مخيم نور شمس "غزة الثانية".. لماذا؟
الوضع في مخيم عين شمس لا يختلف في تفاصيله عما يجري في مناطق عدة من قطاع غزة، هذه التفاصيل التي تذكرنا بكل جرائم الاحتلال النازي الفاشي المستمرة منذ 76 عاما!
دمار شامل وسط اشتباكات عنيفة مع المقاومة، وفرض حصارا عليه، وسط أعمال تخريب وتدمير متعمد للبنية التحتية مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي والمياه والاتصالات والإنترنت، الأمر الذي عزل المخيم عن محيطه، وكذلك تدمير منازل المواطنين وممتلكاتهم.
وأيضا حملات مداهمة وتفتيش طالت عشرات المنازل في كافة حارات المخيم، واعتقال عشرات الشبان، والاعتداء على المواطنين والتنكيل بهم والعبث بمحتويات منازلهم ، وإخضاع عددا من الشبان للتحقيق الميداني.
وأعاقت عمل الطواقم الطبية، ومنعت مركبات الإسعاف من الدخول إلى المخيم لنقل جثامين الشهداء وإخلاء المصابين إلى المستشفيات.
والأخطر صمت عربي ودولي مطبق يشبه التواطؤ الذي يمارس على قطاع غزة حاليا، حيث يتصرف جنود الاحتلال بشكل منفلت وسادي وإجرامي غير مسبوق، فهل إخضاع المخيم وكسر شوكته سيطفئ نار المقاومة؟
واهم من يظن ذلك والدليل انظروا إلى غزة.
هذه التفاصيل التي أوردناها أعلاه عن مخيم نور شمس هي تفاصيل قطاع غزة منذ سبعة أشهر تقريبا، وتفاصيل فلسطين منذ بدء الصراع مع الصهاينة ورعاتهم في الغرب المتوحش والموحش.
لكن ما هو مخيم نور شمس وكيف نشأ؟
حكاية مخيم نور شمس للاجئين بدأت خيوطها الأولى في عام 1952 حين تأسس فوق أرض مساحتها حوالي 226 دونما، وصلت إلى 230 دونما حاليا، على مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة طولكرم، وتعود أصول اللاجئين في المخيم إلى قرى مدينة حيفا.
وقبل عام 1952 عاش اللاجئون في خيام في وادي جنين بالقرب من الجنزور إلى أن دمرت عاصفة ثلجية خيامهم عام 1950.
وبعد ذلك التجأ السكان إلى المناطق المحيطة بوادي الشاعر، بما في ذلك السجن البريطاني القديم في نور شمس حيث بدأت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ببناء البيوت في عام 1956.
وكان قبل عام 1948 عبارة عن حي صغير حمل اسم نور الشمس في مدينة طولكرم، وبعد عمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق العرب لجأ الفلسطينيون من قرى حيفا إلى الحي الذي أقيم عليه مخيم حمل نفس الاسم.
وأنشئ في المنطقة سجن تابع لسلطات الانتداب البريطاني عام 1919 سمي بسجن نور شمس، لسجن أصحاب الأحكام القاسية ممن حكم عليهم بالإعدام أو السجن مدى الحياة، ثم أصبح لاحقا معتقلا يسجن به الثوار العرب ممن شاركوا في ثورات 1929 و1936 ضد الانتداب البريطاني، وحدثت قرب السجن معركة في أيار/ مايو عام 1936 بين الثوار العرب والقوات البريطانية سميت "معركة نور شمس"، وكانت أول معركة في ثورة فلسطين الكبرى.
ويشرف المخيم على شارع رئيسي يسمى شارع الرئيس ياسر عرفات (شارع نابلس) في المدينة، ويبعد المخيم عن البحر الأبيض المتوسط إلى الشرق 19 كيلومترا. وهو مكون من قسمين، شمالي وجنوبي، يفصل بين جزئيه سهل ضيق عرضه 300 م، يمر من هذا السهل وادي إسكندرونة، وهذه المنطقة تعتبر جغرافيا ضمن السهل الساحلي الفلسطيني لاتصالها معها من جهة ولعدم ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 150 م.
ومثل باقي مخيمات الضفة الغربية فقد تأسس المخيم فوق قطعة من الأرض استأجرتها "الأونروا " من الحكومة الأردنية.
وانتقل المخيم تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في عام 1998 بعد توقيع "مذكرة واي ريفر" والمرحلة الأولى من إعادة الانتشار الإسرائيلي.
وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنه يبلغ عدد سكانه في منتصف عام 2023 نحو 7083 لاجئا، بينما تشير أرقام أخرى إلى أن العدد يناهز 19 ألف نسمة تعود أصول أغلبيتهم الساحقة إلى قرى: الكفرين، قنير، صبارين، أم الزينات، إجزم، عين غزال، عرعرة، الغبية، أم الشوف، اللجون، وأم الفحم.
ويقدر أن حوالي شخص واحد من بين كل خمسة أشخاص في المخيم عاطل عن العمل، وهم يتأثرون من عدم إمكانية الوصول إلى سوق العمل بسبب التضييق الإسرائيلي.
ومثل باقي المناطق في فلسطين، يواجه المخيم بشكل يومي اقتحامات شرطة الاحتلال ما يؤدي إلى اشتباك شباب المخيم مع الاحتلال.
وفي مسيرة المخيم النضالية الطويلة فإنه ارتقى عدد من أبناء المخيم شهداء فيما يقبع في سجون الاحتلال العشرات من سكانه.
أهالي المخيم لا يزالون يستذكرون معركة نور شمس حيث هاجم مسلحون فلسطينيون فرقة من الجنود البحارة الإنجليز، كانت حكومة الانتداب البريطاني قد أحضرتها من قاعدتها الحربية في مصر على الطريق من حيفا إلى نابلس قرب نور شمس، واستشهد فيها اثنان من العرب إضافة إلى مقتل ضابطين بريطانيين.
وهم يستذكرون كل ذلك ينظرون إلى جنود الاحتلال الذي يحاصرون المخيم، فيشنون أوسع عملية مقاومة ضد الاحتلال بعد مقاومة جنين ومخيمها، ولم يوقف اغتيال قائد كتيبة سرايا القدس في طولكرم، محمد جابر "أبا شجاع"، المقاومة وإنما رفع من منسوبها كما ونوعا.
فنصب مقاومون كمائن للآليات، وعرضت كتائب القسام، مشاهد لتفجير عبوة ناسفة كبيرة، بسيارة جيب لجنود الاحتلال، عند مدخل مخيم طولكرم، تبعه إطلاق صليات من الرصاص باتجاه الجنود، لإيقاع خسائر في صفوفهم.
المصادر:
- علي سعادة، "ذكرى المعركة وبؤس الحياة في مخيم نور الشمس"، عربي21، 11/7/2022.
- "الاحتلال يواصل عدوانه على نور شمس.. شهداء واعتقالات وتدمير كبير"، عربي21، 20/4/2024.
ـ "مخيم نور شمس للاجئين"، الموقع الرسمي لوكالة "الأونروا".
ـ مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
ـ "أهالي مخيم نور شمس يخطون عريضة للمطالبة بحل مشكلة المكرهة الصحية"، موقع البيادر السياسي، 4/11/2019.
ـ الموسوعة الفلسطينية.
- وكالات الأنباء، قناة الجزيرة، عربي21، مصادر إخبارية متعددة.