غزة.. عندما يكون الخذلان من الأقربين!
فجأة لمحت شرارة في الأفق، آبت إلى نفسها وكانت ما تزال في ليلها القاسي الممتد منذ وقت، لمحت شرارة عقب أخرى فانتزعت كفيها عن جراح تضمدها هي كل ما تبقى من واقع مدينتها، ثم حدقت ترنو في الأفق، وأدركت أن ما اجتاز الأجواء من حولها حمم نارية تتجه نحو سارقي ضحكات أطفالها، سمعت الدوي وتابعت سربا من كريات النار سابحة في الهواء فشيّعته بدعوات التسديد.
طمحوا بأبصارهم يتأملونها، رأوا خطوطها القانية ومسارها، فقالوا إنها على بعد لحظة من زعزة ذاك التل المحتل إن صدقت تقديراتنا التي اعتدنا الاعتماد عليها
قالت قذائف حمراء كانت تتسمر عند منافذ أحد الأنفاق الغزية، بيني وبين تلك الشرارات من نسب فمن أطلقها! وشائج الأهداف تجمعنا وسياق اللحظة يؤاخي بيننا في صف واحد.
وقالت مسيرات قد شاركت في يوم الطوفان: ركب من النار كأن عزائم أبناء كتائبنا قد حدت به، فهل صدر من خطاب يشرح تفاصيل غارتها هذه وما الذي قد وقع، أم أنها النصرة من بني قومنا قد وافت بعد أن لم تعد في الحسبان، ملبيين أخيرا وامعتصماه وقد هيئوا الراجمات وقدموا خيولهم البلق!
وطمح رجال غزة بأبصارهم يتأملونها، رأوا خطوطها القانية ومسارها، فقالوا إنها على بعد لحظة من زعزعة ذاك التل المحتل إن صدقت تقديراتنا التي اعتدنا الاعتماد عليها والتي تنافس مهارة الأجهزة التقنية في رصد الأهداف وتحديدها.
كان من أغرب ما رأته غزة مثيرا للاشمئزاز هو أن يكون من بني جلدتها من يشارك في اعتراض المسيرات عن العدو، ولا تدري هل تصدق أم لا تصدق
بردا على الفؤاد وشفاء للغليل، كانت غزة تتابع بنظراتها قوافل النار وهي تقض مضاجع المحتلين وقد أحاطت بهم المخاوف وهرعوا ولاذوا بشركائهم تحت وطأة الرعب في ليلة الأرق.
أجمل ما رأته غزة في المسيرات القادمة بين أمواج الدجى، أنها أول رصيد قل أو كثر ينخرط مع جهود أبناء غزة في سوح القتال مواجها لعقر محتلي الأراضي، فرأت فيه بيرقا يصطف خلفه المشجعون ويحتفي به أهل المقاومة والثغور ويهللون لموكبه.
دندن أزيز المسيرات ووصلت إلى ما وصلت له من الأهداف وشاهد العالم بأم عينيه انكبابها ماضية نحو وجهتها تخترق الآفاق وتغذ المسير، وكان من أغرب ما رأته غزة مثيرا للاشمئزاز هو أن يكون من بني جلدتها من يشارك في اعتراض المسيرات عن العدو، ولا تدري هل تصدق أم لا تصدق، رغم إلفها لكل ألوان الخذلان من الأقربين.
لماذا شارك الأردن في التصدي للمسيرات الإيرانية المتجهة لإسرائيل؟
أثيرت حالة الجدل والانقسام بين جمهور منصات التواصل إثر مشاركة الأردن في التصدي للمسيرات التي أطلقتها إيران -مساء أمس السبت- باتجاه إسرائيل، والتي مرت فوق الأراضي الأردنية.
وطرح مغردون كثيرا من التساؤلات منها: لماذا شارك الأردن في عملية التصدي؟ ولماذا لم يترك المسيرات تمر إلى إسرائيل؟ إضافة إلى كثير من الأسئلة التي تم تداولها على منصات التواصل.
وقال أحد المدونين إن الأردن ارتكب مرة أخرى خطأ إستراتيجيا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول. فأخطأ حين فتح الطريق البري لوصول البضائع إلى إسرائيل، وأخطأ حين قمع المظاهرات الداعمة لفلسطين، وأخطأ حين حرك دفاعاته الجوية لإسقاط صواريخ ومسيرات ليست موجهة نحوه.
وعلق أحد المتابعين على هذه التدوينة بالقول إن العلاقات الدولية الشائكة والإقليمية المتقلبة حددت طبيعة الانخراط في اعتراض الصواريخ، وإن ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول ليس كما قبله.
وأشار آخرون إلى أن الأردن يتعرض لهجمة إلكترونية على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب تصدي الدفاعات الجوية للمسيرات التي اخترقت مجاله الجوي، وهو ما يعد دفاعا عن أرض الأردن وشعبه.
وقال مغردون إن إسرائيل ستقوم بالرد على الهجمات الإيرانية، ولكن السؤال الذي طرحوه هو ماذا لو كانت صواريخ إسرائيلية انطلقت من تل أبيب نحو أحد الأهداف ومرت في الأجواء الأردنية، "هل ستتصدى لها دفاعاتنا الجوية كما فعلت اليوم مع المسيّرات الإيرانية؟" أي المتجهة نحو الاحتلال.
وردا على هذا السؤال، قال أحدهم إذا كان الأردن يحمي أجواءه من قبل طرفي النزاع (إيران وإسرائيل) فهذا حقه، أما أن تقوم إسرائيل باختراق الأجواء الأردنية لاعتراض المسيرات حسبما ذكرت مصادر إخبارية، فهذا يعد اصطفافا مع المحتل.
وأشار مغردون إلى أن "الأردن يتعرّض لضغوطات، وهو الخاسر في الرد الإيراني الذي جعل مسيراته وصواريخه تمر عبر الأردن، بدلا من سوريا ولبنان، وتساءل بالقول ماذا يريدون من الأردن؟ ليجيب ربما يريدون منه التنازل عن الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى".
وعلق متابعون على التصدي الأردني للمسيرات الإيرانية بالقول "يريدون خراب البلد وإضعافه؛ ليسهل التدخل فيه كما تدخلوا بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وجماعاتهم بغزة"، مشيرين إلى أن الإيرانيين يدّعون أن عدوتهم إسرائيل بينما أعداؤهم الحقيقيون هم الدول العربية.
وقال مدون "إنه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، اكتشفنا أن إسرائيل بحاجة إلى جسر جوي بعد 6 ساعات، وفي 14 أبريل/نيسان، اكتشفنا أن إسرائيل بحاجة إلى دفاعات جوية من أميركا وبريطانيا ودول عربية لحماية أجوائها".
الأردن: اعترضنا أجساما طائرة دخلت مجالنا الجوي
قالت الحكومة الأردنية اليوم الأحد إنها تعاملت مع "بعض الأجسام الطائرة" التي دخلت مجال البلاد الجوي الليلة الماضية، في إشارة إلى المسيرات والصواريخ التي أطلقتها إيران ضد إسرائيل.
وأوضح مجلس الوزراء في بيان أنه "جرى التعامل مع بعض الأجسام الطائرة التي دخلت إلى أجوائنا ليلة أمس والتصدي لها للحيلولة دون تعريضها لسلامة مواطنينا والمناطق السكنية والمأهولة للخطر".
وأشار إلى أن "شظايا قد سقطت في أماكن متعددة خلال ذلك دون إلحاق اي أضرار معتبرة أو أي إصابات بين المواطنين".
وأضاف أن القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية ستتصدى "لكل ما من شأنه تعريض أمن وسلامة الوطن ومواطنيه وحرمة أجوائه وأراضيه لأي خطر أو تجاوز من أي جهة كانت".
واعتبر مجلس الوزراء أن ما حصل فجر اليوم هو مواجهة بين طرفين هما إسرائيل وإيران، وحث مختلف الأطراف على ضبط النفس وعدم الانجرار نحو أي تصعيد ستكون له مآلات خطرة.
صور بثها ناشطون لحظة عبور صواريخ أو مسيرات إيرانية فوق الأجواء الأردنية
صور بثها ناشطون لما قالوا إنها مسيرات إيرانية فوق الأجواء الأردنية (مواقع التواصل)
من جهتها، قالت صحيفة يديعوت أحرونوت في خبر على موقعها الإلكتروني إن الأردن تصدى لعشرات المسيرات الإيرانية التي كانت متجهة إلى إسرائيل خلال الليل، وأضافت أن ذلك يأتي كجزء مما وصفته بتعاون غير مسبوق مع تل أبيب، رغم تحذير طهران لعمّان بأنها ستكون أحد أهدافها القادمة إذا تعاونت مع إسرائيل.
وقالت مصادر تحدثت مع وكالة رويترز للأنباء إن صواريخ إيرانية اعترضت على الجانب الأردني من غور الأردن وكانت في طريقها نحو القدس، وتم اعتراض صواريخ أخرى بالقرب من الحدود الأردنية السورية.
وفي سياق متصل قال رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة اليوم الأحد إن أي تصعيد في المنطقة سيؤدي إلى "مسارات خطيرة"، مؤكدا على الحاجة لخفض التصعيد من قبل جميع الأطراف.
وأضاف الخصاونة في تعليقات أمام مجلس الوزراء أن القوات المسلحة الأردنية ستواجه أي محاولة من أي جهة تسعى إلى تعريض أمن المملكة للخطر.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قال صباح اليوم إن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإنهاء الاحتلال هما السبيل لوقف التصعيد الخطر الذي تشهده المنطقة.
وأكد الصفدي في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن وقف التصعيد ضرورة إقليمية ودولية تتطلب تحمل مجلس الأمن مسؤولياته في حماية الأمن والسلم وفرض وقف العدوان على غزة واحترام القانون الدولي.
وحذر من أن استمرار العدوان يدفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد الإقليمي الذي ستهدد تداعياته الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين.
وشنت إيران الليلة الماضية هجومها المرتقب على إسرائيل، ردا على قصف قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق مطلع أبريل/نيسان الجاري، بإطلاق عشرات المسيّرات والصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي.
ويأتي هذا التصعيد وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول حربا مدمرة على القطاع خلفت أكثر من 100 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.
كما تواصل إسرائيل الحرب وارتكاب المجازر في غزة رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار، ورغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.