جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟
كاتب الموضوع
رسالة
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ الأحد 25 فبراير 2024, 7:10 pm
جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ مع مرور زهاء 5 أشهر على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي سقط خلالها قرابة 30 ألف شهيد فلسطيني حتى اللحظة وفق الإحصاءات الرسمية، يتجدد السؤال حول سر الوحشية التي تتعامل بها دولة الاحتلال الإسرائيلي مع قطاع غزة وسكانه، والتي يبدو معها أنها لا ترغب فقط في تحقيق نصر عسكري -لا تزال أبعد ما يكون عنه- ضد المقاومة الفلسطينية، بقدر ما ترغب في إبادة هذه البقعة الصغيرة من الأرض، بمعالمها وبيوتها وأهلها. لماذا هذا الحقد الإسرائيلي الدفين ضد قطاع غزة وسكانه؟ هذا ما يجيبنا عليه الفيديو التالي من ميدان الذي يأخذنا في جولة سريعة في التاريخ الحديث لقطاع غزة منذ وطأ الصهاينة أرض فلسطين، لنكتشف أن معضلة الاحتلال الإسرائيلي مع غزة تحديدا تعود إلى عهد ما بعد النكبة مباشرة، حين تقلصت مساحة القطاع بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 إلى حوالي 1.3% من مساحة فلسطين التاريخية. غير أن هذه البقعة الضيقة جدا، كُتب لها أن تستضيف أكثر من 200 ألف من لاجئي النكبة، ما يفوق ضعف عدد سكانها الأصليين، لتضيق ذرعا بساكنيها وتبدأ المحاولات المبكرة لإعادة توطينهم، وتبدأ معها بذور مقاومة مشتعلة لم تنطفئ إلى اليوم.
شاهد الفيديو
فبُعيد قيام ثورة يوليو 1952 في مصر (حيث خضعت غزة للإدارة المصرية بعد النكبة)، انفتح النظام الجديد على مشروع طرحته وكالة الأونروا تُقدم فيه مصر نحو 50 ألف فدان شمال غرب سيناء للوكالة لإعادة توطين 12 ألف أسرة، وهو ما قوبل برفض فلسطيني قاطع، وضغوط على مصر التي حولت موقفها نحو دعم بذور المقاومة الفلسطينية المسلحة في القطاع، التي بلغت ذروتها عامي 1955 و1965 لترد إسرائيل بعملية عسكرية عٌرفت باسم "السهم الأسود" قتلت خلالها 38 جنديا مصريا على الحدود، قبل أن تشارك في عملية عسكرية واسعة للسيطرة على سيناء وقناة السويس بصحبة بريطانيا وفرنسا ضمن ما عُرف تاريخيا بالعدوان الثلاثي. وبعد فشل العدوان، اضطرت إسرائيل للانسحاب من القطاع تحت ضغوط دولية، لكن حلم السيطرة عليه لم يفارقها، لتعاود عدوانها وسيطرتها عليه من جديد خلال حرب عام 1967 وهي السيطرة التي استمرت حتى عام 2005، حين اضطر الاحتلال للانسحاب أحاديا من القطاع في عهد أرييل شارون، بعد أن حولته المقاومة إلى جحيم لجنود الاحتلال ومستوطنيه. يكشف لنا فيديو ميدان كيف نمت المقاومة الفلسطينية وترعرعت وطورت ترسانتها من الأسلحة تحت رقابة الاحتلال، وبعد رحيله، لتستمر منذ ذلك الحين حروبه الدموية الهادفة إلى إخضاع غزة وسكانها واستئصال مقاوميها، ولا تعد عملية طوفان الأقصى إلا حلقة ضمن حلقات التاريخ الملحمي والبطولي لنضال غزة وأهلها، وفي المقابل، تظل الحرب الحالية أحد التجليات الأكثر قسوة للوحشية الإسرائيلية المستمرة منذ النكبة وحتى اليوم.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ الأحد 25 فبراير 2024, 7:19 pm
"مطمع الغزاة عبر القرون".. لِمَ تُعد غزة مهمة إلى هذا الحد؟
مقدمة للترجمة
إذا قررنا أن نتأمل الحرب الإسرائيلية على غزة حاليا في ضوء تاريخ القطاع الطويل الذي يمتد لأكثر من 4000 سنة مضت، لتوصلنا سريعا لاستنتاج بسيط يقول إن غزة يجب أن تكون جزءا مركزيا في أي حل سياسي أو اتفاق دائم يتعلَّق بالنضال الفلسطيني. في الواقع فإن الحرب الحالية ليست إلا نتيجة لسياسات اتبعتها إسرائيل منذ عام 2006 لتضييق الخناق على أهل غزة وإنكار الهوية التاريخية للقطاع، وخلال هذه الفترة توهم قادة إسرائيل بأن تجاهل غزة تماما واستبعاد أكثر من مليوني فلسطيني من المعادلة الديموغرافية وعزلهم عن باقي سكان فلسطين هو الحل للقضية الفلسطينية من وجهة نظرهم، لكن التاريخ يثبت في كل مرة أن ذلك مجرد وهم. في هذه المادة من "فورين أفيرز" يتوسع جان بيير فيليو، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في معهد العلوم السياسية في باريس، في بيان الأهمية الإستراتيجية لغزة ودورها المحوري في المنطقة من خلال قراءة معمقة في تاريخها البعيد والقريب.
نص الترجمة
بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اتضح أن ثمة أمرا واحدا لا سبيل للشك فيه، وهو أن القطاع الذي ربض في كنف العزلة آمادا طويلة قد عاد إلى مركز الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من جديد. فعلى مدار العقدين الماضيين، فرضت إسرائيل حصارا جويا وبحريا وبريا على غزة، وهو ما دفع الزعماء والهيئات الدولية للاعتقاد أن هذا القطاع المكتظ بـ2.3 مليون فلسطيني يمكن استبعاده من المعادلة الإقليمية إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، فاجأ الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول كلًّا من إسرائيل والعالم بأسره وتركهم مشدوهين، بل وكشف أيضا عن مدى خطأ هذه الافتراضات السابقة. والحقيقة أن هذه الحرب غيَّرت مجرى القضية الفلسطينية بأكملها، ووضعت غزة وشعبها في مركز أي مفاوضات مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين.
على الجانب الآخر، لا ينبغي أن يبعث فينا هذا الظهور المفاجئ الحالي لقطاع غزة شعورا بالدهشة. فرغم أن الكثير من تاريخ المنطقة ربما يستكين حاليا في غياهب النسيان، فإن تاريخ غزة الذي يمتد لـ4000 عام يوضح أن التطورات التي شهدها في السنوات الـ16 الماضية كانت استثناء. فقد لعبت غزة دائما دورا محوريا في الديناميكيات السياسية في المنطقة، فضلا عن صراعاتها القديمة فيما يتعلق بالدين والقوة العسكرية. ومنذ فترة الانتداب البريطاني في أوائل القرن العشرين، كانت أيضا جزءا لا يتجزأ من الحركة الوطنية للشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإن أي محاولة لإعادة إعمار غزة بعد هذه الحرب المدمرة ستبوء بالفشل إن لم تأخذ في الاعتبار الموقع الإستراتيجي للقطاع في المنطقة، وما قد يسهو عنه البعض أنه لا يمكن تحويل القطاع إلى منطقة منزوعة السلاح إلا من خلال رفع هذا الحصار الكارثي، وطرح رؤية إيجابية لتنميته الاقتصادية. وبدلا من محاولة عزل غزة أو فصلها سياسيا، يتعين على القوى الدولية أن تتكاتف للسماح لغزة باستعادة دورها التاريخي بوصفها واحة ازدهار ومفترق طرق حيويا يربط البحر الأبيض المتوسط بشمال أفريقيا وبلاد الشام. والأهم من ذلك كله هو ضرورة إدراك الولايات المتحدة وحلفائها أن غزة يجب أن تكون جزءا مركزيا في أي حل سياسي أو اتفاق دائم يتعلَّق بالنضال الفلسطيني.
واحة خصبة
وفي تناقض صارخ مع واقع غزة الحالي من فقر مدقع، وشُح شديد في المياه، ومآسٍ إنسانية لا تنتهي، اعتادت غزة لقرون عديدة أن تكون محل تبجيل لكونها واحة خصبة تحتضن بيئة نباتية كثيفة توفر ظلا باردا ومريحا للسكان، خاصة في ظروف الطقس الحارة. كما أن قيمتها الإستراتيجية لم تكن أقل أهمية، وذلك لقدرتها على ربط مصر ببلاد الشام. وقد أدى موقعها المتميز إلى أن تكون محل صراع منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد، حينما غزا الهكسوس دلتا النيل من غزة، لكنهم هُزموا شر هزيمة على يد سلالة فرعونية مقرها طيبة وطُرِدوا في نهاية المطاف. وفي وقت لاحق، تخلى الفراعنة عن غزة لصالح شعوب البحر -المعروفين منذ ذلك الحين بالفلسطينيين- الذين أسسوا في القرن الـ12 قبل الميلاد اتحادا يضم خمس مدن، منها غزة ومدن تقع حاليا تحت الاحتلال الإسرائيلي مثل عسقلان وأشدود وعقرون وجت. في العصور القديمة، شهد قطاع غزة على تاريخ طويل من التحولات السياسية والصراعات المدمرة جراء موقعه الجغرافي الذي لطالما كان مطمعا للغزاة، فتحول إلى ساحة معركة حاسمة وشديدة الأهمية بين أعظم الإمبراطوريات المهيمنة في تلك الحقبة. وبعد أن سقطت في أيدي الآشوريين والبابليين، استولى عليها "كورش الكبير"، مؤسس الإمبراطورية الفارسية في منتصف القرن السادس قبل الميلاد. لكن الصدمة الحقيقية جاءت بعد قرنين من الزمان، في عام 332 قبل الميلاد عندما فرض الإسكندر حصارا مدمرا على غزة لمدة مئة يوم وهو في طريقه إلى مصر. وخلال هذه الحرب المروّعة، قرر الجانبان تحصين مواقعهما بحفر العديد من الأنفاق تحت التربة الرملية الخفيفة لغزة، وهو ما يُشكِّل سابقة تاريخية للإستراتيجة التي تتبناها حماس ضد إسرائيل اليوم. وفي النهاية، فازت قوات الإسكندر، ولكن بتكلفة باهظة طالت جميع الأطراف، فقد أُصيب الإسكندر خلال الحصار وأطلق العنان لانتقام عنيف انسحق تحت وطأته سكان غزة، فذُبح حينذاك الكثير من الرجال في حين استُعبدت النساء والأطفال. تمكن بورفيريوس، الأسقف المسيحي لغزة، من تأسيس كنيسة على أنقاض معبد زيوس الوثني الرئيسي في غزة، وأصبح قبره موقعًا شهيرًا في غزة (الجزيرة) لكن أهمية غزة كانت أعمق من مجرد اقتصارها على قيمتها العسكرية فحسب. فبعد أن أصبحت مدينة مستقلة تملك سيادة كاملة على أراضيها خلال العصر الهلنستي (الذي بدأ من تاريخ وفاة الإسكندر الأكبر*)، باتت غزة فيما بعد مركزًا دينيًا رئيسيًا في القرون الأولى من المسيحية والإسلام. ففي عام 407 ميلاديًا، تمكن بورفيريوس، الأسقف المسيحي لغزة، من تأسيس كنيسة على أنقاض معبد زيوس الوثني الرئيسي في غزة آنذاك، كما ضمت في كنفها قديس آخر أشهر منه يُدعى هيلاريون (291-371)، أصبح قبره موقعًا شهيرًا أيضًا في غزة، وبها توفي جدُّ الرسول صل الله عليه وسلم "هاشم بن عبد مناف القرشي" في تجارة له عام 525 م، وبعد أن حكمت الجيوش الإسلامية المنطقة في القرن السابع، أطلق عليها المسلمون اسم "غزَّةُ هاشم" (وفي القرن التاسع عشر، بنى العثمانيون جامع هاشم في مدينة غزة لتمييز موقع ضريح جد النبي هاشم بن عبد مناف). منظر جوي للمسلمين الذين يؤدون الصلاة في مسجد السيد الهاشم في 31 مارس 2023 في مدينة غزة (الأناضول) في الفترة ما بين العصور الوسطى والقرن التاسع عشر، تلألأت غزة في عيون الغزاة بوصفها جائزة منشودة في صراعات القوى الكبرى في المنطقة، فتأرجحت تارة بين الصليبيين المسيحيين وجيوش المسلمين في القرن الثاني عشر، وتارة أخرى بين جنرالات المماليك والغزاة المغول في القرن الثالث عشر. وخلال قرنين ونصف من حكم المماليك لغزة، دخل القطاع عصرا ذهبيا، فزخرت المنطقة حينذاك بالعديد من المساجد والمكتبات والقصور، وازدهرت بفضل طرق التجارة الساحلية المتجددة. وفي عام 1387، أُسست قرية تجارية وسوق محصَّن في الطرف الجنوبي من غزة، وسرعان ما تحولت إلى مدينة خان يونس. وبحلول عام 1517، استولت الإمبراطورية العثمانية على غزة، ثم احتلها جيش نابليون بونابرت لفترة وجيزة بعد غزو مصر عام 1798. وخلال هذه الفترة، اشتهرت المنطقة بمناخها الخصب والمثمر، وبأهلها الودودين، وبحياتها الغنية ذات الجودة العالية. وفي عام 1659، وصف أحد الرحالة الفرنسيين غزة بأنها "مكان بهيج وممتع للغاية"، وبعد قرنين من ذلك، أبدى الكاتب الفرنسي بيير لوتي تعجبه من "حقول الشعير الشاسعة المكسوة بالخضرة الزاهية التي تمتلئ بها أراضي غزة". وفي عام 1906، رُسمت الحدود لفصل مصر التي كانت تحت الحكم البريطاني عن فلسطين التي كانت تحت الحكم العثماني، وأصبحت مدينة رفح نقطة مهمة على الحدود بين الإمبراطوريتين ومركزا للتبادل التجاري. لكن خلال الحرب العالمية الأولى، كانت الحدود محل منافسة شرسة بين القوات البريطانية والعثمانية؛ وبعد ثلاث محاولات، تمكن الجيش البريطاني عام 1917 من اختراق الخطوط العثمانية، وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني دخل الجنرال البريطاني إدموند ألنبي مدينة غزة المُدمَّرة، وفي هذا اليوم أعلنت حكومته عن وعد بلفور والتزامها بـ"إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين". لاحقا، منحت الأمم المتحدة بريطانيا السلطة والتفويض لإدارة فلسطين وتنفيذ الوثيقة التي تضمنت التزاما بدعم البرنامج الصهيوني وإقامة وطن قومي للشعب اليهودي. وفي الوقت الذي كانت فيه غزة من بين أقل المناطق استهدافا لإقامة مستوطنات يهودية فيها، غدت معقلا للقومية الفلسطينية خاصة خلال الثورة العربية الكبرى في الفترة من 1936 إلى 1939، وهي الفترة التي انتفض فيها الفلسطينيون ضد الاحتلال البريطاني وقاتلوا لينعموا بحقهم في دولة عربية مستقلة. لكن بدلا من الاستجابة لمطالبهم، أقرّت الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1947 خطة التقسيم التي تنص على تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، مع انضمام غزة إلى الدولة العربية.
بذور النضال ثم جاء عام 1948 ليُظهِر كيف تأثر قطاع غزة بدرجة كبيرة بالصدمات والأحداث الحاسمة التي حواها ذلك العام. ففي البداية شهد الجميع على فشل خطة التقسيم التي اقترحتها الأمم المتحدة، ورحبت بها القيادة الصهيونية، لكن مع ذلك رُفضتْ رفضا قاطعا من الفلسطينيين والدول العربية، وهو ما أدى إلى نشوب صراع مسلَّح بين اليهود والعرب. وسرعان ما بدأ اللاجئون ينزحون من يافا إلى غزة بأعداد مهولة. وإحدى المفارقات أن القوات البريطانية تنبأت آنذاك بالمعضلة الإنسانية المريرة التي يواجهها أهل غزة اليوم، واقترحت أن أفضل طريقة لوصول المساعدات إلى غزة ستكون عبر البر من القاهرة. وفي أعقاب إعلان الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون عن قيام دولة إسرائيل في مايو/أيار 1948، استعدت الدول العربية المجاورة لشن هجوم على إسرائيل، وبالفعل انتقل نحو 10,000 جندي مصري إلى غزة، غير أن المصريين لم يتمكنوا من الوصول إلى أبعد من مدينة أشدود، التي كانت على بُعد 20 ميلا شمال غزة. وبحلول يناير/كانون الثاني عام 1949، لم تُهزَم الجيوش العربية فحسب، بل هُجِّر نحو 750 ألف فلسطيني من منازلهم، فيما أصبح يُعرَف بالنكبة. وفي فبراير/شباط من ذلك العام، أدت الهدنة الموقَّعة بين إسرائيل ومصر برعاية الأمم المتحدة إلى تحويل قطاع غزة إلى إقليم خاضع للإدارة المصرية مع وقف إطلاق النار. وبعد قرون من كونها تقاطعا إستراتيجيا ومركزا تجاريا حيويا للتجارة الإقليمية، تحولت غزة إلى "شريط" من الأرض محاصر بالصحراء ومعزول عن باقي فلسطين. وعلاوة على ذلك، أصبحت غزة التي تضم في كنفها نحو 80,000 نسمة من السكان المحليين ملجأ لنحو 200,000 نازح آخر من جميع أنحاء فلسطين الذين وصفوا غزة آنذاك بـ"سفينة نوح" المنقِذة لهم. بعد النكبة، واجه اللاجئون الفلسطينيون أوضاعا صعبة لعدم وجود بنية تحتية ملائمة لاستقبال كل هذه الأعداد المهولة من السكان، وخلال شتاء عامي 1948 و1949، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن موت عشرة أطفال يوميا بسبب البرد أو الجوع أو المرض الذي يفتك بهم. واضطر الناجون للبقاء في غزة بسبب وحشية صحراء سيناء وعدم وجود أي بدائل أخرى أمامهم سوى القطاع. أصبحتْ غزة التي شكَّلت نحو 1% فقط من المساحة السابقة لفلسطين أثناء الانتداب البريطاني وطنا لـ25% من الفلسطينيين المحاصرين هناك، بينما ابتلعت إسرائيل نحو 77% من هذه المساحة. اقترح بن غوريون عام 1949 ضم قطاع غزة في مقابل السماح لـ 100 ألف لاجئ فلسطيني بالعودة إلى منازلهم، إلا أن هذا الاقتراح أثار ضجة في كل من إسرائيل ومصر على حد سواء (الجزيرة) لم تصفُ الحياة من شوائب الكدر، وتأزمت الأوضاع في فلسطين إلى الحد الذي دفع الأمم المتحدة إلى تشكيل هيئة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين والتعامل مع الأزمة الإنسانية. لكن بالنسبة للفلسطينيين كان الأمر مختلفا، فقد زرعت هذه الكارثة المروِّعة بذور نضال جديد مستمر حتى يومنا هذا. وفي ديسمبر/كانون الأول 1948، أقرَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة -التي وافقت على خطة التقسيم الفاشلة قبل عام- "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين، سواء عن طريق العودة الفعلية أو من خلال التعويض المالي. وحق العودة كان مفهوما مركزيا في التطلعات الفلسطينية عموما، لكنه اكتسب معنى خاصا في غزة، نظرا للأعداد المهولة للنازحين هناك. وبما أن مصر لم يكن لديها أي مطالب سيادية على غزة، أصبح القطاع بيئة حاضنة للقومية الفلسطينية بتعزيز الانتماء الوطني والوعي بالهوية الفلسطينية. وباعتباره أول زعيم لإسرائيل، أدرك ديفيد بن غوريون التهديد طويل الأمد الذي ستفرضه غزة على مواطنيه الإسرائيليين. وفي مؤتمر لوزان للسلام الذي عقدته الأمم المتحدة في سويسرا عام 1949، اقترح بن غوريون ضم قطاع غزة في مقابل السماح لـ100 ألف لاجئ فلسطيني بالعودة إلى منازلهم السابقة التي كانت ضمن الأراضي المحتلّة. لكن هذا الاقتراح أثار ضجة في كلٍّ من إسرائيل ومصر على حدٍّ سواء، حيث أصبح الدفاع عن غزة قضية وطنية. ونتيجة لذلك، اعترفت الأمم المتحدة بعجزها عن حل النزاع العربي الإسرائيلي، وأنهت مؤتمر لوزان وأنشأت مؤسسات "مؤقتة" بدلا من ذلك. وهكذا، تحولت هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين المعروفة باسم "الأونروا"، التي تعمل منذ ذلك الحين باعتبارها أكبر جهة عاملة ومزوِّدة للخدمات الاجتماعية في غزة. وفي تلك الفترة، بُنيت ثمانية مخيمات للاجئين في القطاع، أكبرها مخيم جباليا في أقصى شمال غزة، ومخيم الشاطئ الذي يقع على شاطئ مدينة غزة، وهي المخيمات التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي في هجومه الحالي على غزة. على الجانب الآخر، استغرق الأمر عدة سنوات قبل أن يلجأ المقاومون إلى السلاح. في البداية، تمكنت كلٌّ من إسرائيل ومصر من تضييق الخناق على المقاومين، ولكن بحلول منتصف الخمسينيات، بدأ الزعيم المصري جمال عبد الناصر في التعاون معهم لشن غارات ضد إسرائيل، ومن هنا بدأت دورة الهجمات والردود المتبادلة التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالأراضي الفلسطينية حتى يومنا هذا. وفي أبريل/نيسان عام 1956، قُتل ضابط أمن إسرائيلي في مستوطنة زراعية قريبة من غزة على يد مقاتلين فلسطينيين، مما دفع موشيه ديان، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك، إلى تحذير الإسرائيليين من ردود فعلهم تجاه الفلسطينيين، لأن المظالم التي وقعت عليهم لم تُحَل بعد وما زالت آثارها تغلي في المنطقة، مصرّحا بقوله: "دعونا لا نلقي باللوم عليهم اليوم. فمنذ ثماني سنوات وهم يقبعون في مخيمات للاجئين في غزة، وقد حوّلنا أمام أعينهم أراضيهم وقُراهم التي عاشوا فيها مع آبائهم إلى وطنٍ لنا". عرفات (يسار) يجلس مع أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية، التي تشكلت عام 1964 كاتحاد شامل للجماعات التي تقاتل ضد استيلاء إسرائيل على فلسطين. (مواقع التواصل) كان القضاء على وجود الفدائيين في غزة يُمثل أولوية قصوى بالنسبة لبِن غوريون وموشيه ديان. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1956، سيطر الجيش الإسرائيلي على القطاع بالتعاون مع فرنسا والمملكة المتحدة بعد حرب ضد مصر بقيادة عبد الناصر (العدوان الثلاثي)*. وخلال أربعة أشهر من الاحتلال، قتلت القوات الإسرائيلية نحو ألف فلسطيني (وارتكبت مجزرتين وثقتهما الأونروا، راح ضحيتهما على الأقل 275 شخصا في خان يونس، و111 شخصا في رفح). ضربت الصدمة بجذورها في عمق أرواح الفلسطينيين، لدرجة أنه عندما انسحب الإسرائيليون من غزة تحت ضغط الولايات المتحدة، طالب السكان الفلسطينيون بعودة الحكم المصري بدلا من وصاية الأمم المتحدة. وبذلك ضاعت حينذاك فرصة تاريخية لبناء كيان فلسطيني يمكن أن يتطور إلى دولة. وفي تلك الأثناء، فرَّ الفدائيون إلى الكويت، حيث أسسوا عام 1959 حركة التحرير الفلسطينية، المعروفة بفتح، بقيادة ياسر عرفات. أما الاحتلال الإسرائيلي الثاني لغزة فبدأ في يونيو/حزيران عام 1967، بعد انتصار إسرائيل في حرب الأيام الستة. قرر كلٌّ من ديان -وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت- بالتعاون مع إسحاق رابين الذي كان رئيسا لمكتبه، وأصبح فيما بعد رئيسا للوزراء، محو أي أثر للحدود بين غزة وإسرائيل، وكان في اعتقادهم أن جاذبية سوق العمل الإسرائيلية ستؤدي إلى إذابة الوعي القومي الفلسطيني وتلاشيه في النهاية. لكن على عكس توقعات إسرائيل، استمر السكان المحليون في تأييد حركات المقاومة لمدة أربع سنوات، إلى أن قرر أرييل شارون، القائد الإسرائيلي للمنطقة (الذي أصبح في وقت لاحق رئيسا للوزراء أيضا)، تدمير أجزاء من مخيمات اللاجئين، معتقدا أنه بذلك قد كسر ظهر المقاومة وقضى عليها. لم تكن مجزرة صبرا وشاتيلا 1982 أولى مجازر الاحتلال بحق الفلسطينيين ولا الأخيرة، فقد سبقتها مجازر الطنطورة وقبية ودير ياسين، وأعقبتها مذبحة مخيم جنين ومجازر أخرى (الأوروبية) استغلال التوترات أدرك بعض قادة إسرائيل الذين يملكون رؤية بعيدة المدى إلى حدٍّ ما أن مشكلة اللاجئين في غزة لن تنتهي. وفي عام 1974 اقترح شارون ما اقترحه بن غوريون سابقا، وهو إعادة توطين عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل للتعامل ولو بصورة رمزية على الأقل مع مشكلات الفلسطينيين. ولكن مرة أخرى، رُفضت الفكرة تماما. وبدلا من ذلك، بدأت إسرائيل في استغلال التوترات بين التيارات السياسية الفلسطينية وتأجيج الصراعات بينهم. ومع اندلاع الاشتباكات بين التيارات السياسية عام 1980، بدا أن سياسة إسرائيل في تفتيت القوى الفلسطينية والاستفادة من التوترات بينها في غزة نجحت إلى حدٍّ ما. لكن بحلول أواخر الثمانينيات، وُلد جيل كامل عاش تحت وطأة ضغط مستمر من المستوطنين الإسرائيليين، ورغم أن عدد هؤلاء لم يتجاوز الآلاف، فقد نجحوا في تغيير المعادلات القائمة. وفي ديسمبر/كانون الأول عام 1987، اشتعل فتيل الانتفاضة الأولى من مخيم جباليا في غزة، ومنه إلى القطاع بأكمله ثم إلى الضفة الغربية. في تلك الفترة، تحدى الشباب الفلسطيني الجيش الإسرائيلي بالحجارة والمقاليع، وحوّل الشيخ أحمد ياسين منظمته إلى حركة للمقاومة تُعرف اليوم باسم "حماس". ومرة أخرى، لعبت المخابرات الإسرائيلية على التوترات بين حركات المقاومة لإضعاف الانتفاضة، وانتظرت حتى مايو/أيار 1989 لاعتقال الشيخ ياسين. لكن الانتفاضة الشعبية غيّرت بدرجة كبيرة المشهد السياسي في إسرائيل، وزادت الضغط على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى حل سلمي مع وصول إسحاق رابين إلى منصب رئيس الوزراء في يوليو/تموز 1992. وقد أدى اتفاق أوسلو في سبتمبر/أيلول 1993 (وهو أول اتفاق رسمي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وأول اعتراف رسمي لجهة فلسطينية بإسرائيل)* إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ومنحها سلطة محدودة على الأراضي التي انسحبت منها إسرائيل، وبتوقيع هذا الاتفاق انتقل ياسر عرفات إلى قطاع غزة بعد عشرة أشهر.
لكن سوء الفهم بين قادة منظمة التحرير الفلسطينية والسكان المحليين فيما يتعلق بمعنى التحرير عقَّد الأمور أكثر. اعتقد القادة أنهم بذلك حققوا تحريرا جزئيا للأراضي، بينما شعر الفلسطينيون أنهم دفعوا ثمنا باهظا لهذا التحرير. أدى سوء التفاهم هذا جنبا إلى جنب مع الفساد المستشري في السلطة الفلسطينية إلى تعزيز قوة حركة حماس. وفي عام 1997، أدى عمل استخباراتي إسرائيلي فاشل ضد قائد حركة حماس خالد مشعل في الأردن إلى اعتقال عملاء إسرائيليين. ولضمان إطلاق سراحهم، اضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، الذي كان يقضي حكما بالسجن المؤبد في إسرائيل، وعاد منتصرا إلى غزة. تسببت تلك الأزمة المتعلِّقة بعملية السلام في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر/أيلول عام 2000. لكن موجة العمليات الفدائية الواسعة التي تبناها الفلسطينيون ساعدت في وصول شارون إلى السلطة في فبراير/شباط 2001، وبوصوله إلى السلطة حاصر ياسر عرفات في رام الله وقتل الشيخ ياسين في غزة. وقد اعتقد شارون أن انتصاره لن يكتمل إلا بانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وكان هدفه الرئيسي هو تأمين خط دفاع إسرائيلي جديد حول القطاع. وبالفعل نُفِّذت الخطة دون أي استشارة مع محمود عباس، الذي تولى السلطة بعد عرفات. وبالتالي، دمرتْ لعبة شارون خطة التنمية التي وضعها الرئيس السابق للبنك الدولي جيمس وولفنسون بقيمة 3 مليارات دولار لقطاع غزة، وكان ولفنسون مبعوثا خاصا لرباعية الشرق الأوسط (وهي مجموعة تضم أربع دول، روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، للعمل على تعزيز وسائل التسوية والسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين).
تضييق الخناق حد الانفجار
إن الحرب الحالية التي تدور رحاها بين إسرائيل وحماس جاءت نتيجة لسياسات اتبعتها إسرائيل منذ عام 2006 لتضييق الخناق على أهل غزة وإنكار الهوية التاريخية الغنية للقطاع. وخلال الأعوام الستة عشرة الماضية، توهم قادة إسرائيل بأنهم وجدوا الصيغة المثلى لتجاهل غزة تماما باستبعاد أكثر من مليوني فلسطيني من المعادلة الديموغرافية وعزلهم عن باقي سكان فلسطين، فضلا عن دور السلطة الفلسطينية التي أعماها النزاع مع حماس في مقاومة أي محاولة لتخفيف الحصار على غزة، وهو الأمر الذي أدى إلى إضعاف شرعية السلطة الفلسطينية التي كانت تتراجع بالفعل. لم تكتفِ الانقسامات داخل السلطة الفلسطينية بالقضاء على أي جهود لإحياء عمليات سلام فحسب، بل سمحت للمستوطنات الإسرائيلية بالتوسع بشراسة في الضفة الغربية. ومن وقت إلى آخر، انخرطت إسرائيل في شن حروب مستمرة على غزة فيما وصفه الخبراء بإستراتيجية "جز العشب". وتروِّج إسرائيل خلال هذه الإستراتيجية لفكرة أن الحروب التي تشنها على غزة تُحقِّق توازنا مستداما في عدد الخسائر العسكرية، معتقدة أنها تتحكم في العمليات العسكرية بطريقة تقلل من خسائرها بغض النظر عن الخسائر الفلسطينية التي يكون أغلبها بين المدنيين. وأقرب دليل على هذا التفاوت هي الإحصائيات التي تُشير إلى أنه في عام 2009 قُتل 13 جنديا إسرائيليا بينما وقع 1,417 قتيلا فلسطينيا. وفي عام 2012 كانت النسبة 6 إسرائيليين مقابل 166 فلسطينيا، بينما في عام 2014 كانت النسبة 72 إسرائيليا مقابل 2,251 فلسطينيا، وفي عام 2021 قُتل 15 إسرائيليا مقابل 256 فلسطينيا.
أثبتت الأيام أن اعتقاد إسرائيل بقدرتها على تجاهل مأساة الواقع الإنساني في غزة مجرد وهم. فجاء يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ليثبت ذلك بتغيير الوضع الراهن، لكن حملات القصف الشرسة التي أطلقتها إسرائيل على غزة منذ ذلك الحين، التي راح ضحيتها أكثر من 22 ألف فلسطيني حتى الآن، ونزوح الغالبية العظمى من سكان غزة، أرسلت موجات صادمة إلى العالم أجمع. ويكرر نتنياهو حاليا الخطأ ذاته الذي وقع فيه بن غوريون سابقا عام 1956 معتقدا أن بإمكانه "القضاء على حماس"، ولكن بارتكاب جرائمه هذه المرة على نطاق أوسع وتحت مراقبة العالم أجمع. ورغم ذلك يبدو أن إسرائيل ستظل محكوما عليها بالمطاردة من غزة التي كانت سببا في خلقها بمثل هذه القوة منذ احتلالها لفلسطين عام 1948. في نهاية المطاف، لا بد لغزة أن تعود مرة أخرى إلى جذورها التي ظلت عليها لقرون بوصفها مفترق طرق مزدهرا. ولتحقيق ذلك يجب أولا وقبل كل شيء إنهاء سياسة الحصار مما يسمح للقطاع بالاتصال مجددا مع باقي المنطقة. وفي الوقت نفسه، وبالاعتماد على الدور التاريخي الذي تلعبه غزة بكونها مركزا تجاريا رئيسيا، فلا بد من وضع إستراتيجية متكاملة لإعادة التنمية، على غرار خطة الرئيس الأسبق للبنك الدولي جيمس ولفنسون التي طرحها عام 2005، لتمكين غزة من الانتقال من المساعدات الدولية إلى التمتع باقتصاد قائم بذاته. وبطبيعة الحال، سيكون من الصعب للغاية تحقيق أيٍّ من هذا، خاصة بعد الحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة وتبشِّر بولادة جيل جديد من المقاومين، لكن قد تكون هذه الإستراتيجية هي السبيل الوحيد للخروج من دوامة القتل الحالية. وكما هو الحال لقرون عديدة، أصبحت غزة مرة أخرى في مركز حرب كبرى، لكنها ستظل أيضا مفتاح السلام والازدهار في الشرق الأوسط.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ الأحد 25 فبراير 2024, 7:24 pm
لنغادر البلاد معا.. لماذا يفر آلاف اليهود من إسرائيل؟ تُعدّ مشاهد وصول اللاجئين اليهود إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي من أبرز ما يهتم الإعلام العبري بإبرازه وتسليط الضوء عليه، حيث تظهر في مناسبات عدة، آخرها إبان الحرب الروسية-الأوكرانية، صور ومقاطع للمهاجرين الجدد على سلالم الطائرات مُلوِّحين بالأعلام البيضاء والزرقاء وإشارات النصر. لكن ما تتجاهله دولة الاحتلال عمدا هم اليهود الذين اختاروا مغادرة الدولة العبرية بعد أن هاجروا إليها في وقت سابق، في ظاهرة تُعرَف في العبرية باسم "يورديم" وتعني الانحدار أو النزول.
على سبيل المثال، كشفت إحصائيات إسرائيلية أنه بعد شهرين من بدء الحرب الأوكرانية، عاد نحو 1,800 يهودي روسي من أصل 5,600 استفادوا من قانون العودة، مُتوجِّهين إلى موسكو بصحبة جوازات سفرهم الإسرائيلية. يعني ذلك أن ثلث مَن وصلوا دولة الاحتلال من اليهود الروس سارعوا إلى المغادرة. وفي أعقاب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي تمخَّض عنها تنصيب الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، تصاعد طلب الإسرائيليين للحصول على جنسيات أوروبية، وسُجِّل أعلى معدل لتقديم الإسرائيليين على الجنسية الفرنسية، بزيادة نسبتها 13%. ولوحظت أيضا زيادة في نسبة طلبات الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي عموما، إذ سجَّلت السلطات في البرتغال زيادة 68% في طلبات الجنسية من إسرائيليين، وسجَّلت السلطات البولندية والألمانية زيادة 10% في الطلبات خلال المدة نفسها.
على أي حال، لا يُعَدّ رحيل المهاجرين اليهود من إسرائيل أمرا جديدا، فمنذ تأسيس دولة الاحتلال نهاية الأربعينيات كانت الهجرة العكسية ظاهرة مرصودة، حيث غادر 10% من المهاجرين اليهود بين عامَي 1948-1950، ما دفع حكومة الاحتلال إلى سنّ قيود صارمة عن طريق فرض طلب تأشيرة خروج غالبا ما رُفِض منحها لطالبيها من الإسرائيليين. ورغم تلك القيود، غادر 100 ألف مهاجر مع حلول الذكرى العاشرة لتأسيس دولة الاحتلال عام 1958، وبحلول عام 1967 كان أكثر من 180 ألف إسرائيلي قد هاجروا، وذلك رغم استمرار العقبات التي وُضعت في طريق مَن يريد الهجرة من قِبَل حكومة الاحتلال.
في هذا الفيديو من ميدان، نسلط الضوء على ظاهرة الهجرة العكسية لليهود من إسرائيل، ونحلل أسبابها ودوافعها المتغيرة. ففي العقود الماضية، كانت الأوضاع الأمنية المتدهورة سببا رئيسا، لا سيما أثناء انتفاضتَي عامَي 1987 و2000، اللتين دفعتا بعض مهاجري الاتحاد السوفيتي السابق إلى ترك دولة الاحتلال نحو بلدان أخرى. ولاحقا أسهم تدهور الوضع الاقتصادي وعدم المساواة وخيبة الأمل بسبب تعثُّر التسوية مع الفلسطينيين في تصاعد هذه الهجرات.
لقد أثبتت تجربة السنوات والعقود الماضية للكثير من المهاجرين أن الأراضي المحتلة ليست ذلك الوطن الحُلم المزدهر الذي وُعدوا به، لذا فإن إسرائيل الآن لم تعُد دولة هجرة كما كانت عليه في العقود الخمسة الأولى من تاريخها. ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية، التي أعلنت عن نيتها العمل لتغيير قانون جوازات السفر بُغية جعل الحصول على جواز سفر إسرائيلي أكثر صعوبة، ومن ثَمّ إثناء المهاجرين الجدد عن الحصول عليه سريعا ثم مغادرة البلاد؛ ستتسبَّب في زيادة نفور المهاجرين ومن ثمّ تفاقم ظاهرة الهجرة العكسية خلال السنوات القادمة.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ السبت 16 مارس 2024, 10:03 am
يتسحاق يوسف.. حاخام السفارديم الذي ورث كره العرب عن أبيه
"يتسحاق يوسف" حاخام إسرائيلي، ولد عام 1952، يشغل منصب الحاخام السفاردي الأكبر لإسرائيل، يعد مرجعا دينيا مهما في الشريعة اليهودية. وهو واحد من أكبر حاخامين اثنين في إسرائيل، إذ يمثل هو طائفة السفارديم (اليهود الشرقيين)، بينما يمثل الحاخام الآخر طائفة الأشكناز (اليهود الغربيين). اشتهر بكرهه الشديد للعرب والفلسطينيين وتصريحاته العنصرية تجاههم.
المولد والنشأة وُلد يتسحاق يوسف المعروف أيضا باسم "ريشون لتسيون" في 16 يناير/كانون الثاني 1952 في مدينة القدس بفلسطين المحتلة. وهو الابن السادس للحاخام الأكبر السابق لليهود السفارديم عوفاديا يوسف، المؤسس والزعيم الروحي لحركة شاس وهو حزب إسرائيلي ديني يميني متطرف، وقد كان والده معروفا بكرهه للعرب وتصريحاته العنصرية جدا تجاه العرب عموما، والفلسطينيين خصوصا، وأورث هذا الحقد لابنه يستحاق.
يتسحاق يوسف متزوج من روث، ابنة الكابالي رحميم عطية ولديهما 5 أطفال.
يهود السفارديم مصطلح السفارديم يشير إلى يهود أصلهم من إسبانيا والبرتغال خلال العهد الإسلامي بالأندلس، انتقلوا إلى شمال أفريقيا وآسيا الصغرى والشام بعدما طردتهم محاكم التفتيش في القرن الـ15م، وعاش الكثير منهم تحت حكم الدولة العثمانية.
لكن هذ المصطلح أصبح يستخدم لاحقا لوصف اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل من العالم العربي والإسلامي قبل وبعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948. وهم طائفة اليهود الشرقيين.
الدراسة والتكوين العلمي التحق يتسحاق يوسف بمدرسة تلمودية ضمن نظام التعليم المستقل. وفي سن الـ12، بدأ دراسته في اليشيفا الابتدائية لبورات يوسف في كتمون في مدينة القدس. بعد ذلك، درس في مدرسة "يشيفات هنيجيف" في نتيفوت، ومن هناك أكمل تعليمه في مدرسة "يشيفات حبرون" في القدس.
التجربة الدينية والعملية في عام 1973، بعد انتخاب والده لمنصب الحاخام الأكبر لإسرائيل، أسسا معا مؤسسة تعليمية دينية مخصصة للرجال المتزوجين الذين يواصلون دراستهم المتقدمة في النصوص اليهودية، خاصة التلمود والشريعة اليهودية.
في عام 1975، عُيّن حاخاما في القدس، وبدأ بإلقاء دروس حول "الهلخاه" (الشريعة اليهودية) عدة مرات في الأسبوع، وألقى محاضرات ودروسا في المدارس العامة غير الدينية، كما كان من مهامه تعزيز التعليم الديني والعناية بالشؤون اليهودية الأخرى في القرى المجاورة للقدس.
في عام 1980، تم تأهيله ليصبح حاخاما وقاضيا، مع أول دفعة من الخريجين، من قبل الحاخامات الأكبر لإسرائيل والحاخام الأكبر للقدس شالوم ميساس. ومع بداية الدفعة الثانية، تم تعيينه رئيسا لمدرسة دينية.
في عام 1992 وسع مؤسسته الدينية (اليشيفة) المسماة "حزون عوبديا" لتستوعب الأولاد في سن المدرسة الثانوية وما فوق.
والـ"يشيفة" تعني مؤسسة تعليمية يهودية تركز على دراسة النصوص التقليدية، خاصة التلمود والتوراة.
في 24 يوليو/تموز 2013، انتُخب لمنصب الحاخام الأكبر السفاردي لإسرائيل، وجرت مراسم التنصيب في 14 أغسطس/آب 2013 في المقر الرسمي لرئيس دولة إسرائيل.
أما عضوة الكنيست "إيلات نحمياس" من حزب المعسكر الصهيوني المعارض، فقالت أن دولة إسرائيل لم تعين الحاخام "يوسيف" في موقعه هذا، وهو لم يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي، ولا كان مستشارا للأمن القومي، مطالبة وزير شئون الأديان الإسرائيلي "دافيد أزولاي" بالطلب من الحاخامات عدم الانشغال كثيرا بتوجيه الانتقادات والتحريض ضد ضباط الجيش، خاصة رئيس هيئة الأركان، وحان الوقت للتوقف عن سماع تهجمات من قبل الحاخامات اليهود ضد شخصيات رسمية في الدولة، ويتطلب من الحاخام "يوسيف" تقديم اعتذاره عن تفوهاته، لأن سلوكه عمل على المس بالدولة. في 24 يوليو/تموز 2013 انتُخب يتسحاق يوسف لمنصب الحاخام الأكبر السفاردي لإسرائيل (وكالات) مواقفه وتصريحاته أثار يتسحاق جدلا كبيرا بمواقفه وتعليقاته في مناسبات عديدة، ففي مارس/آذار 2016، دعا اليهود المتدينين إلى إبعاد أطفالهم عن أفراد العائلة العلمانيين أو التقليديين لأنهم قد يكون لهم عليهم تأثير سلبي.
وفي الشهر نفسه، تعارضت تصريحاته مع توجيهات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، حول احترام قواعد الاشتباك وعدم قتل المهاجمين بعد استسلامهم، حيث قال "إن على الجنود قتل أي مهاجم بغض النظر عن العواقب".
وأضاف: "أنه في حال عدم حمل المهاجمين للسلاح، يجب سجنهم مدى الحياة حتى يأتي المسيح لتحديد العماليق، الذين يمكن قتلهم بعد ذلك".
والعماليق في التقاليد اليهودية والكتاب المقدس هم شعب قديم عاش في الشرق الأوسط، خصوصا في منطقة النقب وجنوب فلسطين. ويُذكرون كأعداء لبني إسرائيل ويعتبرون رمزا للشر والعداء لليهود وتتحدث العديد من الأساطير والتفسيرات حول معارك بينهم وبين بني إسرائيل.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2016، صرح بأن الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي أو حتى التسجيل في الخدمة الوطنية المدنية "ليس من طريق التوراة" بالنسبة للنساء.
وقال إن "جميع الحكماء العظماء عبر الأجيال، بما في ذلك جميع الحاخامات الأكبر في إسرائيل، يعتقدون أنه محرم على الفتيات الذهاب إلى الجيش.. ليس فقط إلى الجيش ولكن أيضا إلى الخدمة الوطنية".
وفي مايو/أيار2017 شبّه النساء العلمانيات بـ"الحيوانات" بسبب ارتدائهن ملابس يعتبرها غير محتشمة. وفي عام 2018 وصف الأشخاص ذوي البشرة السوداء بأنهم "قرود"، وأثار بذلك استياء يهود الفلاشا القادمين من إثيوبيا إلى إسرائيل.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، واجه انتقادات لوصفه المهاجرين من الاتحاد السوفياتي السابق بالشيوعيين الكارهين للدين، ووصف نتنياهو تعليقاته تلك بـ"الفظيعة"، معتبرا المهاجرين "نعمة لإسرائيل"، لكن الحاخام دافع عن تعليقاته، مشيرا إلى أنه تم تحريفها سياسيا وأنه كان يقصد أقلية من المهاجرين.
وفي يناير/كانون الثاني 2021، خضع للتحقيق بعد أن تم ضبطه في العديد من التجمعات الجماهيرية في الأشهر الأخيرة من تلك السنة من دون الالتزام بأي من القواعد القانونية لمكافحة فيروس كورونا.
وصرح في يونيو/حزيران 2021 أن العلوم والرياضيات هي "هراء" وأن الطلاب يجب أن يدرسوا التوراة فقط لأنها الأهم.
كما اتهمه منتقدوه بتشجيع الاعتماد على المساعدات الحكومية والتبرعات الخيرية بدلا من تعزيز الاعتماد على الذات. وفي يوليو/تموز 2021، أثار الجدل مرة أخرى بقوله إن "العيش في الخارج أفضل من العيش وسط الإسرائيليين العلمانيين".
وفي سياق حرب إسرائيل على غزة، فجرت تصريحاته في العاشر من مارس/آذار 2024 بخصوص رفض التجنيد العسكري في جيش الاحتلال ردود أفعال داخل الحكومة ومجلس الحرب، حيث صرح أنه في حال أُجبر المتدينون على الخدمة العسكرية فإنهم سيسافرون جميعا إلى الخارج.
ولطالما كانت مسألة تجنيد الحريديم -الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بدعوى التفرغ لدراسة التوراة- ملفا شائكا في المجتمع الإسرائيلي.
مواقفه المتطرفة والعنصرية تجاه الفلسطينيين اشتهر بإصدار فتاوى محرضة ضد العرب والفلسطينيين، إذ دعا إلى نفي الفلسطينيين وأي شخص غير يهودي، كما دعا إلى تنفيذ إعدامات ميدانية للمقاومين الفلسطينيين فور القبض عليهم بدلا من سجنهم.
وحرض في "فتوى دينية" يهودية على قتل كل فلسطيني يحمل سكينا، وعدم الخوف وعدم الاكتراث للمحكمة العليا، مضيفا أنه حلال، وتقرب من الرّب.
وصرح أن السماح لغير اليهود بالعيش في الدولة اليهودية مستمر فقط لأن "المسيح لم يأت بعد".
ولا يختلف توجهه الفكري عن والده عوفاديا، الذي عرف بكرهه الشديد للعرب، وبلغ حد دعوته إلى إبادتهم جميعا بالصواريخ في يوليو/تموز2001، وأضاف في "عظة" السبت في كنيس بالقدس بمناسبة عيد الفصح اليهودي أن العرب "يجب ألا نرأف بهم، ولا بد من قصفهم بالصواريخ وإبادتهم" واعتبرهم أشرارا وملعونين".
وفي أحد دروسه الدينية قال "إن العرب صراصير، يجب قتلهم وإبادتهم جميعا"، ووصفهم بأنهم أسوأ من "الأفاعي السامة".
وتعتبر كتبه أساسية بين قطاعات كبيرة من اليهود السفارديم في إسرائيل والعالم. وقد فاز بجائزة الحاخام توليدانو من المجلس الديني في تل أبيب، وكذلك بجائزة راف كوك لهذه الكتب.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟ الإثنين 18 مارس 2024, 10:09 pm
على قدر الصفعة تأتي المؤامرة! لا أملّ من تكرار الحديث عن حجم المؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها غزة، فهناك حرب سياسية لا تقل شراسة ولا قذارة عن الحرب العسكرية التي يشنها جيش العدو بكل أسلحته الأمريكية الغربية الفتاكة. إن ما نراه من بشاعة وهمجية وقذارة وانحطاط الحرب العسكرية على القطاع ما هي إلا إحدى أدوات الحرب السياسية التي يراد منها إخضاع وتدجين القطاع الذي احتضن مقاومة باسلة أذاقت العدو مرارة لم يذقها منذ إنشائه عام 1948. ولعل أبرز تلك الأدوات التي تكشفت خلال الشهرين الماضيين هو استخدام سلاح التجويع للضغط على المقاومة لتقديم تنازلات فيما يتعلق بملف الأسرى من جهة، ولتفتيت وضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة من جهة ثانية، ولخلق حالة من الفوضى والفلتان نتيجة التجويع للتهيئة لعملاء لتقديم أنفسهم كمنقذين للشعب من جهة ثالثة. لا يجب أن ننظر إلى تجويع الناس خصوصا في شمال غزة كمجرد عملية انتقام وتنفيس أحقاد مبيتة فقط، بل أداة من أدوات هذه الحرب القذرة التي تشن على غزة والمقاومة، ومن هنا لا يجب النظر إلى كل المبادرات الأمريكية لإيصال المساعدات إلى الشمال على أنها صحوة ضمير. كان نتنياهو وأركان كيانه يعتقدون أنهم ينفذون استراتيجية عظيمة ستنتهي بطي القضية الفلسطينية ووضعها على الرف ليملأها الغبار ويلفها النسيان، ومضى لعقد صفقات واتفاقيات مع دول عربية وكان يأمل أن يستمر المشوار حتى مع الدول الإسلامية. اعتقد نتنياهو أنه يملك كل خيوط اللعبة، فهو قادر على حصار غزة دون أن يخنقها في ذات الوقت الذي يستخدمها لإدامة الانقسام الفلسطيني، وكان يسمح بإدخال الأموال إلى غزة بالقدر الذي يفيد خطته، ووصل إلى قناعة أن خطته نجحت مئة بالمئة، واقتنع فعلا أن كل مناورات حركة حماس والمقاومة هي للتخلص من هذا الحصار وأن عينها على السلطة والحكم. لكن الغبي لم يدرك أن المقاومة كانت هي الأخرى تستفيد من خطته، فمارست خداعا استراتيجيا هائلا أعمى بصره وبصيرته وبصيرة كل أجهزته العسكرية والأمنية والاستخبارية التي يفاخر بها العالم. فقد أوهمته وأوهمت أجهزته أن كل سعيها هو من أجل فك الحصار عن غزة لإدامة حكمها هناك، لكنها فاجأته بأنها لم تنس أن هدفها الرئيسي هو تحرير فلسطين، فانقضت عليه في هجوم السابع من أكتوبر وأوقعت فيه خسارة لن ينساها أبدا. بقدر الصفعة تلك تأتي المؤامرات على المقاومة وعلى قطاع غزة، ومن هنا يجب النظر إلى كل خطوة من الكيان وحلفائه في هذا الإطار
جذور الحقد.. لماذا ترغب إسرائيل في محو غزة؟ ولماذا استعصت عليها عبر الزمن؟