أبو عبيدة.. أسر يبني أقواس النصر!
أسر جنود، هذا آخر ما يتوقعه أي متابع لما يحدث في غزة، فالإبادة، وكسر عظم المجتمع، لم يفضيا لنتيجة بعد، بل المحصلة هي أسر جنود آخرين، ما الذي يمكن قوله أمام هذه المعادلة الغريبة؟
ما يمكن قوله أن أقواس النصر ستبنى يوما ما من قلب ركام جباليا وحي الزيتون وغيرها وما سيبنيها هو إصرار الإنسان إذن، إصراره على القتال مؤمنا بغايته، ومحاولته إيجاد مسارات جديدة، للوصول للغايات البعيدة، وهكذا تأسر المقاومة جنودا مجددا، وتصوغ طريقتها للنصر في جباليا.
جباليا تشهد أسر جنود، ما الذي يحدث بالضبط؟ وما الذي يعنيه هذا على مستوى الاستخبارات والقدرة المعلوماتية؟
قديما في نهاية الثمانينات كان الجنود يكسرون أذرع رماة الحجارة، واليوم تحاول إسرائيل كسر المجتمع من شامير لنتنياهو لا يبدو أن إسرائيل تتعلم، ويبدو فقط أنها تكرر خطاياها بصورة مريرة، قديما كان الثمن الاضطرار لمفاوضات أوسلو، واليوم يبدو الثمن أغلى بكثير.
خروج الجامعات وطلابها في الغرب يحتاج دراسة منفصلة بحد ذاته، الطلاب الذين خرجوا ضد حرب فيتنام، ليصنعوا جيل ما بعد فيتنام، وموجات السبعينات، يخرجون هذه المرة في أمريكا، وفرنسا كما فعلوا قبل نصف قرن وزيادة في اضطرابات عام 1968م، والتي أنهت جيل الحرب العالمية الثانية في أوروبا، إذن نحن أمام صناعة وعي مختلف، وسقوط حارس البوابة الإعلامية التقليدي الذي كان يمكنه صياغة الخبر كما يريد.
جباليا تشهد أسر جنود، ما الذي يحدث بالضبط؟ وما الذي يعنيه هذا على مستوى الاستخبارات والقدرة المعلوماتية؟، وما شابه، هل يعني بالضرورة أن التخطيط فشل، هل يعني أن المعلومات خاطئة، أم يعني أيضا في المقابل إرادة، وتصميما، ومعرفة بالأرض، تفوق ما لدى الخصم، بحيث يستطيع المقاتل الغزي بأقل الإمكانات أسر جنود، ومواصلة ذلك في خضم الحرب التي جاوزت المئتي يوم.
أن تتمكن المقاومة من أسر جنود على الأرض فهذا يعني قدرتها على الاستمرار، والتخطيط، وتعديل الخطط، والمرونة في الحركة، وامتلاك القدرة على المبادأة، والاحتفاظ بخطوط عودة
ما الذي يعنيه ذلك؟
يعني باختصار أن دروس التاريخ لا يستوعبها الظالم بسهولة، بل عليه لشقائه المزمن والمقدور أن يتعلمها بنفسه أن يذوق الألم مرارا ليتعلم إن كان قادرا، وقابلا للتعلم، وبعد ذلك يمكن الحديث عن التعلم، والعودة عن طريق الغي.
أن تتمكن المقاومة من أسر جنود على الأرض فهذا يعني قدرتها على الاستمرار، والتخطيط، وتعديل الخطط، والمرونة في الحركة، وامتلاك القدرة على المبادأة، والاحتفاظ بخطوط عودة، تسمح لها بالتصرف وفقا للميدان، ومعطياته.
ولكن هذا لا يحجب التحديات التي تواجهها المقاومة، وأسئلة المفاوضات المتعرجة التي تنتظرها، والتي تحتاج خبرة في دهاليزها لا تقل عن خبرة المقاومة في صنع الأنفاق، بل قد تزيد.
رغم الركام ستبنى أقواس النصر يوما ما.