ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الاستعمار.. متى يتوقف عن الانفراد بنا؟! الأحد 18 فبراير 2024, 8:55 am | |
| الأمثال والحكم والقصص هي خلاصة تجربة الإنسان في هذه الحياة، وتتداولها الأمم والشعوب على مر التاريخ للعبر والعظة والاستفادة منها في شؤون حياتها وعيشها، وهي ذات دلالات عميقة وواسعة عندما تدرك مراميها.أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض يحكى أن ثلاثة ثيران كانت تعيش في غابة خصبة، أبيض، وأسود، وأحمر، ومعها أسد، فكان لا يقدر منها على شيء لاجتماعها ووحدتها. ففكر الأسد في حيلة لافتراس الثيران، وفي يوم من الأيام قال الأسد للثور الأسود والأحمر: "إنه لا يدل علينا الصيادين في غابتنا هذه إلا الثور الأبيض، فإن لونه ملفت النظر ، ولوني على لونكما، فلو تركتماني آكله خلت لنا الغابة، فقالا: دونك وإياه فكله"، فأكله، ومضت مدة على ذلك، ثم إن الأسد انفرد بالثور الأحمر وقال له : "لوني على لونك، فدعني آكل الثور الأسـود" لتصفى الغابة لنا نحن الاثنان، فقال له: " كما ترى"، فأكله، ثم بعد أيـام قال للثور الأحمر: "إني آكلك لا محال"؛ فقال الثور الأحمر: الحكمة المشهورة "إنما أُكلت يوم أُكِل الثورُ الأبيض" ليدلل على نتيجة قبوله بسياسة انفراد العدو بإخوته .الشيخ وحزمة العيدانكان شيخا طاعنا بالسن على فراش الموت وله عدة أبناء فجمعهم وطلب منهم أن يأتوه بكومة من العصي فجلبوها له فضم مجموعة العصي مع بعضها البعض في حزمة واحدة وطلب من الأول أن يكسرها، ففشل، ثم طلب من الثاني، ففشل، حتى فشل جميعهم، ثم فرقها وأعطى كل واحدا منهما عصا وطلب منهما أن يكسروها فكسر كل واحد منهما عصاه بسهولة فقال لهم: " هكذا حياتكم عندما تكونوا منفردين كسركم سهل، وعندما تكونوا مجتمعين ووحدة واحدة يستحيل كسركم".هاتان حادثتان وقصتان تعبران عن فلسفة وحقيقة أن القوة والمنعة والعزة في الاتحاد وأن الضعف والهزيمة في التفرق وإعطاء العدو فرصة الانفراد.الاستعمار والانفراد بناالاستعمار في نظرته في سياسة التعامل معنا أدرك أن هزيمته للأمة لا تتأتى إلا بسياسة الانفراد أي بتمزيق وحدة الأمة وتشتيت شملها فلذلك عمل بمعية أعوانه من أبناء الأمة على تجزئة الأمة والتهامها قطعة قطعة، فلذلك كانت أولى خطواته زرع بذور الفتنة الطائفية وإثارة العصبيات والقوميات داخل بلاد المسلمين فحرض العرب والترك والبربر على بعضهم البعض فدب بينهما الشقاق وأوجد شرخا داخليا حتى تم تفتيت وحدة الأمة وقطع الحبل الذي يضمها ويشدها ويجمع وحدتها والمتمثل في دولة الخلافة العثمانية. - اقتباس :
أميركا قائدة الاستعمار الحديث اتبعت سياسة الانفراد في التعامل مع أمتنا ليسهل عليها تحقيق أهدافها ومصالحها فلذلك رأينا كيف انفردت بأفغانستان وكيف انفردت بالعراق فدمرت وخربت البلدين دون عناء كبير سايكس – بيكو وطريق الانفراد بالأمةلقد حققت دول الاستعمار غايتها بهدم دولة الخلافة الإسلامية واتبعت هذه الضربة بضربة أخرى قاتلة ومميتة كسابقتها إذ اجتمعت بريطانيا وفرنسا قائدتا دول الاستعمار في ذاك الزمن وقامت بتقسيم بلاد العالم الإسلامي ومنه العربي لدويلات ضعيفة متناحرة مختلفة الولاء وفق اتفاقية بين وزيري خارجية البلدين سايكس وبيكو ، وبذلك فقدت الأمة كل مصادر قوتها وأصبحت هشة ضعيفة وأصبحت دولها الجديدة المصطنعة سهما في كنانة دول الاستعمار ضد بعضها البعض ولا أدل على هذا الضعف والوهن والتبعية من إعطاء فلسطين "وطن قومي" لليهود بسهولة ويُسر ومرور الأمر على الأمة مرور الكرام .أميركا وأتباع سياسة الانفرادأميركا قائدة الاستعمار الحديث اتبعت سياسة الانفراد في التعامل مع أمتنا ليسهل عليها تحقيق أهدافها ومصالحها فلذلك رأينا كيف انفردت بأفغانستان وكيف انفردت بالعراق فدمرت وخربت البلدين دون عناء كبير، وما كان لها ذلك لو أن الأمة متحدة مع بعضها البعض كأمة واحدة فتدافع عن نفسها ككتلة واحدة.الانفراد بفلسطين اليوميرى العالم أجمع كيف تنفرد آلة الدمار المتطورة والمتقدمة لدولة الاحتلال بغزة، فحرب الإبادة مستمرة من أكثر من ثلاثة شهور مدمرة كل شيء أمامها في مشاهد تقشعر منها الأبدان وتحرك الصخور ويعجز العقل عن التفكر من هول هذا الإجرام والتوحش، وهذا يحصل في ظل صمت بل خذلان بل قل تآمر من ذوي القربى من دول العالم الإسلامي والعربي، فهذا الذي يجري ما كان له أن يكون وما كان لدولة الاحتلال أن تقوم بذلك أو حتى تفكر به لو كانت الأمة متحدة في كيان سياسي واحد يقوم على أساس عقيدة الأمة ومبدئها. - اقتباس :
من مسلمات عيشنا عيشة العزة والكرامة والمكانة في وحدتنا على أساس مبدئنا وفي فرقتنا الذل والهوان فلذلك علينا أن نختار بين العزة والمنعة والكرامة والمكانة العليا بين الأمم وبين أن نبقى غثاء سيل وقصعة تتداعى علينا كل الأمم وحدة الأمةإن وحدة الأمة هو مطلب رباني قبل أن يكون من متطلبات العيش الكريم وحياة مرهوبة من كل الأعداء. فالأمة ملزمة بوحدتها ومنكر وجريمة تفرقها فالذئب لا يأكل إلا من الغنم القاصية كما علمنا نبينا محمد صل الله عليه وسلم. والرسول قال: "من أتاكم وأمرُكُم جَمِيْعٌ على رجل واحد، يُريد أن يَشُقَّ عَصَاكُم، أو يُفَرِّقَ جَمَاَعَتَكُم، فاضربوا عنقه كائن من كان ". والله عز وجل قال (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، وقال (إنما أمتكم أمة واحدة).إذا، هذه من مسلمات عيشنا عيشة العزة والكرامة والمكانة في وحدتنا على أساس مبدئنا وفي فرقتنا الذل والهوان فلذلك علينا أن نختار بين العزة والمنعة والكرامة والمكانة العليا بين الأمم وبين أن نبقى غثاء سيل وقصعة تتداعى علينا كل الأمم حتى أرذلها وشذاذ آفاقها، فالأمر بأيدينا. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الاستعمار.. متى يتوقف عن الانفراد بنا؟! الثلاثاء 20 فبراير 2024, 7:48 am | |
| كيف يمكن تفكيك الاستعمار الاستيطاني؟منذ عملية طوفان الأقصى، لم تتوقف آلة القتل الصهيونية عن ارتكاب المجازر في قطاع غزة لأكثر من أربعة أشهر كاملة، أسفرت حتى الآن عن أكثر من 28 ألف شهيد، و68 ألف مصاب، وفق التصريحات الرسمية لوزارة الصحة، وأدت إلى دمار هائل في القطاع يقدر -وفق التقديرات المبنية على صور الأقمار الصناعية- بخنحو 68% من المباني في شمال القطاع، و72% في مدينة غزة، و46% في خان يونس، و20% بمدينة رفح، وهو الدمار الذي أدى إلى حركة نزوح شاملة داخل القطاع تقدر بنحو 1.4 مليون فلسطيني.أمام جرائم دولة الاحتلال هذه، والتي تمارس بلا رادع من قانون دولي، أو ضغوط دبلوماسية، يقف الفلسطينيون من أهل القطاع مستباحين، لا يملكون إلا سلاح مقاومتهم، واستبسالهم في التمسك بأرضهم حتى الموت، وعلى الرغم من تنامي الحراك الشعبي المناصر لقضيتهم إقليميا ودوليا، إلا أن هذا لم ينعكس حتى الآن على المواقف الرسمية للحكومات الغربية، والتي يتراوح موقفها بين الدعم المكشوف والتواطؤ الضمني، ولم ينجح حتى في دفع الحكومات العربية والإسلامية أن تتخذ مواقفا فعالة بعيدا عن التصريحات المستنكرة والأنشطة الإغاثية. - اقتباس :
الممارسات الإسرائيلية عبر سبع عقود أو يزيد تجاه الشعب الفلسطيني، نجد أنها مزيج من هذه الاستراتيجيات الأربع، التي تهدف إلى إنهاء وجود الفلسطينيين، إما بالقتل والتهجير للتخلص منهم تماما، أو بالدمج القسري والتمييز العنصري لمن بقي منهم داخل الأرض بهدف التحييد والإخضاع هذا الواقع المرير جعل الكثيرين يتسألون عن جدوى عملية طوفان الأقصى، وهل المقاومة المسلحة هي الوسيلة المناسبة لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي؟، وهي الأسئلة التي تساق أحيانا من باب التخزيل والتثبيط، والترويج لمشاريع "الاستسلام" الإقليمية، وفي أحيان أخرى، بدافع من الحيرة والألم لفداحة الخسائر البشرية والمادية، التي تتسبب بها أعمال المقاومة، والإجابة على هذه الأسئلة تحتاج إلى مقاربة تأسيسية لطبيعة الاحتلال الإسرائيلي، كأحد النماذج الباقية للاستعمار الاستيطاني.الاستعمار -كعلاقة إخضاعية تمارسها إحدى المجموعات البشرية إزاء مجموعات أخرى عادة بهدف الهيمنة السياسية والاستغلال الاقتصادي- له أنماط متعددة، منها ما هو قائم على السيطرة غير المباشرة عبر وكلاء محليين، ومنها ما هو محدود في مدى تغلغله العسكري والسياسي والاقتصادي في البلد المحتل بتحقيق مصالح متعينة وواضحة، وأفدحها هو الاستعمار الاستيطاني، والذي لا يتضمن فقط الاحتلال العسكري والسياسي والاقتصادي، بل يرافقه كذلك عملية نزوح بشري، وإعادة توطين للمجموعات البشرية الوافدة إلى الأرض الجديدة، والتي تقرر أن تجعل من هذه الأرض وطنا لها.ولأن هذه الأرض، بطبيعة الحال، مسكونة، تكون معضلة هذا المشروع الاستعماري هي سكان الأرض الأصليين، والتي تشير الخبرات التاريخية إلى أن التعامل معهم من قبل المستوطنين الجدد تتمثل في حلول أربعة: إما الإبادة الجماعية بالقتل العشوائي وعلى نطاق واسع بما يغير من التركيبة السكانية في هذه الرقعة من الأرض، أو التهجير من الوطن الأم إلى الشتات، بكافة وسائل الإرهاب، وتدمير الممتلكات، ونزع الملكيات، وإلغاء الجنسيات، والحرمان من حق العودة، أو الإدماج القسري، بمعنى محو الهوية الأصلية لسكان الأرض، وفرض الهوية الثقافية والحضارية للمستوطنين، بل وأحيانا إعادة صياغة تاريخ وهوية الأرض ذاتها وفق رواية هذا المستوطن، أو الفصل العنصري، بأن يتم عزل من تبقى من سكان البلد الأصليين في "جيتو" مغلق، وممارسة كافة أشكال القمع والتنكيل، والتمييز السياسي والاقتصادي ضدهم، بما يبقيهم مفقرين وخاضعين وغير مستقلين دائما. - اقتباس :
الاستعمار الاستيطاني هو أشد أنواع الاستعمار تغلغلا في الأوطان المستعمرة، فإن اقتلاعه منها، وتفكيك مشروعه يكون أشدها وطأة كذلك، وأحيانا يتعذر هذا التفكيك، كما حدث في حالة السكان الأصليين بالأميركتين وأستراليا وبالنظر إلى الممارسات الإسرائيلية عبر سبع عقود أو يزيد تجاه الشعب الفلسطيني، نجد أنها مزيج من هذه الاستراتيجيات الأربع، التي تهدف إلى إنهاء وجود الفلسطينيين، إما بالقتل والتهجير للتخلص منهم تماما، أو بالدمج القسري والتمييز العنصري لمن بقي منهم داخل الأرض بهدف التحييد والإخضاع، وما الممارسات الإسرائيلية بعد معركة طوفان الأقصى إلا حلقة في سلسلة الإبادة الجماعية المنهجية هذه، تحقيقا لمقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".وكما أن الاستعمار الاستيطاني هو أشد أنواع الاستعمار تغلغلا في الأوطان المستعمرة، فإن اقتلاعه منها، وتفكيك مشروعه يكون أشدها وطأة كذلك، وأحيانا يتعذر هذا التفكيك، كما حدث في حالة السكان الأصليين بالأميركتين وأستراليا، ليصبح المستوطنون هم سادة الأرض الجدد، وتنزوي الشعوب الأصلية على هامش المجتمعات الجديدة، وأحيانا تندثر تماما لتصبح تاريخا.لذلك فإن مقاومة الاستعمار الاستيطاني للشعوب هي مسألة حياة أو موت، ولا تتم إلا بنضال طويل يمتد لعقود بل وأحيانا لما يتجاوز القرن، مثل نضال جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، كما أنه يتضمن عادة تضحيات جسيمة، تكافيء التهديد الوجودي الذي يتعرض له أصحاب الأرض، كتضحية أهل الجزائر للتخلص من الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، والذي تقدر تضحياته بنحو مليون شهيد، وهو كذلك نضال على جبهات متعددة: عسكرية بالمقاومة المسلحة ضد عدوان المستوطنين، والتمسك بالأرض وبحق العودة للمهجرين في الشتات، ونضال من بقي داخل الوطن المُستعمَر ضد سياسات التمييز العنصري، ودفاعهم عن اللغة والذات الحضارية والثقافية ضد محاولات طمس الهوية، وأخيرا، إسناد هذه النضالات المتضافرة بدعم الشعوب والحكومات التي تقف مع حق هذا الشعب في السيادة على أرضه المحتلة. |
|