تفاصيل الضربات الأميركية على سورية والعراق: الخسائر وأبرز المواقع المستهدفةبدأت الولايات المتحدة تنفيذ ضرباتها "الانتقامية" على مواقع لمليشيات إيران في كل من سورية والعراق، رداً على مقتل ثلاثة من جنودها في هجوم على قاعدة في الأردن، الأحد الماضي، تزامناً مع تحليق مكثف للطيران الحربي والمسيَّر في المناطق المستهدفة.وأعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، "نجاح" الضربات، وأوضح أن المقاتلات الأميركيّة أطلقت "أكثر من 125 قذيفة دقيقة التوجيه في نحو ثلاثين دقيقة".وفي وقت أعلنت فيه "القيادة المركزية الأميركية" أن القوات الأميركية استهدفت 85 موقعاً لـ"الحرس الثوري" الإيراني و"فيلق القدس" والمليشيات المرتبطة بهما، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" أن تلك الضربات في سورية تركز معظمها في محافظة دير الزور.وقالت صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري، إنّ القصف طاول كتيبة لقوات النظام في بلدة عياش في محافظة دير الزور، دون أن تذكر وقوع قتلى أو جرحى، مشيرةً إلى أن الضربات أدت إلى انقطاع الكهرباء عن المدينة بالكامل.وقالت وسائل إعلام مقربة من إيران، إنّ الضربات الأميركية تركزت على محافظة دير الزور وطاولت مواقع في المدينة وريفها، بالإضافة إلى مدينتي الميادين والبوكمال الحدودية مع العراق.وأوضحت أن الضربات الأميركية استهدفت بلدة الهري ومعبر السكك والهجانة في البوكمال قرب الحدود مع العراق، فيما استهدفت أخرى حيّ الحمدانية وصوامع الحبوب ومحيط "مزار عين علي" وحيّ "الشبلي" وحيّ "التمو" في مدينة الميادين.وفي حين أشارت قناة "الميادين" المقربة من إيران إلى أن "معظم المواقع التي استهدفتها الولايات المتحدة كانت قد أُخليت بالكامل قبل العدوان"، أكدت مصادر "العربي الجديد" أن الضربات أوقعت عدداً من القتلى في صفوف المليشيات المدعومة من إيران، فيما أفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بأن الضربات أوقعت ما لا يقلّ عن 18 قتيلاً من عناصر تلك المليشيات.من جهتها، أكدت مصادر "العربي الجديد" في دير الزور أن أعنف الضربات تركزت في مدينة الميادين شرقيّ دير الزور، وتحديداً تلك الضربات المحيطة بما يعرف بـ"مزار عين علي"، التي استهدفت عدة مقارّ للمليشيات الإيرانية، وسط استنفار كبير في المنطقة.ومن المواقع المستهدفة مقارّ ومستودعات تابعة للمليشيات الإيرانية في بلدة عياش شمال مدينة دير الزور، إذ تحوي تلك المواقع التي كانت مقراً لتنظيم "داعش" سابقاً، مركز تدريب رئيسياً لـ"الحرس الثوري الإيراني". وتُعَدّ بلدة عياش ومستودعاتها الآن من أكبر قواعد المليشيات الإيرانية شرقيّ سورية.وطاولت الضربات أيضاً عدة مواقع في مدينة دير الزور، ولا سيما وسط المدينة وفي حيّ "حويجة صقر"، ومواقع بالقرب من كلية التربية سابقاً، بالإضافة إلى غارة استهدفت موقعاً بجانب ما يعرف بـ"المطبخ الإيراني"، وغارات أخرى بالقرب من منطقة "الرادارات" ومنطقة "هرابش" عند مدخل دير الزور الشرقي، كذلك استهدفت ضربة أخرى مطار دير الزور العسكري الذي يُعَدّ قاعدة مهمة للمليشيات المدعومة من إيران.وفي البوكمال شرقيّ دير الزور، استهدفت الضربات حيّ الهجانة في المدينة، بالإضافة إلى منطقة الهري في محيطها. ومع أن ضربات أميركية سابقة كانت قد استهدفت قاعدة "الإمام علي" عند الحدود العراقية السورية، إلا أن مصادر "العربي الجديد" أكدت أن الضربات الحالية لم تستهدف القاعدة، مرجحة إخلاءَها منذ مساء الخميس.وفي عمق البادية، استهدفت الغارات الأميركية ما يُعرَف بموقع "المحطة الثالثة" في بادية تدمر شرقيّ محافظة حمص، وهو موقع يشهد وجوداً مكثفاً للمليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى كون الموقع نقطة لقوات النظام السوري.وبالتزامن مع الضربات التي شهدت تحليقاً مكثفاً للطيران الحربي والمسيَّر في سماء دير الزور، قالت مصادر "العربي الجديد" إنّ القوات الأميركية في قاعدة معمل غاز (كونيكو) بدير الزور استنفرت تحسباً لأي استهداف انتقامي.تفاصيل الضربات الأميركية على مواقع للفصائل المسلحة غربي العراقأفادت مصادر عراقية بأن 5 من عناصر "الحشد الشعبي" قتلوا نتيجة الضربات الأميركية التي استهدفت بعد منتصف ليلة الجمعة/ السبت، مواقع تابعة للفصائل المسلحة الحليفة لإيران بمحافظة الأنبار غربي العراق.ووفقا لمصادر أمنية عراقية، فإن الضربات "استهدفت مواقع تابعة لـ"كتائب حزب الله" في بلدة القائم غربي الأنبار، وأن تلك المواقع تستخدم كمخازن للسلاح".وذكر بيان نقلته منصات إخبارية على تطبيق "تيلغرام"، مرتبطة بالفصائل المسلحة، فإن "خمسة من عناصر الحشد قتلوا نتيجة القصف الأميركي، وهم جابر سلمان، ذو الفقار طلعت، عبد الله إبراهيم، أثير جابر سلمان، وعبد العباس عبد الله عباس".من جهتها، نفت جماعة "لواء الطفوف" في "الحشد الشعبي"، فجر السبت، مقتل قائد عمليات الأنبار في "الحشد" قاسم مصلح، إثر القصف، وقالت في بيان مقتضب، إن "عددا من الوكالات الإعلامية ومواقع الإنترنت نشرت خبرا عن مقتل مصلح، ونؤكد أن الخبر عار عن الصحة".وكان المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي، اللواء يحيى رسول، قد أكد تعرض مدن القائم والمناطق الحدودية العراقية إلى ضربات جوية أميركية، معتبرا الضربات "خرقا للسيادة العراقية وتقويضا لجهود الحكومة العراقية، وتهديدا يجر العراق والمنطقة إلى ما لا يحمد عقباه، ونتائجه ستكون وخيمة على الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة.الى ذلك، قال البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة أبلغت الحكومة العراقية قبل شن ضربات جوية على ثلاثة مواقع تخص فصائل داخل البلاد"، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي للصحافيين "أبلغنا الحكومة العراقية بالفعل قبل شن الضربات".من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، في تدوينة له على "إكس"، إن "المليشيات المنفلتة نفذت المهمة بنجاح، حولت العراق الى ساحة صراع وتصفية حسابات بين إيران وأميركا، وهي هربت وتبخرت في النهاية، هذه وظيفة الوكلاء تدمير بلدهم لمصلحة الآخرين".وكانت الفصائل العراقية، وعلى إثر الهجوم الذي تعرضت له قوات أميركية متمركزة في شمال شرق الأردن قرب حدود سورية، الأحد الماضي، الذي تسبب بمقتل ثلاثة عسكريين أميركيين وأُصيب آخرون، قد أقدمت على استنفار عناصرها، وأخلت معظم مقارها من العناصر الأمنية تحسبا لضربات أميركية متوقعة ردا على أميركيا.وقد أعلنت جماعة كتائب "حزب الله العراقي" عقب هجوم الأردن والتوعد الأميركي بالرد، بوقف هجماتها ضد الولايات المتحدة الأميركية، مبررة ذلك بـ"دفع الحرج عن الحكومة العراقية".لماذا علقت "كتائب حزب الله" العراقية هجماتها على القوات الأميركية؟
قالت أربعة مصادر إن فصيلاً عراقياً قوياً نفذ عشرات الهجمات ضد القوات الأميركية منذ أكتوبر/ تشرين الأول اضطر لإعلان وقف هجماته بعد ضغوط من طهران وأحزاب عراقية مشاركة في الحكم شعرت أن الفصيل تجاوز الخط الأحمر. وقالت واشنطن إن "كتائب حزب الله" المسلحة المتحالفة مع إيران ضالعة في هجوم بطائرة مسيرة يوم الأحد على الحدود الأردنية السورية أودى بحياة ثلاثة جنود أميركيين وأصاب العشرات وتعهدت بالرد بقوة.
وقالت "كتائب حزب الله" أمس الثلاثاء إنها أوقفت كل الهجمات على القوات الأميركية لعدم رغبتها في إحراج الحكومة العراقية وأبدت ملاحظات علنية نادرة عن خلافات مع إيران وما يسمى "محور المقاومة". وقال محللون وسياسيون إن الإعلان المفاجئ هو أوضح علامة حتى الآن على أن طهران والجماعات العراقية صاحبة النفوذ تريد تجنب صراع إقليمي يتعلق بالحرب في غزة، فيما يمثل فاصلاً بعد عشرات الهجمات على القوات الأميركية منذ أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال الباحث البارز في مركز تشاتام هاوس البحثي في لندن، ريناد منصور، إن "الجماعات في حكومة بغداد تشعر بقلق من أن يصبح العراق ساحة لصراع إقليمي أوسع ولديها أسباب داخلية لعدم الرغبة في المخاطرة بالوضع الراهن".
وأنهت عشرات الهجمات على القوات الأميركية في سورية والعراق، نفذتها جماعة المقاومة الإسلامية في العراق التي ينضوي تحت لوائها فصائل مسلحة منها "كتائب حزب الله"، هدنة استمرت شهوراً بين الفصائل والقوات الأميركية وزعزعت جهود الحكومة لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد عقود من الصراع.
وقالت المصادر الأربعة، وبينهم سياسي شيعي ومسؤول عراقي وشخص اجتمع بفصائل مسلحة في الأيام القليلة الماضية، إن قتل جنود أميركيين في الأردن، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، كان خطوة ذهبت بعيداً.
وقالت المصادر إن طهران، خوفاً من رد فعل أميركي واسع النطاق، قالت علناً إنها غير متورطة وبعثت رسائل غير معلنة إلى "كتائب حزب الله" للتوقف وساعدت فصائل شيعية عراقية مشاركة في الحكومة في التوسط لإنهاء الهجمات.
ولم يتسن الوصول إلى المتحدث باسم "كتائب حزب الله" للتعليق. ولم يرد مسؤولون إيرانيون على طلبات التعليق.
وقال سياسي شيعي مطلع "يأتي هذا نتيجة لضغوط داخلية ولرغبة جارتنا (إيران) في وقف التصعيد".
وقال مصدر آخر "كان جهدا جماعيا حقيقيا بمشاركة الجارة"، وإن الفصائل العراقية الأخرى التزمت أيضا بوقف الهجمات لكنها قد تستأنفها إذا حدث رد أميركي قوي. وأضاف المصدر "إذا توسعت الولايات المتحدة في الأيام المقبلة، قد تتغير الأمور".
توازن محفوف بالمخاطر
في عام 2020، قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وزعيم "كتائب حزب الله" أبو مهدي المهندس في غارة بطائرة مسيرة على مطار بغداد الدولي.
وجاءت الضربة بعد أيام من تحميل الولايات المتحدة "كتائب حزب الله" مسؤولية مقتل مقاول أميركي، ويخشى مسؤولون عراقيون من أن يؤدي رد فعل قوي مماثل إلى دورة جديدة من العنف.
ويضم الإطار التنسيقي للشيعة في العراق، الداعم الرئيسي للحكومة، فصائل عراقية مثل منظمة بدر وعصائب أهل الحق التي قاتلت القوات الأميركية لسنوات بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، لكنها حولت تركيزها في الآونة الأخيرة إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
وقالت خمسة مصادر مطلعة إن هذه الجماعات عارضت هجمات الآونة الأخيرة التي استهدفت القوات الأميركية مما أدى إلى خلاف معلن نادر الحدوث مع الفصائل المتشددة التي شعرت أن غطاءها السياسي يتداعى.
وقال مصدر مطلع على تفكير كبار قادة الجماعات في المقاومة الإسلامية "شعروا بأن ظهورهم إلى الحائط".
وفي إعلان إنهاء هجماتهم، قالت "كتائب حزب الله" إن إيران وحلفاء آخرين "غالباً ما يعترضون على الضغط والتصعيد ضد قوات الاحتلال الأميركية".
وقال منصور، الباحث في تشاتام هاوس "هذا دائماً توازن بين القتال واستعراض القوة لكن دون رغبة في الذهاب بعيداً بالتصعيد، ومن ثم يحاولون الحفاظ على توازن عنف محفوف بشدة بالمخاطر".
ومضى يقول "يختل هذا التوازن مع مقتل جنود أميركيين، كما حدث في عام 2019 حين أدى ذلك إلى قتل الولايات المتحدة لسليماني والمهندس".