ميزان العدالة الدولية بغزة فضح الغرب وأميركا
اتفق مشاركون في منتدى الجزيرة الـ15 بالدوحة على أن اختلال ميزان العدالة الدولية في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يفضح الغرب وأميركا في ظل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين.
وشددوا على أن مجلس الأمن الدولي يخضع للحكومات الغربية وأميركا، وأن هناك ازدواجية دولية في المعايير عند النظر إلى الفلسطينيين الذين أصبحوا رهائن في وطنهم.
ويرى المشاركون، في المنتدى الذي يعقد على يومين تحت عنوان "تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى"، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية الذي صدر باعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي وقادة المقاومة الفلسطينية خرج بأيدٍ مرتعشة، حيث شهد ضغوطا أميركية لاستثناء الكثير من الأسماء ووضع أسماء أخرى.
وفي الجلسة الثالثة من أعمال المنتدى تحت عنوان "العدالة الدولية في ميزان الحرب الإسرائيلية على غزة"، أكد مدير "المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبده، أن الولايات المتحدة -وتحديدا الديمقراطيين- يتبنون منهجا انتقائيا في التعاطي مع المحكمة الجنائية الدولية والتعاطي مع كل حالة على حدة، وأن الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا "بشأن تهم للكيان الإسرائيلي بارتكابه جرائم إبادة جماعية في عدوانه المستمر ضد الفلسطينيين، لها رمزية مهمة".
ورأى عبده، أن قرار المحكمة الجنائية الذي صدر باعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي وقادة المقاومة الفلسطينية خرج بصورة شائنة، حيث كانت القائمة تضم نحو 25 من مسؤولي الاحتلال وتم تقليصها، في المقابل تمت إضافة أسماء من قادة حماس ومنهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وقال عبده في حديث للجزيرة نت، إن قرارات محكمة العدل الدولية إلزامية ولا تحتاج المصادقة من مجلس الأمن ولا يلغي قرار المحكمة إلا قرار محكمة، وإن الدول الأعضاء في المحكمة ومعاهدة روما، ملزَمة بأن تعتقل قادة الاحتلال الإسرائيلي، "ولكننا نتخوف من أن تكون هناك ضغوط أميركية وغربية تمنع التعاطي مع هذه المذكّرات".
عرض شامل
واعتبر عبده أن رفع دعوى جنوب أفريقيا بعد شهرين ونصف من الحرب الإسرائيلية على غزة، شكل ضغطا كبيرا على المجتمع الدولي الذي كان يرفض وصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، لافتا إلى أن العرض الجنوب أفريقي كان شاملا لكافة التجاوزات والممارسات الدولية والأممية المعتادة.
وعمليا، لم يكن إقناع وسائل الإعلام الدولية بأن ما يحدث في قطاع غزة إبادة ضد الإنسانية وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين سهلا على الإطلاق، بالرغم من الدلائل المادية التي قُدمت لهم، وفقا لعبده.
باول تتساءل حول عدم التحاق الدول العربية بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
جرائم ضد الإنسانية
بدورها، اعتبرت أستاذة القانون العام في "جامعة كيب تاون" الجنوب أفريقية كاثلين باول، أن القانون لعب دورا مهما في النضال الفلسطيني في الكثير من القضايا مثل تقرير المصير والدفاع عن النفس، إلا أنه لم يُحدث فارقا لصالحها.
وأضافت أن التركيز على القضية الفلسطينية في دعوى جنوب أفريقيا أضعف موقف إسرائيل، ففي كل مرة للنزاع تحصل ادعاءات مضادة، لكن هذه المرة وجدت المحكمة الدولية أن الحجج الإسرائيلية بشأن الأشخاص الذين تنقلهم خارج غزة غير كافية.
وشددت على أن رفع جنوب أفريقيا الدعوى القضائية جعل القضية تحظى بوضع واهتمام كبيرين في المجتمع الدولي، لكن أضافت "نأمل أن تكون هناك مذكرات اعتقال بحق قادة هذه الجرائم".
وأشارت إلى أنها لا تدري لماذا لم تلتحق الدول العربية بركب جنوب أفريقيا في الدعوى القضائية؟، خاصة أن أي دولة منضمة للاتفاقية من حقها أن تكون جزءا من هذه الدعوى.
3 طبقات استعمارية
من جانبها، قالت المحامية والناشطة الفلسطينية لميس الديك، إن الهندسة الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تعرض لها الفلسطينيون من جانب الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تمزيقهم، ونزع الصفة الإنسانية عنهم، ووصفهم بالإرهابيين.
وقالت الديك للجزيرة نت، إن الفلسطينيين يعانون من مشروع قاسٍ، وإن "تشريعات الإرهاب الدولية التي تلصق بفلسطين والفلسطينيين تعمل على تغذية فكرة الإبادة، وهو ما ظهر في تبرير الكثيرين على الصعيد الدولي لـ"حادثة" قصف المستشفى المعمداني، وغيرها من المجازر التي ارتكبت في قطاع غزة".
ورأت أن مسألة اعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي أثناء سفرهم، قد تخضع لممارسات عدة تتعلق بقوانين الدول وممارساتها المختلفة، وكذلك للضغوط الأميركية والغربية التي ساهمت في تقليص القائمة.
مقرر أممي سابق يلفت النظر إلى أهمية الاحتجاجات الطلابية ضد الحرب في غزة
عدالة متأخرة
ومن جانبه، رأى المقرر السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ريتشارد فولك، أن الاحتجاجات الطلابية في العالم تؤكد أن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة يُعد من الناحية الأخلاقية إبادة جماعية وإبادة ضد الإنسانية.
وقال فولك -في مداخلة عبر الفيديو كونفرانس- إن محكمة العدل الدولية مؤسسة تتبع إجراءات معقدة للوصول إلى النتائج المرجوة، وإنه عندما ننظر إلى القانون فليس هناك أمر يدعو إلى المصداقية في فتح تحقيق لما يحدث في غزة، خاصة في ظل وجود عنصر معيق بصورة دائمة.
وأضاف أنه عندما يتم تجاوز كل هذه المعوقات والوصول إلى قرار من المحكمة، فإننا وقتها نكون قد تجاوزنا الزمن، وأن القرارات التي تم التوصل إليها لا تتوافق مع الوضع الراهن، مما يجعلها بلا قيمة وعدالة متأخرة.
وأشار إلى أنه بعد القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، فإن الامر الآن متروك لمجلس الأمن الدولي للعمل على إنفاذ ما توصلت إليه المحكمة الدولية من أحكام وقرارات.