مؤتمر القوى السودانية يدعو لتشكيل حكومة مؤقتة ووقف القتال
دعا المؤتمر التحضيري الممهد للحوار السوداني – السوداني الذي اختتم أعماله اليوم الاثنين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إلى تشكيل حكومة مؤقتة لإدارة شؤون السودان، وأكد ضرورة حل النزاع في البلاد من خلال الحوار.
وجاء في البيان الختامي المنبثق عن المؤتمر الذي انطلق الأربعاء الماضي برعاية الاتحاد الأفريقي وشاركت فيه قوى سياسية ومنظمات مجتمعية سودانية عديدة، أن القوى السودانية اتفقت على ضرورة وقف القتال وبدء المفاوضات عبر منبر جدة.
وأكد البيان الختامي على وحدة السودان أرضا وشعبا وعلى سيادته واستقلاله، ودعا للوقوف مع مؤسسات الدولة السودانية وطالب بالوقف الفوري للحرب وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها في المناطق المتضررة.
كما أكدت القوى السياسية على شمولية الحوار السوداني – السوداني دون إقصاء أي طرف، باستثناء الأفراد والمجموعات التي صدرت بحقها أحكام أو التي وجهت ضدها اتهامات، وذلك وفقا للوثيقة الدستورية.
وأدان المؤتمرون، في بيانهم الختامي، قوات الدعم السريع لارتكابها انتهاكات ضد المدنيين السودانيين، ونددوا بالدول الداعمة لتلك القوات، وشددوا على ضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم في السودان ومنع إفلاتهم من العقاب.
ووفق البيان، فقد اتفق المؤتمرون على عقد حوار سياسي شامل داخل السودان أو خارجه برعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)).
ويأتي المؤتمر في إطار المساعي الرامية للتوصل لوقف القتال في السودان وسط استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
تصريحات مبعوث الإيغاد
وفي سياق متصل قال مبعوث الإيغاد لورنس كوربندي إن الحرب المستعرة في السودان يجب أن تتوقف، مشددا على أن الحل الوحيد لذلك هو جلوس طرفي الصراع في حوار مباشر لإنهاء الحرب، وهو الأمر الذي تسعى له الإيغاد والاتحاد الأفريقي.
وأضاف كوربندي خلال تصريحات خاصة للجزيرة على هامش ختام الاجتماع التحضيري للقوى السياسية السودانية أن اللجنة الرئاسية الخماسية برئاسة الرئيس الأوغندي يورى موسيفيني لديها قنوات اتصال ستعمل على جمع طرفي الصراع خلال الفترة القليلة القادمة.
وأضاف كوربندي أن الحوارات مع القوى التي لم تحضر الاجتماع التحضيري ستستمر إلى حين جمع كافة القوى السياسية، والتوافق على حل نهائي للمشكلة السودانية.
ووصف الحرب بالبضاعة التالفة التي لايريدها الشعب السوداني ولا يستفيد منها، مناشدا السياسيين وكافة الأطراف على تقديم مصلحة البلاد فوق كافة المصالح الأخرى.
مشاركة أكثر من 20 كتلة وحزبا ومجموعات مدنية وشبابية في مؤتمر القوى السودانية
مؤتمر الاتحاد الأفريقي للقوى السودانية.. خطوة للتوافق أم للخلاف؟
أقرّ مؤتمر نظمه الاتحاد الأفريقي وشاركت به القوى السياسية والمدنية السودانية في أديس أبابا، خطوات تحضيرية لحوار سوداني- سوداني بعد الحرب تعزل -ضمنا- حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا، وتفضي إلى تشكيل حكومة تصريف أعمال مؤقتة، وتوحيد المؤسسة العسكرية. وعده مراقبون مكسبا للقوى المشاركة فيه لكنهم قالوا إنه لا يحقق تقدما نحو التوافق الوطني.
واختُتم المؤتمر، الاثنين، في العاصمة الإثيوبية، بعدما انطلق يوم 10 يوليو/تموز الجاري بمشاركة أكثر من 20 كتلة وحزبا ومجموعات مدنية وشبابية، تساند أغلبيتها الجيش السوداني، وأبرزهم قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية برئاسة جعفر الميرغني، وكتلة الحراك الوطني بزعامة التجاني السيسي، والتراضي الوطني برئاسة مبارك الفاضل المهدي.
في حين قاطعه تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" برئاسة عبد الله حمدوك التي اعتذرت بسبب مشاركة قوى اعتبرتها "واجهات لنظام الرئيس المعزول عمر البشير" وعدم مشاورتها في أجندة المؤتمر.
وركّز المؤتمر على الإجراءات التحضيرية للحوار السوداني- السوداني، وشدد على ضرورة أن يتناول قضايا وقف الحرب والمساعدات الإنسانية والترتيبات الدستورية بعد الحرب.
ترتيبات
ودعا البيان الختامي للمؤتمر إلى توحيد المبادرات بشأن السودان تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وفك تجميد عضويته في المنظمة الأفريقية المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، عقب إجراءات رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في البلاد، التي اعتبرها الاتحاد "انقلابا".
كما شملت توصيات البيان أهمية الالتزام باتفاق جدة بين الجيش وقوات الدعم السريع الموقّع في مايو/أيار 2023، و"إدانة انتهاكات الدعم السريع والقوى الخارجية التي تدعمها".
وأقر المؤتمر رؤية -حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- لعقد حوار سوداني- سوداني في داخل البلاد بعد الوصول إلى وقف إطلاق النار، وتمويله بعد إجراء المشاورات اللازمة مع الاتحاد الأفريقي.
وتُطلَق عملية الحوار هذه على 3 مراحل:
المرحلة الأولى: تتضمن تحديد المرجعيات الدستورية وشكل الحكم والمؤسسات، ومهام وصلاحيات الحكومة الانتقالية، إضافة إلى التوافق على فترة الحكم وصلاحياته. وتتم مناقشة معايير شاغلي المناصب الدستورية وقضايا السلام، وإنهاء الحرب، والعدالة الانتقالية وتنفيذ اتفاقيات السلام، ومعالجة قضايا النازحين واللاجئين.
المرحلة الثانية: اقترحت الرؤية مناقشات تبدأ بطبيعة الدولة وشكل ونظام الحكم، والهوية والمواطنة، وتحقيق المصالحة الشاملة، والمؤتمر الدستوري، وصناعة الدستور الدائم، وإعادة الإعمار وإصلاح وتطوير القوات المسلحة والأجهزة النظامية ودمج الجيوش وصولا إلى جيش مهني واحد.
كما تشمل هذه المرحلة مناقشة تفكيك نظام البشير، ومحاربة الفساد، وإجراء التعداد السكاني والترتيب للانتخابات وقضايا المفصولين وعلاقة الدين بالدولة.
المرحلة الثالثة: تتضمن قضايا الحوار من خلال تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى لمناقشة القضايا المتعلقة بالهياكل واستعراض القضايا الدستورية للفترة الانتقالية، بينما تشمل الثانية مناقشة القضايا الجوهرية المتعلقة بجذور الأزمة السودانية.
جدل العزل
حددت مقترحات الحوار التحضيري أن يكون الحوار سودانيا شاملا لا يستثني أحدا إلا في حال صدرت بحقه أحكام بموجب القانون تحت طائلة جرائم الحرب، أو جرائم ضد الإنسانية أو جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإبادة الجماعية أو بموجب الوثيقة الدستورية.
وفسّر مراقبون هذه الفقرة بأنها تعني -ضمنا- عزل حزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا بزعامة عمر البشير، حيث إن لجنة تفكيك النظام السابق التي حلت الحزب وصادرت ممتلكاته، استندت إلى الوثيقة.
في المقابل، انتقد الحزب القوى السياسية المشاركة في مؤتمر الاتحاد الأفريقي، وقال -في بيان صادر عن "أمانة شباب الحزب"- إن تلك القوى "تتاجر بقضايا الشعب السوداني الذي لا يعرفهم أصلا ولا يقيم لهم وزنا".
وأكد المؤتمر الوطني أنه "لا يستمد شرعيته من أي جهة سياسية أخرى، ولا تستطيع أي جهة مهما بلغت مكانتها أن تُحدد له مكانته في الفعل السياسي، ولا ينتظر أحزابا متواضعة لا تملك سندا جماهيريا، ولا وزنا سياسيا أن تمُن عليه بالمشاركة السياسية"، واعتبر الحديث عن هذه المشاركة بعد الحرب "قفزا على أمهات القضايا وسابقا لأوانه".
لا جديد
من جانبه، يرى عضو المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" علاء نقد، أن مؤتمر أديس أبابا "سيطر عليه حلفاء النظام السابق، وبعضهم كان يشارك في نظام البشير حتى سقوطه وهم -حاليا- حلفاء للجيش"، وأن المؤتمر لم يحمل جديدا بشأن وقف الحرب.
وقال نقد -للجزيرة مباشر- إن المؤتمر لم يستثنِ "حزب البشير" من المشاركة في العملية السياسية بطريقة مباشرة، "وأدان انتهاكات قوات الدعم السريع وتجاهل الإشارة إلى انتهاكات الجيش"، وطالب برفع تجميد عضوية حكومة بورتسودان في الاتحاد الأفريقي "رغم انقلاب البرهان على الحكم المدني".
غير أن الباحث السياسي إبراهيم علي يوسف، رأى أن المؤتمر كسر الجمود في ملف الحوار السوداني السوداني، ووضع خارطة طريق للعملية السياسية بعد وقف الحرب، وحاول ملء الفراغ الدستوري بتشكيل حكومة تصريف أعمال لإدارة شؤون البلاد، مما يمهد لإنهاء تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي الذي طالب بحكومة مدنية قبل رفع العقوبة.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن القوى التي شاركت في المؤتمر نالت اعترافا عمليا من الاتحاد الأفريقي والقوى الإقليمية باعتبارها قوى وازنة لا يمكن تجاوزها في أي عملية سياسية، أو تجاهلها في أي معادلة سياسية في البلاد.
وأوضح أن هذه القوى أبعدتها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد" قبل اندلاع الحرب، من اتفاق الإطار الذي "احتكرته" قوى الحرية والتغيير وحلفاؤها، مما أدى إلى انقسام واستقطاب أسهم في تسميم المناخ السياسي وعمّق الخلافات العسكرية بين الجيش والدعم السريع مما أدى لاندلاع الحرب قبل نحو 15 شهرا، حسب تقديره.