قصص من فصول معاناة الأهالي في يوم الأسير الفلسطيني
حملت ميسون شوامرة على دوار المنارة، مركز مدينتي رام الله والبيرة في وسط الضفة الغربية، اليوم الأربعاء، صور أبنائها الأربعة: محمد، ومعتصم، ومرشد، ومنصور. ومع ذلك، تحمل في قلبها أكثر من مجرد القلق الاعتيادي الذي يشعر به كل والد تجاه أبنائه الأسرى. فمعتصم، الذي اعتُقل في 10 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تعرض في 15 يناير/كانون الثاني الماضي لهجوم مروع تسبب في إصابة خطيرة في رأسه، تطلبت سبع عمليات جراحية.
تتحدث شوامرة، خلال فعاليات يوم الأسير في رام الله الذي يصادف 17 إبريل/نيسان من كل عام، عن مدى الحزن العميق الذي يخيّم على كل أم من أمهات الأسرى في هذا اليوم، حيث تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرها، خاصة بعد الأحداث الاستثنائية التي شهدها الأسرى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول (معركة طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على غزة).
وتشير، في حديثها لـ"العربي الجديد"، إلى أنها "تعيش حالة من القلق المستمر، حيث قضت شهر رمضان بدموع تملأ عينيها، حيث إنها لا يمكنها أن تحظى بالطمأنينة إذا كانت لا تعرف شيئاً عن أبنائها الأربعة".
وتوضح أنها "لا تجد الراحة في الليل بسبب هذا القلق، وقد أمضت شهر رمضان وهي تذرف الدموع بسبب حالتها النفسية، فقد فقدت الاتصال بأبنائها جميعاً باستثناء واحد، الذي يعمل عسكرياً في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، ولا يقيم معها في رام الله". وتصف حالة عائلتها بأنها "واقعية بشدة ومؤلمة للغاية".
ومعتصم ليس الوحيد الذي اعتُقل بعد السابع من أكتوبر، فقد تعرض منصور، الذي اعتقل في مارس/آذار من عام 2023، للضرب وأمضى عشرين يوماً في زنزانة انفرادية، لكن التفاصيل الدقيقة حول وضعه ليست واضحة بالنسبة لها. أما مرشد، الذي اعتقل أيضاً في مارس من العام الماضي، فهو يعاني من مشاكل في الصحة، تتمثل في شحنات كهربائية عصبية تؤثر سلباً في حياته.
وتعبّر شوامرة عن خوفها الشديد، حيث تخشى أن تفقد أحد أبنائها شهيداً، خاصة بعد ارتفاع عدد الشهداء الأسرى الذين أعلن عنهم الاحتلال إلى 16 شهيداً. وعندما تسمع عن استشهاد أحد الأسرى في سجون الاحتلال، فإنها لا تجد الراحة وتستمر في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لمعرفة هوية الشهيد.
حال شوامرة كحال كثير من العائلات التي شاركت في فعاليات يوم الأسير في معظم مدن الضفة الغربية، فقد نظمت مؤسسات الأسرى فعاليات لإحياء يوم الأسير، ونصرة الأسرى، في مراكز 10 مدن بالضفة الغربية، ظهر اليوم الأربعاء. وفي هذا السياق، دعا رئيس هيئة شؤون الأسرى، قدورة فارس، إلى جعل هذا اليوم يوماً وطنياً مشهوداً لصالح الأسرى في الداخل والشتات، وذلك بمشاركة جميع أطياف الشعب الفلسطيني في كل أنحاء العالم.
وأكد فارس، لـ"العربي الجديد"، خلال الفعالية المركزية في رام الله، أن "أخطر ما حدث في قضية الأسرى منذ السابع من أكتوبر الماضي هو استهداف الاحتلال حياة الأسرى بشكل فردي أو جماعي". وأشار إلى أن "عدم تسطيح الأمور حد القول إن هذه السياسة مرتبطة بشخص الوزير إيتمار بن غفير، هذه سياسة دولة، سياسة تمارسها الحكومة وجهاز الشرطة والمخابرات، وبالتالي هذا نهج دولة أدى إلى ارتقاء العشرات من الأسرى شهداء".
وأضاف أن "هذا النهج أدى إلى استشهاد العشرات من الأسرى وإصابة أكثر من ألف آخرين بجروح ورضوض وكسور في جسمهم، بالإضافة إلى معاناة كبيرة للعديد من الأسرى الذين أصيبوا بأمراض وظروف صحية صعبة".
وأكد فارس أن "الوضع الذي يتعرض له الأسرى ليس مبالغاً فيه"، ودعا الشعب الفلسطيني بكل أطيافه إلى التحرك لوقف هذه الجرائم. وختم بالقول: "صحيح أننا قد نكون مصابين بخيبة أمل من المجتمع الدولي، لكن على الأقل لا نريد أن نخذل أنفسنا. يجب علينا أن نقدم الكثير لصالح الأسرى".
وشارك مئات الأشخاص في وسط مدينة رام الله في الفعاليات التي نُظمت بمناسبة يوم الأسير، بحضور فصائل فلسطينية ومؤسسات لدعم الأسرى، بالإضافة إلى أهالي الأسرى وحملة استرداد جثامين الشهداء. ورُفعت يافطات خلال الفعاليات تنبِّه إلى استمرار احتجاز 26 جثماناً لشهداء فلسطينيين داخل سجون الاحتلال، ومن بينهم وليد دقة.
وبعد وقفة احتجاجية وسط رام الله، انطلقت مسيرة جابت شوارع المدينة، حيث هتف المشاركون تضامناً مع الأسرى. وشهدت الفعاليات مشاركة واسعة في عدة مدن أخرى من الضفة الغربية، بما في ذلك الخليل ونابلس وجنين وبيت لحم وطولكرم وطوباس وقلقيلية وأريحا وسلفيت. وفي كلمته خلال الفعالية في وسط رام الله، أعلن فارس عن انعقاد اجتماع يوم الأحد المقبل لتقديم برنامج فعاليات داعمة للأسرى، بالإضافة إلى دعم قطاع غزة.