قبل هجوم الأردن أو حتى وقف الهجمات بشكل كامل مثلما فعلت كتائب حزب الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
محور الممانعة والعلاقة مع طوفان الأقصى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عملية طوفان الأقصى.. كيف يمكن قراءتها من زاوية خسائر وأرباح محور المقاومة؟
» طوفان الأقصى اليوم العاشر لملحمة طوفان الأقصى
»  "طوفان الأقصى" "طوفان الأقصى" الأربعاء 28/2/2024
» الإنسان والكمبيوتر والعلاقة التكاملية
»  «طوفان الأقصى»، وما بعده..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث عسكريه-
انتقل الى: