هل افتعلت إسرائيل حادث المعبر مع مصر للهروب من مأزق رفح؟
يرى محللون سياسيون وعسكريون أن حادث الاشتباك الذي حصل ين الجيشين المصري والإسرائيلي بمعبر رفح الحدودي، ربما يكون محاولة من الاحتلال الإسرائيلي للهروب من مأزقه في رفح جنوبي قطاع غزة، وصرف الأنظار عن مجزرته التي ارتكبها أمس الأحد.
وفي وقت سابق، تم الإعلان عن حادث تبادل إطلاق نار بين الجيش المصري والإسرائيلي عند معبر رفح، تباينت الأنباء حول حصيلته، إذ ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحادثة أسفرت عن مقتل جندي مصري، في حين أفادت وسائل إعلام أخرى بمقتل اثنين، دون وقوع إصابات على الجانب الإسرائيلي.
وفي حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، يرى الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن هذه العملية ربما تكون محاولة تحرش من الاحتلال بمصر، من أجل إزاحة الأنظار عن مجزرته برفح أمس، وذلك باختلاق أزمة سياسية وإعادة النقاش العلني حول معبر رفح بعد أن أصبح قضية دولية متعلقة بالجانب الإنساني.
وتأتي هذه الحادثة غداة مجزرة إسرائيلية إثر قصف خيام نازحين في رفح جنوبي قطاع غزة تسبب في سقوط 35 شهيدا -بينهم نساء وأطفال- وإصابة العشرات، والتي استهدفت مخيما للنازحين بالقرب من مستودعات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) قرب منطقة تل السلطان.
ولفت مصطفى إلى أن الحديث في الداخل الإسرائيلي قبل العملية العسكرية برفح، كان حول وجود إخفاق عسكري لكنه وبعد الدخول إلى رفح صار الحديث عن إخفاق إستراتيجي فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية في القطاع.
غير معنية بالتصعيد
ويرى مصطفى أن إسرائيل غير معنية بتصعيد التوتر مع مصر، لكنها تطمح لتنسيق عملياتها العسكرية مع مصر، وذلك بأن تأخذ موافقة مصرية على استمرارية هذه العملية، مضيفا أن الاتفاق مع مصر بالنسبة لإسرائيل اتفاق وجودي، بينما الاتفاقات اللاحقة مع دول عربية ليست لها ذات الطابع.
ويشير مصطفى إلى أن عملية رفح تم تأطيرها في الخطاب الإسرائيلي على أنها تمثل النصر الساحق، لكنهم لم يتوقعوا الغرق فيها وأن تدخلهم في كل الورطات مجتمعة، الأولى إنسانية متعلقة بدخول المساعدات وتحميلهم مسؤولية ذلك، والثانية دولية متعلقة بقرار محكمة العدل الدولية، كما أنها لم تنقذ أي أسير حتى الآن.
بدوره، يعتبر اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في شؤون الأمن القومي، أن ما حدث يمثل نقطة فارقة، إلا أنه من المهم انتظار نتائج التحقيقات، حيث لم يتأكد حتى الآن سوى حدوث اشتباكات وإطلاق نار من الجانبين وسقوط أحد الجنود المصريين.
ويرى الخبير المصري أن الإعلام الإسرائيلي في حالة فوضى وتسرع في نقل الأخبار، حيث زعم أن الجندي المصري هو من أطلق النار أولا، لكن الجانب المصري حريص على انتظار نتائج التحقيقات التي ستكشف الكثير من الأمور، بما في ذلك الدوافع والأهداف الحقيقية وراء هذه العملية.
وفي هذا السياق، لفت إلى أنه منذ ثمانينيات القرن الماضي، تم الاتفاق على أن تكون التحقيقات مشتركة، في ظل حرص الطرفين على الحفاظ على اتفاق السلام الموقع بينهما، متوقعا احتواء الموقف إذا تبين أن الحادث فردي دون دوافع تشكل خطورة.
صراع جيوسياسي
ويرى الخبير في شؤون الأمن القومي أن هذا الحادث ربما يكون له بعد كراهية، مضيفا بأن الحرب في غزة جزء من صراع جيوسياسي دولي بالمنطقة، فهناك تحالف دولي يحارب المقاومة، ومشاركة دولية ودعم أميركي سخي يبرر كل أخطاء إسرائيل في كافة المحافل الدولية، حسب تعبيره.
أما اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري والإستراتيجي، فيرى أن التحذير المصري من اجتياح رفح، كان يمكن أن يكون له تأثير أكبر إذا وظفت مصر عناصر قوتها الوطنية وأهمها القوة العسكرية، لافتا إلى أن المطلوب توظيف تلك القوة بشكل غير مباشر، مما يمنح القائد السياسي القدرة على فرض الإملاءات على الجانب الآخر.
ويرى الدويري أن هذا العامل لم يتم توظيفه بشكل كافٍ، مما أدى إلى استخفاف جزئي من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي، حيث لم يستحضروا خلال حديثهم عن معركة رفح، الموقف المصري بصورة واضحة وجلية.
وأشار إلى أن غزة كانت أصلا تابعة لمصر، وتنازلت عنها في اتفاقية التعايش عام 1967، وهو ما يفرض على مصر أن يكون لها موقف داعم يعتمد على عناصر القوة المتاحة، مضيفا بأن "الموقف المصري الحالي لا يتناسب مع حجم مصر وقدراتها".