أكبر سر كشفته غزة وكان مغطى بأكبر عملية تضليل في التاريخ هو: حجم تغلغل الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، في نفس الوقت كشفت مدى هشاشة هذا الكيان المصطنع وهذه الدولة المنبوذة والمارقة التي لولا دعم الولايات المتحدة لما استمرت أكثر من عشر سنوات منذ تأسيسها، لكنها واصلت النمو بالتماهي الكامل في السياسة الأمريكية منذ 76 عاما.
دولة المرتزقة باعت العرب والعامل بأسره بأنها دولة لا تقهر وبأن جيشها لا يهزم، وبأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وبأنها وحدها التي تستطيع فتح أبواب البيت البيض أو غلقها أمام أي دولة أو زعيم دولة، المعيار الأول ، مدى رضا تل أبيب عن هذه الدولة أو عن هذا الزعيم.
بعض هذه الأساطير سقط بعد طوفان الأقصى وأثبتت المقاومة أن جيش الاحتلال جيش بلا ضوابط وبلا قيادة، جيش يتصرف على الأرض كمجرم حرب منفلت لا يخاف العقاب ولا يكترث بأحد، وبان هذا الجيش يقف عاجزا تماما وبعد سبعة أشهر عن تحقيق أي انتصار عسكري أو سياسي على الأرض بل أنه يصفع على وجهه وعلى مؤخرته وعلى أمِّ رأسه من قبل مقاومة تمتلك أسلحة لا تذكر أمام ترسانة الأسلحة التي يمتلكها جيش الزعران والبلطجية.
لقد صدم كثيرون بعد العدوان الوحشي والهمجي على غزة من مدى سيطرة اللوبي الصهيوني على البيت الأبيض، بل أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ألقى خطابا يحرض فيه على قمع طلاب الجامعات في أمريكا، في تدخل سافر من شؤون دولة أخرى، دون أن تصدر من الإدارة الأمريكية أية إدانة أو شكوى، بل على العكس جرت أكبر عملية قمع للطلاب مباشرة بعد خطاب النتن.
لقد وضع الصهاينة رجالهم ونسائهم في كل مكان في الولايات المتحدة، ولم يتركوا ثقب إبرة إلا ودخلوا فيه، في الجامعات وفي وسائل الإعلام والسينما والفن والترفيه والرياضة والكونغرس وشركات التكنولوجيا والاتصالات والتصنيع العسكري، وفي المصارف والبورصات وأسواق المال، حتى أنك تجدهم في شبكات الصرف الصحي أيضا.
حولوا النخب السياسية، وبشكل خاص في الكونغرس والبلديات والمجالس المنتخبة والسلطة الحاكمة إلى عبيد ومتعاونين مع الكيان، بأكثر من طريقة وفقا للتركيبة النفسية للشخصية المستهدفة، بالمال والابتزاز والجنس والمصالح والتسجيلات الصوتية والمرئية وبأية طريقة تساعد في تركيع هذه الشخصيات التي يبدو أنها مستعدة لفعل أي شيء مقابل السلطة والنفوذ والمال وعدم الفضيحة.
وسط كل ذلك يقفز سؤال مثل صخرة عملاقة تدحرجت علينا، كجلمود صخر حطّه السيل من عَلِ، بحسب امرؤ القيس، والسؤال هو: كم من الوقت يحتاج العالم للتخلص من هذا الوباء؟