منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Empty
مُساهمةموضوع: اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى!   اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Emptyالخميس 09 مايو 2024, 8:50 pm

اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Shutterstock_2457603427-1715170197

مثل طبيعتها الجغرافية المعزولة كانت اليابان تعيش حالة عزلة حضارية وكانت سياستها النأي بالنفس كذلك 



اليابان، بلاد الشمس المشرقة، واسمها باللفظ الياباني "Nihon / Nippon". للحالة اليابانية لدينا نحن العرب خاصة حالة من الألق، ربما لأنها تشكل شكلا من أشكال الأمل، كبلد تعرضت إلى دمار شامل وخسارة نكراء بعد الحرب العالمية الثانية.
إلا أنها وبعد سنين معدودة استطاعت تجاوز هذا كله، وبرزت كقوة اقتصادية منافسة بقوة لغريمتها الولايات المتحدة الأميركية. وربما لكونها نموذج شرقي قد يتلاقى مع نموذجنا الشرقي المحافظ بحال من الأحوال، أكثر من التجربة اليابانية مثلا.
فصول عديدة مثيرة بالحكاية اليابانية تجتذب المدقق ليسع وراءها ويعرف جذورها، وسأبدأ نظرتي من التاريخ الحديث نسبيا، تقريبا من بدايات النصف الثاني من القرن التاسع عشر في جوار عام ١٨٦٠.
اقتباس :
الإمبراطور في ذلك العصر يدعى مايجي، وهو اسم اختاره الإمبراطور كومي حين تقلد الحكم، ويعني المتنور كرمز للعصر الجديد. وصدر القرار بالتغيير فرضخت بعض الإقطاعيات طوعا وساهمت في صنع هذا التغيير وإنجاحه.
ولكن أولا دعونا نلقي نظرة جغرافية على تلك البلاد المنعزلة في أقصى الشرق. فاليابان جغرافيا عبارة عن أرخبيل بحري. أي مجموعة جزر وسط المحيط. تقابلها الصين من الناحية الجنوبية الغربية، فيفصلهما بحر اليابان، الذي يمتد شمالا ليفصلها عن روسيا والكوريتين، أما من جهة الشمال فيحد اليابان مضيق لابيروز، والذي يفصلها عن بحر أوخوتسك، وجزيرة سخالين التابعة لروسيا، ويحدها المحيط الهادئ من الجهتين الشرقية والجنوبية، لتقع قبالتها شواطئ الولايات المتحدة الأميركية شرقا.
وبالفعل، فمثل طبيعتها الجغرافية المعزولة، كانت اليابان تعيش حالة عزلة حضارية حتى عن المجتمعات الأخرى في ذلك الوقت، فكانت سياستها النأي بالنفس، وكانت مقسمة ومحكومة بنظام الاقطاعات، فحكمت اقطاعيا.
لكل قطاع عائلة تحكمه وينتهي الحكم العام إلى سلطة الإمبراطور الشكلية، والذي سبق وأن وزع البلاد على الإقطاعيين بنفسه في وقت سابق، وتمايز الشعب بطبقات يحق لبعضها ما لا يحق لغيره حتى في التعليم. وكانت طبقة الساموراي والتي تعمل لصالح الإقطاعيين إحدى أرقى الطبقات، ولو أنها لم تكن غنية اقتصاديا إلا أنها كانت سامية أخلاقيا وتعيش حياة الإيثار للآخرين على حساب مصالحاها الشخصية، فتحيا مدافعة عنهم.
بقيت اليابان كذلك حتى جاءت الحملات العسكرية الغربية، وأرادت أميركا البلد الناشئة بقوة وعنجهية فرض سيطرتها على سواحل اليابان، خاصة وأنها قبالة سواحل الصين وكوريا، وكذلك حال بعض الدول الأوربية، كهولندا.
وبدأت أميركا بالتهديد بفرض سيطرتها بالإكراه، وهنا استيقظ بعض حكام الإقطاعيات ومساعديهم من الساموراي وفضلوا وجوب توحيد اليابان تحت راية الإمبراطور، خاصة لما انبهروا بالتطور الحديث للأسلحة الأميركية والأوربية بينما لم تمتلك اليابان ذلك.
كان الإمبراطور في ذلك العصر يدعى مايجي، وهو اسم اختاره الإمبراطور كومي حين تقلد الحكم، ويعني المتنور كرمز للعصر الجديد. وصدر القرار بالتغيير (وهنا لابد من التنويه إلى دور البطانة الجيدة والداعمة بالتأكيد)، فرضخت بعض الإقطاعيات طوعا وساهمت في صنع هذا التغيير وإنجاحه.
اقتباس :
هدف السيد كوباياشي مختلف عن المألوف لنا بطبيعة الحال، فكان له رؤيته، وحاول إقناعهم قائلا: لو أننا وزعنا المئة كيس أرز وأكلناها، فستنتهي ويجوع الناس من جديد، بينما لو بعناها وبنينا بثمنها مدرسة، فستتحول المئة كيس أرز إلى مئة ألف.
ولكن للتغيير معارضين دوما، ولا بد من ظهور المقاومة، وقد يدفع البعض الضريبة غالية، فشنت الحرب على بعض الإقطاعيات وخسر أهلها الكثير. إلا أن الهدف كان التغيير لليابان نحو الأفضل في النهاية، وتم إرسال الدعم والمعونات بعد فرض السيطرة، وأرسل مئة كيس أرز لأحد هذه المناطق وكان السيد كوباياشي مسؤولا عن أحد هذه الإقطاعيات واستلم المئة كيس أرز، ولكنه امتنع عن توزيعها على الشعب الجائع.
بالتأكيد نسمع عن حالات كهذه في عصرنا وبلداننا، إلا أن هدف السيد كوباياشي مختلف عن المألوف لنا بطبيعة الحال، فكان له رؤيته، وحاول إقناعهم قائلا: لو أننا وزعنا المئة كيس أرز وأكلناها، فستنتهي ويجوع الناس من جديد، بينما لو بعناها وبنينا بثمنها مدرسة، فستتحول المئة كيس أرز إلى مئة ألف.
وبالفعل وبالرغم من رفض بعض السكان إلا أنه تم بيع الأرز وإنشاء مدرسة كابو غوكان. فكانت حجرا في طريق نهضة غيرت مسار اليابان.
هي قصة تذكرنا بأن الطعام والشراب والملبس ليس كل شي، ولكن طرق وسبل التغيير تبدأ بعوامل أخرى عديده، أهمها العلم وربما الأمان أو أي عامل من عوامل التنمية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Empty
مُساهمةموضوع: رد: اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى!   اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Emptyالخميس 23 مايو 2024, 5:10 pm

اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! %D9%8A%D9%8A%D9%8A-2-1716377933



اليابان وتداعيات الحرب العالمية الأولى والثانية

اشتعلت نيران الحرب العالمية الأولى عام 1914م وكانت اليابان قد وقعت اتفاقيات تحالف ودفاع مشترك 1902م مع بريطانيا
بعد أن توسع نفوذها شمالا وجنوبا وغربا، تلقت اليابان ضربة قاسمة في الثامن من أغسطس عام 1945. ولكن ماذا حصل قبل ذلك وكيف سارت بها الأحداث إلى هنا؟

دارت عجلة النهضة الصناعية في اليابان في أواخر القرن التاسع عشر، وبدأت أعين اليابانيين تمتد إلى بلدان الجوار للسيطرة على مواردها وتسخير طاقتها لخدمة العملاق الياباني النامي (وقد تناولت هذا بشيء من التفصيل في المدونة السابقة)، و خذت تسيطر على أراضي شبه الجزيرة الكورية ومنشوريا الصينية المجاورة لها من الغرب والجنوب الغربي، كان ذلك عام 1894.

وانتصرت اليابان، البلد الذي كان يعاني الضعف والتقسيم قبل سنوات قليلة فقط، ليصبح بذلك أول قوة عظمى آسيوية تحسب لها الحسابات.

أما شمالا، فلم يكن الوضع أكثر هدوءا، فقبالة الشواطئ الشمالية تقع روسيا القيصرية، إحدى أكبر القوى العسكرية في ذاك العصر. وكان لروسيا مطامع كبيرة في سواحل دافئة وأرادت فرض السيطرة على ميناء منشوريا، فهذه الأخيرة تحوي مصادر من الذهب والحديد والفحم.

احتد الأمر بين الجارتين وفشلت المفاوضات وأعلنت اليابان الحرب على الإمبراطورية القيصرية في ميعاد محدد يوم 8 فبراير عام ١٩٠٤، إلا أن الأسطول الياباني باغت نظيره الروسي وبدأ الحرب قبل ساعات من الموعد، فتزعزت القوات الروسية واضطربت وفقدت السيطرة.

وانتصرت اليابان، البلد الذي كان يعاني الضعف والتقسيم قبل سنوات قليلة فقط، ليصبح بذلك أول قوة عظمى آسيوية تحسب لها الحسابات. استمرت الحرب عاما كاملا واضطرت روسيا للرضوخ لاتفاقيات السلام وتوقيع معاهدة بورت سميث في 5 فبراير عام 1905، وتنازلت عن نصف جزيرة ساخالين.

بعد نشوة الانتصارات هذه، اشتعلت نيران الحرب العالمية الأولى عام أربعة عشر وتسعمئة وألف. وكانت اليابان قد وقعت اتفاقيات تحالف ودفاع مشترك عام ١٩٠٢ مع بريطانيا، وبالفعل فقد خرج الحلفاء المكونون من فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية، منتصرين في حربهم على دول المحور، المكونة من الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والامبراطورية العثمانية وبلغاريا. شهد العالم أيام دموية صعبة تكبد خلالها ملايين القتلى من المدنيين والعسكريين، ورغم دور اليابان الصغير نسبيا في ذاك الوقت إلا أنها خرجت منتصرة في النهاية.

توالت الأيام والأحداث إلى أن سيق العالم إلى الحرب العالمية الثانية لكن مع تبديل في تشكيلة صفوف الحلفاء والمحور وكانت سنوات قتل ودمار عمت أرجاء الدنيا.

ضمت دول المحور هذه المرة اليابان وألمانيا النازية وبعد أن أنهكت الحرب جميع الدول دخلت أميركا لتوجه ضربتها القاسمة، ممثلة لواء الحلفاء المكون من فرنسا وبولندا وبريطانيا وأستراليا وكندا والهند والعديد من الدول الأخرى

يقدر بعض الخبراء بأن فتيل الحرب العالمية الثانية قد اشتعل بين الصين واليابان أولا، في حين يرى آخرون أنها قد انطلقت من ألمانيا حين غزت بولندا، فمطامع اليابان التوسعية وتوقها نحو المزيد من الموارد لم يشبع بعد، ورفعت الصين سقف المقاومة وارتكب اليابانيون مجازرا واغتصابات وجرائم بشعة لتحقيق مطامعه، وانتصرت اليابان من جديد، وتوسعت حروبها فاحتلت فتنام ولاوس وكمبوديا وأندونيسيا وماليزيا وتايلاند، وتعامل اليابانيون بشناعة مع أهل البلدان التي وقعت تحت سيطرتهم.

وكانت اليابان تترقب في الوقت نفسه توتر وتصعيد بحري مع أميركا، خاصة بعد أن بادرتها اليابان ووجهت ضربتها إلى ميناء بيرل هاربر. فكانت بذلك أول من فكر بتوجيه ضربة مباشرة إلى أراض أميركية. حتى أصاب أميركا زعيمة الرأسمالية، والتي لا ترضى بوجود قوة أعلى منها رغبة عالية بالانتقام على ما يبدو.

فأرادت إحقاق كلمتها وفرضت عقوبات اقتصادية على اليابان فعزلتها وجمدت أموالها. وكانت اليابان حينها قد وقعت اتفاقيات عمل مشترك ضد المد الشيوعي مع ألمانيا النازية. الدولة التي حاربتها وهزمتها في الحرب العالمية الأولى ولكنها المصالح حين تتغير.

ضمت دول المحور هذه المرة اليابان وألمانيا النازية وبعد أن أنهكت الحرب جميع الدول دخلت أميركا لتوجه ضربتها القاسمة، ممثلة لواء الحلفاء المكون من فرنسا وبولندا وبريطانيا وأستراليا وكندا والهند والعديد من الدول الأخرى، وفصلت المعركة. وقررت أميركا بقلبها الكبير ودمويتها الأكبر وضع حد لدموية اليابان، ليس هذا فحسب بل قررت إعطاء العالم درسا لا ينساه.

وجاء يوم الحسم " الثامن من أغسطس عام ١٩٤٥"، يرى بعض خبراء الحرب بأن اليابان كانت قد ثبتت هزيمتها فعلا وأن أميركا كانت هي المنتصرة حتى قبل التاريخ المذكور. إلا أن أميركا كانت تريد أن تلقن العالم عموما واليابان خصوصا درسا لا ينساه بسهولة، الحقيقة أن أميركا عملت بجد وسرية لتصل إلى سلاح فتاك مدمر، لم يصل إليه أحد قبلها.

وكان همها أن تصل إليه قبل روسيا، وإن كانت حليفتها في الحرب، فالتحالف في عالم السياسة والحروب لا يعني الصداقة بالضرورة. في زمن تحكمه المصلحة أولا، بل إثبات القوة والمقدرة أولا وآخرا.

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة، وفي تمام الحادية عشرة ودقيقة ألقيت القنبلة النووية الثانية، ما يقارب الـ ٧٠ ألف قتيل كانت حصيلة القنبلة من لحظاتها الأولى، ووصل إلى أكثر من ٨٠ ألف لاحقا.

كانت أميركا قد اقنعت ثلة من العلماء بأهمية الوصول إلى سلاح يضع حدا لسفك الدماء حول العالم فتضع بذلك الحرب أوزارها. وفي تمام الساعة الثامنة والربع صباحا بتوقيت مدينة هيروشيما اليابانية الموافق للثامن من أغسطس – آب عام ١٩٤٥ ألقيت القنبلة النووية الأولى وأسفرت عن ٧٠ ألف قتيل في نفس اللحظة، عشرات الآلاف من الجرحى والمشوهين، انفجار مهول ناتج عن قنبلة انشطارية بوزن ٦٠ كغ من اليورانيوم. كان نتيجته دمار هائل يقدر بأكثر من ٩٠ بالمئة من مدينة هيروشيما عقب إلقاء أول قنبلة نووية. إلا أن عدد القتلى ارتفع لاحقا إلى ما يقارب ١٤٠ ألف قتيل.

لم ينته الأمر هنا، فلربما لم يكن الدرس كافيا لليابان، فهناك قنبلة أخرى مجهزة وكانت أميركا في حيرة من أمرها، هل تلقيها على ناكازاكي، الميناء البحري الأهم لليابان أم على كوكيورا، الواقع أن عامل الاختيار كان صفاء الجو لتتمكن الطائرات الأميركية من تصوير عملية إلقاء القنبلة بوضوح، نعم إنه المجتمع المهووس بصور الدمار وترسيخ الخوف. وصلت الطائرات أولا إلى مدينة كوكيورا، إلا أن السماء كانت مكدرة بالغيوم، مما يمنع التصوير،  فتحركت باتجاه ناكازاكي.

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة، وفي تمام الحادية عشرة ودقيقة ألقيت القنبلة النووية الثانية، ما يقارب الـ ٧٠ ألف قتيل كانت حصيلة القنبلة من لحظاتها الأولى، ووصل إلى أكثر من ٨٠ ألف لاحقا.

وفي العاشر من أغسطس- آب، أعلنت اليابان رسميا استسلامها، ووقعت وثيقة الاستسلام للحلفاء في الثاني من سبتمبر أيلول، ولكم أن تتخيلوا بأن حصيلة الحرب العالمية البشرية كانت ٣ ملايين إنسان في اليابان فقط.

ترى أي نوع من الإنسانية يمكن أن ننتظرها من هذه الحضارات المريضة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75847
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Empty
مُساهمةموضوع: رد: اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى!   اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! Emptyالجمعة 31 مايو 2024, 11:11 am

ماذا حصل لليابان بعد هيروشيما وناكازاكي؟
اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى! 54sa

كان اليابانبيون منغلقين اجتماعيا على عالمهم إلا أنهم منفتحون على عالم الأفكار والفرص



كان من المتوقع ألا تنمو نبتة أو يظهر شكل من أشكال الحياة في مدينتي هيروشيما وناكازاكي إلا بعد 70 عاما من إلقاء القنبلتين الذريتين صيف 1945، حسب تصريح هارولد جاكوبسن أحد العلماء الذين عملوا على تصنيعهما.. إلا أنه بحلول الخريف من العام نفسه ظهرت بعض الأعشاب البرية، وأزهرت بعض أشجار الدفلة والكافور في هاتين المدينتين، وكأنها شعاع الأمل بعد أهوال مسحت أشكال الحياة عنهما، ولوثت أنهارهما، وهواءهما وتربتهما.
وبالفعل فقد أزهر الأمل، فبعد هذا الدمار المهول بسنوات قليلة، أصبحت اليابان الثانية اقتصاديا في العالم، ولو أن هذا لم يدم لها طويلا! لكن دعونا ننظر الآن.. ما هو حال اليابان بعد إعلان الاستسلام مباشرة؟
اقتباس :
أيقن اليابانيون وأقروا بهزيمتهم كليا، بل حتى الصحف أصبحت تصر على ذلك، لم يكن الهدف من ذلك هو الركون إلى الإحباط، ولكن التأكيد على أهمية الانتقال إلى مرحلة البدايات الجديدة!
أصبحت اليابان على هذا الدمار الهائل الشامل في مدينتي هيروشيما وناكازاكي، وفي عموم البلاد؛ وبالطبع فإن الوضع النفسي للشعب صار مدمَّرا.. واستسلمت اليابان كليا، بحكومتها وشعبها للدول الحلفاء، واستلم الجنرال الأمريكي مكارثر إدارة اليابان نيابة عن الحلفاء؛ ولا يخفى على أحد أن أمريكا فعليا كانت هي المسيطرة على الأمر برمته.. تم تشكيل محكمة عسكرية وحوكم مجرمو الحرب من القيادات اليابانية، وكان الإعدام مصير ثلة منهم، واستُثني الإمبراطور من المحاكمة، ربما حفاظا على هيبته أو أن الهدف كان تحييد صورته لاحقا دون كسرها.
أيقن اليابانيون وأقروا بهزيمتهم كليا، بل حتى الصحف أصبحت تصر على ذلك، لم يكن الهدف من ذلك هو الركون إلى الإحباط، ولكن التأكيد على أهمية الانتقال إلى مرحلة البدايات الجديدة! فلم يركن اليابانيون للهزيمة كليا، بل تهيؤوا مباشرة لمرحلة جديدة، تطوي صفحة لتفتح أخرى في التاريخ الياباني؛ فاستسلم اليابانيون ولكن لم يفقدوا عزمهم، وهذا تماما ما أكدت عليه الخطابات الرسمية في المذياع  والصحف حينها.. وهنا ملمح يستحق الوقوف عنده والتأمل به والاستفادة منه.
كانت أمريكا قد رسمت مخططا متكاملا لإعادة إعمار اليابان قبل عدة سنوات حتى من احتلالها وإرسال قواتها إليها؛ فقد أعدت مجموعة من سياسييها وعسكرييها وعلماء الأنثروبولوجيا لدراسة اللغة اليابانية جيدا، والتمكن من دراسة مجتمعها وقيمه وضوابطه. وتم عقد مجلسين لإعادة إعمار اليابان من قبل الدول الحلفاء، أحدهما في واشنطن والآخر في طوكيو، وبما أن أهم قطبين في التحالف كانا روسيا وأمريكا، فقد تحول المجلسان إلى ساحة لمناوشات الحرب الباردة، إلا أن مكارثر كان ماضيًا بخطته بكل الأحوال.
اقتباس :
تم إلغاء وجود الجيش في اليابان لنبذ فكرة الحرب، وإبعاد اليابانيين عنها تماما.. إلى أن سُمح لها لاحقا بالحصول على جيش بسيط للدفاع عن النفس، في ظل وجود الجوار المتوتر خاصة بين أمريكا وكوريا
ديانة اليابان الرسمية كانت هي الشنتوية في ذلك العصر، وتدخل هذه الديانة في مجريات أحداثها وقراراتها وطبيعة حياتها.. وقد سبق لليابان أن غيرت ديانتها الرسمية من البوذية إلى الشنتوية لتوافق نهجها في توحيد البلاد، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فللدين دور في سياساتها ومجريات حياتها بطبيعة الحال.. وجاءت أمريكا وغيرت ذلك على يد مكارثر بشكل مباشر، فأضفت الصيغة العلمانية على الدولة.
تم العمل على إصدار الدستور الياباني الجديد، والذي ينص على ثلاثة تغييرات أساسية:
  • تحييد الإمبراطور وجعل سلطته صورية، وإبطال الاعتقاد بألوهيته، وهو ما خرج الإمبراطور شخصيا وأعلنه للشعب كخطوة أساسية على طريق علمنة الدولة.
  • اعتماد تجربة النظام البرلماني البريطاني وتطبيقها في اليابان، وهو ما يبدو أن أمريكا – ونتيجة لدراستها للواقع المجتمعي الأنثروبولوجي الياباني- قد وجدته الأمثل للتطبيق في اليابان.
  • وأخيرا، وهو الأهم، فقد تم إلغاء وجود الجيش في اليابان لنبذ فكرة الحرب، وإبعاد اليابانيين عنها تماما.. إلى أن سُمح لها لاحقا بالحصول على جيش بسيط للدفاع عن النفس، في ظل وجود الجوار المتوتر خاصة بين أمريكا وكوريا، مع الإشارة إلى أنها طورت أسطولها العسكري نوعا ما في السنوات الأخيرة، وبالتأكيد تم زرع قواعد عسكرية أمريكية على سواحل اليابان..

كما عملت أمريكا على صعيد آخر على صياغة نظام تعليمي جديد كليا لليابان، بما يتناسب مع مبادئ الديمقراطية الأمريكية، وتعزيز ممارسات الحرية.
اقتباس :
بعد إلغاء الجيش والمؤسسة العسكرية للبلاد، توجهت القدرات المالية والبشرية بشكل أكبر إلى الصناعة، ولعل طبيعة الشعب الياباني المعتاد على التقشف كانت مما ساعد على التأقلم على الوضع الجديد.
حتى الآن، كل ما ذُكر يجعل اليابان في وضع حرج، فكيف كان تعامل الجانب الياباني مع هذه التغييرات؟ وماذا بذلوا لتعود عجلة الحياة والنمو الاقتصادي من جديد؟
  • رغم استسلام القيادات اليابانية للتعديلات والصياغات والبنية الإدارية الأمريكية الجديدة، فإنهم لم يدخلوا في حالة سبات وسكينة، ولربما ظنوا فعلا أن هذه الصياغة الإدارية الأمريكية الجديدة ستأتيهم بخير، على اعتبارها دولة متقدمة انتصرت وكسبت الحرب، وهذا ما كانت تنم عنه تصرفات القيادات اليابانية في تلك الفترة، من اتساق في التعامل مع الطرف الأمريكي.
  • لا ننس بأنها لم تكن المرة الأولى التي تخط فيها اليابان مسار التغيير، لهذا فقد كانت تمتلك قوة عاملة مدربة منذ فترة ما قبل الحرب، وجمع الشعب الياباني بين الثقافة العالية ومهارات الصناعة وقيم أخلاقية مجتمعية تدفع للتطور.. وبالتأكيد، فقد كان لها من الإداريين من أصحاب القلوب والعقول الواعية لمصلحة البلاد والشعوب. وتحرك اليابانيون مستغلين بعض العوامل، كحاجتهم الملحّة إلى بناء نظام صناعي جديد، بديل عن النظام القديم الذي أنتج بضائع بجودة منخفضة نوعا ما.
  • وبالمجمل، فبعد إلغاء الجيش والمؤسسة العسكرية للبلاد، توجهت القدرات المالية والبشرية بشكل أكبر إلى الصناعة، ولعل طبيعة الشعب الياباني المعتاد على التقشف كانت مما ساعد على التأقلم على الوضع الجديد.
  • استفادت اليابان من عوامل خارجية متمثلة بالحرب الكورية عام 1949، التي جعلت من اليابان سوقا مفتوحة في المنطقة، ومثلت نقطة الدعم اللوجستي للقوات الدولية، خاصة الأمريكية منها؛ وهذا الاستغلال للفرص رافق المسيرة اليابانية عموما.

إضافة إلى هذه العوامل، يعتبر البعض أن الحظ قد حالف اليابان فعلا في مساق تغيير العجلة الاقتصادية. فسابقا، لم تكن المنتجات اليابانية ذات جودة عالية، بل كانت -على العكس- معروفة برداءتها وسرعة عطبها، وهذه كانت فعلا سمعة المنتج الياباني في ذاك العصر.. وأيقن اليابانيون أنه لا بد ولا مناص من رفع جودة منتجاتهم ليكتسحوا السوق العالمية.
اقتباس :
لعل أشهر الأمثلة على دور النظرية هو معمل شركة تويوتا للسيارات، إذ يقال إنه إلى اليوم يمكنك أن ترى صورة الدكتور دمينغ في بهو الشركة مع صورتي المدير الحالي ومؤسس الشركة السابق
وكانوا قد سمعوا بعالم إحصاء أمريكي يدعى إداورد دمينغ، وكان هذا العالم قد طور نظرية إحصائية، تفيد في السيطرة على نوعية الإنتاج ورفع جودة المنتج. لم تعبأ أمريكا بهذه النظرية، فقد كان إنتاجها وفيرا وسوقها كبيرة جدا، وكانت تعتمد أسلوب الإنتاج أولا وفحص المنتج ثانيا، ولو ظهر عطب ما في المنتج تقوم برميه مباشرة وتُنتج غيره، فلم تكن تعبأ بهدر، وكان المهم السرعة في الإنتاج.. أما اليابان، ومع محدودية مواردها وعوزها المالي، فكانت تحتاج تماما إلى تحسين المنتج وتقليص الهدر.
وشاءت الإرادة الإلهية أن تقوم أمريكا عام 1947 باستقدام الدكتور دمينغ لإدارة عملية ضبط التعداد السكاني في اليابان والتخطيط لها؛ وعندما علم اتحاد العلماء والمهندسين اليابانيين بذلك استغلوا الفرصة، ودعوا البروفسور دمينغ لتقديم المحاضرات وشرح نظريته للمهندسين اليابانيين، فرحب بذلك بكل سرور.. وبالفعل أخذ اليابانيون بهذه النظرية وقاموا بتطبيقها.
ولعل أشهر الأمثلة على دور النظرية هو معمل شركة تويوتا للسيارات، إذ يقال إنه إلى اليوم يمكنك أن ترى صورة الدكتور دمينغ في بهو الشركة مع صورتي المدير الحالي ومؤسس الشركة السابق.. لقد تناغمت تصورات دمينغ حول فريق العمل وتحمل المسؤولية المشترك تماما مع عادات المجتمع الياباني وتقديسه للعمل الجماعي.
كانت هذه جملة الأحداث والمتغيرات التي طرأت على اليابان في ظل الاحتلال الأمريكي لها، فبعد أن كانت دولة قوية تغزو بعنفوانها في كل اتجاه، أصبحت دولة منهزمة خاضعة للاحتلال الأمريكي الذي ضمها إلى دول معسكره الرأسمالي بكل يسر، لتكون أمريكا أول دولة تحتل اليابان من عام 1945 حتى عام 1951. هذه التغيرات لازمها واقع كان له تأثيره البالغ..
نعم.. ربما كان اليابانبيون منغلقين اجتماعيا على عالمهم، إلا أنهم منفتحون على عالم الأفكار والفرص، ولا يدعون فرصة دون الاستفادة منها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
اليابان ما قبل النهضة الصناعية الأولى!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: