منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في العشر الأواخر دروس من الطوفان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالثلاثاء 2 أبريل 2024 - 18:20

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (١)
** الطوفان ثورة عقدية :
الصوم ركن من أركان الإسلام، ولا إسلام لمن لا إيمان له، فإننا نصوم امتثالا لأمر إلهنا الذي شرع لنا هذا الدين وارتضاه لحياتنا وآخرتنا، والصيام عبادة خفية بين العبد وربه لا يدخلها النفاق، فإن من تظاهر بالصيام دون إمساك عن المفطرات بالسرّ فليس بصائم، بخلاف الصلاة التي يتلبس بها أحدهم دون أن تكون نيته خالصة، فيسمى مصليا وإن لم تقبل صلاته، وهذا ما جعل للصيام خصوصية الأجر الذي ليس لسواه :”كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”، ولما كانت العقيدة هي المحرك الحقيقي لعمل المسلم فإن من أهم ركائزها قضية الولاء لله والبراء من أعدائه، ولقد تشربت المقاومة ثقافة المسجد وآدابه التي من أهمها الولاء والبراء، لأن الذي يصلي لله يأبى الركوع لسواه، والذي يسجد في الصلاة يأبى أن يطأطئ رأسه في غير محرابها، ولقد صبر فتية الحق على مُرّ العيش في ظل الاحتلال وهم يشقون طريقهم إلى امتلاك الشوكة التي يناجزون بها عدوهم، في ظل ضعف الإمكانيات وحصار الأشقاء وكيد المنافقين ومحاولات عرقلة الطريق إلى حرية الفكر والسلوك، حوربت المساجد حتى أصبحت مكانا لأداء ركيعات لا يُسمح باستثمار آثارها في المصلين، وضُيّق على التعليم حتى أصبحت المناهج منزوعة الدسم، فحُذِفت منها كثير من النصوص الشرعية التي تعرّف الطالب ما له وما عليه في علاقاته مع الأصدقاء والأعداء على حد سواء، في محاولة لإنشاء جيل لا علاقة له بعقيدة ولا بقضية، ورغم ذلك فقد شقت المقاومة طريقها إلى قلوب النشء ذكورا وإناثا، حتى بات الجيل الذي ولد قريبا من أعوام حصاد قادة المقاومة قتلا وسجنا هو جيل طوفان الأقصى الذي حمل بندقية الغول وصاروخ الياسين وأحدث صواعق في رؤوس الصهاينة ستظل ارتداداتها سما زعافا في أدمغتهم إلى أن تعطبها .
طوفان الأقصى ليس نشاطا عسكريا دوخ الصهاينة وحسب، إنه حركة تحرير لعقول شبابنا وفتياتنا من الخوف والتردد والتبعية لغير منهج هذه الأمة النابع من عقيدتها في تنظيم الحياة على إيقاع العيش المشترك مع كل من لا يناصبهم العداء ولا يهدد وجودهم ولا يعبث بمقدساتهم ولا يضمر لهم شرا ظاهرا ولا مستترا، إنه هدي سورة الممتحنة:  “لَّا یَنۡهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَلَمۡ یُخۡرِجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ . إِنَّمَا یَنۡهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ قَـٰتَلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ” .
ليست المقاومة بعبعا لتخويف الآمنين، فإن مرجعيتها العقدية قائمة على نشر السلام الذي هو الإسلام، لكنها تنقلب نارا حامية على كل من وقف في طريق الإسلام وسلامه ليضع مكانه الشر والكيد والحقد والأذى، ومن يتولّهم على ذلك فهو منهم، ومن حاربهم فهو على صراط مستقيم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالثلاثاء 2 أبريل 2024 - 18:21

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٢)
** الإرادة والعزيمة عنوان الإنجاز:
الناظر في الشأن الفلسطيني يرى صورتين أوضح من الشمس لنموذجين مختلفين في الموقف من الاحتلال والتعامل مع إجرامه، نموذج رضي بالأمر الواقع بل اعترف به وتكيف معه إلى حد التماهي ليصبح أداة من أدواته في ردع “المشاكسين” وتقليم أظافر الفاعلين على الأرض، ونموذج آخر هو هذا الفاعل على الأرض الذي يراد تقليم أظافره.
لقد حاولت قوى عديدة إقليمية ودولية أن تحارب نموذج المقاومة الفلسطينية لصالح الهيمنة الصهيونية على الأرض، وكان لهذه القوى ظهير على أرض غزة يدور في فلكها، وعندما فطنت المقاومة إلى المؤامرة الكبرى وعملت على الحسم العسكري لإصلاح ما فسد تداعت دبابير الظلام وأطبقت عليها حصارا اقتصاديا وسياسيا خانقين في محاولة لإجبارها على الاستسلام للأمر الواقع لأنها ستكون وحيدة في ميدان العمل الوطني ولن تشفع لها طهارتها في مقابل دنس المناوئين من تجار القضية.
قبلت المقاومة التحدي وتكيفت مع الحصار، وصار لغزة عالَمان علوي وسفلي، العلوي فيه حياة المواطن العادي ونشاطه الحياتي، والسفلي هو عالم المقاومة تدريبا وتخطيطا وتصنيعا، واستمر الحال على ما هو عليه سبع عشرة سنة، عدوّ غزة يكيد ويضغط باتجاه تركيع المقاومة، والمقاومة تسجل ثباتا أسطوريا على طريق الاستقلال وبناء الذات والإشراف على تصريف شؤون الناس فيما يتاح من مقومات الحياة الشحيحة.
ليس أفراد المقاومة ملائكة بقوى خارقة، بل بشر يعتريهم الضعف الذي يعتري الناس، والفرق الوحيد بينهم وبين العامة أنهم يملكون من العزيمة نفَسا طويلا، ولهم إرادة تستعلي على التسليم بالعجز عن الفعل مهما كان سبب هذا العجز الذي عادة ما يظهر على غيرهم.
لو مرت ظروف الحصار على دولة عربية تقليدية لرفعت الراية البيضاء تسترحم عدوها أن يرأف به، ولاتخذت تلك الظروف ذريعة للائتمار بأمر من يرفع عنها ما تشتكيه من ضيق، ولأصبحت ذراعا لينا في يد من يوجهها لتحقيق مصالحه مهما كان ثمن ذلك باهظا ومحرجا، لكن هذا لم يتحقق في نموذج غزة التي شهدت حروبا خمسة تحرق الأرض لتقضي على الإنجاز المقاوِم، ولكنها خرجت من حروبها منتصرة وكان عدوها يطلب إيقاف إطلاق النار عبر وسطائه لأنه لا يتحمل بقاء سكان مستوطناته في الملاجئ فترة ممتدة. ولأنه أراد لحربه الأخيرة أن تكون الفاصلة إثر انبعاث طوفان الأقصى استدعى خمسة دول عظمى لتكون معه في المعركة تسليحا وجنودا مرتزقة ونفَسا يعينه على الصمود الذي لم ينجح فيه منذ السابع من أكتوبر حتى الآن ولا استطاع أن يوقف حمام الدم من حول عساكره وقد فتح صنابيره بنفسه.
ألم يسأل المنصفون أنفسهم سؤال المليون ؟ هذه الدولة الأقوى في الشرق الأوسط التي زرعت لتكون شرطي أمريكا في المنطقة، يخفق العرب في صدها عن غيها خمسا وسبعين سنة ويذوقون على يدها ألوان الهوان، كيف استطاعت المقاومة أن تكسر كبرياءها في أربع ساعات ؟ والجواب يكمن في الإرادة الصلبة والعزيمة التي لا يقف أمامها صعب، أما العرب فقد اشتروا الأسلحة وضاقت بها مخازنهم دون توجيهها وجهتها اللازمة الملحّة، وأما المقاومة فصنعت من الحصار فرصة للعودة إلى الذات لترتيب الأوراق وتصنيف الأولوليات التي على رأسها دحر هذا العدو اللئيم، وبالعزيمة والإرادة كان لها ما أرادت، فمن كل معضلة أنتجت فرصة لتكون أمضى عزيمة وأدق رميا، ومن سنن الله أن من يقاوم شهوته بإرادة صلبة يظفر، كالصائم الذي ملك عزيمة على ألا يأكل ولا يشرب برغم إلحاح الجوع والعطش فكان له ثواب لا يقدره إلا ربه، وهكذا هو المقاوم شهوة الحياة الدنيا وسعتها انتصارا لدينه وأرضه وعرضه فإن له سعة الدنيا وسعادة الآخرة في نتيجة لا يجادل فيها إلا مفلس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالثلاثاء 2 أبريل 2024 - 18:22

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٣)

** الطوفان  لا تعجزه الجبال: –
طوفان الأقصى يذكّرنا بذلك الطوفان العظيم الذي كان بطله واحدا من أولي العزم من الرسل، فنبي الله نوح عليه السلام من الأنبياء الذين لاقوا من أقوامهم العنت، ففي تسعمئة وخمسين سنة عتا قومه وتجبروا ولم يؤمن به إلا آحاد من الناس، حتى أمره ربه أن يصنع السفينة، وأطلق سبحانه طوفانا أخذ في طريقه كل من أبى أن يركب سفينة النجاة مع نبيهم نوح، وكان الحوار القرآني المؤثر بين نوح وابنه الكافر المعاند الذي ظن أن لجوءه إلى الجبل سيعصمه من الماء، فكان النداء المنبعث من سنن الله التي لا تتخلف : “قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم”، وهل يرحم الله من أصرّ على سلوك سبيل المكابرين؟!
لقد جاء طوفان الأقصى ليأخذ في طريقه أتباع دين محرّف صنعوه بأيديهم وافتروا على يعقوب عليه السلام أنهم أتباعه فسموا دولة عدوانهم باسمه افتراء عليه، ونشروا الخراب في كل بقعة وصلتها أقدامهم أو امتدت إليها عيونهم، فإذا بطوفان الأقصى يأتي ليكون مقدمة نهايتهم وباعث فشل مشروعهم، ولا عجب أن يكون هذا الطوفان مكلفا، فإن زمن المعجزات قد مضى وصار لكل إنجاز ثمن يجب أن يدفع، ولا تكون التحلية إلا من بعد التخلية، فخلاص الأمة من أدرانها يتطلب فداء يقدم من النفس والمال، فإذا اتخذ الله من عباده شهداء جعلهم قنطرة الفتح المبين، وقد أثنى الله على كل عناصر البناء في الأمة من فني منهم ومن بقي، فقال سبحانه : “مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیيلا”، والصدق شيمة المؤمنين، والثبات خلق فيهم “وما بدلوا تبديلا”، ولا تزال سفينة نوح ماثلة في ذاكرة التاريخ محملة بالهدى وأهله، وما يزال السفهاء يفكرون باللجوء إلى الجبل، في أدق إثبات على أن أنهم في غياب عن منطق التاريخ وسنن الوجود، والعبرة فيمن يثبت حتى تستوي السفينة على الجودي فيكون في جملة ركابها السالمين .
●وفي المحصلة نستطيع أن نجد علاقة موضوعية بين طوفان نوح وطوفان الأقصى :
 ▪︎ فكل منهما انبعث نقمة على الباطل وانتصارا للحق .
 ▪︎ وكل منهما تفعيل لسنن الله في عدم مجاملة الباطل أيا كان حال أهله قوة أو ضعفا .
 ▪︎ وكل من طوفان نوح وطوفان الأقصى تغيير لحال طال امتداد ظله، ولسان حالهما أن الدوام للحق مهما طالت إقامة الباطل وامتد أثره، وإن ما بعد الطوفان بذلك ليس كما قبله، فقد غير طوفان نوح وجه الأرض، وسيكون لطوفان الأقصى أثر يغير معادلة الصراع في المنطقة كلها، ويدفع الدول والقوى إلى تبني مواقف تتناسب مع الجو الذي تمليه نتائج هذا الطوفان، ويرجى أن تجلب الخير وتنصف أهله بإذن الله.
▪︎ الضمانة الوحيدة للنجاة من أثر الطوفان هي البعد عن موالاة الظالمين، والبراءة من صنيعهم وعدم الركون إلى صفهم .
والطوفان آخر الدواء، فإنه مكلف، لكن هذه الكلفة هي في المحصلة خير يدفع شرا، ومِن رَحِمِها يخرج النور الذي سيطرد الظلمة والعدل الذي يطرد الظلم، “وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون”.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالأربعاء 3 أبريل 2024 - 11:09

[size=40]في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٤)[/size]
** لنا الطوفان نحن الأردنيين لا علينا:
 أيعقل ونحن نعيش أزكى أيام العمر في ظلال العشر الأواخر من رمضان أن نكون أرضا خصبة لاستنبات الفتنة التي يزرع بذرتها الخبيثة عدونا إذ آلمته هبّة الأردنيين لصالح طوفان الأقصى وانتصارا للأرواح البريئة التي أزهقت والبيوت التي دمرت والبطون التي جوّعت؟؟!!
أيعقل أن تعدّ استجارة أبي عبيدة بنا عدوانا على الأردن، وهو الذي عرف قدر الأردنيين فخاطبهم بثقة وأخبرهم بالحقيقة المتجذرة ومختصرها أن موقفنا نحن الأردنيين هو قاصم ظهر العدو اللئيم الذي لا يفرق بين ساحة الأردن وساحة فلسطين ويعدّهما ملكه ويعدّنا طارئين عليهما؟؟!!
ولا بد في هذه العجالة من همسات :
١- الوقفات والاعتصامات التي تملأ عددا من المواقع في المملكة ليست لها قيادة حزبية منظمة، ومن الطبيعي أن يحدث فيها بعض المنغّصات التي لا يجوز أن تحسب على لون من ألوان المعارضة ليتصيد لها مناوئوها أخطاء توضع تحت المجهر، ولتستثمر لا قدر الله في كل مناسبة خصوصا مناسبة الانتخابات التي توشك أن تنطلق في البلاد بعد فترة ليست بعيدة، وما يؤلم هو الوجه الآخر للمعادلة كما قد تبدو للمراقب الحصيف، فلئن ادُّعي أن هذه الوقفات وما وجهت له هي استقواء على الأردن وحشد للتعاطف الشعبي مع الصوت المرتفع، فإن الوجه المقابل تماما للصورة يرى الهجوم على هذه الفعاليات استقواء على لون سياسي وطني، لا يملك إلا سمعته في الشارع ويده البيضاء في الناس، فإن نيل من هذا وخوطب البسطاء بأن الحقيقة هي غير ما يبدو للعامة وأن أكبر حزب أردني ما هو إلا صدى تنظيمات أجنبية، فقد وصل المتربصون بالإسلام السياسي إلى تحقيق مأربهم، وثقتي بالمثقفين والعارفين ببواطن الأمور أن هذا الفهم لا فرصة لتسويقه فيهم.
٢- إن وجود الجماهير في الشارع هو ترجمة للموقف الحاسم للملك ضدّ القتل والتدمير الحاصلين في غزة، ولم يُسمع صوت زعيم عربي يندد بما يجري ويرفضه بالقطع كما سمع صوت عبد الله الثاني بن الحسين ووزير خارجيتنا الذي أبلى بلاء دبلوماسيا مؤثرا منذ بدء العدوان على غزة، وإن هذا الموقف الشعبي بالغ الخطورة على سمعة العدو الصهيوني ويصل صداه إلى كل العالم بما يحقق التوأمة الكاملة بين موقف القمة وموقف القاعدة في أردن الصمود ويعين صانع القرار على تسويق قناعته عالميا باعتبارها إجماعا أردنيا لا يملك أحد أن يحيد عنه ملكا و حكومة وشعبا، وهذا ما يقوي جبهتنا وينصر إخواننا ويقنع خصمنا أن حصننا عصي على الاختراق وأن موقفنا لا يقبل التمييع.
٣- سمعت في الأيام القليلة الماضية نغمة كريهة نشازا تحاول بعث الإقليمية النتنة التي يغذيها عدونا فينا كلما وقع في ورطة لكيلا نقف صفا واحدا في وجهه، وآلمني ادعاء بعض الجهات الوازنة لوجود هذا الاتجاه المقلق في صفنا، وليس أبلَغ في ردي على هذا الزعم مما رأيته وسمعته بنفسي في فيديو لمباراة جمعت ناديي الفيصلي والوحدات، فالأول يهتف جمهوره انتصارا لغزة، والثاني يرسل للأول تحية مجاهدي غزة، في موقف تدمع له العين تأثرا ويطرب له القلب فرحا، وهو الموقف الذي صدّقته مساعدات العشائر الأردنية الماجدة التي أرسلت إلى غزة، وهو الموقف الذي ترسل له غزة تحياتها واعتزازها وحبها وإعجابها.
٤- ألا يضع في حسبانهم كُتّاب التدخل السريع ومن يوحى إليه بالتشكيك في بواعث المعتصمين تأييدا لغزة بأن هذا اللغط والضجيج والخلاف المستعلن يطرب له الصهاينة ويحمدون عقباه التي هي فرقة الصف الأردني وتآكل الثقة بين السلطة والشعب من جهة، وبين مكونات الشعب الواحد من شتى الأصول والمنابت من جهة أخرى؟!
٥- إن الزعم بأن الهتاف للمقاومة ورمزها هو خروج عن خط الانتماء للأردن هو تحليل قصير النظر، فالعامة لا تملك إلا أن تعجب ببسالة المقاومة الفلسطينية وثباتها في الميدان، والجماهير جاهزة ومتعطشة للهتاف لكل من تراه ينجز على الأرض حفظا للكرامة وانتصارا لكبرياء الأمة ودفعا للغوائل عنها، وليكن من يكون، لقد هتفت هذه الشعوب العطشى للكرامة لزعماء ظنت أنهم يحققون لها ما تريد، هتفت الأمة للثورة المصرية ورمزها عبد الناصر ثم للثورة الجزائرية وصفقت لأبطالها، ووقفت مع صدام وقالت لأمريكا لا، وأفاد الراحل الحسين من موقف شعبه في مواجهة موقف أمريكا وتبرير موقفه الرافض لاستهدافها هيبة العراق.
ليس للشعب الأردني إلا ملِك واحد ودستور واحد ومشروع إصلاح سياسي منشود واحد، ولم يرفع الأردنيون في أشد الأيام وطأة في المنطقة إلا شعار الإصلاح، ولن يصروا إلا عليه، فنسألكم بالله أيها المشككون لا تلقوا في روع الأمة غير ما تريد فإن ذلك يؤذينا جميعا، وإن التربية الناجحة هي التي تذكّر بالإيجابيات ولا تزرع في الوعي ذكر السلبيات، فهل يمكن أن تفهم رسالتي؟
حفظ الله الأردن وحفظ فلسطين وأعاننا جميعا على الجمع ضد القسمة، وعلى الرفع ضد الكسر، وعلى الحركة الراشدة ضد سكون الأموات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالسبت 6 أبريل 2024 - 11:49

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٥)
** إلى من تركوا الجبل ليجمعوا الغنائم :
ما زال القرح الذي أصاب المسلمين يوم أحُد رطبا لا يجف مهما توالت عليه الأيام ومضت على نزيفه الأزمان، أؤلئك نفر من الصحابة صدقوا في إيمانهم لم يلوّثهم نفاق ولم يعهد عليهم إصرار على ذنب ، لكنهم تأوّلوا ، وكأنهم عندما رأوا المشركين يندحرون نسوا أمر النبي لهم بأن لا يبرحوا الجبل “ولو رأيتمونا تتخطفنا السباع” ، إنها زلة أبيهم آدم التي غفرت بكلمات تلقاها من ربه ، فتاب عليه ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .
واليوم نرى قوما كانوا في أعلى الجبل متمترسين خلف عزيمة فولاذية تحملهم على الثبات في ميدان الرجال ، حتى إذا عرضت عليهم الدنيا وجدوها حلوة خضِرة فنزلوا عن الجبل ، وما يفرّق بينهم وبين الأولين أنهم مع نزولهم كسروا نِبالَهم ففقدوا نُبلهم، وحرقوا سفنهم وتنكروا لماضيهم ، وهم يحاولون إفساد حال الواقع على إيقاع التنكر للماضي .
أخبار عن جهات أمنية تسللت إلى داخل قطاع غزة بإسناد من قوات الاحتلال لا يسمى تسللها نزولا عن الجبل وحسب ، لكنها عملية إتمام للطريق إلى مهاوى الردى التي لا عودة منها ولا عزاء معها لمن يخون قضيته وأمته وصفته الثورية التي خلعها على نفسه ، في حين أنه مجرد مخبر بالمجان لمن يُفترض أنه عدوه.
لم ينزل هؤلاء عن الجبل للتوّ ، لقد نزلوا يوم غيّروا ميثاقهم وجعلوا استسلامهم مكان المقاومة ، نزلوا يوم دخلوا بيوت عدونا وشربوا معهم نخب إهدائهم فلسطين من غير حق، فلا هم مالكون ولا وكلاء في هذه الصفقة اللعينة ، نزلوا عن الجبل يوم وقعوا اتفاقية عادت بالوبال على الأرض والشعب ، ونزلوا عن الجبل الذي صعده كثير منهم نفعيةً ، ووقفوا عليه أصلا مدفوعين بالرغبة للتصدّر ، ولما أحبوا أن يتصدروا أكثر نزلوا عن جبلهم ليحدثوا جلبة تدل عليهم ، وما شأنهم إلا كشأن ذلك الذي بال في بئر زمزم في عهد الفاروق عمر ، فلما سأله عن دافعه إلى هذا العمل المشين أجابه: (أردت أن أدخل التاريخ من أوسع أبوابه يا أمير المؤمنين) ، ويكأنه أراد أن يزكم أنف التاريخ في طريقه إلى زاوية من زواياه !!
أيها التاركون الجبل لتجمعوا الغنائم :
أما أصحاب رسول الله التاركون جبل أحُد فقد جمعوا غنائم ، وعادوا بتوبة بعد معصية ، وأما نزولكم أنتم عن الجبل فقد أودى بالغنائم وشوّه وجه المقاومة وعاد بالهوان عليكم وعلى كل من رضي صنيعكم أو سكت عنه .
أيها النازلون عن الجبل لقد أوديتم بالجبل فدكه صنيعكم حتى لم يبق لكم جبل تسندون ظهوركم عليه ، أو تعودون بالفيء إليه، ومع خسارة الجبل خسرتم العيش في فيء يظلّكم ، وما نالكم ضوء الشمس لكن آذتكم حرارتها !!
أيها النازلون عن الجبل ، أما سمعتم عن الطوفان ؟ صحيح أن بقاءكم على الجبل ما كان ليعصمكم من الماء، لكن ما تحت الجبل من سيل الطوفان وزوابعه وزبَده يوشك أن يبتلعكم ، ولا يُستبعَد أن تنجو بأبدانكم لتكونوا لمن خلفكم آية.
أيها النازلون عن الجبل ، لقد كشفتم سوأتكم وأرقتم ماء وجوهكم ، فقد شاهت هذه الوجوه وفضح أصحابها أنفسهم، ولو لم نفضحهم ، فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير والبوم لا يدلّ إلا على الخراب ، المأتم في عقر داركم وأنتم ترقصون ، والموت يتراءى للناس في طرقاتهم وأنت محروسون ، لا نحسدكم على حياة هي أقسى من الموت ، لكن نحمّلكم تبعة هذه الأنفس التي تزهق ، فكل حركة من حركاتكم على الأرض دلت على بطل فقُتل ، أو وطّأت السبيل إلى مقاوم فأُُسِر ، لكن ما لم يكن في حسبانكم أن منطق سنن الله قضى بزوالكم وبقاء الأصلح والأقوم “وَلَقَدۡ كَتَبۡنَا فِی ٱلزَّبُورِ مِنۢ بَعۡدِ ٱلذِّكۡرِ أَنَّ ٱلۡأَرۡضَ یَرِثُهَا عِبَادِیَ ٱلصَّـٰلِحُونَ . إِنَّ فِی هَـٰذَا لَبَلَـٰغࣰا لِّقَوۡمٍ عَـٰبِدِینَ.”
أيها النازلون عن الجبل ، لم تطلع شمسكم من المغرب بعد ، وما يزال مجال الأوبة مفتوحا ، فهلا عدتم إلى ما كان عليه الصادقون منكم منذ بداية الطريق ؟
ألا كيف يطيق أن يُحشر أعمى من كان له عينان رآى يوما فيهما كل شيء سوى سبيل الهدى الذي بينه الله للناس في الكتاب ؟! ومن يطيق أن يُفضح على رؤوس الخلائق وقد كان ذا لسان فصيح محاجج يقلب الحق باطلا فلما عُرِض على السؤال أُخرس لسانه ونطقت جوارحه ، فلم تنفعه فصاحة اللسان ، ولو مات على الجبل لنطق عنه وحاجج عدوه نسيمُ الجبل ولسانه الفصيح الذي أخرسه منذ نزل عنه وأوغل في السفل .
أيها النازلون عن الجبل ، قد أعذِر من أنذَر ولم يبقَ إلا الفصل الأخير من القصة بِطولها ، فهل يمكن أن تكونوا من أبطالها بدل أن تكونوا ضحايا بأيديكم لا بسلاح عدو تعوّد أن يبصق على عملائه وأن يلفظهم بعد قضاء حاجته منهم ؟!
أيها النازلون المبتعدون … الجبلَ الجبلَ .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالإثنين 8 أبريل 2024 - 16:40

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٦)
** بين العلماء والحكام في زمن الطوفان:
في أزمنة شيوع البلاء يُعرَض العامة والخاصة على الفتنة على حد سواء، ولا يكاد يأمن أحد على نفسه وعلى قناعاته ، وتسود فجوة خطيرة بين الحكام والشعوب ، يغذيها خوف الرعية واستئثار الحكام بتغليب السياسة على الشرع في المواقف المشكلة الدائرة بين منطق السياسة ومسلمات الشرع .
وستظل الفجوة حاضرة ما لم يلتق هدف الحكام مع هدف العلماء في تحقيق المصلحة الشرعية الراجحة وطمس الهوى وبُعد الحكام عن خدمة الذات بأدوات استهداف التفكير والتعبير وكبت الحريات وتقديس أصحاب المقامات .
سيظل الأمر إشكاليا ، فعند العلماء نور لا يجوز أن يُحصَر في الصدور ، بل يجب أن يباح به وأن يكون سيدا مطاعا ، والمفارقة أن عند الحكام أملاكا وضِياعا ، التلويح بها لعلماء التأويل يورث تجديفا وضَياعا .
ومشاركة مني في إزالة إشكالية العلاقة بين العلماء والحكام لا بد أن أتناول حدود سلطة الحاكم على شعبه أخذا من روح الشرع وما ينبغي أن يكون عليه دور العالم في ترشيد هذه السلطة بحيث لا تنتج السلطة المطلقة فسادا مطلقا .
للحاكم على شعبه السمع والطاعة في المنشط والمكره ، وللعالِم تحديد ما تنبغي طاعة الحاكم فيه وما تجوز مخالفته أو تجب تبعا لموقف أمر الحاكم ونهيه من روح الشرع وأهدافه .
على الحاكم أن يتبع سَنَن الشورى في ضبط مصالح الرعية ، وعلى العالم أن ينير طريق الشرع للحاكم حتى لا يُخضِع الأحكام القطعية للاجتهاد والشورى ، فلا مساغ للاجتهاد في معرض النص .
قد يُشكِل على الحاكم تصنيف سياساته في الرعية وعلاقاته الخارجية حلالا وحراما ، ودَوْر العالِم أن يعرضها كلها على الشرع فما وافقه يمضيه وما خالفه يصححه أو يلغيه .
للحاكم هيبة لا يجوز المسّ بها ، فهو يمثل دور ولي الأمر الذي إن سقطت هيبته في شعبه هان على أعدائه. والعالِم يضبط إيقاع هيبة الحاكم حتى لا تنقلب إلى تسلط ودكتاتورية وفساد سياسي ، ف “كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ” .
العالِم شخصا أو هيئة هو المستشار في خطوط السياسة العريضة للدولة ، فهو لا يحظى بلقب مستشار لكي لا يستشار ، ولا يُنقَل إلى الاستشارية ليُبعد عن وظيفة لم يُرضَ عنه فيها ،لكن ليكون اليد اليمنى للدولة تصلح بصلاحه وتسعد بمشورته .
العالم لا يأتمر بأمر ملك ولا رئيس ولا أمير ، بل يملك استقلال فكر ينفع الملك والرئيس والأمير ، ويوم يصبح العالم موظفا تابعا في بلاط الحاكم يشقى الحاكم وتشقى الرعية بشقاء الحاكم .
لن تشقى أمة توقر علماءها ، وترقى الأمة بتوقير العالم لعلمه في سلوكه بين الناس ، ودوائرنا كلها بحاجة إلى مستشارين فقهاء يميزون بين المصلحة والمفسدة ولا يلعقون أواني الكبراء ، بل يسعى الكبراء إلى إكرام علومهم وإنصافهم في الرتبة والمقام حتى لا يتقدمهم أحد في مجلس ولا في طيب عيش ولا في رأي أو مشورة ، عندها وعندها فقط نصبح أمة منضبطة السلوك ومنضبطة الانفعال ونضمن هيبة عدونا إيانا حين يعلم أن لنا مرجعية تعبّر عن ثقافتنا وعن إرث نبينا صل الله عليه وسلم


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75808
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في العشر الأواخر دروس من الطوفان Empty
مُساهمةموضوع: رد: في العشر الأواخر دروس من الطوفان   في العشر الأواخر دروس من الطوفان Emptyالإثنين 8 أبريل 2024 - 16:41

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٧)

** بين قيامنا وقيام أصحاب الطوفان :
في الساعات الأخيرة كانت مساجد الأردن ملآى بعُمّارها فقد انقضت ليلة السابع والعشرين من رمضان، ويوم أمس كانت أطلال مساجد غزة المدمرة عامرة كذلك بأهلها، وشتان بين مسجد قائم على سوقه ومسجد لم يبق منه إلا أنقاض بعضها فوق بعض يتخذها المصلي علامة على مكان كان يسمى مسجدا، ولقد هدم المسجد كما هدم البيت، وبرغم تدمير المكانين فإن الفطرة تأخذ بيد المصلي ليأنس بأنقاض المسجد فيصلي في حضرتها ويأخذه الحنين إليها كأنها ما تزال مسجد الحي العامر.
نحن ندخل المسجد فنختلف، هذا يريد فتح الشباك وهذا يريد غلقه، وهذا يريد فتح المروحة وذاك تؤذيه، أما الغزي فقد أريح في العشر الأواخر من هذا الاختلاف، فإما أن يصلي في هواء طلق لا يزعجه فيه إلا صوت الزنانات التي تقطع خشوعه وربما قطعت صلاته أو أوقفت حياته.
نحن نذهب إلى المسجد ثم نرجع فنجد أهلنا ينتظرون أن نعود بأكلة أو شربة أو يحضّرون لسهرة رمضانية عند شقيق أو قريب، وأهل غزة يخرجون إلى أطلال المساجد وربما عاد أحدهم فلم يجد بيتا ولا أهلا واكتشف أنه يعود من أنقاض إلى أنقاض .
نحن نخرج إلى القيام متخمين يتجشأ أحدنا في صلاته فيوزع الأذى عن يمينه وشماله بروائح الثوم المقدوح، وأهل غزة صار الثوم فيهم كمالية بعيدة المنال علاوة على ندرة الطعام الذي يُدسّ فيه الثوم والبصل أعداء السِّلم التعبدي!!
نحن نقوم الليل فلا نتذكر في سجودنا وقنوتنا عادة أكثر من الدعاء بتزويج الولد وبناء الطابق العلوي لتسكينه، وأهل غزة يقومون يسألون الله أن يستر على بناتهم ونسائهم من شرّ يهود، وأن ييسر لهم حبة الدواء لأب وأم يتلويان من ألم المرض والفقر وفقد العزيز وهتك الستر بعد أن أصبحا وذريتهما في العراء.
مضى من أعمارنا ما مضى ونحن نقوم في رمضان ونصوم وندعو ونتبتل، وحاضر البال مع فلسطين وشعبها يسأل الله حسن الخلاص من كابوس يهود، حتى بلغ من بؤسنا وقلة حيلتنا أن يهزأ يهود من أدعيتنا قائلين : ادعو علينا في صلاتكم كما تشاؤون فإنا فوقكم قاهرون، وما بلغوا هذه الثقة من ردّ دعائنا في وجوهنا إلا أنهم لم يروا على الأرض منا ما يشكل خطرا على وجودهم ولا لاحظوا في همتنا ما يخيفهم من منطقنا، فإذا كان الكلام مجردا من همة الفعل وفعل الهمة كان كاذبا كالطعام حين يخلو من اللحم، فإن أمهاتنا كنّ يسمينه كاذبا!!
وحين نقوم ليالي رمضان محاولين تقليد صمودهم بالاعتصام قرب سفارة الصهاينة الفارغة تقوم الدنيا ولا تقعد فلا يبقى بوق ولا وسيلة ردح عربية إلا وتنطلق في وجوهنا على اعتبار أن فعلنا هو استقواء على الحياة المدنية وتشويش على هدوء الموتى في قبورهم المخملية، ذلك لأن القيام المطلوب من الشعوب يجب أن يحمل شهادة آيزو عالمية تشترط ألا يشكل هذا القيام عدوى لأية دولة جارة وألا يزعج أبناء العمومة وأن يتبين بأجهزة (كشف الصدق) في باطن كل معتصم أنه لا يمكن أن يعطي صوته إلا لمن يجلده بسوطه، كما كان الحال قبل السابع من أكتوبر حتى نضمن عدم حدوث أي تغيير مقلق!!
وبرغم قناعتي بأن عبد الله بن المبارك لم يوجه البيتين الشهيرين للقاضي عياض (يا عابد الحرمين …) لانه لا يُتصور عن مثله إطلاق صفة اللعب على العبادة، فإني على قناعة بأن الطبقة المخملية من خَلَف هذه الأمة حين أخطأوا فهم معنى العبادة قياما وصياما لعبوا بالمفاهيم والمصطلحات ولم يلعبوا بالعبادة، فلا هم عبدوا كما ينبغي ولا اشتهروا في ساحات الرجولة والفداء كما اشتهر السلف، ” فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُوا۟ ٱلشَّهَوَ ٰ⁠تِۖ فَسَوۡفَ یَلۡقَوۡنَ غَیًّا . إِلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَأُو۟لَـٰۤئكَ یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ وَلَا یُظۡلَمُونَ شَیۡـࣰٔا”.
ألا أيها العرب أصغوا لنداء نبيكم، فويل للعرب من شر قد اقترب، إن هم استمروا على إنكار الشمس الساطعة في رابعة النهار، فإن الأمس ليس هو اليوم، وإن العز الحقيقي في أن يكون قيامنا في عواصمنا العربية كقيام غزة وأخواتها الفلسطينية في محراب الشرف، وإلا فما صمنا ولا قمنا ولا إلى حياة الأحياء انتسبنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
في العشر الأواخر دروس من الطوفان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: