العدل الدولية تنظر بشرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية
تستعد محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، لبدء جلسات استماع تاريخية يوم الإثنين حول شرعية
احتلال إسرائيل المستمر منذ 75 عاما للأراضي التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها، ما يعيد القضاة الدوليين
الـ15 إلى قلب الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني المستمر منذ عقود.
ومن المقرر عقد جلسات استماع لمدة ستة أيام في محكمة العدل الدولية، والتي سيشارك خلالها عدد غير مسبوق من
الدول، في حين تواصل إسرائيل هجومها المدمر على قطاع غزة.
وعلى الرغم من أن النظر في القضية يتم على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، إلا أنها تركز عوضا عن ذلك على
احتلال إسرائيل المستمر للضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
وشدد الممثلون الفلسطينيون في المحكمة، والذين سيتحدثون أولا يوم الإثنين، على أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني
لأنه ينتهك ثلاثة مبادئ رئيسية للقانون الدولي، حسبما صرح الفريق القانوني الفلسطيني للصحفيين الأربعاء.
ويقول الممثلون الفلسطينيون إن إسرائيل انتهكت الحظر المفروض على غزو الأراضي من خلال ضم مساحات كبيرة من
الأراضي المحتلة، كما انتهكت حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وفرضت نظام التمييز والفصل العنصري.
وقال عمر عوض الله، مساعد وزير الخارجية الفلسطينية لشؤون الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، إنهم يريدون أن
يسمعوا كلمات جديدة من المحكمة.
وأضاف أنه كان يتعين على المحكمة أن تأخذ في الاعتبار كلمة "إبادة جماعية" في قضية جنوب إفريقيا، في إشارة إلى
قضية منفصلة معروضة على المحكمة، وتابع: الآن نريدهم أن يفكروا في الفصل العنصري.
وفي السياق ذاته، قال عوض الله إن الرأي الاستشاري للمحكمة سيمنحهم الكثير من الأدوات، باستخدام أساليب وأدوات
القانون الدولي السلمي، لمواجهة مخالفات الاحتلال.
ومن المرجح أن تستغرق المحكمة أشهرا للحكم. لكن خبراء يقولون إن القرار – رغم أنه غير ملزم قانونا – يمكن أن يؤثر
بشكل عميق على الوضع القانوني الدولي لإسرائيل والمساعدات الدولية لإسرائيل والرأي العام.
وقال يوفال شاني، أستاذ القانون في الجامعة العبرية وزميل للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن ”القضية ستطرح أمام
المحكمة سلسلة من الاتهامات والادعاءات والمظالم التي ربما ستكون غير مريحة ومحرجة لإسرائيل، نظرا للحرب والبيئة
الدولية شديدة الاستقطاب بالفعل”.
من غير المقرر أن تتحدث إسرائيل خلال الجلسات، لكنها قد تقدم بيانا مكتوبا.
وقال شاني إن إسرائيل من المرجح أن تبرر استمرار احتلالها لأسباب أمنية، خاصة في غياب اتفاق سلام.
ومن المرجح أن يشير ذلك إلى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول الذي قتل فيه مسلحون بقيادة حركة حماس من غزة
1200 شخص في جنوب إسرائيل وأسروا 250 شخصا آخرين.
إلى ذلك، قال شاني: هناك رواية مفادها أن الأراضي التي تنسحب منها إسرائيل، مثل غزة، يمكن أن تتحول إلى مخاطر
أمنية خطيرة للغاية.. إذا كان هناك أي شيء، فهو أن السابع من أكتوبر/تشرين أول قد سلط الضوء على المنطق الأمني
الإسرائيلي التقليدي لتبرير الاحتلال الذي لا ينتهي.
بيد أن الفلسطينيين وجماعات حقوقية بارزة يقولون إن الاحتلال يتجاوز الإجراءات الدفاعية. ويشددون على أنه تحول إلى
نظام «فصل عنصري»، مدعوما ببناء المستوطنات على الأراضي المحتلة، والذي يمنح الفلسطينيين مكانة من الدرجة
الثانية ويهدف إلى الحفاظ على الهيمنة اليهودية من نهر الأردن إلى البحر المتوسط.
وترفض إسرائيل أي اتهام بالفصل العنصري.
وتصل القضية إلى المحكمة بعد أن صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة في ديسمبر 2022 على مطالبة
المحكمة العالمية بإصدار رأي استشاري غير ملزم بشأن أحد أطول النزاعات الشائكة في العالم . وقد روج الفلسطينيون
لهذا الطلب وعارضته إسرائيل بشدة. وامتنعت خمسون دولة عن التصويت.
وفي بيان مكتوب قبل التصويت، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، هذا الإجراء بأنه مشين، والأمم
المتحدة مفلسة أخلاقيا ومسيسة وأي قرار محتمل من المحكمة غير شرعي تماما.
وبعد أن يقدم الفلسطينيون حججهم، ستتحدث 51 دولة وثلاث منظمات –جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي،
والاتحاد الأفريقي-، أمام لجنة القضاة في قاعة العدل الكبرى.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب الشرق الأوسط عام 1967. ويسعى الفلسطينيون
إلى إقامة دولة مستقلة على المناطق الثلاث. وتعتبر إسرائيل الضفة الغربية منطقة متنازع عليها وينبغي تحديد مستقبلها
من خلال المفاوضات.
وقام الاحتلال ببناء 146 مستوطنة، وفقا لمنظمة السلام الآن، التي تضم أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي. وقد نما عدد
المستوطنين في الضفة الغربية بأكثر من 15% في السنوات الخمس الماضية وفقا لمجموعة مؤيدة للمستوطنين.
كما قامت إسرائيل بضم القدس الشرقية وتعتبر المدينة بأكملها عاصمتها. ويعيش 200 ألف إسرائيلي إضافي في
المستوطنات التي بنيت في القدس الشرقية والتي تعتبرها إسرائيل أحياء عاصمتها. ويواجه السكان الفلسطينيون في
المدينة تمييزاً ممنهجاً، مما يجعل من الصعب عليهم بناء منازل جديدة أو توسيع المنازل القائمة.
ويعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة أن المستوطنات غير قانونية. ولا يحظى ضم إسرائيل للقدس الشرقية، موطن
الأماكن المقدسة الأكثر حساسية في المدينة، باعتراف دولي.