منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مصطلح الإسلام السياسي:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مصطلح الإسلام السياسي: Empty
مُساهمةموضوع: مصطلح الإسلام السياسي:   مصطلح الإسلام السياسي: Emptyالسبت 24 فبراير 2024, 5:33 pm

مصطلح الإسلام السياسي: الحقيقة والتلبيس وتأسيس برنارد لويس (1)
لا غرابة أن يصبح مصطلح " الإسلام السياسي" من المصطلحات كثيرة التداول،  شائعة الاستخدام، في الأدب السياسي  الغربي المعاصر- خاصة-  لأن اشتغال الدين – أي دين- بالسياسة وشؤون الحياة المختلفة؛ يعد خروجا به عن طبيعته الروحية  المفترضة – في نظرهم- قياسا إلى الدين الذي استقر في أذهانهم، وهو الدين المسيحي،  لكن  ما يلفت النظر  هنا أن المصطلح تسرب إلى البيئة الإسلامية،  في العقود الأخيرة،  وأضحى عنوانا على كل جهد يسعى لاستيعاب الإسلام عقيدة وشريعة وفكرا شاملا  متكاملا لكل مجالات الحياة، بمعنى أن تقديم الإسلام على ذلك النحو؛ يعد حرصا من دعاته لحرف  فكر الإسلام عن طبيعته الأصلية، المتصلة بكونه دينا روحيا، كالمسيحية، بحيث  لا علاقة له بقضايا السياسة والتربية والاجتماع والثقافة  والاقتصاد والإعلام ومجالات الحياة العامة، ولذلك يحلو لبعضهم التعبير عن مصطلح الإسلام السياسي بـ" الإسلاموية".
إن هذا التوصيف يتساوق في دلالاته تلك، مع هدف المحاولة العلمانية الرامية إلى تصوير أن كل من يسعى لإحياء روح الإسلام وفاعليته وشموله لمختلف جوانب الحياة؛ واقع في "خطيئة الإسلام السياسي"، أي تحريف الإسلام، وصرفه عن طبيعته الروحية المحضة! وبلغ الأمر ببعضهم ليصل الأمر بهم حد  تصويره المعادل للإرهاب والعنف والتشدد.
 
اقتباس :
إن تسويق مصطلح الإسلام السياسي على أساس أنه المعادل للإرهاب والعنف والتشدد ليس بأكثر من اعتساف كبير، وشطط بعيد، وتزييف موغل للوعي الإسلامي، كما أن تسويقه بوصفه رمزا لإسلام من نوع خاص، يولي اهتمامه بالجانب السياسي وبقية جوانب الحياة، وكأن ذلك انحراف بصحيح الإسلام؛ أمر لا ينبغي أن ينطلي على مسلم واع، خاصة بعد أن نقف -لاحقا- على معرفة أول من صك هذا المصطلح وأهدافه.
هذا رغم أن المصطلح بدا حتى لبعض الإسلاميين،  في  بعض المراحل، مخفف الحمولة، حيث ما زاد عن أن برأ ساحة الإسلاميين " الحركيين" عن الجماعات  الدينية المسلحة باسم "الجهاد" داخل المجتمع الإسلامي، وكأنه شهادة لهم بالبراءة، لكنه سرعان ما تحول  إلى وصم  عام وشامل لهم بتهمة العنف نفسها، ولذلك فقد غدا من المألوف أن تسمع تهمة الوصم بالعنف، وهذه تتبع كل من يعمل للإسلام، وفق ذلك المنهج الشامل، الذي لا يستبعد السياسة ولا التربية الاجتماع ولا الاقتصاد ولا الثقافة ولا الإعلام، من قاموس اهتماماته ومنهجه الإصلاحي، بل لقد طال ذلك الوصف السلبي، حتى بعض الحركات الإسلامية السياسية "الوسطية"، كحزب النهضة التونسي، أو حزب العدالة والتنمية المغربي، التي سعت -ولا سيما الأولى منهما، تحت الضغط العلماني العنيف في بلديهما- للتخلي عن بعض المسلمات في العمل الإسلامي، وتعلن -بالمقابل- بعض الآراء والمواقف  التي غدت  محل مؤاخذة،  لدى قطاع  من الإسلاميين، بمن فيهم بعض نظرائهم  الحركيين الآخرين، داخل مجتمعاتهم ذاتها، أو خارجها، لكن بعض جماعات الغلو العلمانية، يمينية  ويسارية،  لم تبرح تصمهم  بتهمة  العنف والإرهاب والداعشية.. إلخ.
كما ولم تسلم من الوصم بذلك المصطلح السلبي لـ" الإسلام السياسي"، حتى بعض حركات التحرر "الوطني"، ذات الصبغة الإسلامية البارزة، كحركتي حماس والجهاد الفلسطينيتين، اللتين يتصديان ببسالة وتفرد لمواجهة المشروع الصهيوني في بلدهم!
إن تسويق مصطلح الإسلام السياسي على أساس أنه المعادل للإرهاب والعنف والتشدد ليس بأكثر من اعتساف كبير، وشطط بعيد، وتزييف موغل للوعي الإسلامي، كما أن تسويقه بوصفه رمزا لإسلام من نوع خاص، يولي اهتمامه بالجانب السياسي وبقية جوانب الحياة، وكأن ذلك انحراف بصحيح الإسلام؛ أمر لا ينبغي أن ينطلي على مسلم واع، خاصة بعد أن نقف -لاحقا- على معرفة أول من صك هذا المصطلح وأهدافه.
اقتباس :
"ليس هناك إسلام تقدمي وآخر رجعي، وليس هناك إسلام ثوري وآخر استسلامي، وليس هناك إسلام سياسي وآخر اجتماعي، أو إسلام للسلاطين وآخر للجماهير. هناك إسلام واحد، كتاب واحد، أنزله الله على رسوله، وبلغه رسوله إلى الناس. وبعد البلاغ صارت "الأمانة" في أعناق الناس ومن مسؤولياتهم"
وحاصل القول هنا: إن أمة الإسلام لا تعرف عبر تاريخها المديد الإسلام إلا دينا شاملا متكاملا متوازنا، لا يستثني جانبا، ولا يطغى فيه جانب على آخر، إلا بقدر ما يحمل من أهمية ومنطق ومكانة.
يقول الأستاذ فهمي هويدي: "ليس هناك إسلام تقدمي وآخر رجعي، وليس هناك إسلام ثوري وآخر استسلامي، وليس هناك إسلام سياسي وآخر اجتماعي، أو إسلام للسلاطين وآخر للجماهير. هناك إسلام واحد، كتاب واحد، أنزله الله على رسوله، وبلغه رسوله إلى الناس. وبعد البلاغ صارت "الأمانة" في أعناق الناس ومن مسؤولياتهم"، فإذا تعددت الاجتهادات يمينا ويسارا، وإذا تراوحت الاجتهادات صعودا وهبوطا، وإذا أحسن البعض فهم الإسلام أو أساء؛ فذلك شأن المسلمين أولا وأخيرا، وينبغي ألا يحمل بأي حال على الإسلام".(فهمي هويدي، القرآن والسلطان، ص 7)
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في  سياق استنكاره لهذا المصطلح: "يريدون أن يعيدوها جذعة، وقد فرغنا منها، منذ  نصف قرن، حتى وصف بعض هؤلاء العبيد المساكين الإسلام، الذي لم يعرف المسلمون غيره طوال عصوره – قبل عصر الاستعمار- الإسلام، كما عرفه الفقهاء والأصوليون والمفسرون والمحدثون والمتكلمون، من كل المذاهب، والذي شرحوه وفصلوه من كتاب الطهارة إلى كتاب الجهاد، إسلام العقيدة والشريعة، إسلام القرآن والسنة، سماه "الإسلام السياسي"، يريد أن يكره الناس في هذا الإسلام بهذا العنوان، نظرا لكراهية الناس للسياسة في أوطاننا، وما جرت عليهم من كوارث، وما ذاقوا على يديها من ويلات". (القرضاوي، شمول الإسلام، ص 67)
وقال في سياق مشابه: "إن الإسلام الحق – كما شرعه الله- لا يمكن إلا أن يكون سياسيا، وإذا جردت الإسلام من السياسة فقد جعلته دينا آخر، يمكن أن يكون بوذية أو نصرانية، أو غير ذلك، أما أن يكون هو الإسلام فلا" (يوسف القرضاوي، الدين والسياسة: تأصيل ورد شبهات، ص 77) وعزى ذلك لسببين: الأول: كون الإسلام- بطبيعته- يوجه الحياة، والآخر: كون شخصية المسلم شخصية سياسية (القرضاوي، الدين والسياسية، ص 78-86).
 
اقتباس :
من المفارقة الكبيرة أن تنطلي هذه الحقيقة على مثقفين وباحثين ينتمون إلى البيئة الاجتماعية والثقافية الإسلامية، فيتسابقون إلى استعمال هذا المصطلح وتبادله، كما لو كان موضوعيا وبريئا، مع أنه مصطلح تجزيئي وغاز، من خارج البيئة الفكرية الإسلامية، ويحمل تحريفا لطبيعة الإسلام وروحه ومنهجه.
برنارد لويس أول من صك مصطلح الإسلام السياسي: مفارقات التصنيف 
وإذا كانت أمة الإسلام لا تعرف الإسلام إلا دينا شاملا متكاملا متوازنا، لا يستثني جانبا، ولا يطغى  فيه جانب على آخر، إلا بقدر ما يحمل من أهمية ومنطق ومكانة – كما سبقت الإشارة-؛ فإن من المحزن، بل من المفارقة الكبيرة أن تنطلي هذه الحقيقة على مثقفين وباحثين ينتمون إلى البيئة الاجتماعية والثقافية الإسلامية، فيتسابقون إلى استعمال هذا المصطلح وتبادله، كما لو كان موضوعيا وبريئا، مع أنه مصطلح تجزيئي وغاز، من خارج البيئة الفكرية الإسلامية، ويحمل تحريفا لطبيعة الإسلام وروحه ومنهجه.
أما مكمن المفارقة الأكبر، فهو أن  يعترف  بحقيقة شمول الإسلام، وعدم فصله بين الدين والسياسة – بالخصوص-  أول من صك  مصطلح " الإسلام السياسي"، وروج له لك منذ  السبعينات من القرن  العشرين الميلادي المنصرم؛ وهو المستشرق البريطاني الأصل، ذا الأصول اليهودية الإشكينازية: برنارد لويس، المولود  في لندن سنة 1916م، والمتوفى  في نيوجرسي بأميركا سنة 2018م، أي عن عمر تجاوز 101، وهو  الموصوف بـ" بطريرك الاستشراق"، ذلك  أنه وجه معظم دراساته نحو النيل من الإسلام وحضارته ورموزه، والسعي نحو تقسيم العالم الإسلامي، إلى فرق وطوائف وإثنيات متناحرة، مع الحرص على الإعلاء من شأن الفرق المارقة والمتمردين من أبناء الإسلام، بدءا من دراسته العلمية الأولى عن "الحشاشين" و"الإسماعيلية" و"العرب في التاريخ" و"الإسلام والغرب" و"تشكيل الشرق الأوسط الحديث" و"الإسلام في التاريخ"، و"يهود الإسلام"، و"مستقبل الشرق الأوسط"  و"ما الخطأ؟" وحتى "أزمة الإسلام"، علاوة على أنه غادر مسار التعليم الأكاديمي منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية، ليصبح ضابطا في الاستخبارات العسكرية البريطانية، حتى إذا ما انتهت الحرب عاد إلى موقعه في الجامعة، مع بقاء صلاته بالمؤسسة الاستخبارية البريطانية (صحيفة الشرق الأوسط، برنارد لويس: بطريرك الاستشراق. (تقرير: إميل أمين)، 11/6/2018م، العدد (14440)
ولك أن تستنتج -عزيزي القارئ-  كون أول من صك مصطلح الإسلام السياسي" هو برنارد لويس من خلال كتاب له بهذا العنوان هو (اللغة السياسية في الإسلام أو لغة الإسلام السياسي)، وقد صدر مترجما تحت  هذا العنوان الأخير، ناهيك عن تناوله لهذه المسألة، على نحو مباشر، في عدد من كتبه الأخرى- كما سترى- في مناقشتنا التالية، لكنني أشعر -منذ الآن- أنك لن تطيق الصبر حتى نهاية هذه النصوص، إذ  قد تقطع قراءتك لنصوصه المتواردة فيما سيأتي، لتصرخ في وجه كاتب هذه السطور منفعلا: هذه قراءة أصولي – إسلاموي – سياسوي، لا يختلف عن قراءة ذوي الإسلام السياسي في شيء، فكيف تزعم أنه أول من صك المصطلح، وأنه بذلك الدهاء والمكر ضد الإسلام، على حين أن حديثه عن الإسلام على هذا النحو! وهنا أستميحك أن أرجئ الجواب عن ذلك إلى ما بعد استعراض هذه النصوص، التزاما بالموضوعية  المأمولة في  المناقشات العلمية ذات المنحى المنهجي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مصطلح الإسلام السياسي: Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصطلح الإسلام السياسي:   مصطلح الإسلام السياسي: Emptyالإثنين 04 مارس 2024, 12:27 pm

مصطلح الإسلام السياسي: الحقيقة والتلبيس وتأسيس برنارد لويس (2)
  • الدين بين الانشطارية في المسيحية والواحدية في الإسلام:

سبقت الإشارة في الجزء الأول من هذه التناولة إلى أن أول من صك مصطلح "الإسلام السياسي" هو المستشرق البريطاني الشهير برنارد لويس. وفي هذا الجزء سنستعرض جانبا من نصوصه بهذا الشأن.
يقر برنارد لويس ابتداء: بأن الإسلام ارتبط "في عقول المسلمين وذاكرتهم، منذ حياة مؤسسه، وفي الكتب المقدّسة -بعدئذ- بممارسة السلطة السياسية والعسكرية. عرف الإسلام القديم فصلا ما بين أمور  الدنيا وأمور الآخرة، بين التدين والاعتبارات الدنيوية، ولم يميز مؤسسات مستقلة ذات هرمية، وقوانين خاصة بها لتنظيم المسائل الدينية" (برنارد لويس، أزمة الإسلام- الحرب الأقدس والإرهاب المدنّس، ص 54)، وبذلك فقد  " أصبح المسلمون في حياة محمد (ص)  مجتمعا سياسيا ودينيا معا، والنبي رئيس الدولة، بصفته هذه حكم أرضا وشعبا، أمام العدالة،  وجمع النصوص، وقاد الجيوش وشن الحروب، وأرسى الإسلام"( لويس، أزمة الإسلام، ص 45، وانظر هذا المعنى في :برنارد لويس، لغة الإسلام السياسي، ص 13، ولويس، أين الخطأ؟ التأثير الغربي واستجابة المسلمين، ص 144)، أما تعاليم المسيحية فقد كانت وحدها هي من تفصل الدين عن السياسة، فتدعو إلى " تسليم ما لقيصر لقيصر، وما لله لله" وفق ما ورد في إنجيل متّى، الإصحاح 22الآية 2، مؤكّداً أن " ليس في السياسة الإسلامية الشاملة – كما فهمها المسلمون- قيصر، وإنما الله فحسب، هو الملك المطلق، ومصدر الشريعة" (لويس، أزمة الإسلام، ص 46).
اقتباس :
ينفي لويس عن الإسلام الثيوقراطية قائلا: من الواضح أن الإسلام ليس ثيوقراطيا، وما كان بوسعه أن يكون إلا منذ عهد قريب، فالإسلام يخلو من الكنيسة ومن طبقة الكهنوت، من زاوية اللاهوت، وذلك لانعدام وجود إدارة كهنوتية أو أية وساطة بين الله والفرد المؤمن
ويمضي لويس في هذا قائلا: " قدم الإسلام -على ما يربو على الألف سنة- المنظومة الشاملة المقبولة الوحيدة، من القواعد والمبادئ التي تنظم الحياة العامة والاجتماعية، حتى في عهود ذروة النفوذ الأوروبي في البلدان، التي حكمت فيها القوة الإمبريالية الأوروبية، أو فرضت إيمانها عليها، وفي عهود استقلال تلك البلدان، ظلت الأفكار والمواقف الإسلامية عميقة، واسعته. ثمة علامات عدة اليوم على أن تلك الأفكار والمواقف -ربما- كانت في طريقها إلى العودة مجددا، ولو بصيغ معدلة، لاستعادة سابق هيمنتها"(لويس، أزمة الإسلام، ص 49).
وينفي عن الإسلام الثيوقراطية قائلا: "من الواضح أن الإسلام ليس ثيوقراطيا، وما كان بوسعه أن يكون إلا منذ عهد قريب، فالإسلام يخلو من الكنيسة ومن طبقة الكهنوت، من زاوية اللاهوت، وذلك لانعدام وجود إدارة كهنوتية أو أية وساطة بين الله والفرد المؤمن، كما يخلو منهما من زاوية المؤسسة، لانعدام وجود المطارنة، وغياب أية هيئة كهنوتية هرمية البنية" ( لويس، لغة الإسلام السياسي، ص54)، " ففي الإسلام التقليدي ليس هناك أي فصل بين الكنيسة والدولة، في حين أن الفصل بين هاتين السلطتين في المسيحية  يعود إلى تعاليم مؤسسها الذي  أمر أتباعه ان يعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فخلال تاريخ المسيحية، كان هناك سلطتان تتجسدان في هذه الحياة الدنيا بمصطلحي وsacerdotium  و regnum، ألا وهما  الكنيسة والدولة، كما نقول  في المصطلحات الحديثة. إن هاتين السلطتين قد تكونان مقرونتين بعضهما ببعض، وقد تكونان مفصولتين، قد تكونان على توافق، وقد تكونان على تنافر، فهذه السلطة قد تحكم، وتلك قد تحكم أيضا، والأخرى قد تحتج أيضا، كما يعلموننا من جديد في هذه الأيام، ولكن كان هناك على الدوام سلطتان: سلطة روحية وسلطة زمنية، ولكل منهما قوانينها وتشريعاتها الخاصة بها، كما أن لكل منهما بنيتها وتسلسلها الهرمي. وأما في الإسلام التقليدي، أي في الإسلام الذي لم يتمظهر بالمظهر الغربي، فلم تكن هناك سلطتان، بل سلطة واحدة، ولذلك فإن مسألة العزل لم تكن مطروحة بتاتا" (لويس، لغة الإسلام السياسي، ص13).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

مصطلح الإسلام السياسي: Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصطلح الإسلام السياسي:   مصطلح الإسلام السياسي: Emptyالإثنين 04 مارس 2024, 12:28 pm

مصطلح الإسلام السياسي: الحقيقة والتلبيس وتأسيس برنارد لويس (3)




يستمر برنارد لويس في إبراز التمييز بين طبيعتي الدين المسيحي والدين الإسلامي "فالفصل بين الكنيسة والدولة، وهو الأمر العميق الجذور في الديانة المسيحية، لم يكن له أي وجود في الإسلام، مع الإشارة إلى أن اللغة العربية التقليدية، واللغات الأخرى التي تشتق منها مفرداتها الفكرية والسياسية من العربية، كانت تفتقر إلى كلمات مثنوية مطابقة للروحي والزمني، وللكهنوتي والعلماني والديني والدنيوي. والجدير بالذكر أن الكلمات الجديدة التي تعبر عن الفكرة الدنيوية ما وجدت سبيلها إلى الوجود، في التركية أولا، ومن ثم في العربية، إلا في القرنين التاسع عشر والعشرين، وتأثرا بالأفكار والمؤسسات الغربية أيضا، وحتى في المصطلحات الحديثة، ليس هناك مرادف إسلامي لكلمة الكنيسة، بما تعنيه من "هيئة كهنوتية". وما مختلف الكلمات التي تعبر عن المسجد الجامع، إلا ما يدل على ذلك البناء الذي يكون مكانا للعبادة وحسب، دون أي تجريد،أو أية سلطة، أو أية مؤسسة" (لويس، لغة الإسلام السياسي، ص13-14).


وعن مجتمع الخلافة الراشدة بالخصوص يقول لويس: كانت الحقيقة الدينية والسلطة السياسية في تجربة المسلمين الأوائل -كما درست ونقلت إلى الأجيال اللاحقة- وحدة لا تنفصم، تضفي أولاهما على أخراهما قدسية، وتحافظ أخراهما على أولاهما


وقال:" تعتبر العلمانية بالدلالة الحديثة – أي فكرة اختلاف الدين عن السلطة السياسية، والكنيسة عن الدولة، والقول بأنه من الممكن أو من الواجب الفصل بينهما- فكرة مسيحية" (لويس، أين الخطأ؟ التأثير الغربي واستجابة المسلمين، ص 143)، وإن تعمقنا في دراسة مصطلح العلمانية يقود إلى اكتشاف أن أصوله قائمة في تعاليم المسيح – عليه السلام-، وكذا كل تطوراته اللاحقة، إنما تشكلت في تاريخ العالم المسيحي بعد ذلك، وأحداث الاضطهاد الكنسي، في عهوده الأولى، وما ارتكبته الكنيسة بعد ذلك قد أقنعت كثيرا من المسيحيين أن الانفصال بين الكنيسة والسياسة ضروري (لويس، أين الخطأ؟، 144).


وقال لويس أيضا: "المسجد كنيسة المسلمين حقا، بمعنى أنه مكان عبادة جماعية، ولكن ليس بوسع المرء الكلام على "المسجد"، كما يتكلم على "الكنيسة"، كمؤسسة ذات هرمية وقوانين خاصة بها، في مقابل الدولة" (لويس، أزمة الإسلام، ص 47).


ومن ثم فلا موقع -وفقا للويس- للعلمانية في الفكر والتطبيق الإسلاميين، على عكس المسيحية، حيث تم التأكيد مرارا، على أنه يوجد لدى هذه الأخيرة انفصال عن المرجعية الدينية، وتوجد مصطلحات لديها مثل "Lay"، وتعني غير إكليريكي، أو "Temporal"، أي دنيوي، أو "Secular"، أي علماني، وهذا أمر غريب على الفكر والتطبيق الإسلاميين. ومن الجدير بالإشارة أنه لم تكن ثمة نظائر لهذه المصطلحات في اللغة العربية، حتى وقت قريب نسبياً، لكنه تم استعارتها لاحقا من المسيحيين الناطقين بالعربية، أو ابتكرت حديثا (لويس، أزمة الإسلام، ص 48).


وعن مجتمع الخلافة الراشدة بالخصوص يقول لويس: "كانت الحقيقة الدينية والسلطة السياسية في تجربة المسلمين الأوائل -كما درست ونقلت إلى الأجيال اللاحقة- وحدة لا تنفصم، تضفي أولاهما على أخراهما قدسية، وتحافظ أخراهما على أولاهما" (لويس، أزمة الإسلام، ص 46).


وأما مصطلح "رجال الدين"، ذلك الشائع في الأدبيات المسيحية، بما لا مزيد عليه، وإن كان من المؤسف أن المصطلح قد انتقل إلى المجتمع الإسلامي فبات البعض يتداوله -بدون تدقيق- علما على اشتغال المتخصصين في علوم الشريعة في الإسلام، لكننا نرى برنارد لويس يعيد الأمور إلى طبيعتها، فيؤكد أن علماء الدِّين قد يوصفون بأنهم "أكليروس" وفق ما يتم تداوله في علم الاجتماع (الغربي)، وكأنهم رجال دين محترفون بعد تأهيلهم، لكن لويس يعود ليقرر أن "لا كهنوت في الإسلام، لا وساطة كهنوتية، بين الله والمؤمن، لا ترسيم للكهنة، لا أسرار مقدسة، لا طقوس، لأي مكان أن يؤديها إلا كاهن مرسم" ( لويس، أزمة الإسلام، ص 47).


أخيرا: حق لك أن تتساءل الآن مرة أخرى: إذا كان من صك المصطلح لأول مرة في هذا السياق؛ هو برنارد لويس، مع كونه على ذلك المستوى من الكيد للإسلام، وهو في الوقت ذاته لا يشايع فكرة فصل الإسلام عن السياسة -كما رأينا، وكما يفعل أغلب مروجي هذا المصطلح في بيئتنا- بل ولا يقبل حتى بمصطلح "رجال الدين" أن يوصف به علماء الشريعة في الإسلام؛ فكيف لنا أن نستوعب مسوغ ذلك السبق لصك المصطلح ومراميه؟


كون برنارد لويس أول من صك المصطلح، وأنه بذلك المكر والدهاء، مع كونه بهذا الإنصاف الظاهري والموضوعية اللافتة؛ أمر لا يتعارض أبدا، مع كونه يسعى -في الوقت ذاته- إلى البحث عن الكيفية التي يتم بها احتواء ما يعده خطر داهما طبيعيا في الإسلام "التقليدي" ذاته، بحيث يتهدد المشروع الاستعماري الغربي


وهنا أعود بك -قارئي العزيز- لأذكرك أن كون برنارد لويس أول من صك المصطلح، وأنه بذلك المكر والدهاء، مع كونه بهذا الإنصاف الظاهري والموضوعية اللافتة؛ أمر لا يتعارض أبدا، مع كونه يسعى -في الوقت ذاته- إلى البحث عن الكيفية التي يتم بها احتواء ما يعده خطر داهما طبيعيا في الإسلام "التقليدي" ذاته، بحيث يتهدد المشروع الاستعماري الغربي، ذلك أن لويس -بوصفه باحثا متعمقا في دراسة تاريخ الإسلام- يدرك أن التهويش بمثل تلك التلفيقات "المكشوفة التي يروج لها بعض الباحثين الغربيين، وحتى بعض العرب والمسلمين، من كون الإسلام مجرد رسالة روحية، وأن جانب الشمول فيه وبخاصة في المجال السياسي؛ أمر طارئ عليه، من قبل جماعة تبحث عن السلطة باسم الدين؛ حديث يتناقض مع أبجديات الفكر الإسلامي وأولياته، ومن ثم اتجه إلى الإقرار ابتداء بأن الإسلام ذا اللغة السياسية هذا، هو الإسلام ذاته، الذي لا يعرف المسلمون سواه، عبر تاريخهم الطويل، إذ لا ينفصل الجزء السياسي منه عن بقية الأجزاء، وعن طبيعة الإسلام الأصلية وتكوينه وفلسفته وأهدافه، منذ جاء به النبي محمد -صل الله عليه وسلم- الإسلام الذي يسعى بكل إمكاناته لتحرير الإنسانية كلها، ودعوتها حكاما وشعوبا، من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان المحرفة، إلى عدل الإسلام وسماحته -على حد تعبير ربعي بن عامر لرستم الفرس- كما تدعوهم اليوم إلى التحرر والاستقلال من وصاية المركزية الأوروبية والغربية عامة واستعمارها العسكري والفكري، ناهيك عن سعي الإسلام -أمس واليوم- لتحقيق الحضور الفاعل خارج بلدانه الأصلية، والانتشار المستمر، في كل اتجاه، كما كان شأنه عبر التاريخ، سواء باسم الفتوحات الإسلامية، أم الدعوة المجردة، امتد ذلك حينا، أو انحسر حينا آخر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مصطلح الإسلام السياسي:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: