اجتياح رفح.. خلافات داخل إسرائيل وتساؤل عن التنسيق مع مصر
على الرغم من الإجماع الإسرائيلي على الحرب ضد غزة، فقد تباينت المواقف بشأن تنفيذ عملية عسكرية في رفح. وطفت على السطح خلافات بين المستوى السياسي والمؤسسة العسكرية حول الاجتياح البري لرفح، التي تعدّ آخر ملاذ للنازحين في قطاع غزة المحاصر، حيث يعيش فيها حوالي مليون و400 ألف فلسطيني.
وجاءت هذه الخلافات على وقع تصاعد الاحتجاجات التي تطالب بصفقة تبادل شاملة تفضي إلى إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتحذيرات من كارثة إنسانية في حال اجتاح الجيش الإسرائيلي رفح، وتصاعد التوتر مع مصر التي تخشى تهجيرا قسريا للغزيين إلى سيناء.
قضايا سياسية
واستعرضت مراسلة الشؤون السياسية للقناة 13 الإسرائيلية، موريا أسرف فولبيرغ، المواقف الداخلية الإسرائيلية حيال العملية البرية في رفح، مشيرة إلى أن خلافات طفت على السطح بين المستويين السياسي والعسكري حول العملية المتوقعة.
وأشارت فولبيرغ إلى أن الخلافات بدت واضحة خلال اجتماع مجلس الحرب الأخير، عندما حث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الجيش الإسرائيلي على صياغة خطة "لتطهير رفح"، موجها دعوة إلى رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي لإعادة قوات الاحتياط، التي سُرّحت إلى الخدمة العسكرية والتحضير لاجتياح رفح.
وأوضحت مراسلة الشؤون السياسية أن رد هاليفي يعكس عمق الخلافات بشأن العملية العسكرية في رفح، وذكرت أن رئيس هيئة الأركان أشار إلى أن إعادة تجنيد قوات الاحتياط تحتاج إلى وقت طويل، مشددا على أن عملية برية من هذا النوع تتطلب الاهتمام بالجوانب السياسية، سواء كانت داخلية أو مع مصر، في المقام الأول.
وأشارت إلى أن العلمية البرية تصطدم بمعضلة إجلاء مليون و400 ألف من النازحين الغزيين الموجودين هناك، حيث إن اجتياح رفح يتطلب إجراء تنسيق المستوى السياسي الإسرائيلي مع المصريين.
وأضافت أن رئيس الأركان قال لرئيس الوزراء إن "هناك قضايا سياسية يحتاج المستوى السياسي إلى حلها أولا، وعندها سيفعل الجيش الإسرائيلي ما هو مطلوب منه".
ونقلت فولبيرغ عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن "العملية في رفح تقترب"، وذلك في وقت لم يُنَسَّق مع المصريين بعد، إذ أعلنت إسرائيل رسميا عن الاستعداد للعملية البرية في رفح، في وقت طالب نتنياهو الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية، بتقديم خطة مزدوجة إلى الحكومة لإجلاء الفلسطينيين، وقتال كتائب القسام في رفح.
التهجير القسري
إلى جانب الخلافات الداخلية وتباين المواقف الإسرائيلية بشأن العلمية البرية المتوقعة، يعتقد رئيس القسم الدولي والشرق أوسطي في معهد السياسات والإستراتيجية في جامعة "رايخمان"، الدكتور شاي هارتسفي، أن اجتياح الجيش الإسرائيلي لرفح سيثير ردود فعل دولية وإقليمية حادة لم تشهدها إسرائيل بعد.
وأوضح هارتسفي في تقدير موقف نشرته صحيفة "معاريف"، أن الأيام الأخيرة شهدت تصاعدا بالتوتر في العلاقات بين إسرائيل ومصر، على خلفية الحديث عن عملية عسكرية وتوغل بري في رفح، التي تثير ردود فعل حادة ليس في مصر فقط؛ بل بين الدول العربية الأخرى أيضا، فضلا عن الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن "السخط المصري ينبع من الخوف من أن يؤدي الاجتياح في منطقة شديدة الكثافة إلى إلحاق ضرر كبير بالنازحين، وتعالي الانتقادات الداخلية ضد النظام المصري كونه من يمدّ يد العون للنشاط العسكري الإسرائيلي، وكما سيسمح بالتهجير القسري للغزيين تحت ذريعة الدوافع الإنسانية".
وذكر هارتسفي أنه منذ بداية الحرب على غزة هناك استياء كبير في مصر من الأفكار التي يسمعها في إسرائيل الوزراء وأعضاء الكنيست لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والتعامل بشكل أحادي مع محور فيلادلفيا. مشيرا إلى أن بعض المسؤولين المصريين يعدّون هذا خطا أحمرا بالنسبة للنظام، ويشكل تهديدا للأمن القومي المصري، مما قد يعرقل استمرار التعاون بين البلدين، ويمس اتفاقية كامب ديفيد.
وأضاف أن "مصر تلعب دورا أساسيا في المفاوضات الرامية إلى صياغة مخطط جديد لإعادة المختطفين الإسرائيليين أحياء، حيث إن عملية برية في رفح تشكل خطرا على حياة الرهائن، وسيكون لها تداعيات سلبية على المفاوضات في صفقة تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار، وحتى بكل ما يتعلق بمستقبل غزة في اليوم التالي للحرب".
ضوء أخضر
وفي السياق العسكري، كشف مراسل الشؤون العسكرية والأمنية في القناة 12 الإسرائيلية، نير دفوري، النقاب عن أن خطة التوغل البري في رفح جاهزة، زاعما أن "الخطة المنسقة مع المصريين تتضمن -كذلك- إخلاء المدنيين من المدينة"، حيث ينتظر الجيش الإسرائيلي منذ حوالي أسبوعين الضوء الأخضر من المستوى السياسي للشروع بالاجتياح.
وأشار دفوري إلى أن خطة الجيش لاجتياح رفح تتضمن -أيضا- العمل على إجلاء النازحين إلى أماكن جنوب نهر غزة، وإلى المنطقة الساحلية جنوب غزة، ولكن ليس شمال القطاع.
وحسب مصادر في إسرائيل، يقول المراسل العسكري إن "الرغبة في المناورة البرية في رفح هي للضغط على يحيى السنوار لتقديم تنازلات في مفاوضات صفقة التبادل".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس"، يهوناتان ليس، أن إسرائيل تصطدم بمعارضة المصريين لخطة التوغل البري في رفح، وذلك خشية من نزوح جماعي للفلسطينيين من المدنية إلى سيناء.
وحيال ذلك، يقول الصحفي الإسرائيلي إن "المستوى السياسي لم يحدد بعدُ جدولا زمنيا لعملية الجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة حتى رفح، علما أن نتنياهو أوضح خلال مناقشات مجلس الحرب أن العملية البرية في رفح يجب أن تنتهي بحلول العاشر من مارس/آذار المقبل، وهو اليوم المقدر لبداية شهر رمضان.
وحسب يهوناتان ليس، فإن إسرائيل لم تتوصل بعد إلى تفاهم مع مصر حول كيفية التعامل مع شبكة الأنفاق على الحدود بين إسرائيل وغزة، وحول إجراءات المراقبة التي ستسمح بإطلاق إنذار بشأن تهريب الأسلحة عبر الأنفاق من الجانب المصري إلى قطاع غزة.