منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 9:57

“لقد كان يوما للاحتفال بانتصار الحرية على الطغيان، ولكن هذا اليوم (8 مايو/أيار 1945) كان يوماً حزيناً للجزائر، حين ابتهج العالم في نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا”. (تغريدة سفير الولايات المتحدة بالجزائر جون ديسروشر.. تويتر 08/05/2018)
بالتزامن مع مرور الذكرى الـ75، تحيلنا إلى حكايات جزائرية بقدر ما قد تبدو حزينة، بقدر ما هي ورقة تعكس عظمة الشعب الذي عانى طيلة 183 عاما في رحلة البحث عن الاستقلال.
تضعنا التغريدة السابقة أمام قصة شيخٍ فلاح يدعى أحمد سعال وزوجته نوراة مهدي، هما جزء من ذلك الحزن الممزوج بالفخر والتحدي حين استقبلا خبر استشهاد ابنيهما سعال بوزيد على يد محافظ الشرطة الفرنسي لوسيان أوليفيري. لقد استقرت رصاصة الغدر في جسد الطفل بوزيد الذي لم يتجاوز سن السادسة عشرة، حينها كان واقفا في الصفوف الأولى لمسيرة الثامن من مايو/أيار 1954 بسطيف حاملا الراية الجزائرية، ويردد رفقة المئات من الجزائريين “جزائر حرة ديمقراطية”.





في ذلك اليوم الحزين لم تبك الجزائر كما يعتقد سفير الولايات المتحدة الأمريكية في تغريدته، بل زغردت النسوة، ومنهن والدة الشهيد الأول الذي سقط في ميدان الشرف.

شهداء الجزائر.. فإن سقطتُ شهيدا فزغردي يا أماه

ليل باريس والعديد من العواصم الأوروبية كان مختلفا في ذلك اليوم، رقص وغِناء وشمبانيا فرحا بتحقيق الحلفاء انتصارهم التاريخي على ألمانيا النازية، والذي تحقق عشية الثامن من مايو/أيار ملطخا بدماء الأبرياء من شعوب الدول المستعمَرة -ومنهم الشعب الجزائري- في الحرب العالمية الثانية كدروع في الصفوف الأولى.
من الصعب تخيل إحساس الجزائريين في ذلك اليوم الذي رافقته قنوات وإذاعات العالم بالموسيقى احتفالا بنهاية الحرب العالمية. لقد عاد عشرات الجزائريين إلى منازلهم ثكلى وأرامل وأيتام. في يوم واحد تغيرت ملامح الحياة في ثلاثة من أهم مدن الشرق الجزائري، سطيف وقالمة وخراطة، أمام وحشية المستعمر الفرنسي الذي لم يمنح سكان القرى والمداشر ساعات قليلة للفرح والتعبير بسلمية عن حلم الحرية.





من بين هؤلاء حكاية سعال بوزيد التي يحفظها اليوم تلاميذ المدارس، قصة نقشت بأحرف من ذهب في الكتب المدرسية وكتب التاريخ، جيلا بعد جيل لا تزال وقفته تلك -رفقة المئات من أبناء قرية الزايري ببلدية القاهرة بسطيف- تمنح الشعب الجزائر إكسير الحرية والفخر والاعتزاز بهذا الوطن.
لا توجد الكثير من الصور لهذا الطفل وأبناء القرية، فبالكاد هناك صورة أو صورتين ظلتا محفوظتين في أرشيف الكشافة الإسلامية الجزائرية التي تعلم فيها بوزيد أبجديات حب الوطن، ومنها انطلق إلى وسط ساحة القرية بقلب ينبض بحب الجزائر وهو يحمل الراية الوطنية لمطالبة فرنسا بتنفيذ وعودها للشعب الجزائري بأن تمنحه الاستقلال نظير إسهاماته في الحرب العالمية الثانية.

8 مايو.. المستعمِر الفرنسي يغدر بالجزائريين

بساطة الشعب الجزائر في ذلك الوقت وطيبته جعلته يعتقد بأن الجنرال ديغول سيحقق وعود فرنسا للجزائريين، لهذا خرجوا في كل الولايات والمدن والقرى وفي عنابة والمسيلة وبسكرة وسطيف وهيليوبوليس، في منطقة وادي المعيز وجسر العواذر وقنطرة بلخير ومضائق خراطة.. خرجوا في يوم واحد رافعين الراية الوطنية الجزائرية لأول مرة، على أمل أن يتحقق الحلم قبل أن تغرب شمس ذلك النهار.
وما هي إلا ساعات حتى تحولت شوارع الجزائر إلى حمام دم تطفو فوقه جثث أزيد من 45 ألف ضحية جزائرية، كما تشير الأرقام التقريبية المعلنة من طرف الجزائر، لتتضح ملامح المزيد من النوايا الخبيثة للمستعمر، وتزداد قناعة الشعب بأنه لا حل سوى الكفاح المسلح من أجل الحصول على الاستقلال من مستعمر لم يقرأ في حياته سوى فصول كتاب كيف تسفك دماء الجزائريين وتنكل بهم؟!
في ذلك الزمان حيث كانت الأمور مختلفة؛ لا صور ولا صفحات فيسبوك تؤرخ حراك الجزائريين الذي انطلقت شرارته في شرق البلاد، تشير بعض الروايات المحلية إلى أن الطفل سعال بوزيد كان شابا خلوقا وحافظا للقرآن، مثله مثل العشرات من أبناء القرى الجزائريين الذين لم تكن أمامهم فرصة أخرى للتعلم سوى الزوايا والكتاتيب.
في صباح الثامن من مايو/أيار 1945، نهض بوزيد باكرا على أمل أن تحمل دعوات الفجر البلاد إلى محطة طال انتظارها في أن يتذوق الناس لأول مرة طعم الحرية قبل ارتشاف قهوة اليوم الموالي، لهذا كان استعدادهم لذلك اليوم يشبه استعدادات الأطفال لعيد الفطر، وقد جاءت الانطلاقة من مسجد المحطة، لتبدأ المسيرات بشعار “الجزائر حرة” وتطالب بإطلاق سراح مصالي الحاج وتردد أغانيه “من جبالنا”.
لم تستمر فرحة بوزيد ورفاقه طويلا، فقد دخلت شرطة المستعمِر على الخط للقضاء على جميع ملامح الفرح، وقد اختارت أن تُحول الحدث إلى جنازة يُزف فيها الشهداء بالآلاف، والصدفة أن هذه الجريمة التي ارتكبها رجال الشرطة الفرنسية ضد الإنسانية انطلقت من رصاصة محافظ الشرطة باتجاه صدر الطفل بوزيد.. هكذا يكتب التاريخ مرة أخرى كيف أن هذا المستعمر المجرم، جبان وحقير عندما يتجرأ على قتل الأطفال بلا رحمة.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AC%D9%85جماجم لمناضلين جزائريين احتفظت بها فرنسا كـ”غنائم” لأكثر من 170 عاما
وقد اعتقد محافظ الشرطة أن حركته تلك ستدفع الناس للفرار خوفا، ولكن نساء القرية زغردوا وواصلوا المسير بين الرصاص الطائش الذي كان يصطادهم الواحد تلو الآخر.
ورغم مضي كل هذا الزمن فإن حكاية سعال بوزيد والشرطي لا تزال تحشد عزائم الجزائريين في كل مناسبة وموعد احتجاج، حتى ضد أي قوة تقف أمام الإرادة الشعبية. ومؤخرا خرج الجزائريون في مظاهراتهم الرافضة للعهدة الخامسة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة حاملين صور سعال بوزيد، في إشارة إلى أنه فعلا رمز كل الأزمنة، فما حدث في مظاهرات 8 مايو/أيار لن يمحى من الذاكرة أبدا.
لا يزال تاريخ 8 مايو/أيار 1945 يشكل وصمة عار على جبين فرنسا، فكلما يأتي الحديث عنه تخيم سحابة الخزي والعار فوقها، ليجعل من كبار المسؤولين الفرنسيين اليوم يشعرون بالعار بعدما تلطخت أيادي أجدادهم بدماء مئات الآلاف من الجزائريين. وعلى الرغم من صعوبة هذا الإحساس فإن سياسة فرنسا يرافقها اليوم غرور وكبرياء وهي ترفض تقديم الاعتذار عن قتل 45 ألف جزائري في أيام.

سطيف المجزرة الجماعية.. المستعمر يحصد عشرات الآلاف

ذلك اليوم الذي يصفه المؤرخون بالمنعطف الحاسم في مسار الحركة الوطنية، مهّد الطريق لثورة أول نوفمبر/تشرين الثاني 1954 التي جاءت لتمنح الشعب الجزائري الحرية والاستقلال بعد سبع سنوات من الكفاح المسلح.
وكما يؤكد الباحث كمال بن يعيش في كتابه الموسوم بــ”مجازر 8 مايو/أيار 1945.. سطيف المجزرة الجماعية”، فإن ثمن الحرية جاء غاليا جدا. وقد تضمن الكتاب حقائق وشهادات حية للذين عايشوا الحدث، لكن الملفت للانتباه هو عدم وجود إحصاء دقيق لعدد الضحايا، فالمستعمر لا يزال يخفي الأرقام الحقيقية الكاملة، بينما تشير تقارير الجزائريين إلى أن الأحداث خلفت ما بين 45 ألفا و100 ألف قتيل على مدار الأحداث التي استمرت طيلة شهر مايو/أيار، كما أسفرت في الجانب الفرنسي عن مقتل 88 فرنسيا و150 جريحا.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D9%85%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D8%B145 ألف شهيد سقطوا على يد فرنسا في ذلك اليوم الدامي التاريخي ولم تعتذر فرنسا عن ذلك
وبحسب ما جاء في كتاب “8 مايو/أيار 1945.. المنعطف الحاسم في مسار الحركة الوطنية” الصادر عن ديوان المطبوعات الجامعية للدكتور عامر رخيلة، فإن المستعمِر لم يكتف بنتائج تلك المجزرة الوحشية، بل قام بإعلان الأحكام العرفية في كافة البلاد وألقى القبض على آلاف من المواطنين وأودعهم السجون بحجة أنهم ينتمون لمنظمات محظورة، وقد لعب والي قسنطينة “ليستراد كاربونال” دورا قذرا في مجازر  8 مايو/أيار، ورسم مخططا تم التحضير له في مدينة برج بوعريريج كما يشير الدكتور والمجاهد عمار بن تومي في كتابه “جريمة وعار”، إلى أن “أشرف الحاكم الفرنسي على تشكيل عصابات ومليشيات تعمل بشكل سري على قتل واعتقال وتعذيب الجزائريين”.

فرنسا.. لن نعتذر للجزائر

تقول المخرجة الجزائرية ياسمينة عُدي في فيلمها الوثائقي الموسوم بـ”8 مايو/أيار 45 آخر” الذي أخرجته عام 2008، إننا في الجزائر نتحدث عن45 ألف قتيل، وتشير أرقام المؤرخين إلى أن الرقم ما بين 6 آلاف و25 ألف قتيل، وتعترف السلطات الفرنسية اليوم بسبعة آلاف قتيل فقط، وحسب المخرجة فإن هذا التقييم له قيمة رمزية للغاية يُعري جانبا مهما من آثار القمع الاستعماري.
فرنسا كانت تنظر بكثير من الريبة إلى أحداث 8 مايو/أيار، لهذا قررت حلّ الحركات والأحزاب السياسية الجزائرية وأصدرت أحكاما بالسجن المؤبد والإعدام والنفي، والحرمان من أبسط الحقوق المدنية مع حملات المطاردات والملاحقات والتعذيب النفسي الذي أوصل المئات من الجزائريين إلى مرحلة الجنون.
منذ الفاتح من شهر مايو/أيار وكل المعطيات والمؤشرات كانت توحي بوقوع أحداث واضطرابات، فالأجواء مشحونة قبل مجازر 8 مايو/أيار، وحسب التقارير التي قُدمت من طرف الحكام المدنيين في ناحية سطيف وقالمة، فإن خيوط المؤامرة نسجت في الخفاء، كما ذكرت الكاتبة فرانسيس ديساني في كتابها “السلام من أجل عشر سنوات” فإن محطة 8 مايو/أيار أنتجت عددا كبيرا من المظاهرات التي انطلقت منذ الأول من مايو/أيار في مختلف أنحاء ولايات الجزائر من قسنطينة وقالمة وغليزان ومستغانم وباتنة وهران وبسكرة وغيرها من الولايات الجزائرية، استجابة لنداء “حزب الشعب الجزائري”.





ويقول “عمي السعيد عليك” الذي يعتبر أحد أبرز المجاهدين وكان شاهدا على مظاهرات ومجازر 8 مايو/أيار، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، إن جريمة فرنسا تطورت وتحولت إلى عمليات حرق وقتل وانتقام ورمي الجزائريين في الوديان ضمن مخطط التطهير المنهجي. وقد استمرت المجازر إلى غاية 22 مايو/أيار وشملت عمليات القتل الجماعي التي شهدها بأم عينه في منطقة مالبو. كما قال “كانت القوات الفرنسية تجمع الناس لمشاهدة عمليات التقتيل الجماعي كنوع من التعذيب النفسي والتخويف، قبل أن يتم حرق الجثث وإخفاء آثار المقابر الجماعية”.

مجرزة 8 مايو.. فرنسا ترفض الاعتذار

مجازر 8 مايو/أيار 1945 ما هي إلا حلقة بسيطة جدا من مسلسل جرائم فرنسا في الجزائر، لقد تفنن المستعمر في قتل وتعذيب وتشريد الشعب الجزائري، وهو اليوم يرفض تقديم اعتذار له، حيث تُكابر فرنسا رغم أن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون اعترف بوحشية المستعمر عندما كان مرشحا للرئاسيات عام 2016.
ومنذ استقلال الجزائر في 5 يوليو/تموز 1962، لم يرد على لسان أي رئيس فرنسي تصريح كهذا الذي جاء به ماكرون، وهو التصريح الأول من نوعه لرئيس فرنسي منذ أول زيارة رسمية قام بها الرئيس فرنسي فاليري جيسكار ديستان عام 1975 إلى الجزائر المستقلة، وقد صدمت تصريحات ماكرون اليمين الفرنسي، خاصة أنها جاءت بعد مراوغات من سابقه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي تبنى نبرة تصالحيه مع التاريخ، واصفا استعمار بلاده للجزائر بالاستعمار “الوحشي والجائر”.





في ذلك الوقت فتحت هذه التصريحات أبواب النار على ماكرون، وانزعج النائب عن الحزب الجمهوري الفرنسي جيرار دارمانين وعدد كبير من قادة اليمين الفرنسين، وكتب دارمانين على صفحته “العار لماكرون الذي شتم فرنسا”، وعلق المسؤول في الجبهة الوطنية واليران دو سان جوست قائلا “ماكرون يطعن فرنسا من الخلف”.
هذه الطعنات والشتائم، لم تكن يوما مطلب الجزائريين، فما يهم الشعب الجزائري اليوم هو إلزام فرنسا بتقديم الاعتذار رسميا والمضي نحو المحاسبة، وهو الأمر الذي لا تزال تتجاهله فرنسا وترفض التجاوب معه جملة وتفصيلا، رغم كل الطلبات التي تدعوها لإرجاع الأرشيف الجزائري والعديد من الأشياء التي أخذتها من الجزائر منها جماجم أكثر من 500 جزائري، ومنها جماجم 36 قائداً من المقاومة الجزائرية قُتلوا ثم قُطعت رؤوسهم من قبل قوات الاستعمار الفرنسي أواسط القرن الـ19، ولا تزال فرنسا تحتفظ بها في متحف الإنسان بباريس.
 

المصادر

شهادات حية عن مجازر 8 مايو/أيار 1945 :
https://www.youtube.com/watch?v=ESWUCEQnDZ0
فيديو اعتراف ماكرون بجرائم فرنسا ودعوته للشعب الفرنسي بالجرائم
https://www.youtube.com/watch?v=R1uOtOhGUmk
فيديو الحياة في سطيف وخراطة في 8 مايو/ايار 1945:
https://www.youtube.com/watch?v=tKhnBIBqTwU
شهادة الصحفي الأمريكي لاندروم بولينغ عن مجازر 8 مايو/أيار 45 في سطيف:
https://www.youtube.com/watch?v=vXL3jqoX0Xw
رابط الفيلم الوثائقي “8 مايو/أيار 45 آخر”:
https://www.youtube.com/watch?v=U7I4euzoRe0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 10:02

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%A4%D8%B1%D8%B1





سلسلة “تحرير الجزائر”.. 132 سنة من الاستعمار الفرنسي


فتح موقع الجزيرة الوثائقية ملفا تاريخيا عن “تحرير الجزائر” من الاستعمار الفرنسي، وناقش الملف في سلسلة من ثلاث حلقات أحداث ما قبل احتلال الجزائر في العام 1832 وحتى استقلالها في العام 1962.
ويستنطق الملف وأفلامه شهود عيان ومؤرخين درسوا الحالة الجزائرية والاستعمار الفرنسي وأثره الذي خلفه في هذا البلد المسلم الذي قدم أكثر من مليون شهيد مقابل حريته ولأجل طرد المستعمر من أرضه.
استمدت الثورة الجزائرية أفكارها من ذات الثورة الفرنسية التي جاء أصحابها فيما بعد ليستعمروا بلدان الغير، ويستعبدوا شعوبها، لكن إرادة هذا الشعب استعصت على المحتل رغم امتداد احتلاله لقرن وثلث القرن، ليدرك في النهاية أنْ لا مقام له، فرجع خائبا إلى بلده، وحققت الجزائر بذلك انتصارا تاريخيا لم يكن لها أن تحققه لولا إرادة الشعب الحر في التخلص من عبودية المحتل الغريب وسيطرته.
وقد قمنا في موقع الجزيرة الوثائقية بعرض تقارير هذه الحلقات الثلاث على مدار ثلاثة أيام متتالية، وفيما يلي نقدم ملخصاتها:
 
تحرير الجزائر.. بين صفعة “الباي” وبنادق الثوار
وتبحث الفترة منذ بدء الاحتلال وما تبعه من مجازر اقترفتها فرنسا بحق الشعب الأعزل فجعلت من الجزائر بلد المليون شهيد، كما تناقش كيف بدأ الشعب يفكر بالتحرر من قيد المستعمر بمعاونة عربية وأفكار تحررية مستقاة من الثورة الفرنسية ذاتها.
تحرير الجزائر.. تخبطات عنيفة لأفعى تحتضر
وتستعرض هذه الحلقة مجموعة من الوثائق السرية والشهادات التي وثّقت لانطلاق جبهة التحرير الوطني وصدور بيانها الأول، ثم مؤتمر الصومام وأهم مخرجاته، وتفتح ملف التعذيب والاعتقال والتغييب القسري أثناء معركة الجزائر وأخيرا الإضراب الكبير.


تحرير الجزائر.. وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
وتدور أحداث هذه الحلقة الثالثة والأخيرة حول موضوع تدويل القضية الجزائرية، والجهود التي بذلتها جبهة التحرير في طرح قضيتها في المحافل الدولية والإقليمية، وكيف تصدت فرنسا لهذه الجهود، وعانت من جرائها عزلة دولية أدت بها في النهاية إلى الاعتراف بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وصولا إلى الجلوس وجها لوجه مع الثوار على طاولة المفاوضات.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:21

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 580_1_8



الحراك الجزائري.. متى بدأت الحكاية؟
حكم عبد العزيز بوتفليقة الجزائر بصلاحيات لم يتمتع بها أي أحد قبله
“نحن هو الابتلاء يا حكومة وهذه النار لن تخمد، يا من كنتم تعتقدون أن كل شيء للبيع، البهجة غير قابلة للبيع”.. رسالة أراد المتظاهرون الجزائريون إيصالها لسلطتهم التي حكمت بلادهم أكثر من 20 عاما.
خرج الشعب الجزائري من ذروة الغضب وخيبات الأمل والفقر لتحرير الجزائر العاصمة -أو البهجة كما يطلقون عليها- من قيد حُكم أطبق على أنفاسهم لعقود.
وعن بداية الحراك الجزائري عرضت قناة الجزيرة فيلما بعنوان “الحكاية لم تبدأ من العهدة الخامسة” ضمن برنامج للقصة بقية، تعرّض لبدايات الاحتجاجات في الجزائر، والمخاوف التي رافقت المحتجين، وتدخلات الجيش لضمان تحقيق مطالبهم.
“كان دائما عندي أمل أن أولاد بلادي سيقومون بهذا الحراك، وأننا سننهض من أجل التغيير”.. هكذا عبرت جيهان إحدى المشاركات في التظاهرات عن فرحتها ببداية حراكٍ شعبي كانت تنتظره منذ زمن.
ومن كل شبر في الجزائر عزم أهلها على التغيير السلمي بعد 57 عاما قضوها بعد الاستقلال يتوقون للخلاص من نظام سياسي استمر لعقود.
حكم عبد العزيز بوتفليقة الجزائر بصلاحيات لم يتمتع بها أي أحد قبله، فالجزائر التي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 40 مليون نسمة -70% منهم يقل عمره عن 30 عاما- لم يعرف 45% منهم سوى بوتفليقة رئيسا لبلادهم.





انهيار جدار الصمت
كان ترشح الرئيس المريض -الذي لم يخاطب شعبه منذ سبع سنوات- بداية نهاية حكمه، فانهار جدار الصمت لتظهر جزائر جديدة لا تشبه ما قبل 22 فبراير/شباط 2019 وهو بداية انطلاق الحراك الجزائري.
يقول مهدي رمضان الباحث في علم الاجتماع “ولد الحراك في الجزائر بسبب اختلاف ثقافة الشعب التي أصبحت أكثر وعيا، والسبب الثاني هو الخطأ الفادح الذي ارتكبته السلطة بترشح بوتفليقة مرة أخرى”.
ولأول مرة منذ 20 عاما تمتلئ ساحات الجزائر بطوفان بشري ينشد الخلاص من حكم الرئيس المريض، وقد تخلصوا من عقدة العودة إلى سنوات الدم رافعين شعار “فزاعة الإرهاب لم تعد تجدي نفعا”.
تقول دينا مسعود إحدى المشاركات “كنا متخوفين من ردة فعل المؤسسة العسكرية، وكانت أيدينا على قلوبنا، لكن رسالتنا كانت: نموت ويحيا الوطن”.
وقال كعبوب محمد “الحراك لم يبدأ عندي من اليوم، بل بدأ منذ بداية العهدة الرابعة، من الملاعب”.
كانت مدرجات الملاعب الجزائرية المتنفس الوحيد للشعب الجزائري، شاهدة على مطالبهم، فصرخ الشباب الجزائري من قَبل في المدرجات “في العهدة الثالثة ضعفت البلاد بسبب المصالح الشخصية”.
أما مفتاح أنيس فقال “حرمونا حقوقنا، أبناؤهم كلهم في أوروبا وتركونا نحن في الفقر، الله غالب”.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 580_29
قدمت السلطة الجزائرية تحت ضغط الشارع -الذي لم يهدأ- تنازلات بدأت بالعدول عن العهدة الخامسة وانتهت بتنحي بوتفليقة
المؤسسة العسكرية.. مع أم ضد؟
وفق مؤشر الفساد لعام 2018 تحتل الجزائر المرتبة 105 من بين 180 دولة بمعدل نزاهة 35%.
ورغم أن عائدات النفط للجزائر الذي يحتل المرتبة الرابعة عالميا في احتياطي الغاز والسابعة عالميا في احتياطي النفط بلغت في عام 2017 أكثر من 33 مليار دولار، فإن الجزائر ظلت تعاني من التوزيع غير العادل للثروات واحتكار فئة صغيرة من رجال الأعمال المقربين من السلطة للسوق بطرق غير قانونية.
دفع هذا الفساد والتهميش والإقصاء والمحسوبية والبطالة الشعب الجزائري للخروج إلى مظاهرات عمت ولايات الجزائر الـ48 في ست جُمَع متواصلة.
وبين متوجس ومحذر من العودة إلى سنوات الدماء ومصطف إلى جانب دعاة التغيير وقفت المؤسسة العسكرية الجزائرية محاولة السيطرة على وضع الشارع.
ودافع اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد عن الجيش الجزائري، مؤكدا أنه كان الدرع الواقي للوطن والمواطن منذ استعادة السيادة الوطنية للبلاد، وأنه كان صمام الأمان للجزائر في الكثير من المراحل المفصلية.
وقدمت السلطة الجزائرية تحت ضغط الشارع -الذي لم يهدأ- تنازلات بدأت بالعدول عن العهدة الخامسة وانتهت بتنحي بوتفليقة الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2013 وانتخب بعدها لعهدة رابعة.
يستمر الحراك في الشارع الجزائري حتى اليوم لتحقيق أهدافهم، وينتظر الجزائريون انتهاء المرحلة الانتقالية التي يصفها البعض بالمرحلة الأصعب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:25

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84



تحرير الجزائر.. بين صفعة “الباي” وبنادق الثوار
تفتح الجزيرة الوثائقية ملف احتلال الجزائر في سلسلة من ثلاث حلقات تعرض فيها وثائق هامة وتوثق شهادات شهود عيان للمذابح والمجازر التي اقترفها الفرنسيون بحق أصحاب البلاد والتي قادت إلى الثورة ومن ثم الاستقلال في يوليو 1962.
وتبحث الحلقة الأولى منه الفترة منذ بدء الاحتلال وما تبعه من مجازر اقترفتها فرنسا بحق الشعب الأعزل والتي جعلت الجزائر بلد المليون شهيد، وكيف بدأ الشعب يفكر بالتحرر من قيد المستعمر بمعاونة عربية وأفكار تحررية مستقاة من الثورة الفرنسية ذاتها.
 
حسن العدم
غطرسة الاستعمار.. رائحة نتنة لا تغسلها عطور باريس
كلمات قليلة بعث بها الزعيم الفرنسي “شارل ديغول” إلى الرئيس المؤقت عبد الرحمن فارس اعترفت من خلالها فرنسا باستقلال الجزائر، وأوقفت أنهار الدم ولهيب المعارك، وأنهت احتلالا دام 132 عاما، ففي 5 يوليو/تموز 1832 احتلت فرنسا الجزائر، وفي نفس اليوم من عام 1962 أعلنت الحكومة الجزائرية المؤقتة قيام جمهورية الجزائر المستقلة.
كانت أولى الوثائق وأشملها وثيقة هامة من مجلس الوزراء الفرنسي إلى أول سفير معيّن لدى الجزائر، يشرح مسار استعمار فرنسا للجزائر على مدى 132 عاما، وملخصها أن الاستعمار صنع شعبا محبا للثورة الفرنسية ومبادئ الجمهورية، ورجاله يقلدون الفرنسيين في كل شيء، وكان الاستعمار عاملا مهما في استنهاض الثورة الاقتصادية والإنتاجية في المجتمع الجزائري، حتى أن ثورته كانت مستلهِمة لمبادئ الثورة الفرنسية في التحرر والمساواة والديمقراطية.
ويرى المؤرخ الفرنسي “بنجامين ستورا” أحد أهم الباحثين في التاريخ الجزائري، أن الشعب الجزائري انقلب على الاستعمار، مستلهما أهدافه من أهداف الثورة الفرنسية ومبادئ الجمهورية، حتى في أدبيات جبهة التحرير الوطني نجد نصوصا حرفية من الثورة الفرنسية.
أما د. عثمان السعدي، وهو سفير وبرلماني سابق وعضو في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني الجزائرية فيقول: ثورات التحرر الوطني في جميع أنحاء العالم لا بد لنجاحها من أن ترتكز على نقطتين: تحرير الأرض وتحرير الذات، في فيتنام مثلا التي كانت أكبر داعم للثورة الجزائرية، فإن الفيتناميين حرروا أرضهم وحرروا أنفسهم من الاستعمار الفرنسي، واستبدلوا اللغة الفرنسية فورا بلغة بلادهم الفيتنامية، أما الجزائريون -للأسف- فقد حرروا أرضهم، ولكنهم ظلّوا مرتهنين للمستعمر في لغتهم.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B9%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%A9الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي قامت وفقا لأدبيات الثورة الفرنسية نفسها وعلى أنقاض نظام ملكيرفعة الشعوب المستعمرة.. كذبة أوروبا الكبرى
“جاك دولارو” هو شاهد عيان على الحرب العالمية الثانية، وكان قام بتحقيقات عن منظمة الجيش السري في الجزائر، ويرى أن الثورة الفرنسية ألهمت جميع حركات التحرر الثورية في العالم، وفي الجزائر كان مستغربا أن تقوم ثورة كهذه على أنقاض نظام ملكي، حيث كانت هنالك إشارات إلى اليعقوبيين وإلى “روبسبير” وإلى أدبيات الثورة الفرنسية.
وفي المقابل فإن “جاك فيرجيس” وهو من أشهر المحامين الفرنسيين، وممن دافع عن كثير من المتهمين بالإرهاب ودعم النضال الجزائري من أجل الاستقلال فيقول: كان في فرنسا فريقان، المستعمرون والمثقفون، ولم يكونوا بالضرورة على خط واحد، ثم نزلوا بلدا كانت مهدا لحضارات متعددة؛ فبينما كان ابن خلدون يكتب كان الطاعون الأسود يعيث فسادا بفرنسا، وكانت الحرب الأهلية مشتعلة فيها، وكانت طرقاتها غير آمنة، وحين جاؤوا إلى الجزائر أنكروا لغتها واعتبروها مجرد لهجة، وأنكروا عقيدتها وقالوا هي خرافات، وأنكروا تاريخها الذي كان مجيدا.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A8%D8%AD%D8%B1الجزائر هي الواجهة الأكبر على البحر المتوسط المقابلة لأوروبا وكانت تسمى مخزن روما
 
مخزن روما الذي لا ينضب.. جزاء الضباع
بالعودة إلى التاريخ يقول “بنجامين ستورا”: بدأت أطماع فرنسا تجاه الجزائر في بدايات القرن التاسع عشر، فموقعها الاستراتيجي الواسع على حوض المتوسط جعلها هدفا للاستعمار، وكذلك التنافس مع الإمبراطورية البريطانية على الممرات والمرافئ المائية.
ويؤكد “العربي الزبيري”، وهو كاتب ومؤرخ ومناضل جزائري في صفوف حزب الشعب، بقوله: كانت فرنسا بحاجة إلى تدعيم اقتصادها، وكانت الجزائر هي الخزان الذي لا ينضب لجنوب أوروبا، لقد كانت تسمى قديما مخزن روما.
حتى عام 1830 تمتعت الجزائر باستقلال وسيادة كاملتين في ظل السلطنة العثمانية، مما مكنها من بناء علاقات سياسية وتجارية مع سائر دول العالم، فصدّرت الحبوب والمواشي، وفرضت سيطرتها على حوض البحر المتوسط من خلال أسطول قوي. وللمفارقة، فقد كانت الجزائر أول دولة تعترف بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789، بل إنها أقرضت فرنسا على مدى أعوام ثمن الصادرات التي كانت تزودها بها.
أما الاستعمار فبدأ بحكاية صغيرة كما تبدأ سائر الحروب، فيقال إن “الباي الجزائري” طلب عن طريق سفير فرنسا لدى البلاط، تسديد الديون المستحقة على فرنسا، الأمر الذي جعل السفير يستشيط غضبا ويحتقر الدولة الجزائرية، وهو ما دعا الباي لضربه بمروحة (مِنشَّة) كانت في يده، ما اعتبرته فرنسا تحقيرا لهيبتها، فحرّكت قواتها لاحتلال الجزائر، وبحلول عام 1835 كان كل الساحل الجزائري في قبضة فرنسا، التي شرعت في بناء المستعمرات، وأتاحت موطئ قدم لكل دول أوروبا لتطل على أفريقيا من خلال أطول ساحل على المتوسط.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%B1ثورة الأمير عبد القادر كشفت حقيقة الاستعمار الفرنسي الذي جاء لتمهيد موطئ قدم للأوروبيين لينعموا بخيرات الجزائر
 
صفعة “الباي”.. كبرياء في وجه الأطماع الاستعمارية
يقول المؤرخ “بنجامين ستورا”: قصة المروحة مجرد ذريعة اتخذتها فرنسا لتنفيذ خططها المبيتة للسيطرة على الشاطئ الآخر من المتوسط، والدليل أن الحادثة وقعت قبل الغزو بثلاث سنوات كاملة.
ويؤكد هذه المقولة الدكتور الزبيري حيث يقول: إن الديون المتراكمة كانت السبب الحقيقي للعدوان، وقد اعترف “لويس الثامن عشر” خطيا في عام 1819 أن إجمالي الديون الجزائرية على فرنسا يبلغ 7.5 مليون فرنك ذهبي”.
وقد تصدى لهذا العدوان الكثير من الثائرين الجزائريين في شرق البلاد وغربها، فهذا الحاج أحمد باي في الشرق الجزائري، وكذلك الأمير عبد القادر غرب ووسط الجزائر، وهناك حركة مقاومة أولاد سيدي الشيخ في الجنوب الغربي، وكذلك مقاومة الشيخ بوعمامة في الجنوب الغربي، ومقاومة الطوارق والأوراس في الصحراء الجزائرية.
وبين صفعة الباي الجزائري وثورة الأمير عبد القادر، بان زيف الادعاء الفرنسي أن الاستعمار جاء لرفعة الجزائر ونهضة اقتصادها، وفي الحقيقة جاء الاحتلال لتمهيد موطئ قدم للأوروبيين لينعموا بخيرات الجزائر وليجعلوا أهلها الأصليين مسخرين عندهم. نعم لقد أنشأوا الطرقات والموانئ والمدارس والمستشفيات، ولكن خدمة للمستعمر وليس لأهل البلاد، وقد سرقوا من القبائل 3 ملايين هكتار من أجود الأراضي، وطردوا أهلها منها، ليستفيد منها مليون فرنسي غاصب للأرض.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D9%86%D8%A7%D8%B2%D9%8Aالمستعمر الفرنسي ينظر للشعب الجزائري على أنه شعب متخلف وأن لفرنسا الحق في وضع يدها على بلاده
 
استنزاف الشعوب.. برزخ بين الحربين العالميتين
اشتد الضيق على الجزائريين أثناء الحرب العالمية الأولى، حين جنّد المستعمر ثلاثمئة ألف جزائري ليحاربوا في صفوفه، وخلال الفترة بين الحرب الأولى والثانية كان الاقتصاد الجزائري القوي قد انهار تماما، فقد ضربت المجاعة أنحاء الجزائر، وخلال هذه الفترة أيضا تبلورت فكرة الحركة الوطنية الواعية، ففي 1924 شكّل الأمير خالد حركة نجم شمال أفريقيا التي تطورت إلى حزب الشعب، وفي 1941 تشكلت جماعة العلماء التي بنت ألف مدرسة وخرّجت أربعين ألفا ممن تعلموا اللغة العربية.
أما عن الهزيمة النكراء للقوات الفرنسية فيقول “دولارو”: وجلب العام 1940 معه هزيمة مُذلة للجيش الفرنسي “الذي لا يقهر” على أيدي القوات الألمانية، وهذا ما أجج الأوضاع في المستعمرات الفرنسية، وفي الجزائر على وجه الخصوص، فالمستعمر يريد أن ينتقم لكبريائه المجروحة.
ويؤكد “فيرجيس” أن النازية والفاشية ولدتا من رحم الاستعمار، فالمستعمر يدمر الشعوب التي هي أقل منه اقتصاديا وتقنيا، حتى وإن كانت ذات ثقافة وحضارة.
واستمرارا لاستقراء الفترة بين الحربين فإن المؤرخ “ستورا” يقول: صدر البيان العام للشعب الجزائري بقيادة فرحات عباس عام 1943، أما الذي يجهله كثير من الناس فهو أن ذلك البيان كان بدعم من الأمريكيين، ثم تأسست جمعية أحباب البيان والحرية، بمبادرات من أنصار فرحات عباس الذين كانوا يطالبون بحكم ذاتي، وأنصار مصالي الحاج الذين كانوا ينادون بالاستقلال”.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%A9ترجمة لوثيقة ألمانية تطالب فيها ألمانيا بتأسيس فرع للإعلام وإصدار نشرة ثلاث مرات أسبوعيا للتحريض ضد فرنسا
 
آلة الدعاية الألمانية.. عدو عدوي صديقي
لعبت ألمانيا كذلك على وتر استقلال الجزائر، وحاولت من خلال آلتها الدعائية أن تدعم تيار الاستقلال، نكاية بعدوتها فرنسا، وفي هذا الصدد فقد أُفرِج عن وثيقتين ألمانيتين تشيران إلى هذا الدعم:
الوثيقة الأولى كانت رسالة بعث بها السفير الألماني في مدريد إلى وزارة الخارجية في برلين، وتتضمن موافقة المندوب السامي الإسباني في مراكش على:
1-  تشجيع الدعاية الألمانية ما لم تضر بالمصالح الإسبانية بين أبناء البلاد.
2-  مقاومة الدعاية الإنجليزية بكل الوسائل، وبأكبر قدر ممكن.
أما الوثيقة الثانية فتقول: يجب تأسيس فرع إعلام في مدينة طنجة المغربية، ووظيفته إصدار نشرة مزودة بالرسوم التوضيحية ثلاث مرات أسبوعيا، وبعدة لغات منها العربية بصورة رئيسية، ويجب توفير المادة لهذه النشرة من قسم الصحافة في السفارة الألمانية.
غير أن هذه الحملة الدعائية الألمانية لم تأت بثمارها على الجزائريين، وزادت وطأة الاحتلال بعد انتصار الحلفاء في أيار 1945، وتفرغ الفرنسيون لتصفية الحسابات مع الثوار والوطنيين الجزائريين، ففي نفس اليوم الذي أعلن فيه انتهاء الحرب الثانية، راح الكثير من الجزائريين ضحية أعمال قمع ممنهجة قامت بها القوات الفرنسية المحتلة، وكانت حجتهم الواهية في ذلك مخالفة قانون المستعمرات برفع علامات تدل على الوطنية والاستقلال، مثل رفع الأعلام الجزائرية مثلا.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%AC%D8%AB%D8%ABمئات من جثث المتظاهرين الجزائريين السلميين قتلت بدم بارد على يد الجيش الفرنسي
 
جثث الأحرار.. شاهد عيان على الحقد الدفين
يقول “بن حملة ساسي” وهو شاهد عيان على نهاية الحرب ومجازر عام 1945: كانت جيوش الحلفاء موجودة في “قالما” عندما انتهت الحرب، وشهد الضباط البريطانيون والأمريكيون الموجودون هناك أن القوات الفرنسية كانت تُعد لمجزرة بحق الجزائريين، ولكنهم لم يحركوا ساكنا.
ويتابع ساسي: صارت الحشود تهتف: “من جبالنا طلع صوت الأحرار.. فداء للجزائر، من جبالنا طلع صوت الأحرار…. فلتحيا الجزائر”، بهذا النشيد خرجت المسيرات بالآلاف المؤلفة للشعب الجزائري تنادي بالاستقلال والحرية، وصلت مسيرة قالما إلى نهايتها، ووقفت أمام صفين من قوات الدرك الفرنسيين، الصف الأول جاثيا على ركبه ويوجه السلاح تجاه المواطنين، والصف الثاني يقف خلفه ويشهر السلاح كذلك، وبين الصفين يقف مجرم الحرب “أشيري” وبدأ القتل، وصاروا يحملون المتظاهرين وجثث القتلى ويرمونهم في الطرقات والأنهار والغابات.
ويقول “ستورا” عن هذه الفترة: على مدى شهرين بعد 8 مايو/أيار 1945 ارتكب الفرنسيون مجازر مخيفة، وخصوصا في “قالما” و”خراطة”، مما كان ينذر بشكل واضح أن وضع الجزائر بعد الحرب سوف يختلف كثيرا عما قبلها، أما في صطيف فقد استخدمت المدافع والطائرات لمواجهة حشود المتظاهرين العزل.
أما ما نشر من صور المجازر فيما بعد فمهول ومفزع ومقزز، ولم يقتصر الأمر على القوات، بل إن المعمرين الفرنسيين المدنيين شاركوا في القتل، وكانوا مزودين بالأسلحة لتلك الغاية.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B11ثورة الجزائر قوبلت بدعم من مقر الجامعة العربية في مصر ومن نظام جما ل عبد الناصر
 
عبد الناصر.. دعم الثورة المسلحة
على الرغم من أن الأحزاب الجزائرية لم تعلن الثورة المسلحة بعد، ورغم دفع حزب الشعب بمرشحيه للمشاركة في الانتخابات، فإن السلطات الفرنسية المحتلة عمدت إلى تزوير الانتخابات في كل مرة، لتحول دون وصول الوطنيين إلى البلديات والبرلمان.
وفي الوثيقة التي بعثت بها الحكومة الفرنسية إلى أول سفير لها في الجزائر، نسلط الضوء أيضا على علاقة مصر بالثورة الجزائرية، حيث أطلقت أول حكومة جزائرية مؤقتة في الخارج من مصر عام 1958 برئاسة فرحات عباس، وكان لوجود مقر الجامعة العربية في مصر وفترة حكم عبد الناصر أكبر الأثر لدعم حركات التحرر العربي وخصوصا في شمال أفريقيا، حيث كانت تجتمع القيادات الشبابية المغاربية في غرف خاصة في مقر الجامعة، بحضور مبعوث عبد الناصر للشؤون العربية فتحي الديب.
حتى أن وثائق الخارجية الفرنسية المفرَج عنها حديثا، كانت تعتبر دعم مصر وإذاعة صوت العرب تحديدا، بمثابة تدخل في الشؤون الفرنسية الداخلية. إضافة إلى تدريب فرق الكوماندوز الشمال أفريقية على الأراضي المصرية، ودعم الثوار بالمال والسلاح والذخيرة، كل هذا يعتبر خارج إطار بروتوكول التعاون الفرنسي المصري، وقد يعرض العلاقات الثنائية للخطر.
أما في الشأن السياسي الجزائري، فكان لوجود رموز حركة الانتصار للديمقراطية في مصر، وتأسيس جبهة التحرير الوطني في عام 1954 أثر ظاهر في تنحية مصالي الحاج عن المشهد السياسي الجزائري.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9جبهة التحرير الوطني تختار يوم الأول من نوفمبر/تشرين ثاني 1954 لإعلان الثورة الجزائرية المسلحة ضد المحتل الفرنسي
 
حماية المدنيين المغرر بهم.. خيار الكفاح المسلح
من الوثائق الفرنسية التي أفرجت عنها وزارة الخارجية وثيقة مختومة بـ”سري للغاية” مرسَلة من باريس في ديسمبر/ كانون الأول 1954 وتحمل طابع تقرير عسكري يتحدث عن الأوضاع العسكرية في المستعمرات قبل أشهر من تأريخها، وقد جاء فيها: إن الإجراءات التي اتُّخذت في حزيران لم تكن كافية لكبح جماح الإرهاب وحماية المدنيين البسطاء الذين يُغرر بهم من جهات خارجية، ولذلك يجب مضاعفة القوات الموجودة وتشديد الإجراءات المتخذة بحيث تحاصر مساكن المتمردين في الأوراس، وتدمر إن أمكن.
وبهذا تنتهي الحلقة الأولى من هذا الملف، حيث يرى مثقفون أن السلطات الفرنسية لم تترك خيارا للجزائريين غير خيار الكفاح المسلح، الأمر الذي حدا بجبهة التحرير الوطني إلى اختيار يوم الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1954 لإعلان قيام الثورة الجزائرية المسلحة ضد المحتل الفرنسي، وبدعم كامل من مصر والدول العربية الأخرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:30

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%84%D8%A7%D9%841



تحرير الجزائر.. تخبطات عنيفة لأفعى تحتضر
تفتح الجزيرة الوثائقية ملف احتلال الجزائر في سلسلة من ثلاث حلقات تعرض فيها وثائق هامة وتوثق شهادات شهود عيان للمذابح والمجازر التي اقترفها الفرنسيون بحق أصحاب البلاد والتي قادت إلى الثورة ومن ثم الاستقلال في يوليو/تموز 1962.
وتبحث الحلقة الثانية منه مجموعة من الوثائق السرية والشهادات التي وثّقت لانطلاق جبهة التحرير الوطني وصدور بيانها الأول، ثم مؤتمر الصومام وأهم مخرجاته، وتفتح ملف التعذيب والاعتقال والتغييب القسري أثناء معركة الجزائر وأخيرا الإضراب الكبير.
 
حسن العدم





 
بيان الثورة الأول.. انطلاق شرارة التحرير
“لا شيء سيوقف حركتنا الثورية التي بدأناها”. بهذه الكلمات الحاسمة، أطلق أحمد بن بلة الشرارة لحرب التحرير الشاملة التي ستتوج بعد ثماني سنين قاسية بالنصر والتمكين وجلاء المحتل الفرنسي وتحرير كامل التراب الجزائري.
وكان أبرز ما جاء في بيان جبهة التحرير الوطني الصادر في الأول من نوفمبر/تشرين ثاني عام 1954 ما يلي:
الهدف: الاستقلال الوطني
الهدف الداخلي: تجميع وتنظيم كل الطاقات الجزائرية السليمة من أجل تصفية النظام الاستعماري.
الأهداف الخارجية: تدويل القضية الجزائرية.
وسائل الكفاح: سنواصل الكفاح بكل الوسائل المتاحة حتى تحقيق أهدافنا.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86بيان الثورة الأول.. الهدف: الاستقلال الوطني
 
ليلة الثورة الأولى.. تهديد جدي للوجود الفرنسي
وفي أول ليلة للثورة، شهدت خمس مناطق تحركات منظمة للمقاومة الجزائرية وثلاثين عملية ضد القوات الفرنسية، وكانت كلمة السر “خالد وعُقبة”، وهذه المناطق هي:
1-  الأوراس بقيادة مصطفى بن بوالعيد.
2-  الشمال القسطنطيني بقيادة بدوش مراد.
3-  منطقة القبائل بقيادة كريم بلقاسم.
4-  منطقة الوسط بقيادة رابح بيطاط.
5-  الغرب الوهراني بقيادة العربي بن مهيدي.
يقول المؤرخ الفرنسي “بنجامين ستورا”: ما ميز ثورة الأول من نوفمبر/تشرين أول 1954 هو شمول كافة مناطق البلاد وكافة أطياف الشعب في ثورة منظمة، وقبل ذلك كانت هنالك ثورات مناطقية غير منظمة، ولكن في هذه المرة أراد القادة أن يقولوا للعالم إن كل الشعب الجزائري يرفض استمرار الاحتلال.
في وثيقة سرية فرنسية صدرت في ديسمبر/ كانون الأول 1954 كانت عبارة عن تقرير عسكري يُجمِل الأوضاع في مستعمرات شمال أفريقيا: ما زلنا لا نعرف العدد الحقيقي لهم، لكننا نجري تقييما للأوضاع بناء على التحركات التي تجري على الساحة، وبفضل ردود أفعالنا المدروسة خفضنا التهديدات التي تستهدف وجودنا في الجزائر، ولكن هذا التقدم لا يكفي حتى نقضي على الخصوم كلهم.
وهذا التقرير يثبت أن فرنسا كانت على دراية تامة أن هذه التحركات الثورية الشاملة لا تشبه ما قبلها من التحركات المحدودة.
ويصف العربي الزبيري بيان نوفمبر/تشرين ثاني 1954 أنه كان حوصلة ذكية لأدبيات الثورة التي ستصبح فيما بعد بمثابة الدستور الذي ستجتمع عليه الأمة بكل أطيافها، وقد ارتكز البيان على الأسس الجوهرية التالية:
–         تطوير وسائل الكفاح، وعلى رأسها التسلح.
–         تدويل القضية الجزائرية.
–         المفاوضات على أساس السيادة الجزائرية.
 
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9تهريب السلاح المصري إلى الأوراس والقبائل عبر ليبيا وتونس والمغرب ساعد في دعم الثورة الجزائرية
 
مصادر التسلح.. مصر تُلقي بثقلها
بالعودة إلى “ستورا” يوضح المؤرخ الحاجات الملحة للجبهة بعد إعلان معركة التحرير قائلا: كان الشغل الشاغل بعد إعلان الثورة هو البحث عن مصادر التسليح، فقبل الثورة كانت التحركات على شكل احتجاجات ومظاهرات ومفاوضات، أما الآن فقد اختلف الوضع، من هنا كان لا بد من وضع الأحداث في سياقها التاريخي، فليست الجزائر وحدها هي التي اختارت طريق العنف في النضال، فقد عاصرتها كذلك الثورة الكوبية في أمريكا الوسطى، والثورة الفيتنامية في آسيا.
وحول الدعم المصري للجبهة فقد صدرت وثيقة سرية فرنسية في أكتوبر/تشرين الأول 1956، وهي تقرير شامل بتدخلات مصر في شمال أفريقيا، وقد جاء فيها: في يناير/كانون الثاني 1956 اعترضت القوات الفرنسية قافلة محملة بالأسلحة والذخائر متوجهة من قفصة في تونس إلى مناطق الأوراس الجزائرية، وقد أكدت التحقيقات أن مصر هي مصدر هذه الذخائر.
وتعلّق “سيلفي تينو” مسؤولة الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية، على الدعم المصري فتقول إن ما يدفع دولا بعينها لدعم الثورة الجزائرية هو أغراض سياسية، وقد تكون أيديولوجية، فعبد الناصر الذي كان يسوّق للقومية العربية، كان يطمع أن يكون الزعيم الأوحد لكل الدول العربية التي ستنضوي تحت رايته القومية، بينما الاتحاد السوفياتي لم يدعم الثورة، بل كان حانقا من كمية الدعم التي تتلقاها الثورة من الولايات المتحدة، وهذا كان يُغضب فرنسا من باب أولى، كما أن الصين كانت تدعم الثورة أيضا.
وقد أقدم الفرنسيون لاحقا على إغلاق الحدود بين الجزائر وتونس للحدّ من تهريب السلاح المصري إلى الأوراس والقبائل، واستمرت عمليات القرصنة الفرنسية، ففي وقت كان فيه آية أحمد وبوضياف وبن بلة في طريقهم من المغرب إلى تونس على متن طائرة مغربية، نفذت ثلاث طائرات فرنسية عملية قرصنة لاختطاف الطائرة المغربية واعتقال الزعامات التي عليها، وظلوا رهن الاعتقال حتى وُقعت اتفاقية وقف إطلاق النار في آذار 1962.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B7%D8%A7%D8%A1%D8%B1%D8%A9ثلاث طائرات فرنسية في عملية قرصنة لاختطاف طائرة مغربية تقل زعامات الثورة الجزائرية
 
العدوان الثلاثي.. نكاية الفرنسيين بمصر
أثارت ردود الفعل الدولية على هذه العملية غضب فرنسا، ففي وثيقة من الممثل الفرنسي في منظمة الأمم المتحدة إلى وزير الخارجية “بينو” في أكتوبر/تشرين الأول 1956 توضح فرنسا تداعيات اعتقال هؤلاء القادة بما نصه: إن البيان الصادر عن مجموعة الدول الأفريقية الآسيوية وصف الفعل الفرنسي بأنه عمل استبدادي سيؤدي إلى تعكير إضافي للسلام وإلى زعزعة الأمن في شمال أفريقيا، كما أن ردود الفعل الأولية ليست في صالح فرنسا، ومن شأنها أن تعيق تقدم الجزائريين في الحصول على حقوقهم المشروعة.
ونلقي نظرة على الأوضاع في مصر، فبعد أسبوع فقط من اختطاف الطائرة، صدر قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية، وعلى إثرها انطلق العدوان الثلاثي على مصر بمشاركة فرنسا وبريطانيا وإسرائيل المحتلة في نوفمبر/تشرين ثاني 1956.
وقد يتساءل البعض عن سبب مشاركة فرنسا في هذا العدوان، والواقع أن ما كان يؤرق الفرنسيين من مصر، هو أنهم كانوا لا يريدون من الجزائريين الشعور بأي انتماء وطني أو قومي، وكانت الدعاية المصرية تؤجج فيهم هذه المشاعر، ولذلك فقد دعم الفرنسيون عدوان 1956 بقوة ضد مصر.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%85المقر الذي عقد فيه مؤتمر الصومام الذي حددت فيه مسارات الثورة
 
معركة الجزائر.. أولى نتائج مؤتمر الصومام
عقدت الجبهة مؤتمر الصومام، في أغسطس 1956، وأفرز هذا المؤتمر الهام توجهات مفصلية في مسار الثورة، وكان ذلك باجتماع ممثلين من قيادة الثورة، وكان من أهم ما صدر عن هذا الاجتماع:
–         توحيد القيادة بعد القيادة الجماعية حسب المناطق.
–         المجلس الوطني للثورة، ولجنة التنسيق والتنفيذ.
–         توحيد الرتب العسكرية.
–         إعادة تقسيم المناطق جغرافيا وأسموها الولايات.
كان من أهم ثمرات مؤتمر الصومام، ما أطلق عليه فيما بعد “معركة الجزائر” التي تشمل كل أعمال المقاومة منذ تاريخ المؤتمر وحتى سبتمبر/أيلول من عام 1957. يقول “ستورا”: معركة الجزائر ذات أهمية خاصة لكونها نقلت المعركة إلى داخل المدن، وخصوصا الجزائر العاصمة، وهو ما أغضب السطات الفرنسية وأحرجها أمام الرأي العام في ذات الوقت، فكان لزاما عليها أن تخوض المعركة أو تخسرها.
ويتابع “ستورا”: دخل الفرنسيون هذه المعركة بطريقة عنيفة ومتطرفة، وقاتلوا جبهة التحرير ممثلة بقائدها الميداني ياسف سعدي آنذاك، كانت المعركة مروعة جدا، وفضحت وجه الاحتلال البشع للقوات الفرنسية، ليس بسبب موجات التعذيب الجماعي التي كان يتعرض لها المواطنون فحسب، بل كذلك بسبب الاختطاف والإخفاء القسري لآلاف الجزائريين، والإعدام الجماعي خارج نطاق القانون.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A8%D8%A82الفرنسيون في معركة الجزائر كانوا أكثر وحشية وهمجية فقصفوا المدينة ودمروا المنازل
 
معركة الجزائر والإضراب الكبير.. الوحشية الفرنسية بدون ماكياج
يصف عمرو عبد القادر أحد مجاهدي معركة الجزائر ما حدث معه خلال معركة الجزائر وما تبعها من أحداث قائلا: كنت في الجزائر العاصمة حينها، وكان عمري 19 عاما، وقد أوقفتُ من قبل الجيش الفرنسي، ونُقلت إلى مراكز التعذيب، وكان بن مهيدي لا يبعد عني أكثر من 200 متر، وكان كذلك ياسف سعدي وعلي لابوانت، وكان هناك قيادة منظمة، ولولا ذلك لما نجح الإضراب.
يقول المحامي “جاك فيرجيس”: دخلتُ الجزائر أثناء المعركة، وكان قد قُبض على جميع المحامين الجزائريين، وكانوا يسمونهم المحامين المسلمين، وتم تعيين محامين من اليسار الفرنسي، كان كل همنا أن نوقف عقوبة الإعدام، فهؤلاء قضاة عسكريون لا يهمهم موضوع الرأي العام، ولا سبيل إلى التفاهم معهم على شيء، فعملنا على إثارة الرأي العام ضد الحكومة حتى نمنع الإعدام، وهذا ما دعّم موقفنا.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%841الجنود الفرنسيون يحطّمون أبواب المحال التجارية ويفتحونها عنوة، ويدهمون البيوت لإجبار التجار على التوجه إلى أعمالهم
 
قتل الثائر ومحاميه.. تسريبات في مذكرات الضباط
يقول المحامي “جاك فيرجيس”: كانت هنالك أوامر صريحة من رئيس الحكومة الفرنسية بتصفية المحامين، وهذا ما حدث للمحامي “أنقران ولد أوديه”، فقد قتلوه بطريقة سرية كما يفعل قطاع الطرق واللصوص، أما علي بومنجل فقد عُذب وأُلقي به من الطابق السادس، وادّعوا أنه انتحر، ولكن الضابط الذي عذّبه كتب في مذكراته أنه ألقى به من النافذة، وغيرهم العشرات من المحامين، وهذا يدعو إلى ذاكرتي ثلاثة محامين قُتلوا في ظروف مشابهة، كانوا يدافعون عن صدام حسين.
في الوقت نفسه، كان الجنود الفرنسيون يحطّمون أبواب المحال التجارية ويفتحونها عنوة، ويدهمون البيوت لإجبار التجار والعمال على التوجه إلى أعمالهم، ويعتقلون كل من تحوم حوله أدنى شبهة بأنه يباشر أعمالا عدائية ضد المحتل.
كان الهدف الرئيس من معركة الجزائر، والإضراب العام، هو أن تتقدم جبهة التحرير خطوة في مجال تدويل القضية الجزائرية، فهي تقدم نفسها على أنها الممثل الشرعي للشعب، وأنها المسيطرة على زمام الأمور في الشارع الجزائري، وقد كان لها ما أرادت، كما سنرى في الحلقة القادمة.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%AD%D8%B1%D8%A8المجاهدون الجزائريون يشتبكون مع جنود المحتل الفرنسي على أكثر من جبهة
 
قرية بوسيف.. مجزرة كبرى في صفوف العزّل
وجد إعلان حرب التحرير الشاملة في 1954 صدى في كل مناطق الجزائر، واشتبك المجاهدون مع جنود المحتل على أكثر من جبهة، نذكر منها:
–         الولاية الأولى: معركة جبل آرقو في يوليو/تموز 1956.
–         الولاية الثانية: معركة واد بوكركر سبتمبر/أيلول 1956.
–         الولاية الثالثة: معركة قرية ملّوزة مايو/أيار 1957.
–         الولاية الرابعة: معركة جبل باب البكوش في مايو/أيار 1958، ودامت 3 أيام وانتهت بانتصار الثوار.
–         الولاية الخامسة: معركة جبل عمّور أكتوبر/تشرين أول 1956.
كانت فرنسا تحارب التسلح الآتي من جميع جهات العالم، ودمّرت قرى حدودية عن بكرة أبيها لمجرد شبهة مرور الأسلحة عبر أراضيها، وشهدت قرية سيدي يوسف على الحدود مع تونس في فبراير 1958، واحدة من أبشع المجازر فقد دُمّرت بالكامل وأودى الدمار بحياة 79 مدنيا أعزل، بينهم 11 امرأة و20 طفلا، هذا المجزرة التي غيرت مجرى الأحداث، وفاقمت غضب الرأي العام العالمي على انتهاكات الجيش الفرنسي.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D9%82%D8%B3%D9%81صراع مستعر بين الطبقات السياسية في فرنسا بعد الصورة المشينة لها دوليا إثر انتهاكاتها وفضائح جيشها في الجزائر
 
التفاف الجزائريين حول الثورة.. هزيمة معنوية في فرنسا
على الرغم من كل هذا القمع الذي مارسه الجيش الفرنسي فقد صدرت وثيقة فرنسية، توضح أن “الجبهة استكملت تسليحها إلى حد كبير عبر التهريب، وأن دولا عديدة شاركت في التسليح مثل ليبيا وتونس والمغرب ومصر وروسيا ويوغوسلافيا والصين وايطاليا وألمانيا الغربية”.
ويُجمل المؤرخ “ستورا” نتائج معركة الجزائر قائلا: كان يظهر أن النصر العسكري فرنسي، غير أن معنويات الجزائريين والتفافهم حول قضايا التعذيب والمخطوفين والمعتقلين جعلهم يلملمون جراحهم ويعودون بقوة مرة أخرى في عام 1960 من خلال مظاهرات ديسمبر/كانون الأول، بينما في فرنسا كانت الروح المعنوية في أدنى مستوياتها بسبب انتهاكات وفضائح الجيش في الجزائر، وكان هناك صراع مستعر بين الطبقات السياسية بعد الصورة المشينة التي ظهرت بها فرنسا دوليا.
وفي الحلقة القادمة والأخيرة من هذه السلسلة، سوف نسلط الضوء على مرحلة تدويل القضية الجزائرية، ومن بعدها إعلان الاستقلال وجلاء المستعمر، بعد أن قدّم الجزائريون على مدى 132 عاما زهاء مليون ونصف من الشهداء، ودمارا مخيفا في كافة مرافق الحياة الجزائرية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:33

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Tttt





تحرير الجزائر.. اندحار المستعمر الفرنسي

تفتح الجزيرة الوثائقية ملف احتلال الجزائر في سلسلة من ثلاث حلقات تعرض فيها وثائق هامة وتوثق شهادات شهود عيان للمذابح والمجازر التي اقترفها الفرنسيون بحق أصحاب البلاد والتي قادت إلى الثورة ثم الاستقلال في يوليو/تموز 1962.





وتبحث الحلقة الثالثة والأخيرة منه موضوع تدويل القضية الجزائرية، والجهود التي بذلتها جبهة التحرير، في طرح قضيتها في المحافل الدولية والإقليمية، وكيف تصدت فرنسا لهذه الجهود، وعانت من جرائها عزلة دولية، أدت بها في النهاية إلى الاعتراف بحق الجزائريين في تقرير مصيرهم، وصولا إلى الجلوس وجها لوجه مع الثوار على طاولة المفاوضات.

تدويل القضية الجزائرية.. وفشل فرنسا

يمكن توضيح وجهة النظر الفرنسية تجاه تدويل القضية، من خلال الوثيقتين التاليتين اللتين توضحان مدى قلق الحكومة الفرنسية من هذه الخطوة الجريئة من قبل الثوار:
الوثيقة الأولى؛ عبارة عن رسالة من رئيس الحكومة إلى الممثل الدائم لفرنسا في مجلس الأمن في يونيو/حزيران 1956: ليست القضية الجزائرية قضية بين دول حتى تُطرح في مجلس الأمن، ولكنها شأن داخلي فرنسي، ولا يمكن لمجلس الأمن التدخل إلا إذا طال أمد مثل هذه القضايا، أو شكلت تهديدا للأمن والسلم الدوليين، وهذا ما لم يحدث، ابذلوا قصارى جهدكم من أجل إحباط هذه الحملة.
أما الوثيقة الثانية، فكانت برقية من السفير الفرنسي في واشنطن إلى وزير الخارجية الفرنسي، في سبتمبر/أيلول 1956: إن السيد “هوفر” نائب وكيل وزارة الخارجية الأمريكية أبلغنا أن الوجود الفرنسي في الجزائر معترف به أمريكيا، وأن بإمكان فرنسا التعويل والاعتماد على التفاهمات المعترف بها بين البلدين في هذا الصدد، لكن المجموعة العربية والآسيوية قررت إدراج هذا البند ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن الوقت المناسب للتدخل هو عند افتتاح الجلسة.
هكذا، وبعد سنتين من انطلاق الثورة، نجحت جبهة التحرير في إدراج بند القضية الجزائرية ضمن جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي البدء في تحقيق ثاني الأهداف العامة للثورة، ولم يبق سوى الهدف الثالث وهو البدء بالمفاوضات وصولا إلى الاستقلال التام.
في الواقع، كان يُنظر إلى هذا الهدف على أنه بعيد المنال في 1958، وذلك نظرا لتفاقم الأوضاع بعد معركة الجزائر، والقمع الفرنسي للشعب أثناء تلك المعركة، حينها قررت مجموعة من المستعمرين الفرنسيين عُرفوا فيما بعد بمجموعة “ذوي الأقدام السوداء” أن يقوموا بانقلاب في 14 مايو/أيار 1958.

عودة “ديغول”.. عرّاب فكرة الجزائر الفرنسية

ساعد في انقلاب مايو/أيار جنرالات كبار من الجيش الفرنسي، حيث ساهم هذا في إعادة الجنرال “شارل ديغول” إلى سدة الحكم بعد عشرين يوما فقط من الانقلاب، كرئيس للوزراء أولا، ثم كأول رئيس للجمهورية الخامسة، وذلك في ديسمبر/كانون أول 1958، حيث يسجل أن هذه هي المرة الأولى التي استطاعت فيها الجزائر كمستعمرة أن تحدث هذا الزلزال الكبير داخل أروقة الحكم في باريس.
يقول “جان بول بلير”، مؤرخ وخبير بسياسة “شارل ديغول”: لم يكن ديغول وراء الانقلاب بل إنه أوقفه، ولا ننكر أنه استفاد منه، وفي إعادة قراءة الانقلاب، نجد أن شريحة كبيرة من الفرنسيين كانت تميل إلى فكرة “الجزائر الفرنسية”، وهو شعار يمكن أن تتشكل تحت مظلته العديد من المعادلات السياسية، لكن الأمر المؤكد هو أن طيفا واسعا من الفرنسيين يؤيدون الوجود لفرنسي في الجزائر.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%AF%D9%8A%D8%BA%D9%88%D9%84خطاب “ديغول” التاريخي في الجزائر بعد يومين فقط من تسلّمه الحكومة، وفيه قال كلمته المشهورة: “لقد فهمتكم”
زار “ديغول” الجزائر بعد يومين فقط من تسلّمه الحكومة، وهناك قال كلمته المشهورة: “لقد فهمتكم”، وهي جملة لا تحمل معنى محددا، ولكنها عندما تخرج من شخصية محنكة مثل “ديغول”، يكون لها مفاهيم عميقة مختلفة، باختلاف أفهام النخب التي سمعتها، ويميل المؤرخ “بلير” إلى أن هذه الكلمة كانت موجهة إلى فرنسيي الجزائر، ثم إلى المسلمين الذين يرغبون ببقاء فرنسا في الجزائر.
لكن الكاتب والمؤرخ “العربي الزبيري”، رأى أن الجزائريين كانوا مجبرين على الخروج للترحيب بـ”ديغول” وسماع خطابه، ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكونوا مؤيدين لمجيئه، أو حتى لطرحه فكرة “أن فرنسا تعتبر الجزائر تحتوي على فئة واحدة موحدة من السكان، وتعتبركم جميعا فرنسيين”.

إعلان الحكومة المؤقتة.. “إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل”

اعتمدت الحكومة الفرنسية خطة تعليم شامل في الجزائر، ورصدت لها 23 مليار فرنك، لمحو الأمية تماما في غضون ثمانية أعوام، ولكن ما لم يفهمه “ديغول” هو أن الجزائريين كانوا قد تجاوزوا فكرة “الجزائر الفرنسية” منذ أن أعلنوا الثورة ورفعوا السلاح في نوفمبر/تشرين الثاني 1954، وقد استبقت جبهة التحرير مراسم تسليم رئاسة الجمهورية الفرنسية لـ”ديغول”، بإعلان تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة في سبتمبر/أيلول 1958 في القاهرة، برئاسة فرحات عباس.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3“ديغول”، يعلن تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة في سبتمبر/أيلول 1958 برئاسة فرحات عباس
تقول “سيلفي تينو”، مسؤولة الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية: لقد كان تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة في الجزائر رسالة قوية للرئيس “ديغول”، فكانوا يريدون أن يقولوا له: سيادة الرئيس، تذكَّر أنك قمت بتشكيل حكومة مؤقتة لفرنسا في المنفى عام 1944، مع العلم أنه كان في فرنسا حكومة شرعية آنذاك، ولكنك لم تكن تعترف بشرعيتها، فالذي رضيت به لنفسك في ذلك الوقت، يجب أن ترضاه لغيرك اليوم.
وتمثلت ردة الفعل الفرنسية تجاه الحكومة المؤقتة برسالة بعث بها وزير الخارجية إلى سفراء فرنسا في الدول المختلفة، مفادها: من المهم جدا إفساد تلك المؤامرة المكشوفة، والمتمثلة في إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة، والتشديد على الطبيعة المصطنعة لتلك الحكومة، فهي:
–         أولا: شكلت نفسها بنفسها، وليس من خلال انتخابات أو مرجعية شعبية.
–         ثانيا: لا تتمتع بواقع السلطة القانونية، فمن المستحيل أن تمثل ذرة من التراب الجزائري أو أن تقف عليه.
–         ثالثا: وهي بالتالي لا تملك سيطرة على هذا التراب، ولا دفعا للأعمال الإجرامية التي يقوم بها أفراد العصابات التابعة لها التي لا تفرق بين الأبرياء من حيث أصولهم وأعراقهم.
–         رابعا: هذا الغياب التام للصفة القانونية والتمثيلية، لا يسمح لها بالوفاء بتعهداتها، والالتزام بمسؤولياتها.
وعليه فإن الاعتراف بهذا الكيان المتشكل في القاهرة، يعني تدخلا في الشؤون الداخلية الفرنسية، وعملا عدائيا على أقل تقدير.

“خطة قسنطينة”.. محاولة أخيرة لسلام الشجعان

يقول المؤرخ “بنجامين ستورا” حول أولويات الحكومة المؤقتة: كان من أهم أولويات الحكومة المؤقتة، الحصول على الاعتراف من أكبر عدد من الدول، وكانت الصين ودول أوروبا الشرقية ودول الجامعة العربية هي أول الدول التي اعترفت بالحكومة الجزائرية واستقبلت ممثليها الدبلوماسيين. بل وتعدى الأمر إلى أن تُدعى الحكومة المؤقتة إلى مؤتمرات إقليمية ودولية واسعة، مثل الاجتماعات المغاربية، وجامعة الدول العربية، ودول عدم الانحياز وغيرها.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B4%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D9%86دعا “ديغول” إلى “سلام الشجعان”، يلقي فيها الجزائريون السلاح باختيارهم، ويرفعون الرايات البيضاء
ظل “ديغول” يفكر في الجزائر الفرنسية، أو المستعمرات ذات الحقوق الموسعة، فدعا من قسنطينة إلى تنمية شاملة في مجال الاقتصاد والتعليم، الهدف منها الارتقاء بالحالة الجزائرية اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا، من خلال ما سمي بـ”خطة قسنطينة”، ظنا منه أن ما هذا هو كل ما كان ينقص الإنسان الجزائري.
وكانت له دعوة جريئة أخرى إلى ما سمي “سلام الشجعان”، يلقي فيها الجزائريون السلاح باختيارهم، ويرفعون الرايات البيضاء، كرمز للاستسلام الاختياري، ويتركون فرصة لعجلة التنمية أن تأخذ فرصتها، وكان “ديغول” ما يزال يحلم بأن يقبل الجزائريون فكرة “الجزائر الفرنسية”، ولكن رجال جبهة التحرير ردوا عليه برفع بنادقهم وأسلحتهم، معلنين أن “سلام الشجعان” هذا يصب في صالح فرنسا والاستعمار، ولا يمكن أن يكون في مصلحة الجزائر.

حرب العصابات الضاغطة.. تجهيز كرسي التفاوض

بعد تنصيب “ديغول” رئيسا للجمهورية في أواخر 1958، تم تعيين الجنرال “شال” قائدا للعمليات العسكرية، وبادر هذا الجنرال إلى تشكيل ما سمي بـ”الآلة الضاغطة”، وقوامها 600 ألف جندي من رجال المظلات والمشاة والمتخصصين في حروب العصابات، تدعمهم الطائرات العسكرية ومختلف المصفحات، وكان ذلك بداية عهد العمليات العسكرية الكبرى.
خلال عام 1959 والذي يليه نفذت عمليات عسكرية كبرى شملت جميع الولايات الجزائرية ومناطق الحدود، وكانت أهدافها العامة تلتقي على إضعاف القوة العسكرية لجبهة التحرير، ومنع دخول السلاح، وضرب القوافل التي تنجح في إدخال الأسلحة.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%B5%D8%A7%D8%B9%D8%B7%D8%A9شكل “ديغول” ما سمي بـ”الآلة الضاغطة” وقوامها 600 ألف جندي من رجال المظلات والمشاة والآليات ضد الثورة
وعلى المستوى السياسي، فقد كان صانع القرار الفرنسي على دراية بأن التفاوض سوف يكون قدَرا آتيا لا محالة، فوجب استباقه بضربة عسكرية موجعة من شأنها أن تحسن الوضع التفاوضي لفرنسا، حتى تفاوض من مركز قوة عدوا يجثو على ركبتيه.
يقول “ستورا”: للأسف فإن كثيرا من الجزائريين يذكرون اسم “ديغول” مرادفا للاستقلال، وينسون أن عهده كان دمويا للغاية ضدهم، خصوصا الفترة من 1959-1961، فالآلة الضاغطة وقنابل النابالم وتهجير القرويين والمجازر المروعة، كل هذا كان يفعله “ديغول” استرضاء للجيش وللمستعمرين في الجزائر.
وعلى الرغم من ست زيارات قام بها “ديغول” للجزائر خلال عامين، فقد تكرست لديه فكرة أن الاستعمار لا يستمر مع المقاومة مهما طال الزمن، وذلك بعدما رأى من الصمود والنضال والمقاومة التي أبداها مجاهدو الجزائر في وجه الآلة الضاغطة، يُضاف إلى ذلك ما كانت تشعر به فرنسا من عزلة دولية، جرّاء اصطفاف عدد من دول العالم بجانب استقلال الجزائر، وعلى رأسها الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

حق تقرير المصير.. مفاوضات مع الثوار

يقول المحامي “جاك فيرجيس”: أخبرني صديق جزائري عن الحديث الذي دار بين أعضاء الحكومة المؤقتة والزعيم الصيني “ماو تسي تونغ”، قالوا له: لقد انتظرنا تسوية مع الرئيس “ديغول”، لكنه خذلنا، ليس لأنه لا وجود لأي أفق سياسي فحسب، ولكن الوجود العسكري أصبح أكثر كثافة من أي وقت مضى.
فأجابهم: لا يدعوَنَّكم هذا إلى التخاذل، فالجنرال “ديغول” هو مناضل مثلكم، وقد ورث إمبراطورية ضخمة لقاء نضاله، ومن الصعب أن يفرّط فيها بهذه السهولة، وهو لن يتنازل بقبول الحماية الأمريكية، ولذلك فهو سيحاول سحقكم وتدميركم، ولكن إن صبرتم وقاومتم فستنالون الاستقلال.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9“ديغول” يعلن في 14 حزيران يونيو 1960 أن من حق الجزائريين تقرير مصيرهم لحل مأساة معقدة ومؤلمة
في سبتمبر/أيلول 1959 أعلن “ديغول” اعتراف فرنسا بحق تقرير المصير للشعب الجزائري، وهي خطوة رآها المؤرخون بمثابة الحفاظ على المصالح الفرنسية العليا، الاقتصادية منها والعسكرية بشكل أساسي، وليس حرصا على مصالح الشعب الجزائري.
في يونيو/حزيران 1960 تحدث “ديغول” في خطاب عام للفرنسيين، وذكر ما كان يؤرقه عن وضع الجزائر، وتساءل: ما مصير الجزائر؟ لم يخطر ببالي أنني سوف أتمكن في لحظة من حل هذه المشكلة العالقة منذ 130 عاما، إنه لا حل سوى إعطاء حق تقرير المصير للشعب الجزائري، وإنني هنا بانتظار الثوار للمجيء والتحدث عن هذا المصير.

“جزائر أبي قد ولّى عهدها”.. ثمار الاستقلال

يقول المؤرخ “ستورا”: الحقيقة أن “ديغول” كان يواجه ضغوطا داخلية؛ كان أولها عندما دعا الشباب للتجنيد الإجباري في الجيش من أجل إرسالهم للقتال في المستعمرات، وتحديدا في الجزائر. والثاني: الهجرة المعاكسة من الجزائر إلى فرنسا التي تضاعفت خلال سنة من 200 ألف إلى 400 ألف، ومعظمهم مناصرون لجبهة التحرير، وهذا ما دعا “ديغول” إلى تغيير جذري في نبرة خطابه.
لقد أثبت الجزائريون قدرتهم على الفعل، فكانت ست سنوات منذ انطلاق فعاليات حرب التحرير كافية ليصل الثوار إلى طاولة المفاوضات مع جلاديهم، لقد كانت مفاوضات مضنية استمرت عامين طويلين، ولكن الجزائريين قطفوا الثمار بعد ذلك استقلالا وتحريرا كاملين، واندحارا وانسحابا لجنود الغزاة بعد احتلال دام 132 عاما، ليقول الشعب كلمته الخالدة: إن الحقوق لا تفنى ولا تبطل بالتقادم، ولا بتطاول العهد.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري %D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A“ديغول” يصرح للأوروبيين: “جزائر أبي قد ولّى عهدها، لا يمكنكم دخولها يا أصحاب الأقدام السود”
اقتباس :
يقول أحمد شوقي:
دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا .. وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ
ولقد كانت كلمة “ديغول”، لذلك المستعمر من ذوي الأقدام السوداء-الذي كان يقنعه بالبقاء في الجزائر- أبلغ ردٍ من سياسي محنك ورجل عارف بأمور الحرب والسلام، ومناضل ذاق ويلات الاحتلال لبلده: “يا صاح: جزائر أبي قد ولّى عهدها”، وهي كلمة موجزة بليغة، تلخص تطوّر فكر هذا الرجل منذ كان يعتقد أن الجزائر حديقة خلفية لفرنسا، إلى أن استوعب في النهاية أن الأرض تلفظ الخبث، ولا يبقى عليها إلا من رواها بدمه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:37

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 224



حرب الجزائر.. شهادات القاتل بعد صحوة ضمير متأخرة
أرض سقتها دماء الثوار سنوات طويلة، فأنبتت سنابل الحرية والاستقلال، لم تخضع للغاصب المحتل ولم تسمح له برسم مستقبلها، بل اشتعلت من تحته نارا تلظى، مارس الأغراب فيها سياسة القتل وإهلاك الحرث والنسل وتخريب الممتلكات.
إنها الجزائر، البلد الثائر الذي خرج من دفء رحمه الثوار، بلد المليون شهيد الذي ما زالت روايات البطولة عن شعبه قصصا تتناقلها الأجيال، وأما قصة المستعمر ورجالاته فهي هلع وخوف يطارده في أحلامه ويقظته.





في هذا الفيلم الذي تعرضه الجزيرة الوثائقية بعنوان “حرب الجزائر.. شهادات ضمير”، يستعرض المخرج شهادات خمسة مجندين فرنسيين حول الأحداث التي عايشوها في الجزائر إبان حقبة الاستعمار، وهم “بيار رامبو” و”جورج تريلو” و”ريمي سار” و”جورج غاري” و”لوي داتان”.

“ما حدث في الجزائر يؤرقني كثيرا”.. ذكرى الحرب الدنيئة

بعد مرور أكثر من 53 عاما على عودة “بيار رامبو” إلى بلاده، ما زال شعوره براحة البال ناقصا، وذلك لأن صور رفاق السلاح الذين قُتلوا في صبيحة يوم تسريحه من الخدمة العسكرية بقيت تلازمه كظله، مسببة له حالة من الخوف والهلع.
أمّا “تريلو” فيشعر بالخزي والعار ويقول: أي فخر لنا ونحن نشارك في حرب دنيئة؟ يحاربنا الجزائريون لتخليص أرضهم منا، لسنا كمن حرر فرنسا من النازيين، فذاك مدعاة للفخر.
ويتحدث “ريمي سار” عن كثير من المجندين الذين تورطوا في التعذيب والاغتصاب قائلا: من اقترف تلك الجرائم كان مختارا لا مكرها، لو كنت مكانهم يومها وأمرني قائدي في الخدمة أن أرتكب أيَّ عمل لوافقته على ذلك، ولما كانت صحيفة أعمالي بيضاء.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 43جورج غاري جندي بالجيش الفرنسي في الجزائر
كثيرة هي أحداث تعذيب الموقوفين الجزائريين التي استخدم فيها المستعمر الفرنسي جهاز الصدمات الكهربائية، وهنا يقول “جورج غاري”: من واجبي رواية الأحداث والمجاهرة بالحقيقة حتى تسجلها كتب التاريخ.
أمّا “لوي داتان” فلم يعرف أبناؤه ولا زوجته تفاصيل إصابته في حرب الجزائر، إذ يقول: عرفت زوجتي أنني أصبت بطلقات رشاش ثقيل خلال كمين نصبه الثوار لنا ووقعنا فيه، لم أروِ حيثيات الواقعة لزوجتي إلا بعد مضي 50 عاما.
لكن “بيار رامبو” يقول: تدرك زوجتي أنَّ ما حدث في حرب الجزائر يؤرقني كثيرا.

“لا بد أن مشاهد حرب الجزائر زارتك في منامك”

لم يخفِ أحد من المجندين حالة الخوف والهلع المرافقة له، بوصفها أحد آثار حرب الجزائر حتى أثناء إقامته في بلده فرنسا. يقول “رامبو”: بعد سنتين قضيتهما في الجزائر، عدت إلى فرنسا عام 1958 وكان منزلي على ضفة البحيرة، ورجعت وموسم الصيد في أوجه، لكن فرقعة الخرطوش -وهو أحد الأسلحة التي تستخدم لأغراض الصيد- أوقعت الخوف في قلبي، فاختفيت عن الأنظار.
أمّا “سار” فإنَّ صوت طلقات بنادق الصيد في الريف الفرنسي كانت تدفعه إلى الارتماء على الأرض، فلم يكن يطيق سماعها. وكان “تريلو” إذا سمع فرقعة الطلقة ينظر يمنة ويسرة، ليتأكد أنها لم تخرج من بندقية رشاشة.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 901المخرج يستعرض شهادات خمسة مجندين فرنسيين على الأحداث التي عايشها هؤلاء في الجزائر إبان حقبة الاستعمار
وعندما حضر “رامبو” ندوة عن التعذيب في حرب الجزائر غادرها مجهشا بالبكاء قبل أن تنتهي، ويقول معلقا على الأمر: تعلمون مدى الحرج الشديد من بكاء الرجل أمام الناس.
أمَّا “داتان” فقد لاحقته الكوابيس في منامه حتى إنَّ زوجته كانت تقول له بعد استيقاظه في اليوم التالي: لا بد أن مشاهد حرب الجزائر زارتك في منامك.

“لم أمسك بندقية في حياتي قبل التحاقي بالجيش”

قبل المشاركة في هذه الحرب أحس “رامبو” بالرعب وعدم الثقة فيما هو مقبل عليه، خاصة أن حياته بوصفه ريفيا لم يعترِها استخدام السلاح أو العنف، إذ يقول: لم أمسك بندقية صيد في حياتي قبل التحاقي بالجيش، ناهيك عن حمل بنادق رشاشة.
ويتابع الحديث عن بداية رحلته إلى الجزائر قائلا: نُقلنا إلى الجزائر بحرا، وكانت مارسيليا الواقعة على ساحل فرنسا الجنوبي المطل على البحر الأبيض المتوسط تعج بالمجندين الذين تراهم منتشرين بكثرة في كل زاوية وركن.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 09765بيار رامبو جندي بالجيش الفرنسي في الجزائر سابقا
أمَّا “سار” فلم يسبق له أن رأى البحر من قبل، ولم يغادر قريته أفيرون في الإقليم الفرنسي التابع لمنطقة ميدي بيرينيه، ثم يتذكر والده الذي شارك في الحرب العالمية الأولى وجرح فيها، وهو يعلم ويلات الحروب، وأثناء الوداع شعر والده برغبة في البكاء، لم يُخفِ مظاهر القلق عن ولده التي كانت ظاهرة على محياه.

إخراج البربر إلى نور الحضارة.. معركة الجزائر

حاول رؤساء الحرب تزيينها بمآرب أخرى تنفي عن المستعمر الفرنسي صفة الإجرام الممارَس في الجزائر المحتل، وأخبروا المجندين أنها عملية لبسط الأمن والنظام وإخراج البرابرة الإرهابيين الدمويين إلى نور الحضارة، وقد حمل “سار” ورفاقه تلك الأفكار واتجهوا بها إلى الجزائر.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Capture3حياة بسيطة عاشها الفلاح في الريف الجزائري
ومن الأفكار التي حاول “غاري” غرسها في الفتيان الجزائريين فكرة أنَّ أصولهم تعود إلى بلاد الغال، وهو اسم أطلقه الرومان على المنطقة التي يسكنها الغاليون، وتمتد على شمال إيطاليا وفرنسا وبلجيكا. إذ يقول: كنت معلما قرب مدينة غرداية شمال صحراء الجزائر، حاولت تعليم الفتيان أنَّ أصولهم تعود إلى بلاد الغال، وهذا الأمر لم يكن يثير استغرابا أمام التلاميذ، لأنهم لم يعيروا تلك الرواية أي اهتمام.
كان الفلاحون يعيشون حياة بسيطة في الريف الجزائري، وقد شاهدهم “داتان” يعملون طيلة النهار لا يأكلون إلا كسرة خبز مغموسة في زيت الزيتون، وأجرهم دريهمات معدودات، وأمَّا سكنهم فيصفه “تريلو” بأنه بيوت من طين، وأطفالهم يطلبون كسرة خبز أو قطعة شكولاتة.
ربما كانت حياة المجندين الفرنسيين السابقة حين كانوا فلاحين في الريف الفرنسي، جعلتهم يقدرون حجم المأساة التي يعيشها الفلاح الجزائري تحت وطأة الاحتلال، وهنا يقول “رامبو”: أثناء عملياتنا العسكرية كنا نشاهد الفلاح الجزائري يسوق بقرتين تجران محراثا خشبيا، وفي المقابل فإن الفرنسي يعيش على أرض الجزائر حياة من الرفاهية تظهر حجم التعالي والاستكبار.

“كان مبررا لي أن أكون سفاحا”.. رغبة الانتقام

كان “سار” من الرماة الذين يطلقون الرصاص على كل من دخل إلى المنطقة المحرمة في الجبال، ويروي قصة حادثة أثرت عليه حتى دفعته للتفكير بالانتقام من الفلّاقة (الاسم الذي أطلقه الفرنسيون على ثوار الجزائر)، وذلك عندما خرج 30 مجندا من رفقائه في مهمة عسكرية وبقي هو للحراسة، وفي اليوم التالي عادت الفرقة بعد أن قُتل 16 من رفقائه في السلاح. ويقول: ذاك الحدث كان مبررا لي أن أكون سفاحا، ولكن لم أسمح لذاك الإحساس بالتسلل إلى عقلي ووجداني.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 73لوي داتان جندي بجيش الاحتلال الفرنسي بالجزائر سابقا
في سياق متصل يصف “داتان” حالة الخوف والهلع التي ألمت به في 21 سبتمبر/أيلول عام 1956 عندما رأى 17 من رفقائه المجندين مذبوحين عراة في وادي يسر، وهو مجرى مائي يصب في البحر الأبيض المتوسط، فاعترته نتيجة لهذه الحادثة رغبة في الانتقام.
لكن تلك الرغبة لم تدم طويلا، بل بددها قرار آخر اتخذه عندما جهَّز مسدسا كي يقتل نفسه قبل أن يقع أسيرا في أيدي الثوار، فمشهد القتل الذي رآه جعله يفضل الانتحار على مواجهة المصير ذاته.
لم يخفِ “داتان” استخدامه للسلاح وقتله للجزائريين أثناء فترة تجنيده، بل قال: أصبتُ أشخاصا برشاشي الثقيل من طراز دوسات، كنت أسدد الرمية فيسقط الهدف أرضا، وبعد أن سُرحنا من الخدمة بقينا نحمل الحقد على كل الجزائريين، كنا ننعتهم بالمصطلح الدارج وقتها، بونيول.

ألوان العذاب.. تخبطات المحتل في أيام الثورة الملتهبة

مارس المجندون عمليات تفتيش ومطاردة لجيش التحرير الجزائري، وهو الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني إبان الثورة الجزائرية، وذلك من خلال اقتحام القرى، وقد حاولت المقاومة تفادي عمليات التفتيش بإرسال العيون لرصد تحركات الاحتلال الفرنسي من أعالي الجبال، ثم إرسال التحذير للمقاتلين، فلم تكن قوات الاحتلال تجد في القرى غير البؤساء وكبار السن والأطفال.
يقول “غاري”: كان الأطفال عندما يشاهدون رجالنا المسلحين يزمجرون يبدؤون في البكاء ويتعلقون بملابس أمهاتهم، وبعض العجائز كانت تشتمنا بالعربية أو بالأمازيغية ويكثرن من العويل.
أثناء التحقيق مع الموقوفين استخدم المجندون العنف ضد المواطنين لإجبارهم على الاعتراف، يقول “سار”: حققنا مع رجل خمسيني ضربناه حتى لم يعد يقوى على المشي، اعترف على مخبئ لم نجد له أثرا في أي مكان. لقد أراد الموقوف التخلص من سوء العذاب، حتى لو كان ذلك باعترافات كاذبة.
وفي عملية اقتحام أخرى لأحد البيوت يروي قصتها غاري قائلا: بعد إطلاق النار على بوابة أحد المنازل ثم اقتحامه، وجدنا رجلا ذا لحية بيضاء مصابا بثقب كبير في رئتيه غير قادر على التنفس ملقى على الأرض، لم نلق له بالا، ربما مات بعد هذه الحادثة.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 999ريمي سار جندي بجيش الاحتلال الفرنسي بالجزائر سابقا
تنوعت ألوان العذاب التي مارسها هؤلاء المجندون ومنها قيام “رامبو” وزملائه بربط جزائريين مصابين بجروح خطيرة إلى بطن دبابة، حتى انسلخ جلدهما بسبب الحرارة العالية وهم أحياء، وما كان لهم أن يفعلوا ذلك إلا استجابة لأمر الضابط المسؤول عن فرقتهم.
ولتسريع جمع المعلومات أثناء التحقيق، استخدم المحققون مولد طاقة مخصصا لأجهزة الراديو لصعق الأسير بواسطة الكهرباء، مما يجعل الضحية عاجزة عن الكلام مخرجة زبدا من الفم.
ومن وسائل التحقيق أيضا استخدام سارية مرتفعة تتدلى منها الحبال لتعليق الموقوفين بالأرجل والأيدي، ثم غمر رأس الأسير بالماء حتى يصل إلى مرحلة خطيرة قد تؤدي إلى اختناقه. ويروي “غاري” قصة عن ضابط كان يضع خنجره في ضلوع المعتقلين كي يجبرهم على الاعتراف، وآخر كان يضع قُمعا في فم السجين بعد طرحه على الأرض ثم يسكب فيه الماء ضاغطا على بطنه.
ومن الجرائم الأكثر دموية عملية قتل الأسير بعد إيهامه بالإفراج عنه، إذ يقتاد إلى غابة أو مكان مجاور للثكنة العسكرية التي يُحتجز فيها ويُقتل بالرصاص، ثم يقال إنَّ سبب قتله محاولته للهرب، وكان الجنود الفرنسيون الذين يرغبون في ممارسة مثل هذه الجريمة يسجلون أسماءهم لدى قادتهم للحصول على دور في مثل هذه العمليات.

سياسات التعذيب.. جريمة تنقذ كتيبة وتصنع ثائرا

كل تلك الممارسات الإجرامية لم تلق قبولا عند معظم المجندين في الخدمة العسكرية، بل تعرضت لانتقادات واسعة وتساؤلات مشككة في جدواها، وقليل منهم شارك في تعذيب الأسرى مكرها، أمَّا الجلادون فهم العسكريون الذين وجدوا في آلام أبناء الجزائر متعة كبيرة.
ذات مرة اقتحم الاحتلال الفرنسي قرية واعتقل رجلا مهنتُه صناعة الأحذية، ثم تعرض ذلك الإسكافي لضرب شديد جعله عاجزا عن المشي، ثم عُلق على شجرة ورُبطت يداه خلف ظهره، وبعد ذلك العذاب الذي وقع على الرجل لامَ “غاري” نفسه كثيرا، لأنه لم يصدر منه أيُّ احتجاج على تلك الحادثة.





وأمام ذلك التعذيب المروع لا يرى “داتان” نفسه بطلا ولا نذلا، كما أنَّه لا يعتذر عن أفعاله وهو مكره قائلا “أنا مجرد جندي مغمور”، ويرى أن سياسةَ التعذيب الشديد بحق الأسرى مفيدةٌ جدا، وذلك من خلال تجربته العملية مع أحد الموقوفين، فقد أدى اعترافه إلى إنقاذ كتيبة كاملة من الموت.
يختلف “تريلو” مع “داتان” في سياسة التعذيب، ويقول: لا أوافق على أساليب التعذيب القاسية، لأنَّ فاقد المعلومة لن يعطيها، كما أنَّ اعتقال كافة الموقوفين في القرى التي اجتاحتها القوات الفرنسية في الريف الجزائري، كان الهدف منه منع التحاق الشباب بجبهة التحرير الجزائرية.
وفي السياق ذاته ينفي “رامبو” عن نفسه ممارسة التعذيب ضد الجزائريين، ولكنه يقول “لو أنَّ الملازم طلب مني تشغيل آلة الصعق لاستخدمتها، فأوامر القادة لا تناقش”. وهنا يبرر “غاري” عدم مقدرة المجندين على عصيان الأوامر بأنَّ ذلك يؤدي بهم إلى السجن أو القتل.
وينقل “سار” عن الجنرال “بورالدير” قوله إنَّ التعذيب يصنع عددا أكبر من الأعداء، فالجزائريون الذين وقعوا ضحية للتعذيب أصبحوا أكثر استعدادا لارتكاب أي شيء من شأنه إلحاق الأذى والضرر بالجيش الفرنسي. لذلك وصف “تريلو” وزملاؤه الأسيرَ الذي يتعرض للتعذيب الشديد ثم لا يلتحق بالثورة بعديم الرجولة.

حسناء المقاومة.. جريمة اغتصاب جماعية لعقاب الثورة

من وسائل المقاومة الجزائرية التمويه بلبس زي الجنود الفرنسيين الذي كانت تغتنمه بعد كل معركة تنتصر فيها، ولكي تتغلب القوات الفرنسية على تلك الحيلة، فقد منحت كل جندي منديلا ملونا يلبسه أثناء المعركة، ليتميز به عن مقاتلي جبهة التحرير الجزائرية.
وذات مرة ألقي القبض على فتاة في غاية الجمال، وهي تنتزع ملابس جنود فرنسيين لصالح جبهة التحرير الجزائرية، فأدخلت تلك الفتاة إلى مكتب القائد، ثم إلى أماكن أخرى، وفي اليوم التالي خرجت وقد شوهت ملامحها تماما، وغُطي جسدها بالكدمات والدماء. يقول “تريلو”: فيما عدا هذه الحادثة لم أشهد على حوادث اغتصاب متواترة.

“كنتُ أقرب إلى الطفولة”.. يغنم المجند الندم وتغنم الجزائر الحرية

لم تؤثر تلك الحرب على إيمان “رامبو”، بل جعلته أكثر احتراما للإنسان، ولكنها في المقابل أثرت على كاثوليكية “تريلو” بعد أن رأى تناقضا في مبادئ القسيس المرافق للجيش المحتل، عندما حكم على الجزائريين بالقول “ليس للبرابرة إلا الأساليب البربرية”، وذلك بعد أن روى له حادثة مؤسفة قام الجيش الفرنسي فيها بأبشع الجرائم وأكثرها انتهاكا لحقوق الإنسان.
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري 4543أيام خلت صنعت ذاكرةً حزينةً لدى المجندين الخمسة
استشعر “سار” الحرج من طلب راتبه التقاعدي بعد استحقاقه، فهو من قدامى المحاربين وبلغ من العمر 65 عاما، ولكنه يرى أن تلك الأموال ملطخة بالدم الجزائري وتحيي ذكريات البؤس والمنكرات، لذلك فإنَّه لن يطلبها أبدا، وسيعمل بطريقة أو بأخرى، كي يتدبر معيشته ويحصل على مال يرضى عنه.
أحس “داتان” بألم تلك الحرب التي أخذت منه رجله بترا، وبعد العودة إلى فرنسا وحصوله على التكريم هناك لم يُعر الأوسمة والنياشين التي قُدمت له أي اعتبار، خاصة عندما جاءت زوجة الرئيس الفرنسي “شارل ديغول” مع ضابط رفيع المستوى إلى المستشفى لتكريمه، فرفض استلام الميدالية العسكرية قائلا: عندما وصل زوجك إلى الحكم مدد خدمتنا العسكرية لـ28 شهرا، ولو أنَّه لم يفعل لما بترت ساقي.
أمَّا “غاري” فيلوم بلاده حين تقلّد رتبة عسكرية وهو في سن الشباب في عامه الرابع والعشرين، حيث إنَّه لا يدرك معنى ذلك، ويقول: كنتُ أقرب إلى الطفولة، لم أكن ناضجا لأعرف الآثار الوبيلة لتدخلاتنا العسكرية في بلاد الآخرين.
بطبيعة الحال لم تكن تلك الحرب نزهة لشباب كانوا في زهرة العمر، أو سياحة لمن أحب التعرف على بلاد الآخرين، بل هي مواجهة تثقل على النفس روايتها، وأمّا الخوض فيها فهو أمرٌ عسير يشعر “تريلو” بالقرف الشديد، لأنَّ شريط الذكريات يمر أمام عينيه كلما تطرق لقصتها بالرواية.
أيام خلت صنعت ذاكرة حزينة لدى المجندين الخمسة، ورغبة في مغادرة تلك الأحداث الدامية لذاكرتهم التي عجَّت بمآسي الشعب الجزائري، حين احتلت فرنسا بلاده فترة طويلة من الزمن، وحين عادوا إلى فرنسا لم يعودوا لما كانوا عليه، بل لحقت بهم مشاعر الأسى، ولاحقتهم ضمائرهم، موقِظة أحلامهم من السبات. تلك قصص مجندين كسبوا المآسي والآلام، وأمَّا الجزائر فكسبت الحرية والاستقلال
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75498
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Empty
مُساهمةموضوع: رد: 8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري   8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري Emptyالخميس 9 مايو 2024 - 20:40

أم الشهداء “زليخة عدي”.. براعة النضال ضد الاستعمار الفرنسي

نشأت في عائلة ثورية، وكونت خلية سرية لمواجهة الاستعمار الفرنسي أثناء ثورة التحرير الجزائرية حتى أعدمت. تعرّف على “زليخة عدي”..  






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
8 مايو/أيار.. يومَ قتلت فرنسا 45 ألف جزائري
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» العربي بن مهيدي.. جزائري حارب فرنسا وانتهى به الحال إلى المشنقة
»  13 أيار (مايو)
» 28 أيار (مايو)
» 9 أيار (مايو)
» 24 أيار (مايو)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: